كاتب الموضوع :
طِيشْ !
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()
أولاً عذرًا على التأخير والله مافيني حيل أكتب كثير حتى الكلام اللي قبل البارت مجهزته من يومين عشان تنشطون ذاكرتكم وكذا، المهم الله يسلمكم من كل شر وإن شاء الله ما يتكرر هالشي مررة ثانية :*
+ البارت الجاي بإذن الله بيكون من أدسم البارتات في الرواية لأن بارت اليوم هو بدايته أو مثل ماتقولون " تمهيد " ماراح يمديني أكتبه في هاليومين فإن شاء الله بيكون لقانا يوم الثلاثاء الجايْ ومايمنع إن قدرت أخلصه بدري يكون يوم السبت وحتى يمكن الجمعة بين إيديكم. لكن إن مقدرت فأمرنا لله وبيكون الثلاثاء.
المدخل لخالد الفيصل :
يا صاحبي مني لك الروح مهداه
والله لو به غيره اغلى هديته
ما قلت لأحد غيرك الروح تفداه
انت الوحيد الي بروحي فديته
وانت لولاك ما قلت انا آه
ولا شكيت من الهوى ما شكيته
يا زين حبك عن هوى الناس عدّاه
جميع وصف كامل بك لقيته
سلم المحبه ما وطا الزين ناطاه
حد الخطر لعيون خلي وطيته
والي يودك كل ما منك يرضاه
حتى عذابك يا حبيبي رضيته
روَاية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طِيشْ !
الجُزء ( 63 )
قبل كل شيء، بعطيكم لغز يخص الرواية :$ واللي تحله لها شي جميل مني () وعادِي لو ثنتين حلوه مع بعض يعني وحدة كتبت رد ونست شي تجي الثانية تكمل عنها ()
لأنكم ضعتوا مرة ولخبطتوا الأمور، لكن لو تركزون بتلقون أنه كل شي واضح.
على العموم نبدأ بسم الله من بداية حادث سلطان العيد.
فيه طرف ثالث بنسميه " سين " -> محد بيدخل الرياضيات الحين في الموضوع : (
لا جد جد نتكلم :$ فيه " سين " هدفه أنه يضرب رائد ببوسعود وبسلطان ..
في البداية كان رائد يهدد سلطان العيد فأستغل " سين " هالشي وهو اللي دبَّر الحادث وخلَّا الكل يشك في رائد لأنه كان يهددهم لكن سلطان العيد لو كان يعرف أنه رائد قادر يسوي شي ماكان خذآ عايلته وياه . . هذا يعني أيش ؟ أتركها لكم.
بعدها رائد خطط أنه يستغل عز لصفَّه وطبعا مين خلاه يفكر بهالشي ؟ شخص يخونه! صارت هالفكرة برآس رائد مع العلم أنه فيه شخص قريب من رائد يعرف أنه هذا " عبدالعزيز ولد سلطان " لكن كان ساكت عشان " سين ".
وصل خبر وفاة عايلة سلطان العيد للرياض! بعدها بأيام وصلهم أنه عز ما يدري عن غادة وأنها حيَّة! وسلطان بن بدر وبوسعود ماكانوا عندهم خبر في هالحادث وبتفاصيله فكانوا حالهم حال مستقبلين الخبر! بعدها بفترة جاهم مقرن وقال أم غادة حيَّة وهي معاها! هنا خيط الموضوع " مقرن ماهو خاين لكن وش اللي خلاه يقول أنه أم غادة حيَّة " ؟
بعدها سلطان وبوسعود تعاملوا مع الموضوع وعرفوا خطورة الوضع فقالوا راح نآخذ عز! هنا كانت بداية الرواية يوم يقولون نبيه ويشتغل معنا والخ.
هنا جاء فيصَل وأرتكب " خطأ فادح " أيش الخطأ ؟ مانعرف! لكن يخص غادة وناصر! ترك أمل تروح لوليد ويبعدون عن باريس بعدها بفترة خانتهم أمل! لما خانتهم بتجنينها لغادة .. خلت كل الانظار تروح لمقرن! ويشكون في مقرن!
هنا مقرن مقدر يسكت فـ راح وبلَّغهم أنها ماهي أم غادة! وأنه أم غادة ميتة .. فصار زي ماتبي أمل وخلتهم يشكون في وضع مقرن.
الرجل الخاين اللي من جماعة رائد هو اللي خبره عن عبدالعزيز في الوقت اللي راح رجل من " سين " إلى ناصر وخلاه يشك في " فيصل + بوسعود + بو بدر "
طبعًا رجال " سين " هم نفسهم اللي سببوا حادث رتيل وعز عشان يخلون رائد يشك في " صالح المزيف "
الحين بعد كل هذا نعرف أنه " سين " قدر يخلي الكل يشك في صديقه وعدوه بعد! بدون لا يسبب شوشرة حول نفسه بيخليهم " يتذابحون " يعني هذا " سين " مشى عليهم واحد واحد .. بدايةً من رائد اللي خلاه ينخدع بعزيز مع أنه كان يقدر يكشف الأمور هذا معناته أنه " سين " ما يهمه " رائد " ولا هو صديق لـ " سلطان بن بدر وبو سعود والخ "
ومعناته أيضًا أنه " سين " يخون اللي يشتغلون معه .. كيف يخونهم ؟ بعطيكم حدث صغير والباقي عليكم. مقرن وفيصل .. كانت امورهم كويسة فجأة أنقلبت .. مين اللي قلبها ؟ هو نفسه " سين "
شفتوا هذي الأشياء اللي كتبتها تراها أنذكرت بالرواية وبتفصيلها لكن بفترات زمنية لكن الحين رتبتها لكم.
بعطيكم إجابات مستحيلة يعني لا تفكرون فيها " صالح اللي يستنكر فيه عز لأنه ماله وجود + كل شخص أنذكر " رائد + فيصل + مقرن " لأن كلهم أنكبوا " وبقية الخيارات مفتوحة.
على العموم إذا مقدرتوا تعرفون الإسم بالضبط تقدرون تحلُّون لي بقية الأسئلة يعني " ليه أخفى مقرن موضوع أمل .. والخ كل الأسئلة اللي كتبتها أو اللي بسطتها "
يُغلق الباب بعدةِ قفلات أمام إعتراضاتها ومحاولاتها اليائسة بفتحه، وصوتها تدريجيًا يموت بداخلها كجنينٍ يستعمرُ بأكثرِ من 9 أشهر : تكفى لا !
بلا رحمَة، تستعمره قسوةٌ بعد سنةٍ و 5 أشهر و ثواني! لم تكُن ثواني قليلة! لم تكُن ثواني سهلة! كانت صعبة قاسية حادة! كانت سنين! كانت عُمرًا! عُمرًا يا غادة وليتك تفهمين ما يعنِي العُمر؟ ما يعني أن أعيش دُون وجهة! دُون حياة! هل جربتي العيش دُون حياة؟ هل جربتي العيش وكأنكِ عدَم! لم تشعري أبدًا بحُرقة الشوق فيني! ولن تشعري أيضًا! يسمعُ صوتها من خلف الباب، هذه نبرةُ قلبها أعرفها جيدًا، هذه نبرةُ البكاء التي تثقب الجسد بالنُدب، جميعكم! جميعكم والله ستدفعون ثمن هذا غاليًا، أنا الذِي دعوتُ الله: يا ربّ خذني إليْها! ليتني حددتُ في أيّ دارٍ ألقاكِ! يا ليتني قُلت " الجنَّة ولا غيرها " ولم أراكِ في هذا العالم الوضيع! ومازلت أبحثُ عن إجابة يا ضيّ عُمري . . لِمَ أنطفأتِ ؟ لِمَ حين حلمتُ بكِ كقصيدة أضعتِ القوافي منِّي؟ أني أبحثُ عن عينيْك وعن وطنِي الذي نكرني! أني ضائع ولن أسامح من أضاعني حتى لو كان يجاور كتفِي طيلة سنواتِ حياتي.
توجه نحو هاتفه وأطرافه ترتجفُ من الغضب الذي يسدُ الفراغات بين أصابعه، كتبَ رسالةٍ لفيصل تحملٌ تهديدًا لاذعًا " و رحمة الله ماراح تفلت منِّي أنت واللي وراك "
جلست على الأرضِ الباردة وهي تسندُ ظهرها على الباب، أجهشت بالبكاء، لم أعد أُريد شيء، لا أريد أن أرى أيُّ أحدٍ من الذين مضيتُ معهم عُمري السابق، كشجرةٍ لا ظلّ لها في منتصف الصحراء أنا حزينة، كجفافِ أوراقها أنا عطشانة. أكره هذه الحياة، أكرهكم جميعًا.
،
يطرق الباب للمرةٍ الأخيرة حتى ألتفت للمصعد الذي تخرج منه عبير ورتيل، توجه إليهما وبحدة : وين ضي ؟
رتيل بإستغراب : في الغرفة!
عبدالعزيز يكاد ينفجر بهذه اللحظة، كل الأفكار تختلط في رأسه، كل الأشياء تهرب منه : وين كنتم ؟
رتيل : نزلنا نجيب بطاقة شحن ... وش فيك؟
عبير أبتعدت عنهما لتدخل الغرفة وعقلها يغيبُ بأمرِ عبدالعزيز المُريب.
عبدالعزيز : طيب روحي شوفي لي مرت أبوك
رتيل تنهدت : وش صاير لك؟
عبدالعزيز بغضب كبير : مو قلت لا تطلعون!
رتيل : طيب ! ما طلعنا من الفندق بس نزلنا لـ ..
يُقاطعها : رتيل قلت لا تطلعون! واضح كلامي ولا لا
رتيل بقهر : لآ تصرخ عليّ ماني أصغر عيالك! ...
عبدالعزيز يسحبها من ذراعها ليقف أمام غرفتهم : ولا تطلعون ولا تفتحون الباب لأي أحد حتى لو كانوا من العاملين بالفندق .. مفهوم ولا أعيد الكلام مرة ثانية! حتى أنا لا تفتحين لي لأن عندي مفتاحكم!
رتيل بعدم فهم : كيف مانفتح لك؟
عبدالعزيز عض شفتِه السفليَة من غباءها في هذه اللحظة : ركزي معي قلت لا تفتحين الباب لمين ما كان! طيب؟
تسحب ذراعها دُون أن تجيبه ليُردف بحدَّة : مفهوم!
رتيل بخفُوت : إيه
عبدالعزيز : أدخلي شوفيها وتعالي بسرعة
دخلت وهي تتأفأف منه، لتلتفت لضي التي أستيقظت بإنزعاج : يالله رحمتك بس!!
بخطوات بطيئة أتجهت نحوه : مافيها شي! بخيــ
يسحب الباب دُون أن يترك لها فرصة إكمال الكلمات، أتجه نحو غرفته ليُخرج جوازه وأوراقهم المهمة من الخزنَة التي تنزوي في الدولاب ليبحث بعينيْه عن مكان يُدسسها به ،بالتأكيد مثلهم لن يستصعب عليهم فتح الخزنَة بأدواتهم التي أجهلها، نظر للوحة تتوسط الجدار، قلبهَا ليفتح البرواز ويضعها خلفها، نظرَ وهو يبعد اللوحة بيديْه حتى يتأكد، شعرَ بأنها مثقلة، أتجه نحو دولابه ليبحث عن " تي شيرت " يحتوِي على رسومات تناسب أن توضع كلوحة، بدأ يرمي ملابسه على الأرض وهو يبحث حتى أستخرج " تي شيرت " أبيض وضعه في البرواز ليعلق اللوحة في مكانها، أطال في نظرته حتى يتأكد من أن لاشيء غريب يظهر عليها، أتجه نحو نافذته ليرى كم يفصله عن الأرض، من حسن الحظ ان النافذة تطل على الشارع الخلفي، فتحها ليُخطط كيف يسقط للأسفل وبأيّ وسيلة يقفز، بالإمكان أن أتجه يمينًا نحو المنزل القريب ومن أنبوب المدخنة أنزل حتى أصل للسلالم وأحطُّ على الأرض، هذه الطريقة الوحيدة، تراجع ليأخذ سلاحه ويجهزه.
في داخله كان يشعرُ بأن لا أمل، ولكن هُناك محاولة فقط محاولة إن ذبلت فـ " ليْ الله "، كم من الذكاءِ أورثهُ سلطان العيد لإبنه حتى ينظرُ للأمور بنظرةٍ بعيدة وكم من الحيرة جعلتني أعيش يا أبي!
على بُعدِ مسافاتٍ قليلة كانت تسيرُ بإرتباك وهي تتصل على عبدالرحمن الذِي أتصل عليها مرارًا في نومها.
ضي بضيق : أكيد صاير شي! قلبي يقول فيه شي ..
رتيل اللامُبالية أستلقت على السرير وهي تلعبُ بخصلةِ شعرها : يارب أني أنام بس وماأصحى الا بعد ما يجي أبوي
عبير عقدت حاجبيْها وهي تجلس على طرف السرير : ما ردّ ؟
ضي تختنق في داخلها من أثرِ الغصَّات التي توافدت على قلبها : مارد للـ .. لم تُكمل من صوته الرجولي الذي دائِمًا ما يأتِ كقصيدةٍ عاصفة تقلبُ في قلبها كل الكلمات : ألو
ضي بلهفة أجابته : هلا ... كنت نايمة لما أتصلت ...
عبدالرحمن : طيب .. كلكم بالفندق ؟
ضي : إيه .. وش صاير؟
عبدالرحمن وهو يسيرُ بالممر الذي ينتهي بمكتبه، يتجاهلُ سؤالها بربكةِ ما يشوش عقله : وعبدالعزيز ؟
ضي : توَّه جانا
عبدالرحمن : طيب ضي خلِّي رتيل تكلمه عشان يفتح جواله!
ضي : الحين؟
عبدالرحمن يدخل مكتبه ليجلس على مقعده الجلدِي : إيه.. ولا أقولك عطيه جوالك أنا بنتظر على الخط!
ضي : طيب ... رتيل عطيه عبدالعزيز .. تمدُّ هاتفها لها لتندفع رتيل بضيق : عشان يعلقني معه! أصلا هو يبيها من الله
ضي : طيب أبوك يبيه ضروري!
رتيل تنهدت واقفة، أخذت الهاتف من يدِها الناعمة لتخرج وتشتمُ باب الغرفة التي كانت تُريد أن تجعله مفتوحا حتى تعود بسرعة ولكن أرتد وأُغلق بسرعة، نظرت للممر الخاوي سوى من عامل النظافة الذي كان يحملُ عربته ولا يقف بجانبِ أيّ غرفة، بالعكسِ تماما كان واقفًا في المنتصف، بلعت خوفها لتتجه نحو غرفته، طرقت الباب لتتجمَّد عروق عبدالعزيز الذي كان يُغيِّر ملابسه متجهزًا للخروج، بلع ريقه بصعُوبة ليتجه نحو الباب دُون أن يلفظ حرف وهو يتوقع أسوأ التخمينات على الإطلاق.
وضعت رتيل الهاتف على أذنها : يبـه . .
وقبل أن تُكمل فتح الباب ليسحبها للداخل، لا يعرف كيف يتحمل هذا الإستهتار منها، سحب الهاتف بعد أن رمقها بنظرةٍ أربكتها، أجاب : ألو
عبدالرحمن بضيق : وين جوالك يا عبدالعزيز! يعني من متى وأنا أتصل عليك طيحت قلبي الله يصلحك
عبدالعزيز : راقبوا جوالي! مسحوا كل شي فيه .. وحذفته بالنهر
عبدالرحمن بشك : كيف وصلوا له؟
من المستحيل أن أنطق " فارس " في وقتٍ كهذا، أردف : مدري
عبدالرحمن : طيب أخذ جوال رتيل! عشان أقدر أكلمك منه .. الحين الفندق إن شاء الله محد بيقدر يدخله، لآيطلعون ياعبدالعزيز ولا يعتبون الباب! لين ما يهدآ الوضع وبتطلع من باريس .. مفهوم؟
عبدالعزيز : بس أنا لازم أطلع بشوف ..
يُقاطعه بحدة : ولا لمكان يا عبدالعزيز! أجلس لين أتصل عليك
عبدالعزيز تنهد : مقدر أنا ..
ولا يُكمل كلماته في حضرة غضب عبدالرحمن الذي لا يخرج دائِمًا : عبدالعزيز إحنا مانلعب! قلت مافيه طلعة
عبدالعزيز : طيب راح أشوف الوضع برا بدل ما أجلس! وأشوف لنا طريقة نطلع فيها من باريس بأقرب وقت
عبدالرحمن : ماراح تقدر لأن رائد ..
يُقاطعه : عارف! كل الموضوع واصلي
عبدالرحمن صمت قليلاً ليُردف : مين موصله لك؟
عبدالعزيز : وصلني وبس
عبدالرحمن يقف بجنُون ليصرخ : قلت مين وصله لك ؟
عبدالعزيز تنهد : شخص من رائد أتعامل معاه
عبدالرحمن : وضامنه؟
عبدالعزيز : إيه ضامنه
عبدالرحمن بغضبٍ : قل آمين الله يآخذ عدوّك كانك بتجيب آخرتنا .. الحين تجلس في الفندق ولا تطلع منه .. مفهوم ؟
عبدالعزيز بعناد : لآ مو مفهوم وماراح اجلس! وأنا أعرف وضعي وأعرف كيف أطلع منها
عبدالرحمن بقهرٍ حاد : لآ تستغل غيابي وتلوي ذراعي!
عبدالعزيز : ماألوي ذراعك أهلك بالحفظ والصون ماعدا ذلك لا تتدخل فيه
عبدالرحمن بغضبٍ خافت : طيب يا عبدالعزيز! بس لو مقدرت ترجع شف عاد وش بتخسر!
عبدالعزيز : أوامر ثانية
عبدالرحمن : جوال رتيل خله عندك
عبدالعزيز : طيب .. مع السلامة .. وأغلقه.
رفع عينه : وين جوالك ؟
رتيل : بالغرفة
عبدالعزيز : طيب روحي جيبيه بسرعة ... ومدّ لها هاتفُ ضي.
فتح لها الباب لينظرُ للعامل الذي كان بجانب بابهم تمامًا، سحب رتيل بقوَّة ليرتطم رآسها بحافةِ الجدار، كانت ستصرخ لولا كفُّ عزيز التي وضعها على فمها، أغلق الباب ليضع السلسلة فوقها حتى يتأكد من عدمِ فتحها، شعر بالدمعة التي تعانق كفِّه، قشعريرة حارقة أصابت جسدِها، ألمٌ لا يساويه ألم، وكأنها دخلت عملية جراحية دُون أن يفلح المخدر بشيء، أبعد يدِه ليضعها خلف رأسها وكأن لمساته ستخفف وقع الألم.
همس : تحملِّي ...
أتجه نحو السرير ليأخذ جاكيته الخفيف، ألتفت عليها وبصوتٍ خافت : خليك بغرفتي لا تطلعين أبد ! طيب؟ ولا حتى لغرفة أختك!
رتيل برجاء وهي ترتعشُ من خوفها : لآ تخليني ..
عبدالعزيز يقترب منها ليُطمئنها : ماراح يصير شي! فيه أمن برا .. و
رتيل : بس فيه ناس بهالطابق! الله يخليك عبدالعزيز لا تخليني بروحي
عبدالعزيز : مضطر أروح! أنتِ بس خليك هنا وأنا ماراح اتأخر
رتيل سالت دموعها بلا توقف لتُمسك كفَّه برجاءٍ أكبر : تكفى لا .. الله يخليك عبدالعزيز
عبدالعزيز يشعرُ بأن عقله يتشوش ولا تركيز يُسعف في هذه اللحظات الضيِّقة، جلس على طرف السرير ويده على جبهته يحاول أن يُفكر بِحَل، سمع صوتُ الباب ومحاولة فتحه ليرتفع صدرُ رتيل بشهيقٍ دُون زفير، تجمدَّت أقدامها، ليُشير لها بأصبعه أن لا تصدر صوتًا، فتح النافذة ونزع حذاءه ليضع أثارًا من الطين الذي ألتصق بوقعِ الأمطار على عتبةِ النافذة، أرتدى حذاءه مرةً أخرى ليأخذ رتيل ويدخل بها لزاويـةٍ من الغرفة تحتوي دواليب الملابس ولا يُخفي أجسادهم شيء سوى الجدار القصير، ألتصق صدره بصدرها الذي كان يرتفع ويهبط بشدةٍ كان يشعرُ بها، كان يشعرُ بضرباتٍ قلبها تتجه نحو قلبه مباشرةً، وضع يده مرةً أخرى على فمها ليكتم أنفاسها الصاخبة، سمعا صوتُ الباب وهو يرتَّد.
أقترب الرجل ذو رداء عامل النظافة إلى النافذة الذي شعر بأنه هربا منها من أثرِ الأقدام التي عليها، بالنبرةِ الفرنسية البحتة شتمهم، لتضيع نظراته في أرجاء الغرفة، أطال بنظرة للجدار الذي يُخفي خلفه دواليب الملابس، أقترب منه حتى ألتفت للجهة المعاكسة من رتيل وعبدالعزيز، عندما رأت ظهره شعرت بأن قلبها سيتوقف عن النبض حالاً، بينما كانت كفُّ عبدالعزيز قاسية وهو يزيدُ بكتمانها، أتى شخصٌ من خلفه يستعجله بالفرنسية : يجب أن نخرج حالاً الأمن في الأسفل ..
تراجع بخطواته ليخرجان وتبتعد يد عبدالعزيز، رتيل بعدم إستيعاب، لا تفهم كل ما يحصل بها الآن، هذا أكثرُ مما يستوعبه عقلها البشري! أكثرُ مما تستوعبه فتاةٌ مثلي، شعرت بأن أصابعه توشم آثارها حول ثغرها.
رتيل بصوتٍ مرتجف تُعبِّر عنه دمعاتها الشفافة في محاجرها : وش قاعد يصير! ماني فاهمة شي
يتجاهلُ سؤالها وهو يغرق بتفكيره، لا بُد من حل ينقذهما من هذا المأزق، لن يرحمنا الجُوهي هذه المرَّة وهو يكتشفُ أعظمُ ما أخفيناه.
،
تنظرُ إليه بحشرجةِ الخوف في عينيْها، أترانِي أخافك؟ أما أخافُ عليك؟ أجهلك والله إنني لا أعرفُ عن مزاجاتِك السماوية ولا أفقهُ بِك شيئًا سوى قلبك يا شريعتي في الحُب، يا التشريع الذي لا يأتِ إلا بعينيْك، وجَّه سهامهُ بنظراته الحادة التي أرجفت صدرها حتى أزاحت يمينًا رُغمًا عن قلبها! رُغمًا عن كل شيء، وإن مرَّ من العُمرِ لحظاتٍ كثيرة إلا أن عينيه إن ضاقت غضبًا يرتجفُ جسدِي بأكمله. دخل الغرفة وهي من خلفه، بدأت تُقطِّع أظافرها بربكةِ أسنانها التي تصطدمُ ببعضها البعض، بنبرةٍ متذبذبة : طيب والله جرحك ماألتئم! كيف تطلع كذا؟
لا يُجيبها، يُمارس التجاهل الذي يسيرُ كشريانٍ في جسدِه، أخرج ثوبه لينتزع بلوزته بصعُوبةٍ بالغة، رماها ونظرت للحُمرة التي تظهر من خلفِ الشاش الأبيض لتتسع محاجرها برهبة : سلطان! .. والله ما يصير
غيَّر ملابسه أمام عينيْها التي تشتت لكل شيءٍ في الغرفة، حتى باتت علبة المناديل مغرية للتأمل، أرتدى ثوبه وبحركةِ يديْه شعر بأن غليان يهرول في رأسه : بدل هذرتك تعالي سوِّي لك شي مفيد
تقدَّمت إليْه وأصبحت الحُمرة هي التي تهرول في ملامحها : بكلم عمي عبدالرحمن
لم يجيبها وعينيْه تُشير لها بأن تغلق أزارير ثوبه، وضعت أصابعها في أعلى بطنه لتبدأ بالأزارير السفلية.
سلطان : قولي لعمتي ماتطلع من البيت!
الجوهرة تغلق آخر إزرار لترتبِك أصابعها من لمسةِ رقبته، رفعت عينها : أنتبه لنفسك ترى عمتك تبيك
أتجه نحو الأرفف ليأخذ شماغه وعقاله : بس عمتي؟
الجوهرة أخذت نفس عميق لتُردف : لو يكتبون عن فن التعامل مع مزاجك صدقني ماراح يكفيهم كتاب واحد!
ألتفت عليها وبإبتسامة في عزِّ الربكة والفوضى أعقبها بنبرةٍ ساخرة : أجلسي وأستغفري ليْ عن مزاجي عسى الله يتوب عليّ .... ونزل للأسفل ولم تتركه أبدًا وهي تسيرُ كظله لتندفع بكلماتها كالطفلة التي لا تعرف كيف تختار مصيرها : طيب! بستغفر عن نفسي اللي صابرة
ضحك بخفوت وهو ينحني ليأخذ حذاءه ويخرج دُون أن يعقب ضحكتِه بأيّ حرف، في الثانية الواحِدة كم مرةٍ تتغيرُ سماءِك؟ في جُزءٍ من الثانية أنت غاضب وفي جزءها الثاني أنت تضحك، إلهي يا سلطان " وش قد تعذبني! ".
،
يجلس بصمت بعد أن أُستِنزف لسانه بالكلماتِ الجارحة الناقصة المذمومة السيئة، يُراقب الوضع الذي يعيشه، يُراقب الخطر الذي يحاصره، يُراقب أسوأ الأشياء التي تحصل له، كم شهرٍ مضى وأنا أخطط وأخطط وبالنهاية! لا شيء. وأنا رجل لا أقبل باللاشيء، لا أقبل بالقليل أبدًا ولا يُغريني النقص، أحاول أن أكفّ بطش غضبي عنكم ولكن أنتم من تريدون ذلك، لا أصدق بأن خدعة مثل هذه تمرُّ عليّ بسهولة، خدعة كان من الممكن أن أكتشفها لو كنت أعرف عن " عبدالعزيز إبن سلطان " لمَا أستصعب عليْ أن أعرفه ولكن شخصٌ أسمع بإسمه ولا أراه بالقُرب بسهولة أسقط في فَخه.
يلعبُ بمُجسَّمٍ صغير الحجم على شكلِ سلاح، رفع عينه الغاضبة : انا شغلي يتم وفي الوقت اللي كنت مخطط له عاد بعبدالعزيز وهو متنكر ولا بعبدالعزيز وهو مدري كيف! المهم أنه بيصير اللي أبيه وساعتها أعرف كيف أتعامل معهم
: طال عُمرك ... عبدالعزيز ماهو بالفندق ومانقدر ندخل له أصلاً
رائد بهدُوءٍ مُخيف يحك عوارِضه : مقدرتُوا تدخلون! برافو والله ... تقدر تروح ترتاح
يعرف أنه يسخَر ليبلع ريقه بصعوبة : حاولنا نهرِّب أحد وأكتشفنا أنه قدر يهرب قبل لا نجيه
رائد بصرخة أرجفت الجسد الثقيل الذي يُقابله : قلت يجيني قبل هاليوم ينتهي !! مفهوم ولا أعيد كلامي مرة ثانية
بضيق : مفهوم طال عمرك لكن جواله موقف عند إشارة وحدة ولا نقدر نراقبه أو نحدد مكانه الحين
رائد يقف ليتراجع دُون إرادته الشخص الآخر للخلف، ضرب بكفِّه على طاولة مكتبه : تحفر لي باريس شبر شبر لين يطلع !
وبصوتٍ خافت يُكمل : و الخمَّة اللي معه؟
: واضح أنهم ما هُم في الفندق بعد!
رائد : طيب! لِك لين الليل إن ماجاني عبدالعزيز وش يصير فيك؟
: بحاول إن شاء الله
رائد بصراخ : ماأبيك تحاول! أبيك تجيبه ... مفهوم !
: إن شاء الله
رائد يجلسْ ليتلاعب بالأقلام بين أصابعه : الحين أذلف عن وجهي ولا عاد أشوفك إلا وهو معك
خرجَ رجُله بإمتعاض وهو يفكر بطريقةٍ يصِل بها لعبدالعزيز، كان جالسًا بالقُرب منه، لا يصدر صوت ولا ينطق بكلمة، كل الكلمات تنزوي في صدره دُون أن تتجرأ على الوقوف في حنجرته، كيف يجلبُ عبير؟ ليس هذا المهم! كيف أرضى عليها أن تُعامل بهذه الطريقة، سهلٌ عليّ أن أتقطع أجزاءً ولا أراها تحت بطش والدِي! سهلٌ عليّ أن أفعل كل الأشياء الغبية الصعبة السهلة التافهة القوية الخشنة الناعمة عدا أنني أمام عبير لا أرضى ولا أستطيع أن أرضى بأيّ فعلٍ يُبدد الأمن من قلبها البِكرْ، أنحنى بظهره ليطوِّق رأسه بكفيْه وتبدأُ شفتِه بالنزيف دُون أن يتحرك أو يُفكِر بمسح دماءه، لا تزول آثار ضربك يا أبي بسهولة! يجب أن أتحمل عقباتها حتى في أشدِ الأوقات حسرة.
يقطعُ سلسلة أفكاره بسخرية قاسية : كلم عبدالعزيز وخله يساعدك كان فيه خير
لم يُجيبه ولم يرفع عينه له، كم دفعنا أخطاء الآخرين حين كُنَّا مُكرهين على أشياءٍ لم نحبها يومًا وكم كُنا ضعفاء في وجه الأشياء التي نحبها حين أستصعب علينا أن نتمسكُ بها، لا قُدرة لدي والله لا أملك القوة الكافية حتى أسرقك يا عبير من حدُودِ موطنك الذي رسمه والدك، لا أملك هذه القوة التي تجعلني أتخلص من مبادئي الثابتة وإن تذبذبت يومًا بسهولة، صعب عليّ والله وليت والدِي يعلم.
رائد : الوقت يمّر وأنت جالس بمكانك بس أنا عند حلفي والله إن ماجتني يا فارس لا أخليك تتحسر عليها عُمر كامل
فارس عقد حاجبيْه ويشعرُ بالألم يتدفق من أنفه وليس دماءً وحسب، كلماتُ والده توجعه، توجع قلبه الذي يعشق، سحب منديلاً ليخرج مشتتًا ضائِعًا، يقف أمام واجهة الدكان الصغير ليعكسُ وجهه المحتقن بالغضب، نظر لإحدى الجرائد السعودية التي تصدر من لندن تعتلي الرفّ الباريسي وبالخطِ العريض " خطف شاب سعودي في سياتل "
بلع جفافه الذي كسى لسانه، أعتاد أن يقرأ هذه الأخبار على الدوام، يجهل شعور أهله ولا يشعر بشيء سوى الشفقة ولكن هذه المرة يعرفُ كيف هذه الكلمة التي تحتوي على ثلاثة حروف بمقدورها أن تحوِّل الحياة إلى جحيم.
هل يجب أن أقُول الآن " آسف " لقلبِك لأني لم أكن رجلاً مناسبًا لكِ يومًا ما، آسف لأنني لا أستطيع أن أتمرد عن من يعقبُ إسمه إسمي، آسف لأنني أحببتُك بطريقةٍ لاذعة قاسية، آسف لأن ذنبكِ كان أني أحببتك، آسف من أجلِ الصور التي وقعت بين يدايْ في لحظةٍ لم أكن أبحث بها عن الحُب، آسف لعينيْك التي أتت كـ أرق في ليالٍ عديدة، آسف لأني حاولت أن أبحثُ عن هويتِك الضائعة وأنا أخمِّنُ من صاحبة هذه الصور ؟ آسف على كل شيء جعلني أتضوَّرُ شوقًا لمعرفةِ إسمك، آسف لأنني علمتُ إسمك عن طريق رجال والدِي، آسف لأنني أستعملتُ كل الأشخاص الذين حولك في حُبي، آسف من أجلِ السائق الذي كان يُخبرنِي عن خروجك ودخولك يوميًا، آسف من أجلِ الخادمة التي كانت تُعطيني تقريرًا يوميًا عنكِ، آسف من أجلِ اللحظات العصيبة التي مررتِ بها تحت وطأة الضمير الذي يجلدك، آسف من أجلِ ألاعيبي التي لم تنتهي، آسف من أجل خياناتي التي لم أستطيع أن أتجاوزها، آسف من أجلِ الخمر الذي أحاول أن أنساكِ به ولكن أتذكرك في كل لحظةِ سُكرٍ و صحوةٍ، آسف لله عليكِ يا عبير.
،
مسك رأسه يُريد أن يتزن، أقصى أحلامه في هذه اللحظة أن يتلاشى الصداع ويستطيع أن يفكر بإستقرارٍ أكثر، نظر للساعة، يترقب الموعد اليومي الذي يستطيع به أن يتصل وأن يتحدَّث، أحدٌ يحركنا كيفما يشاء وكيفما يُريد، أحدٌ لا يرحمنا أبدًا ويجعل كل شخصٍ يشكُ بالآخر وها هو أتى دوري ليجعل ناصر يشك بيْ، تنهَّد، أذهب أم لا ؟ أقول أم لا ؟ أعترف أم لا ؟ . . أضيع أم "لا ؟
وقف ليتجه خارجًا، لا حل غير ذلك، كل الحلول يجب أن تقع تحت عينِ بوسعود وسلطان حتى لا يقع الذنب كله عليّ، ركب سيارته ليهتز هاتفه برسالةٍ تجلدُه بكل ماهو لاذع/حاد " حذرتُك أكثر من مرَّة، ولكن في حال أثرت غضبي سأرسل كل ما لديْ لمكتب من توَدّهم .. ولك حرية الإختيار "
إذن؟ ضرب على مقوده، كل شيء يقف ضده، لاشيء يستوي وينقذه، إلهي كُن معي في هذه اللحظات، لا يخيبُ من يطلب رجاءك، اللعنة على كل الأشياء التي صيَّرتني بهذه الصورة، أين عقلي حين رضيتُ بذلك؟ كنت أعرف والله كنت أعرف أنهم يخونون أصدقائهم ولكن أنا السيء على كل حال وأستحقُ هذا العذاب.
،
في مكتبِ عبدالرحمن بعد أن طُلِب بإتصالٍ منه، يجلس عبدالله اليوسف أمامه : وبس؟
عبدالرحمن : إيه هذا اللي قريته هو نفسه اللي صار! أحيانا أقول هو شخص واحد وجالس يلعب فينا ومرات أقول هو ما يلعب فينا هو قاعد ينفذ أهدافه وبعدها بيبعد ... وبينهم إحنا ضايعين
عبدالله الذي تلتصقُ بيدِه إحدى الأوراق : خلك من كل هذا أرجع للحادث! بدايته .. أسمح لي ياعبدالرحمن لكن هذي كيف تضيع منكم؟ ماني مصدق! يعني دفنوا جثث ماهي جثث حقيقية! إلا أخته الصغيرة وأمه وأبوه بعد! أما أخته الكبيرة حيَّة ! وبعدها تصدقون أنه أمه حية بسهولة بدون لا تبحثون بالموضوع! في المستشفى هنا بدت نقطة التحول، تحاليل ال DNA اللي ثبتت أنهم عائلته مين زوَّرهم ؟ طيب وكلتوا موضوع غادة لمقرن! وخليتوا مقرن هو المسؤول عنه وتطمنتوا عليها لكن مقرن ماخبركم عن هاللي ماأعرف إسمها! وقبل فترة وبوقت إختفائها مع وليد اعترف لكم مقرن بأنها ماهي أمها! ليه هالوقت بالذات! هذا يعني أنه مقرن قاعد ينقذ نفسه من الشك، قبل لحد يفضحه .. لكن هذا مايعني أنه مقرن هو المسؤول الأول لكن أظن أنه مقرن تحت ضغوط ثانية وأنت فاهم قصدي زين .... أظن يا بوسعود أنكم جالسين تدفعون ثمن أخطائكم اللي خليتوها تحت رحمة ناس مالها حيل ولا قوة مثل مقرن.
عبدالرحمن تنهَّد : كنا واثقين! كنا نقول أنها بخير دام مقرن يتابع حالتها لكن أكتشفنا العكس
عبدالله : والحين وينها؟
عبدالرحمن : يراقبها سعد
عبدالله : وهذا بعد واثق فيه ؟
عبدالرحمن بضيق ألتزم الصمت
عبدالله : ماتدري إذا هي حية ولا ميتة!! جالسين تستمرون في الغلط نفسه! اليوم قبل بكرا لازم يدري عبدالعزيز بموضوع أخته .. وناصر بعد ..... حمايتكم لها قاعد تضرّها! هي ماعادت تحتاج لكم .. هي تحتاج أهلها ولا ترتكبون جريمة ثانية في حقهم! أنا أحترم انكم في البداية ماكان قصدكم سيء وكانت نيتكم هي حمايتها بس لكن الحين نيتكم هذي صارت شي ثاني وتحولت لضرر وأنت تعرف يا عبدالرحمن حجم الظلم والظلم ظلمات يوم القيامة
دخل سلطان : السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جلس بمُقابل عبدالله وقبل أن ينطق كلمةٍ واحد : تو أقول لعبدالرحمن أنه لازم ناصر وعبدالعزيز يدرون عن غادة!
سلطان : بهالوقت! مستحيل .. إحنا ما نضمن تصرفات عبدالعزيز وهو معصب من موضوع تافه كيف لو كان الموضوع يخص اخته
عبدالله : إن ما درى الحين بيدري بعدين! المصيبة هي نفسها ماراح تزيد ولا راح تنقص، ومهما أختلف الوقت يبقى الموضوع صعب عليهم مهما حاولتوا تخففونه!
سلطان: خلنا من هالموضوع الحين، كنت أبغى أسألك إذا قد تناقشت مع بوعبدالعزيز الله يرحمه وجاب لك سيرة شي يخص شخص ثاني غير رائد وشلته .. حاول تتذكر إذا طرآ لك مرة أحد وبشكل غريب .. يعني إحنا ماندري عنه
عبدالله عقد حاجبيه : لا .. كل الاشياء في الملفات والمجلدات اللي بالأرشيف مافيه شي جديد
عبدالرحمن : حاولنا نوصل لسكرتيره لكن قالوا مريض وبديرته بعد! تعرف يا عبدالله أنه في ليلة الحادث وقبلها بأيام كان جوال بوعبدالعزيز كله تهديدات من رائد لكن صار الحادث ورائد مايدري عن توابع هذا الحادث! والشي اللي مهبل فيني أنه لو كان سلطان شاك واحد بالمية بجدية التهديد كان ما خذا أهله وياه .. فيه شي ماني قادر أفهمه وبنفس الوقت أحس العلم عنده الله يرحمه
سلطان يسحب حلقاتٍ معدنية كانت تتراكم فوق بعضها على مكتبِ عبدالرحمن وتزيّنه، يُرتبها على الطاولة ليرمز لها : هالشخص هو نفسه المسؤول عن الحادث لكن خلانا نشك في رائد، هو نفسه المسؤول عن عزل غادة في البداية عشان يخليهم بعدين يتهمونا ويحسبونا إحنا اللي أبعدناها في البداية وإحنا اللي زورنا بالتحاليل، هذا الشخص هو نفسه المسؤول عن تعطيل سيارة عبدالعزيز عشان مايخليه يقابل رائد وعشان يخلي رائد يشك فيه، هذا الشخص هو نفسه المسؤول عن أمل اللي كانت مع غادة ..... هو اللي جالس يتلاعب فينا وفي رائد بعد! لكن مين له مصلحة في كل هذا ؟
عبدالله يضع حلقةٌ صغيرة تربط بين الحلقات الكبيرة : وهنا مقرن! اللي واضح أنه تحت ضغط هالشخص نفسه! لكن ماهو خاين! وجالس يشككم فيه مثل ما شكك رائد وشكك غيركم .. هذا الشخص جالس يمشي عليكم واحد واحد ويذبحكم بالشك بدون لا يتدخل .. يعني بالعربي يحارشكم على بعض بدون لا يوجه العيون عليه
عبدالرحمن مسح وجهه بتعب : والحل الحين ؟
عبدالله : الحل الحين! المشكلة أنه رائد خرج عن سيطرتكم! وشغلكم هذا كله طار .. صرتوا مكشوفين قدامه، و ... أظن أنه الشخص *يُشير إلى الحلقة الواسعة* اللي جالس يتلاعب فيكم ممكن يتعرض لكم! وماأستبعد لو كان قد تعرض لكم لكن فهمتوها على أنه رائد وغيره.
عبدالرحمن يشعرُ بأن عقله يضطرب بشدَّةٍ لا يستحملها : خاطرنا كثير يوم خلينا عبدالعزيز في وجهه!
عبدالله : طيب أنا أقول دام الموضوع فيه خسارة لكم .. قللوا قوتها، يعني طيعوه في اللي يبي بس لاتطيعونه بشي كامل يعني مثلاً بنص الطريق غدروا! أظن الغدر في أشكاله شرف!
سلطان : كيف نطيعه؟ الحين رائد عرفنا كلنا! وعرف طريقتنا وخطتنا! وعرف عبدالعزيز .. يعني موضوع باريس بالنسبة له أنتهى وأنه فلوسه راحت خلاص لأنه بسهولة ماراح يقدر يكمل بدون صالح اللي هو عبدالعزيز ... فهو غصبًا عنه لو يبي يكمل شغله محتاج عبدالعزيز بدون أيّ ضرر لكن .. ماينضمن الجوهي
شعر بأن ضغطه ينخفض والزُرقَة تجتاح ملامحه، تجاهل كل أوجاعه ليُكمل وصوتُه يبدأ بالموت في داخله وتتذبذب نبرته في العلو والخفوت تدريجيًا : راح نبعد عبدالعزيز عنه هالفترة . . . . . . – شتت نظراته للسقف وهو يبلعُ الطعمُ المرّ الذي تدفق على لسانه – . . نشوف أول شي ردة فعله كأفعال ماهو تهديداته اللي ماتنتهي ونقرر بعدها
عبدالرحمن : أنا أقول كذا لكن صعبة نصبر بعد
عبدالله يُراقب حركات سلطان التي بدأت تتجمدُ معه مفاصله حتى سقطت الحلقة الحديدية الصغيرة من بين أصابعه لتُصدر طنينًا في وسط الطاولة الزجاجية.
يُثبت عينه : سلطان ؟
لم يشعرُ بشيء سوى جرف الحرارة التي ترتفع من رئتيه مرورًا بقلبه إلى حنجرته، تتضببُ رؤيته وغبارٌ يطغى على الملامح، هذا العالم يلتف بلا توقف، تغيبُ الملامح عنِّي في الوقت الذي يجب به أن أكون مستيقظًا، يشعرُ بشيءٍ يعيق عليه عملية تنفسه، سقط جانبًا بقوةٍ مُهيبة و بجانبِ صدره يحمرُّ ثوبه لتتسع بقعة الدماء التي يغرق بها، بخطواتٍ سريعة خرج عبدالرحمن ليصرخ : أطلبوا الإسعاف!!!
،
تنزلُ دمعاتها الشفافة بصمت وهي تسمعُ الطرف الآخر من الهاتف، تؤمن بذلك وهي أمام هذا الغرق الكبير الذي يجتاحها، كيف تقوى؟ كيف تنطق بإنسيابية دون أن يتعثر لسانها، يأتِ صوتها الحنُون : يا ريم أنتِ غلاك من غلا الجوهرة وأفنان .. ما يصير كذا من أول مشكلة رحتي! أتركي لنفسك فرصة على الأقل! لو كل البنات سوو مثلك كان نصهم مطلقات! أكسبي بيتك وزوجك وكل شي له حل
ريم بضيق لا تعرف ما يجب عليها قوله وما لا يجبْ، لتُكمل : ريان وأبوه إن شاء الله جايينكم بكرا!
ريم بخفُوت : إن شاء الله على خير
أم ريان : يا يمه أنا ما أتصلت عليك إلا وأنا أبي لكم الخير! ماهو عاجبني لا حالك ولا حاله ... الله يبعد عنكم كل ضيق وحزن ويجمع قلوبكم على بعض
عقدت حاجبيْها، شعرَت بأن قلبها الذي بحجمِ الكفّ يتفكك، لا تتزن في تفكيرها ولا تعرف مالصح ومالخطأ، ما ينبغي فعله ومالاينبغي، يا ربّ الفرح خُذنِي لديارٍ لا تبكِي.
أم ريان : تآمرين على شي؟
ريم : سلامة قلبك
أم ريان : بحفظ الرحمن يا بنتي ... وأغلقته.
وضعت رأسها على ركبتيْها لتنخرط في بكاءٍ عميق، بدأ الندمُ يتشكل كصداعٍ في جبينها الناعم، لو أنني لم أوافق؟ لا أريد يالله أن أفتح للشيطانِ بابًا ولكن ليس هُناك أشدٌ حزنا من الندم، ليس هُناك معنى يصف الشعور بالندم أبدًا لقلبِي الصبي، لم أنضج تمامًا حتى أقف بثبات أمام كل هذه الأشياء المتداخلة.
على مسافاتٍ بعيدة في شرقِ المملكة : وش؟ يمه مو قلت لا تتصلين!!!
والدته :أنا كلمت أبوك وبكرا بتروح لها
ريَّان بغضب : يمه أنتِ على عيني وعلى راسي لكن مشاكلي ماأبي أحد يتدخل فيها! تدخلتِي بزواجي وقلت يالله معليه!! لكن تتدخلين بعد بهذي لا وألف لا
والدته بضيق : تعال أضربني بعد!
ريَّان : أنتم بقيتوا فيني عقل .. ماعاد أفهمكم
من خلفه بصوتِه الحاد : لا تعلي صوتك على أمك!!
ألتفت لوالده : عاجبك اللي يصير! هذا اللي ناقص شوي وتترجاها وتكفين أرجعي يا ريم!
والده : كلمة ثانية يا ريَّان بحق أمك وماتلوم الا نفسك! ... تروح الرياض وتجيبها معك أما سالفة أنك بتخليها معلقة تحلم!! بكرا تلحقها الجوهرة وأفنان وأنت عارف أنه الجزاء من جنس العمل ... يا تطلقها يا ترجعها غير هذا مافيه
والدته بإندفاع : وش يطلقها! ما كملوا إلا شهر وتبيهم يتطلقون!!
والده : أستح على وجهك غيرك عياله طوله وأنت من أول مشكلة أنهبلت! اعقل وخلك رجَّال وروح جيبها معك
ريَّان : أشوفكم واقفين بصفَّها!
والده : واقفين مع الحق! انا عارف ومتأكد أنه السبب منك أنت مو منها! من رجعتوا وأنا ماعاد أشوفك بالبيت! طول يومك برا من عذرها يوم تزعل وتروح بيت أهلها
تنهَّد بغضب : طيب! راح أرجعها وغير كذا ماراح تتدخلون في حياتي وزي ماأبي بتصرف ! .... خرج بخطواتٍ مستثارة بالحدَّة.
تراجعت للخلف وهي تأكل تفاحتها الصفراء، لن تنتهي المشاكل أبدًا في هذا البيت. صعدت لغرفتها لتُثبت الهاتف بكتفها وتُكمل أكلها.
أجابتها : ألو
أفنان : مساء الخير
الجوهرة : مساء النور ... تآكلين؟
أفنان بسخرية : من حرقة الأعصاب اللي صايرة في بيتنا! صايرة أحط حرتي بالأكل
الجوهرة : ليه وش صاير؟
أفنان : من غيره ريَّان، تدرين أنه ريم عندكم!
الجوهرة : متهاوشين ؟
أفنان : إيه ... والحين عصب من أمي عشانها كلمتها بس يقول بكرا بيروح يجيبها
الجوهرة بسخرية : والله إحنا عايلة بالمشاكل محد يغطي علينا
أفنان أبتسمت : قالتها قبلك عبير! كل آل متعب لو مالقوا أحد يتهاوشون معه تهاوشوا مع نفسهم
الجوهرة : خليها على ربك .. صدق أبوي شلونه؟
أفنان : بخير على حاله ..
الجوهرة : الحمدلله
أفنان : شفتي تركي غيَّر رقمه وما أرسل لنا الرقم الجديد! وأمي تقول أنه متهاوش مع أبوي ومدري وش سالفته! ياربي بس عاد تركي مفلِّم مرة من هوشة يزعل ويقطع
أرتبك قلبها لتلتزم الصمت دُون أن تعلق بأيّ كلمة، أردفت أفنان : ألو؟
الجوهرة : معك
أفنان : عندك رقمه الجديد؟ تكلمينه؟
الجوهرة : لا من وين بجيبه
أفنان : يختي ليه كذا يصير فينا! يعني أخو أبوي من لحمه ودمه يقطع فينا كل هالفترة ويغير رقمه ومايقولنا!
الجوهرة بغصّة تشابكت مع حبالها الصوتية، الذي من لحمه ودمه لم يصون عرضَه قبل كل هذا حتى يحفظُ حقوق أهله عليه : أكيد بيرجع زي كل مرة
أفنان : بس هالمرَّة طوّل! طوّل مررة
الجوهرة تنهدت لتُضيّع الموضوع : أبوي بيجي معاه الرياض؟
أفنان : أمي قالته لريم لكن شكله ماراح يروح من كلامه مع ريان ...... أنتِ قولي لي وش أخبارك مع سلطان وعمته؟
الجوهرة : تمام الحمدلله
أفنان بسخرية : يعني كأني منتظرة غير هالإجابة أنتِ حتى لو ميت عندكم أحد قلتِ الحمدلله بخير
الجوهرة : وش تبيني أقول يعني؟ والله محنا بخير وشوي ونموت من الضيق
أفنان : طيب طيب حقك علينا لا تآكليني
،
وضعت يدها على قلبها الذي ينبض بشدَّة تجاوز أيّ شدةٍ سابقة، نظرت لضي التي تضمُ وسادة نحو بطنها الذي لا يفكُّ عن إيلامها : بيصير زي 2006 ! يالله لا
ضي : وش صار في 2006 ؟
عبير بصوتٍ خافت تشعرُ بأن الأمان يتلاشى من قلبها : وقتها جلس أبوي 3 شهور ما يتحرك من سريره
ضي بحشرجة الخوف : لا إن شاء الله .. ربي لا يعيده عليهم! ....... عطيني جوالك
عبير تمدّه لها لتتصل على رجُلها الوحيد، الله يعلمُ أنه منذُ أن تشابكت يدي بيدِه أبصرتُ الحياة من جديد، الله يعلمُ منذُ أن رأيته ولدتُ من جديد، يالله إنه لا يعجز عنك شيئًا فأبقِه بجانبِ قلبي.
على بُعدِ مسافةٍ قصيرة كانت تجلسُ بمقابله وهو يستلقي على السرير يتأملُ السقف ويغرق بتفكيره وعلى بطنه يستقر السلاح وهو يتلاعبُ بأصبعه ليجعله يدُور بتأنِي يُشبه تفكيره الذي يبتعدُ عن الواقع بأشياءٍ كثيرة.
مسكت رقبتها المشتعلة بالحرارة، لتقف متجهة إلى الحمام غسلت وجهها بالماءِ البارد لتُثبت كفيَّها على المغسلة، يالله كم يلزمنا من قوة حتى نتحمل كل هذا، تعبتُ من الحزن الذي يتسلل إليْ في كل مرَّة أريد بها أن أبتسم، تعبت من أن أخفي مشاعري وأكذب بها، تعبت من أن أحزن وأكابر وأنا والله لستُ إلا كاذبة جيِّدة، تعبتُ منك يا عزيز، تعبت من عيناكِ الغاوية، تعبت منَّا كلانا، أيّ هدنة نتحدثُ بها؟ هذا والله هراء.
تسترجعُ في الأسبوع الماضِي كيف أتفقا على الهدنة بعد ليلةٍ بكت بها وأجهشت بالبكاء أمامه، كلماته التي أتت مؤلمة لقلبها الذِي يشيبُ على حبه " طيب يا رتيل أنا ماعندي مانع! قلت لك قبل هالمرة خلينا ننسى كل اللي صار على الأقل هالفترة وبعدها قرري بكيفك وش تبين! تعاملي معي كعبدالعزيز بس! أعتبريني أيّ شخص وأنا بعتبرك بعد أيّ شخص هالفترة وبعدها يصير خير! .. أتفقنا ؟ "
كيف مرَّت الأيام بعد الإتفاق هادئة تصخبُ به ضحكاتهم، لا تعرف كيف الدنيا تفتحت وأصبحت ربيع بمجرد غياب أثير لعدةِ أيام مع والدها خارج باريس، كيف للحياة كل هذا الإغراء بمجرد ما أستشعرت أنه ينام لوحدِه ويستيقظ لوحدِه دون أن يراها، أن يأكل أيضًا لوحدِه، هذه الأنانية التي جعلتني أفكر بهذه الصورة جعلت أيامي الماضية " جنَّة " ولكن سُرعان ما تلاشت، عادت وعاد حُزني معها وعُدت أنت كشخصيتِك التي لن تتغيَّر أبدًا.
سحبت منديلاً لتخرج ولم تراه على السرير، أنقبض قلبها بخوف حتى تنهدت براحة وهي تراه يسكبُ له من الماء. ألتفت عليها : قلت ماراح أطلع وجالس عندِك .. وش فيك خفتِي!
جلست على طرف السرير : ولا شي
جلس بجانبها ليمدّ لها كأس الماء، تعلقت عيناها بيدِه لثواني حتى أخذته، شربت الرُبع منه وهي تُبلل قلبها ببرودتِه، أخذه منها ليشرب من موضعها، ألتفتت عليه لتتشبثُ عيناها بفمِه، ماذا تفعل بي يا عزيز؟ بربِ السماء ما أنت بفاعلٍ بقلبٍ هشّ ؟ تقتلني أكثرُ من مرة وتُشتتني مرَّات ومرات، والآن ؟ مالذي تُريد أن تصِل إليْه؟ إنِي أسألك بحقِ الأيام التي ضاعت بيننا ماذا تريد؟ إني أسألك بحُزنِ عيني التي منذُ أن رأتك أغمى عليها، حياتِي لك، قلبِي لك، وكل التفاصيلِ لك ولكن لمرةٍ واحِدة أعدنِي إليْ.
وضع الكأس على الطاولة ليلتفت إليْها وبهدُوء : في كل مصيبة لي لازم ألقاك بوجهي! ... أظن هذا له دلالة قوية
رتيل تُشتت نظراتها : أصلاً لولا أبوي تأكد أني ماكنت راح أجيك بس قال ضروري عطوا الجوال لعبدالعزيز
عبدالعزيز : وأنا مصدقك
رتيل الذي فهمت من نبرته أنه يسخَر : أنت بنفسك سمعت
عبدالعزيز : والله مصدقك يا بنت الحلال .... قطع الصمت الذي ساد لبُضعِ دقائق .... يوم جيتيني وراسِك مغطيه الشاش، وش كان صاير لك ؟
ضحكت بسخرية : بدري سؤالك!
عبدالعزيز بمثل نبرتها : أعرف أروض نفسي وفضولها بسهولة!
رتيل : طحت
عبدالعزيز : وين ؟
رتيل : ببيتنا بعد وين! طبعا عشان تحس شوي على نفسك تراها بسببك
عبدالعزيز الذي كان يشعرُ بأن خلف الجرح الذي بين حاجبيْها حكاية ولم يخيب توقعه : وش سويت هالمرة بعد ؟
رتيل : سمعتك وأنت تبشر صاحبك كيف أنه شخصيتي تصلح لفترة مؤقته وبعدها خلاص!
عبدالعزيز : وبس هذا اللي سمعتيه؟
رتيل بقهر وهي تتذكرُ كل كلمة، كل حرف نُطِقت به شفاهِه لتنغرز بقلبها، مازالت آثار حدِيثه باقية في قلبي ومازال جبيني الذي يشهدُ بالحزن معي بالندبَةِ الواضحة بين حاجبيّ أيضًا باقية : ما أبغى أتذكر ذاك الموضوع، ممكن ؟
عبدالعزيز : أكيد ممكن بس على فكرة كلامي مع ناصر ذاك اليوم كان في وقته يعني تغيرت أشياء كثيرة بعده
رتيل تُعيد كلماته بحزنٍ يستعمر قلبها : أنا أعرف كيف أتكيف مع أثير وأقدر أعيش معها .. متى بس أنتهي من هالحياة وهالرياض وأفتك منها وأعيش زي ماأبي بدون أيّ أحد من هالعايلة ..
عبدالعزيز : كل شي يتغير حتى قناعات الشخص
رتيل : وش تغيَّر فيك يا عبدالعزيز ؟ أنك صرت عادل ماشاء الله وماتبي تظلم أثير
عبدالعزيز : أنتِ دايم تحطين نفسك قدام أثير ماهو قدامي .. لآ تقارنين وبترتاحين
رتيل بعصبية : لأنه عمرك ماراح تحس بشعوري وأنا أشوفك معاها! مهما حبيتك .. ماراح أقبل والله لو أيش أني أتنازل وأرضى بأنها تشاركني!!
عبدالعزيز تنهد : هالموضوع لو فتحناه ماراح يتسكر
رتيل : أنتم الرجال تحسبون الحريم مايقدرون يعيشون بدونكم لأنهم ببساطة يموتون فيكم! لكن صدقني مافيه بنت تحب وتنسى عقلها! مهما جنَّت فيك بالنهاية تقدر تنسحب بهدُوء وتعيش عذابها مع نفسها بدون لا تشارك أحد فيه لكن أنتم تنسحبون وتظلمون بنات غيركم لأنكم تدورون عن اللي تحبونه في الغير بس البنت عمرها ماتدوِّر أحد! إما أنه يجيها اللي تبيه ولا تبطِّل حُب، هذا الفرق بيننا وبينكم!
عبدالعزيز : وأنا ما دورت عليك عند أثير! حطي هالشي في بالك
رتيل : سوّ اللي تبيه وعيش حياتك مثل ماتبي لكن ماراح تقدر تجمعني معها أبد! .. ماراح تقدر يا عبدالعزيز لو صار أيش ما صار!
عبدالعزيز بقسوة : وليه ضامنة أني أبيك في حياتي!
رتيل بحدة تنظرُ إليه، هذه الحدة التي تلمعُ في عينيها كدمعة تُسجن في محاجرها، صمتت وعينيْها التي أستلمت الدفاعُ عن كلماتها، لوَت طرفِ شفتها السفلية إلى الداخل وهي تشدُّ عليها خشيةً من البكاء.
كان سيتحدث لولا صوتها الخافت : متناقض! عمرك ماراح تعرف تفكر زي الناس! قلت هدنة وأنا أعرف وش غايتك منها! وقلت يالله ورجعت بكلامِك لأنك ماتعرف تثبت على رآي!
عبدالعزيز بجديته أقترب منها : آسف
رفعت عينها بدهشَة من أنه يتنازل ويعتذر، رمشت كثيرًا حتى تستوعب ما قاله، صعبٌ عليها أن تُصدِق هذا الأسف بإنسيابية صوتِه.
: أنا ماأعرف بالهدن شي ...
رتيل : تعتذر عشانك ماتعرف بالهُدن شي؟
عبدالعزيز : قلبك مثل ما يبي يفهمها يفهمها
رتيل عقدت حاجبيْها : تنازل لو مرَّة!
عبدالعزيز بإبتسامة يقتل بها قلبها : أعتذر لمقامِك السامي يا رتيل بنت عبدالرحمن بن خالد آل متعب .. أتمنى أنه تنازلي هالمرة ما تجحدينه مثل ما جحدتِ غيره وتعرفين أني قادر أعتذر متى ما أخطأت بدون لا ينقص هالشي منِّي
رتيل بتلذذ في " تفشيله " : وإعتذارك مرفوض.
عبدالعزيز : ههههههههههههههههههههههههههههههه شكرًا لك
رتيل : العفُو يا ... بو سلطان
عبدالعزيز غرق بضحكتِه ليُردف بخبث : مين بيجيب لي سلطان ؟
رتيل : الله يخلي لك أم عيالك اللي تبيها في حياتك ... أردفت كلمتها الأخيرة بسخرية لاذعة على كلماته الأخيرة معها.
عبدالعزيز : يعني أفهم أنه حياتي ماهي مغرية لك؟
رتيل رفعت حاجبها وهي تقلدُ صوته بطريقةٍ ساخرة : أنتِ ماراح تكونين أول بنت في حياتي! أنتِ مستحيل تكونين أول بنت! أنتِ ... وأنتِ وأنتِ ... أذكرك إذا نسيت
عبدالعزيز : أجل أنا أعتذر عن كلماتي بعد .. تقبلين إعتذاري يا حرم عبدالعزيز العيد ؟
فهمت من كلمته الأخيرة كيف يُريد أن يربط مصيرها به، أخذت نفسًا عميقًا وهي تنظرُ لإبتسامته التي تُربكها، أخشى على نفسي من هذه الإبتسامة وفتنتها.
أردفت : أفكر
عبدالعزيز بضحكة وكأنه يحاول أن يهرب من واقعه بكلماته معها، يحاول أن ينسى ما يحدث بالخارج : طيب يا أم سلطان فكري وخذي راحتك بالتفكير
رتيل شتت نظراتها بعيدًا عنه : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه عفوًا؟
عبدالعزيز : أحاول أكون لبق وذوق بس عاد الشكوى لله
رتيل : بوردون
عبدالعزيز تذكر أشهرُ ما يحفظه من الشعر الفرنسي لينطق بلكنته الفرنسية المكتسبة : tu peux dire à la rivière de ne plus couler .au soleil de ne plus coucher et même à la terre de ne plus tourner mais jamais à mon cœur de ne plus t'aimer " يمكنك ان تقولي للنهر أن لا يجري أبدا، للشمس أن لا تغرب أبدا و حتى للأرض أن لا تدور أبدا لكن لاتستطيعين مطلقا أن تقولي لقلبي أن لا يحبك أبدا. "
رتيل التي لم تفهم ولا كلمة مما قيل أردفت : طيب ترجم عشان أفهم!
عبدالعزيز بلكاعة يغيِّر المعنى : أن الحياة ما توقف عليك وأنه رجل مثلي بإمكانه نسيانك في الوقت اللي يفكر فيه كيف يقضي فراغه مع أصدقائه
رتيل : شفت الوقت اللي أسرِّح فيه شعري ؟ في هذا الوقت أنا قادرة أنهيك مثل لما أتهوَّر وأقص خصلة من شعري
عبدالعزيز : تتهورين! لهدرجة مسألة نسياني تعتبر تهور بالنسبة لك
رتيل أنقهرت من تمويهِه لكلماتها : أفهم على كيفك!
عبدالعزيز أبتسم : جوتيم .. أترجمها ؟
رتيل : هههههههههههههههههههههههههههههه مغازلجي فاشل!
عبدالعزيز و يحجِّرُ لها : أجل علميني كيف الغزل يكون؟ نتعلم من خبرتك
رتيل بضحكة تستفزه لتلتفت عليه بكامل جسدِه وهي تقترب منه : يقولك خالد الفيصل سلم المحبه ما وطا الزين ناطاه، حد الخطر لعيون خلي وطيته ، والي يودك كل ما منك يرضاه ، حتى عذابك يا حبيبي رضيته . .
عبدالعزيز غرق بضحكة طويلة ليُردف : الله يعاقبني دام مخليني بارد والدنيا قايمة برآ
،
يقف بإتزان بعد أن أجتاحته برودة التبلد وخاب كما يخيبُ الجميع، لم تكُن هناك فرصة أن أضطرب أو أقلق فقد فقدتُ كل أملٍ يتعلق بها، بصوتٍ هادىء : هل بإمكاني أن أتحدث .. أمر ضروري
: بالطبع .. تفضل.
ضغط الموظف الأشقر على رقم غرفتها ليُسلِّم السماعة ليدِ فارس، أخذ نفسًا عميقًا ليلفظ بصوتٍ حاول أن يُغلظه أكثر لتتغيَّر النبرة : عبير؟
عبير بنبرةٍ يتضح بها الخوف : أيه!!
فارس : إذا ممكن تنزلين! عمك مقرن ينتظرك تحت
عبير : مين أنت ؟ ليه مو هو اللي أتصل
فارس : تبين تكلمينه؟ هو قاعد يكلم أبوك لكن إذا تبين الحين أخليه يكلمك
عبير بإقتناع : و عبدالعزيز ؟
فارس : ماهو موجود .. على العموم لازم تنزلين بسرعة
عبير : بروحي؟
فارس : إيه .. إذا تبين أتصلي على أبوك وأسأليه
عبير : لآلآ خلاص .. ثواني ونازلة
أغلقه ليتجه بخطواتٍ سريعة نحو المصاعد ويتجه نحو طابقهم، ألتفتت على ضي التي أستسلمت للنوم بتعبٍ شديد، أخذت هاتفها وخرجت بهدُوء لتضغط على المصعد، أنتظرت وهي تتشابكُ بأصابعها بقلق، أنفتح لتحاول الدخول ولكن من خلفَّها شدَّها وهو يكتمُ أنفاسها بقوةِ كفِّه، همس وهو يُقرِّب المشرط الحاد من ملامحها : ولا كلمة !
لم تستطيع أن تراه وهو يحاصرها من ظهرها، ولكن صوتها تشعر أنها سمعته من قبِل، لم تُطيل التفكير والتخمين بمن صاحب هذا الصوت وهي تنتفضُ وتحاول أن تُبعده ولكن بتهديدٍ لاذع أستسلمت : عبدالعزيز . . رتيل . . ضي . . ؟ مين تبين بالضبط ؟
فهمت ما يقصد، لتهدأ، سحبها للمصعد ولم يجعلها تراه وهو يحاول أن يثبِّت كتفيها من الخلف، أنهمرت دمعاتها وهي تتوقع أسوأ السيناريوهات التي ستحدث بعد قليل، لا تعرف كيف تتخلصُ من هذا الرجل؟ وكيف تهرب! كيف تصرخ لعبدالعزيز وتناديه! يا غبائي! ليتني جلست مثل ما قال عبدالعزيز، كيف صدقت أن عمي مقرن يُريدني! فتح المصعد ليسحبها بيدِها دُون أن يلتفت عليها وهي لا ترى سوى شعره القصير من خلفه وجسدِه العريض، أركبها السيارة ليكتمُ أنفاسها بقوةٍ جعلتها تستلمُ للإغماءة المفتعلة بعد أن أتسعت محاجرها وهي تنظرُ إليه وتتعرفُ على وجهه، هذه آخر الحلول يا عبير! و رأيتك بأسوأ موعدٍ عرفهُ الحب، ومسكتُ يدِك بأسوأ لقاءٍ من الممكن أن يكُن، أنا آسف هذه المرة لأني سأجعلك تشعرين بحُرقة الذنب ونظر الله إليْك، ليتني أملك هذه الخشية من الله لمَا تجرأت أن أُسمعكِ صوتي.
،
أقتربت من الدرج وهي تتمسك بقبضته، شعرت أن قلبها يندفعُ بالعمق إلى بطنها، تشعُر بالنبض في بطنها يؤلمها بشدَّة، تيبست يدَها على طرفِ الدرج والضباب يغشى رؤيتها، كانت تُريد أن تنادي أيّ إسم وعقلها يدُور بها بلا ثباتْ/إستقرار، شعرت بوَجعٍ وكأنها تحتضِر، وضعت يدها على بطنها المنتفخ لتحاول أن تبتعد عن الدرج ولكن لم تكُن ترى شيئًا سوى بياضًا بإمكانه ان يعيقها عن الحركة لتنزلق من أعلى الدرج ورأسها يرتطم بقوَّة.
كان صوتُ سقوطها مهولاً في بيتٍ هادىء كهذا، رفع عينه : هذا أيش ؟
هيفاء : يمكن شي من المطبخ!
يوسف مسك هاتفه ليسمع صرخة الخادمة، تركه وهو يهرول سريعًا لتتسع محاجره من منظرها! كانت الدماءُ تنزفُ من رحمها، رفع رأسها من الأرض ليضعه على فخذِه،
هيفاء المندهشة ركضت للأعلى نحو جناحهما لتجلب عباءتها، وضع يده على رقبتها ليتحسس النبض والدماءُ بدأت تغرق كفوفِه، غطاها ليحملها متجهًا نحو سيارتِه ومعه هيفاء، وضعت هيفاء رأسها على فخذيْها بالمرتبة الخلفية لينطلق يوسف بسرعةٍ جنونية.
عقله غائب عن كل شيء، لا يستطيع التفكير بأيّ شيء وبأيّ تفصيلٍ صغير، مشتت ضائع لا يملك أدنى فكرة عن شعوره في هذه اللحظة.
هيفاء التي كانت ترتجف وهي تحاول أن تدعي بكل شيءٍ عملته في حياتها، لا حيلةً لها غير ذلك، نظرت لنهايةِ أقدامها والدماء التي تصلُ إليْها! هل هي تُسقِط الجنين الآن أم لا ؟ يالله أحفظها وأحمها.
ركن سيارته بمكانٍ خاطىء دُون أن يلتزم بأيّ مرورٍ وتعليمات، أدخلها إلى الطوارئ وقلبهُ يرتفع ويهبطُ بعلوٍ، مسح وجهه بكفيّه لينتبه بأن صمته هذا يجعله ينسى اللجوء إلى الله، في داخله بحّت نبرةُ قلبه بالدعاء، يارب لا تُريني بها مكروهًا.
جلست هيفاء وأصابعها تتشابك ببعضها البعض، تشعرُ بأن أمرًا سيء سيحصل، لا تعرف كيف تتحمل هذا الشعور! ولكن هُناك أمرًا يُخبرني أنه سيصيبها شيء، كل هذه الدماء لن تجعلها تسلم إلا .. إن رحمها ربي، يارب أرحمها وأرحم ضعفها ولا تُرينا بها مكروهًا.
أستغرقت الدقائِق الطويلة وهو يسيرُ ذهابًا وإيابًا، كل أعصابه بدأت تفلت منه وهو ينتظر أحدًا يُطمئنه، بعد تضاربِ قلبه الشديد خرجت الدكتورة : أنت زوجها؟
يوسف : إيه .. كيفها الحين ؟
الدكتورة : هي بخير الحمدلله .. لكن مقدرنا ننقذ الجنين .. يعوضك الله ... تركته وهي تجهل ماذا سببت له! تجمدَّت أقدامه على الأرض دُون أن يفهم شعوره، يجهل نفسه، صمت رهيب يُعيق لسانه عن الكلام، قبل أيام كنت أراه بعيني وهو في رحمها واليوم؟ في اللحظة التي شعرتُ بها بالأبوَّة غادرني هذا الشعور أسرعِ مما يُمكن، في اللحظة التي بدأتُ أحسب كم أسبوعًا بقي حتى أراه، رحَل. ولكنِي أريده يالله! كنت أتوق لرؤيته كثيرًا!
تنهد بطريقةٍ جعلت دمعة هيفاء تنزل بهدُوء، همس : الحمدلله على كل حال ... ألتفت عليها .. خليك بروح الحمام وراجع لك ... أتجه ليتوضأ بخطواتٍ خافتة ليعقب ذلك لمصلى المستشفى، لأن لا أحد يواسي خيباتنا، لا أحد يواسي أحزاننا سوى الله فأنا لا أعرف طريقًا للشكوى سوى السجود، لأني أحتاجك يالله أن تربت على كتفِي وتُجلي حزني، أحتاجك أن تُخفف هذا الحزن، في المرة التي أردتُ بها أن تكون الحياة " إبني " مات.
،
في ليلِ الرياض الطويل، كانت تتوضأ في مغاسلِ الصالة لتطل عليها حصَة : أيّ صلاة؟
الجوهرة : لا مو صلاة! بس كذا من كثر ما أشوف سلطان يتوضأ صرت زيه
أبتسمت : عقبال ماأكسب هالعادة
الجوهرة وهي تُغلق صنبور المياه : حلو الواحد يكون على وضوء دايم يعني وش بتخسرين كل مادخلتي الحمام توضي كلها دقيقة وتخلصين!
حصَة : السالفة مو كذا بس تنسين إذا ماكان وقت صلاة
الجوهرة بهدُوء : أنتِ ماتعرفين متى تقبض روحك فخليك دايم على طهارة . . . سمعُوا صوت السيارة بالخارج . . . هذا أكيد عمي جاء . .
حصة : طمنيني ولا تخليني أنتظر
الجوهرة : إن شاء الله . . . .
دخل لتُقبِّل رأسه، وبقلق : وش صار عليه ؟
عبدالرحمن : ماعليه خوف لكن أمرنا لله بيجلس في المستشفى هالأيام
الجوهرة : بس مافيه شي ! يعني واعي لا تخبي علي شي
عبدالرحمن : واعي وكلمته والحمدلله
الجوهرة برجاء : طيب طلبتك خلني أروح له
عبدالرحمن تنهد : وين تروحين له! خليك مرتاحة وهو صدقيني بخير ..
الجوهرة : الله يخليك عمِّي! لا تردني
بمُجرد ما نظر لعينيْها حتى رضخ، هذه العينيْن مقنعة وجدًا : طيب ... روحي ألبسي عباتِك
ركضت الجوهرة للأعلى ليبتسم عبدالرحمن، هذه الجميلة بقُربِ بناته وأكثر، حظُك يا سلطان البائس أظنهُ يبتسم إن أتى بإتجاه جوهرتك.
نظر لعائشة : جيبي لي مويا
عائشة بغمضة عين مدَّت له الكأس، رفع حاجبه عبدالرحمن بشكٍ من امرها المُريب : فيك شي؟ صاير شي هنا
عائشة : لآ بابا .. الحين بابا سولتان شنو فيه
عبدالرحمن ضحك ليُردف : الله يرزقنا حُبكم لهالسلطان! مافيه شيء بخير الحمدلله
عائشة بنبرةٍ سريعة : أنا واجد خوف بابا هادا بابا سولتان واجد زين هو مو واجد زين بس يأني*يعني* هرام*حرام*
عبدالرحمن أبتسم : ليه مو واجد زين؟ وش مسوي لك!
عائشة بإبتسامة واسعة : يأني هو زين انا ما يقول مو زين بس واجد آنقري*عصبي*
عبدالرحمن يرفع عينه للجوهرة التي تلبس نقابها، مد لها الكُوب : شكرا
عائشة : أفوَّا
خرج مع الجوهرة متجهان للمستشفى، بنبرتها الخائفة : قلت له لا يروح بس ما سمع كلامي!
عبدالرحمن : الحمدلله عدّت على خير بس هالمرة مستحيل يخلونه يطلع من المستشفى! عاد الله أعلم كم بيجلس يمكن أسبوع وأكثر.
الجوهرة : طيب وش اللي صاير في شغلكم ؟
عبدالرحمن وهو يقف عند الإشارة الحمراء : تعرفين سلطان وش وظيفته بالضبط؟
الجوهرة : لا
عبدالرحمن بإبتسامة : إذن ماراح تعرفين وش صاير
الجوهرة : لا يعني أبي أتطمن
عبدالرحمن الذي يشعرُ بأن اليوم كان ثقيلاً على قلبه أكثر مما يجب، ولا يعرف كيف سينام الليلة وعائلته هُناك! لا تكفي إتصالات عبدالعزيز لا يكفي هذا الإطمئنان من عزيز : كل شيء تمام الحمدلله .. تطمني.
تمرُ الدقائِق طويلة شاقَّة في تقاطعات الرياض المزدحمة حتى ركن سيارته في مواقف المستشفى : يمكن نايم ماراح نطوّل طيب لأنه ماهو وقت زيارة
الجوهرة :طيب . . . . دخل معها وبمسافةٍ قصيرة فتح باب غرفته المخصصة، ألتفت عليها : نايم!
فتح عينيه وهو الذي كان يحاول أن ينام بعد أن أستغرق يومه في النوم تحت وضعية التخدير، أبتسم بوسعود : كويِّس مانمت!
نظرت إليْه وهي ترى شحُوب ملامحه وصُفرةِ ملامحه المربكة لحواسِّها، عقد حاجبيه ليلفظ ببحة : ماكان له داعي
عبدالرحمن : أعقل هذي مرتك وتبي تتطمن عليك! .. جوهرة حبيبتي ماعليك منه أجلسي وبجيك بعد شوي ... وخرج.
أقتربت منه : تحب تعذب نفسك وتعذبنا معاك
سلطان بضيق : عسى ما روعتي عمتي؟
الجوهرة : لآ .. كيفك الحين ؟
سلطان : أنتِ وش شايفة ؟
الجوهرة بوجَع والدموع ترتفع بسلالمٍ هشة نحو عيناها : ممكن تتكلم معايْ بأسلوب أكثر لباقة
سلطان : مو قلت ماأحب أحد يجيني المستشفى!
ألتزمت الصمتْ وهي تتأملُ ملامحه التي أشتدَّت، أعرفُ أن التعب يجعل الشخص يرضخ قليلاً ولكن أنت يا سلطان شيءٌ آخر، شيءٌ لا أعرف ما منتهاه! مرةً أقُول أنك وطن ومرةً أقول أنك منفى.
يلتفت عليها : تطمنتي؟
الجوهرة : بتطردني يعني؟
سلطان بهدُوء : أنا سألتك
الجوهرة تنزع نقابها لتستفزه وهي تحاول أن تُوصل له بأنها ستطيل المكوث، غرق في عينيها اللامعتين لتُردف : جوابي وصل ؟
سلطان نظر للجهةِ الأخرى دُون أن ينطق بكلمة أو حتى حرف.
أبتسمت، لتجلس على السرير بجانبِ بطنه مما جعله يزيح قليلاً، هذه المرَّة من يستعمرك ويعبثُ بك : أنا ولست أنت، أيقنت أن الحياة أقبح من أن أتحداها بالقوَّة، أيقنت تماما بأن الخيبة التي تترسبُ في قلبي أخفُ وجعًا من أن أقسى وأُكابر، وضعت كفَّها على كفِه الباردة بإستحلالٍ تام لجسدِه : أقدر أرجع أسألك مرة ثانية كيفك؟
كان يعرف ما خلف هذه النبرة، يشعرُ بلمسةِ كفِّها وبالكلمات التي تنتقل من جلدها إليْه، يعرف تماما ما تقصد وما تعني بجملتها، تستفزني كثيرًا في وضع لا أستطيع به أن أقف وأروضها، أبتسم ليُعاكس البركان الذي يشتعل في صدره : وأقدر أجاوبك مرة ثانية وأقولك أنتِ وش شايفة ؟
أبتسمت بطريقةٍ لاذعة مستفزة لعينيْه التي تعلقت في شفتيْها : طيب الحمدلله، عمي عبدالرحمن يقول أنك بتجلس أكثر من أسبوع طبعا ماراح تخليني أنا وعمتك في البيت محروقة أعصابنا! ياليت تتحمل زيارتنا الثقيلة يوميًا .. " شدَّت على كلمتها الأخيرة "
عض شفتِه السفلية : عندِك دقيقة وحدة لو ماأبعدتي عن وجهي بتشوفين شي . .
وضعت أصابعها برقة على شفتيه لتمنعه من الكلام وهي تستلذُ بتعذيبه : أشوف إيش؟ معليش يا سلطان أستحمل لو أنك جالس في البيت وسمعت كلامي ماصار كل هذا! لكن أنت تحب تأذي نفسك وتأذينا معك
سلطان يعضّ أصابعها لتسحبها بقوة وهي تُطلق " آآه ": أنتهت الزيارة مع السلامة
الجوهرة بعناد : أنتظر عمي يجي .. ولا تبيني أطلع وأدوِّر عليه
سلطان بهدُوء : والله شكلك شايلة في قلبك كثير والحين تردين عليّ فيه!
الجُوهرة بمثل إبتسامتها المستفزة التي تتصارعُ مع ملامحها الناعمة البريئة : ماعاش من يشيل في قلبه عليك
سلطان : الجوهرة أحفظي نفسك أحسن لك
الجوهرة : جرِّب شوي الشعور اللي تخليني أحسه كل يوم
سلطان بحدة : جاية تتشمتين!
الجوهرة بجدية : أبوي ما رباني على الشماتة
سلطان : أتصلي على عبدالرحمن وخليه يجي ولا عاد أشوفك هنا
الجوهرة بهدُوء : قلت لك تحمَّل زيارتنا الثقيلة!
سلطان بغضب : لآ تعانديني قلت مافيه يعني مافيه!
الجوهرة : طلبك مرفوض
سلطان حاول يستعدِل بجلسته ليُفرغ غضبه بسهولة ولكن يدِها توجهت لصدره لتُرغمه على الإستلقاء وبصوتٍ خافت : يعني وش فيها لو جيناك! حرام ولا عيب!
سلطان : عندي حرام وعيب ومكروه!
دخلت الممرضة الناعمة لتطمئن على وضعه، لم تكن نظرات سلطان تتوجه إليْها بقصدها ولكن من غضبه شتت نظراته عليها دُون حتى أن يُفكر بتفاصيل الوجه الذي يراه.
بحركةٍ جريئة لم يتوقعها أبدًا وضعت يدها على ذقنه لتلفهُ نحوها . . . .
،
يُطيل النظره به دُون أن يفهم ما يقصده بكلماته : طيب؟
: وش طيب! أنا أقولك اللي عندِي! مو تبي تطلع حرتك
ناصر : إيه كلهم بلا إستثناء من سلطان إلى فيصل
: خلاص أعتبر موضوعك خالص، خلال يومين بنفسك راح تنتقم لنفسك ! وش تبي أكثر من كذا ؟
ناصر بهدُوء : ولا شيء! أبيهم يجربون شعوري خلال سنة كاملة وأكثر! أبيهم يحسون وش سوو فيني
: ماراح يحسون بشعورك سنة! بخليهم يشوفون هالسنة في يوم واحد . . .
،
وضع رأسه على الباب، صداعًا يُفكِك خلاياه ولا تركيز يُسعفه وينقذه، ألتفت عندما سمع صوت خطواته ليشدُ على قبضة الباب : يبه أترجاك لا تقرب لها
رائد : أبعد عني
فارس : لآ ماراح أخليك تدخل!
رائد بحدة : قلت أبعد
فارس بتوسل : ماراح تدخل ولا اللي معك راح يدخلون عليها!
رائد : فارس!!! لاتعصبني .. قلت أبعد
فارس يُغلق الباب بالمفتاح ليضعه في جيبه وهو مازال يشدُ على الباب حتى وهو مقفل : يببه تكفى .. تكفى هذي أول مرة أطلب منك شي يخصني
رائد بهدُوء ينظر إليْه : طيب أبي أشوفها ! أبي أتأكد
فارس بغيرة لاذعة : لآ .. ماتشوفها
حمد الذي كان بجانبِ رائد أردف بنبرةٍ ساخرة: على فكرة دينك يقولك يجوز أبو الزوج يشوفها
رائد إبتسم في عزِ غضبه ليصفعه فارس بحقد وهو الذي يحتبس غضبه منذُ ساعاتٍ طويلة، كان لا بد أن يفرغه بوجهِ أيّ أحدٍ يقابله.
رائد : حمد أطلع . .
حمد بنبرة التهديد وهو خارج بعد أن أحمَّر خدِه الأيسر : طيب يا فارس
رائد : طيب .. الحين مع كامل الأسف راح تتصل على عبدالعزيز! بعطيك رقم زوجته المحترمة! وبتقول لعبدالعزيز بالحرف الواحِد : إما يجي بكرامته ولا عبير بتروح في خبر كان .. مفهوم ولا أعيد كلامي مرة ثانية ؟
فارس بوجَع يظهر في عينيْه التي تتوسلُ بكل شيءٍ : يبه .. تكفى بس هالمرَّة! الله يخليك سو فيني اللي تبيه بس أتركها
رائد بحدة : عرفت وش تقول!
فارس بضيق : يبه ما ينفع كذا!
رائد بصراخ : أجل وش اللي ينفع يا حضرة الإستاذ!! أنك تقابل ولد الكلب الثاني
فارس تعتلي نبرته : طيب أحبها! تبي تذبح ولدك معاها! أقولك أحبها ماأرضى عليها ليه ماتفهم! لمرة وحدة تنازل بشي عشان ولدِك اللي من لحمك ودمك
رائد : حبتك القرادة قل آمين .. الحين بتتصل ولا قسم بالله يا فارس تحلم تشوفها
فارس بخضوع يمدُ يدِه ليأخذ الهاتف الذي يرنُ على رقمِ رتيل.
في جهةٍ أخرى أستيقظت وهذا الحمل يجعلها تنام لساعاتٍ طويلة دُون أن تشعر، ألتفتت لتبحث بعينيْها عن أحدٍ، أتجهت نحو الحمام لتغتسل ودقائِق طويلة حتى خرجت وهي تسمع نغمة هاتف رتيل.
تقدمت إليه وهي قلقة من عدم وجود عبير ورتيل، نظرت للسماء التي تُشير إلى مغيب الشمس المتأخر في باريس، ردَّت على هاتفها ليصِل صوتُه الرجولي : ألو
ضي بربكة : هلا .. مين معاي؟
فارس : عطي الجوال عبدالعزيز
ضي : أنت مين ؟
فارس بهدوء : عطي الجوال عبدالعزيز
ضي : طيب أنت مين
فارس يُكرر عليها : عطي الجوال عبدالعزيز بسرعة
ضي : عبدالعزيز مو هنا! مين أنت ؟
فارس ينظر لوالده الذي يشير إليه بأن يقول لها : توصلين له هالكلام! لو يبي عبير حيَّة يجي بنفسه خلال 24 ساعة ولا يترحم عليها . . أغلقه.
على بُعدِ خطوات ناما بتعبٍ وإرهاق، نامت على السرير في حين هو نعس على الأريكة، فتح عينيْه وهو ينظرُ للساعة ليشتم نفسه من غرقه بالنوم في وقتٍ مثل هذا.
وقف لينتبه للورقة النائمة أسفل الباب، تقدَّم إليها وهو يفتح الظرف بهدُوء، ورقة بيضاء توسطها بالخط العريض " Ask Nasser Where is your sister? " – أسأل ناصر، أين أختك ؟ -
.
.
أنتهى نلتقي على خير.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم :$()
لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.
أستغفر الله العظيم وأتُوب إليْه
لا تشغلكم عن الصلاة
*بحفظ الرحمن.
|