كاتب الموضوع :
رباب فؤاد
المنتدى :
الارشيف
الحقيقة الخامسة عشر
إستجابت(سارة) بتخاذل لرنين جرس الباب، وعندما فتحته طالعها وجه(مليحة) البشوش والتي إبتدرتها قائلة بمرح يميزهاـ"أين كنت مختبأة منذ البارحة؟"
دعتها(سارة) للدخول في هدوء أثار إنتباه صديقتها التي سألتها بقلق ـ"ماذا بك يا(سارة)؟تبدين منهكة القوى. وماذا أَلَمَ بعينيك؟ إنهما متورمتان."
أشاحت(سارة) بوجهها بعيداً وهي تجيب في سرعة ـ"لا شيء... لقد قضيت ليلتي دون نوم أتابع أحد أبحاثي."
رفعت(مليحة) حاجبيها في دهشة قائلةـ" وهل تركك(باسل) بهذه البساطة؟"
أغلقت(سارة) باب المنزل وهي تجيب جارتها قائلةـ"(باسل) ليس هنا، إنه في معسكر تدريبي."
إرتفع أحد حاجبا(مليحة) عن رفيقه وهي تقول متفهمة ـ"أها...معسكر تدريبي. هذا يفسر الأمر إذاً."
ثم، وبخبث شديد، هتفت وهي تخبط جبهتها بباطن كفها قائلة كمن تذكرت شيئاً للتو ـ"ويحي. لقد هاتفه(بشر) على هاتفه المحمول أمس وتحادثا طويلاً. كيف نسيت هذا؟"
إلتفتت إليها(سارة) في سرعة وشحب وجهها وهي تصارع مشاعر شتى...مشاعر ندمها على ما إرتكبته في حق زوجها، وخوفها من أن يكون (بشر) و(مليحة) على علم بما حدث.
ترى ماذا ستظن بها صديقتها حينما تعلم بما قالت؟
كلا... إنها لن تخبر(مليحة) بأمر الخلاف مع زوجها، فلماذا تخاطر بفضح نفسها أمامهم؟
وبتلعثم سألت صديقتها وهي تصحبها إلى الداخل ـ"هل..هل تحادثا طويلاً حقاً؟"
مطت(مليحة) شفتيها الرقيقتين وهي تقول بلهجة الأخت الكبرى ـ"نعم. لقد تحادثا لما يقرب من نصف الساعة، و(باسل) كان حزيناً للغاية."
وبهدوء ربتت على كتف(سارة) وهي تتابع في حنان ـ"لو أنك حقاً تعتبرينني أختك هنا أخبريني هل كنت تقصدين ما قلته لـ(باسل)."
إزدردت(سارة) لعاباً وهمياً وهي تسألها بتوترـ"و..وماذا قال (باسل)؟"
تناولت(مليحة) كفا (سارة) بين راحتيها وجلستا متجاورتين وهي تقول بنفس الحنان ـ"حبيبتي... لقد كان(باسل) مجروحاً وبحاجة إلى صديق يفتح له قلبه، و(بشر) كان ذلك الصديق. وبصراحة، أنا لا أتصورك تقولين مثل ما سمعت."
إغرورقت عينا(سارة) بالدموع وهي تقول بصوت مختنق ـ" نعم قلته، وأتمنى لو كنت مت أو قُطع لساني قبل أن أتلفظ به...بل إني لا أدري كيف طاوعني لساني على قوله. فأنا أحب(باسل) حقاً وإحترامي له يزداد يوماً بعد يوم لأن كل ما يفعله يجبرك على إحترامه."
ثم شردت ببصرها بعيداً وهي تتذكر جملة معينة قالها(باسل) وتعيدها على مسامع جارتها قائلة من بين دموعها ونشيجهاـ" لقد قال لي(باسل) ذات مرة أن ’الحب الحقيقي لا أسباب له‘، وأنا بالفعل أحبه دون سبب واضح. أحبه كإنسان بغض النظر عن أية إعتبارات أخرى، بالرغم من أنني عرفت معه معنى الإخلاص والعطاء والتضحية. لقد ضحى بحلم أن يكون أباً من أجل أن أنجح أنا في دراستي وعملي. منحني حبه وحنانه خالصين دون أن ينتظر مني شيئاً في المقابل، ودون أن يطالبني بمبادلته مشاعره. لقد كان راقياً معي لأبعد مدى، بينما كنت أنا...لا أدري بماذا أصف نفسي."
ربتت(مليحة) على كفها وهي تتنهد في عمق قائلة ـ"لماذا قلت له ما قلت إذاً؟"
تزايد إنهمار الدموع من عيني(سارة) وهي تجيبها بحنق هاتفة ـ"غبية... أنا غبية..لقد أخطأت في حق(باسل) أكثر من مرة...لقد أهملت شؤونه وشؤون بيتنا حتى نفذ صبره وإنفجر غاضباً. لقد حاولت أن أمتص غضبه وأن أتماسك كيلا أثور أنا الأخرى، لكني مع الأسف الشديد فقدت أعصابي وتفوهت بما تناسيته منذ زواجي ب(باسل)."
إحتضنت(مليحة) صديقتها في حنان لتهدئ من روعها بعدما لاحظت إرتجافتها الواضحة، وقالت بثقة ـ"هوني عليك يا حبيبتي...الأزواج الجدد كثيراً ما يتشاجرون. المهم هو أن تبادري بالإعتذار."
كفكفت(سارة) دموعها وهي تبتعد عن كتف(مليحة) قائلة في سرعةـ" أنا على أتم إستعداد لذلك. المهم أين أجده؟ إنه لا يجيب إتصالاتي."
أضاء وجه(مليحة) بإبتسامتها الصافية وهي تقول ـ"سيذهب(بشر) إليه اليوم. يمكنك الذهاب معه إذا أردت.(باسل) يقيم الآن لدى صديقه الإنجليزي الذي قابلناه..اسمه...(مايك) على ما أعتقد."
تهللت أسارير(سارة) وهي تهتف بلهفة ـ" نعم..نعم. هو(مايك). كيف لم أفكر فيه من قبل؟ سأذهب الآن لتغيير ملابسي و..."
ضحكت(مليحة) وهي تراقب لهفة(سارة) الطفولية قبل أن تقول ـ"رويدك يا صديقتي.(بشر) مازال في عمله. سأخبرك متى تستعدين للذهاب معه."
إرتسم الإحباط على وجه(سارة) وهي تقول ـ"يااه...سأنتظر حتى يعود(بشر) من عمله...الله وحده يعلم كيف سيمر علي الوقت إلى أن أرى(باسل)."
ارتسمت إبتسامة جانبية على شفتي(مليحة) وهي تطمئن صديقتها قائلة ـ"لا تقلقي. سيمر سريعاً."
وجلست سارة في إنتظار أن يمر الوقت.
***********************
|