لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > رجل المستحيل
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

رجل المستحيل سلسلة رجل المستحيل


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-12, 07:25 AM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

الفصل الرابع

الفصل الرابع ... غموض

" لقد التقينا فى القرية النوبية المصرية ... اليس كذلك؟!..."..
ابتسم (هانز) ابتسامة عريضة، وهو يلقى هذا السؤال على (قدرى)، فى الطائرة التى تقلهما معاً إلى (باريس)، فالتفت إليه (قدرى) فى تساؤل، قبل أن يقول فى حذر:

- كنت تلتقط بعض الصور هناك، حسبما أذكر.
أجابه (هانز)، فى حماس مصطنع:
- بالضبط .
ثم أضاف، وهو يمد يده إليه :
- (هانز جريشن) ... أعمل كمصوَّر محترف، لمجلة (ناشيونال جيوجرافيك) الأمريكية .
صافحه (قدرى)، وهو يجيب بنفس الحذر:
- (قدرى) ... فنان من (مصر).
واصل (هانز)، بنفس الحماس المصطنع:
- رائع ... إنها المرة الأولى، التى التقى فيها فناناً مصرياً ... فى أى مجال تخصصت إذن؟!
أجابه (قدرى) فى اقتضاب، محاولاً إنهاء الحديث:
- فن الخط .
حاول (هانز) مواصلة الحديث، وهو يقول:
- أترى أنه فن مناسب لهذا العصر، بعد إبداعات الكمبيوتر فى هذا المجال؟!
أجاب (قدرى) بنفس الاقتضاب، وهو يشيح بوجهه نحو النافذة:
- نعم .
أدرك (هانز) أن (قدرى) لا ينوى مواصلة الحديث، فربت على كتفه، قائلاً:
- سعيد بلقائك يا سيد (قدرى).
ثم اعتدل فى جلسته، مخفياً ابتسامة ظافرة على شفتيه ...
لقد أدّى دوره فى نجاح، وغرس ذلك الدبوس الدقيق فى سترة (قدرى) ...
فعبر ذلك الجهاز الأليكترونى بالغ الدقة فيه، أصبح من الممكن تعَّقب (قدرى)، وسماع كل أحاديثه، فى أى مكان إليه ...
أياً كان ...
* * *
لم يصدَّق رجل المخابرات المصرى ما رأته عيناه، عندما استعاد وعيه، على ذلك الرصيف الهادئ، فى ميناء مارسيليا ...
لقد تلقى ضربتين، فقد على إثرهما وعيه، وكان من الطبيعى أن يسيطر مهاجميه على الموقف كله...
ولكن ما يراه كان يوحى بالعكس تماماً ...
ذلك الشيخ الغجرى كان يجلس فى موضعه كما هو، وإن ارتسمت على وجهه علامات دهشة وفزع واضحة ...
وعلى بعد خطوات منه، سقط رجل فاقد الوعى ...
وعلى مسافة ثلاثة أمتار، سقط رجل آخر، فى الوضع نفسه ...
وفى دهشة، نهض رجل المخابرات المصرى، يسأل الشيخ الغجرى:
- ماذا حدث؟!
أجابه الرجل، فى ذهول عجيب:
- إله الغجر .
انعقد حاجبا رجل المخابرات المصرى، مع غرابة الإجابة، وهو يقول فى توتر:
- لا يوجد إله للغجر، وإله لغيرهم يا رجل ... هناك إله واحد للكون كله.
مال الشيخ نحوه، وهو يقول بنفس الذهول:
- ولكننى رأيته ... هبط لينقذك وينقذنى.
سأله رجل المخابرات فى صرامة:
- ماذا حدث بالضبط يا رجل؟!
قلب الشيخ كفيه عدة مرات، قبل أن يشير إلى أحد الرجلين فاقدين الوعى، قائلاً:
- كان هذا يصوَّب سلاحه إلىَّ، أما الآخر، فكان يهم بإطلاق النار على رأسك، عندما هبط هو عليهما كصاعقة أنجبتها السماء.
بدت الحيرة على وجه رجل المخابرات المصرى، وهو ينقل بصره بين الرجلين فاقدى الوعى، فى حين تابع الشيخ، وكأنه يصف مشهداً أسطورياً:
- لم تستطع عيناى متابعة ما حدث ... لقد حاولا المقاومة، ولكنه أطاح بهما بسرعة مدهشة، وبقبضتين أشبه بالقنابل، ثم انحنى بعدها يفحصك، قبل أن يبتسم فى وجهى، قائلاً: " جوزى ترسل تحياتها..."
عاد رجل المخابرات المصرى يعقد حاجبيه، وهو يغمغم:
- (جوزى)؟!
رفع الشيخ يده إلى أعلى، وهو يقول فى خشوع:
- هى أرسلته ... مازالت ترعانا، كما كانت تفعل وهى بيننا.
قال رجل المخابرات المصرى فى عصبية:
- ماذا تقول يا رجل؟!... لست أفهم شيئاً مما تعنيه!
خفض الشيخ بصره إليه، وقال:
- (جوزى) كانت تداوينا دوماً، ولا تتردَّد فى الانتقال من مكان إلى آخر، استجابة لمن يطلبها.
سأله رجل المخابرات فى اهتمام:
- كما سافرت إلى (مصر) ؟!..
حدًَّق الشيخ فى وجهه لحظات، قبل أن يلوَّح بيده، قائلا:
- (جوزى) لم نسافر إلى خارج (فرنسا)، حتى آخر يوم فى حياتها.
امتزجت الدهشة بالتوتر، فى ملامح رجل المخابرات المصرى، وهو يقول:
- ما الذى تعنيه بالضبط يا رجل؟!
عاد الشيخ يميل نحوه، وهو يقول:
- (جوزى) لم تعد بيننا ... لقد فاضت روحها، منذ ما يزيد عن العام ...
وتراجع رجل المخابرات المصرى فى حركة حادة ...
فما يقول ذلك الشيخ لم يكن يتفق مع كل ما لديه من معلومات ...
على الإطلاق ...
* * *
" مستحيل !...."
هتف مدير المخابرات المصرية بالكلمة فى ذهول، عندما قرأ عليه نائبه تلك البرقية العاجلة، التى وصلت من (مارسيليا)، والتقطها من يده يطالعها بنفسه مرة أخرى، قبل أن يقول:
- ماذا إذن عما لدينا من معلومات؟!... وماذا عن قوائم الوصول، التى تحمل بيانات جواز سفرها ...
أجابه نائبه فى تردَّد:
- البيانات تحمل اسم (جوزفين نابليون) وصورة إمرأة عجوز، مع مراعاة أن أحداً منا لا يعرف فعلياً كيف تبدو ... سيادة العميد وحده رآها، ولم يرها أحد منا .
انعقد حاجبا المدير، وهو يقول:
- وماذاعن قاعدة البيانات الفرنسية؟!
أجابه على الفور، وكأنه كان ينتظر السؤال:
- السفارة الفرنسية تعاونت معنا كثيراً فى هذا الشأن، وعلمنا أنه توجد اثنتى عشرة أمرأة فرنسية، تجاوزت السبعين من عمرها، وتحمل الاسم نفسه، وتلك التى توافقت بياناتها، مع بيانات جواز السفر لدينا، لا تنتمى فعلياً لعالم الغجر، بل هى زوجة لتاجر نبيذ قديم فى (ليل).
تراجع مدير المخابرات فى مقعده، وقد ازداد انعقاد حاجبيه، وراح يفكَّر فيما سمعه فى اهتمام شديد، فى حين أبرز نائبه ورقة أخرى، وهو يقول:
- لم يكن هذا وحده ماوردنا من (مارسيليا)، فرجلنا هناك تعرَّض لهجوم مجهول، والتقرير الذى أرسله، يحوى تفاصيل مثيرة للاهتمام.
وضع الورقة أمام المدير، الذى التهمها بعينيه فى سرعة، ثم اعتدل فى حركة حادة، وهو يقول بكل الانفعال:
- ما الذى يعنيه هذا ؟!
غمغم نائبه فى حذر:
- القتال الذى وصفه ذلك الغجرى الشيخ، يشبه كثيراً أسلوب ..
قاطعه المدير بنفس الافعال، مكملاً:
- (ن-1) .
أومأ النائب برأسه إيجاباً، مغمغماً:
- بالضبط .
التقت نظراتهما، حاملة نفس الدهشة الحائرة، والتى اتفقت على أن ما يحدث هو بالفعل غامض وعجيب ...
للغاية ...
* * *
فجأة، وعلى الرغم من الخطط، التى رسمها فى ذهنه، طوال رحلته، من (القاهرة) إلى (باريس)، شعر (قدرى) بحيرة كبيرة، وهو يقف خارج مطار (أورلى) ...
لقد قاده حماس البحث عن (أدهم) و(منى) إلى هنا ...
فما هى الخطوة التالية ؟!..
وقف مرتبكاً، حاملاً حقيبة الصغيرة، يتلفَّفت حوله فى حيرة، عندما سمع صوت (هانز) من خلفه يقول:
- سيَّد (قادر) ... هل تحب أن أوصلك إلى أى مكان؟!
انعقد حاجبى (قدرى)، وهو يقول:
- (قدرى) ... اسمى (قدرى)، وأشكرك ... لدى خطط قد لا تتفق مع مسارك.
حجب (هانز) ابتسامة ساخرة فى أعماقه، وهو يلوَّح بيده، قائلاً:
- فليكن ... اتعشَّم ان يجمعنا لقاء آخر، أيها الفنان المصرى.
أجابه (قدرى) بإيماءة خفيفة مقتضبة من رأسه، قبل أن يشيح بوجهه، مغمغماً:
- والأن ماذا عليك أن تفعل يا (قدرى)؟!... هل تستقل القطار مباشرة إلى (مارسيليا)، أم ...
قاطعه صوت يتحَّدث إليه بالإسبانية، فى حماس شديد، فالتفت إلى رجل خمرى البشرة، كث الحاجبين، كثيف الشعر، راح يلوَّح له بيديه، وهو يواصل حديثه بالإسبانية بنفس الحماس، فانعقد حاجبى (قدرى)، وهو يقول:
- لست أفهم الإسبانية يا رجل .
قالها بالفرنسية، التى يجيدها إلى حد كبير، فارتفع حاجبى الرجل الكثين، وهو يقول:
- عجباً ... لقد بدوت لى اسبانياً يا مسيو ...
أشاح (قدرى) بوجهه، وهو يغمغم:
- كلا ... لست كذلك .
قال الرجل فى مرح:
- ولكنك تجيد الفرنسية، وهذا سيجعل الأمور أيسر.
عاد (قدرى) يلتفت إليه، متسائلاً:
- أية أمور؟!
أشار الرجل إلى سيارة من سيارات الأجرة، تقف على مقربة، وهو يقول:
- أنت تبحث عن تاكسى .. اليس كذلك؟!... أنا (ريو) ... ملك سائقى التاكسى فى (باريس) ... أخبرنى فقط أين تريد الذهاب، وستجد الملك رهن إشارتك.
عاد (قدرى) يشيح بوجهه، قائلاً:
- لست أظن هذا ... لن أذهب فعلياً إلى اى مكان فى (باريس).
هتف (ريو) فى حماس:
- وماذا فى هذا؟!... الملك سيظل رهن إشارتك ... هل ترغب فى الذهاب إلى (كاليه) ....(ليل)؟!
التفت إليه (قدرى)، يتأمله لحظات، قبل ان يقول فى حذر:
- وماذا عن (نارسيليا)؟!
بدا (ريو) مسرحياً، وهو يلوَّح بيديه، هاتفاً:
- (مارسيليا) ... عروس البحر .. كم سيسعدنى أن أقلك إليها يا مسيو.
ثم مال نحوه فجأة، مستدركاً فى حذر:
- لو أنك ستتعامل بسخاء بالطبع .
أجابه (قدرى)، وهو يتامله مرة أخرى، فى اهتمام شديد:
- ستحصل على كل ما تبتغيه .
هتف (ريو)، بنفس الاسلوب المسرحى:
- عظيم ... (ريو) سينطلق بك إلى الجنة لو أردت، مادمت بهذا السخاء.
لم ينتبه (قدرى لعبارته الأخيرة، وهو يعاود تأمله بكل الدقة ...
بشرة خمرية ...
حاجبان كثّان ...
شعر كثيف ...
أوقف تفكيره دفعة واحدة، وهو يعتدل فى وقفته، ويقول فى بطء، متابعاً (ريو)، وهو يحمل حقيبته الصغيرة إلى السيارة:
- هل سننطلق فوراً يا ....(أدهم)؟!
ضغط حروف اسم (أدهم) فى قوة، فتوَّقف (ريو) دفعة واحدة، واستدار إليه فى بطء...
والتقت عيونهما ...
مباشرة ...
* * *
" لن يكون الأمر أبداً بهذه السهولة ..."...
قالتها ذات اليد الناعمة، فى هدوء واثق، جعل (تيا) تعقد حاجبيها، قائلة، فى شئ من الحدة:
- ولن يكون مستحيلاً أيضاً ... الرجال توصلوَّا إلى شيخ غجرى، يقال أنه كان أقرب صديق لـ (جوزى) هذه، ولكنهم تعرضوَّا لهجوم عنيف، أفقدهم الوعى، وعندما استعادوا وعيهم، لم يجدوا له أدنى أثر.
مطَّت ذات اليد الناعمة شفتيها فى ازدراء مستنكر، وهى تقول:
- أغبياء .
ثم استطردت فى حزم:
- ولكننى كنت واثقة منذ البداية، ان العثور على (أدهم) وزوجته، لن يكون بالأمر السهل؛ لأننا نتعامل مع محترف من طراز متميَّز جداً، يجيد انتحال أية شخصية يريدها، ولديه سعة حيلة، تكاد تكون مذهلة.
قالت (تيا)، فى سخرية عصبية:
- تتحدَّثين عنه، كما لو كان أسطورة.
اجابتها فى حزم:
- إنه كذلك بالفعل.
بدا الغضب على وجه (تيا)، وهى تقول:
- لو أنه كذلك، لما أمكننى الوصول إلى قلب حفل زفافه، و ...
قاطعتها فى صرامة:
- هل سنواصل الحديث عن انتصارك هذا إلى الأبد؟!
أشاحت (تيا) بوجهها فى غضب محنق، تجاهلته ذات اليد الناعمة تماماً، وهى تضغط زراً إلى جوارها، قائلة:
- دعينا نستمع اوَّلاً إلى إذاعتنا المحلية الخاصة.
مع ضغطة الزر، انبعث صوت (قدرى)، وهو يقول:
- هل سننطلق فوراً يا ... (أدهم)؟!
انعقد حاجبا (تيا) فى شدة، فى حين اعتدلت ذات اليد الناعمة فى حركة حادة، هاتفة فى انفعال:
- (أدهم)؟!
غمغمت (تيا)، فى انفعال مماثل:
- إذن فهو حى بالفعل.
مضت لحظات من الصمت، قبل ان ينقل جهاز الاتصال الدقيق، فى سترة (قدرى)، صوت (ريو)، وهو يقول فى حيرة:
- لم أفهم عبارتك جيَّداً يا مسيو .
أجابه (قدرى) فى هدوء، باللغة العربية:
- تنكَّرك لم يخدعنى يا صديقى.
وحيث يجرى هذا الحوار، بدت حيرة أكبر، على وجه (ريو)، وهو يسأل فى تردَّد:
- ألغة عبرية هذه؟!
مال (قدرى) نحوه، وابتسم وهو يهمس بالعربية:
- فليكن ... سنحافظ على سرية هويتك هنا، ولكن عندما نكون وحدنا ...
بتر عبارته دفعة واحدة، مع ذلك المزيج من الدهشة والتوتر والحيرة، والذى بدا طبيعياً تماماً، وهو يرتسم على وجه السائق الفرنسى، فحَّدق فيه (قدرى) لحظة، وهو يغمغم متوتراً:
- رباه! ... هل ...
مرة اخرى لم يتم عبارته، وهو يمد يده فى حذر، ليجذب شعر (ريو) الكثيف، فتأوَّه هذا الأخير فى ألم، وتراجع هاتفاً:
- مسيو ؟!
وتراجع (قدرى) أيضاً فى عصبية، عندما بدا له من الواضح ان الشعر طبيعى للغاية، وحدَّق فى حاجبى (ريو) الكثين، وهو يغمغم بالفرنسية:
- معذرة، ولكننى تصوَّرت لحظة أن ...
مرة ثالثة لم يكمل عبارته، فسأله (ريو) فى حذر:
- أن ماذا يا مسيو؟!
واصل (قدرى) التحديق فيه لحظة، قبل أن يلوَّح بيده، قائلاً:
- أن هذا الشعر مستعار؛ فأنا خبير فى تصفيف الشعر، ولم أر يوماً شعراً بهذه الكثافة.
اعتدل (ريو)، وهو يجذب شعره فى قوة، قائلاً فى زهو:
- إنه إرث عائلى يا مسيو ... والدى وجدى مازالاً يتمتعان بشعر كثيف، فى هذه المرحلة من العمر.
أشار (قدرى) إلى حاجبيه، متسائلاً فى حذر:
- والحاجبان الكَّثان أيضاً؟!
مال (ريو) نحوه، وهو يجذب أحد حاجبيه الكثين، قائلاً فى افتخار:
- إنها سمات الملوك يا مسيو.
أومأ (قدرى) برأسه فى يأس، مغمغماً:
- بالتأكيد .
تطلع إليه (ريو) لحظات فى حيرة، قبل أن يشير إلى السيارة، قائلاً:
- هل ننطلق إلى (مارسيليا) مباشرة، أم انك تفضَّل تناول أفضل حساء ضفادع، فى (باريس) أوَّلاً.
زفر (قدرى)، وهو يشعر بحالة الإحباط، التى تعقب دوماً تصوَّر المرء أنه قد حسم مشكلة كبيرة، ثم تبين له خطأه، وقال فى ضيق:
- إلى (مارسيليا)... الطعام يمكن أن ينتظر .
رفعت ذات اليد الناعمة عينيها إلى (تيا)، عندما بلغ الحوار هذه المرحلة، فقالت هذه الأخيرة فى توتر:
- هل ما سمعناه هو الحقيقة، أم أنهما يعبثان بنا؟!
انعقد حاجبا ذات اليد الناعمة، وهى تقول:
- لا يمكن حسم مثل هذا الأمر، عبر أصواتهما فحسب.
ثم اكتسى صوتها بالصرامة، وهى تضيف:
- فليبحث الرجال، فى قاعدة البيانات الفرنسية، عن سائق من أصول لاتينية، يحمل أسم (ريو)، وله هذه المواصفات.
نهضت (تيا)، قائلة فى حزم:
- سأفعل هذا بنفسى فوراً.
أشارت ذات اليد الناعمة بسَّبابتها، قائلة بكل صرامة:
- كَّلا .
التفتت إليه (تيا) فى تساؤل، فأضافت فى حزم:
- الرجال سيفعلون ... أما أنت، فلديك مهمة أخرى، تناسب مواهبك وخبراتك القديمة.
غمغمت (تيا):
- أية مهمة.
مالت ذات اليد الناعمة نحوها، وهى تجيب بكل الحزم:
- مهمة فرنسية.
وكان هذا يعنى دخول طرف جديد، فى سباق البحث عن بطلنا...
طرف شديد الخطورة...
للغاية ...
* * *
شدَّ رجل المخابرات المصرى فى (مارسيليا) قامته، وهو يقف أمام مدير مكتب المخابرات فى (باريس)، وهذا الأخير يسأله فى اهتمام:
- وكيف توَّصلتم إلى ذلك الشيخ الغجرى بالضبط؟!
أجابه رجل المخابرات المصرى على الفور:
- تحرياتنا حول (جوزى)، لم تسفر إلا عن صداقتها الكبيرة لذلك الشيخ، الذى يستقر دوماً على رصيف ذلك الميناء التجارى فى (مارسيليا)، وكان من الطبيعى أن أذهب إليه.
عقد مدير مكتب مخابرات (باريس) حاجبيه، وهو يقول:
- لو أن التحريات لا تقود لسواه، فهذا يفسًَّر لماذا سعى مهاجميك أيضاً إليه.
وصمت لحظة، ثم أضاف فى حزم:
- ولكنه لا يفسَّر بحثهم عن (جوزى)، فى هذا التوقيت بالذات !
قال ضابط المخابرات المصرى فى بطء:
- أخشى أن هذا قد يعنى وجود تسَّرب فى المعلومات يا سيدَّى.
عقد مدير المخابرات فى (باريس) حاجبيه أكثر، وهو يقول:
- تسَّرب المعلومات من الجهاز أمر مستبعد للغاية.
هزَّ ضابط المخابرات كتفيه، وقال:
- ليس من الضرورى أن يأتى التسَّرب من الجهاز؛ فالسيد ( قدرى) لم يأت إلى (فرنسا)، كما أبلغونا، إلا لو أنه هناك معلومة، تقوده أيضاً إلى (جوزى) تلك.
تراجع مدير مكتب (باريس) فى مقعده، وأمسك ذقنه بيده لحظات مفكَّراً، قبل أن يعتدل قائلاً:
- وكيف نتيقَّن من أن (جوزى) هذه قد لقيت ربها بالفعل؟!
أجابه فى سرعة:
- أننا نبحث فى سجلات الوفيات، فى ميناء (مارسيليا)، خلال العامين السابقين.
هزَّ مدير المكتب رأسه، قائلاً:
- الغجر لا يتقيَّدون بهذه الرسميات ... وفى كثير من الأحوال، يفضلون دفن موتاهم فى نفس المكان الذى يعيشون فيه .
قال رجل المخابرات فى اهتمام:
- لقد وضعنا هذه المعلومة فى الاعتبار يا سيَّدى، وعلمنا أنه توجد ثلاث تجمعَّات للغجر، حول (مارسيليا)، ورجالنا يقومون الآن بالتحرَّى فيها كلها.
عاد مدير المكتب يمسك ذقنه مفكَّراً، وهو يغمغم، وكأنه يحَّدث نفسه :
- الأمر كله عجيب، ويمتلئ بالغموض بالفعل، فلو أن (جوزى)، التى تعامل معها سيادة العميد، والتى داوت جراحه فى (مارسيليا)، قد لقيت حتفها منذ زمن ليس بالقريب بالفعل، فمن تلك التى سافرت إلى (مصر) برعاية مؤسسة (أميجو)؟!
أشار رجل المخابرات بيده، قائلاً:
- التقارير الواردة من (مصر) حدَّدت هويتها، وساذهب بنفسى لمقابلتها، ومعرفة ما الذى كانت تفعله فى (مصر) .
أومأ مدير المكتب برأسه، وقال:
- لو انها ليست (جوزى)، التى نبحث عنها، فسيكون لديها تفسير مقنع لكل هذا.
غمغم رجل المخابرات:
- أتعشَّم ذلك.
كان مدير مكتب مخابرات (باريس) يهم بقول شئ آخر، عندما ارتفع فجأة رنين هاتفه الخاص، فالتقطه بسرعة، وهو يقول:
- هل من جديد؟!
انعقد حاجباه لحظة، ثم ارتفعا فى دهشة واضحة ...
كان من الواضح انه يتلَّقى معلومة خطيرة وغير متوَّقعة ...
على الإطلاق.
* * *

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 10-03-12, 08:51 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 237069
المشاركات: 1
الجنس أنثى
معدل التقييم: rose ranoosh عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
rose ranoosh غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

جميلة حدا و فى انتظار التكملة

 
 

 

عرض البوم صور rose ranoosh   رد مع اقتباس
قديم 10-03-12, 10:37 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

الفصل الخاامس وصلل

الفصل الخامس ... مطاردة

منذ اللحظة الأولى، لدخوله مكتب مدير المخابرات المصرية، لاحظ نائبه، أن هذا الاخير يضع أمامه الملف الضخم لـ(أدهم صبرى)، والذى يمكن لأى رجل مخابرات مصرى تمييزه فى سهولة؛ لعدد صفحاته الهائل، الذى يفوق ملفات جميع ضباط المخابرات المصرية بكم ملحوظ؛ لذا فهو لم يندهش، عندما بادرة الوزير فى اهتمام بالغ، فور دخوله:
- المفترض أنه لدينا قائمة كاملة، بأسماء كل العاملين فى مؤسسة (أميجو) ... أليس كذلك؟!
أومأ النائب برأسه إيجاباً، فى حذر لم يدر هو نفسه سببه، فتابع المدير، دون ان يمنحه فرصة الجواب:
- أريد إدراج الأسماء كلها فى كمبيوتر المتابعة؛ لمعرفة ما إذا كان أحدهم قد وصل إلى (مصر)، عبر أية دولة، خلال الأشهر الأربعة الماضية.
أجابه النائب فى سرعة:
- سيتم هذا فوراً يا سيادة الوزير.
ثم سأله فى اهتمام:
- أهناك شكوك، فى أن يكون أحدهم هنا؛ لمتابعة شئ ما؟!
هزًَّ المدير رأسه نفياً، وقال:
- بل لدى شكوك فيما بعد هو أكبر من هذا.
اعتدل النائب فى تساؤل، فتابع المدير، وهو يشير بيده:
- فى الواقع، انا اعتقد أن (ن-1) يمكنه الدخول إلى (مصر)، والخروج منها، بجواز سفر أحد العاملين فى مؤسسته.
ارتفع حاجبا النائب فى دهشة، وهو يقول:
- ولماذا يفعل؟!
أشار المدير بيده مرة أخرى، مجيباً:
- ستجد عشرات الأسباب لهذا.
صمت النائب لحظات مفكًَّراً، قبل أن يتساءل:
- وماذا عن فحص البصمات؟!
أجابه المدير فى حسم:
- لم نتبع هذا الأسلوب فى مطاراتنا بعد، ثم أن (ن-1) محترف، ويدرك جيداً أن الرقائق المطاطية، للبصمات المختلفة، لم يعد انتاجها حكراً على أجهزة المخابرات، بعد تطوًَّر آلات الحفر الليزرى الدقيقة، فى هذا العصر.
صمت نائبه لحظات أخرى، قبل أن يقول فى حزم:
- فليكن ... سنؤجل البحث عن الأسباب لما بعد، وسنقوم فوراً بتغذية كمبيوتر المتابعة، بكل تلك الأسماء، وبعدها سنرى .
تراجع المدير فى مقعده، وهو يقول:
- نعم ... سنرى.
ولم يفصح عما يتوقعه ...
أبداً...
* * *
" ماذا تفعل بالضبط؟!..."
هتف (قدرى) بالعبارة فى توتر، عندما انحرف (ريو) فجأة عن الطريق الرئيسى، إلى طريق فرعى ضيق، يمر عبر المزروعات، فأجابه هذا الأخير فى اهتمام، وهو يتطلع إلى مرآة السيارة الداخلية:
- إنه طريق مختصر.
هتف به (قدرى)، وهو يعتدل فى مقعده بعصبية:
- ومن أخبرك أننى أريد اتخاذ طريق مختصر؟!
أجاب (ريو) فى حزم:
- تلك السيارة التى تتبعنا.
حاول قدرى أن يلتفت فى سرعة؛ ليرى تلك السيارة، فهتف به (ريو) فى حسم:
- لا تنظر خلفك؛ حتى لا يدركوا أننا قد كشفنا أمرهم.
لمح (قدرى) بطرف عينه تلك السيارة رباعية الدفع، والتى انحرفت خلفهم، فى ذلك الطريق الضيق، فقال فى توتر:
- وكيف أدركت هذا؟!... السائق العادى لا يدرك هذا فى سهولة !!..
أجابه (ريو)، وهو يزيد من سرعة السيارة، وينطلق بها فى مهارة غير عادية، عبر الطريق الضيق:
- ومن أخبرك أننى سائق عادى؟!... أنا (ريو)، ملك سائقى التاكسى ... ليس فى (باريس) وحدها، ولكن فى (فرنسا) كلها ... بل وربما فى (أوروبا)، و...
قاطعه (قدرى)، فى عصبية:
كف عن تفاخرك هذا، وأخبرنى كيف لاحظتها .
أجابه (ريو)، وهو يواصل الانطلاق بنفس البراعة، مراقباً السيارة الاخرى، فى مرآة صالون سيارته، والتى لم يقل سائقها براعة عنه:
- لقد شككت فى أمرها فحسب فى البداية، ولكننى صرت واثقاً من هذا، عندما تبعتنا إلى هنا .
ونقل بصره إلى (قدرى)، وهو يضيف فى شك:
- ثم أننى أجهل من أنت، ولماذا رغبت فى الذهاب إلى (مارسيليا) فور وصولك إلى (باريس).
هتف به (قدرى)، وعصبيته تتزايد:
- ليس هذا من شأنك .
اجابه (ريو)، فى شئ من الصرامة:
- خطأ .. لقد صار من شأنى، عندما طاردت تلك السيارة سيارتى، التى لا أملك سبيلاً للرزق سواها، ولو أن رجال تلك السيارة من رجال العصابات، فقد يطلقون النار، ويتلفون سيارة الملك .
لم ترق إجابته لـ (قدرى)، فتجاهل نصيحته، واستدار بجسده الضخم كله، يلقى نظرة على السيارة المطاردة، وهو يقول فى عصبية زائدة:
- السؤال هو: هل يطاردوننى انا، أم يطاردونك أنت؟!
انعقد حاجبا (ريو)، وهو يقول فى غضب:
- ولماذا يطاردوننى انا؟!... (ريو) صديق الجميع .
أجابه (قدرى)، وهو يحاول أن يتبيًَّن هوية قائد السيارة المطاردة:
- ولا أحد يعلم أننى هنا، فى الوقت ذاته .
هتف (ريو)، وهو يحاول زيادة سرعة سيًَّارته:
- وهى ليست مصادفة حتماً !!..
كان يمتلك مهارة كبيرة فى القيادة، ولقد أحنقه أن قائد السيارة المطاردة كان أكثر منه مهارة، حتى أن المسافة بينهما راحت تقل فى سرعة، حتى صارت السيارة المطاردة على قيد امتار قليلة منه، فانعقد حاجبا (قدرى) فى شدة، وهو يقول فى صرامة:
- أوقف السيارة.
ارتفع حاجبا (ريو) فى دهشة، وهو يقول مستنكراً:
- أوقف ماذا؟!
صاح به (قدرى) فى حدة:
قلت: أوقف السيارة .
لم يكن (ريو) يرغب حقاً فى هذا، إلا أنه ضغط فرامل سيارته فى رفق، على نحو أضاء مصابيح التوًَّقف الخلفية، فخفف مطارده سرعته بدوره تدريجياً، حتى توقفت السيارتان فى ذلك الطريق الضيق ...
وفور توقفهما، فتح (قدرى) باب السيارة المجاور له، وغادرها ليقف إلى جوارها، وهو ينظر إلى مطارده متحدياً...
وعبر نافذة السيارة الجانبية، لمح (ريو) قائد السيارة الأخرى يغادرها بدوره ...
وانعقد حاجباه فى شدة ...
فالطريقة التى وضع بها المطارد يده داخل سترته، كانت توحى بانه سينتزع مسدسه ...
وهذا ينطوى على الخطر ...
كل الخطر ...
* * *
لم تستغرق المسافة، من حيث تقيم ذات اليد الناعمة، إلى (باريس)، وقتاً طويلاً، بتلك الطائرة الخاصة، التى نقلت إليها الصينية الحسناء (تيا)، والتى لم تكد تصل إلى هناك، حتى كان فى استقبالها ثلاثة من رجالها، سألتهم فور رؤيتهم :
- من يتبع الهدف الآن؟!
أجابها أحدهم فى سرعة:
- (تسو) يتبع سيارته، و(فرانسوا) ينتظر وصوله إلى (مارسيليا) .
سألتهم فى صرامة، وهى تستقل السيارة التى أحضروها:
- ومن صاحب تلك الفكرة الحمقاء، فى مهاجمة المصرى، على رصيف ميناء (مارسيليا)؟!
ارتبك أحدهم، وهو بقول:
- كانت الأوامر أن نعثر على (جوزى) تلك، و ...
قاطعته فى حدة:
- غبى ...
ثم جذبته من قميصه فى عنف، مستطردة فى غضب شرس :
- مبادرتك الحمقاء كشفت لهم، أننا نسعى خلف هدف، يسعون هم أنفسهم إليه، وستدفعهم إلى التساؤل، عن السر وراء هذا، فى نفس توقيت بحثهم، وسيدركون أنه لدينا وسيلة؛ لمعرفة خطواتهم التالية، ولأنهم محترفون، فقد نفقد هذه الوسيلة، ونفقد معها نقطة من نقاط تفوًَّقنا .
امتقع وجه الرجل، وهو يقول مضطرباً:
- لقد تصوًَّرت أن ...
قبل أن يتم عبارته، انتزعت من حلية حزامها إبرة رفيعة طويلة، غرستها فى عنقة، فى سرعة مدهشة، فاتسعت عيناه عن آخرهما، فى رعب وألم، وحدًَّق فيها فى ذهول، فاعتدلت فى مجلسها فى هدوء، وهى تقول فى ازدراء:
- لا مجال للأغبياء وسط صفوفنا.
عقدت المفاجأة لسان الرجلين الآخرين، ولم ينبس أحدهما ببنت شفة، على الرغم من اتساع عيونهما فى ارتياع ذاهل، فى حين احتقن وجه ذلك الذى غرست إبرتها فى عنقه، وحاول انتزاع الإبرة، ولكن جسده كله أصابه تشنًَّج عجيب، وزاغت عيناه لحظة، قبل أن يسقط رأسه، وينطلق من حلقه خوار عجيب، ثم تهمد حركته تماماً، ويتراخى جسده، وعيناه مازالتا مفتوحتين، وإن غاب منهما بريق الحياة، وارتسم فيهما رعب وألم بالغين ...
وفى هدوء وحشى، انتزعت (تيا) إبرتها الرفيعة من عنقه، والتقطت منديلاً ورقياً، مسحت به الدماء التى علقت بها، ثم أعادتها إلى حزامها، وهى تقول للآخرين:
- أيقظانى عندما نصل إلى (مارسيليا).
وأزاحت رأس الرجل بعيداً، وهى تسترخى فى مقعدها، مستطردة فى صرامة آمرة:
- وتخلًَّصا من جثة هذا الغبى، عند أوًَّل منطقة خالية .
وارتجف شئ ما فى كيان الرجلين، عندما تركت جسدها يسترخى، وأسبلت جفنيها فى هدوء، و...
ونامت ...
* * *
" ما معنى هذا بالضبط؟!..."..
قالها (قدرى) بالعربية، فى غضب صارم، وهو يواجه قائد سيارة المطاردة، والذى أخرج يده من جيب سترته، وهى تحمل بطاقة هويته، مجيباً أيضاً بالعربية:
- (نادر عبد الجليل)، من السفارة المصرية فى (باريس).
أجابه (قدرى) بنفس الغضب:
- أعلم هذا جيًَّداً، منذ رأيت وجهك، عندما اقتربت من السيارة التى أستقلها، وسؤالى مازال سارياً ...ما معنى هذا بالضبط؟!.
أجابه (نادر)، وهو يعيد بطاقته إلى جيبه:
أنا هنا لحمايتك يا سيًَّد (قدرى)، بناءً على أوامر (القاهرة).
قال (قدرى) فى حنق:
- ومن قال إننى بحاجة إلى الحماية؟!.... ثم كيف علموا أننى هنا؟!
خرج (ريو) من السيارة فى هذه اللحظة، وهو يشير إلى (نادر)، ويسأل (قدرى) فى توتر:
- مسيو ... هل تعرفه؟!
نقل (نادر) عينيه إليه فى حذر، وتحسًَّس مسدسه فى تحفًَّز، فقال (قدرى) فى صرامة، دون أن يلتفت:
- عد إلى السيارة يا (ريو).
تردًَّد (ريو) لحظة، سأل (نادر) (قدرى) خلالها فى قلق:
- دعنى أكررًَّ سؤاله عليك ... هل تعرفه؟!
أشار (قدرى) بيده، وهو يقول فى حدة:
- دعك منه، وأجب سؤالى أوًَّلاً.
نقل (ريو) بصره بينهما فى حذر، ثم هزًَّ كتفيه، وعاد إلى السيارة، فى حين أجاب (نادر)، دون أن يبعد يده عن مسدسه:
- ليست لدى إجابه لسؤاليك فى الواقع يا سيًَّد (قدرى)؛ فأنا أتلقى الأوامر من (القاهرة) وأعمل على تنفيذها على أكمل وجه دون مناقشة، وفقاً لقاعدة العمل، التى تدركها جيداً مثلى.
أشار (قدرى) إلى سيارة (ريو)، قائلاً فى غضب:
- وهل تسمى هذا تنفيذاً على أكمل وجه؟!... لقد كشف أمرك سائق سيارة عادى.
ابتسم (نادر) فى ثقة، وهو يقول:
- هذا لأننى تعمًَّدت هذا يا سيًَّد (قدرى).
انعقد حاجبا (قدرى)، وهو يقول فى دهشة:
- تعمًَّدت هذا؟!.... أين تعلًَّمت أصول المهنة يا رجل؟!
أجابه (نادر) بنفس الثقة:
- تعلمًَّت بعضها منك شخصياً يا سيًَّد (قدرى)، ولعلك لهذا تعرًَّفتنى فور رؤيتى ... ولقد كنت أنت المسئول عن إثارة شكوكى؛ عندما راقبتك، عند وصولك إلى (باريس)، وأنت تجذب شعر هذا السائق، قبل أن تستقل سيًَّارته.
غمغم (قدرى):
- كانت لدى بعض الشكوك.
قال (نادر):
- ولقد نقلتها إلىًَّ، دون أن تدرى، وضاعف منها تلك المعلومات، التى تلقيتها من مكتب (باريس)، عندما أبلغتهم بمواصفات السائق ورقم سيًَّارته، فأخبرونى أنه قد سبق اتهامه فى قضية اختطاف وسرقة سائح (ألمانى)، منذ سبع سنوات، ولهذا تعمدًَّت أن يشعر بمطاردتى له؛ حتى لا يقدم على أية حماقة، ثم بلغت شكوكى ذورتها، عندما انحرف بك فى هذا الطريق الفرعى الضيق، فزدت من سرعتى للحاق بكما؛ خشية أن يكرًَّر ما فعله معك، و ...
بتر (نادر) عبارته، وهو يحدًَّق فى (قدرى)، على نحو جعل هذا الاخير يتراجع فى حركة غريزية، وهو يقول فى عصبية:
- ماذا هناك؟!
لم يكد يتم عبارته، حتى انقلبت ملامح (نادر)، وانقض عليه فجأة...
وبمنتهى العنف...
* * *
فجأة، ارتفع رنين هاتف (تيا) الخاص، فاعتدلت فى حركة سريعة، لا توحى أبداً بأنها كانت نائمة، مثلما تصوًَّر رجليها، والتقطت الهاتف، قائلة:
- (تيا).
أتاها صوت ذات اليد الناعمة، وهى تقول فى صرامة:
- رجال المخابرات المصرية يتبعون (قدرى).
بدا وكان (تيا) لم تندهش لهذا، وهى تقول فى هدوء:
- من الطبيعى أن نتوًَّقع هذا.
أجابتها فى صرامة أكثر:
- ولكن ليس من الطبيعى ان يلتقوا به مباشرة، فى حضور ذلك السائق، الذى مازلت أشك فى صحة هويته.
سألتها (تيا)، متجاوزة النصف الأوًَّل:
- ألم يسفر البحث فى البيانات الفرنسية عن شئ؟!
صمتت ذات اليد الناعمة لحظات، وهى تطالع صورة رخصة قيادة (ريو)، على شاشة الكمبيوتر الخاصة بها:
- لقد عثرنا عليه، ومواصفاته تطابق هيئته، وفقاً للصور التى التقطها (هانز) من بعيد .
غمغمت (تيا) فى ضجر:
- عظيم.
أجابتها ذات اليد الناعمة فى حدة:
ولكن هذا لا يعنى شيئاً، فمع رجل مثل (أدهم صبرى)، لا يعنى التطابق الشكلى شيئاً.
مطًَّت (تيا) شفتيها، قائلة:
- الامر يحتاج إلى احتكاك شخصى إذن.
أجابت ذات اليد الناعمة فى سرعة:
- بالضبط .
ثم أردفت فى قسوة:
- ولكنك تجاهلت الموضوع الأساسى.
التقطت (تيا) نفساً عميقاً، وهى تقول:
- الصدام مع المخابرات المصرية كان متوقعاً.
قالت ذات اليد الناعمة، فى قسوة اكثر:
- لا تحاولى مرة أخرى التعامل معى، وكأنك صاحبة الخبرة الاكبر فى كل شئ ... لو أن الأمر يتعلق فقط بلقاء، بين (قدرى) وأحد رجال المخابرات المصرية، لما أضعت ثانية واحدة، فى الاتصال بك.
جذب الأمر اهتمام (تيا) وانتباهها هذه المرة، فسألت، وهى تميل إلى الأمام:
- ماذا حدث أيضاً؟!
أجابتها بكل صرامة الدنيا:
- تدخلهم أفسد نقطة تفوًَّقنا الأولى .. أفسدها تماماً.
وفى هذه المرة، تحًَّفزت كل ذرة فى كيان (تيا)...
وبشدة...
* * *
بدت دهشة كبيرة، على وجه مدير المخابرات المصرى، وهو يقرأ ذلك التقرير الذى قدمه له نائبه، قبل أن يرفع عينيه إليه، مردًَّداً:
- ( إدموند صروًََّف)، و(مارى توماس)؟!
أومأ نائبه برأسه إيجاباً، وقال، والحيرة لم تفارق صوته بعد:
- مواصفاتهما تتفق تماماً مع مواصفات سيادة العميد، والمقدًَّم (منى)... وكلاهما من أصل لبنانى، ويحمل الجنسية الامريكية، و(إدموند) موظف فى قسم الكمبيوتر، فى مؤسسة (أميجو)، فى حين تعمل (مارى) فى قسم العلاقات العامة، فى نفس المؤسسة .
صمت النائب لحظة، ثم أضاف فى حزم:
- الأهم ان كليهما زار (مصر)، عقب إصابة والمقدًَّم (منى)، واختفاء سيادة العميد.
انعقد حاجبا مدير المخابرات، وهو يقول:
- زاراها عقب ذلك؟!
ثم اعتدل، يضيف فى اهتمام وتفكير:
- ولكن هذا لا يتفق مع ما تصوًَّرته ... لقد كنت اتصوًَّر أن هذا يمكن أن يحدث، بعد ذلك التاريخ بشهر أو شهرين، باعتبار أنها وسيلة مثلى، يدخل (ن-1) ويخرج بها من (مصر)، فى هيئة اخرى، وبيانات جواز سفر، تستند إلى أوراق رسمية من مؤسسته، أما أن يصلا عقب ذلك مباشرة، فقد يعنى دلالة مختلفة تماماً.
قال نائبه، مؤمًَّناً على كلامه:
-أضف إلى هذا انهما قد زارا القرية النوبية، وقضيا فيها عدة أيام، بخلاف كل السائحين، الذين يقضون فيها ساعات فحسب.
تراجع المدير فى مقعده، وهو يقول، بلهجة من يحدث نفسه:
- زارا (اسوان)، وقضيا أياماً فى القرية النوبية، التى زارها (قدرى)، ثم انطلق منها إلى (باريس) مباشرة.
ثم عاد يلتقط التقرير، ويطالع للمرة الثالثة، وهو يضيف:
وحرفى الالف والصاد، والميم والتاء، و ...
رفع عينيه إلى نائبه، يسأله فجأة، ودون ان يتم عبارته:
- ما الذى يعنيه هذا بالضبط؟!
همًَّ نائبه بالإجابة، إلا أن المدير اكمل فى سرعة، وبابتسامة كبيرة، دون أن يمنحه فرصة للإجابة:
- أن (ن-1) هو أمهر لاعب شطرنج، عرفته فى حياتى.
لوهلة، لم يستوعب النائب العبارة، ولكن طرح فكرة الاستيعاب هذه جانباً، وهو يضع تقريراً أخر، امام عينى المدير، قائلاً:
- هناك تقرير عاجل، وصل من مدير مكتب (باريس)، ويحوى معلومات هامة للغاية.
التقط مدير المخابرات تقرير مدير مكتب (باريس)، وما أن طالعه، حتى اعتدل على مقعده بحركة حادة ...
هذا لأن المعلومات الواردة بالتقرير، كانت كفيلة بتفجير نفس الانفعالات، التى اصابت مدير مكتب (باريس)، عندما بلغته ...
معلومات هامة وخطيرة...
بلا حدود.
* * *

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 15-03-12, 08:23 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 237159
المشاركات: 8
الجنس أنثى
معدل التقييم: افوس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
افوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي ادهم

 

الشكر الجزيل لكل من ساهم في نشر هذه الرواية الرئعة جدا

 
 

 

عرض البوم صور افوس   رد مع اقتباس
قديم 16-03-12, 08:46 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

انتظرووونا غدااا

مع الفصل السادس

الخطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أدهم, الوداع
facebook




جديد مواضيع قسم رجل المستحيل
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:07 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية