كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 18- رواية امير ليلى بقلم Solafa El Sharqawey .. الفصل الـ 34 جـ 1 ..
تقف بجوار حماتها بالمطبخ الكبير تشعر بالذهول مما تراه أمامها، فهي لم تتخيل أبدا ان حرم سيادة الوزير تقف وهي تشمر ساعديها للخلف وتعد تلك الوصفات الكثيرة الشهية، رغم وجود الكثير من الخدم منتشرين بالمطبخ من حولهم ولكنهم جميعا يعملون تحت امرتها، فهي تشرف على الجميع وتعد الأصناف الرئيسية بنفسها، بل ما اثار اعجابها أكثر هو وجود ايمي بجانب والدتها تصنع بعض المعجنات وتساعد والدتها ببقية الأصناف وتسالها عن طريقة اعداد البعض الآخر !!
تصاعدت الروائح وتغللت برئتيها لدرجة انها شعرت بالجوع رغما عنها
تمتمت بالاستغفار وهي تراقبها عن كثب وهي منهمكة في اعداد فطائر صغيرة محشوة بالجبن واللحم المفروم، فهمست: هل استطيع المساعدة؟
ابتسمت السيدة انعام وقالت: بالطبع، راقبي وافعلي مثلي
بدأت ياسمين بتكرار ما تفعله السيدة انعام بتروي وهي تتحرى الدقة لتبتسم ايمي من خلفها وتقول: واو انها افضل من خاصتي.
قالت ولاء بمرح: من الواضح انك ستتعلمين الطهو سريعا، عكسي تماما انها السنة الثالثة على زواجي ولم استطيع التعلم من خالتي أي شيء رغم انها طاهيه ماهرة.
قالت ايمي بفخر: نعم امي طاهية ممتازة لقد ورثت تلك الصفة منها
قالت السيدة انعام بفخر وهي تنظر لتلك الفطيرة التي صنعتها ياسمين : فنانة على حق جاسي.
تلونت وجنتيها بخجل وقالت: انه حظ المبتدئين فقط.
ضحكت السيدة انعام وقالت بحنان هادئ : لا تقلقي من امر الطهو ذاك،
نظرت الى ولاء واتبعت بنبرة حيادية : فابنة اختي الغالية لا تستطيع صنع فنجان من القهوة، ولم تحاول ان تتعلم، فهي تكره المطبخ وبينها وبينه عداوة فطرية.
قالت ولاء بهدوء: انت تعلمين ذاك خالتي فانا اشبه والدتي في ذلك الامر.
هزت السيدة انعام راسها بالإيجاب وقالت: نعم لقد كانت تهرب دائما من حصة التدبير المنزلي في المدرسة
ضحكة الفتاتان بقوة بينما رمشت ياسمين بعينيها وهي تشعر بالحرج يغزوها فأكملت السيدة انعام بعين حانية وهي تشعر بحرج ياسمين : وانا لا أرى ان تلك بمشكلة فالطباخ يحل الامر، وها انت تري من خلفك لدينا وفرة منهم !!
أكملت ناصحة ياسمين بطريقة راقية: اتفقي مع عاملة تأتي لتخدمك فانت لست مطالبة بالقيام بتلك الأمور.
هزت ياسمين راسها نافية بانزعاج في حين أكملت السيدة انعام بتعجب دون ان تنتبه لانزعاج ياسمين البادي على وجهها: لا اعلم كيف لم يفكر وليد بذاك؟!
صدح صوته من خلفهم: بل فكرت بالطبع.
رفعت نظرها اليه لتراه يقف مستندا بكتفه لمدخل المطبخ، مشعث الشعر يرتدي طقماً رياضياً مكوناً من بنطلون فاتح اللون وتي شيرت من الأزرق الغني يفصل عضلات جسده، عاقداً ساعديه امام صدره ويبتسم بكسل وهو يقول من بين رموشه: اتفقت مع احد مكاتب التخديم وابلغوني ان الخادمة ستاتي في اول الشهر الميلادي القادم.
ظهر الانزعاج على وجه ياسمين مليا وقالت برفض قاطع: لا اريد خادمة، انا سأقوم بشؤون البيت كاملة.
نظرت اليها السيدة انعام بتفحص وهي ترى عيناها الجامدتان وفكها المطبق بحدة، في حين رفع هو حاجبيه بتعجب وهو يشعر بحدتها غير المبررة بالنسبة له، فقال وهو يتحرك مقتربا للداخل: لماذا ياسمين؟ انا اعمل على راحتك!
تحركت بنزق وهي تزم شفتيها بحنق، ابتسمت السيدة انعام وهي تدرك سبب رفضها من حدقتيها المشتعلتين بالغضب فقالت بذكاء: من حقها ان ترفض وليد
اكملت بابتسامة هادئة: من الواضح انها لا تثق بالغرباء.
نظرت اليها ياسمين بصدمة لتبتسم بخفة السيدة انعام وتقول بخفوت وهي تحرص على ان لا يستمع اليها احد: من حقك ان لا تثقي بأولئك الخادمات بعد تلك القصص المتداولة عنهن في مسلسلاتنا العبقرية.
احتقن وجه ياسمين بقوة فأكملت السيدة انعام بصوت طبيعي: ما رايك ان اعيرك احدى العاملات لدي؟!
هزت ياسمين كتفيها بلا اعرف فاتبعت حماتها سائلة: ما رايك وليد؟!
زفر بقوة وهو يؤثر الصمت فقالت السيدة انعام بصوت عال الى حد ما: حُسنية
التفتت اليها سيدة في منتصف الخمسين من عمرها تقريبا، رشيقة الى حد ما والنشاط يتقد من مقلتيها: هلا ذهبت لتساعدي زوجة ابني البكر في شؤون بيتها؟!
ابتسمت السيدة حسنية بود وقالت: امرك يا هانم.
نظرت السيدة حسنية لوليد بحنو واتبعت: انه ابني البكر انا الاخرى.
اعادت السيدة انعام نظرها لياسمين وقالت: ما رايك، هل تناسب مخيلتك؟!
ضغطت ياسمين شفتيها بتوتر وهزت راسها بالإيجاب، والاستفهام يعلو وجهها فاتسعت ابتسامة السيدة انعام باتساع وقالت: انها مدبرة منزلي، فالسيدة حسنية معي منذ أوائل سنوات زواجي، وهي تعتبر من ربت وليد فعليا
ابتسم وليد باتساع وهو يقترب من السيدة وعيناه تعلوها المكر وهو يقول: نعم كنت اتفنن في صناعة المقالب لها.
ابتعدت السيدة حسنية بخوف فطري منه فضحك بقوة وهو يحتضنها بحنو ويقبل راسها ببساطة: ورغم ذلك كانت تدفع عني عقاب والدي دائما وتأتي لي بالطعام دون ان يدري احد.
ربتت السيدة على وجنته بامتنان وقالت: اشكرك بني.
قال وليد بمرح: ستربين ابني أيضا يا دادة.
قالت السيدة بهدوء وهي تهز راسها: يعطيني ويعطيك طولة العمر يا بك.
همس لها بجديه: تعلمين اني اكره ذلك اللقب.
هزت راسها بالإيجاب وقالت بتفهم: نعم اعلم.
رفع نظره لتلك المراقبة لعلاقته بمربيته المفضلة فاحتضن كتفيها ونظر الى زوجته وهمس بمرح بجانب اذن مربيته: ما رايك بزوجتي؟ لم تخبريني من قبل.
تلونت وجنتي السيدة بالخجل وقالت: انها بدر في ليلة تمامه ربنا يرزقكما بالذرية الصالحة ويهب لكما السعادة.
تمتم برجاء: امين يا دادة
قبل راسها مرة أخرى وقال: ستنورين بيتي ان شاء الله.
لا تعلم لم شعرت بالذهول من تلك العلاقة الودية التي تراها امامها فهي لم تتخيل ابدا ان وليد يستطيع ان يكون مراعيا وحنونا بذلك الشكل، ان يقبل راس تلك السيدة بكل ذلك الود، لا تنكر انها شعرت ببعض الغيرة وهي تراه يحنو عليها بتلك الطريقة ويقبل راسها بكل ذلك الامتنان، بل هي فعليا انبهرت من ذلك الاتصال الروحي بينه وبين مربيته ورغم ذلك شعرت بالارتياح يغمرها فتلك السيدة البشوشة نفذت الى قلبها من اول وهلة.
انتبهت على وجوده من حولها دون ان تنتبه بأنه تحرك باتجاهها وان مربيته عادت لمزاولة عملها مرة أخرى، فشعرت بجفاف في حلقها وهو ينظر الى تلك الفطيرة التي تصنعها عن كثب ويقول: واو انها رائعة.
رمشت بعينيها وفرقعت أصابع يدها الحرة الخالية من العجين، رغم عنها وهي تشعر بالتوتر فقبض على يدها وضغط عليها برفق وهمس: انا أتكلم بجدية، لقد اعجبتني، ضعيها بمفردها لأكلها انا فقط.
وضعت ايمي يديها بخصرها وقالت بغيظ طفولي: يا سلام، لماذا انت فقط، جميعنا نأكل مما تعده ياسمين.
نظر الى اخته بكبرياء وقال: ولماذا تأكلين أنت مما تصنعه زوجتي، كلي مما تصنعي انت
اخفض بصره لتلك الفطائر التي تصنعها ايمي وقال: انها هلامية الشكل ليست كتلك الاشكال الفنية التي تصنعها ياسمين.
لوت ايمي شفتيها بتبرم ونظرت له بحقد طفولي وقالت: انه حظ المبتدئين كما قالت ياسمين.
ضحكت ياسمين والخجل يغزوها وقالت بصوت مبحوح: بالطبع انه حظ المبتدئين، فانت من الواضح طاهية ممتازة.
لوت ايمي رقبتها بمرح وقالت: لا ليس ممتازة، انا لازلت بأول الطريق ولكني اريد التعلم وبشده.
ابتسمت ياسمين وقالت: تذكريني بليلى كانت تحب ان تشاهد برامج الطهو وتنفذ الوصفات بها رغم تبرم امي من ذلك وخاصة ان كل تجاربها كانت تكلل بالنجاح الساحق وابي كان يفخر بها ويتناولها كاملة.
ضحك وليد وقال: محظوظ ذلك الأمير.
تخشب جسدها بجانبه فابتسم وهو يكمل ويشد على يدها برفق: لا اعلم هل سيتبارى الاثنان بالطهو ام ماذا، فأمير طاهي ممتاز هو الاخر؟
تنحنحت بهدوء وهي تجلى حنجرتها من تلك الغصة التي تجمعت رغما عنها بها وقالت بصوت خالي من أي انفعال: حقا؟!
هز راسها بالإيجاب وهو يحاول ان يطبق احدى الفطائر كما تفعل هي: اه، نعم. فقد كان مسئولاً عن اطعام نفسه لفترة كبيرة من الوقت فتعلم الطهو رغما عنه ولكنه اصبح يتقنه.
ابتسمت وقالت وهي تنظر اليه بمكر: اذا من المفترض ان أقول يا حظها ليلى، فهو سيدللها بصنع الطعام لها.
احمر وجهه بشده وهو ينظر اليها وهي تبتسم بمشاكسة هم بالحديث لينتبه لصوت احمد يقول بمرح وهو يحمل ابنته الصغيرة: اه طبعا من المفترض ان تحقدي عليها أيضا هي وزوجتي الجالسة لا تحاول حتى ان تقلدكم بصنع أي شيء فانا من يصنع الطعام اذا اردت تدليلها.
التفتت ولاء وهي تنظر اليه ببراءة مفتعلة، وقالت: انت تصنع الطعام، متى حدث ذلك؟
نظر لها احمد غير مصدق ليرفع حاجبيه بغيظ ويقول: كثيراً يا لولو. انكري اذا استطعت.
مطت شفتيها بلا مبالاة وقالت بهدوء: انت تطلب من الطباخ ان يصنع ما احبه لا اكثر.
رفعت ايمي حاجبيها وصاحت بنبرة مشاكسة: تنكري انه من يصنع العشاء لنا ثلاثتنا في تلك السهرات المجمعة.
اتبعت وهي تصيح بغيظ: أرأيت ابنة شقيقتك ماما، تنكر دلال ولدك لها؟!
ابتسمت السيدة انعام بهدوء وقالت: هي أيضا تُدلله كثيرا وهو ينكر ذلك، لا شان لك بهما فهما حران ببعضهما.
وضعت ايمي يديها بخصرها وقالت: لا والله، لا يحق لها ان تنكر دلاله الدائم لها فهو يعد الطعام كثيرا ويحمله لها للفراش أيضا.
قال وليد بمرح وهو يخرج لسانه لولاء مغيظا: انا اشهد على ذلك، لقد رايته قبل زواجي بيومين يحمل صينية الفطور للأعلى.
هزت ولاء كتفيها غير مبالية، وقالت بنبرة واثقة: العشاء والافطار لا يعتبر طهوا للطعام يا أولاد خالتي الاعزاء.
قال احمد وهو يناولها ابنتهما ويقول بنبرة هادئة خالية من المرح: ذكريني ايمي عندما تتدلل ابنة خالتك الغالية ثانية ان اخبرها ان العشاء والافطار ليسا بطهو للطعام.
شحب وجه ولاء بقوة وهي تقول بخفوت: احمد انت تعلم اني امزح، لا اكثر.
رفع حاجبيه بتعجب وقال من بين اسنانه وهو ينظر اليها بقوة: حقا؟! لم اكن اعلم.
اتبع بغيظ ممزوج بالغضب وهو يتحرك مبتعدا عنها: وهل من المفترض ان اضحك على تلك المزحة؟!
التفت لوالدته دون ان ينتظر ردها وقال: امي سيادة الوزير وصل ويريدك بالخارج.
قالت السيدة انعام بعتب وهي تترك ما تفعله وتتجه لغسيل يديها: لماذا لم تخبرني من البداية؟!
قالت ياسمين سريعا: لا تقلقي امي انا سأكمل الفطائر.
ابتسمت السيدة انعام بود: حسنا جاسي.
تحركت سريعا للخارج ليتبعها احمد بخطوات واسعة فقفزت ولاء وهي تنظر في اثره وهي تحمل ابنتها وتنادي عليه: احمد انتظر.
نظر وليد بدهشة لهما وقال لأيمي: هل غضب احمد بالفعل؟!
ضحكت ايمي بقوة وقالت: لا انه يتدلل عليها ليس اكثر، يعلم جيدا انها ستهرع من خلفه وتصالحه.
ضحك وليد بقوة وقال: لديه عقل فذ ذاك الولد.
زفر بحنق وقال وهو ينظر بتفحص لتلك الفطيرة بين يديه: لماذا لا استطيع اغلاقها؟!
ضحكت ايمي بقوة وشاركتها ياسمين عندما نظرت للفطيرة التي تعود لطبيعتها عندما يتركها وليد من بين يديه، فقالت له وهي تحملها بين اناملها وتضغط عليها برفق أصاب حلقه بالجفاف: اضغط عليها هكذا حبيبي.
بلل شفتيه وهو ينظر اليها بوله وقال: اعتقد انها تطيعك صاغرة فهي لا تستطيع اغضابك حبيبتي.
تلونت وجنتيها بالخجل فكحت ايمي بلطف وهي تشعر بالحرج من وجودها بمفردها معهما فقالت وهي تبتعد للخارج : سأذهب لأوقظ مُحمد فهو اوصاني ان اوقظه قبل المغرب بمدة كافية لينتهي من قراءة سورة البقرة اليوم.
تمتم وليد وقال: ربنا يقويه.
تمتمت سريعا وقالت وهي تغادر: بعد اذنكم.
رفعت ياسمين حاجبيها وقالت بتعجب: احب ذلك الجزء المستنير بشخصيتك وليد.
ابتسم بخفة وقال: ليس مستنيراً حبيبتي، ولكنه قبول. فمحمد يعتبر بحكم خطيبها، هو تقدم لها رسمياً واتى بعائلته وابي وافق على الزواج، وعندما تنتهي شقتهما سيتزوجان ان شاء الله.
هزت راسها بعدم اقتناع: لا اعلم كيف وافق والدك على ذلك الشاب؟!
عقد حاجبيه ونظر لها باستفهام فقالت: لا تخبرني انك لا تعلم عن أصول عائلته.
ضحك وليد بقوة وقال: آها تقصدي اتجاه عائلته السياسي،
اتبع وهو يمط شفتيه بعدم معرفة: في ذاك معك حق. ظننت ان ابي سيرفضه ولكن ابي لم يوافق الا عندما علم ان محمد نفسه ليس لديه أي نشاط سياسي بل هو لا ينتمي لفكر عائلته، نعم هو ملتزم دينياً وهذا ما اخبرتني به ايمي لكن أفكاره هو نفسه مختلفة جذرياً عنهم.
تنفست ياسمين بقوة وقالت: ربنا يتمم لها بالخير
اتبعت وهي تبتسم وتقول: فقط توقف عن احراجي واحراجها بتلك الطريقة.
عقد وليد حاجبيه وهو ينظر اليها بعدم فهم: لم افعل شيئا !!
نظرت له بعتب فرفع حاجبيه وهز راسه بتفهم ليقول: لم اقل شيئا غير لائق لقد تكلمت بحدود المسموح.
اقترب ليلتصق بوقفته بها وقال: اريني كيف تفعليها.
ابتسمت بخجل وابتعدت عنه ثانية وقالت وهي تسحب من بين يديه الفطيرة وتقول: ليس مطلوب منك ان تفعل ذلك.
سحبها منها مرة أخرى وقال: وانت أيضا ليس مطلوب منك ان تفعليها، اتركي احدهم ان يفعلها.
هزت راسها نافية وقالت: لا لقد اخبرت والدتك اني سأكمل البقية.
اتبعت سائلة وهي تغلق الفطيرة سريعا وكأنها اعتادت على فعل ذلك: الم تخبرني انك ستخلد الى النوم؟
تنفس بقوة وهو يحتضن خصرها من الخلف ويضمها الى صدره: لم استطع ان اغفى فانت لست بجانبي ورائحتك ليست من حولي، الفراش لا يحملها مع الأسف.
احتقن وجهها قويا وحاولت ان تتملص من بين ذراعيه وهي تلتفت من حولها: وليد توقف عن ذلك
همست من بين اسنانها متبعة: نحن لسنا بمفردنا.
ضحك بخفة وهو يلتصق بها ويركن ذقنه على كتفها ويهمس: بل بمفردنا، انظري اليهم من حولك لن يلتفتوا وينظروا الينا، ليس مسموحا لهم بذلك فمن يعمل هنا لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم
اكمل بهدوء ساخر: على الأقل طالما والدي محتفظا بسلطته !!
أبعدت ساعديه عنها وقالت بحنق: ابتعد وليد لو سمحت فانا لا افهم ما تقوله ذاك.
تنفس بقوة وهو يتركها مرغما ويقف بجانبها يستند بظهره لتلك الطاولة التي تقف هي مقابلتها منهمكة في اعداد الفطائر التي بات يكرهها الان، كتف ساعديه وقال بطفولية: اتركي اذا ما تفعليه وتعالي معي انا اريد النوم بشدة ولا استطيع ذلك.
ابتسمت بهدوء وقالت بمشاكسة: لماذا وليد؟
زم شفتيه ونظر اليها بغيظ طفولي: انت تعلمين، لقد اعتدت على وجودك بجانبي.
ضحكت بخفة وهي تنظر اليه بطرف عينها فالتفت بجسده اليها وضمها من خصرها اليه ليلتصق كتفها بمنتصف صدره وهو يقول بحنق: كفي عن اثارة غيظي.
ضحكت برقة وقالت وهي تنظر اليه ببراءة تجسدت بملامحها: لم افعل شيئا.
نظر اليها بغضب يشتعل بمقلتيه: انت تعلمين ما تفعلينه بي جيدا ياسمين.
رفعت كتفيها وهي تهز راسها بالنفي فرمش بعينيه وهو ينظر الى شفتيها ويتنفس بقوة ويقول: توقفي عن اثارتي اذا.
امتقع وجهها وقالت بصوت محشرج: انا؟!
ضحك بسعادة لذلك التعبير الذي رسم على وجهها فانحنى يقبل وجنتها ويهمس بصوت مغوي: نعم لقد اخبرتك منذ ليلتنا الأولى ان ادنى فعل منك يثيرني ويسحق مقاومتي.
شعرت بالخجل يغزوها فهمست بصوت ابح: توقف وليد.
ضحك بقوة وهو يلتفت مرة أخرى للطاولة ويقول: حسنا علميني كي اساعدك وتنتهي منها.
ابتسمت باتساع وهي تغلق اخر الفطائر وتقول: لقد انتهيت منها بالفعل.
.
.
.
يقف ينظر اليهما بذهول، لا يعلم هل فاجأته تلك العلاقة بين أخيه وزوجته، رغم انه يعلم جيدا مدى حبهما لبعضهما البعض، ام صدمته تلك الحميمة التي تنبعث من بينهما؟!
ام تلك الغيرة الحارقة التي تنهشه كلما نظر الى وليد ورأى السعادة التي أصبحت عنواناً لملامحه؟!
ام هو مذهول من تلك الأمنية التي داعبته وهو يتخيل تلك الأخرى خطيبته بين ذراعيه، تحتقن وجنتيها خجلا من غزله الجريء بها
لوى شفته تهكما وهو يتذكر فاطمة وانها لن تحتقن خجلا ابدا، بل ستوازيه جرأة ووقاحة !!
اتسعت ابتسامته وهو يشعر بالشوق اليها رغم انه كان معها منذ قليل
يريد ان يملي عينيه من نظراتها النارية التي ترمقه بها فتشعل التحدي بجوانبه، تجلده بكلماتها اللاذعة ولسانها السليط فتعزز عنده رغبته في اخضاعها اليه.
يرى التمرد يشع بحدقتيها فيلونهما بظلال الكراميل فيشتهي هو ان يتذوق الكراميل وهو ينظر الى عمق عينيها ويحول تمردها الى رضى ورغبة به هو دونا عن غيره !!
نفض راسه من تلك الأفكار التي داهمته فتنحنح رغما عنه وهو يستعيد السيطرة على مشاعره الثائرة باتجاهها، ليبتسم بسخرية وهو يقول: نجمنا الغالي بالمطبخ.
رفع وليد راسه بحده له لتلتفت ياسمين وهي تنظر اليه وتبتسم بحذر، ليتبع هو ويقول بخبث: ماذا سيقول معجبوك عندما يسمعون ذاك الخبر؟
ابتسم وليد باتساع وقال قاصدا اغاظته: سيزداد معدل معجباتي اذا علمن بانني اقف بجوار زوجتي لأساعدها في طهو الطعام، فهي ميزة هذه الأيام يا باشمهندس.
ابتسم وائل من بين اسنانه وقال: في ذاك معك حق.
اتبع بمكر وهو ينظر لياسمين: اعتقد ان الفنانة لن يعجبها ذلك.
ابتسمت ياسمين وقالت بهدوء وثقة تشع من عينيها : لقد اعتدت على معجبات وليد فانا قضيت معه نصف عمري كصديقه اليه أرى معجباته واتعامل معهن دون ان اشعر بالاستياء من ذلك.
لوى شفتيه بابتسامة غير مريحة اشعرتها بالتوتر وقال: الصديقة غير الزوجة يا عزيزتي.
كح وليد بقوة وقال: رمضان كريم عليك يا اخي.
قال وائل بابتسامة متسعة: الله اكرم يا اخي.
قالت ياسمين وهي ترص الفطائر بالصينية الخاصة به: كيف حال فاطمة؟
نظر لها بتعجب فقالت: والدتك قالت انك ذهبت لزيارتها.
هز راسه بالإيجاب وقال: آها نعم انها بخير.
قال وليد بهدوء: لماذا لم تأتي معك؟!
قال بحنق وهو يشيح بيده غاضبا : لا تستطيع ان تأتي بمفردها فهي لازلت خطيبتي.
مط شفتيه باستياء وهو يتبع: ولا يجوز ذلك ان تذهب الخطيبة لبيت خطيبها دون عائلتها.
زفر بضيق والانزعاج يعلو ملامحه: انها تقاليد غبية وبالية، لا اعلم لماذا متمسكون بها للان؟!
قال وليد ضاحكا: معك انت لابد ان يتمسكوا بها وائل.
اكمل وهو ينظر اليه بنظرة ماكرة: انت ادرى بسمعتك اخي.
اطبق وائل فكيه بقوة وهو ينظر اليه بجمود ليقول: دع ذلك الحديث لشخص اخر.
احتقن وجه ياسمين بقوة وهي تدخل الصينية الكبيرة الى الفرن امامها لتغلق بابه بحدة رغما عنها، وهي تنتصب واقفة مرة أخرى وتنظر الى زوجها بتحذير ان يتمادى مع أخيه في ذلك الحديث غير المجدي
التفتت الى وائل وابتسمت بعملية وقالت: انها ليست تقاليد بالية يا باشمهندس، انها عملية ثقة ليس اكثر.
عقد حاجبيه وهو ينظر اليها بعدم فهم فأكملت بابتسامة خفيفة: عندما تعتاد عليك فاطمة ستذهب معك أينما تريد
نظر لها متسائلا فاتبعت: الثقة بينكما ستزداد وهي بشخصيتها تلك لن تهتم لتلك التقاليد البالية كما ترى انت.
قال بهدوء: لا افهم.
تنحنحت وقالت: انا اقصد انها الان لا تهتم بتلك التقاليد أيضا ولكن تستمع الى ما يقوله والديها، اعتقد ان من رفض هو سيادة السفير.
هز راسه بالإيجاب فقالت بابتسامة واسعة: بالطبع هو لا يرضى لابنته بذلك فهو رجل شرقي باخر الامر مهما قضى عمره بالخارج، لن يسمح لاحد ان يتحدث عنها وانها ذهبت الى بيتك ثاني يوم خطبتكما.
اتبعت شارحة: عندما تقترب منك هي اكثر وتتعرف عليك وينشأ ذاك الود بينكما مدعوماً بالثقة فستذهب معك دون ان تهتم بتلك التقاليد التي تضايقك وستقنع سيادة السفير بآرائها أيضا.
ابتسم وليد وعيناه تشع بالخبث وقال: اعطها بعض الوقت لتعتاد عليك وتثق بك يا اخي العزيز وحينها ستاتي معك كما فعلت ياسمينتي.
جز وائل على اسنانه وهمس من بينهما: ماذا فعلت ياسمين؟!
ابتسم وليد وقال بمرح: آها، انت لم تكن هنا عندما زارت العائلة للمرة الأولى، لقد لاقت ترحيباً من امي يليق بالسيدة الأولى في العائلة.
اطبق وائل فكيه وعرق الغضب ينتفض برقبته وهو ينظر اليه بعينين معتمة متفحصا ليبتسم بتشنج مرغما نفسه عليه وقال: هنيئا لها به !
اكمل بصوت مخنوق: بالمناسبة، اين امي؟!
ضحك وليد وقال: انها برفقة سيادة الوزير لقد بعث احمد باستدعاء سريع اليها، لا اعلم لماذا حقا؟!
ابتسم وائل بسخرية وقال: ولن تعلم. لطالما كان الخلاف بينك وبين ابي على اشده وبالطبع لن يخبرك بأمور تخصه.
ابتسم وليد باتساع وقال: وانا لا اريد ان اعلم تلك الأمور الخاصة بعالمكما المبهر.
زفر وائل بقوة وقال: حسنا سأذهب لأرى ما يمكنني فعله بعد اذنكما.
تحرك خارجا ووليد يمنع نفسه من الضحك قويا لتنظر اليه ياسمين بدهشة وهي ترى وجه وليد المحتقن قويا من الضحك وتقول بذهول: ما الذي يدور بينكما؟!
انفجر ضاحكا بقوة وقال وهو يشدها من يده لتتبعه للخارج ويقول: لا تشغلي راسك حبيبتي، تعالي معي اريد ان اغفو قليلا قبل المغرب.
***********************
دلف الى الغرفة وقال وهو يبحث عنها بعينيه: منال.
تحرك بخطوات هادئة لاتجاه غرفة الملابس بعد ان سمع صوتاً ضئيلاً ينبعث منها: منال.
رفع حاجبيه بدهشة وقال وهو ينظر اليها تقف باعلى سلم صغير على مقدمة قدميها وتشد جسدها للاعلى : ماذا تفعلين منال؟
انتبهت لوجوده فتنفست باعياء وقالت: من الجيد انك اتيت لا استطيع ان اتي بتلك الحقيبة انها بعيدة عن محيط ذراعي.
لمع الغضب بعينيه وقال والازرق يندفع بمقلتيه ثائرا: سحقا للحقيبة
اتبع امر إياها بغضب: انزلي حالا.
اطاعته على الفور وهي ترى غضبة الكامن بحدقتيه وقالت وهي تحاول ان تهدئه: انها اخر حقائبي وفكرت ان اتي بها حتى لا انساها هنا.
قال وهو يتحرك عنها مبتعدا ويعدل من وضعيه السلم الذي لم يكن موضوعا بشكل سليم: ارجوك توقفي عن التصرف بحماقة، حركة خاطئة منك كنت ستسقطين ارضا والسلم من فوقك.
شعرت بالذهول وهي ترى انها لم تفتح السلم المعدني بطريقة صحيحة وانه محق في غضبه منها، الذي لم تفهم سببه في اول الامر، غمغمت باسف: لم انتبه.
لم يجبها وهو يصعد بهدوء للاعلى ويشد تلك الحقيبة الصغيرة التي اثارت غضبه لينزل مرة أخرى ويهمس وهو يناولها إياها: اعلم انك لم تنتبهي وذلك اثار غيظي اكثر.
وضعت الحقيبة ارضا ليتبع هو متسائلا بنزق: ما أهمية تلك الحقيبة في الأصل لتغامري بنفسك وطفليك بتلك الطريقة.
زفرت بضيق وقالت: لم انتبه خالد، لا تعطي الامر اكبر من حجمه !!
هز راسه بحنق وتحرك ليخرج من الغرفة: اتيت لاخبرك انه موعد الدواء،
شحب وجهها بقوة وهي تخفض نظرها بارتباك لتتسع عيناه بغضب فعلي ويقول بحذر: لا تخبريني انك خالفتي امر الطبيب.
زمت شفتيها واثرت الصمت ليصيح بغضب وعيناه تشع بريق ازرق حاد كوميض الرعد: لم أر في حياتي من هي اعند منك.
همست بصوت خفيض: اهدأ واستمع الي.
اشاح بيده وهو يصرخ بها: لن اهدأ، ستنزلين امامي الان وتتناولين الطعام لتأخذي كامل ادويتك كما أوصى الطبيب.
انتفضت بقوة على اثر صرخته بها لتندفع الدموع من عينيها وتقول بكبرياء زائف: لن افعل.
ارتد براسه للوراء، وهو يضيق عينيه بنظرة مخيفة جعلتها تزدرد لعابها ولكنها تظاهرت بالقوة واتبعت وهي تجلس على الفراش ووجهها يعلوه تكشيرة طفولية ذكرته بهنا عندما تغضب وتتمسك برايها: لن افطر.
هزت كتفيها برفض: انا جيدة لا اشعر بالتعب ولا الجوع وادويتي سآخذها بعد الإفطار.
نظر لها مطولا وقال بنبرة امرة حادة: انهضي.
وقفت ببطء وهي تشعر بالرجفة تعم اوصالها، ليتبع هو بصوت حمل جليد إنجلترا: ستنزلين برفقتي وتتناولين الطعام منال لتأخذي ادويتك.
رمشت بعينها فهمس: حالا.
انهمرت الدموع على وجنتيها بقوة اثارت غيظه ليصيح بحنق: ايتها المجنونة لماذا تبكين الان؟!
قالت من بين دموعها: لا اريد الفطور.
زم شفتيه وتنهد بقوة ليسيطر على غضبه منها ويقول بمهادنة: لماذا؟
قالت وهي تحاول التحكم في دموعها: انه اول يوم في الشهر الفضيل خالد لا اريد الفطور اليوم. من الغد سامتثل لاوامر الطبيب ولكن اليوم دعني اشعر بالاجواء الرمضانية، بالصوم والفطور معكم
ضربت قدمها بالأرض بطفولية: ثم انني لست صغيرة لاكل امام الجميع هكذا دون خجل،
نظر لها بقوة فقالت باستياء: انا محرجة وضائقة. اعلم جيدا انها رخصة دينية أعطاها لي الله ولكني لا اريدها،
اكملت برجاء وهي تتمسك بساعده بدلال تعلم جيدا تاثيره عليه: ارجوك خالد لا تجبرني على الإفطار اليوم.
أكملت بتوسل وهي ترى نظرته تلين ولون عينيه يعود للازرق الصاف كماء البحر: ارجوك.
همس بجمود: اليوم فقط.
هزت راسها بالإيجاب وهي تبتسم بامل فابتع وهو يزفر بقوة: حسنا.
صاحت بفرحة وهي تتعلق برقبته لتقبل وجنته بقوة وتهمس: شكرا حبيبي.
ازدرد لعابة بقوة ليضمها الى صدره بحنان، فدفنت راسها بصدره وهي تستمع الى دقات قلبه الهادرة تحت اذنها، تكلم بهدوء وهو يمسح على ظهرها برفق: انا خائف عليك منال
زفر قويا وهو يتبع بغيظ: وانت تتصرفين بجنون وكانك طفلة صغيرة تبحث عن الاهتمام.
رفعت راسها ونظرت اليه وهمست: الا تفكر ان هذا حقيقة ليس لاثارة غيظك فقط.
نظر لها بتفحص فهمست: انا لا ابحث عن الاهتمام خالد
اتبعت وهي تنظر الى عمق عينيه: انا استجدي اهتمامك انت فقط، اريد خالدي كما كان ليس ذلك العابس الذي يفكر في مشاكل الشرق الأوسط كلها.
ابتسم رغما عنه فأكملت: خالد الذي يشغل راسه بأمور شقيقتي عني.
تنهد بقوة وقال: لا منال، لا تجرؤِ وتتفوهين بمثل تلك الحماقات !!
قالت بهدوء: ليست حماقات خالد، انا بالفعل ضائقة من امر فاطمة ذاك وانشغالك به، ولاكن صريحة جدا
نظرت اليه واتبعت بهدوء: انا اشعر بالغيرة خالد.
ظهرت الصدمة على ملامحه لتنقلب الى ضحكة قوية اجبرتها على الابتسام وهي تستمع الى نغمتها الرخيمة التي تجذبها الى قاع بحر عينيه الأزرق فتمسكت بقبة قميصه وهي تدفن نفسها بين ذراعيه اكثر، ذراعيه التي شددت احتضانه لها وهو يتوقف عن الضحك ويقول بابتسامة مرحة: لا يحق لك الغيرة منال، انت تعلمين انا باكملي لك.
هزت راسها نافية وقالت: لا لست باكملك لي بدليل ان فاطمة تستولي على انتباهك وتركيزك.
نظر لها باستنكار فاكملت بهدوء: اعلم مكانة فاطمة لديك وبقدر ما يسعدني هذا بقدر ما اغار لاني افقد اهتمامك ولو جزئيا.
ابتسم بمكر وقال: لم اعهدك متملكة من قبل.
نظرت له بثقة وقالت بغرور: بل انا اساويك تملكاً يا زوجي العزيز فاعتاد على هذا.
ابتسم بمكر وقال: هذا امر يسعدني.
عقدت حاجبيها بتعجب وقالت: يسعدك؟!
هز راسه بالإيجاب وقال وهو يقبل راسها: زوجتي تغار بتملك مجنون. انه امر جيد من وجهة نظري.
اتبع بمكر وهو يبتعد عنها: ساستغله جيدا فيما بعد.
احمر وجهها واتسعت عيناها بغضب فحرك حاجبيه باغاظة وقال وهو يتحرك للخارج: ارتاحي قليلا حتى موعد الاذان ولا تجهدي نفسك رجاء.
هزت راسها بالموافقة وقالت وهي تراه يتحرك لخارج الغرفة: الى اين تذهب؟
نظر الى ساعته وقال: لدي موعد
اكمل وهو يقاطع حديثها: لا تقلقي لن اتاخر، ولاجلي لا تفتعلي أمورا حمقاء تؤذيكي.
ابتسمت لتزم شفتيها بضيق وهو يكمل: المرة القادمة سأخبر والدتك وادعها تتصرف معك.
همست بطفولية افتعلتها: هل ساهون عليك؟!
ضحك بخفة ليعود اليها ويقبل راسها ثم يهمس بمكر: نعم.
ضحكت بمرح وهي ترى الشقاوة تتألق بحدقتيه فهمست: سلمك الله حبيبي.
بعث لها بقبله طائرة وهو يقول: الى اللقاء نانا.
اكفهر وجهها وهي تشعر بتلك الغيرة تندلع بقلبها وهو يدعوها بالكنية التي اختارتها لها بهار، لتبتسم رغما عنها وهي تنظر في اثره وتشعر بذلك القرب الحميمي بينهما. رغم انه يحافظ على تلك المسافة التي وضعها بينهما الا انها تشعر به يقترب يوما بعد يوم، يعود الى رفقه بها وحنانه عليها، نظرات الشوق تنضح من عينيه رغم انه يمثل عدم الاهتمام ببراعة ولكنها تشعر به، تسمع دقات قلبه عندما تتغير وتيرتها عند اقترابها منه، انفاسه التي تعلو رغما عنه وهي تندس بين ذراعيه ليلا، تشعر بجفاف حلقه وهو يحاول الا يتنفس كي لا يشم رائحتها التي طالما تغنى من قبل بعشقه لها، تشعر به جيدا وتعلم انه على حافة الغرق بها ولكنها لا تريد ان تغرقه، تريده ان يسبح باتجاهها، ياتي بمفرده ويغرقها هي في بحره، الذي اعتادت على الغرق به بطواعيه ولهفة
تنهدت بقوة وهمست داخليا: لن ننتظر كثيرا، اعدك.
تحركت للخارج لتعقد حاجبيها وهي تنظر لشقيقتها التي تضرب الارض بقديمها قويا وكانها تتشاجر معها
جسدها مشدود وعروقها نافرة والغضب يشع من مقلتيها قالت بهدوء وهي تدرك ان اختها لا تراها من الاساس: فاطمة
لفت فاطمة اليها بحدة لتقول بغضب رغما عنها: نعم.
عقدت منال حاجبيها واقتربت منها بهدوء: ما بالك حبيبتي؟!
زفرت فاطمة بقوة وقالت من بين أسنانها: هذا الوقح، المتكبر عديم الذوق، ال
شتمت باللغة الانجليزية بطرقة غير لائقة جعلت منال ترفع حاجبيها بصدمة وتحتقن أذنيها بقوة لتقاطعها بحزم: فاطمة، اصمتي.
زمت الأخرى شفتيها لتقول منال بغضب: من هذا الذي تسبيه بتلك الطريقة؟ ؟
صمتت وهي لا تجد وصف مناسب لتلك الكلمات التي تناثرت من شفتي شقيقتها لتتبع بغضب: بطريقة لا تليق بفتاة مثلك حصلت على أرقى أنواع التربية، ومن المفترض أنها ستصبح سيدة مجتمع راقيه في غضون شهور.
قلبت فاطمة عيناها بحنق لتقول: أرجوك منال توقفي عن ذاك الحديث الذي يشبه حديث والدتي، أنا لا أطيق تلك الطريقة.
زفرت منال بقوة وقالت وهي تحثها على السير معها: اهدئي واخبريني ما الأمر بغرفتك حتى لا تأتي ماما الآن وتسمعنا ما نكره لان صوتنا عال وهذا
أكملت الأخرى بتبرم: أمر غير مقبول، نعم اعلم قواعد الماما.
ضحكت منال بخفة وقالت وهي تدلف معها غرفتها لتغلق الأخرى الباب خلفها فتقول منال بصبر وهي تجلس على الفراش: هيا تكملي من الذي أغضبك لتصلي إلى تلك الحالة غير المقبولة بالمرة.
جزت على أسنانها بقوة وقالت بغضب تألق بعينيها: أيوجد غيره، ذاك الوقح، خطيبي المفترض.
عقدت منال حاجبيها وهي تشعر بالقلق يداهمها وتمتمت داخليا " استر يارب "
لتبتسم بهدوء وتقول بمهادنة: ماذا فعل؟!
رمت فاطمة العلبة الحمراء المخملية بجانب منال على الفراش وقالت وهي تتحرك بخطوات عصبية في غرفتها: انظري.
اتبعت بصياح فعلي تلك المرة: لقد أتى بهما وهو يخبرني أن علي ارتدائهم في الحفلات العامة التي ستجمعني به.
ازدردت منال لعابها وهي تفتح العلبة لتتسع عيناها بانبهار وتمتمت رغما عنها: وااااااااااو، إنهما رائعين.
لفت لها تومي بحدة وهي تضييق عينيها بها وتقول: هل هذا ما لفت انتباهك من حديثي؟
ضحكت منال بقوة وهي ترى تلك النظرة بعينيها والتي شابهت نظرة خالد بل ماثلتها في القوة وقالت: نعم هذا ما توصلت له فانا أرى أنهما رائعين ولا افهم سبب اعتراضك !!
قالت فاطمة وهي تشيح بيديها غاضبة: أنا أحب خاتمي الذي انتقيته ولا أريد غيره.
نظرت لها منال مليا لتقول بصوت قوي وهي تشير إليها بصرامة لتجلس أمامها : تعالي فاطمة واجلسي هنا.
تحركت فاطمة بخطوات هادئة قليلا لتبتسم منال في وجهها بإشراق وتقول: أنت تريدي أن اصدق أن غضبك ذاك كله بسبب انه أتى لك بهدية؟!
مطت فاطمة شفتيها وقالت: لا ليس لذلك الأمر فقط، انه يؤمرني منال وأنا لم اعتاد ذلك، رغم أني اعترضت اخبرني بهدوء، أن علي ارتدائهما وان ذلك الأمر لا يقبل به المناقشة
زفرت بقوة وهي تتبع: ثم انه يتدخل بأشياء لا تعنيه
سالت منال وهي تنظر لها بترقب: مثل ماذا؟!
قالت فاطمة بحنق: كعلاقتي بخالد
نظرت لها منال باستفهام فاتبعت: انه ضائق من علاقتي بخالد ويريد أن أتوقف عن معانقته وتقبيله
ابتسمت منال باتساع وقالت بهدوء: معه حق
اتسعت عينا فاطمة وهي تنظر لشقيقتها باستنكار ورددت بانفعال: معه حق
هزت منال رأسها بتصميم وهي تنظر لها بإصرار وقالت بصوت قوي هادئ: نعم معه حق، لست صغيرة لتتعلقي برقبة خالد من حين لآخر وتقبليه.
شحب وجه فاطمة قويا وقالت: ما الذي تقولينه منال، انه أخي؟!
هزت منال رأسها نافية: لا فاطمة ليس بأخيك ومن الجيد أن الباشمهندس تكلم بذاك الأمر لأني كنت سأتحدث معك به، أنا الأخرى أتضايق.
رمشت فاطمة بعينيها والاستنكار يعلو وجهها فأكملت منال: اسمعي فاطمة أنا اعلم جيدا العلاقة التي تربطك بخالد، وانه أكثر من أخيك أيضا ولكن ذلك لا يمنع أني ارفض أن تقبليه أو تعانقيه، لقد كبرت وهذا أمر مرفوض كليا وخاصة اننا هنا وأغلبية الناس لا تتفهم تلك الأمور، بالنسبة إليهم أنت فتاة منحلة لا أكثر.
عقدت فاطمة حاجبيها وقالت بلامبالاة: أنا لا اهتم لهم.
اكتنفت منال كفيها بيدها وقالت: لابد أن تهتمي فاطمة، لابد أن تهتمي بما يقوله الناس عنك، لا بد أن تهتمي لاسم عائلتنا وسمعة أبي فاطمة، لابد أن تهتمي لأجل خطيبك واسمه وماذا سيدور عنك إذا تواجدت بمكان عام وهو معك وتعلقت أنت برقبة خالد، انه رجل شرقي ولابد له أن يهتم بمظهره وبما سيتهامس الناس به عنك إذا حدث مثل هذا الأمر.
ابتسمت منال بخفة وقالت وهي تنظر لشقيقتها التي ومضت حدقتيها بادراك متأخر: ولنترك الناس جانبا فاطمة، الم تلاحظي ولا مرة كيف أن خالد يفرض علي إطار من الحماية عندما نتواجد في الأماكن العامة، كيف ينظر بقوة لآي شخص يقترب مني سواء كان قريبا أو غريبا.
رمشت فاطمة بعينيها وأذنيها تحتقن قويا فأردفت منال: خالد من تربى بالخارج وجيناته نصفها يحمل برود الانجليز ومعتقداتهم يغار ولا يقبل بان أعانق أحدا أو اقترب من احدهم، فلماذا تنكرين على من تربى عمره كله بمصر ويحمل جينات الشرقيين بحذافيرها أن لا يغار عليك؟!
زفرت بحنق: وخاصة أن زوجي العزيز يتعمد أثارة غيظه وغيرته.
ضحكت فاطمة بقوة وهي تقول بشقاوة: كم اعشق زوجك هذا وهو يتفنن في إغضابه.
جمد وجه منال ونظرت لها بقوة فابتسمت فاطمة وقالت بمرح: انه تعبير على سبيل المزاح منال،
زمت منال شفتيها برفض مطلق ارتسم على ملامحها فقالت فاطمة بصدق وهي: اعتذر ولكني لم أكن اعلم انك تغريني بتلك الطريقة التملكية.
قالت منال بقوة وعيناها تشع بالحزم: إذا اعلمي يا شقيقتي وعندما يحدثك الباشمهندس تعاملي كان شيئا لم يكن واريه انك ستمتثلي لأمره ليس لأنه يريد ذلك ولكن لأنك تهتمي بابي واسمه.
شعت عينا فاطمة بشقاوة وقالت بسخرية تجلت في حدقتيها: سأفعل.
ضحكت منال بخفة وقالت وهي تنظر لها بتفحص: اعلم أن لديك عقدة ضد الطاعة ولذلك أتيت لك بسبب لتنفذي أمره دون أن تؤنبك كرامتك على طاعتك له.
ضحكت فاطمة وقالت: والخاتم
تنهدت منال بقوة وقالت: لا أرى به مشكلة، أنا الأخرى لدي خاتم آخر ارتدي بالتجمعات العامة غير دبلتي الذهبية انه أمر عادي فاطمة وكما فهمت منك انه لا يريد تجريدك من خاتمك العزيز.
حركت أصابع يدها التي تتألق بخاتمه: نعم هو اخبرني بذلك.
ربتت منال على رأسها بحنو وقالت: أرأيت انه يريد أن يرضيك ولكنك أنت متمردة دائما تومي.
ابتسمت فاطمة بغرور وقالت: يحق لي.
هزت منال رأسها بلا أمل وهمت بالتحرك للخارج فتنحنحت فاطمة بطريقة جعلتها تتوقف وتنظر لها فهمست بتساؤل وعيناها تشع بغموض: هل علي الاتصال به؟!
ابتسمت منال باتساع وهي تنظر لها بتفحص وهي تحدث نفسها " ليس سهلا ذلك الوائل، وفاطمة ستفقده عقله قريبا "
قالت بهدوء وهي تبتسم باتساع: لا، انتظري.
غمزت بعينها لشقيقتها وقالت بخفة: سيتصل هو بك ويصالحك أيضا.
عقدت فاطمة حاجبيها وهي تنظر لمنال بتشكك وقالت بعدم ثقة: حقا؟!
هزت منال رأسها وقالت بيقين: نعم، سيفعل، لا يريد إغضابك ثاني يوم خطبتكما تومي، لا تقلقي.
قفزت فاطمة واقفة وقالت: نعم أنت محقة
لمعت عيناها بثقة تدفقت لأوردتها: سيفعل بالطبع سيفعل.
يتبع
|