كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 18- رواية امير ليلى بقلم Solafa El Sharqawey .. الفصل الـ 30 ..
استيقظت من نومها ، نومها الذي لم تذهب إليه ، لقد ظلت متيقظة رغم إنها أغمضت عيناها وأسكنت جسدها ، تلحفت بغطاء سميك أرادت أن تغطي به روحها التي تعرت جراء ما فعله بها
ادعت النوم ليس على ايني فقط التي اتت اكثر من مرة لتوقظها ، بل ادعت النوم على نفسها ايضا ، اجبرت نفسها على التصديق انها نائمة ، اجبرت جسدها على ان يكون قويا ويكف عن الارتجاف ، اجبرت قلبها عن الكف عن الانتفاض قويا وكانه جسد تفيض منه روحه بسلام .
والان تجبر نفسها على النهوض من الفراش وادعاء اللامبالاة ، ادعاء انها طبيعية لم يحدث بها شيء ، ادعاء انها لازالت انسانة حية ترزق وكانه لم يزهق روحها البارحة .
اخدت حمام دافئ ، وتحكمت قويا في تلك الرجفة التي انتابت جسدها بأكمله وهي ترى جسدها يحمل اثار يديه وهي تنظر الى تلك الكدمات التي وشمت ذراعيها باللون الازرق ، اغمضت عيناها وهي تمنع الذكرى من التدفق بعقلها حتى تستطيع الصمود امامه ، تحكمت في دموعها وهي تفتح عينيها مرة اخرى وترفع راسها في قوة ارادة وصلابة شعرت بهم يغلفا قلبها بغلاف شفاف ليخزن الالم بداخله
مسحت وجهها بكفيها لتنظر الى نفسها بالمرآه وتهمس لروحها كوني قوية
ارتدت شيئا ساتر وتحركت خارج الغرفة وهي تبث لعقلها ان يتحاشى رؤيته لتتنفس الصعداء وهي تسمع ايني تتحدث مع زوجة خالها عن رحيله المفاجئ !!
ابتسمت ابتسامة خالية من المشاعر وقالت بهدوء : صباح الخير .
قفزت ايني بمرح : اخيرا استيقظت ايتها الاميرة النائمة ، مللت بمفردي وانت وليلى تتباريان في منكما ستنام لعدد ساعات اطول من الاخرى .
حاولت الابتسام بطبيعية وهي تقول : المعذرة ايني افسدنا عليك يومك .
صاحت ايني بنزق :نعم أفسدتموه كليا ، فبلال بك تركنا وعاد للقاهرة وانت وليلى نائمتان للان وامير ذهب الى مكان يعلمه الله وحده وانا بمفردي .
تغلبت على انتفاضتها التي انتابتها قويا عندما ذكرت ايني اسمه وتلك الموجة من الغثيان التي صعدت لحلقها لتقول بهدوء : وها انا ذا استيقظت ، ماذا تريدين ان تفعلي ؟
لمعت عينا ايني بجزل وقالت : ما رايك لنرتدي ملابس السباحة ولنسبح قليلا .
ابتسمت بتوتر وهي تتذكر جسدها الذي يحمل اثاره فقالت : لن استطيع للأسف اعتقد اني سأصاب بالبرد .
تأففت ايني بصوت مسموع وقالت : لذا ترتدين تلك السترة المغلقة ذات الاكمام .
اتبعت بزفرة قوية : الف سلامة عليك مسبقا .
ابتسمت دون ان تخرج الابتسامة من داخلها وقالت : سلمك الله .
تحركت بالية لتتوقف ايني امامها وتنظر اليها بتفحص وتقول :ماذا حدث معك ؟
رمشت بعينيها وسيطرت على ارتباكها قويا وقالت : لم يحدث شيء .
نظرت لها ايني بريبة لتقول : بلى انت لست بطبيعتك ،
اقتربت لتنظر الى عينيها مباشرة وقالت : انت تخفي عني شيئا .
علمت انها لن تتخلص من الحاح ايني بسهولة ، تنفست بعمق وقالت بهدوء : لقد افترقنا انا وبلال .
اتسعت عينا ايني بدهشة ووضعت يدها على فمها وقالت : اوه يا اللهي .
اقتربت لتضمها اليها وهي تحاول ان تواسيها لتبتعد سوزان للخلف خطوتين وتقول : لا ايني .
عقدت ايني حاجبيها بتعجب فاتبعت الاخرى : انا بخير ، بأفضل حال ، ذلك الانفصال من الافضل لكلينا .
نظرت لها ايني بانبهار لتبتسم بخفة وتقول : اذا انت تخفين تلك القشرة الصلبة القوية تحت قناع البراءة والمرح ، تعجبيني يا فتاة .
لفت يدها حول عنقها بمزاح اخوي اعتادت عليه الاخرى لتهمس : صدقيني هو لا يستحقك .
نظرت لها سوزي بتعجب فقالت الاخرى بحنق ظهر جليا على وجهها : اليس شقيقي ولكنه احمق بل في غاية الحمق وانت ستكونين بدونه في احسن حال .
ابتسمت سوزان بطبيعة بعد ان كانت تظن انها لن تستطع الابتسام ابدا ولكن ايني بمرحها تستطيع ان تطوع الحجر ، همست : اشكرك ايني .
عقدت ايني حاجبيها وقالت : علام ، انا اخبرك بالحقيقة ، والحقيقة هي انك تستحقي دائما ما هو افضل .
زفرت بقوة واتبعت : اتمنى ان لا تتأثر علاقتنا سويا سوزان .
نظرت لها بدهشة : ابدا ايني سنظل سويا دائما انت شقيقتي التي لم يهبها لي الله .
حضنتها ايني بقوة لتتأوه الاخرى جراء ضغط ايني لجزء من ظهرها الذي يحمل كدمة جراء ارتطامها بحافة الفراش البارحة ، لتقول ايني بتعجب : ما بك ؟
قالت سوزان سريعا : لا شيء ولكني خبطت البارحة بحافة حوض الاستحمام ولذلك تأوهت .
اعتذرت ايني بصدق : اسفة .
__ لا عليك .
لمعت عينا ايني بشقاوة وقالت : حسنا لنمضي اليوم في التنفيس عن روحنا ، لنجعله يوم للفتيات .
ابتسمت سوزان وهي تهز راسها بالموافقة لتقف فجأة وهي تقول ولكن : امير هنا ولن نستطيع ذاك .
هزت ايني راسها بحنق وقالت وهي تتجه لجهاز استريو كبير موضوع جانب الشرفة التي تطل على الحديقة : الم تستمعي الي انه ليس هنا .
هزت راسها بالتفهم لتتبع ايني : سأبدل ملابسي لأسبح انا قليلا وانتِ اختاري ما سنستمع اليه .
لتتسع عيناها بغضب فعلي وهي تقول بثورة : تبا لك بلال .
رمشت سوزان بعينيها وقالت : ماذا حدث الان ؟
اتبعت ايني بحنق بلغ ذروته : لقد اخذ السيارة وبها جميع اسطوانتي المضغوطة .
قالت سوزي بتلقائية : هوني على نفسك، اذا لنستمع لإذاعة الاغاني
صعدت درجات السلم بعنف وهي تدق الارض بقدميها وقالت : انه أحمق .. احمق .
تنفست هي بعمق بعد ان غابت الاخرى من امام نظرها وهي تقرر انها لن تمكث هنا يوم اخرأ ستعود باي طريقة الى البيت ولكنها لن تظل هنا ،بثت لنفسها التشجيع " انه ليوم واحد سوزان فلتصمدي وتكوني قوية ، سننجو من تلك الذكرى البغيضة التي تحوم حولنا "
تمتمت بخفوت : سانجو بإذن الله .
************************
دلفت الى الدّوار الاخر الخاص بجد مديحة والذي تسكنه عائلة والدها الان ، تشعر برهبة تحيط المكان ، وخاصة ان فن المعمار الإسلامي يزين المكان بوضوح ، فتلك الارائك المصنوعة من الارابيسك ، والتحف الفنية ذات الطابع الإسلامي ، المزهريات المطعمة بالصدف ومصنوعة بحرفية عالية ، لم يكن البيت كبيرا كبيت جد زوجها ولكنه يحمل فخامة وعراقة ، لم تكن تتوقع وجودها هنا في تلك العزبة التي تقع بعيدة الي حد ما عن قلب مدينة المنصورة !!
استقبلتها احدى السيدات المسنات التي نظرت لها بنظرة تفحصيه شاملة وظهر عدم الرضا على وجهها وهي تطلب منها الدخول .
استنتجت هي انها احدى السيدات اللوائي يعملن بالمنزل ولكنها ليست بخادمة انها تتصرف كأنها احد افراد العائلة على الرغم انها ليست كذلك
دقائق معدودة حتى أتت لها احدى الفتيات صغيرات السن لتبتسم على استيحاء وتخبرها ان الانسة مديحة تنتظرها بغرفتها في الدور الأعلى .
اتبعت الفتاة بهدوء وهي تجول بنظرها في البيت وتتأمله بانبهار فذا كان الدور السفلي بغرفة الاستقبال يعبق بالفخامة والعراقة ، فالدور العلوي عنوان للرقي ولذوق ربة المنزل الخاص جدا المتعلق بالفن الإسلامي
تنفست بحبور لتتوقف وهي ترى تلك الفتاة التي تتبعها توقفت عند احدى أبواب الغرف لتطرق باباها بهدوء ، ابتسمت بهدوء وهي تستعد للدخول الى ديدي ، لتعقد حاجبيها بانزعاج وهي تسمع صوتين انثويين يتحاوران في شد وجذب ميزت من بينهما صوت مديحة ولكن الصوت الاخر كان صوتا رزينا ينم عن سيدة شارفت على أوائل الخمسينيات .
لم تفهم فحوى ذاك الحوار الذي توقف عندما فتحت الخادمة الصغيرة الباب ليصدح صوت السيدة الأكبر سنا ومكانة بالتأكيد وهي تقول : لابد ان تعلمي ان عمتك لن توافق على ذلك .
صاحت مديحة بغل : لا يهمني موافقتها امي .
تنفست السيدة والدة مديحة وقالت بتعقل : فكري بوالدك مديحة وتذكري دائما انه لن يرضى عن اغضابك لها .
تنحنحت الفتاة لتنبههم لوجودهما لتزجرها السيدة بنظرة غاضبة وهي تسيطر على غضبها بتمكن رائع وتبتسم في وجه هنادي بأريحية وتقول : مرحبا بزوجة ابننا الغالي ، لطالما اردت رؤيتك .
اندهشت هنادي لذلك الاستقبال الغير متوقع لتنظر اليها بذهول ولكنها أجبرت نفسها على افاقة سريعة وهي تتقدم باتجاه تلك السيدة التي تحمل قدرا كبيرا من الجمال ، ومن ملامح مديحة أيضا لتبتسم لها بود وتقول : مرحبا سيدتي سررت بالتعرف عليك .
ابتسمت السيدة وهي تضمها بحنو ذكرها بوالدتها وتقول : بل انا الاسعد بنيتي ،تفضلي .
ابتسمت ديدى بوجه هنادي وهمست لها وهي تحتضنها : لا تندهشي من امي ان ذاك طبعها ، ترحب بالجميع بحفاوة وانت ليست تحمل لك أي شعور سيء
ابتسمت هنادي بهدوء وقالت : انها رائعة .
ابتسمت السيدة باتساع وقالت : نورت بيتنا هنادي ، ماذا ستشربين ؟
ابتسمت هنادي بلباقة وقالت : اشكرك سيدتي .
هتفت ديدي : لن تشرب امي ستتناول الإفطار معنا .
ابتسمت السيدة بحماس : وهو كذلك ساعد الفطور لنا جميعا ولتتبعوني للأسفل بعد ان تنهوا حديثكم
همت بالحديث لتدخل تلك الفتاة الصغيرة التي اصطحبت هنادي للأعلى وهي تهرول وتقول سريعا : سيدتي اسرعي فوزية هانم بالأسفل وتسال عنك .
ابتسمت السيدة بهدوء وقالت : اهدئي اخبريها اني سأنزل لها الان .
تلعثمت الفتاة وقالت بصوت منخفض في محاولة فاشلة منها للهمس حتى لا تستمع اليها هنادي : انها غاضبة للغاية وتسال عن وجود السيدة !!
احتقن وجه والدة مديحة لتقول بثبات حسدتها عليه هنادي : حسنا سآتي معك .
التفتت للفتاتين وهي تحاول الابتسام وتقول : سأبلغكما ريثما ينتهي الفطور .
ابتسمت مديحة بسخرية وقالت : على راحتك ماما لدينا الكثير من الأمور لنفعلها سويا .
غادرت الغرفة بخطوات متعجلة وأغلقت الباب خلفها لتقول لتلك الفتاة : اخبري ممدوح ان يأتي حالا
صمتت لثواني لتقول : اخبريه ان عمته هنا .
نزلت السلم بخطوات متعاقبة تحمل التوتر بداخلها وفي ظاهرها الرزانة وهي تمتم بخفوت : سترك يا رب .
*******************************
استيقظت من نومها على صوت موسيقى تدب بإذنيها ، وضحكات انثوية مرحة منطلقة ، لتكتشف انه صوت ايني عندما بدا الادراك يزحف الي عقلها .
نظرت الى هاتفها لتجد الوقت تعدى الثالثة عصرا لتقفز واقفة من الفراش وهي تقرر انها لابد من ان تتحدث مع بلال .
.
.
قالت السيدة ماجدة بهدوء وهي تنظر الى ايني الجالسة امام سوزان يلعبا الورق سويا وبجانبهما بعض من المقرمشات وعلب المياه الغازية الفارغة : الم تستيقظ ليلى بعد ؟؟
هزت ايني راسها نافية وقالت : لا ماما .
سالت السيدة ماجدة مرة اخرى : الم يعود امير ؟
هزت ايني راسها بالنفي وقبل ان تجيب اتى صوته الهادئ : للتو وصلت .
ابتسم بوجه السيدة ماجدة : كيف حالك اليوم امي ؟
هزت راسها بابتسامة ودودة : بخير حال بني ، لقد قلقت عليك فقط .
قفزت ايني واقفة وهي تقول : اين كنت بحق الله ؟
ابتسم ليخفض نظره عنها عندما فوجئ بما ترتديه من شورت قصير وقميصا قطنيا يكشف عن كتفيها ، قال بهدوء بعد ان حيا سوزان براسه : كنت اصطاد .
اتبع جملته بان حمل ذلك الصندوق البلاستيكي للداخل ويفتحه اتبعته لتتسع عيناها بانبهار وتقول : سمك ؟
ضحك بخفة وهو يتحاشى النظر اليها : نعم ، ما رايك ؟
نظرت الى الاسماك التي وضعت بأسفل الصندوق وقالت : حقا اصطدته ام اتيت به من عند بائع السمك ؟
عقد حاجبيه بانزعاج فقالت :انها كمية كبيرة امير .
هز راسه بسلاسة ليقول : حسنا لتساعديني في تنظيفها لنبدأ بشويها .
اتبع : او كيفما تريدون طاهيها ، سأطهوها .
قالت السيدة ماجدة - التي اتبعتهم للداخل ، بحرج : لا طبعا بني ، سنطهوه نحن ، يكفيك الساعات التي جلستها لتصطاده .
هز كتفيه بسلاسة : لا عليك امي ، انا لست متعبا .
نظرت السيدة لابنتها بغضب فقالت ايني سريعا : سأوقظ ليلى فهي من تهتم بشئون المطبخ .
سال سريعا : انتظري ، الم تستيقظ ليلى للان ؟
هزت راسها بالإيجاب لتعود وتقترب منه وتقول بهمس: ان تلك الحالة الشبة إغماءيه تنتابها منذ ان اتينا من لندن ، انها تنام لأوقات طويلة ، ولا تستيقظ سريعا عندما اوقظها ، لم تكن بتلك الحالة قبل العملية وانا بدأت اخشى ان تكون العملية السبب فيما يحدث لها
اتبعت : وانا لا اريد ان اقلق ماما فلم اخبرها وبلال .
زفرت بقوة : نزق للغاية ولا استطيع الحديث معه .
رمش بعينيه وهو يعلم ان تلك طريقتها الأزلية للهروب من واقعها ، تذهب للنوم ولا تريد الاستيقاظ ، تلك هي ليلته الحزينة تنام هروبا من ضغطه المستمر عليها ، ابتسم بتوتر وقال : حسنا سأستشير الطبيب في ذلك ، لا داعي للقلق .
انتبها الاثنين على صوتها اتى من خلفهما تقول : صباح الخير .
ابتسم بحنو وهو ينظر اليها لتتورد وجنتيها تلقائيا وتخفض بصرها عنه قالت ايني بمرح : بل قولي مساء الخير اصبحنا الرابعة عصرا ليلى .
شحب وجهها وهي تنظر لما ترتديه اختها لتعدل من وضعيه حجابها وهي ترمقه بنظرة سريعة ، ابتسمت بتوتر وهي تردد بتلقائية : مساء الخير .
قالت ايني سريعا : من الجيد انك استيقظت الان ، فانا كنت ذاهبه لأوقظك .
قالت وهي تتجه لماكينة القهوة التي تقع في ابعد مكان عنه : خيرا ؟
تابعت ايني بحماس وهي تقترب منها : امير اصطاد سمكا لنطهوه وانت اعلم بي في امور الطبخ تلك .
ابتسمت بفتور وقالت : حسنا سأقوم بطهوه انا .
نظرت الى اختها مليا وأشارت لها بعينيها لتقترب فالتقطت الأخرى اشارتها واقتربت منها سريعا فقالت ليلى في همس خافت حتى لا يستمع اليها : من الافضل ان تبدلي ملابسك .
عقدت ايني حاجبيها وقالت بخفوت : لماذا ؟
نظرت لها ليلى باستنكار وقالت : لا يصح ان تجلسي امامه بتلك الطريقة .
احتقنت وجنتا ايني بخجل وقالت : حسنا سأبدل ملابسي سريعا .
تنفست بعمق واستدارت مع مغادرة اختها للمكان ،فهي تريد الانشغال عن وجوده معها هنا ، اعدت لنفسها كوبا من القهوة وصبته بهدوء لتساله بصوت منخفض : هلا اعد لك كوبا انت الاخر ؟
هز راسه نافيا فالتفتت اليه دون ان تنظر اليه، لتتأكد من انه سمعها وقالت : هل تريد القهوة ؟
قال بهدوء : اذا نظرت الي سترين اجابتي عليك .
قالت بتوتر وهي تعود لما كانت عليه وتقلب قهوتها بفتور : اعتقد انك تستطيع الاجابة بلسانك ليس براسك .
قال بهدوء وهو يقترب منها : انظري لي .
اعطته ظهرها وهي تشغل نفسها ببعض الاكواب التي تحتاج الى ان تغسل ، تحركت بتوتر شع من جسدها المشدود كوتر القيثارة ، انهت تلك الاعمال الخفيفة ودارت على عقبيها لتشهق بخفوت وهي تجده يقف امامها مباشراً وينظر لها بحنو وابتسامته الجانبية تزين وجهه ، رمشت بعينيها وهي تحاول ان تتحدث معه بطبيعية فرحمها هو من ذاك الخجل الذي لمع بعينيها وقال : ماذا بك ؟ هل حدث شيء لم انتبه اليه ؟
هزت راسها بالنفي وقالت : لا ، لم يحدث شيئا
تنفست بعمق واتبعت : انا بخير .
هز راسه بتفهم فقالت وهي تذهب لتنظر الى الصندوق الذي يحتوي على الاسماك : كيف تريد طهوه ؟
هز كتفيه بلامبالاة : كيفما تريدونه
نظرت الى الاسماك مرة اخرى وقالت : ان أحجامه مختلفة لنشوي الصغير منها والكبير نعده باي طريقة اخرى
فرقعت اصابعها كمن حصل على كنز وعيناها تومض بلمعة ابهرته : سأطهو لكم صينية سمك لم تتذوق مثلها من قبل .
اتسعت ابتسامته وهو يقول بمكر : انا متأكد اني لم اتذوق مثلها من قبل ولكن ليكن بعلمك اذا أعجبتني لذلك القدر سأطلبها منك مرارا وتكرارا .
احتقنت وجنتيها بقوة وهي تلتقط نظراته الماكرة لتتنحنح وتقول : اخرج من هنا واذهب لتفعل اي شيء بعيدا عني .
كتم ضحكته ليقول : لا استطيع الابتعاد عنك يا ليلتي .
اشتعل وجهها بالكامل ليضحك بخفة ويقول : ثم اني سأساعدك .
اتبع عندما همت بالاعتراض : دون اعتراض من فضلك .
ابتسمت وقالت : حسنا انت من صممت .
*****************************
طرق الباب بهدوء وهو يطل منه براسه ويقول بطريقة انيقة تماثله :اتيت اودعك قبل سفري بابا
رفع سيادة الوزير عينيه اليه وهو يبتسم بهدوء : تعال وائل
تقدم بخطوات ثابته اتجاه ابيه الذي نهض واقفا ثم ضمه اليه ليرتب على كتفه ويقول : سأشتاق اليك بني
ابتسم وائل بهدوء: انها الاسكندرية ابي لم اهاجر بعد
ضحك الوزير بخفة وقال : لن اسمح لك بالهجرة حتى لو اردتها
هز وائل راسه بالإيجاب وقال : وانا لا اريدها ابي
اشار له والده بالجلوس على احدى الكرسين الواقعين امام مكتبه ليجلس هو على الاخر امامه ويقول بحزم : اريد ان احدثك بأمر ما وائل
انتبه وائل واعتدل في جلسته باهتمام فاتبع اباه بجدية : اتذكر تلك الفتاة التي تحدثت اليها بزفاف اخيك
عقد وائل حاجبيه بتفكير و قال : ايهن ابي ؟!
ضحك سيادة الوزير لينظر اليه بطرف عينه ويقول : لم تحدث الكثيرات بني
تنفس بقوة واتبع : انا اتحدث عن تلك الفتاه التي لم تفارقها نظراتك طوال تواجدها بحلقة الرقص ، بل انك التصقت بي لتتعرف على هوية رفيقها
نظر له مباشرا واتبع : واستغللت انشغاله معي بالحديث لتتحدث معها بهمس وعيناك تتقد بالإثارة
اتسعت عينا وائل ليظهر الانزعاج على وجهه وهو ينظر لأباه بتعجب فابتسم الاب وقال : انت ولدي وائل وانا استطيع تفهم تصرفاتك جميعها دون ان تخبرني بها
رمش وائل بعينيه والجمود يزحف على وجهه ، قال وهو ينظر الى والده بعيني خاليه : ما بها كريمة آل الخشاب ؟
ابتسم الوزير بفخر وقال : تعجبني قوة ملاحظتك بني
زفر وهو ويتبع بهدوء عميق : اريدك ان تتزوجها
اعتلت الصدمة وجهه ليقول بصوت مبحوح : ماذا ؟
ظهرت الجدية على وجه سيادة الوزير : سمعت جيدا يا فتى فلا تتعمد البلاهة
رمش وائل بعينيه وقال بنبرة محشرجة : ولكن ابي انت تعلم
اكمل الاب مقاطعا : اعلم كل شيء وائل
اتبع والده بصرامة : ولكني ادرك ايضا ما اراه بأم عيني
تنفس بقوة وهو يكمل : وانت معجب بتلك الفتاة ، لم ارى ذلك فقط بل استشعرت ذلك ايضا ولذلك تحدثت مع خالد وحاولت اشغاله عما يدور بينكما على قدر استطاعتي _فانت استغللت الفرصة جيدا بني ، ولكنه ذكي كما توقعت بل اذكى مما توقعت صمت قليلا : اعتقد انهم يبالغون في الحديث عنه ولكن هذا هو خالد سليمان كما سمعت عنه
زفر بقوة ثم اتبع : وان لم أنبهك لنظرته القوية لكان دق عنقك دون ان يهتم بي
ظهر الانزعاج على وجه وائل وعقد حاجبيه لتطل الغطرسة من حدقتيه وهو يقول باستياء : وما باله هو ؟
ابتسم الوزير بتفكه وهو يشعل سيجاره الكوبي بتلقائية : الم تشعر بتلك الرابطة الاخوية السائدة بينهما هو يحميها كأخته الصغرى وهي تعامله بمثابة الاخ الاكبر اكمل : ثم ان خالد معروف عنه شرقيته الجامحة بغض النظر عن نصفه الانجليزي وملامحة الاجنبية
زفر وائل بضيق وقال : حسنا
سحب نفس عميق وقال بصدق : لم هي ابي من وقع عليها اختيارك دونا عن الباقيات ،
نظر له والده بجدية : انها تعجبك بني دونا عن الاخريات ، تجذبك اليها فلا تنكر ذلك
هز راسه باهتمام وهو يستطرد : ثم انها جميلة .. رقيقة .. من عائلة راقية تناسب مستوانا الاجتماعي ،بها كل المميزات التي يريدها شص مثلي لتكون زوجة لولده المعروف في الاوساط الاقتصادية والاجتماعية
قال وائل بتهكم : لتتزوجها اذا ابي
نظر له اباه محذرا اياه بالتمادي وقال بصرامة : انا لا امزح يا ولد فتأدب واحمد الله ان امك لم تستمع اليك لكنت عاقبتك وبشدة على تلك المزحة السخيفة
كتم وائل ضحكته وقال بصدق : المعذرة ابي
تنفس سيادة الوزير بقوة ليقول : استمع الي وائل تلك الفتاة فرصتك لتستقر ، وانا اريدك ان تستقر وبشدة
زفر وائل بعنف : ولكني لا اريد ذلك ابي
نظر له والده مليا وقال : لا اعتقد وائل ولكنك تجمح الى العند ليس اكثر
عقد وائل حاجبيه وظهر الرفض على ملامحة ليبتسم سيادة الوزير بمكر ويقول : والا لما كنت دعوتهم لقضاء بعض من الوقت في ضيافتنا في الاسكندرية
ازدرد لعابة بقوة وهو ينظر الى والده بانزعاج حقيقي فاتبع الاخر : اخبرتك اني اكثر من قادر على فهم تصرفاتك وائل
ابتسم بفخر : فانت ابني المقرب
ابتسم وائل بتوتر فاتبع سيادة الوزير وهو يخفض عينيه : اسمع بني ، فتاة مثلها لن تستطيع الاقتراب منها دون اطار رسمي وشرعي والا سيبدأ الحديث عنكما وتنتشر الاشاعات ونحن بغنى عن ذلك كله
هز وائل راسه برفض صريح وقال بحنق : لقد تماديت حقا ابي ، لن يحدث شيء من هذا لأني لا اهتم بها لذلك القدر
ابتسم والده بسخرية وقال وهو ينظر الى عمق عينيه : حقا ؟!
زاغت حدقتي وائل وتوتر جسده بأكمله ليبتسم الوزير بمكر ويقول : كما توقعت تماما
احتقنت اذني وائل بقوة واشاح بوجهه بعيدا فاتبع والده : هيا اخبرني اللام كنت تخطط ؟
لوى وائل شفتيه ليزفر بقوة ويقول باستسلام : نعم ابي انت محق
هز راسه بنزق وهو يتبع من بين اسنانه : بل فعليا كنت افكر من البارحة كيف استطيع التقرب منها
ضحك اباه قويا ليقول : حسنا سأبلغ والدتك ان تحدد لنا معهم موعدا
ظهر الرفض في عينيه بقوة وهو يجلس بتوتر على طرف الكرسي ويقول بصوت مبحوح : ليس بتلك السرعة ابي
نظر له والده بتساؤل فاتبع : ان فرق العمر بيننا كبير هي في منتصف العشرينات على الأكثر وانا قاربت على منتصف الثلاثين .
رد والده سريعا : انه ليس بفارق كبير وائل .
جز وائل على اسنانه ليزم شفتيه بضيق فاتبع والده بصرامة : افصح عما يجول بخاطرك
زفر وائل بقوة ليقول بجمود طل من عينيه التي اصبحتا كحجري صخريين : من المحتمل ان تكون مرتبطة باخر ، لن أتقدم لاحداهن لترفضني لان اخر يملك قلبها .
ابتسم والده وهو ينظر له بحنو: اطمئن بني ، انها ليست مرتبطة .
نظر له وائل باستفهام ليقول سيادة الوزير : والدتك سالت عنها البارحة وعلمت انها ليست بمرتبطة .
ردد وائل بعيني مصدومتين : امي مشتركة معك اذا
اتسعت ابتسامة سيادة الوزير ليقول : ومتحمسة جدا لها .
اتبع يحثه على الموافقة وهو ينظر اليه بحنان : هيا بني اعطني موافقتك .
تنفس بعمق ليقول من بين اسنانه : حسنا ابي كما تريد !!
ضحك سيادة الوزير وقال بفرحة حقيقية لمعت بعينيه : على بركة الله .
****************************
ابتسمت وهي تنظر اليه من خلف نظارتها الشمسية ، تتكا على احدى ارائك البحر المنتشرة في الحديقة الخلفية للشاليه ، وهو يقف بشورته القصير ازرق اللون وتي شيرت يلتصق بصدره ذو فتحة مثلثه بلون السماء يزم شفتيه بطريقة طفوليه غاضبة ومنهمك في الشواء .
نهضت بهدوء وهي تعدل من شعرها الذي بعثره الهواء وتتجه اليه بخطوات ذات دلال راقي تعمدته .
نطقت بهدوء مغري : الا تحتاج الى مساعدة ؟
تنفس بقوة وقال بهدوء : لا .
اتبع بهدوء وهو يتعمد عدم النظر اليها : اذهبي قبل ان تعلق بك رائحة الشواء .
هزت كتفيها بلا مبالاة : لا يهم .
رفع نظره اليها وهو يشعر تلك النبرة المرحة المتشبع صوتها بها، تأملها بذلك الشورت القصير جدا بلونه الكاكي وبلوزتها القطنية الساقطة عن احدى كتفيها لتلمع تلك البقع التي تثير جنونه تحت اشعة الشمس التي قاربت ع المغيب ، ازدرد لعابة بقوة وهو ينظر الى المكر الذي تألق بعينيها فقال بابتسامة لم تخرج صادقة : انت سعيدة ياسمين اليس كذلك ؟
شعت البراءة من عينيها وقالت : بالطبع السنا سويا ؟
رفع حاجبه ونظر لها لتنفجر ضاحكة وقالت بهدوء وهي تتناول احدى قطع الطماطم المقطعة امامه وتتناولها بطريقة اثارت النبض في عنقه بطريقة ملحوظة : لقد اخبرتك وليد ان تؤجل الزفاف فهذا الموعد لا يناسبني وانت لم تستمع الي .
نظر لها من بين رموشه لتبتسم هي مرة اخرى وهي تتذكر ملامحه التي اظهرت صدمته جليا في الصباح عندما اعلنت انها غير قادرة على نزول البحر او الذهاب للشاطئ بسبب اسباب صحية .
بأول الامر عقد حاجبيه ونهض سريعا ليضمها من كتفيها اليه ويقول : هل بردت البارحة بم تشعرين ،
نظرت له بذهول فقال بجدية : اخبريني ياسمين ما بك حبيبتي ؟
بللت شفتيها بتوتر ليحتقن وجهها بقوة وقالت : لا لست مريضة كما فهمت .
رفع حاجبيه بدهشة وقال : لا افهم ، كيف تكونين مريضة ولست مريضة .
تحركت مبتعدة عنه وهي تخفض وجهها ارضا وقالت بتلعثم : انه مرض يأتي دوريا .
ضيق عيناه بحده وهو ينظر الى معظم وجهها الذي اختفى تحت خصلات شعرها واصابعها التي تفرقعها بهدوء ليقول عندما بدا الادراك بالزحف اليه ، ووجهه يعمه الذهول : لا يمكن .
توتر جسدها بأكمله امام عينيه ليتأكد من استنتاجه لذلك المرض اللعين فاقترب جانبها مرة اخرى ومسد اكتافها برقه وهو يقول بصوت هادئ الى حد ما : حبيبتي ، أأنت متأكدة ؟
فرقعت اصابعها بتوتر وهزت راسها ايجابا ، ليغمض عيناه باسى ويقول من بين اسنانه ويحاول الابتسام ولكنه فشل فشلا ذريعا بذلك : حسنا ، انه امر طبيعي ، سنتخطاه بالتأكيد .
هنا كتمت ضحكتها وهي تنظر الى وجهه الذي احمر بقوة وهو يزم شفتيه بغضب مانعا اياها ومرغمها على عدم التفوه باي كلمة خاطئة حتى لا يتسبب في اغضابها .
اقترب مرة اخرى وهو يحاول ان يظهر هدوئه ليقول برقة : هذا المرض كم من الوقت سيحل ضيفا مميزا علينا .
ضحكت بخفه وقالت مؤنبة : وليد .
تمتم بغيظ : اخبريني لمتى علي ان انتظر ؟
هزت راسها وهي تبتسم وعيناها تشع انتصارا ، اخفضت رموشها حتى لا يرى لمعة السعادة بهما وقالت في لامبالاة : خمسة ايام اكثر اقل لا اعلم .
ردد بدهشة ممزوجة بالغيظ : خمسة ايام .
نظرت له بعتب ليزفر بقوة وقال وهو يحاول ان يبتسم فتشنج وجهه بطريقة عجيبة وهو يقول : حسنا ، سأهبط لأسفل وارى ماذا لدينا نستطيع الفطور به .
تابعته بعينيها الى ان اصبح خارج الغرفة ثم سمحت لنفسها بالضحك بأريحية ، وها هو اخترع امر الشواء هذا ليلهيه عنها قليلا كما توقعت ، نبهها صوته للعودة اليه وهو يقول : اضحكي بقوة ياسمين كما تريدي من الصباح .
انفجرت مرة اخرى في الضحك ليبتسم هو باتساع وهو يرى ضحكتها المنطلقة كزغرودة البلبل ، تنفس قويا وهو يحفظ نغمة ضحكتها الرائعة بقلبه ويقول : هيا يا زوجتي العزيزة ، لنتناول غدائنا .
ابتسمت وهي تعد الاطباق معه بانسجام ، ليحمل كلا منهم طبقه ويسيرا سويا ، ضمها من خصرها بيده الحرة ويقول : رغم ذلك الخبر المؤسف لي الا اني سعيد لسعادتك .
ابتسمت باتساع فاتبع : ولمَ اغضب فأمامنا شهرا كاملا لن يحدث شيئا لو انتقصنا منه خمسة ايام .
شعر بتوتر جسدها تحت راحته فاكمل هامسا بأذنها وهو يحرك انامله على خصرتها بطريقة مثيرة : خمسة ايام لن ادعهم يمروا مرور الكرام ياسمين فانا وعدت نفسي بان شهر عسلنا يكون مختلفا في كل شيء واليوم علمت مدى اختلافه .
رمشت بعينها لتستطيع الخلاص من تأثير لمسته عليها ، ونظرت اليه بتعجب : ماذا تقصد ؟
ابتسم بخفة وقال هامسا بوعيد ، لم يخفها بقدر ما أسعدتها تلك اللمعة بعينيه : في الليل ستعرفين
****************************
أخيرا أدخلت طاجن السمك الى الفرن وستذهب لترى اخاها لابد ان تتحدث معه فبلال ليس بطبيعته التي اعتادت عليها ، لم تذهب للحديقة حتى لا تراه قبل ات تنهي ما عليها فلا يقاطع حديثهما شيء ، خطت بخطوات حثيثة لتقف عند أوائل الحديقة و تبحث عنه بعينيها ، عقدت حاجبيها باستياء وهي تستنكر عدم وجوده فاتجهت للأعلى لتطمئن عليه بعد ان تأكدت من وجود امير امام الشواية
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهي ترى فراشه لم يمس وحقيبته ليست موجوده
فتحت صوان الملابس لتجده فارغ !!
هبطت لأسفل سريعا وهي تخرج اليهم وتسال ايني بحنق : اين بلال ؟
قالت ايني بلامبالاة دون ان تلتفت اليها : غادر في الصباح وابلغ امي انه عاد لان لديه امور عليه انجازها .
شعرت بالغضب يملئ اوردتها وهي تنظر لذلك الساكن امامها فقالت : متى غادر ؟
هزت ايني كتفيها : لا اعلم .
زفرت بقوة واقتربت منه بخطى هادئة الى حد ما ، وقفت امامه قليلا الى ان رفع نظره اليها فقالت بهدوء أخرجته بجهد جهيد : اريد الحديث معك .
زم شفتيه وهز ارسه بالإيجاب وقال : حسنا لقد قاربت على الانتهاء .
قالت في هدوء : سأنتظرك بالداخل .
هز راسه بالموافقة ليتبعها بعد دقيقتين بعد ان عهد بالبقية للشقية ايني ووعدته ان تكملها كما علمها منذ قليل ، لا ينكر انها ذكيه جدا وتعلمت سريعا ، وسريعة البديهة ايضا ولماحة بطريقة مريبة ، في تلك الأمور هي عكس اختها الكبرى تماما ،كتم ضحكته وعقله يقفز لتلك المقارنة وهو يخبره ان لو ليلى تمتلك نصف تلك الصفات التي امتلكتها تلك الشقية الصغيرة لكانت انتقمت منه اشد الانتقام ، تنفس قويا وهو يحمد ربه على ليلته الهادئة الرحيمة التي يتحكم بها قلبها عوضا عن أي شيء اخر ،تمتم بخفوت : وهذا ما يؤلمها الان قلقها وحزنها على اخيها الاحمق الذي غادر وكانه يهرب من شيء يطارده !!
توقف عند اول المطبخ ونظر اليها وهي تتحرك بعشوائية في المكان ، تدور حول نفسها بحركة غاضبة يعلم سببها جيدا
تنفست بقوة وتوقفت عن الحركة عندما شعرت بوجوده ، اسندت ظهرها الى حافة المغسلة ،وهي توليه وجهها ،عقدت ساعديها امام صدرها وزمت شفتيها بحنق ، تقدم بضعة خطوات باتجاهها ليظل متمسك بمسافة وافية بينهما ونظر اليها مستفهما
قالت بصوت شابه الغضب : هل كنت تعلم ان بلال غادر في الصباح ؟
عقد حاجبيه وهز راسه بالإيجاب فقالت بصوت حاد : لماذا لم تخبرني ؟
قال بهدوء : لم تساليني عنه ؟
اتعست عيناها باستنكار وقالت بثورة : الم تفكر ولو للحظة واحدة ان تخبرني ان اخي غادر المكان وهو لم يحظى بقدر كاف من النوم ؟
رفع حاجبيه بدهشة وقال : انه ليس بطفل ليلى انه يعلم ما يفعل جيدا .
اتسعت عيناها باستنكار وقالت : هذا لا يعطيه الحق ان يغادر بتلك الطريقة
قال بملل : وأيضا لا يعطيني الحق في إيقافه ،لست شرطي مرور لامنعه من القيادة وهو لم يحظ بقدر كاف من النوم .
صاحت بحدة : لماذا لم تخبرني ؟
نظر اليها بقوة وقال : ما الذي يضايقك ليلى ، اني لم اخبرك ام شيء اخر انا لا اعرفه ؟!
وكانه شد فتيلها لتنفجر صائحة بألم وتقول بمرارة : لقد غادر وهو مستنفذ القوى مجروح ومتألم .
اتبعت وعيناها تفيض بالرقة والحنان وهي تنظر الى الامام ، وكانه ليس متواجدا معها : كان وحيدا الفترة الماضية ، لم استطع النفاذ اليه رغم اني كنت اشعر به جيدا ، اشعر بالمه وجرحه ولكني انشغلت عنه
تظللت حدقتيها بقسوة ازعجته وهي تنظر اليه وتتبع : انشغلت عنه بسببك بسبب ما تفعله بي ، تلك الحرب التي تديرها من حولي افقدتني توازني وجعلتني فقط افكر بنفسي والهث لأجد طريقة للهروب منك .
زفرت بقوة وعيناها تلمع بدموع حبيسة ابت ان تسقط : وأخيرا غادر وهو غاضب مني لاني قسوت عليه
اغمضت عيناها باسى وقالت : يا الله
اتبعت وهي ترفع يدها امام وجهها وتنظر اليها : كيف استطعت فعلها ؟ كيف ؟
تنفس بهدوء وكتم انزعاجه منها ومن اتهامها له وقال : اهدئي ليلى
قبض كفيه الا يلمسها وقال بهدوء : لم يكن غاضب منك .
اتسعت عيناها بادراك وقالت : اذا كنت تعلم امير
تمتم بضيق : اعلم ماذا ؟
هتفت : كنت تعلم ما يضايقني ،
عقد حاجبيه باستنكار وهي تنظر له بعيني متسعة بغضب عاتي لم يراه بهما من قبل وتهتف بقوة: اذا كل ذلك الود والمواساة كانت من اجل هذا ، ان تشغلني عن مغادرة بلال ، ان تخفي عني امره .
ظهر الانزعاج على وجهه وقال : علام تتحدثي انت ؟
اتبع بصرامة وهو ينظر اليها بوعيد : ثم اخفضي صوتك ولا تنسي اننا ليس بمفردنا ،
اكمل وهو يحاول ان يسيطر على انفعاله : لا اعتقد انك تريدين لوالدتك ان تسمع مشاجرتنا سويا
نظرت له بغل وهي تجز على اسنانها قويا لتنطق بحنق وعيناها تلمع باتهام : الا تعلم عم اتحدث حقا امير
اتبعت ووجهها يصدح بألآم طلت من عينيها قوية : أتكلم عن تلك الطريقة اللطيفة التي عاملتني بها صباحا ، عن ذلك الدعم الذي قدمته لي ، عن احتوائك لضيقي وحنانك الجم الذي غمرتني به
اتبعت بسخرية مؤلمة احكمت قبضتها على حلقه هو :كل ذاك من اجل ان تخفي عني ان بلال غادر المكان .
تقدم بخطوات بطيئة هادئة ليقف امامها مباشرا، تنفس ببطء ليضم شفتيه بقوة مانعا اياها من الانفراج ولو قليلا ، نظر اليها بقوة لمعت في حدقتيه وهو يجبرها على النظر اليه لتنفرج شفتيه ببطء اثار رعبها وهو يقول بنبرة جليديه : ما الامر الجلل الخاص ببلال ليجعلني اخفي امر مغادرته عنك ؟!
رمشت بعينيها فلم يمنحها الوقت وقال بلهجة باردة : ثم اعتقد اني ليس بمجبر على ان اعاملك بطريقة لطيفة من اجل بلال ، فانا لا اهتم به بالمرة ،
نظر الي عينيها وقال باقتدار : ثم اني أتذكر جيدا اني كنت سندا جيدا لك في تلك الأوقات التي كنت تقضينها وحيدا ، وكنت ابرز دائما لأقدم لك دعمي الكامل عندما لم يكن ذلك البلال متواجدا بحياتك من الأساس ، بل كنت تتكلمين عنه بانه شبح ظهر ليقلب حياتك الى الجحيم
اتسعت عيناها بصدمة وهي تشعر بنصل حاد غرس بقلبها زعزع ثباتها وبعثر كيانها فنزلت دموعها تبلل وجنتيها ببطء ، لتهتف بصوت مخنوق من تجمع الدموع : كيف تجرؤ ؟
شعر بدموعها كطعنات سكين باردة انغرزت في قلبه ليشتم نفسه داخليا ويشعر بالحنق من عقله الغبي يتفاقم بداخله ليزم شفتيه بقوة وينظر اليها ويقول بهدوء : أليست تلك الحقيقة ليلى ؟
هزت راسها بنفي وهي تشعر بالضياع يتملكها فقالت : لا تلك ليست الحقيقة ،
هتفت : تلك الحقيقة التي تقنع نفسك بها .
تجمدت الدموع بعينيها بطريقة اثارت خوفه للمرة الأولى في تعامله معها لتطل القسوة من حدقتيها وهي تقول : الحقيقة يا سيادة الرائد ، ان ذلك البلال الذي لا تبالي بأمره ، كان هو السند عندما تركتني انت اتخبط في أمواج حيرتي العالية
رفعت راسها بكبرياء كرهه وهي تنظر له بقوة : كان هو من يقدم لي الدعم وانا اشعر بالموت يوميا وانا افكر هل كنت وهما انا اخترعته ، ام كنت حقيقة موجوده فعليا في حياتي ، ذلك البلال الذي تتحدث عنه بتلك الطريقة هو من ساعدني لابني ذاتي من جديد عوضا عن تلك الليلى التي دمرتها انت باختفائك يا اسطى .
شعر بقلبه يتمزق بين خوفه عليها وبين كرهه لذلك الكبرياء المقيت الذي طل من عينيها ، هم بالحديث لتقاطعه بحزم اربكه : لا يا سيادة الرائد لا ، انتهى الحديث بيننا ، اريد ان اغادر حالا
هز راسه باستنكار فقالت هي بجبروت ساخر اذهله لتلمع عينيه بإعجاب ، وهو ينظر الى ذاك الجانب الذي ينكشف له : لا اعلم كيف ستفعلها ولكن بم انك السيد قارد على اقناع الحجر بان يتحول لرمل من اجلك ، فلتقنع من بالخارج ان لديك عملا هاما وعلينا المغادرة
رفعت راسها ونظرت الى عمق عينيه بتسلط وقالت : واعتبر ذلك اعتذار ضمنيا منك لمحاربتي بأسراري التي استأمنتك عليها .
تحركت سريعا من امامه ليرمش هو بعينيه وهو يبتسم بإعجاب صهر بحور العسل بحدقتيه وهمس : يحق لك يا ليلتي ، سأعتذر لن يضرني الاعتذار في شيء !!
انتهى الفصل لواحد وثلاثون
اتمنى ان يحوز على اعجابكم
اراكم على خير السبت بعد القادم
لا تحرموني من ارائكم ونقدكم وتفاعلكم
في حفظ الرحمن جميعا
|