كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 18- رواية امير ليلى بقلم Solafa El Sharqawey .. الفصل الـ 25 ..
الفصل السادس والعشرون
دلف إلى البيت وهو يشعر بالإرهاق ينخر في عظامه، قضى الليلة الفائتة يبحث عنها كالمجنون بكل مكان خمن أنها ستذهب إليه. زفر بقوة ونظرات جارتها العجوز تسأله عنها بصمت. حمد الله أنه تدارك الموقف سريعاً واخبرها انه أتى ليأخذ بعضاً من أشيائها بعد ان فهم جيداً منها ومن سؤالها أنها لا تعلم عنها شيئاً منذ ان غادرت برفقته.
تنفس بقوة وهو يستعيد رحلة بحثه عنها في جميع الفنادق والتي لم تسفر عن شيء في النهاية، مرر أصابعه في شعره بعصبية وهو يزم شفتيه قوياً ويجز على أسنانه بغضب وهو يتوعدها سراً إذا فعلت ما فعلته به المرة الماضية
نعم هو احتاط وابلغ معاًرفه عنها، وسيعلم إذا أرادت المغادرة، ولكن يتبق أيضاً أنها غادرت وتركته.
عند تلك الكلمة شعر بالغضب يتغلغل أوردته ويعصف بخلايا عقله، شعر بأوردة قلبه تتمزق من تكرار ما حدث سابقاً
ردد بهمس: لا لن احتمل ذلك العذاب مرة أخرى.
رمى جسده على تلك الأريكة الوثيرة التي طالما ابتلعته فيما مضى وأغمض عينيه وهو يفكر إلى أين ستذهب؟
ردد عقله " فكر جيداً هشام، أين ستذهب بكريم؟ وكيف ستقطعه عن جلسات علاجه، بالتأكيد ستذهب به إليها"، رمش بعينيه وهو يتذكر ان لديه موعد مع الطبيب غداً. ضرب بقبضته ظهر الأريكة وهو يزفر بقوة ويقول بخفوت من بين أسنانه " لن استطيع الانتظار "
انتبه على ضحكة قصيرة خافتة وصوت هادئ يقول: ما الذي لا تستطيع انتظاره يا ابن عمتي؟
رفع عينيه لينظر إلى مديحة الواقفة عند مدخل غرفة المعيشة وتبتسم له، عقد حاجبيه وهو يراها ترتدي حجابها وتلفه بطريقة قاسية حول وجهها، رمشت عيناه بتعجب وهو يرى تلك النظرة التي تلمع بعينيها، كح بخفوت وقال: صباح الخير.
ابتسمت باتساع وقالت: صباح النور، ولكن هذا ليس رداً على سؤالي.
جمد وجهه وقال: إنه ليس من شانك.
ابتسمت تلك المرة ابتسامه أكثر اتساعاً جعلته يزداد غضباً وهو يراها تتحرك لتجلس أمامه وتقول: كنت أريد ان افهم سبب ضيقك ليس أكثر.
نظر لها بصرامة لم ترها على وجهه من قبل وقال: لن تفهمي أبدا، فوفري على نفسك العناء يا ابنة خالي العزيزة.
ابتلعت تلك الغصة التي تحكمت بها وقالت: لماذا؟ أتراني غبية لتلك الدرجة، أم ليس لدي عقل؟
زفر ساخراً وهو ينظر أمامه ويقول: وهل لديك عقل فعلاً ديدي؟
رمشت بعينيها سريعاً وهو يتبع بغضب: إذا كان لديك عقل هل كنت تأتين مع عمتك المصون لتنفيذ ما إرادته هي؟
شحب وجهها وشعرت بالذهول وهو يتبع وينظر إليها بغضب تحكم في عينيه فأصبح لونهما داكناً واختفى اللون العسلي من حدقتيه وأكمل بعنف: لو أن لديك ذرة عقل لأدركت أنني اعشق زوجتي وأنني لن انظر إليك أبداً، لو أن لديك ذرة عقل لتوقفت منذ فترة طويلة عن ملاحقتي، لو أن لديك ذرة عقل لما أتيت الآن لي لتلعبي ذلك الدور الذي اخجل أن اسميه بمسماه الحقيقي.
شهقت بقوة وهي تنتفض واقفة لينتفض هو أيضاً واقفاً، يحتجزها بجسده ليمنعها من الخروج ويتبع بحقد: كلا لن تنصرفي الآن، وانتظري بشجاعة بقية حديثي. فأنت من تسببت لنفسك بذلك يا صغيرة.
قالت بخفوت: ابتعد هشام ودعني أمر.
عقد ساعديه أمام صدره العريض وقال دون ان يرمش: كلا لن أبتعد. استمعي إلى جيداً فأنت تستحقين ما سأقوله.
أحنى رأسه لينظر إليها وهو يكمل: هل توقعت أنني غافل عن سبب مجيئك منذ أول يوم رأيتك به هنا؟ هل توقعت أنت وعمتك المصون أنني ساذج لأُساق إلى ذلك الزفاف الوهمي الذي حاولتما ان تقنعاني بحضوره، ألم تتوقعا أنني اعلم جيداً أنه فخ نُصب بأحكام لأتزوج منك.
رفعت عينيها إليه وهي تنظر بعدم تصديق، ليضحك ساخراً: هل توقعت أنني ساذج لتلك الدرجة يا صغيرة.
أكمل بنقمة: ولكن لا ذنب لك بالأمر. فهذه هي الصورة التي ترسمها لي أمي منذ زمن بعيد وأقنعت بها الكل تقريباً.
قالت بصوت قوي: لماذا لم تحاول ان تغيرها إذاً يا سيادة المستشار؟
عقد حاجبيه ونظر لها مستفهماً فاتبعت متعمدة إغضابه: لماذا تركتها ترسم حياتك وترسم شخصيتك ولم تدافع عن أي منهما أمامها.
اتسعت عيناه فاتبعت بسخرية: لا، لا تنظر لي بتلك الطريقة وأنت تعلم أنني محقة.
أكملت وهي ترسم ابتسامه ساخرة: وعمتي أيضاً محقة.
لمع الغضب بعينيه قوياً وقال هادراً: محقة
ردت بقوة: نعم محقة، فأنت لم توقفها مرة واحدة، لم تخبرها ولو لمرة واحدة أن تتوقف عن تسيير حياتك، بل تبعتها كالأحمق.
هدر بغضب: مديحة، التزمي حدود الأدب.
رفعت عيناها بتحدي وقالت: ما الذي أغضبك أكثر يا سيادة المستشار؟ أنني أخبرك بأن عمتي تسير حياتك، أم انك أحمق لم تدافع عن نفسك وحياتك وزوجتك أمامها.
اربد وجهه من الغضب واحتقن بقوة وهو ينظر إليها بعينين سوداوين، فاتبعت هي غير مبالية به وبغضبه: بكل مرة أرادت عمتي العبث بك وبحياتك تركتها تفعل ما تشاء، لم تحاول ان تمنعها هشام، لم تدافع عن نفسك أو عن حياتك.
لانت نظرتها قليلاً وقالت بهدوء: اخبرني بالله عليك ما الذي يجبرها على التوقف عن ذلك وهي ترى استسلامك لها؟
رمش بعينيه وهو يشعر بألم رهيب يعتصر قلبه بقوة وقال غاضباً: لم استسلم لها أبداً.
ابتسمت ساخرة وقالت: ألم يكن استسلاما هشام عندما تركت زوجتك تغادر المرة الماضية؟ ألم تعلم موعد سفرها، ألم تذهب إلى المطار وتنظر إليها وهي تغادر ولم تمنعها من السفر، اخبرني هشام ألم تتركها تذهب وأنت تراقبها مودعاً؟
اتسعت عيناه بقوة نظر لها وقال بجمود: من أخبرك بذلك؟
زمت شفتيها وصمتت ليقترب منها بحدة وهدر بها صائحاً: تكلمي.
رفعت عينيها وقالت بجمود: والدتك.
تراجع للخلف بحركة مبعثرة فاتبعت بنبرة قليلة الحدة وهي تشعر بأنها مشفقة عليه من الآتي: لقد تتبعتك ذلك اليوم خوفاً من ان تمنع هنادي من السفر وتعود بها بعد ان تركتها وذهبت وأخبرتها انك ستعيش مع زوجتك، ولكنها فوجئت منك ومن وقوفك صامتاً وأنت تنظر إليها وكأنك تودعها بعينيك.
أكملت بصوت هادئ تماماً: وها أنت هشام تركتها تفعل ما تريد تلك المرة أيضاً وعدت إلى هنا وكأنك تخبرها ضمنياً انك ستبقى معها طالما هنادي ليست بحياتك. أنت من جعل العداء شخصياً بينها وبين زوجتك، لأنك تتمرد عليها عند ظهور هنادي وتعود لتتقوقع بجانبها بمغادرة هنادي لحياتك، وكأن هنادي هي من تشعل الثورة بنفسك، فأجبرت عمتي على التعامل معك ومعها بتلك الطريقة، أجبرتها ان تفكر بأن اختفاء هنادي سيبقيك أنت معها وهذا ما تريده هي. فلماذا لا تحشد قوتها كلها لمحاربة هنادي وطردها من حياتك للأبد؟
نظرت له ملياً وقالت: اخبرني بالله عليك لماذا تدخر مجهودها ولا تطرد تلك الدخيلة التي تجعل ولدها يتمرد عليها ويكسر تلك القضبان التي أحكمتها حوله منذ أمد بعيد؟
اتسعت عيناه بذهول هو ينظر إليها بتفحص ويسأل ببلاهة: متى كبرت إلى هذا الحد؟
ابتسمت رغماً عنها وهي تنظر إليه بتلك النظرة التي رمقته بها دائماً ولكن عقلها صدح قوياً وهو ينهاها عن التفكير في تلك الرعشة التي ضربت قلبها، فأشاحت بعينيها بعيداً عنه وقالت: أنت أيضاً توقعت أنني ساذجة صغيرة.
قال بهدوء: من الواضح انك مختلفة عما ظننت وهذا يدفعني لذلك السؤال الذي يلح علي.
رفعت عينيها له باستفهام فاتبع سائلاً: ما الذي جعلك توافقين على مخططات أمي؟
شحب وجهها قوياً و ارتدت للوراء خطوتين وقالت بتلعثم: اعذرني، لن استطيع إجابتك.
ابتسم بهدوء وقال: هذا من حقك، ولتعلمي أنني لم أعد لأمكث هنا، بل عدت لأخذ ملابسي. فقد غادرت البارحة سريعاً وراء تلك المجنونة التي لا اعلم إلى أين ذهبت؟
ابتسمت بهدوء وقالت: إنها مجنونة بك وأنت ستكون أكثر جنوناً لو تركتها تهرب منك كالمرة الماضية.
هز رأسه نافياً وقال بتصميم خرج من روحه: لن اتركها وعندما أجدها سا..
صمت وعيناه تنطق بوعيد شرس فشعرت بالخوف رغماً عنها على هنادي وخاصة أنها كانت السبب الرئيسي فيما ستفعله الأخرى فقالت: حسناً سأودعك الآن، لان من الواضح أننا لن نلتقي مرة أخرى الا لو أتيت لزيارتنا.
عقد حاجبيه وسأل: إلى أين أنت ذاهبة؟
ابتسمت وقالت بزفرة قوية: إلى البيت.
هز رأسه متفهماً وقال: بمفردك.
هزت رأسها بالإيجاب فقال: لماذا؟ ألن تذهبي مع عمتك؟
قالت بجمود: لا لم اخبرها بمغادرتي حتى لا تمنعني، سأستقل القطار.
قال: حسناً سأوصلك.
أشارت بيديها نافية: لا، لا داعي.
نظر لها بدهشة فأكملت: لا تشغل رأسك بي واذهب لتبحث عن زوجتك، وصدقني ستجدها قريبة أكثر مما تتخيل.
تحركت مغادرة من أمامه لتلمع عيناه بوميض خاطف ويندفع ليأخذ سلسلة مفاتيحه وهاتفه ويتجه إلى باب الشقة فسألته بتعجب: إلى أين ستذهب؟
قال سريعاً: إلى هنادي. اعتقد أنني علمت أين هي !!
تحكمت في شهقتها بقوة ونظرت في إثره الذي اختفى من أمامها سريعاً لتمسك هاتفها وتتصل سريعاً وهي تخرج من باب شقة عمتها حاملة لحقيبتها الصغيرة.
تأففت بنفاذ صبر وهي تخرج من باب العمارة وتركب التاكسي الذي أتى به البواب بناءً على رغبتها، زفرت بضيق تلك المرة وهي تقول: أجيبي بالله عليك.
تنفست الصعداء تلك المرة وهي تقول: أين أنت؟ لقد مت رعباً عليك.
وصلتها ضحكة الأخرى وقالت: المعذرة كنت اصف سيارتي بمرأب الجريدة، حتى لا يحدث لها شيئاً الفترة القادمة
زفرت بارتياح لتسأل هنادي: ماذا حدث لتموتي رعباً علي؟
قالت الأخرى ببطء: إنه هشام. اعتقد أنه كان ذاهباً إليك.
عقدت هنادي حاجبيها وقالت: أين؟ هل علم أين أنا؟
__ لا اعلم. لقد غادر مسرعاً من أمامي قائلاَ إنه علم أين أنت، اعتقد أنه توقع وجودك بشقتكما.
شعرت هنادي بالإحباط يملؤها وقالت بصوت مخنوق: تذكر الآن أنني سأكون بالبيت الذي أثثته بنفسي.
شعرت رغماً عنها بالحزن وهي تعلم أن الليلة الماضية كانت الأقسى على هنادي، فقد قضتها في الانتظار وهي تتوقع أن تكون شقتهما أول مكان سيأتي إليه هشام ليبحث عنها به، وكانت تلك الفرصة الأخيرة التي أعطتها له هنادي دون ان يدري قبل ان تبدأ بمخطط هي من أعدته.
قالت سريعاً وهي تشعر بالذنب: اسمعي هنادي.. تستطيعين التراجع الآن، أنت بمقر عملك وتستطيعين الرجوع إلى البيت وكأن شيئاً لم يكن.
زفرت الأخرى بإحباط: كلا مديحة، لقد قررت ان امضي إلى آخر الطريق.
قالت بسأم: كم أنت عنيدة؟ لماذا تفعلين ذلك به وبنفسك؟
تنفست هنادي قوياً وقالت: إنه يستحق ان افعل به ذلك.
تكلمت مديحة بمهادنه: انه يحبك وأنت تعلمين ذلك جيداً، تخلصي من بقايا الماضي وعيشوا حياة هادئة.
ابتسمت هنادي بسخرية: لا يفيد الآن، لابد ان يقرر هو بنفسه ماذا يريد.
قالت بعصبية: انه يريدك وأنت تعلمين.
ردت هنادي بواقعية مريرة: بل يتخذني وسيلة لمحاربة عمتك، وسيلة ليتخلص من تأثيرها عليه واستبدادها.
زفرت بعمق واتبعت: لابد ان يقرر ماذا يريد دون وجودي في حياته: هل سيتركها تسيّر حياته بتلك الطريقة أم سيستلم هو زمام الأمور بنفسه.
ابتسمت مديحة بإعجاب وقالت: حسناً، وافيني بمحطة القطار فقد وصلت.
ابتسمت هنادي بوهن: وأنا سأكون عندك بعد دقائق، أراك لاحقاً.
****************************
رنت مجموعة الأجراس التي تعلن عن قدوم احدهم إلى الجاليري فابتسمت بمهنية وهي تنتظر ذلك الزائر الذي أتى بوقت مبكر.
اتسعت ابتسامتها وهي تنظر إليه حاملاً لكوبين من القهوة وكيس ورقي توقعت أنه يكون فطور لهما هما الاثنين.
اقترب وهو يبتسم لها بحب: صباح الخير يا زوجتي العزيزة.
ضحكت بخفة وقالت: صباح الخير، وأنا ما زلت خطيبتك.
تبرم بخفوت وقال بإصرار: لا زوجتي، وعقد القران البارحة يشهد على ذلك بل العالم كله يشهد انك أصبحتِ زوجتي، ملكي وحبيبة قلبي.
قال كلمتيه الأخيرتين وهو يضع ما بيده على المكتب و يقترب منها ليحتضن خصرها بكفيه ويطبع قبله سريعة على وجنتها وهو يكمل: لن تستطيعين الخلاص مني ياسمين، فنحن سنظل معاً إلى الأبد.
رددت بطفولية: إلى الأبد.
ابتسم باتساع وقال: لا اعلم سبب حرصك على النزول إلى العمل اليوم، كنت اخطط ان نمضي اليوم في اليخت بوسط النيل، نستمتع سوياً بالعزلة التي لم احظ بها البارحة.
ضحكت بدلال لتقول وهي ترسم تعبيراً صارماً على وجهها: كلا يا باشمهندس، لقد ولت تلك الأيام وذهبت بعيداً، لن نركن إلى الخمول والراحة كما كنا نفعل سابقاً، لديك الآن عملك وأنا أيضاً لدي الكثير من العمل لابد ان أقوم به.
مد شفتيه بغضب لتقول هي بمرح: وسنقوم برحلة اليخت تلك الجمعة القادمة.
تهللت تعابيره بفرحة عارمة وهو يقول: حقاً؟ !
أومأت برأسها إيجاباً فقال بهدوء: حسناً هلا استقطعت وقتاً من عملك لنتناول الفطور معاً.
ابتسمت: بالطبع.
أشارت إلى الكرسي الموضوع أمام مكتبها: اجلس لنتناول الفطور سوياً.
هز رأسه رافضاً وقال: كلا بالطبع. لن نجلس هنا في واجهة المحل لنأكل.
جذبها من يدها يقربها إليه: تعالي لنتناول فطورنا سوياً بداخل تلك الغرفة التي تستعملينها كمرسم.
عقدت حاجبيها وهمت بالاعتراض ليسحبها خلفه برقة ويقول: هيا ياسمين.
زمت شفتيها بعدم فهم ووقفت تنظر إلى الغرفة الفارغة الا من لوح الرسم وأريكة عريضة كانت تستريح عليها لبعض الوقت عندما تقضي وقتاً طويلاً واقفة وهي ترسم إحدى لوحاتها.
تحرك ليضع الفطور على كرسي دائري ويحمله ليقربه من تلك الأريكة ويجلس عليها وقال: تعالي حبيبتي.
شعرت بالتوتر اللحظي وهي تنظر إليه مفكره فيما يريد، فهو يتحاشى النظر إليها وتشعر انه يقودها إلى فخ لا تفهمه حقاً !!
اقتربت منه بهدوء وحاولت ان تنحى تلك الأفكار السلبية التي هاجمتها بضراوة لتنتبه فجأة على ذراعه التي حاوطت خصرها وجذبتها بقوة لتقع بحضنه وهو يقول بعبث: أمسكت بك.
شهقت بقوة وقالت بعتب وهي تحاول أن تنهض ثانية: اتركني وليد.
حرك حاجبيه بإغاظة لها:أبداً، هل جننت لأتركك الآن؟
انحنى عليها سريعاً ليخطف قبلة من بين شفاها ويقول بهمس: صباح الخير.
احتقن وجهها بقوة وخفضت عينيها بعيداً عنه، تأوه هو بفرح ليقول لها بصوت أجش: ارفعي عينيك ياسمين وانظري لي.
هزت رأسها نافية ليضع أنامله تحت ذقنها ويرفع رأسها، نظر إليها ملياً: اشتقت لمذاق الكرز من شفتيك حبيبتي.
شعرت بالهواء ينسحب من صدرها فجأة وهو ينحني مرة أخرى ليقبلها تلك المرة قبلة طويلة هادئة رقيقة جعلت أطرافها ترتعش حباً له، ضمها إلى صدره قوياً وهو يهمس بحبه وعشقه لها، يتغزل بها غزلاً صريحاً أضاع عقلها وهو يقبل كل انش في وجهها.
شعرت بأنفاسه تلامس رقبتها وقبلاته الطائرة تحط على أكتافها لتشعر بناقوس الخطر يدق في عقلها وهي تتنبه أن يديه أصبحتا أكثر جرأة وقبلاته أصبحت أكثر تطلباً، لتنتفض من تلك الغمامة التي سيطرت على عقلها وهي تعي فجأة أنها أصبحت شبه نائمة تحت جسده !!
دفعته بقوة في كتفيه وهي تتملص من بين ذراعيه وتقول شبه صارخة: ابتعد وليد.
شعر بأنه يطرد من جنته بعيداً فحاول ان يتمسك بذلك النعيم الذي قرب على الوصول إليه فتمسك بها وحاول ان يضمها إلى صدره ثانية لتدوي صرختها في أذنيه فيقفز واقفاً بعيداً عنها.
زفر بقوة وتحرك سريعاً إليها وجلس بجانبها ليضمها إليه من كتفيها، ضربت يده بقوة ليشتم بخفوت واقترب منها مرة أخرى وهو يهمس باعتذار حقيقي: آسف حبيبتي، لم استطع كبح جماح نفسي.
سيطرت على دموعها التي لا تعلم ما سببها الآن، بل تعلم جيداً ولكنها لا تريد التفكير الآن، أشاحت بنظرها بعيداً عنه: انصرف وليد من فضلك.
زم شفتيه بحنق وهو يسب نفسه وغباؤه على ما فعله وتسرعه الأحمق ليقول: لا ياسمين، لن انصرف.
انتفض جسدها بغضب ليتبع هو بصرامة وهو ينهض واقفاً بعيداً عنها: لم افعل شيئاً خاطئاً، أنت زوجتي وأنا قبلتك لم يحدث شيئاً، ولم أكن لأتمادى.
نظرت له بحنق لتظهر التسلية على وجهه: كنت سأتوقف عند حد ما، فلا يليق ألا انتظر ليلة زفافنا.
شعرت بأذنيها تحترقان خجلاً لتبحث عن أي شيء أمامها لترميه به، فكانت أكواب القهوة أول ما توصلت يدها له ليضحك بمرح وهو يراها تستعد لرميه به ويقول بمرح: حذاري ياسمين إنها ساخنة.
نظرت إليه بغضب فقال وهو يقترب منها مرة أخرى: اهدئي حبيبتي.
سحب كوب القهوة من يدها ليقول وهو يجلس مرة أخرى بجانبها ويضمها من كتفيها إليه: اعتادي على معاًملتي الجديدة لك فنحن أصبحنا زوجين وأنا لا استطيع ألا اقترب منك، فقط ستكون بعض القبلات ياسمين ولا أظن انك تضنين بها علي.
رفعت عينيها ونظرت إليه بجمود، تنفست بقوة وقالت: بل سأضن عليك بها وليد، وبسبب ما فعلته الآن لن نتقابل لفترة من الوقت لعلي استطيع ان أنسى ما حدث منك.
اتسعت عيناه والدماء تفر من وجهه وقال بتلعثم: لماذا؟ لم افعل شيء خاطئاً !!
قالت ببرود: بل فعلت وأنا لن انس أبداً ما فعلته الآن.
نهض واقفاً بعصبية وهو يقول: أنت زوجتي.
قالت هادرة: بل خطيبتك وهذا لا ينفي انك تعاملت معي كما تتعامل مع فتياتك دائماً.
احتقن وجهه غضباً وقال بزمجرة: لا تقارني نفسك بهن أبداً، ثم أنت مختلفة وأنت تعلمين.
أشاحت بوجهها بعيداً عنه فتنهد بقوة واقترب بهدوء: ألم ننته من الماضي ياسمين؟
فرقعت أناملها بتوتر ليقول وهو يجلس بمحاذاتها: أنهيت تلك الأمور كلها ياسمين.
نظر إليها ليتبع بهمس عاشق: منذ قبلتك تلك.
أكمل وهو يقترب بجسده منها ويجبرها ان تنظر إليه ويهمس بخفوت: قضيت ليالي طويلة أستعيدها بأحلامي وانتفض من نومي لأهمس باسمك، أستعيدها مراراً في أحلام يقظتي، وعندما غدا حلمي حقيقة واقعة تضنين بها علي، تمنعيني من حقي بك.
رقت ملامحها قليلاً وصمتت وهي تنظر إلى عينيه التي بثت لها أشواقه، تنفست ببطء وسيطرت على غضبها لتقول بنبرة مشروخة: هذا لا يمنع أنني شعرت أنني رخيصة كفتياتك وليد.
شحب وجهه بقوة لتكمل هي: لو انك اعتبرتني مختلفة لدقيقة واحدة لما فعلت ما فعلته، كنت حجمت نفسك وانتظرت إلى ان أصبح زوجتك بالفعل.
أكملت بحزن شديد لمسه هو من صوتها ومن تعابير وجهها الحزين: كنت حافظت علي من نفسك، واحترمت ثقتي وثقة أبي بك ولم تخنها.
ارتعشت عضلة صدغه لا إرادياً وقال بحشرجة: لم اقصد ذلك أبداً ياسمين.
نظرت له بألم وقالت: وكم من المرات جرحتني وليد دون ان تقصد !!
انتفض واقفاً وقال بهدوء: سأتركك لتهدئي ياسمين وسنتحدث لاحقاً.
انحنى ليقبل رأسها كنوع من الاعتذار وإبداء ندمه على ما فعله منذ قليل لتشيح برأسها بعيداً عنه. نظر لها بعتب لتشيح بعينيها بعيداً عنه وتنظر للاتجاه الآخر.
همس بخفوت: حسناً، أراك قريباً.
راقبته وهو يغادر بصمت لتنزلق دمعة حزينة من عينيها وهي تتمتم: إلى اللقاء.
|