كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
صباح الخيرات يا حبيباتي
اشتقاتلكم كتييييييييييييير
اتمنى البارت يحوز على اعجابكم
ويكون على اد المستوى
اترككم مع البارت
الفصل السادس والثلاثون
الجزء الثاني
مستلقي بإهمال على الفراش الصغير الذي وضعه مؤخرا بغرفة المكتب ليظل بجانب طاولة التصميمات الهندسية فهو غالبا لا يخرج من هذه الغرفة الا الي خارج القصر ليرى المستجد بموقع بناء المجمع التجاري ، توقف عن الصعود الي الدور العلوي تماما وجعل احد الخدم ينقل له اشياؤه الضرورية الي غرفة المكتب التي تحولت الي سكن خاص به ، استثنى من اشياؤه أي شيء يذكره بها ولكنه لم يستطع ان يخلع دبلة زواجه او ساعته التي تلتف حول معصمه لتخبره دائما بقيدها الذي مازال يربطه بها . من اخر مرة راها بها عند المشفى وهو اتخذ قراره بان يبتعد عنه جرح بشده منها وهي ترتجف لرؤيته وتدخل الي سيارة عمر سريعا هروبا منه ، يعلم ان ما فعله معها كان قويا وقاسيا ولكنه يعشقها الم تفهم هذه الغبية انه يعشقها حد النخاع فهي تجري بأوردته تعيش بخلاياه ، حاول مرارا ان يخرجها من راسه ومن افكاره لم يستطع ،حاول ان يتناسها ويغمس نفسه بعمله ، فأضحى لا يفعل شيء بحياته الا ان يعمل لا يخرج الا الي العمل ولا يجلس الا الي العمل وجباته لا يتناولها باستمرار الا عندما تتشاجر معه امه ولا يقابل يوسف الا للضرورة عندما يحتاجه اخاه الي عمل مهم لن يستطيع انجازه ، توقف عن زيارة الشركة الا في الامور الهامة جدا
قرر ذلك اليوم ان يكف عن مهانة نفسه واهدار كرامته وعندما تريد ان تتحدث معه او تقابله فلتتصل به او تأتي اليه فهذا ليس امرا عسيرا عليها ، فاذا كان هو قضى ثلاثة اشهر يحاول ان يراها ولو من بعيد ، يحاول ان يخبرها بأهميتها في حياته فالفرصة امامها هي الان لتثبت له انها تحبه كما يحبها هو ، الفرصة امامها لتثبت له انها تريد ان تستمر في هذه الزيجة التي لم تبدا .
ما يخفف عنه فعلا حدة يومه هي انجي فهي تصمم على اختراق يومه وتأتي ومعها طعام الغذاء وتجلس لتقص له عن طفلها الذي لم يأت بعد للدنيا ، يبتسم على جنونها وعندما تفشل في محاولتها المستمرة لإضحاكه تنصرف بهدوء بعد ان توصيه بالكف عن التدخين والاهتمام بصحته وتناول الطعام حتى لا يضطر الي مواجهة نوارة هانم والمشاجرة معها ، عند تذكره لمشاجراته مع امه زفر بضيق وفكر ان ينهض من الفراش قبل ان تأتي وتسمعه ما لا يرضيه
زفر بضيق وهو يشعر بكسل شديد في جسده ، فعلى الرغم من استلقائه على الفراش ما يقارب الساعتين الا انه لم يغمض له جفن ، التفكير يأكل عقله وذكراها تنهش روحه
ليس هذه اول مرة لا يستطيع النوم بها فلقد مر عليه شهر ونصف لا يأخذ من النوم الا القدر القليل ، فعندما ينهكه التعب يسقط مهدودا وينام ما يقارب الساعتين ليستيقظ على رؤيته لها بأحلامه ، شهر ونصف لا يعلم كيف مروا عليه
وايام قاسية وليالي طويلة ينهك نفسه بالتصميمات والعمل والقراءة وينظر الي الساعة ليجدها لا تمر ينظر الي تاريخ اليوم ليشعر انه بطيء كالسلحفاة لا يتحرك من موضعه
ولكن اقسى ايامه فعلا كانت ايام العيد ، سخر من نفسه وهو يتذكر كيف امر العاملين يوم خروجها من المشفى بترتيب الجناح وتنظيفه وامر الطباخ بان يعد لها ملوخية الجمبري التي تعشقها لتتناولها على الافطار في اخر يوم برمضان كان يهيا نفسه انها ستعود معه ، ستعود معه لتقضي العيد معه . انه اول عيد يأتي وهما زوجين ، لم يشك للحظة واحدة انها ستهرب منه بهذه الطريقة ، اغمض عينيه الما يشعر بجرح غائر في قلبه جرح ينزف باستمرار
لعب بهاتفه ليأتي بصورتها يوم كانا باليخت وهي ترتدي فستانها القطني كانا فرغا من السباحة ووجنتاها موردتين من الخجل لما فعله بها تحت المياه نادى عليها لتبتسم له بخجل
فالتقط لها هذه الصورة ، مرر سبابته على صورتها بحنان وادارها على خدها بحب كما كان يفعل سابقا
ليتمتم بألم : لم تتذكريني يوما واحدا نور ، يوما واحدا من الخمس واربعون يوما الماضية ، كيف تعيشين نور بعيدا عني ، هل تتألمين مثلي ، هل تفتقديني مثلما افتقدك ، هل اشتقت الي مثلما اشتقت اليك ، اشتقت اليك نور ، بل ذبت شوقا وحبا .
زفر بضيق ليكتم تنفسه وهو يشعر بأحد يدخل الي الغرفة علم فورا من سيدخل بهذه الطريقة بالتأكيد انها امه
اغمض عينيه بقوة وادعى النوم حتى لا تتشاجر معه بسبب طعام الافطار الذي لم يتناوله شعر بها تتحرك بالغرفة وترتبها وتتجه الي الستائر لتفتحها فيغمر ضوء العصاري
الغرفة ، توقفت امامه وقالت بقوة :انا اعلم انك مستيقظ ، كف عن التمثيل وانهض اريد ان اتكلم معك
زفر بضيق وفتح عينه ليرسم ابتسامة رسمية على شفتيه
__صباح الخير امي
نظرت اليه بحده : صباح الخير الساعة الرابعة عصرا
ابتسم بدبلوماسية وجلس بهدوء : مساء الخير امي
نظرت اليه بقوة ونقلت نظرها الي صينية الطعام الموضوعة على المائدة الصغيرة ليشيح بوجهه بعيدا عنها
قالت بقوة : وبعد ياسين
نظر لها باستفهام : ستستمر على هذا الحال الي متى ؟
جز على اسنانه غضبا لتكمل : هل فنيت عمري كله على تربيتك وتربية اخوتك ليصبح بكري وابني الغالي هكذا ؟
زفر بقوة : ماذا تريدين مني امي ؟
__ اريدك رجلا
انتفض واقفا من الكلمة لتكمل بقوة : انهض واذهب الي زوجتك واتي بها ، لا ترتكن الي احزانك هكذا ، اريد ياسين العظيم كما يلقبونك وهم يرتجفوا من سيرتك
اين هذا الياسين .؟ اخبرني ، ما اراه شبح لك ، تنغمس على هذه الطاولة بالساعات تصمم مبانيك وتدخن بشراهة ، انت تدخن من قضيت سنوات شبابك كلها لم تجلس بمكان يدخن به احد اخر ، تفني صحتك وعمرك لماذا ، لأنها لم تريد مقابلتك ، اجبرها على مقابلتك والتكلم معك ، فهي زوجتك ايها الاحمق .
اخفض راسه وقال بصوت منخفض : لا تستحق امي .
زفرت بضيق وذهبت اليه : بل تستحق بني ، انها نور ابتسمت وهي تكمل : جنيتك الحبيبة .
احتضنت كفه بيدها وقالت: لقد سالت عنك.
التفت الي امه بسرعة : هل تكلمت امي ؟
ابتسمت : لا انا من اتصلت اسال عنها وعن عمر وعليا
وطلبت منها ان تأتي اليوم ولكنها رفضت بتهذيب وقالت انها ستاتي قريبا .
ابتسمت : وظلت صامته لبضع دقائق لتسال ببطء عنك وعن صحتك وهل عدت من سفرك ام لا ؟
عقد حاجبية : سفري ، لم اسافر.
__ من الواضح ان يوجد سوء فهم ياسين ، ولكنها وعدتني انها ستاتي قريبا ولكنها خائفة ان تأتي وانت هنا ، وطبعا تحافظ على كرامتها فهي اكيد تنتظر ان تذهب اليها وتصالحها .
انتفض واقفا : لن اذهب اليها امي الا عندما تتصل بي وتخبرني انها تريد مقابلتي ، فانا سئمت جملة عمر حول انه لن يجبرها على مقابلتي .
__ انه خائف على شقيقته ياسين .
__ هل سأؤكلها امي ، انها زوجتي ، زوجتي من حقي ان اقابلها ولو بالقوة ، ولكني لن افعل ذلك فلست انا من يفرض نفسه على احد لا يريده ، حتى لو حياتي بيده .
تنهدت بألم : حسنا بدل ملابسك واحلق ذقنك فنادين وصلت منذ قليل ونهى على وصول وسنتغدى اليوم كلنا معا فاليوم راس السنة واحتمال كبير ان يقضوا سهرتهم هنا .
تركته وخرجت ليتجه الي النافذة وينظر الي الحديقة ، الن ينتهى عذابه هذا ، تنهد بألم وارتسمت ابتسامة السخرية على وجهه وهو يعد نفسه لمقابلة عائلته .
*********************
__عمتي لا افهم اصرارك على البقاء هنا
هذه المرة الخامسة التي اتي اليك لأقنعك ان تأتي وتمكثي معنا ولكنك ترفضين ، اعطي لي سببا واحدا لبقائك هنا بمفردك
تنهدت السيدة صفية : لن استطيع ان انتقل بعد هذا العمر
يكفي اني انتقلت الي هذه الشقة التي استأجرتها انت وبعدت عن القصر الي تربيت به
نظرت اليه بلوم : فانت لا تريد اصلاح القصر
ابتسم بهدوء : لا والله عمتي ولكنه لن ينفع معه الترميم
فالقصر متصدع بشكل قوي واي عمل لترميمه سيؤدي الي انهياره الكامل ، اذا كنتي تريدين ان نهده ونبنيه من اول وجديد سأفعل ما تأمرين به
رتبت الي يده : اسمع عمر ، انت وشقيقتك تمتلكان كل شيء الان ، فافعل ما تريد
ابتسم بسخرية : لا عمتي بل نور من تمتلك كل شيء ، لا افهم ماذا كان يريد من فعلته هذه ، ان يجنب ورثك وورث ابي كودائع بالبنك ويكتب كل شيء باسم نور بيع وشراء ولا يؤول اليها الا بموته ، لماذا فعل ذلك عمتي ، لا افهمه
واشعر بالحيرة كلما فكرت بهذا الامر
نظرت اليه وابتسمت : كان ينقل امواله و إمبراطوريته الي ابنته عمر
جمد وجهه لتكمل بتأكيد : نعم عمر فهو كان مقتنعا بالفعل انها ابنته ومن صلبه ، منى نفسه بهذا الامر وكذب الكذبة ليصدقها ولأنه خبيث ماكر اقنعنا انها ابنته بالفعل واغشى ابصرانا فلم نرى حقيقة انها تشبه ابي لا اكثر ولا اقل
كان دائما ونحن صغار ينتفخ كالطاووس وهو يخبرنا ان حسنه وجماله عائدان الي والدته لدرجة ان نسينا انه يشبه ابي بشكل مرعب ، ومع تغيرات ابي التي تحدث على مر الزمن وترسيخ فكرة ان حافظ يشبه والدته ، اتت نور لتعلن عن صفات لم تكن بأي من والديك ، لن انكر اني كنت اتعجب من الشبه الكبير الذي يربطها بوالدتك وكنت أتساءل كثيرا الا تأخذ أيا من صفات محمد ، توقفت عند لون عيناها وشعرها وطابع الحسن لأتجمد ، كرهتها منذ شهورها الاولي لتبيني ان هذه ورثتها من صفات حافظ الذي كان يتباهى بها ، اخترت ان اصدق انها ابنته فانا كنت ابحث عن سبب يخدش كمال والدتك الذي يتغنى به محمد ، نظرت اليه بألم واردفت : كنت اشعر بالغيرة تمزقني من هذه الحسناء الصغيرة التي استولت على اخي الحبيب الذي يشملني بحنانه وعطفه و رعايته ، فاخترت ان اصدق انها خدعت محمد وانها لم تكن تستحق قلبه .
انهمرت دموعها : لم اتوقع ابدا انها تعرضت لهذا الموقف المروع .
تمتم بغضب : لم يكن احدا منا يتوقع ما فعله بها عمتي .
اريد ان اسالك عن شيء عمتي وارجو ان تجاوبينني
__ تفضل حبيبي
__ هلا أخبرتني بما حدث بين نور وعمي ؟
نظرت له في دهشه : لماذا الم تخبرك شقيقتك ؟
تنهد وهو يتذكر ذلك اليوم الذي اعطى لنور مذكرات امه لتقرأها وكيف قضت ليلتها تبكي ولم تفتح الباب له ولا لعلياء
، وجدها بالصباح التالي مرتدية ملابسها ومستعدة للخروج.
تلقى اتصالا من عليا بعد الظهر واخبرته ان يأتي سريعا فنور اتت من الخارج واغلقت غرفتها على نفسها ولا ترد عليها
وصل الي البيت وطلب منها ان تخرج من غرفتها لتتكلم معه
والعجيب انها خرجت وملامحها هادئة وكأنها كانت نائمة وعندما سألها اين ذهبت ردت بهدوء انها ذهبت لتراه ولكنها لم تقص له ما حدث بينها وبينه ليفاجئ باتصال عمته وهي تخبره ان حافظ مات وتريده معها لإكمال الاوراق وتجهيزات الدفن ، عندما اغلق الهاتف واخبرهم نهضت نور بهدوء ودخلت الي غرفتها ذهب وراءها ليجدها تصلي وسمع بكائها واضحا
لم يشأ ان يسالها ثانية عن هذا الامر المثير الي الشجون ولكن ما صعقه حقا ان المحامي ابلغه بوجود وصية لعمه
ولابد ان يجتمع الورثة لفتحها ، وهذه كانت الصاعقة بحق ، فعمه نقل كل شيء يملكه الي نور بيع وشراء بعد ان جنب ورث عمته وورثه هو كودائع بالبنك
تنبه على صوت عمته : عمر ، هل تسمعني ؟
التفت اليها : نعم عمتي
__ كنت اسالك الم تخبرك نور عما حدث ؟
هز راسه نافيا لتغمض عينيها وهي تقص له ما حدث
كانت انتهت لتوها من التحدث مع الطبيب الشاب المسئول جديدا عن حالة اخيها ، فلان حالة حافظ ميؤوس منها اخبرتها الممرضة ان رئيس القسم اسندها لأكفئ الاطباء الموجودين بالمشفى ، ذهبت اليه وتحدثت معه بشان حافظ
__ لا استطيع ان اعدك بشيء سيدتي ولكني سأفعل ما بوسعي ، والله يوفقنا ونستطيع ان نخفف عنه قليلا
تركها الطبيب وذهب لتتجه الي غرفة حافظ ، لا تنكر انها فزعت عندما راته فآثار الحروق شوهت وجهه الوسيم وغطت جزء كبير من جسده ، الطبيب السابق اخبرها انه لا يفهم كيف صمد جسده كل هذه المدة مع كل هذه الاضرار التي سببها الحريق لجسده ،وكانه ينتظر حدوث شيء ما وهو ما يجعله متمسكا بالحياة بهذه الطريقة .
تنهدت وهي تنظر اليه رغما عنها قلبها رق اليه فعندما تأتي اليه نوبات الالم تقفز الدموع من عينيها شفقتا وحزنا ، وتدعو الله بسرها ان يرحمه من هذه الالام ، فجسده لا يستجيب للمسكنات الا نادرا .
شهقت بخوف عندما راتها امامها واقفة وكأنها تبحث عن غرفته ، توجهت اليها بهدوء وحاولت الابتسام ولكنها لم تفلح
لتبتسم نور بتوتر وتقول بصوت مخنوق : اريد ان اقابله عمتي
اشارت لها لتتجه نور سريعا وتدلف الي الداخل
دلفت ورائها ووقفت تنظر من بعيد الي ابنة اخيها التي تجمدت واقفة امام جسد حافظ المستلقي على الفراش واستعمت الي همهمته الدائمة باسم نور ، خلعت نظارتها الشمسية ونظرت اليه بغضب وكره عميق نابع من روحها
نطقت نور بحده وهي تجلس على ركبتيها امامه وتنظر بعينيها المتورمتين من اثر بكاء ليلة البارحة وقالت بصوت قاسي : هل تريدني انا ام تنادي على امي ايها البغيض ؟
اتسعت عينا صفيه عندما رمش حافظ بعينه اليمنى فعينه الاخرى ذهبت من اثر الحريق ،
سالته نور مرة اخرى بصوت قاسي : هل تسمعني ام ان ربي رحمك من عذابي
ازدادت دهشة صفية وهي تراه يفتح عينه السليمة ويحاول ان يرسم ابتسامة ودودة على وجهه المشوه ليقفز الكره من عيني نور ويرتسم الاشمئزاز على وجهها وتقول بصوت منخفض الكره يقطر منه : كم انت بغيض عمي
رد بهدوء وتمهل : انتِ ابنتي
ضحكت ساخرة : لا لم اكن ابنتك يوما ، انه ابنة محمد المصري اسما وفعلا ولم انتمي اليك اطلاقا ، وما اشعر به ناحيتك هو الكره والنفور ، كما كانت مشاعر امي اتجاهك
كرهتك وبغضتك وانتمت الي محمد حتى بموتها ، فضلته عليك ، وانا جئت لأقل لك اني لن اسامحك يوما على ما فعلته بها ولا بي ، واخبرك اني سأظل اكرهك الي اخر يوم بعمري ، ايها البغيض
نطقت اخر جملة بكره شديد لتغادر الغرفة بقوة
واقفة بتجمد كالتمثال لا تصدق ان نور الرقيقة يصدر منها ما صدر تنبهت بعدها على صوت حافظ يعلو وهو ينادي باسم نور ، ليعلو طنين الاجهزة فجأة ويندفع الطبيب الي الغرفة ومن بعده الممرضات ويحاولون اسعافه ليصفر الجهاز صفارة طويلة لا تنقطع الي ان يغلقه الطبيب ويعلن وقت الوفاه
ارتفع حاجبي عمر بدهشه وعمته تكمل : مات بعد انصرافها مباشرتا عمر ، وكانه لم يحتمل كراهية شقيقتك له ولا اخبارها له بانها ليست ابنته وانها ابنة محمد
هز راسه بتعجب وهو يفهم الان سر ارتياح نور والهدوء النسبي الذي حاوطها بعد ذلك
نظر الي عمته : حسنا هيا عمتي ، تعالي معي اليوم فقط فاليوم راس السنة و غدا ستبدأ سنة جديدة ومن الطبيعي ان لا تقضي هذا اليوم بمفردك
ابتسمت بوجهه وربتت على وجهه بحنان : لا تشغل راسك بي بني ن اذهب الي زوجتك وشقيقتك ولا تهتم بي ، فانا قضيت عمري كله بمفردي
قال بإصرار : عمتي
نظرت له بحب : عمر اتركني على راحتي
نهض عمر وقال على مضض : : حسنا عمتي ، سأنصرف حتى استطيع الوصول قبل الليل
احتضنته بين ذراعيها : تعود سالما حبيبي ، ابلغهما سلامي
وطني عليك عندما تصل
انصرف ابن اخيها وهي تنظر اليه من النافذة ، تريد ان تكون بجواره ولكنها لا تستطيع ان تغادر بلدتها الحبيبة مسقط راسها ، قضت حياتها كلها هنا عاشت هنا وستموت هنا ، لتندفن بنفس المكان الذي اندفن به احبائها والديها ومحمد واخيرا صلاح
تنهدت وهي تتذكر عندما ابلغتها الممرضة ان حافظ نفل الي طبيب اخر واخبرتها بمكانه لتبحث عنه وتلتقي بأحمد شقيق صلاح الصغير الذي كان شابا يافعا عندما تزوجت صلاح
ابتسم بوجهها : السيدة صفية ، اهلا بك ، كيف حالك ؟
ابتسمت مرحبة : اهلا استاذ احمد ، كيف حالك انت وحال صلاح ؟
خفضت صوتها وهي تسال عن حاله ليخفض احمد راسه
ويقول بحزن : صلاح توفي سيدتي ، البقاء لله
اتسعت عيناها الما : متى ؟
هز راسه بحزن : السنة الماضية ،
اطرقت حزنا وهي تتمتم :البقاء لله .
رد بهدوء : ونعم بالله ، انتظري التفت الي غلام صغير واشار اليه بيده ليسرع الصبي اليه
ابتسم وهو يشير اليه : هذا صفي
نظرت الي الصبي الذي لا يزيد عمره عن الثالثة عشر وسالته : اسمك صفي
رد الصبي بمرح : نعم صفي الدين صلاح الدين
نظرت الي احمد الذي ابتسم بدوره : انه ابن صلاح الوحيد
وانا اقوم برعايته اكمل بحزن والدته توفت وهي تلده واخي توفي السنة الماضية لأقوم برعايته وسط ابنائي ولكنه يظل ابكر ابنائي
ابتسمت بحب للصغير لتلتف اليه : ماذا تفعل هنا ؟
اتسعت ابتسامته : اشهد ولادة طفلي الخامس والاخير
ابتسمت : ما شاء الله تبارك الله ، ربنا يحفظهم
سألها باهتمام : وانت سيدتي
ردت بهدوء : ازور احد اقاربي هنا
اكملت : مبارك لك بقدوم الطفل الجديد ، وارجو منك ان تطماني على صفي وعلى احوالك كل فترة
اعطت له عنوان الشقة التي استأجرها عمر وطلبت منه عنوانه ، وانصرفت وتركته ولكن قلبها تعلق بالصبي الصغير الشبيه بوالده الي درجة كبيرة
ومن حينها وصفي يأتي لها كل اسبوعين لزيارتها والجلوس مع السيدة العجوز التي يحبها ولا يعلم لماذا كما اخبر عمه
لذلك لن تستطيع ان تترك الاسكندرية فلبها متعلق بالصبي الصغير .
دمعت عيناها وهي تفكر هل الطفل الذي اجهض كان سياتي جميلا هكذا مثل صفي
حدثت نفسها : الان لا يهم ن كل ما يهمني الان هو عمر وطفله القادم ، وصفي وكيف استطيع ان اوفر له الحنان والرعاية الذي فقدهما بموت والدته واليتم الذي شعر به بموت صلاح ، الله يقدرني واعوضه عما فقده
******************
اجتمعوا ليلا في الصالة الواسعة ليتبادلو الحديث والصغار يركضون امامهم و يلعبون ، القصر يضج بالحياة وهو يبتسم على نكاتهم ويتبادل الاحاديث معهم ولكنه يشعر بالفراغ يتصاعد بداخله والحزن يكتنف حواسه
تكلم مع يوسف في امور تخص عملهم ، واعلنت نهى خبر حملها للجميع .الامر الذي جعله سعيدا حقا ، فهو حزن على شقيقته كثيرا المرة الماضية عندما مات طفلها الصغير
وها هي الان تعود كما كانت ، بارك لها ولعمرو وهو يبتسم
رن جرس الباب لينضم ياسر واسرته لهم ،واكتمل عقدهم بحضور معتز الذي جلس بجانب شقيقته يستعلم عن اخبارها وخاصة انها بشهرها الاخير
مع الوقت عادت الامور الي نصابها بينه وبين معتز ،
ابتسم ياسر وهو يقترب منه وهمس : ما اخبارك يا صديقي ؟
ابتسم بدوره وهز راسه : بخير الحمد لله
نظر له ياسر بنظرة عميقة ليكح الاخر ويشيح بوجهه بعيدا عنه مال الي الامام واخرج علبة سجائره ليضع احداها بفمه ويشعلها ، تنبهت له امه وزمت شفتيها وتأففت بصوت مسموع ليقول ياسر بهدوء ك تعال ياسين لنقف بالشرفة حتى لا تؤذي احدا من المتواجدين بدخان سجائرك هذا
سحبه ياسر من يده ليذهب معه مضطرا فهو لا يريد ان يتشاجر مع والدته والعائلة جميعها مجتمعه
بعد ان غادرا هتفت نادين بدهشة : اصبح مدخنا الان
ظهر الضيق على وجه يوسف لتلوي نهى فمها بضيق
وهزت نوارة هانم راسها ايجابا لتسال نادين : لماذا ؟ ماذا حدث لينقلب ياسين هكذا ؟
زفرت نهى بضيق نظرت الي شقيقتها التي اعتلى الضيق وجهها لتلف الي والدتها وسالت بصوت منخفض : هل نور لازالت غاضبة امي ؟
قالت نهى بنبرة يملاها الضيق : نعم ولا احد منا يدري ماذا حدث بينهما لتبقى بعيدا عنه كل هذه المدة
قال يوسف بهدوء : من المؤكد نهى ان اخاك اغضبها فعليا والا ما سكت عن غيابها كل هذا الوقت
اشاحت بوجهها ضائقة لتسال نادين : لماذا لم تتدخلي امي وتصلحي ما حدث بينهم
ابتسمت الام : ان شاء الله ستحل الامور قريبا واذا لم أتأكد من اخطاء ياسين بحقها والا ما كنت تدخلت ندى
قالت نهى بعصبية : اذن اريد ان اعلم ما فعله شقيقي لتعاقبه بهذه الطريقة متناسية كل شيء بينهما
زمجر يوسف بضيق : نهى ، اعتقد انك سالت ياسين نفسه وهو لم يشأ ان يخبرك بما يحدث بل طلب منك وبصرامة ان لا تتحدثي معه مرة اخرى في هذا الامر ، اليس كذلك ؟
قالت بضيق : ارى انك محامي السيدة نور الخاص يا استاذ يوسف
قال بهدوء : نهى ارجوك لا تدعي عاطفتك تسيطر على عقلك وتتحكم بك ، اعلم جيدا انك تحبين اخاك ومتحيزة له ، ومن منا لا يفعل ذلك ، ولكن نور لم تخطئ بحق ياسين الي الان ، ثم ان ياسين لم يذهب ليرضيها ويعيدها اليه ، هل تقبلين على نفسك عندما تغضبي من زوجك ان تعودي اليه من تلقاء نفسك
زمت شفتيها لتسال نادين : ولماذا لم يذهب اليها ؟
رد يوسف بضيق : لا نعلم ، ثم من فضلكم اغلقوا هذا الموضوع الممل الذي لا تنفك نهى ان تتكلم به لتوترنا وتحرق اعصابنا .
رد عمرو بمرح : لا تؤاخذها يوسف فهرمونات الحمل تتحكم بها ، غمز بعينه ليكمل : وانت ادرى
ضحك يوسف وهو ينظر الي انجي : نعم انا ادرى .
تأففت انجي بضيق: ماذا تقصد ؟ انا متعبه بما فيه الكفاية فلا استطيع التفكير بما تقوله ولا ما وراء المزحة
انفجر معتز بالضحك على شقيقته التي لم تعد تحتمل احدا
وقال من بين ضحكاته : يوسف هل تريد المبيت اليوم على الاريكة الخارجية ؟
ليضحك يوسف بانطلاق : وما الجديد منذ اسبوع وانا اقضي ليالي عليها فالفراش لم يعد يكفينا نحن الاثنان
انفجروا بالضحك لتلوي جيجي فمها غاضبه : ولدك السبب
نهض من مكانه وقبل راسها : اعلم حبيبتي ، يأتي على خير ، فانا ضقت به ذراعا ، اريد ان انام بفراشي
جلجلت ضحكة احمد : هل تريد النوم اذن اقبل بنومة الاريكة افضل من ان يأتي صغيرك فانت لن تستطيع النوم بسببه ابدا
شحب وجه يوسف لينفجروا ضحكا عليه
عمرو : نعم اذكر الي الان اول ايام يمنى كنا لا نذوق طعم النوم بسببها بكائها المتواصل .
احمد : نعم ، اعلم هذا جيدا ، اتعلم اسلام كان اهونا من شقيقتيه فعندما كانت تبدا احداهما بالبكاء تنفجر الاخرى معها
لف يوسف الي زوجته : لم نتفق على هذا جيجي
ضحكوا على وجه يوسف الشاحب ونظرته القلقة لتنظر اليه جيجي ضائقة ليبتسم لها فأشاحت بوجهها بعيدا عنه
معتز: اغضبتها حقا يوسف .
لم يحرك عينيه مع وجهها : تعلم جيدا اني امزح معها ، فانا على استعداد ان اسهر مع هذا القادم لتغفو عينيها هي
صفر عمرو بإعجاب لتقول ندى : انا لو منك اسجل له حتى لا يتملص بعد ذلك ويقول لكي انا متعب لا استطيع السهر اليوم مع ولدك ، اتذكر احمد .
نظر احمد الي السقف وقال : جميلة هذه الثريا امي .
انفجروا ضاحكين على المشادة المرحة التي نشأت بين احمد وندى وهو يؤكد انه كان يسهر بالصغيرتين وهي تنفى ما يقوله
قالت نوارة هانم : هيا يا أعزاءي لتتناولو العشاء
التفت الي مريم : اخبري ياسر وياسين ان العشاء جاهز
__ حاضر عمتي
***********************
سحب صديقه الي الخارج ونزع السيجارة من بين شفتيه بحنق : ماذا هناك ياسين ؟ انت تدخن ، لم اصدق عندما اخبرتني نوارة هانم
ضحك ساخرا : اذا اتصلت بك امي لتشتكي لك من بكرها الذي اصابه الجنون
تنهد ياسر : لا ياسين ، بل انا من اتصلت بها لأطمئن عن احوالك فمنذ اخر يوم كنت به عندي لم تتصل بي اطلاقا
وكنت اظن ان نور عادت اليك ولذلك نسيتني وانشغلت بها
زفر بضيق ليكمل : وفوجئت عندما اخبرتني والدتك انها لم تعود الي الان
نظر له : اذن انت من اخبرت امي انها كانت بالمشفى
هز راسه نافيا : لا طبعا
نظر الي امامه واتكئ بمرفقيه على حد التراس : اذن من اين علمت بهذا الامر ؟
__ لا افهم ياسين ، تكلم بوضوح
قال بحنق : لا اعلم ياسر ، اتت امي منذ ما يقارب الشهر واسمعتني ما لا يرضيني باني لم اخبرها بظروف نور الصحية وكيف اخفي عنها امرا كهذا ، وغضبت مني وخاصمتني ايضا
نظر له بدهشه : ولماذا لم تخبرها ؟
__ لم اخبر احد ياسر بماذا اخبرهم ، بان نور دخلت المشفى بانهيار عصبي من فعلة حافظ السوداء
لا طبعا لم اتكلم بهذا الامر مع احدا غيرك
ربت على ظهره : اذن اهدئ واخبرني بالمستجدات
زم شفتيه ليقول من بين اسنانه : لا شيء ،منذ خروجها من المشفى لم اراها
نظر له ياسر بتشكك : هل استطعت كل هذه المدة ياسين ، ان لا تذهب اليها
اشاح بعينيه بعيدا عن صديقه حتى لا يلمع السعادة التي تراقصت بهما وهو يتذكر كم كان سعيد الحظ عندما سنحت له الفرصة من خمسة ايام ان يبقى بجانبها طوال الليل
فعندما قرر اخيرا ان يذهب ليراها غصبا عن عمر
حتى لو ادى الامر الي ان يتشاجر معه وجد باب الفيلا مفتوح ليرتعب ان يكون حدث شيء لاحد منهم
دلف الي الداخل وهو يبحث بعينيه عن عمر لينادي بصوت مرتفع قليلا : عمر لم يرد احدا عليه ، فاستنتج ان لا يوجد احد هنا ، امره قلبه بان يصعد الي غرفتها ليشعر بتواجدها حوله حتى لو هي لم تكن موجودة ، دلف الي الغرفة ليشعر بالشوق يجتاح خلايا جسده كلها ليقفز قلبه من صدره عندما يراها نائمة امامه على الفراش ،صعق ليتجمد بوقفته ولا يعلم ماذا يفعل لينتبه على صوت عمر وهو يتكلم : كيف لا تتذكرين هل اغلقت الباب ام لا عليا
نطقت علياء بضيق : لا اذكر عمر ، انا متعبة جدا
__ خلاص عليا ، سأنزل لأتأكد
تحرك سريعا ليختبئ بظلمة الغرفة قبل ان يصل عمر الي باب الغرفة ويراه وهو واقف متجمد مكانه ، دعا بسره ان لا يدخل عمر الي الغرفة ويراه حتى لا تحدث مشكلة كبيرة بينهما ، ولكنه اندهش عندما مد عمر يده ليغلق الباب دون ان يدخل الي الغرفة
زفر بارتياح بعد ان سمع خطوات عمر الصاعدة ودخوله الي جناحه الخاص ليتحرك من مكانه ببطء شديد وهدوء اشد
وهو يكتم تنفسه خوفا من ان تفضحه انفاسه وتستيقظ صارخة كآخر مرة كان بجوارها ، نظر اليها بحب وشوق كتمه بداخله وجلس بجانبها على الفراش ،وأمضي ليلته وهو يتأمل ملامحها الجميلة التي اشتاق اليها ولكنه لا يعلم كيف غفت عينيه ليستيقظ بالصباح على صوت علياء الهادئ
وهي تخبره بانه لا بد ان ينصرف الان قبل ان يستيقظ عمر او نور وتحدث مشكلة اكبر من المشكلة الناشئة بينهما من الاساس
رتب على كتفه لينظر اليه : من الواضح انك رايتها من وقت قريب ياسين
ضحك ياسين بهدوء : الا استطيع ان اخفي عنك شيء ؟
هز ياسر راسه نافيا ليسمعا صوت مريم : العشاء جاهز يا شباب
**************************
اقترب من نادين عند انتهاء العشاء وسألها بهدوء : هل ما زلت غاضبة ندى ؟
ابتسمت بهدوء : لا معتز انا اخبرتك اني واقفة بجانب اخوتي
وها هما الاثنان مرحبان بوجودك بوسط عائلتنا ،وانا لن اعترض على استرداد صديقي
ابتسم بهدوء : ما اخبارك انت مع هذا الشقي ؟
ضحكت : بخير ، وانت ؟
تنهد : شقيقتي المصون وابنة عمتي الغالية اتفقا الاثنتين على ان يزوجوني ، وعندما حاولت الاعتراض بوزت انجي في وجهي وقالت بغضب حقيقي قل ان ذوقي لا يعجبك
فأنصعت اليهما ، فانا لا اريد مضايقتها هذه الايام ، يكفيها انها ضائقة من الاساس بسبب ثقل الحمل عليها
نظرت له باستنكار : هل ستتزوج من اجل الا تضايق انجي
ابتسم بمرح : لا طبعا ، لقد قابلتها مرتين وراقت الي
انها مرحة ومتفهمة ذكية لبقة لم تتزوج من قبل وفي الثلاثون من عمرها ، سنها مناسب الي
نظرت اليه بتردد ليبتسم : تريدي ان تسالني عن مشاعري اليس كذلك ؟
حولت نظرها عنه : لا بل اريد ان اعتذر لك فما فعلته كان بسببي ، خسرت زوجتك وطفلك بسببي
ابتسم : لا نادين لم يكن بسببك ، كان بسبب اخطاء جسيمة وقعت بها انا وحنان ، وعلى الرغم من اعترافي باني اخطأت في حقها الا اني اكتشفت مؤخرا عندما تكلمت مع السيد عبد العزيز ومع مريم ان حنان التي سعيت ورائها لم تكن من تخيلتها ولذلك قررت ان امضي بحياتي ، سأتزوج لاستقر بحياتي واؤسس اسرة وانجب اطفالا ، وداليا تريد ذلك ايضا ، نحن متفقان الي حد ما ولنا نفس الاهداف
ابتسمت بسعادة : اسمها داليا
هز راسه : نعم ، زميلة مريم بهيئة التدريس وطبعا لاقت استحسان انجي
عند نطقه باسمها دوت صرختها بأنحاء القصر
ليسرع اليها وجد يوسف بجانبها : ما بك ؟ ماذا حدث ؟
امسكت به بقوة : انا الد يوسف
***********************
__ هل ما زلت مستيقظة نور ؟
سالتها وهي تنظر اليها من اعلى السلم
__ تعالي تناولي فطورك
نظرت اليها لترى ما تفعله في المطبخ : لا اريد ان افطر ثم ماذا تفعلين ؟ لا تخبريني بانها احد المعجنات او الفطائر او الكعك ، فبطريقتك هذه ساصبح فيلا ضخما الي ان الد
ضحكت نور : ما افعله من اجلك حبيبتي لابد ان تتغذي جيدا حتى ياتي الطفل قويا ويتمتع بصحة جيدة
__سياتي ضخما بسبب عمته التي تهرب من مشاكلها الي طهو انواع مختلفة من الطعام
نظرت لها بلوم لتكمل علياء : لا تنظر الي هكذا ، الا ترين مظهرك بالمرآه ، لا تستطيعِ النوم الا بالمنوم ، تظلين مستيقظة بالثلاثة ايام الي ان تأخذي حبة دواء منومة فتغرقي في بئر النوم وان انهارت الدنيا فوق راسك لا تشعري بما يحدث حولك ، ثم لماذا لا تتفاهمين مع ياسين الي الان ، ولا تخبريني بخرافتك عن كونك قوية او ضعيفة ، فانا لا اصدقك ، انت بخير الحمد لله ، وتستطيعين التكلم معه كما تريدي وان تفهمي ما غيره هكذا ، ثم لا تقولي انه يريدك ان تبتعدي من حياته فهو كاد ان يقيم بالمشفى بسببك ولولا موقف عمر
منه لما كان ينصرف عندما يراه، ماذا تريدين منه اكثر من ذلك نور ، اخبريني
خفضت بصرها لتكمل علياء : لا ولم تقفي عند هذا الحد بل احرجت السيدة نوارة اكثر من مرة تتصل وتطلب منك ان تذهبي اليها لتتكلم معك فترفضي ، ثم اخيرا لا تذهبين لأنجي لتباركي لها على مولودها
نظرت اليها بدهشة : ماذا ؟ هل وضعت انجي مولودها ؟
نظرت اليها بلوم : نعم ليلة راس السنة ، الم يخبرك عمر ؟
هزت راسها نافيه لتنطق بهدوء : سأنتظر الي ان يذهب عمر وسأذهب معه
__ عمر ذهب البارحة ، لا تخافي نور فياسين لن يجلس برفقة زوجة اخيه في المشفى ، اذهبي وقومي بواجبك اتجاه انجي ويوسف فالاثنان اصدقاءك
هزت راسها موافقتا لتبتسم علياء بسعادة وتكمل : هيا اذهبي
تأنقي وتزيني لتصبحي مثل القمر
نظرت اليها بدهشة لتكمل علياء : هل تريدي ان يخبر يوسف اخاه بانك حزينة وتنتظري منه مكالمة تليفون لتعودي اليه
نظرت اليها بغضب لتبتسم : هل ضايقك كلامي نور ؟
انكري اذا استطعت ، انا صديقتك واكثر من شقيقتك فلا تكذبي علي
قالت بتردد : كنت سأتصل به اليوم ، ولكني مترددة ولا اعلم ردة فعل عمر
ربتت على كتفها : عمر يريد صالحك نور ، واذا اردت العودة الي ياسين لن يرفض ابدا ، هيا اذهبي حتى لا يفوتك موعد الزيارة الصباحية
انصرفت من امامها لتبتسم عليا وهي تتذكر يوم ما دخلت غرفة نور بالصباح الباكر لتطمئن عليها ووجدته نائم الي جوارها كطفل صغير ، كادت ان تشهق بقوة لولا انها وضعت كلتا يديها على فمها لتمنع شهقتها من الخروج حتى لا يستيقظ احدا منهم ، وقفت جامدة بمكانها وهي بحيرة من امرها ماذا تفعل الان ، فلا تعلم ماذا سيكون ردة فعل عمر اذا وجد ياسين هنا
ذهبت سريعا الي غرفتها وارتدت اسدال الصلاة وعادت الي الغرفة ونادته بهدوء واخبرته ان ينصرف قبل ان يستيقظ عمر وتحدث مشكلة بينهما
كانت تعلم ان نور لم تشعر به بسبب المنوم الذي تأخذه لتنام
فهي لا تستطيع النوم اطلاقا
والبارحة عندما كانت برفقة عمر ليباركوا ليوسف وانجي مولودها تناهى الي مسامعها ويوسف يخبر انجي ان ياسين سياتي غدا في الزيارة الصباحية ليبارك لها واكد عليه ان يكون الطفل مستيقظا فهو يريد ان يراه هذه المرة
حينها قررت انها ستضغط على نور حتى تذهب بنفس الوقت
ولن تخبر عمر حتى لا يخرب مخططها فتأخير نور كل هذا بسببه هو ، فهو يشعر نور انه لا يحبذ فكرة رجوعها لياسين
ولذلك هي مترددة وتنتظر ان يأتي ياسين اليها
*********************
ينظر الي هذا الطفل الجميل وهو مبهورا بجماله ورقته الاخاذة ،ليقول يوسف بمرح :الحمد لله انه يشبه انجي
نظر اليه : نعم ، فالعالم لا يحتمل اثنين منك جو
عاد الي الصغير ليقول يوسف بحماس : احمله ياسين لا تقلق
هز راسه نافيا : لا احبذ ان احمل الاطفال وهم بهذا الحجم
فانا اخاف ان اؤذيهم
وضع مظروفا صغيرا بجانب الصغير ليهتف يوسف : ياسين
قال بمرح: اخرس ، لا اريد ان اسمع صوتك اطلاقا
ولا تتدخل بيني وبين ابن اخي
ابتسمت انجي : شكرا ياسين ،
نظر اليها : علام جيجي ، ارجوكما ان تصمتا
نظر الي اخيه وقال بسخرية : لا يوجد للرجال اجازة للوضع يوسف ، اليوم اخر يوم لأنجي بالمشفى وارجو ان يكون اخر يوم بإجازتك انت ايضا
ابتسم : ان شاء الله سأذهب الي الشركة غدا لا تقلق ، ثم ان معتز مستلم الامور بدلا مني ، ولا تقلق فهو لم يعد متهورا كما كان
قطع حديثهم صوت طرقات رقيقة لتطل براسها الجميل من الباب وتقول وهي تبتسم : السلام عليكم
تأنقت كما طلبت منها علياء ووضعت قليلا من الزينة التي تظهر جمال عينيها ووجهها واخذت معها باقة من الورود وهدية من الذهب للمولود الجديد وذهبت الي المشفى
لم تسال عن الغرفة فعلياء اعطتها كل التفاصيل عن المشفى والغرفة بل وصفت لها المشفى من الداخل
طرقت الباب بهدوء وطلت وهي تبتسم : السلام عليكم
جمدت الابتسامة على شفتيها عندما راته امامها وكادت ان تتراجع وتخرج من الغرفة ولكنها ثبتت بمكانها ولكنها لم تستطيع ان تنظر اليه فخفضت بصرها على الفور
نهض يوسف مرحبا وهو ينظر الي شقيقة بطرف عينه
ابتسم باتساع : مرحبا نور ، كيف حالك ؟ تفضلي
ابتسمت بتوتر : الحمد لله ، مبروك ولي العهد يوسف
ضحك يوسف بسعادة حقيقية : الله يبارك فيكي
تقدمت باتجاه انجي وانحنت لتسلم عليها وتقبل وجنتيها
وقالت بسعادة حقيقية : مبروك جيجي ، اسفة لأني تأخرت عليك ولكني لم اكن على علم انك وضعت يوم راس السنة
ابتسمت انجي : لا تعتذري نور ، المهم عندي انك جئت لتباركي لي
تنحنح مقاطعا الجو الحميمي الذي نشا بينها وبين اخيه وزوجته : سأنصرف يوسف ، فانا تأخرت
جلست بهدوء على المقعد بجانب انجي وخفضت بصرها
نظر اليه يوسف بغضب وهو يقف خلف نور واشار له براسه ان يسلم عليها
لينظر اليه ياسين بقوة ويرفع له حاجبه الايمن وقال بجمود
__مبروك انجي ، اذا احتجت الي أي شيء فلتؤمري به
فانا بالخدمة ، سلام
خرج من الغرفة ليتبعه يوسف ويمسكه من ذراعه : هل جننت ياسين ؟
نفض ذراعه من يد اخاه بقوة وقال بجمود : يوسف احترم نفسك ولا تنسى ابدا اني اخاك الكبير
زفر بضيق : لم انسى ابدا ياسين ، ولكنك تعاملت مع زوجتك (شدد على كلمة زوجتك بقوة ) بقلة تهذيب وذوق
هدر بصوت منخفض : يوسف ، لقد طلبت منك من قبل الا تتدخل ، من فضلك لا تتدخل
تركه وذهب ليهز يوسف راسه بقلة حيلة وتمتم : لا افهمك ياسين ، ولن افهمك مهما حييت
دخل الي الغرفة ثانية ليجد نور تحمل الطفل بين ذراعيها
وتبتسم له : جميل انجي ما شاء الله تبارك الله ، ربنا يحميه ويحفظه ، ماذا اسميته ؟
رد يوسف بفخر : محمود
اتبعت انجي : على اسم جده فهو اول حفيد من الذكور ، اليس كذلك يوسف ؟
ضحك يوسف : اشعر انك ضائقة من اسمه
هزت راسها : لا اطلاقا
ضحكت نور ليقول يوسف بغيظ : الا يعجبك اسم والدي ؟
ردت سريعا : لا حبيبي ولكني كنت اريد له اسما مختلفا
صراحتا كنت سأسميه نور
صمتت نور عن الضحك ونظرت لها بدهشة لتتبع الاخرى
__ نعم كنت سأسميه نور الدين ، فاسمك يروق لي كثيرا
ردت نور بهدوء : لا اسم محمود افضل بكثير
هتف يوسف : أسمعتِ اتمنى ان تكوني اقتنعت ولو قليلا
ضحكت بمرح : انا اقتنعت من المرة الاولى ولكني احب ان اتشاجر معك
اقترب منها وجلس بجوارها : ستذهبين بما تبقى من عقلي جيجي
ابتسمت نور : الله يحفظك لها وتظل تتشاجر معك الي الابد
وضعت الطفل بين ذراعي انجي : مبروك انجي
وضعت العلبة المخملية بلفة الطفل الزرقاء
ليصيح يوسف : لا هذا كثير ، ما بالك انت وزوجك كل منكما يأتي بهدية للطفل
لكزته انجي بكوعها لينتبه الي ما قاله ونظر الي نور التي شحب وجهها فجأة : المعذرة نور لم اقصد
ابتسمت بمجاملة : لا يوسف لا عليك ، سأنصرف انا حتى لا أتأخر
نظرت اليها انجي وهي تسلم عليها : سأنتظرك بحفل السبوع نور
هزت راسها : ان شاء الله ، الي اللقاء يوسف
خرجت من الغرفة وهي تشعر بقلبها يئن الما ، الي هذا الحد ياسين اصبحت لا اهمية لي ، الي هذا الحد لم تشتاق لي ولا مرة ، تتساءل مرارا وتكرارا لماذا لم يأتي اليها ولا مرة بعد خروجها من المشفى تجمعت الدموع بعينها وبغمرة انفعالاتها
لم تنتبه الي الطريق فوقفت لترى الي اين المفروض ان تذهب لتشعر بيد قويه تسحبها معها الي داخل المصعد الذي كانت واقفة على مقربة منه
لا تحرموني من تفاعلكم وردودكم
ان شاء الله موعدنا السبت القادم
سوري والله مش بايدي بس عندي دور برد ومش قادرة اركز
القاكم على خير
|