كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل الرابع والثلاثون
الجزء الثاني
دخلت الي جناحه بالصباح لأوقظه واطمئن عليه فالبارحة كان بحالة من البؤس والالم لم تفتني حتى لو لم يظهرها
شهقت بألم عندما راته نائما على الارض بجانب دولاب الملابس ومتوسد ذراعه اسرعت اليه لأطمئن الا يكون اصابه شيء لأجده نائما رتبت على خده بلطف
وهمست : ياسين ، قم حبيبي
تمتم بهمس : اتركيني قليلا نور ،اريد ان انام وقتا اطول
دمعت عيناي و نادته بصوت اعلى قليلا : ياسين ، قم بني
فتح عينيه ليجدني امامه فينتفض جالسا نظرت اليه بعتب
ليشيح بنظره بعيدا عني اقتربت منه وربت على فخده
__ اذهب وراضيها وات بها معك ، اعتذر منها على ما فعلته ، واوعدها بانك لن تفعل ذلك ثانية ، ستسامحك ، هي تحبك بقدر ما انت تحبها ، ستسامحك ياسين
رمش بعينيه قال بحمود : لا امي ، مثل ما تركتني وذهبت دون اذني ، ستاتي بمفردها
اتسعت عيناي غضبا : هل تعامل بنات العائلات بهذه الطريقة السيئة ، اذهب الي زوجتك وراضيها ، اريد ان اراها اليوم
وقف منتفضا : امي من فضلك لا تتدخلي بهذا الامر ، لن اذهب اليها ، حتى لو سأموت من غيرها ، سأموت راضيا على ان اذهب اليها
صاح بقوة اكبر : وهل بنات العائلات يغادرن بيوتهن بدون اذن ازواجهن ، بنات الشوارع لا يفعلن ذلك
هدرت بصوت عالي : ياسين
زفر بضيق : حاضر امي سأذهب اليها ولكني سأعطيها وقت لتهدئ به ، وانا ايضا اعالج مشاكل الشركة المتفاقمة
هززت راسي بعدم رضى : حسنا ، تعال لتتناول فطورك
تركتني امي وانصرفت ليقع نظري على روبها الحريري الواقع على الارض لأزفر بضيق نظرت الي هاتفي وانا افكر هل اتصل بها لأطمئن عليها ام لا ، سأتصل واخبرها اني سآتي لها بعد يومين لتبلغني بقرارها ، واطمئن على حالة عمر
اسرعت الي الهاتف وانا ارتب الحروف بداخلي واتحكم بصوتي حتى لا يفضحني شوقي اليها لأجد الرسالة الصوتية بالصوت الانثوي الممل تخبرني ان هاتفها مغلق
اطبقت على الهاتف بقوة و جززت على اسناني غاضبا
__ اللعنة عليك نور ، لن اسال عنك وستاتي غصبا عنك
********************
نظرت حولي بانبهار لهذه الحديقة الرائعة وانا اتمم : سبحان الله ، سمعت صوت صراخ امرأة لأبحث عن مصدر الصوت
صوت الصراخ يزداد لأركض بقوة خائفة هروبا من هذا الصوت المخيف ارتطمت بجسد قوي ، لأشهق بعنف رفعت عيني لأجده امامي ينظر الي بقسوة وعيناه تحملان الوعيد وتتألق بنيران دخانية
لارتجف بقوة ضمني الي صدره بقوة ليقبلني بعنف
حاولت ان ادفعه بعيدا عني لأصرخ بقوة : ابتعد
استيقظت منتفضة على قوة صرختي لتدلف عمتي الي الغرفة والخوف يقفز من عينيها والقلق يعم وجهها
اسرعت الي عندما وجدت دموعي تنهمر على وجنتي
لتحتضني مهدئا : بسم الله عليك حبيبتي
ماذا حدث ؟ لقد ارعبتني صرختك
__ مجرد حلم عمتي ، انه حلم مزعج لا اكثر
رتبت على كتفي : حسنا استعيذي بالله وتعالي لنتناول الافطار معا
تركتني وانصرفت لأسند راسي على ظهر الفراش
__ متى ستتركني بحالي ياسين ؟
فكرت في صوت الصراخات التي استمع اليها من البارحة
فلقد استيقظت اكثر من مرة على صوت الصراخ ولكني لا اعلم مصدره
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ونهضت حتى لا أتأخر على عمتي
********************
نظرت اليه وهو يمثل تناوله للطعام ، امسكت يده برقة
__ ما بك عمر؟ من البارحة وانت واجم ولا تتكلم تأخرت بالمكتب وعندما اتيت لتنام لم ترد علي ، رغم انك لم تنم الا بعد الفجر
__ قلق قليلا علياء ، اريد ان اطمئن على سير العمل
__ الم يطمئنك الاستاذ محمد البارحة وياسين كان يطمئنك كل يوم وانت بالمشفى
تنهد : اه ياسين ، لا اعلم كيف ارد له جمائله الكثيرة التي تثقل كاهلي
__ اتعجب نور لم تأتي البارحة كما وعدتني ، ولا ترد على هاتفها من الصباح
نظر اليها بتعجب : الصباح ، نظر الي ساعته : انها العاشرة علياء هل اتصلت بها قبل ذلك
ارتبكت وهمست : نعم من حوالي ساعة
نظرت اليها معاتبا : علياء ، الا يكفي انشغالها معنا الايام الماضية واهمالها لزوجها لتتصلي بها انت بالصباح الباكر
لا تتصلي بها مرة اخرى واتركيها لتعتني بزوجها ، فهي اهملته الايام الماضية
هزت راسها موافقة لينظر اليها بتفحص : هل كنت تريدين منها شيء ؟
ارتبكت وردت بتلعثم : ها ، لا
قال بحزم : علياء
تنحنحت : كان من المفترض ان تأتي لي بأدويتي
نظر بتعجب : ادويتك ، هل تتناولين الادوية ؟
__ انها مسكنات من اجل ذراعي
__ لا تكثري من المسكنات فهي ضارة ، ثم هل يؤلمك ذراعك الي هذا الحد ؟
نظرت اليه لا تريد الكذب اكثر من ذلك فالمسكنات للألم الذي ينتابها بسبب الاجهاض الذي تعرضت له
وهي بالمشفى تعرضت لنوبات حادة من الالم ولكن الطبيب طمئنها وكتب لها بعض المسكنات التي تتناولها في حدوث هذه الالم مرة اخرى
سال بصرامة : هل تخفين عني شيء ؟
قررت ان تخبره فان اجلا او عاجلا سيعلم : لقد تعرضت للإجهاض بسبب الحادثة
لمع الغضب بعينيه : هل كنت حامل حينها ؟ لماذا لم تخبريني من قبل ؟
هزت راسها ايجابا : نعم ، ولكني لم اكن على علم بهذا الامر
زمجر بغضب: ولماذا لم تخبريني ؟
__ لم اريد ان ازيد من تعبك او ان تحزن بسبب هذا الامر
صاح بقوة وهو ينتفض واقفا : هل ترينني ضعيفا لهذا الحد حتى تقرري ان لا تخبريني باني فقدت طفلي الذي لم افرح به ، ام ان حالة الغيبوبة طمأنتك اني لن استطيع ان اعلم فقلت دعونا لا نخبره
قالت بضعف : عمر
اشار بيده مقاطعا اياها : لا علياء ، لا اريد التحدث معك
الان الصمت افضل لنا
ترك المكان وانصرف لتشعر بانها اخطأت في اختيار التوقيت ، وانها اغبى خلق الله فنور اخبرتها ان تنتظر وان لا تخبره الان حتى يستقر وضع قلبه الصحي
تنهدت ماذا سأفعل الان ؟ سأنتظر نور الي ان تظهر لتتكلم معه ، فمن الواضح انه غاضب مني
تركتها وانا اشعر بالقهر ، لم يكن لها ذنب لأفرغ ضيقي بها
ولكن عندما ذكرت انها كانت حامل وطفلنا فقدته بسبب الحادثة جن جنوني ، واخترعت سببا لأفرغ به كل ما يضايقني ، لم اراعي ان حزنها على الطفل اكثر مني بمراحل ، ولكني غاضب منها لماذا لم تخبرني ، من المؤكد انها فضلت ان لا تغضبني
اهدئ عمر حتى لا تفتعل معها المشاكل ، اتركها قليلا حتى تهدئ انت واذهب وراضيها
*******************
نزل بعد قليل ليجد عائلته الكبيرة مجتمعه كلها ادار عينيه فيما بينهم وابتسم
نادين لم تسافر بعد ، ستسافر غدا او بعد غدا ، ونهى وزوجها لا زالا معهم رغم ضيق عمرو ولكنه حافظ على كلمته وجلس بعد ان طلب منه ياسين ، ويوسف وانجي الي ان وصلت عينيه الي مكان جلوسها الفارغ لتموت البسمة على شفتيه ويعقد حاجبيه ضيقا وقلبه يرتجف الما
جلس على راس المائدة كعادته وهو يرمي السلام بضيق
ليبتسم يوسف بخفة : صباحك مبارك ياسين ، تأخرت في النوم اليوم ، ليس كعادتك ، انا انتظرك من ساعتين
نظر الي اخاه : المعذرة ، نمت بوقت متأخر
ضحك احمد هو وعمرو ليقول احمد : واضح ، وجهك شاحب من قلة النوم والسهر ،
التفت الي نوارة هانم ليقول بمرح : اعدي له غداء شهيا امي ، فهو يحتاجه بشدة
انفجر عمرو ضاحكا : كلنا نحتاج الي غداء شهيا امي
جز على اسنانه غضبا ليرمقهما بغضب
قال يوسف بابتسامة المعهودة : هاي احترم نفسك انت وهو
ليلتفت الي اخيه : اين نور ؟
نظر الي يوسف بحدة ليكمل الاخر سريعا :انجي تريدها ان تذهب معها الي الطبيبة فموعد متابعتها الشهري اليوم
زم شفتيه بضيق ليعم الصمت المكان لتنفرج شفتاه بعد قليل
ويقول بجمود : نور ذهبت الي اخيها ولن تأتي اليوم
نظر احمد وعمرو الي بعضهما ليحمر اذنا الاول ويزحف الاحمرار الي وجه الثاني
عقد يوسف حاجبيه لتقول انجي ببساطة :سأتصل بها والتقيها
لنذهب سويا
صاح بقوة : لا ، اذهبي بمفردك او مع نهى
وادار عينيه بهم وقال امرا : لا يتصل بها احدا منكم الكلام للجميع وثبت نظره على امه لثواني لينهض من مكانه
نظر الي يوسف : هل ستاتي ؟
انتبه يوسف من صدمته : طبعا ، اعد السيارة وانا سأتبعك حالا
خرج من الباب لينظروا الي بعضهم بوجوم لتتكلم نادين
__ ماذا حدث امي ؟ هل نور غضبت وتركت البيت
هزت الام راسها ايجابا : نعم ، ولكنها مشكلة بسيطة ستحل ان شاء الله
قال يوسف بهدوء: مظهر ياسين لا يدل على ذلك امي
__ لا تشغلوا رؤوسكم بمشاكل اخوكم الخاصة فهو سيحل مشاكله بمفرده
نظروا الي بعضهم لتكمل امهم بحزم : التزموا بتحذير ياسين وبم انه طلب ان لا نتصل بها سنلتزم بأمره
رفع يوسف حاجبيه واعترضت نهى : لا امي ، انا اريد ان افهم ماذا حدث ؟ ثم انه ليس من حقه ان يلزمني الا اتصل واطمئن على صديقتي
صاحت الام بحزم : نهى ،التزمي بأمر اخاك ولا تعصيه
تبادلت النظرات مع يوسف ليخبرها بعينيه انه سيتصرف
دوى بوق السيارة لينهض يوسف : حسنا ، سأذهب حتى لا يحيل نهاري جحيما
نظر الي زوجته : لا تذهبي بمفردك
__ لا تقلق يوسف ، سأتدبر امري
انصرف يوسف ونهضت نوارة هانم ، لتتكلم نادين
بهمس : انا غير مقتنعة بما يحدث ، ما الامر الذي جعل نور تترك البيت وتذهب
ردت نهى وهي تهمس : منذ فترة والامور غير مستقرة بينهما ندى ، الا ترين كيف كان ياسين ضائقا وهي ايضا كان الحزن ينبع من عينيها
همست انجي : وهل سنترك الموضوع هكذا دون ان نساعدهما ؟
لوت نادين شفتيها : ليس بيدنا شيء ، اذا امر ياسين بك فأمره يطاع الم تلاحظي انه نظر الي امي وجمعها معنا بالأمر
ابتسمت نهى : نعم انا ايضا لاحظت ذلك ، كانه كان ينبهها انها الاخرى يسري عليها امره
صاحت انجي : هذا استبداد
نظر لها احمد بدهشه من صيحتها المفاجئة، ليضحك : انت تتكلمين عن ياسين اليس كذلك ؟
ابتسمت انجي ليكمل: وما الجديد طوال حياته مستبد
نظرت له نادين بقوة : هلا تصمت من فضلك ، فانا ضائقة منك
نظرت لها نهى بقوة : نادين
__ نعم انا ضائقة منه ، حلى المزاح اليوم وياسين لا يطيق نفسه
انفجر عمرو ضاحكا ليتشارك معه احمد : ومن اين لنا ان نعرف ان زوجته غير موجودة ، كنا نمزح معه لا اكثر
اكمل عمرو : ثم انه لم يعترض
نهى : نعم ، كان سيحرقكما بعينيه فقط
ضحكت انجي بمرح : نعم لقد نظر بقوة تهيا لي حينها ان لو النظرات تقتل لقتلتكما
قام احمد من مكانه وقبل راس زوجته : المعذرة حبيبتي
لم اقصد ان اضايقه
اكمل عمرو : سنعتذر منه
صاحت الاختين بنفس اللحظة : لا
ابتسمتا لتقول نهى : لا تتكلما معه ثانية ، واحذرا محادثته في موضوع نور هذا ، فهو عندما يصل الي هذه المرحلة من الغضب ، لا يرى امامه ونحن بغنى عن مشاكل بينكما وبينه
وكان الله في عون يوسف ، فهو من سيتحمله اليوم
التفت الي انجي : هل ستذهبين الي الطبيبة
__ نعم
ردت نادين : سأذهب معك
نظرت نهى الي اختها بتعجب لترفع انجي راسها
وتسال : حقا
__ نعم انا الاخرى اريد ان اذهب الي الطبيبة لأستشيرها بأمور تخصني
__ حسنا لنذهب معا
*****************
ركبت بجواره السيارة ونظرت اليه بطرف عيني
وجهه لا ينم عن شيء ، هذا هو حاله عندما يغضب انفعالاته الداخلية لا تظهر على الملأ
هممت ان اسالة عما حدث ، ليقول بجمود وتسلط
__ اذا تكلمت بموضع نور او سألتني عما يدور بيننا فمن الافضل ان تنزل من السيارة وتذهب مع السائق
رفعت حاجبي بدهشة : ياسين ، انت تمزح
نظر الي وقال بقوة : لا ، احترم رغبتي ولا تتدخل
تنهدت بضيق ليكمل : ثم انني لدي من المشاكل ما يشاغلني اهم من مشكلة زوجتي المصون
هززت راسي بتفهم ليسال : ها لم تخبرني بموقفك
تكلمت من بين اسناني : حسنا ياسين لن اتدخل بالأمر
ادار السيارة على الفور وانا اشعر بالشفقة عليه من الواضح ان مشكلته مع نور كبيرة ، وانا متأكد ايضا انه السبب بها
فالحالة التي بها تنم عن شعور بالضيق من النفس وتأنيب الضمير بحيث انه لا يريد التحدث من قريب او من بعيد حتى لا يلوم نفسه اكثر من ذلك
ولكني صممت ايضا ان اصلح الامور ولو قليلا ، سأتصل بعمر لأتحمد له على سلامته وخروجه من المشفى واستشف ما موقفه من غضب اخته وذهابها الي بيته
********************
جلست مع عمتي نحتشي الشاي: هيا قصي الي عن والدي قليلا
ابتسمت : محمد كان رائع ، شخصية فريدة كان حنون ويعاملني بلطف ، وقف بجانبي طوال حياته كان نعم السند والاخ
حتى عند زواجي وقف الي جواري رغم عدم اقتناعه بزوجي وكان يرى ان الزيجة غير متكافئة اجتماعيا ولكنه
لم يشأ ان يكسر قلبي
نظرت الي عمتها بتعجب وقالت بتردد : هل كنت متزوجة عمتي ؟
تنهدت : نعم ، ولكن عمك الله يسامحه اجبرني على ان اتركه
شهقت نور : لماذا ؟
زمت صفية شفتيها لتقول والالم يلتمع بعينيها :لأنه رأى انه لا يناسبني اجتماعيا و لا ثقافيا ولا ماديا ، و رأى انه طامع بمالي ليس الا
سالتها نور بتعاطف : هل كنت تحبينه عمتي ؟
ترقرقت الدموع بعينيها : نعم ، كنت احبه
كان ابن مدرستي ، فكأغلب العائلات الراقية كانت لدي مدرسة لتعليم الموسيقى ، كنت احبها للغاية فقد كانت رقيقة وعطوف وفي بعض الاحيان كان يأتي معها ابنها
كنت اشعر بالسعادة وانا اتكلم معه ، وعندما وصلت الي سن الرابعة عشر كان هو تخرج من الجامعة وعمل مدرسا
كنت انا بهذا الوقت كبقية فتيات جيلي اتطوع للعمل بالجمعيات الخيرية والمستشفيات قابلته مرة او اثنين بإحدى الجمعيات الخيرية كنت اتبرع للجمعية وهو يعمل مدرسا للأطفال اليتامى الذين تراعهم الجمعية
قوت صداقتنا ، لن انكر اني احببته بشدة ولكني لم اتكلم لم استطع ان اتفوه بما اشعر به بيني وبين نفسي فانا اعلم ان هذا الحب غير مجدي فنحن لن نتزوج ابدا ، ابي لن يرضى ان يزوجني من هو اقل مني اجتماعيا
ولكني لم استطع ان اتزوج من احد غيره ، لم استطع ان اتخيل ان اكون زوجة لاحد غيره ، قابلته بأحد الحفلات الخيرية وكنت بالعشرين وقتها ، وكان يتقدم لخطبتي اولاد كبارات الاسكندرية ، فاجأني انه اعترف لي بانه يحبني ويريد ان يتزوجني ، لم استطع ان اوافق ولم استطع الرفض ايضا ، اخبرته بحبي له واخبرته ان يبتعد عني فأبي اذا علم بالأمر سيحيل حياتي الي الجحيم ، اما حافظ لو علم لن يتردد وسيقتله ، امتنعت عن الخروج لفترة طويلة تصادف عدم خروجي مع وفاة والدتي لأحزن بشدة واتقوقع على نفسي اكثر واكثر ،مرت الاعوام وانا ارفض المتقدمون لخطبتي الي ان كبرت تزوج والديك وانجبا عمر لألهي نفسي به قليلا
دخلت مرحلة العنوسة تجاوزت الثلاثين وبزماننا كانت الفتاة التي تتجاوز سن العشرين ولم تتزوج تكون عانسا
فما بالك بمن تجاوزت الثلاثون ، قل الخطاب وبدأت انا الاخرى افقد الامل ، عدت للتطوع والاعمال الخيرية وبإحدى المرات ذهبت لمدرسة عمر لأطمئن عليه واسال عليه معلميه لأقابله هناك ، اكتشفت انه لم يتزوج هو الاخر
قضى سنوات شبابه ينتظرني ، وهذه المرة لم يستمع الي تحذيراتي بل اصر على مقابلة والدي وتقدم لخطبتي
ولكن ما فاجأني ان ابي وافق على الزواج وعرض عليه ان يساعده ولكنه رفض بشدة ، اثث بيت صغير كان كالجنة بالنسبة لي ، محمد امتعض من الفكرة ولكنه عندما رأى السعادة التي اعيشها ، وافق ولم يعترض
عشت معه سنتين من اجمل سنين عمري ليتوفى والدي ويعود حافظ لن استطيع ان اصف لك مدى البؤس الذي عيشنا به حافظ لقد دمر حياته لأجل ان يتركني ولكنه رفض وابى ، اباك وقف بجانبنا كثيرا ولكن مات محمد لأكون كالقشة بمهب الريح زاد حافظ من جبروته وتسلطه و باخر الامر هددني حافظ بانه سيتخلص منه اذا استمريت بهذه الزيجة التي جلبت العار للعائلة ،
سقطت دموعها ببطء وهي تكمل : تخيلي نور كنت حاملا عندما قررت ان اترك صلاح وعندما علمت رجوت حافظ ان يتركني اكمل حياتي مع زوجي وابني قلت له اني سأتنازل له عن جميع الاملاك الذي ورثتها عن والدي
ليتركني استمر بحياتي ، ولكنه رفض بشده واصر على ان اترك زوجي ، و يا ليته توقف عند هذا الحد بل لعب معي لعبة حقيرة اوهمني اني مريضة لأذهب الي المشفى واتفق مع احد الاطباء ان يجهضني
استيقظت لأجد ان الطفل الذي عشت ارجوه من الدنيا
ذهب بلا عودة
انهمرت دموعها بغزارة ، اتسعت عيناي رعبا من هذا الشيطان الذي تتكلم عنه عمتي ، لم استوعب ان يكون هناك انسان بكل هذه الكمية من الشر والقسوة ،رتبت على كتفها وحاولت تهدئتها رفعت راسها ونظرت لي : هل من يفعل ذلك بأخته ، لا يكون السبب بموت حماك
حافظ قاسي لا قلب له و امام رغباته لا يرى شيئا اخرا
ارجعي الي زوجك بنيتي اذا جاء عمك ووجدك هنا لن تري زوجك مرة اخرى ابدا ، لا زوجك ولا اخاك
انتفضت بقوة من الجملة : لماذا ؟ لا يستطيع ان يتحكم بحياتي
نظرت لي بألم : حافظ يستطيع ان يفعل اي شيء نور ، ويستطيع فعل اشياء لا تخطر على ذهن احد
اطرقت راسي ارضا : لكني لا اريد الرجوع الي زوجي ، لقد عاملني معاملة بشعة منذ علمه بان حافظ المصري عمي
تنفست بقوة : اذهبي اليه و واجهيه ، لا تتركي الامر معلقا هكذا انه يحبك نور ، من الممكن ان الصدمة شلت تفكيره ولذلك تصرف معك بطريقة خاطئة
تنهدت : سأذهب الي عمر فهو مريض واخذ وقتي بالتفكير
شهقت : مريض ، ماذا حدث له ؟
رفعت حاجبي : انه تعرض الي حادثة كادت ان تودي بحياته
اتسعت عيناها رعبا : حافظ انه السبب ، انا متأكدة
اصفر وجه نور بشدة : لماذا ؟ ماذا فعل له عمر ليقتله ؟
تنهدت العمة ك لم يفعل شيء ولكن حافظ ينتقم من محمد في شخص عمر ، يكره اخاك لأنه شبة والده
سالت وعيناها تدور بتعجب : ولماذا يكره ابي
هزت راسها بألم : لا اعلم ، لا اعلم نور
شعرت نور بصداع غريب يجتاحها من هذا العم العجيب الذي يكره ابيها واخيها بدون اسباب لتقول : عمتي سأصنع القهوة ، اتي لك بقليل منها
ابتسمت : تعالي نعدها معا
ذهبا الي المطبخ ليبتسم الخدم بسعادة لرؤية نور ويقترب منها رجل عجوز ربت على وجنتها ك حمد لله على سلامتك بنيتي
ابتسمت نور : الله يسلمك
اقترب منها الرجل : خذي حذرك من حافظ وارجو ان ترحلي قبل ان يأتي
تعجبت من مقولته لالتفت الي عمتي لأجدها تتكلم مع الطباخ وتامره بما يصنعه على الغداء سألتني ما افضله من الطعام فقلت لها اني لا اتناول الارز فانا لا اشتهيه نظرت الي بتعجب لتسالني ما الانواع التي تفضلينها نطقت بسلاسة
__ احب ملوخية الجمبري ، انها اكلة تنتمي الي الاسكندرية اليس كذلك ؟
فغرت عمتي فاها لترد : ها ، نعم ، اريني كيف تعدين القهوة
وقفت لأعد القهوة وانا اشعر بان عيني عمتي لا تتحركان مثبتتان علي بقوة
التفت لها وابتسمت لاصب القهوة بكوب عادي وفنجان لها
نظرت لها لأجد عيناها متسعتين باندهاش شديد فسالتها
بتوتر : هل تفضلين القهوة بطريقة اخرى ؟
انهمرت الدموع من عينيها وخرجت سريعا من المطبخ
لأتعجب حقا من موقفها المريب تمتمت : ماذا فعلت لاجعلها تبكي ؟
ركضت خارجة من المطبخ وانا بحالة كبيرة من الانهيار
لا افهم ما يحدث امامي ، كيف تكون عادتها كعادات محمد
كيف علمت بطريقة صنعه للقهوة ، ثم انها تشرب القهوة بنفس طريقته ، كيف هذا يحدث ، كيف ؟
لقد مات وهي صغيرة جدا فغير المعقول ان تكون تعلمت منه هذه الاشياء
ليست هذه العادات فقط طريقة حديثه ولمعت عيناها ، ضحكتها الحزينة التي كان محمد مشهور بها اذا كان متضايق ، الطيبة التي تشع من عينيه ، اخفاؤها لمشاعرها وعدم التصريح بها
الخجل الذي ارتسم على محياها عندما ذكرت زوجها
هل تكون ابنة محمد فعلا وحافظ كذب كل هذه السنوات ؟
ولكن الشبه الغريب الذي ورثته من حافظ
لا يمكن ، لا افهم ما يحدث ، لن اكب حدسي واحساسي بها
انها ابنته ، نظرت الي صورة اخيها لتحتضنها برفق وتنظر اليها مرة اخرى انهمرت دموعها : حافظ كذب عليك حبيبي ، ليموتك كمدا ونجح ببراعة كعادته
لمع الكره والالم بعينيها : اخذك مني حبيبي ، لن اسامحه مهما حييت
طرق الباب لتطل نور براسها وترسم ابتسامة متوترة
__ هلا تسمحين لي بالدخول ؟
ابتسمت بسعادة وفتحت ذراعيها لها : تعالي حبيبتي
ابتسمت نور وذهبت بهدوء لعمتها لتحتضنها الاخرى وتبكي ، انتصب جسد نور وسالتها بتوتر : ماذا حدث عمتي؟
هل فعلت شيء ضايقك ؟
نظرت لها عمتها وحسست على شعرها : لا حبيبتي ، ذكرتيني باباك ، لذلك ابكي
ابتسمت نور : حسنا هيا عمتي القهوة ستبرد ، لأني سأغادر بعد قليل لأذهب لعمر
__ لماذا حبيبتي ؟ اقضي معي اليوم ايضا وسافري غدا
فانا اجلس بمفردي ، امكثي يوما اخرا معي
ابتسمت : من اجلك عمتي ، سأمكث
**********************
ذهبت الي الطبيبة انا ونادين التي اختلفت معاملتها على الاتجاه الاخر ، فتبادلت معي الاحاديث واستمتعت برفقتها حقا
بعد انتهاء موعد الطبيبة استأذنتها اني سأذهب لمريم وطلبت منها ان تأتي معي ، رفضت بهدوء وتحججت ان بمشاغل اولادها
اوصلتني الي هناك وانا اخبرتها اني سأتصرف لدى عودتي
دخلت سريعا الي مريم وانا اتمنى ان تكون استطاعت اقناع معتز بالمجيئ اليوم
اوصلت انجي الي مريم وانا اتعجب من هذه الزيارة ولكن لما لا فهما قريبتين ومن حق انجي ان تزو ابنة عمتها
وانا خارجة فوجئت بسيارة معتز امامي ،اوقف سيارته بحيث ان لا استطيع الخروج لأزفر بضيق ، نزل بهدوء ووقف بجوار سيارتي فتحت النافذة ليبتسم : اهلا ندى
انزلي وادخلي قليلا ، اريد ان اجلس برفقتك قليلا
نظرت له بغضب : لا معتز ولن اكرر كلامي ثانية انا مع اخوتك ضدي ، هيا افسح لي مجالا لأخرج بسيارتي
نظر بحزن : حسنا ندى ،كنت اريد ان اتكلم مع صديقتي ورفيقتي كما كنت دوما
ابتسمت بسخرية : ونسيت رفيق عمرك من كان يدافع عنك دائما ، من كان تستند عليه وقت الشدائد،
انقلب وجهه بضيق والكره لمع بعيونه لتردف : اذا اعترفت بصديقك هذا ، سأعترف انا الاخرى بصداقتي معك
نظر لي بحزن وذهب ليفسح لي مجالا ، خرجت وانا اشعر بالقهر من هذا الغبي الذي لا يفهم اني مع اخوتي الي النهاية
ولكن علمت الان سر زيارة انجي لمريم فهي اتت لترى اخاها ، هل تعلم يوسف ما يحدث وراء ظهرك ؟ ام اخت معتز اوقعت بك لتستولي هي واخاها على الشركة ، ولما لا
والطفل القادم خير دليل على ذلك
انصرفت ندى من امامي وانا اشعر بالكره لهذا الياسين الذي استولى على كل شيء املكه زوجتي واختي وصديقتي
تأففت ودخلت لأرى ما تريد مريم
دققت الباب لتفتح لي الخادمة سالتها : هل الدكتورة مريم موجودة
جاء لي صوتها من الشرفة : تعالى معتز
دخل والابتسامة تشرق وجهه لتتجمد الابتسامة على شفتيه عند رؤيتها همست : مرحبا اخي
دورت على عقبي لأخرج مثل ما جئت لأفاجئ بياسر في وجهي : الي اين يا صديقي ، اجلس لنتكلم
جز على اسنانه : لا اريد الجلوس وزوجتك لي كلام اخر معها
ابتسم ياسر : هل تهدد زوجتي معتز ؟ وبوجهي ايضا
نظر لياسر بغضب ليكمل الاخر امرا وهو يدفعه الي الجلوس
__ اجلس معتز ، وعندما ننتهي من الحديث ارحل كما تريد
******************
__مرحبا عمر ،كيف حالك ؟
بخير الحمد لله ، اعذرني لم استطع ان اتي لك بالمشفى انت اعلم بحالي والان انتظر ياسين لنأتي لك معا
نعم هل علمت بما حدث ، حسنا سناتي لك ليلا ان شاء الله
لا اطمئن فياسين تصرف وستصل بعض من المعدات غدا
وادوات البناء ايضا ، ان شاء الله سننهي العمل بموعده
قهقه ضاحكا : ياسين حلال العقد ، اتمنى ان لا تكون غاضبا منه
عقد حاجبيه : حسنا اراك ليلا
ردد بدهشه : ابلغ سلامك لنور ،تردد ان شاء الله
اغلق الهاتف وهو يفكر فيما قاله عمر فهو ليس غاضبا من ياسين ثم يريده ان يبلغ سلامه لنور
هل نور لم تذهب لأخيها ، الي اين ذهبت اذن ؟
هل ياسين يكذب ، لا اعتقد فهو كان غاضبا بشده صباحا
سأبلغه ان عمر طلب مننا زيارته مساءا ليطمئن على امور العمل
تحرك من مكانه ليجد نادين بوجهه ابتسم ، فهو عاد باكرا من اجل ان يذهب بجيجي الي الطبيبة ولكن نهى ابلغته انها ذهبت مع نادين الي الطبيبة بناء على اقتراح الاخيرة
اقترب من اخته : شكرا نادين على الذهاب مع انجي الي الطبيبة ، اين هي ؟
نظر الي ما ورائها لتنظر اليه نادين بضيق : ذهبت لترى اخاها
اتسعت عينا يوسف دهشتا : نعم ، لا افهم
__ طلبت مني ان اوصلها الي مريم وفوجئت بوجود معتز امامي ، من المؤكد انها اتفقت معه ان يتقابلا عند مريم او شئ من هذا القبيل
نظر يوسف اليها لتكمل : او من الممكن انها تراه دائما وضحكت على اخينا الاصغر لتساعد معتز فيما يريده وتستولى على شركة والدك ولما لا الا تحمل ولي العهد الذي سيرث نصف ممتلكات محود صالح شوكت
جز على اسنانه بقوة وهو يحاول استيعاب ما تقوله نادين
لتنصرف من امامه ، صعد الي الاعلى وهو يشعر بصداع قوي براسه ، لا يصدق ما تقوله نادين ولكن اين هي
اين ذهبت الم يمنعها من الخروج ، الم يمنعها من مقابلة معتز والتحدث معه
امسك هاتفه واتصل بها لينقطع الرنين دون ان ترد
اتصل مرة اخرى ، ومرة اخرى لترد اخيرا
__ اهلا حبيبي
سال بجمود : اين انت انجي ؟
__ انا عند الطبيبة حبيبي
اغلق الهاتف بوجهها وهو يرغي ويزبد تكذبين انجي ، تكذبين من اجل اخيك ، وانا افعل كل ما بوسعي حتى لا تفهمي ما يفعله معنا
حسنا سنرى انجي ، هل تخدعيني ام اشتقت الي اخاك ؟
********************
دخل الي بيته وهو يشعر بذهول وندم كبير هل كل ما فعلة السنوات الماضية ، هل كان كل ذلك من اجل وهم اختلقه هو من العدم
عندما اجبره ياسر على الجلوس ، شعر بقهر كبير واشاح بوجهه بعيدا عن اخته التي رن هاتفها لتتبادل النظرات مع مريم همست لها مريم : ردي عليه واخبريه انك هنا
انقطع الرنين ليرن الهاتف مرة اخرى نظر اليها بقوة
لتنهض من مكانها وتخرج لترد على هاتفها و تأتي ووجهها
ظاهر عليه التوتر طمأنتها مريم : سأتكلم معه جيجي اجلسي الان لنتفاهم مع هذا الغبي الذي لا يستمع الي احد
صاح بقوة : مريم
نظرت له بقوة ك نعم معتز انت غبي وما اخبرتني به انجي يدل على ذلك وبقوة ويدل على ان ياسين انسان رائع لم ينسى العشرة ولم يقوى على اذيتك
صاح بقوة متأففا : هل اتيتي بي لأتكلم عن ياسين
لا انه ليس انسان رائع ونسي العشرة من وقت طويل
وخدعكم كلكم ولكنه لن يستطيع ان يخدعني
تكلم ياسر بهدوء : ما الذي فعله ياسين معتز اخبرك انه نسي العشرة بينكما
قال بكره ك انه خائن ياسر خانني ، خطف حنان من بين يدي ، لم يراعي العشرة ولا أي شيء بيننا
صاح ياسر : اخرس معتز ، اخرس ياسين لم يفعل لك شيء
قال ودموع القهر بعينيه : بل انا متأكد ، متأكد
ياسر : ما الذي متأكد منه معتز ؟ هل رايته مع حنان ؟ ام ماذا ؟
نظر اليه وقال بألم : اخبرني كي تصبح زوجتي حامل وانا عقيم
نطقت انجي : انها كانت حاملا منك يا مغفل ، لقد كانت تتناول الادوية وتتعالج مه اشهر طبيب لأنها تريد انجاب طفل منك لتقر بجانبها وتترك نزواتك
كانت تحبك وتريد ان تستقر معك ولم تشأ ان تخبرك بانها تعلم عن كل شيء ، حتى لا تضطر لترك ، عندما قلت لها انها من الافضل لها ان لا تنجب حتى تنفصل عنك بسهولة
قالت انها لن تتركك ابدا فان حياتها بدونك لا تساوي شيء
نظر لها بقوة :كاذبة انت كاذبة ، انا الذي لا يستطيع الانجاب وليس هي
ردت مريم بهدوء : الم تفكر بالعلاج معتز ؟
__ بل كنت اتعالج طبعا لأستطيع الانجاب منها ، فطفل منها كان كل املي بهذه الدنيا
قال ياسر بقوة : اذن ابشرك معتز لقد قتلت املك بيديك لان ياسين لم يلتفت الي حنان من قبل زواجكم ليلتفت اليها بعد ان اصبحت زوجتك ، ياسين كان يراعي حنان كأخت له وليس أي شئ اخر ، كان يشفق عليها من اجل ظروفها ومن اجل الحالة النفسية التي كانت تنتابها
زوجتك يا استاذ كانت تتعرض لنوبات من التشنجات عندما تغضب وكانت تذهب على اثرها الي المشفى لذلك كان يحنو عليها كثيرا ولكنه لم يلتفت اليها اطلاقا
هوى جالسا ليكمل ياسر : لم يأتي الي ذهنك ان رحمة الله واسعة وان زوجتك ممكن ان تحمل منك دون علاج اذا اذن الله ، وغاضب لان مريم نتعتك بالغبي ، بل انت غبي واحمق ايضا
انتفض واقفا وغادر سريعا وهو لا يريد تصديق ما سمعه
*******************
جالس بمكتبه يرتب امر الشحنة الجديدة يدعو الله بسره ان تسير الامور كما ينبغي
دق الباب ليرفع نظره عن الاوراق : ادخل
دخلت والدته ليعقد حاجبيه ويعيد نظره الي الاوراق ثانية
__ الن تذهب الي نسيبك ياسين ؟
جز على اسنانه غضبا : لا امي لن اذهب
قالت بقوة : لماذا ، ثم عمر من حقه عليك ان تذهب اليه وتطمئن عليه
قال بضيق : امي من فضلك ، اغلقي الموضوع
صاحت بقوة : لا ، ثم احترم نفسك وتكلم معي بأدب
نظر اليها بدهشة وقال بأسف : لم اقصد اغضابك امي
جلست على الاريكة وقالت امرة : تعال ياسين اجلس بجانبي
قام من مكانه مضطرا وجلس بجانبها شدته من يده بلطف
لتحتضن راسه صاح بضيق : امي
همست : اصمت ، هل كبرت على ان تنام بحضني ؟
ابتسم : نعم امي ، لقد اتممت السابعة والثلاثون
__ واذا اتممت الستين ، انت طفلي البكر الذي لا ازال اذكره وانا اطعمه واحممه والبسه ملابسه
احمرت اذناه وتبرم : امي ، كبرت انا على هذا الدلال ، اتي بيوسف ودلليه كما تريدي
ابتسمت ودفنت اصابعها في شعره الكثيف : هل انت غاضب مني ياسين ؟
جلس بهدوء وشبك يديه ببعضهما تنفس بقوة : نعم
ابتسمت : لماذا ؟
قال بقهر : لأنك لم تخبريني عن علاقتك بوالد ووالدة نور
شدته بحضنها مرة اخرى وتلاعبت بخصلات شعره: هل تعلم ياسين ؟
عندما رأيت نور لأول مرة كدت ان ابكي ، تذكرت كل شيء خاص بنور ، وعندما رأيت كيف يتعامل معها يوسف حلقت بالسماء كنت اظن ان يوسف يحبها ولذلك قلت لك اني سأخطبها له
تململ بين يديها لتضحك بخفة : انت كاباك ياسين غيور جدا
عبس بوجهه لتردف : كنت اتمنى ان تأتي نور الصغيرة الي هنا واضمها الي كنفي لأطمئن عليها واشعر اني فعلت شيء باتجاه صديقة عمري
ولذلك غضبت عندما رفض يوسف الزواج ولا انكر اني تفاجأت عندما قلت انك تريد ان تتزوج بها ، كنت اعلم انك لن تتحمل فكرة قربتها ممن كان له يد في موت اباك
ولكن لم يأتي بذهني ان حافظ سيخبرك بكذبته الشهيرة
لو كنت اعلم ان هذا سيحدث لكنت اخبرتك بكل شيء
اغمض عينيه ضيقا من نفسه لتساله : ماذا فعلت معها لتتركك بهذا الشكل ياسين ؟
قال بألم : ارعبتها مني امي ، عاملتها سيئا و قسوت عليها
كنت غبي لا افهم ما اشعر به ولكن هذا الحقير جعلني اراه كلما نظرت بعينيها
__ اتعلم ياسين هذا الشبه الذي يستند اليه حافظ لا اساس له من الصحة ، حافظ يشبه عمي عبد الله رحمة الله عليه ولون عينيه وشعره ورثهم منه ، ثم ان عمي عبدالله والدة حافظ كانا اولاد عم ومن الطبيعي ان تكون هذه الصفات منتشرة بالعائلة ، نور اتت تشبه والدتها ولكن ورثت اكثر صفات جدها جمالا ، لتاتي متفردة الجمال
قال هامسا : وانا اشهد امي انها جنيتي الحبيبة متفردة الجمال
ابتسمت : اذهب لعمر واطمئن عليه وتكلم مع زوجتك ياسين
سمعا صوت جلبه لينتفض ياسين واقفا وتساله بدهشة : ما هذا؟ هل هذا صوت يوسف ؟
خرج ياسين من المكتب لتتبعه سريعا : نعم امي
تناهي الي مسامعهما صوت يوسف وهو يصيح بصوت عال
لتقول امه : اذهب ياسين وانظر ماذا يحدث
__ انتظري امي ، فانا لا احبذ التدخل بينه وبين زوجته
سمعا صوت خطوات نازلة لينظر ياسين
__ انتظري
دخلت الي جناحهم وهي تشعر بالترقب فإغلاقه الهاتف بوجهها انبئها بحدوث شيء كبير
ابتسمت عند رؤيته ليصيح بقوة : اين كنت يا هانم ؟
قالت بتوتر: كنت عند مريم
__لماذا لم تخبريني ؟ التفت اليها بحدة : ولماذا كذبت عندما تكلمت معك
ابتلعت ريقها بصعوبة ليصيح بها قويا : تكلمي
__ اردت رؤية معتز واذا اخبرتك برغبتي كنت سترفض
اقترب منها وصاح بحدة : فقلت لماذا لا اخدع هذا المغفل
ذهبتي لتري اخاك ، اليس كذلك اشتقت لهذا الحقير الذي كدت ان اموت بسببه وكاد ان يقتل ياسين مرتين من قبل
اشتقت لرؤية اخاك الذي سرقنا انا واخي دون ان يراعي انه سيصبح خالا لولدك القادم
عصيتني وذهبت اليه رغما عني و دون علمي
اذا اشتقت الي اخاك انجي ، اذهبي اليه فانا لا اريدك الي جواري بعد الان
نظرت اليه وهي تشعر بان الالم يزداد عليها ، دموعها تنهمر بصمت وحين نطق بجملته الأخيرة شعرت بألم شديد يجتاحها صاح بقوة : اذهبي
مسكت بطنها بقوة ورفعت راسها لتخرج من الغرفة وهي مصممة على مغادرة القصر ، اذا لم يستمع اليها الان ، ليس له الحق في الاستماع لها بعد الان
نزلت السلم ببطء شديد فهي تشعر بثقل شديد في ارجلها وهمت بالخروج من القصر لتسمع ياسين : انتظري
ذهب اليها سريعا ومسكها من ذراعها : انجي ، ما بك ؟
هاله مظهرها التعب ودموعها المنهمرة : ماذا حدث انجي ؟
نظرت اليه وقالت بصوت يكاد يسمع : ياسين اريد ان اذهب الي مريم ، هلا تأخذني اليها
صاحت نوارة هانم من وراءه : لا طبعا ، لن تخرجي من هنا
قالت بهمس : اشعر بالم فظيع امي
نظرت نواره هانم اليها لتراها ممسكة ببطنها لتقول امره
__ احملها سريعا ياسين الي غرفتي وانا سأتكلم مع الطبيب
بعد خروجها شعرت بالذنب يجتاحني كنت قاسيا معها
على الرغم من انها اخبرتني بسبب زيارتها لمريم ولكنها كذبت عليك يوسف ، كذبت ولكنها لا تستحق ان تطردها من بيتها ، الا يكفي ما اسمعتها اياه ، الا يكفي انك لم تراعي شعورها واخبرتها بما يفعله معتز ، الم تطلب من ياسين البارحة بان لا يتكلم عن امر الشركة وما يفعله معتز معكما امامها حتى لا تجرح شعورها ، لتاتي انت وتألمها بهذا الشكل ، الم تنصحك الطبيبة اكثر من مرة ان مع الانفعال
ستفقد الطفل بسهولة
انتفض فجأة وهو يعي ما فعله ليركض خارجا من الجناح ليذهب ويبحث عنها ليجد ياسين حاملا اياها امامه
نظر اليه ياسين بقوة ليتحرك من امام الباب ويفسح له مجال ان يدخل بها
وضعها ياسين على الفراش لينظر اليه بوعيد : الطبيب سياتي حالا
انصرف من امامه ليهرع يوسف ويجلس بجانبها
مسح دموعها وامسك يدها ليقبلها بلطف : اسف حبيبتي
لم اقصد ولكني غضبت لأنك كذبتي علي
اسف ، كدت ان اجن من قلقي وخوفي عليك
نثر قبلاته على يدها لتقع يدها من يده لينتفض بخوف
هزها بلطف : انجي ، انجي
صاح بقوة : انجي
انتفض ياسين من صرخته ليهرع الي الداخل وتتبعه امه
__ لا ترد امي ، انها لا تتكلم معي
__ اهدئ بني ، الطبيب قادم الان
جلست بجوارها الام : اتي لي بعطر قوي
ركض لامه بالعطر لتشممها اياه تمتمت : جوي
قفز الي الفراش وجلس بجوارها : عيونه وقلبه وعقله ، تدللي حبيبتي
نظرت اليه امه بدهشه ليكتم ياسين ضحكته ويشير الي امه براسه ان تأتي معه
خرج وتبعته امه لتغلق الباب خلفها : هل جن يوسف الي هذه الدرجة ؟
انفجر ياسين ضاحكا : الم تلاحظي جنونه من قبل امي ؟
__ كان بعقله لوقت قريب لوكن زوجته ازادت عنده الجنون الم يكن يتشاجر معها منذ قليل
__ يوسف متقلب امي دقيقة يضحك ودقيقة يغضب ،لا تشغلي راسك بهما امي انهما مجنونان هما الاثنين
امسك يدها وقبلها : ادعي لي امي
رتبت على خده : هل ستذهب الي عمر ؟
ابتسم : سأذهب الي نور امي ، وسآتي بها بإذن الله
__ يوفقك الله بني
****************
اقتربت منه بهدوء لتجلس بحضنه نظر اليها بدهشة
لتهمس : هل ما زلت غاضبا ؟
نظر لها بهيام : وهل استطيع ان اغضب منك ؟
ابتسمت بدلال يعشقه وهمت بان تنهض ليطبق يده على خصرها : الي اين ؟
ابتسمت : ساعد لك الطعام حبيبي
نظر والشوق يلمع بعينيه : لا اريد الطعام ، فاكهتي الحبيبة بين يدي ولن افرط بها
ابتسمت بخجل وقالت بدلال : عمر
ضمها الي صدره ليقبلها برقه حانية : نعم يا اميرتي
نظرت اليه لتذوب بلمعة عيناه الخضراء حثه الشوق لوصالها فهم بتقبيل ثغرها الباسم ليدق جرس الباب ويذهب رونق اللحظة
تأفف بضيق : من الغبي الذي يأتي الان ؟
ضحكت بخفه ليكمل : تضحكين ، حسنا سأصرف هذا الاحمق الذي افسد علي لحظتي واتي لك
قالت بسعادة : اكيد نور، ستتخلص من نور ايضا
ابتسم : لا طبعا ، ولكنها ستشعر بي وتنصرف من حالها
ضحكت برقة ليتنهد : لو نور سأنادي عليك ، لتنزلي الي الاسفل
تركها وهو متأفف من الشخص الذي اتي اليهم الان
فتح الباب ليجد ياسين امامه ابتسم باتساع ورحب به
__ تفضل ياسين ، مرحبا بك
دخل ياسين لينظر عمر اليه وينظر الي الخارج : اين نور ؟
امتقع وجه ياسين وشحب ليردد بدهشة : نور
الم تأتي اليك ؟
صاح عمر : نعم ، لا لم تأتي ، من يوم خروجي من المشفى
لم ارها ، اين هي ياسين ؟
ارتبك ياسين وتصاعدت ضربات قلبه قلقا : لا اعلم
ردد عمر صارخا : لا تعلم ، كيف لا تعلم مكان زوجتك ؟
تزايد ارتباكه : لقد تشاجرنا و تركت لي ورقة تخبرني بانها ستاتي اليك ،وها انا جئت لأراها واتفاهم معها
صاح عمر بقوة : متى تركت البيت ؟
__ البارحة ،
نظر له بتأنيب ولوم : وماذا فعلت لها يا بابن الاصول لتترك بهذه الطريقة ؟
زم ياسين شفتيه : ليس هذا وقته عمر ، نريد ان نعلم اين هي؟
__ سأعلم اين هي واتي بها ولكنك لن تراها مرة اخرى ، فانت لم تصن الامانة التي ائتمنتك عليها
اسرع ليتصل بها لينطق ياسين : هاتفها مغلق ، سأتصل بصديق لي بالشرطة ليبحث عنها
رن هاتف عمر فجاة لينتفضا الاثنان : مرحبا عمتي
تناهى لياسين صوت عمة عمر وهي تصرخ : انجدني عمر
انا مع نور ذهبت بها الي المشفى
تعال سريعا فأختك بحالة انهيار تامة
اعذروني على التاخير والتقصير يا صبايا
وان شاء الله نلتقي يوم السبت
على خير
|