كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل الثالث والثلاثون
جالسة امام حوض زهورها المفضل تعتني بأزهارها الغالية
وجدته يقترب بخطواته السريعة نوعا ما ليجلس بجانبها ويقبل اذنها كما يفعل دائما ابتسمت برقة ليهمس لها : احبك نور
استنشقت الهواء بقوة ليتغلل عطره النفاذ ويملئ خلايا جسدها لتنظر له بحب وترفع اناملها وتمررها برقة على ذقنه ذا الشعيرات الصغيرة وتقترب منه مقبلة شامته الحبيبة
ابتسم ابتسامته الجانبية التي تذهب بعقلها بعيدا و تجعلها اسيرة لعينيه الرماديتين ليقول والسخرية تعلو بصوته
__ انا حصلت عليك نور ، لا اريد شيء اخر ، ابتعدي عني
انكي تشعريني بالنفور
دمعت عيناها من جراح قلبها التي تنزف ،لتأن بصمت وتنهمر دموعها بغزارة ، انتفضت عندما احكم ذراعة على خصرها ليضمها اليه ، وصرخت به : ابتعد عني
دفعته بعيدا عنها لتسقط واقعة
تنفست بقوة وهي تتمتم : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
نظرت حولها لتجدها واقعة على الارض كالأيام الماضية
نفس الحلم البشع الذي يداهمها ، ليشعرها بضعفها
ويخبرها بجرحه القاسي الذي لم يذهب عن بالها ابدا
رفعت راسها لتراه ينظر اليها بجمود ويقول بغضب
__ الن نستريح من احلامك هذه ، اريد ان انام ليلة واحدة طبيعية ، لا اريد ان استيقظ من نومي كل يوم على صراخك ووقوعك الي الارض
نظرت له بألم الا يكفيه ان قلبها يئن بسببه ، الا يكفيه انه جرحها بسهولة وطلب منها الابتعاد عنه ،قالت بقوة فلقد طفح الكيل منه : لا احد يجبرك على ان تنام بجانبي ، الجناح واسع وبه اكثر من غرفة ، ثم قصركم الكبير هذا تستطيع ان تختار أي غرفة لتنام بها
تركته ودخلت الي دورة المياه لتبكي بصمت فلا تريده ان يستمع الي اناتها ولا بكائها ، شعرت بالأيام الماضية انه يقصد ان يجرحها متعمدا ، يقصد ان يؤذيها بكلماته
مر عشرون يوما عليها ، وهي تصبر وتتحمل من اجل عمر
وها هو اليوم سيخرج من المشفى بكامل عافيته
عاد سندها اليها ، ولن تحتمل هذا الياسين مرة اخرى
رفع حاجبية دهشتا منها ومن رد فعلها فلأول مرة تجيبه او ترد عليه ، لا ول مرة تعلن الحرب وترد على اساءته لها
عندما عاد مساءا بعد يوم طويل وشاق في العمل الذي يتعمد ان يمضي يومه كله به حتى لا يعود ويحتك بها او يتعامل معها كالمرة السابقة ، وجدها نائمة وهي مرتدية قميص قطني قصير الغطاء منحسر عن جسدها ليكشف ساقيها المصقولتين ويجعل قلبه يئن شوقا والما من ابتعادها عنه
فهي منذ اخر مرة لهما معا ، تتعمد ان تبتعد عنه ، وتكاد ان تتحدث معه ، لام نفسه كثيرا على عدم تحكمه بمشاعره ولا سيطرته على نفسه ، ولكن ها هي النتيجة ياسين ، عاد كلا منكما الي قوقعته القديمة وكلا منكما متمسك بها ولا يريد ان يتنازل عنها
بدل ملابسه ليأتي وينام بجوارها ضمها الي صدره بحبه الدفين الذي يخفيه هذه الايام ، لتنقلب وتبتسم له برقه
ليهمس بدون وعي منه : احبك نور
تنفست بقوة ورفعت اناملها الرقيقة لتمررها على ذقنه
وترفع راسها اليه وتقبل شامته ليشعر بقلبه يرفرف من الشوق ابتسم لها وهو يضمها الي صدره بتملك وتطلب
فهو لا يقوى عن الابتعاد عنها اكثر من ذلك
هم بان يقبلها ليرى دموعها الغزيرة تنهمر على وجنتيها ليندهش ثم يفاجأ بها تدفعه بعيدا عنها وهي تصرخ : ابتعد عني
لتقع من الفراش وهي تبكي ، لم يستوعب الامر في اوله
لينتبه انها كانت تحلم شعر بالغيرة تمزقه من هذا الذي تبتسم له وتمرر اناملها على ذقنه وتقبله ايضا
ارتدي قناع الجمود لتتحول غيرته الي قسوة فتنفلت الكلمات من شفتيه غصبا عنه ، ليجرحها مرة اخرى
نادم على ما يفعله معها ولكنه لا يرى سبيلا اخر الي التعامل معها غير ذلك ، يريدها ان تبتعد عنه ، ويريدها ان تظل بجانبه ، الغيرة تنهشه كلما راها تتكلم مع احمد او يوسف
وشيطانه يوسوس له بأشياء بشعه ، وعقله يرفض الاستيعاب
لكن يعود شيطانه للوسوسة اليس يقولون ان البنت شبيهة امها ، لم لا تكون مثلها ، نفض راسه بقوة لا نور ليس كذلك
نعم هي تشبه امها لدرجة كبيرة ولكن في الشكل فقط
صرخ ضميره بقوة : حرام ياسين ، انت تعرفها جيدا
فهي ذات اخلاق رفيعة وتربيه عالية ، همس شيطانه : اذن لماذا كان جدها يعاملها هكذا ، ارحم نفسك وعقلك ياسين ولا تفعل ذلك بها ، انها زوجتك حبيبتك ، التي لم ترى مثلها
زفر بضيق ليتمتم بألم : يا ليتني ما رايتها ولا وجدتها
احبها ولا اقوى عن الابتعاد عنها ، ولكن عقلي لا ينفك عن التفكير بما اخبرني به هذا اللعين
زفر بضيق وهو لا يستطيع ان يحكم السيطرة على صرخات قلبه المجنونة التي تنادي عليها بشوق جارف
خرجت من دورة المياه لتجده مستيقظ ، سرت الرعشة بأطرافها ، فهي لا تنكر خوفها من ردة فعله على كلامها معه
نظرت له بقلق وذهبت الي دولاب الملابس لتنتقي شيئا ساترا ترتديه فنظراته لها غير مطمئنة
انتبه لها وهي خارجة من دورة المياه مرتدية روب الاستحمام ، لينظر اليها بقوة وهو يتمنى ان نظره يستطيع اختراق هذا الروب السميك ليرى جسدها الجميل
زفر بضيق من افكاره ولعن قلبه الذي يقفز ويصرخ به بجنون ان يذهب اليها ويضمها الي صدره ويعيد الامور بينهم الي نصابها الصحيح
مرر يده بعصبية داخل خصلات شعره ليقول بتسلط : هل سأنتظر كثيرا ؟
صعقت من تسلطه الواضح بنبرة صوته لتلتفت اليه بقوة : ما الذي تنتظره ؟
نام ، فانا لم امنعك من النوم
صاح بها : حسنا اغلقي النور ، حتى استطيع النوم
زفرت بضيق واغلقت النور ، ذهبت الي دورة المياه لترتدي ملابسها ، انتهت من ارتداء ملابسها واغلقت النور وخرجت لتجد الغرفة غارقة في الظلام ،انتظرت قليلا لتعتاد عيناها على الظلام ، تقدمت لتصطدم به تفاجأت من وجوده امامها ، لتشهق بصوت مرتفع ،احاط خصرها بذراعه وضمها الي صدره بقوة : لا تخافي نور ، انه انا ، لا يوجد احدا غيري هنا
حاولت تمليص جسدها من بين ذراعيه ليقول بصوته الرخيم
امرا : توقفي ، لماذا انت عصبية الي هذا الحد
قالت بغضب: ابتعد عني
قال بحزم واللهفة تقفز من عيناه : لا ، لا اريد الابتعاد عنك
ابتعلت ريقها بصعوبة وشعرت بالخوف يدب في اوصالها
عندما بدأت يداه تتحرك على انحاء جسدها
لتصرخ بصوت مكتوم : لا اريد ياسين ، ارجوك ابتعد عني ارجوك ، لا تقترب مني
تصلب جسده ليبتعد عنها وينظر الي عينها : ليس من حقك الرفض نور ، انه حقي وانا اريدك الان
لمعت الدموع بعينيها : ولكني لا اريدك ان تقترب مني
انا متعبة واريد النوم
اقترب منها بهدوء ليحملها بين ذراعيه ، تصلب جسدها وانهمرت دموعها بغزارة ، فهي تيقنت انه سيرغمها على ما يريد ، وضعها على الفراش ليقبل اذنها برقة اختفت من شخصيته الايام الماضية : حسنا نور ، لن اقترب منك وانت رافضة بهذا الشكل ، ولكني اريد ان اضمك الي صدري لأستطيع النوم ، فانا متعب جدا واريدك الي جواري
ابتسمت داخليا وهي تسمع رقة حديثة التي افتقدتها الايام الماضية ، وشكرته في نفسها انه استجاب الي طلبها ولم يفرض رغبته عليها
لتستكين بين ذراعيه وكأنها طفل وليد عاد الي امه
كم اشتاقت اليه والي ضمته لها ، الي انفاسه التي تصطدم بعنقها وتدغدغها ، الي رائحته التي تملئ خلاياها وتشعرها بانها لا زالت بهذا الوجود
لن تكابر اليوم ستدفن روحها بين ذراعيه ، وتنسى كلماته الجارحة مقابل ان تشعر بمثل هذه السعادة التي اصبحت بعيدة المنال
************************
اغلقت الهاتف والقلق استبد بها هذا اليوم العاشر على التوالي التي تتصل به ولا يرد على هاتفه ، هاتفه الشخصي مغلق
ولا يرد على هاتف المنزل
لا تعلم رقم هاتف نور ، ولا رقم هاتف بيتها
والقلق على عمر يذهب عقلها بعيدا
قصدت ان تتصل في هذا الوقت المتأخر لتأكدها انه سيكون بالمنزل ، هل هو مسافر لذا لا يرد عليها ، ولكنه دائما يرد على هاتفه الشخصي
تنهدت بضيق ، ثم ما يجعل اوصالها ترجف بخوف
حالة السعادة التي يعيشها حافظ هذه الايام ، تشعر انه منتظر قدوم شخص ما عزيز على قلبه
امر الخادمات بتنظيف جميع الحجرات الغير مشغولة
وافرغ غرفة وقام بإعادة تأثيثها ، تساءلت بسخرية هل قرر اخيرا ان يتزوج
ثم ما يقلقها حقا انه لا يغادر القصر اطلاقا
يجلس بالشرفة السفلية وعينيه على بوابة القصر
كان احدهم سيدخل الان
__ اما زلت مستيقظة ؟
شهقت بخوف لتزفر بضيق : الم اخبرك من قبل ان تنبهني بوجودك
تجاهل جملتها ليذهب ويجلس امامها : ما الذي يوقظك الي الان ؟
ردت بغموض وهي تنظر اليه بكامل ملابسه كانه ذاهب الي احدى الحفلات : لا شيء
نظر لها مطولا لتساله : من الذي تنتظره وتعد له الغرفة الجديدة حافظ ؟
نظر امامه واجاب بشرود : من انتظرها كل هذه السنين
اتمنى انها تأتي فانا تعبت من الانتظار
عقدت حاجبيها بتعجب من جملته ليدق راسها بناقوس الخطر هو يتكلم عن نور ، نور الصغيرة
اذن حدث شيء لعمر ، فعل شيء يؤكد ان نور ستاتي اليه
صرخت به : ماذا فعلت لعمر ؟
انقلب وجهه للكراهية : لم يحدث له شيء ، الي الان يكدر علي سعادتي ويحرمني من ابنتي الغالية
نظرت اليه بحقد دفين لتقول بصوت مخنوق : انت من حرمتنا جميعا من دفء الاسرة
انت من كدرت علينا سعادتنا وهدمت بيوتنا
نظر اليها غاضبا : هل ما زلت تتذكرين هذا الاحمق ؟
لم يكن يناسبك صفية
صرخت بقوة : كان زوجي
اشاح بوجهه غاضبا : أسأت الاختيار وكان لابد من ان اقومك صفية
همت بالرد عليه ليخرسها بإشارة من يده : انا ما زلت عند كلمتي صفية ، اذا ذهبتي اليه او الي ابن اخيك المصون
ستشهدين على لحظاتهم الاخيرة
دمعت عيناها لتنهض واقفة وقبل ان تخرج من الغرفة
قال بهدوء :سأسافر الان ، سأتغيب اسبوعين ، واحببت ان اذكرك بكلمتي لا تغادري القصر لتطماني على احد من احبائك ، سأعلم وحينها لن يسعدك غضبي
*******************
جالسه بجانبه وهي تنظر اليه بحب وتتحسس ذقنه الطويلة ، فهو لم يحلقها بعد ، اقتربت منه وقبلته على خده القريب منها ليبتسم ويقول وعينيه مغمضتين : تذكري ان تفعلي هذا عندما نعود الي المنزل ، ام انكي تعذبيني هنا ، وهناك ترتجفي كورقة شجر عندما اقترب منك
اتسعت ابتسامتها : عندما نعود الي البيت سأفعل لك كل ما تريده ، ولكن لنعد فقط ، كل ما اريده الان ان نعود الي بيتنا
__ ان شاء الله عليا ، ان غدا لقريب
اعتدل بقدر ما استطاع لينظر اليها : اخبريني لماذا مستيقظة الي الان ؟
نظرت له وعيناها تدوران على وجهه الحبيب فهي الي الان لا تصدق انه عاد اليها ، لا تصدق انه يتحدث معها
لقد قضت اياما وليالي طويلة وهي تدعو ان يستيقظ من الغيبوبة ، فبعد ان نقلا الي القاهرة واستيقظت من نومها بشرها علي بانه هو الاخر على ما يرام لتذهب وتتفقده ، كانت رؤيته وهو مربوط بكل هذه الاجهزة شاقة على نفسها ، لم تخبره باي شيء خاص بها حتى لا يقلق عليها، فهي اول من نطق باسمها عندما استيقظ
تذكرت المشهد بأكمله وهي تجلس بجانبه ونور تقف الي جوارها ممسكة بيدها كلا منهما تؤازر الاخرى ، تترقبان ان يستيقظ كما اخبرهم الدكتور ياسر ،شعرت بتوتر نور و تعجبت من عدم وجود ياسين الي جوارها في هذه اللحظة الحاسمة ، لتنفرج شفتاه مناديا اياها ، اقتربت منه وتكلمت معه ليستيقظ ويتحدث معهما ، ليبتسم ياسر بارتياح وهو يخبرهم بان حالته استقرت وانهم سيجرون العملية الاخرى بعد غد
فرحت كثيرا بهذا الخبر السعيد ولم تشأ ان تخبره بأمر الطفل
حتى لا يحزن عليه ، كان كل ما يشغل بالها ان يصبح هو على ما يرام ويسترد عافيته كاملة
ولكن العملية الاخرى حدث بها مضاعفات ادت به الي غيبوبة اخرى استمرت لأيام وليالي كانت تتألم بهم وتدعو الله ان يستيقظ ، اخبرهم ياسر حينها ان هذه الغيبوبة لن تستمر طويلا ، ما تعجبت منه خلال هذه الفترة هو حال نور
فهي صامته دائما الحزن والالم يلمعان بعينيها ، ثم انها تأتي دائما بمفردها وعندما تنصرف يأتي ياسين كأنهما اتفقا على الا يران بعضهما البعض ، ياسين هو الاخر شعرت انه مهموما وحزينا ، حاولت اكثر من مرة ان تتحدث مع نور لتفهم ما بها ، ولكن نور اثرت الصمت
كانت سعادتها عارمة عندما استيقظ عمر من الغيبوبة
واصبح بخير ، و حمدا لله سيعودان غدا الي المنزل
تنهدت براحة وهي تشكر الله على اعادته اليها
__ علياء ، اين ذهبتي ؟
__ الي اين سأذهب حبيبي ، انا معك سأظل دائما الي جوارك
__ لم انت مستيقظة الي الان ؟
__ لم استطع النوم فشعور السعادة يسيطر على حواسي ويجعل النوم صعب المنال
ابتسم لها بحب ليمد يده ويشد طرحتها الرقيقة الملفوفة على وجهها البيضاوي : لماذا ترتدينها ، نحن بمفردنا
ابتسمت : ياسين يأتي دائما بهذا الوقت
رفع حاجبيه وتنهد بضيق: اشعر بمشكله بينه وبين نور ، فهما لا يتحدثان معا ولا يأتيان معا
عقدت حاجبيها : لا يأتيان معا ، نعم ولكن من اين علمت انهما لا يتحدثان معا
تنهد : انها تجلس معنا طوال اليوم لا تتكلم معه وهو ايضا لا يتصل يطمئن عليها ، ارجو ان لا تكون هناك مشكله بينهما
__ ان شاء الله ستصبح الامور جميعها بخير
__ ان شاء الله ، لا اعتقد انه سياتي اليوم ، هيا حرري خصلات شعرك الجميلة لأراها ، فانا اشتقت اليها جدا
متى ستفكين يدك ؟
__غدا ان شاء الله ، سنعود الي المنزل كما خرجنا منه
بأحسن حال
ابتسم لها ورتب على خدها برفق : نعم سنكون بأحسن حال
***********************
دلف الي بيته ليجدها تنتظره كالأيام الماضية وهي بكامل زينتها وحسنها المفرط ، شعر بجفاف في حلقه لرؤيتها في قميصها الحريري البنفسجي اللون ذو الاكمام الشفافة
كم هي جميلة و مغرية به ، هز راسه بقوة حتى لا ينجذب اليها
ابتسمت ليتوقف عقله وتدور عينيه عليها بهيام لم يستطع السيطرة عليه ، جسدها جميل وخاصة بعد ان امتلئ وزنها قليلا بسبب الحمل ، بطنها البارزة قليلا بسبب الحمل تشعره بسعادة غامرة وتخبره بوجود اسباب قوية ليكمل حياته معها
اقتربت منه ليقفز قلبه بجنون من رائحة عطرها التي شلت حواسه وسيطرت على عقله نطقت برقة ودلال : حمد لله على سلامتك
ابتسم لها عفويا : الله يسلمك
ناولته بيجامته وهي تساعده في تبديل ملابسه كما كانت تفعل
من قبل : كيف حال علياء وعمر اليوم ؟
عند ذكرها لاسم عمر تذكر سبب خلافهم ليعقد حاجبيه وينطق بنبرة غاضبة : بخير
تنهدت بضيق : علي ، هذا الامر زاد عن حده ، لقد اعتذرت بدل المرة مائة مرة ، وانت تأكدت بنفسك انني لم اخنك يوما وانت تعلم جيدا ايضا انني لم انجذب يوما لعمر ، وكل ما حدث كان بسبب تعجرفي وغروري ليس الا ، اعترف اني اخطأت ، ولكني لا اقوى على معاملتك هذه ،
التفت اليه وجلست على ركبتيها امامه وقالت برجاء : ارجوك علي سامحني ، عود كما كنت ، انا احبك وانت تعلم ذلك جيدا
اشاح بوجهه عنها ليقول بضيق : خلاص اية ، لم يحدث شيء
ولكن لا تطلبي مني ان اعود كما كنت ، لن استطيع الان
لوت شفتيها بخيبة امل ، لتبتسم بألم : حسنا ، ساعد لك الطعام
مشت عدة خطوات لتتوقف عند باب الغرفة لتعود بسرعة قليلة اليه وتطبع قبله رقيقة خاطفة على شفتيه : اشتقت اليك علي
انصرفت من امامه تاركة اياه في حالة عامة من الدهشة
ليبتسم ويتنهد بحب ويهمس : وانا ايضا حبيبتي ولكننا نحتاج الي بعضا من الوقت
*********************
لم تستطع النوم ، تفكر فيما سمعته تقلبت عدة مرات على الفراش ليستيقظ يوسف ويسالها عما بها
اضطرت انه تجيبه كاذبه انها تشعر ببعض التقلصات الطبيعية ، احتضنها ليذهب الي النوم مرة اخرى
وهي لم تستطع اغلاق عينيها ، لا تصدق ما سمعته اليوم
كانت تتمشى كعادتها بحديقة القصر فهي التسلية الوحيدة التي تستطيع الحصول عليها ، فيوسف يمنعها من الخروج خوفا عليها ، وهو ايضا لا يستطيع الخروج فالاثنان ملازمان للبيت ، ومن كانت تتسلى معها وتقضي الوقت برفقتها
مشغولة بحالة اخيها المريض ، شعرت بتغيير كبير في شخصية نور ، فلقد انطوت اكثر على نفسها اختفت ضحكتها الشقية ، وما برز اكثر في عينيها هو الالم والحزن ، لا تصدق ان كل هذا بسبب عمر ، ولكن يوسف اكد لها ان عمر لنور اكثر من اخ فهو المتبقي الوحيد من عائلتها وهو من قام برعايتها وتربيتها فاصبح الاب والاخ والسند
ابتسمت هازئة من نفسها ، فوضعها كوضع نور
توفى والدها وهي صغيرة ، لتسافر والدتها الي لندن للعلاج وتستقر هناك بسبب مرضها تاركة اياها هنا في القاهرة برفقة معتز ، ومربيتها الحبيبة ،وكان من المفترض ان يقوم معتز بما قام به عمر
ولكن معتز كان يهمه اشياء اخرى غيرها ، فحنان كانت همه الشاغل ،كان يفكر كيف يستطيع ان يفوز بها دونا عن الاخرين ، حتى بعد ان تزوج بها لم يعطيها الاهتمام التي كانت تظن انه سيعطيها اياه ، بل كان يواعد فتيات غيرها والمصيبة الكبرى ان حنان كانت على علم بالأمر
فصولات وجولات اخيها العزيز كانت حديث المجالس
لا تعلم الي الان كيف كان يهيم بحنان عشقا وكان يخونها مع اخريات ، لا تنكر انها لم تحب حنان يوما فهي كانت تشعر انها لعوب ، تحيا على غزل الرجال بها وتعدديهم لمفاتنها
ثم زاد بغضها لها عندما تزوجت معتز ، فحنان كانت تتعامل معها بشكل سيء لا تعلم سببه ، ولكن مع مرور الوقت اعتادت عليها وشعرت بالشفقة عليها فمعتز لم يكن نعم الزوج ، وشعرت ايضا ان حنان تحبه كما هو يحبها ولكن ما كان ينغص عليها حياتها مع معتز ، موضوع الانجاب
كانت تسعى جاهدة ان تنجب منه ولدا ، وعندما سالتها انجي عن السبب وقالت لها انها من الافضل الا تنجبي منه ، فالإنجاب سيشلك اذا قررت الانفصال عنه
ارتسمت معالم الدهشة على وجه حنان : لماذا انفصل عنه ؟
لا شيء في هذه الدنيا سيجعلني اترك معتز
تعجبت من ردها : ظننت انكي ستنفصلين عنه بسبب ما يفعله
ابتسمت الاخرى بألم : لا لن انفصل عنه ، بل اريد ان اتي له بطفل لتقر عيناه ، وان عاجلا او اجلا سيترك ما يفعله ويعود الي انا زوجته وحبيبته مهما فعل وانا على يقين ان ما يفعله مجرد طيش لا اكثر
ولكنها شعرت من خلال احاديثها المختلفة مع حنان ان الاخرى كانت ترى ما يفعله معتز عقاب لها هي تستحقه على اشياء فعلتها بالماضي
اقتربت هي منها في ذاك الوقت رغم فارق السن بينهما لكنها
شعرت بان حنان تعطيها ما افتقدته من وجود اخت الي جوارها ، وحنان ايضا صرحت لها بذلك ، انها تعتبرها اخت صغيرة لها ، ولذلك كانت تذهب مع حنان وهي ترى الطبيب
وتساعدها في رحلتها للإنجاب والفوز بطفل يجعل معتز يكف عن افعاله ، ولم تستطع اخفاء سعادتها عندما اخبرهم الطبيب انها حامل ، وطلبت من حنان انها تخبر معتز ولكن الاخرى فضلت ان تخبره عندما يعود من سفره ، ولكن لا تعلم ما حدث بعد ذلك استيقظت صباحا لتصدم من خبر الوفاة وتجد معتز في حاله من الهياج والغضب لم تجده بها من قبل ، ليقرر ان يسفرها الي لندن بدون سابق انذار
كانت في بادئ الامر تظن انها الرحلة الصيفية كما اعتادت تجلس مع امها شهرين الصيف لتعود الي الدراسة
لكنها فوجئت بخالها يخبرها انها التحقت بالجامعة وانه رتب امر سكنها فبيته يقع بعيدا عن لندن
شعرت بالحنق والغضب من اخيها التي لا تفهم تصرفاته
ولكنها فهمت كل شيء عندما تكلمت مع يوسف واخبرها بان معتز تشاجر مع ياسين مشاجرة عنيفة وبينهما حالة من الخصام والعداء لا يعلم مصدرها
مع كل هذا لا تستطيع تصديق ما سمعته من ياسين فعند سيرها بالحديقة ، سمعت صوته وهو يتكلم مع احد جالس معه بغرفة المكتب ،الغضب يعلو بداخل نبراته ، ارهفت سمعها لتستنتج انه احد ضباط الشرطة الذي يرتبط مع ياسين بعلاقة وثيقة
ولكن ما فهمته من الحديث ان حادثة يوسف كانت مدبرة بالفعل وان اصابع الاتهام تشير الي اخيها المبجل
ولكن ما صعقها جملة ياسين :انها طريقته المفضلة حازم
فهي نفس الطريقة التي كدت ان اموت بها مرتين
__ لا تقلق ياسين ، ساحكم عليه الشبكة هذه المرة ، لا يمكن ان يهرب من العقاب اكثر من مرة
اشار اليه ياسين بحزم : لا حازم ، طلبت منك التحقيق لأعلم فقط ، ولكني لا اريد ان اؤذيه ، الوضع معقد وهو اخ زوجة اخي ، ولن تسعد هي بسجن اخاها ، وكذلك اخي لن يشعر بالسعادة وزوجته حزينة على اخاها الذي سأكون السبب في سجنه
ومنها عقلها لا يكف عن التفكير ماذا حدث ليدفع معتز لقتل ياسين ، اذا كان رتب لقتل يوسف فالسبب معروف رغم ان عقلها لا يقبل ذلك ، ولكن ما السبب وراء العداء الذي اشعله معتز بينه وبين ياسين
__ انت مستيقظة الي الان
ابتسمت له : نعم ، لم استطع النوم وفضلت ان ابتعد عنك حتى تستطيع ان تنام انت فغدا اول يوم لك بالشركة رغم اني لا اعلم كيف ستذهب وانت لم تفك ذراعك الي الان
جلس بجانبها واحاطها بذراعه السليمة : ياسين يحتاجني بشدة هذه الايام ، فهو مسئول عن سير العمل في شركتنا وشركة عمر ، ولن ادعه بمفرده اكثر من ذلك
فالسبب بمكوثي في البيت كانت رجلي، والحمد لله اصبحت بخير ، واذا كانت على ذراعي ، فلن استعملها كثيرا
ابتسمت له برقة : لن استطيع ان اثنيك عن شيء تريد ان تفعله اليس كذلك ؟
نظر لها وابتسم بشقاوة : نعم ،وضع كف يده على بطنها وهو يسالها : كيف حال ولي العهد
ابتسمت : بخير ، ولكن من الواضح انه سيكون شقي كوالده
__ هل تريدين ان يشبه احدا اخر غيري ؟
اقترب منه اكثر : لا طبعا
ابتسمت ابتسامة جذابه لتلمع عيناه ويحتضنها بقوة
قالت هامسة : احبك جوي ، اهتم بصحتك من اجلي
رد هامسا : لا تقلقي سأكون بخير ، هيا لأني لن استطيع النوم وانت لست بجانبي
************************
__بسنت اجلسي قليلا ، هذه المرة الرابعة التي تدورين بها حولي ، الطبيبة اخبرتك ان تلتزمين الراحة وانت لا تستمعين الي أي فرد اخر غير نفسك
جلست وكأنها طفلة بالمدرسة انبها احد معلميها
__ اشعر بالقلق محمد ، ولا استطيع ان انفضه عن راسي
تنهد ليقترب منها وربت على ظهرها بحنان : لماذا حبيبتي ؟
علياء وعمر اصبحا بخير وعلى ما يرام ، وسيعودان غدا الي البيت ، الذي تأكدت من ترتيبه ونظافته من نور ووفاء ، ونحن الحمد لله سنرزق بطفل عما قريب
ما الذي يقلقك ؟
قالت بضيق : اين هذا الطفل ؟ انا لا اصدق هذه الطبيبة
تنفس مرة اخرى ليقول بهدوء : لماذا ، لأنها رفضت اجراء العملية واخبرتنا ان وضعك الصحي جيد جدا وتستطيعين الحمل بطريقة طبيعية
نظرت اليه وقالت بتوتر : ولكني لم احمل هذا الشهر
نظر لها مستفهما عما تقصده لتقول بضيق : ما بك محمد؟ لماذا الغباء يخيم على راسك ؟ لم احمل هذا الشهر
صاحت بضيق لينفجر ضاحكا ، قفزت من جانبه غاضبة
امسك يدها ليشدها اليه مرة اخرى ويسيطر على موجة الضحك التي انتابته ، قبل انفها برقة : اذن هذا ما يقلقك
وما يجعلك غاضبة هكذا وتنتظري أي شيء لتتشاجري معي من اجله
زفرت بضيق : لا محمد ، بل ما يضايقني الانتظار من شيء فقدت به الامل
نظر لها معاتبا : لا اريد ان اسمع هذه الجملة مرة اخرى ، اذا لم يوفقنا الله هذا الشهر ، سيوفقنا ويرزقنا الشهر القادم
ليكمل بخبث : تكرار المحاولة رائع و انا احبه
ابتسمت بخجل ليضمها الي صدره : هيا لننام فانت غدا ستذهبين الي اختك العزيزة لتطمئني عليها
بعدها عنه قليلا ورفع راسها : هل قلت لكي من قبل كم انا احبك
هزت راسها نافية ليضمها الي صدره : لن استطيع ان اخبرك بسنت بمقدار حبي لك فهو يفوق كل شيء نعرفه بهذه الدنيا ، اعتني بنفسك من اجلي ومن اجل حلمنا
همست برقه : حاضر محمد ، سأفعل كل ما بوسعي لأحقق حلمنا الجميل
***********************
نظر لها بعد ان ذهبت الي النوم فهو لم يستطع النوم فالدفء الذي ينبعث من جسدها اثار لديه جميع العواطف التي يخفيها الايام الماضية ، ولكن ما جعل النوم يطير من عينيه هي التفاتها اليه واقترابها من صدره لتستكين بين ذراعيه كأنها تأمل ان تجد الامان عنده ، فعلتها غير متعمدة كما كانت تفعلها من قبل ، نظر لها بحب كبير ليتلاعب بخصلات شعرها ، لن يستطيع الابتعاد عنها اكثر من ذلك ،فشوقه اليها يمزقه ، قضى اياما طويلة في التفكير لتتجلى الحقيقة امامه فحتى لو انها ابنة حافظ ، فهذا لا يهمه ، لا يعنيه بشيء ، فهو يريدها الي جواره ، ولكن ما يخيفه حقا هو ما حدث بينهما
او بالأحرى ما فعله بها جعلها ترتجف خوفا منها ، فهو لم يفته في الايام الماضية انها ترتعد عندما يأتي ليلا
وترتجف اذا مر بجانبها ، يلعن نفسه كل يوم على فعلته الهوجاء في ساعة غضب تملكته ، ولكنه سيعيد الامور بينهم كما كانت
نظر لها بهيام ليطبع قبله خاطفه على شفتيها ، ابتسم لاستمتاعه بتقبيلها ، اراد قبلة اخرى وشعر بانه لا يستطيع التحكم بنفسه اقترب منها وقبلها قبلة اخرى
فتحت عينيها بذهول ليبتسم لها بحب : هل ستمنعينني من تقبيلك ، ام تسمحين لي بقبلة واحدة اروي بها ظماي
نظرت له بتردد لتقول بصوت مبحوح : حسنا
اقترب منها لتضع يدها على صدره دافعة اياه لينظر لها بتساؤل لتسأله : ماذا تفعل ؟
رفع حاجبيه : الم تسمحي لي بان اقبلك ؟
__ نعم ، ولكني اعتقدت انك اخذت قبلتك
ابتسم ابتسامته الجانبية التي تعشقها : نعم ولكنك كنت نائمة انا اريد قبلة وانت مستيقظة
هزت راسها نافية ليضمها الي صدره : انت تعذبينني نور
رفعت راسها من على صدره لينظر الي عينيها والالم يقفز منهما : اسف نور ، على المرة الماضية ، لم اقصد ان اكون عنيفا هكذا ، سامحيني
دمعت عيناها لتسقط دموعها على صدره مبللة جاكيت بيجامته ليربت على راسها بحنان وهو يقول : اسف نور
لا تبكي من فضلك ، لا تعذبينني اكثر من ذلك
ضمها اكثر الي صدره لتنهمر دموعها بغزارة
اغمض عينيه الما : خلاص نور ، انا اعطيتك كلمتي لن اقترب منك اليوم ، ولكن اطلب منك ان تسامحيني
رفع راسها ليمسح دموعها بأنامله : هل ستسامحينني ؟
بكت بألم وهي تدعو ان لا يكون حلما وان ياسين القديم عاد اليها
فهي مستعده ان تسامحه على كل ما حدث وما قاله اليها
مقابل ان يعود كما كان غفت عيناها وهي تدعو ان لا يكون كل هذا حلما من احلامها الكثيرة
*********************
استلقى على الاريكة الموضوعة بداخل مكتبه ليرتاح قليلا فاليوم كان شاقا وها هو لن يستطيع ان يعود الي المنزل ، فلديه عملية جراحية بعد قليل من الوقت ، فكر ان تغفى عينيه قليلا ، دق الباب ليزفر بضيق ويتمنى ان لا تكون احدى الحالات التابعة له
فتح الباب وطلت بوجهها الجميل وهي تبتسم : هل يمكنني الدخول ؟
اتسعت ابتسامته : طبعا ، تعالي حبيبتي
تقدمت الي الداخل ووضعت الحقيبة الكبيرة من يدها على المكتب الذي امامها
اقترب منها واحتضنها بين ذراعيه وقبل وجنتها
__ ما الذي جاء بك في هذه الساعة المتاخرة ؟
نطقت برقة : جئت لاتي بالطعام الي زوجي الحبيب فانا متاكدة انه لم يتناول الطعام طوال اليوم بسبب انشغاله بمرضاه
ابتسم ممتنا لها واحكم ذراعيه حول خصرها ليقبلها برقة
__ شكرا لك حبيبتي ، لا اعلم بدونك ماذا افعل
__ دكتور ياسر ، مريض غرفة 340 يريدك الان
انتبهت لما امامها لتقول : اسفة ، ظننت انك بمفردك
ارتبك : تعالي دكتورة سلمى ، انها زوجتي ، الدكتورة مريم
انتبهت مريم الي الاسم لتلقي نظرة سريعة على من تركض وراء زوجها ، همس بداخلها انها جميلة ولكنها ليست نوع ياسر المفضل ابتسمت : مرحبا ، دكتورة سلمى
نظرت الاخرى الي من تسكن قلب هذا العظيم : مرحبا ، انت طبيبة ايضا
ابتسمت : لا انا مدرسة جامعية ومعالجة نفسية
ولكنهم يطلقون علي لقب دكتورة ايضا لحصولي على دكتوراه في علم النفس
هزت راسها : فهمت
__ حسنا ساضطر ان اذهب حبيبتي ، هل ستنتظريني ؟
__ كيفما تشاء ،
نظر الي ساعته ليزفر بضيق : للاسف لدي عملية بعد قليل
ساتي بعدها فورا الي البيت ، لنتناول الطعام معا
لن اتاخر انها عملية بسيطة
__ حسنا سانصرف وانتظرك بالبيت
نظر بجانبه ليجد سلمى خرجت من الغرفة تبعها ليعود الي زوجته ويحتضنها بين ذراعيه قبل اذنها وهمس : لن اتاخر
انتظريني انا اشتقت اليك
ابتسمت وهزت راسها موافقة
تشعر بالحنق فما راته بين ياسر وزوجته عندما دخلت الي الغرفة والان يدل على انه يحبها كثيرا ، سخرت من نفسها بل يعشقها ، ثم ما زاد حنقها انها جميلة انيقة وبالتاكيد ذكية
لم تكن تتوقع ان تكون على هذا القدر من الجمال ظنت لكونها اما عادية فجمالها تبخر مع الحمل بثلاثة اولاد
وظهرت خطوط السن على وجهها ولكنها فوجئت بامراة رشيقة الجسد و جميلة الملامح بل وجهها صغير و يعطيها سن اصغر من سنها الحقيقي
__ دكتورة سلمى
انتبهت الي صوته لتنظر اليه : امر دكتور
اعدي المريض محمد الي العملية ستشتركين بها معي
ابتسمت بسعادة فهي كانت تتمنى ان تشارك بهذه العملية فهي ام تشترك بواحدة مثلها من قبل : حاضر
**********************
عادت من رؤية اخاها والاطمئنان عليه فها هو يعود
الي البيت وهو بخير وعلى ما يرام
سعيدة بعودة عمر وتحمد الله بان صحته على خير وافضل ما يكون ،ولكن ياسر اكد عليه الراحة لمدة يومين ثم يستطيع بعد ذلك العودة الي عمله وحياته الطبيعية
ولكن لا تنكر مشاعر الاحباط التي تخيم عليها من الصباح فهي استيقظت لتجد ان لا اثر لما حدث البارحة
لا يوجد اثر له لا في الفراش ولا في الجناح كانه لم يكن موجود من الاساس
ابتسمت الي نفسها بسخرية اذن كان حلما من احلامها الكثيرة
دخلت الي الحديقة لتجد انجي جالسة بالحديقة وتتكلم في الهاتف
ابتسمت لرؤيتها بعد ما ازداد وزنها قليلا بسبب الحمل وبرزت بطنها قليلا لتعلن عن قدوم ولي العهد كما يلقبه يوسف ،تقدمت لتجلس معها
عقلها لم يتوقف عن التفكير من البارحة لتقرر انها لابد وان تتحدث مع معتز ، ولكن كانت تنقصها الطريقة التي تصل بها الي معتز ، اضاء عقلها بفكرة لتتصل بمريم فهي الوحيدة التي تجعل معتز يجلس ويتكلم معها
اتفقت مع مريم على ان ترتب موعد مع معتز بدون ان تخبره بانها ستكون موجودة ، فهي تريد بشدة ان تقابل اخاها وتتكلم معه لتفهم ما حدث بينه وبين ياسين ادى الي هذا العداء المشتعل
ابتسمت لرؤية نور قادمة فأغلقت الهاتف مع مريم والتفت اليها ابتسمت : مرحبا نور ، وجهك مشرق اليوم ، ومن الواضح انكي سعيدة ، وطبعا السبب معروف
نظرت لها نور وابتسمت لتكمل انجي مازحة : خروج عمر من المشفى ، حمد لله على سلامته
رسمت نور الابتسامة على شفتيها لا تنكر سعادتها بخروج اخيها من المشفى ولكن لا تعلم لما لا تستطيع السعادة الدخول الي قلبها والابتسامة لا تصل الي روحها فعلاقتها بياسين تزداد توترا ولو لا خوفها على صحة عمر لكانت ظلت معهم ولم ترجع اليه
ابتسمت : الله يسلمك انجي
تبادلا الحديث لتتوقف انجي فجأة لتسالها نور : ماذا هناك ؟
تنحنحت انجي لتبتسم بتوتر : لا اريد ان تفهمي كلماتي بشكل خاطئ ولا اريد بالطبع ان اتدخل بحياتك ولكني اريد التحدث معك بأمر خاص بك
توترت نور : ما الامر انجي ، حديثك اصابني بالقلق
صمتت قليلا : شعرت في الفترة الاخيرة ان العلاقة بينك وبين ياسين متوترة ، وانكما تقريبا لا تتحدثان
فأحببت ان اسالك ، هل تشاجرتما ؟
شعرت بجفاف في حلقها بسبب سؤال انجي الغير متوقع
لترتبك وتتلعثم اكملت انجي دون ان تنتظر اجابة نور
اسمعيني نور ، ياسين شخصيته غريبة فهو رغم حزمه وصرامته الا انه حنون فوق العادة اكثر من يوسف
نظرت لها نور بتعجب ولا تنكر شعور الغيرة التي مزق قلبها لتبتسم انجي : لا تنظرين الي هكذا ، لقد قضيت سنوات عمري كلها هنا ، فانا تربيت هنا ورغم اني كنت مزعجة بشكل كبير وانا طفلة واخي الوحيد كان يتأفف مني كثيرا كان ياسين الوحيد من يحنو علي ويفعل لي ما اريده
انا اشعر انه اخي الكبير وصدقيني عندما اغضب من يوسف لن اجد احدا غير ياسين ليأتي لي بحقي
ابتسمت نور داخليا باستهزاء وهي تحدث نفسها ومن سياتي لي بحقي انا
اثرت الصمت لتقول انجي بمرح : من الواضح انكي تفضلين الصمت
قالت نور بهدوء : لا ولكن المشاجرات تحدث كثيرا في اول الزواج ومن المؤكد سنجد حلا نحن الاثنين
اتسعت ابتسامة انجي : معك حق ، فرغم ان انا ويوسف نعلم عن بعضنا كل شيء الا اننا نتشاجر الي الان واغلب المشاجرات على اشياء تافهة
ولكن ما اريد ان اقوله لك ان لا تجعلي المشكلة التي بينكما تأخذ اكبر من حجمها او من وقتها ، التفاهم جميل
ابتسمت نور لهذه الانسانة الرائعة التي تريد ان تخفف عنها دونما تدري ما سبب الخلاف بينها وبين ياسين ،
سالتها نور : لم تخبريني الي الان كيف تزوجتما ؟
ضحكت انجي بمرح : اخبرتك من قبل ان تنتظري يوسف ليخبرك فطريقته بسرد القصة اعشقها
تفاجا الاثنتين بوجود يوسف فوق راسهم وهو يقول بمرح
__ سمعت اسمي
قال جملته لينحني على راس انجي ويقبل وجنتيها وهو يهمس لها : اشتقت اليك
ابتسمت انجي : وانا ايضا ، حمد لله على سلامتك
احمرت وجنتا نور لتشعر بان تواجدها خاطئ
لينظر اليها يوسف : مرحبا نور ، كيف حالك ؟ حمدا لله على سلامة عمر ، سأذهب اليه في المساء لأتحمد له بالسلامة
__ الله يسلمك يوسف
سالته انجي : كيف لم نشعر بدخولك الي القصر ؟ اين السيارة ؟
__ لم اذهب بها ، ذهبت برفقة ياسين ، و كنا سنعود معا ولكنه سيتأخر قليلا وامرني ان اعود حتى لا ارهق ذراعي اكثر من ذلك ، فجئت بإحدى سيارات الاجرة
__ حسنا من الجيد انك اتيت ، اخبر نور كيف تزوجنا
ضحك بمرح وتنحنح : من عيوني ، فإنها اجمل القصص على قلبي وروحي
غمز بعينيه لزوجته لتميل الاخرى وتركن راسها على صدره
خفضت نور بصرها عنهما ليمازحها يوسف : نور بالله عليك لا تشعرينا اننا غير طبيعيين
ابتسمت نور : بل انتما طبيعيين ، لا تهتم بي
ابتسم : حسنا ، طبعا انت على علم بان هذه المزعجة كما كنا نسميها مسبقا ، صديقتي من الطفولة
نظر اليها : بل صديقة عمري كله ، قضينا طفولتنا وشبابنا معا ، لدرجة اني لم اصادق احدا من الشباب بسببها
كان لدي معارف ،اصدقاء من المدرسة ولكن علاقتي بهم محدودة بسبب اني لن استطيع التحرك والخروج مع احد بدونها ، وطبعا لن اخذها معي وانا خارج مع اصدقائي الشباب ، الي ان ارغمها معتز على السفر والدراسة الجامعية في لندن ، كنت اهيئ نفسي لدخولها الي الجامعة معي ، لتكمل سعادتي في الجامعة فانا كنت اشعر بشيء ناقص حياتي
فوجئت بالخبر ليخيم الحزن على حياتي ، ولكن لم يمضي وقتا طويلا الا وجدتني عندها بلندن
ضحكت انجي بمرح : فوجئت انه يتصل بي ويقول انه بالمطار ، ويطلب مني ان اتي اليه ، تركت محاضرة مهمة من اجله ، وذهبت سريعا لأجده بالفعل هناك
كم شعرت بالسعادة انه اتي من اجلي
__ لم استطع الانتظار فاربع شهور دون ان اراكي كان كثيرا بشكل لا يحتمل
__ لم نكن الي الان نتعامل الا كأصدقاء مقربين ، فهذا البخيل لم يعترف لي بحبه الا متأخر جدا
ضحك : الثقل صنعة حبيبتي
ضربته برقه على كتفه ليضحك : نعم كنت اشعر بالشوق يمزقني ولكني لم استطع مصارحتها ، خشيت ان ترفضي او انها لا تكن لي أي من المشاعر التي اشعر بها ، فآثرت الصمت على البوح
ولكن فوجئت انها تخبرني بشخص اخر وتأتي بسيرته كثيرا
نظر لها وقال بتمثيل : ما كان اسمه انجي ؟
ضحكت بصخب لتقول بخبث : انت لا تتذكر اسمه
احمر وجهه ليقول من بين اسنانه : بل اتذكر بالطبع و هل استطيع ان انسى ؟
التفتت الي نور : كان زميلي في الجامعة اسمه زياد سوري الجنسية و كان مثل القمر
نظر لها غاضبا لتبتسم : لا تنظر الي هكذا كان جميلا وانت قلت ذلك بنفسك عندما رايته
جز على اسنانه لتشير اليه : لا نريد ان نتشاجر اكمل لنور القصة ، ثم انني لا اتغزل به انا اكمل لها وصفه
ضحكت نور بشدة على جملتها التي جعلت الغضب يذهب عن ملامح يوسف ليكمل يوسف : هذا الزياد الذي قفز لي كعفريت العلبة ، اضطرني ان اسافر الي لندن قبل امتحاناتي النهائية بأسبوعين لأرى ماذا يحدث بعيدا عني
ولكني عندما وصلت الي لندن اكتشفت ان الهانم المصون كانت تريد ان تأتي بي لنحتفل بعيد مولدي معا واستعملت الحيلة التقليدية لاتي على وجه السرعة
__ كنت اراهن نفسي على انه يهيم بي حبا ولكنه لا يريد ان ينطقها فأوهمته ان زياد يدور من حولي وانني بدأت بالميل اليه ، ليأتي سريعا وهو في حالة عجيبة من الغضب ،كانت الغيرة تقفز من عينيه
نظرت له والحب يقفز من عينيها : حينها اهدته هذه الدبلة وركعت بركبة ونصف وتقدمت لطلب يده
ذهبت الابتسامة التي كانت مرسومة على وجه نور ليصفر وجهها وسالت بتردد : حقا
انفجرا الاثنان في الضحك ليقول يوسف : اوقعنا بك
لم تستطع تمالك نفسها لتضحك بصخب معهم : اذن هذا غير حقيقيا
صمت يوسف ليقول بهدوء : نعم ، اهدتني علبة رقيقة بها دبلة وورقة بداخلها مكتوب عليها احبك
لأنحني انا على ركبة ونصف واتقدم لها
لينتهي الحلم الجميل بصدمة اننا لن نستطيع ان نتزوج بدون موافقة عائلاتنا ، لأشعر بالقهر من اخيها ومن ياسين الذي لم يجيب على اسئلتي الكثيرة ويفهمني سبب العداوة بيننا وبين معتز ، انتهيت من دراستي وتمت هي الواحد وعشرون
لتتخلص من وصاية اخيها ، لتاتي الي القاهرة ونتزوج
نظرت له نور بدهشه : هكذا ، قررتم الزواج بدون اخبار أي احد غيركما
مال يوسف الي الامام ليهمس : سأخبرك بسر ، ولكن لا تخبري به ياسين ، ياسر و مريم كانا على علم بهذه الزيجة ، حاولا اقناعي او اقناع جيجي بالعدول عن الفكرة ولكننا لم نقتنع ليقترح ياسر ان تأتي انجي الي القاهرة ونكتب كتابنا هنا ، ثم نسافر الي اوروبا لقضاء شهر عسلنا
الذي كان اجمل ثلاثون يوما بحياتي
ابتسمت نور : انها قصة حب جميلة ادامها الله عليكم يوسف وتهانينا بالزواج
ضحك يوسف و انجي ، لتنهض نور
__ الي اين ؟
__ اريد ان ابدل ملابسي لأستريح قليلا قبل ان اعود الي عمر مساءا
__ حسنا نور ، نذهب معا ، لا تذهبي بمفردك فانا لا استطيع القيادة
هزت راسها موافقة : حاضر يوسف ، كن مستعدا
تركتهما وانصرفت لتصعد الي جناحها ، دلفت الي الداخل
لتجده واقف مرتكن بكتفه على النافذة وعاقد ذراعيه امام صدره وعينيه يقفز منها الغضب
حيته بابتسامة باردة ليقول من بين اسنانه : هل استمتعت بالجلوس مع اخي العزيز
نظرت له بعدم فهم : نعم ، ماذا تقصد ؟
اقترب منها وهو يتنفس كتنين سينفث النيران الان من منخاره : هل استمتعت برفقة يوسف لتضحكي بصخب هكذا ، فاستمع الي صوت ضحكاتك من هنا
شدها من ذراعها بقوة : ماذا كان يقول لتضحكي هكذا ؟
شدت ذراعها : ما بك ؟ هل جننت ؟
كنت جالسة معه هو وانجي ، ام لم ترى انجي ؟
ثم لا افهم اعتراضك على جلوسي مع يوسف ، فهي ليست المرة الاولى ان اجلس معه بها
جز على اسنانه غضبا ليمسكها من ذراعها مرة اخرى ويضغط على ذراعها قويا : متى جلست معه قبل الان ، انطقي
تأوهت : اتركني ، انت جننت فعلا ، انسيت كان زميلي بالجامعة ،وكنت اراه كثيرا
هزها بقوة : لم تخبريني انك كنت تجلسين معه بمفردكما
تأوهت مرة ثانية وحاولت ان تخلص ذراعها من قبضته الحديدية : لم نجلس بمفردنا ابدا ، حتى الان كانت انجي برفقتنا
دفعها بخشونة لتسقط على الاريكة وهو يتنفس بقوة
لينظر لها بقسوة : لا تخرجي هكذا ثانية ، انا حذرتك من قبل
نظرت الي بنطلونها الجينز وقميصها الواسع
لتنظر اليه بقوة : ملابسي ليس بها شيء ياسين ثم لم افعل شيء لكل هذا ،و ليس من حقك ان تعاملني هكذا ، ان عاملتني هكذا مرة اخرى سأبلغ عمر
زمجر غاضبا : هل تهدديني نور ؟ افعلي ما يحلو لك وانا لن يقف احدا امامي
اقترب منها ليقول بقسوة : ثم نسيت انت ملكي نور
نظرت اليه بغضب : ليس ملكا لاحد ، ولا حتى انت ياسين
تطاير الشر من عينيه ليقترب منها سريعا ويشدها اليه بقوة
ظنت في اول الامر انه سيضربها فرفعت يديها لتحمي وجهها منه ليمسك يديها وينزلها بقوة ويهوي على شفتيها بقبلة قوية زهقت انفاسها
ضمها الي صدره قويا ، لتحاول التملص من بين ذراعيه القويتين ، ليشدها اكثر اليه ويطبع قبلاته العنيفة على شفتيها
صرخت بقوة من بين قبلاته : توقف
ابتعد عنها لتنهمر الدموع من عينيها و تسقط واقعة على الارض ، زفر بضيق من غباؤه وتهوره
اقترب منها وجلس بجوارها ، رفع راسها اليه واجبرها على ان تنظر اليه بعينيها الدامعتين احتضنها مهدئا لتدفعه بعيدا عنها
وتضرب صدره بقبضتيها : ابتعد عني ، ابتعد
احكم ذراعيه حولها وضمها الي صدره : اششش ، توقفي نور ، اهدئي ، اهدئي ، لن اقترب منك
صرخت بقوة : ماذا فعلت لك ؟ ابتعد عني ، انت تتعمد اذيتي
صاحت بقوة اكبر : طلقني ، لا اريد العيش معك
تصلب جسده ليشعر بالندم فعلا على طريقته السيئة في معاملتها : حسنا نور اهدئي ، اهدئي
ظلت تبكي الي ان غفت عيناها وذهبت الي النوم
شعر بثقلها وهدوئها بين ذراعيه لينظر اليها ، وجدها نائمة
تنهد وحملها ليضعها على الفراش ويجلس بجانبها
ازاح خصلات شعرها من على وجهها وقبل جبينها
ليشيح بنظره بعيدا عنها حدث نفسها مؤنب ماذا حدث ياسين؟
اصبحت قاسي بطريقة مخيفة ، لم تكن هكذا يوما
ماذا فعلت هذه المسكينة لتفعل بها ما تفعله ،
الم تأتي اليوم مبكرا من اجلها لتعتذر منها عن قسوتك معها المرة الماضية ، انظر ماذا فعلت ؟
زفر بضيق وهو يتذكر حالته عندما دخل الي جناحهم فلم يجدها ليسمع ضحكتها الرنانة التي لا تضحكها الا نادرا
ظن لوهلة انه يهيا له سماع صوتها ، ليتأكد مما يسمعه عندما ضحكت مرة اخرى
اندفع اتجاه الصوت ليراها من النافذة وهي جالسة مع يوسف وتضحك بمرح ، انفجر من الغيرة ليشعر بالدم يقفز الي راسه عندما مال يوسف عليها ليتحدث معها بهدوء
لا ينكر انه لم يرى انجي اطلاقا وتفاجا عندما اخبرته نور بانها كانت جالسة برفقتهم
صاح ضميره اجننت ياسين سواء كانت انجي برفقتهم او لم تكن اتشك بزوجتك اتشك بأخيك ، لا طبعا لم اشك بأحد منهم ولكني شعرت بالغيرة تلتهمنى انه استطاع ان يضحكها استطاع ان يستخرج ضحكتها الجميلة لتضحك معه بعفوية وروعة
وانا لم تتحدث معي منذ عشرون يوما
انت السبب ياسين ، تعاملها بطريقة سيئة وتريدها ان تتكلم معك او تضحك ، حالتك صعبة ياسين
نظر اليها مرة اخرى ليقترب منها ويقبل جبينها مرة اخرى
ويهمس بأذنها : اسف نور ، سامحيني قبلها مرة اخرى احبك
دثرها بالغطاء و خرج من الغرفة ليغلق عليها الباب ويستلقى في الظلام مفكرا فيما سيفعله ليعيدها اليه
********************
__ كيف حالك يا صديقي
جلجلت ضحكته في الهاتف ليقول بمرح : حالي اكثر من ممتاز يا صديقي ، انا الان في فرنسا والفتيات الفرنسيات
من اجمل الفتيات ، من المؤكد انك تعرف هذا
ضحك الاخر : طبعا ، رحلة سعيدة يا صديقي
__ رحلة بلا عودة ، تهانينا على رئاسة الشركة
مبارك يا صديقي
__ الله يبارك فيك ، وشكرا جزيلا على مساعدتك لي وعلى كل ما فعلته من اجلي
__ اراك قريبا في فرنسا
__ اراك قريبا ، سلام
ارتسمت ابتسامة النصر على شفتيه وهو يشعر بالسعادة التي طالما نشدها تسيطر عليه ، سعادة الانتقام
*******************
فتح باب الجناح ليجد يوسف امامه ، نظر له متسائلا
ليبتسم يوسف : اين نور ، فنحن اتفقنا على ان نذهب الي عمر سويا ،
ضاقت عينيه و نظر الي يوسف بحدة
ليقول الاخر مبررا : بل انا من طلبت منها ان تأخذني الي عمر فانا لا استطيع القيادة
رد باقتضاب وهو يخرج من الجناح ويغلف الباب خلفه
__ انها نائمة ولن تستطيع ان تذهب اليوم
هز راسه بفهم : حسنا سأنتظرها الي الغد ، فانا لا اريد ان اذهب بمفردي
رفع حاجبة ليقول بضيق لم يستطع اخفاؤه : اذهب معي ، سأذهب غدا ظهرا ، لأناقش بعض الامور الخاصة بالعمل مع عمر
__ حسنا ، سأذهب معك
رن هاتفه : مرحبا استاذي
اتاه صوت السيد عبد العزيز صائحا : مصيبة ياسين مصيبة
تعال بسرعة الي الشركة
توتر ليقبض كفيه بقوة : حالا
__ ماذا هناك ؟
__ تعال يوسف سأحتاجك معي
وصلا الي الشركة وصعدا سريعا الي مكتبه ليجد السيد عبد العزيز يذرع الغرفة ذهابا ايابا في توتر
__ ما الامر استاذي ؟
نظر اليه وقال بغضب : مواد البناء والمعدات سرقت من موقع بناء المجمع التجاري
اتسعت عينا ياسين من الصدمة : كيف اين طقم الحراسة ؟
نطق يوسف : مواد البناء وصلت البارحة للموقع سيد عبد العزيز ، الم نخزن منها شيئا ؟
نظر له ياسين منتظرا رده نطق السيد عبد العزيز
بصعوبة : المخزن سرق ايضا
هوى ياسين جالسا ليصيح يوسف : ان تكلفة مواد البناء والمعدات تتكلف اكثر من مليوني دولار لن نستطيع ان نأتي بغيرها ولن نلتزم باتفاقنا هكذا
نظر الي اخيه : ياسين الشرط الجزائي لفسخ العقد او التخلف عن التسليم في موعده اربعة ملايين دولار
ارتعشت قبضة ياسين ليقبض كفيه بقوة
و ينتفض واقفا : سنتصرف يوسف
__ كيف ؟ من اين ستاتي بالنقود لشراء معدات وادوات بناء اخرى ؟ واذا وجدت وفعلتها كيف سنتمم المشروع بموعده
صرخ هادرا : يوسف ، لا وقت لدينا لنندب حظنا ونصرخ مثل النساء ، فكر في حل للمشكلة
نظر الي السيد عبد العزيز : اين طارق ؟ لماذا لم يأتي فهو المسئول عن الموقع
ابتلع السيد عبد العزيز ريقه بصعوبة ليقول ببطء : لم اجده
ثم اللجنة التي حققت في انهيار البناية التي كانت تحت مسئولية المهندس عمر قالت ان سبب الانهيار كان التلاعب في مواد البناء ، وانا راجعت اذون الصرف للمواد من المخازن لأجد انه صرف كل المواد التي يحتاجها المبنى
لم يستوعب ما يقله استاذه ليساله : ماذا تقصد استاذي؟
هلا توضح لي ما العلاقة بين هذا وذاك ؟
نطق يوسف بقهر : العلاقة ان طارق وراء كل هذا ياسين
هو من تسبب في انهيار المبنى وهو من تسبب في سرقة الموقع والمخزن
نظر الي اخيه مصدوما : لماذا ؟ ماذا حدث ؟
رن هاتفه لينظر اليه بضيق سأله يوسف : من ياسين ؟
زفر بضيق : لا اعلم
__ حسنا ، انظر ماذا يريد
__ مرحبا
اتاه صوت ضحكة ساخرة يعلم صاحبها جيدا ليجمد وجهه وتنتفض عروقه غضبا ليستمع الي صوت معتز الساخر
__ كيف حالك ياسين ؟ احببت ان اهنئك بانهيار الشركة
مبارك يا صديقي ، كم اتوق ان اجلس على كرسي اباك العزيز
اغلق الهاتف بعنف وكاد ان يكسره من قوة ضغطه على الهاتف ليساله يوسف : من ؟
نطق بكره وحقد : معتز ، هو من وراء ذلك
طارق باعني اليه
جلس يوسف وهو يشعر بكره حقيقي لهذا المخلوق المقيت
نظر ياسين الي السيد عبد العزيز ليساله : ماذا ستفعل بني ؟
قال بحزم والتصميم ينطلق من عينيه : لا تقلق استاذي
سأتصرف ، لم يأتي بعد من يتسبب في خسارتي لشركة ابي الذي افني عمره بها ، سأتصرف
***************************
وصلا الي القصر بعد طريق طويل بالسيارة لم يتكلما اطلاقا
نظر ياسين الي اخيه ليبتسم يوسف :سأصعد لأستريح قليلا
هز راسه لأخية موافقا
خطى يوسف بضعة خطوات لينظر الي اخيه
__ ياسين
نظر اليه باستفهام ليكمل : هل من الممكن ان لا تأتي بسيرة ما حدث اليوم امام انجي ؟ فانا لا اريدها ان تعرف شيئا عما يفعله معتز
نظر الي اخيه وابتسم وهز راسه موافقا : لا تقلق
صعد يوسف السلالم سريعا ليقف امام باب جناحهم الذي اعدته له والدته واشرف هو على تأثيثه بما انه كان متواجد بالمنزل ليضبط انفاسه ويتحكم بأعصابه ويرسم ابتسامته الشهيرة ويفتح الباب : مرحبا حبيبتي ، ها قد عدت
نظرت اليه لتقوم ببطء ملحوظ : حمدا لله على سلامتك حبيبي
ظهر القلق على وجهه : ما بك جيجي ؟ اشعر انك متعبة
ابتسمت : قليلا ، ولكني سالت والدتك وقالت انها امور عادية
ومن الطبيعي ان اتعب بكل اول شهر
ابتسم بمرح : هل دخلت الشهر الجديد ؟
اتسعت ابتسامتها : نعم ، باقي من الوقت خمس اشهر ليشرف ولي عهدك الجميل
ضحك بمرح ليحتضنها بين ذراعيه : كم انتظر هذا الجميل
__ وانا ايضا حبيبي
طبع قبة على جبينها ليهمس : اذن اعتني بنفسك جيدا
هزت راسها موافقة وتعلقت برقبته ليضمها الي صدره وهو يشعر بحبه لها يزيد مع كل دقيقة لهما معا
********************
تقدم ليدلف الي مكتبه وهو يشعر بانه مقيد لا يستطيع الحركة شعور خانق يسيطر عليه ولا يستطيع ان يتخلص منه ، رفع نظره ليجد امه بوجهه ، اراد ان يعود ولكنها راته
كان يتلاشى الايام الماضية مقابلة امه ، حتى لا تصر ان تفهم ما يحدث بينه وبين نور ، او تصر على ان تعرف سبب ضيقه
نظرت اليه مطولا ليخفض نظره بعيدا عن مرمى عينيها
قالت امرة : تعال ياسين ، ام لا تريد ان تجلس معي ؟
ابتسم بتوتر : لا طبعا امي
نظرت له نظرة تسبر الي اغوار نفسه لتتكلم بهدوء : انا امك ياسين ، واعلم جيدا متى تتحاشني حتى لا تعترف بأخطائك
دارت مقلتيه سريعا من هجوم امه المفاجئ : لم افعل شيئا امي
شعر ان بجملته الاخيرة انه عاد طفلا وتذكر عندما كانت تؤنبه على اخطاؤه
قالت امره : اجلس ياسين ، واخبرني ماذا حدث لتعامل زوجتك بهذه الطريقة ؟
توتر فكه ليقول : لم يحدث شيئا امي
هدرت به ولكن بصوت منخفض : ياسين
انتفض من نبرة امه الحازمة ليخفض راسه وهو يشعر بتفاقم شعور الذنب داخله
لم يعد يقوى على شيء فالأحداث السيئة تحاوطه لدرجة انه لم يعد يحتمل شيء
صمتت امه صمتا مدروسا تعلم انه يأتي بثماره مع ياسين وهو في مثل هذه الحالة فهي تأكدت انه فعل شيئا ليس بهينا
سالت بنبرة هادئة : ماذا حدث ياسين ؟
ابتسمت بسخرية لتكمل : هل اكتشفت فجأة ان عم زوجتك هو من كان السبب في وفاة اباك ؟
استيقظت من النوم وهي تشعر بصداع رهيب من اثر البكاء
قامت بخطوات متثاقلة لتدخل وتستحم وخرجت لترتدي ملابسها ، جهزت حقيبة صغيره بها اشيائها الضرورية ، لقد اتخذت قرارها ستذهب وتجلس برفقة اخاها ، ولكنها لن تخبره بما حدث بينها وبين ياسين الي ان تستقر حالته ، وياسين لن يسال عنها ، فهذا ما يريده ، ان تبتعد عنه
الم يطلب منها ان تبتعد عنه ، حسنا ستفعل له ما يرضيه
نزلت السلالم وهي تتذكر كل دقيقة لها معه هنا
وقفت لتودع القصر بنظراتها لتتجه الي مكتبه ، فهي قررت ان تترك له رسالة تخبره بانها ستذهب وترجوه بها ان لا يرغمها على العودة وان لا يخبر عمر بمشاجرتهما معا
فعمر لن يحتمل هذه المشاكل الان
اقتربت لتسمع صوت نوارة هانم بالداخل وهي تتكلم مع ياسين ، ترددت هل تدخل ام لا ، اخذت قرارها ان تحرجه امام امه وتطلب منه ان تذهب الي عمر فهو يحتاجها هذه الايام ، وامام والدته لن يستطيع الرفض
اقتربت لتسمع صوت نوارة هانم وهي تقول: ماذا حدث ياسين ؟ هل اكتشفت فجأة ان عم زوجتك هو من كان السبب في وفاة اباك؟
وضعت يدها على فمها لتمنع شهقتها ، وهي تعود بجسدها الي الوراء لتمسك حقيبتها وتندفع خارجة من القصر وتستقل سيارتها وتنطلق بها ، فها هي تكتشف السبب في معاملة ياسين لها
اتمنى ان البارت يحوز على اعجابكم
لا تحرموني من ردودكم وتعليقاتكم
وعدنا باذن الله السبت القادم
القاكم قريبا
|