كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل التاسع والعشرون
ارتدى ملابسه سريعا ونزل ليقود سيارته بسرعه جنونية لم يعتدها وهو يدعو ان يكون الخبر خاطئ
قابله احد العاملين بالموقع وهو يجهش بالبكاء ليساله
__ ماذا حدث ؟
بكى العامل بقوة : البقاء لله الباش مهندس مات
هوى جالسا على اقرب كرسي وهو يشعر بضيق ثقيل وحزن جاثم على صدره ، لا يفكر بشيء غير نور
كيف ستتقبل الخبر وكيف سيبلغها ، عقله الي الان لا يصدق ان عمر مات ، هذا الصديق الرائع والاخ المتفاني
سيذهب ويترك اخته الوحيدة خلفه ، تخيل واقع الصدمة عليها وانها ستتحول الي مخلوقه اخرى غير نور حبيبته فارتباطها بأخيها مختلف عن باقي الناس
فعمر لها الاخ والاب والسند والعزوة هو من تبقى لها من عائلتها اغمض عينيه بألم لحالها وهو يشعر بالغصة تسيطر عليه فبرغم معرفته القصيرة بعمر الا انه كن له حبا وتقديرا واحتراما كبيرا ، هو الاخر لا يتخيل ان سياتي يوم لا يرى به عمر وابتسامته الحنون مزينة وجهه
في ظل المه انتبه ليد توضع على كتفه : لماذا اتيت ؟
انتفض من الصوت لينظر اليه بدهشة وعندما تأكد ان عمر الذي امامه قفز واقفا ليحتضنه بحب اخوي وسعادة شديدة
وهو يقول : حمدا لله على سلامتك
ابعده عن جسده ليساله : انت بخير ، لم يحدث لك شئ ؟
دهش عمر من ردة فعله ليبتسم : الحمد لله ، لماذا اتيت ؟
انا هنا بدلا منك ، اذهب الي عروسك ولا تقلق
تنهد براحة : اقلق ، لقد مت قلقا عليك ، ماذا حدث ؟
وهذا العامل يتكلم عن مهندس توفاه الله، من هو؟
تغضن وجه عمر بحزن شديد : انه المهندس كريم ، شاب بمقتبل حياته ، عمل معي منذ شهرين وتوفى اليوم
شد ياسين على كتفه : البقاء لله ، ماذا حدث عمر ؟
__ لا اعلم ، ولكن حصل انهيار للدور الارضي جعل البناية تهوى بشكل مرعب
عقد ياسين حاجبيه : الدور الارضي ولكن المفروض انك ستكمل الدور الاخير وتنهي التشطيب
__ لا اعلم ياسين ، ولكن ما حدث كارثة حقيقة
__ كم عدد المصابين ؟
__ الحمد لله ليس كثيرا ، ثلاثة من العمال واصابتهم طفيفة
الوحيد الذي توفى هو كريم
__ اذا كان انهيار البناية من الاسفل ، فالخطأ من تنفيذ شركتي انا ، سأحقق بالموضوع ، واعلم من المتسبب به ،وحينها لن ارحمه
__ لا تشغل راسك ، اذهب وانا سأتكفل بالأمر
__ ولكن السيد عبد العزيز اخبرني انك كنت بالداخل
ابتسم : نعم كنت بالداخل ، ولكني خرجت لأكلم علياء
مكالمتها انقذتني ،
خبط جبهته بيده : نسيتها ، لابد انها ستجن من قلقها علي سأذهب لأكلمها واطمئنها
__ انا الاخر سأذهب الي نور ، فانا خرجت بدون ان ابلغها
الي اين سأذهب كنت خائف عليك ولم ارد ابلاغها الا ان أتأكد انك بخير
__ ابلغها سلامي ، ولا تقلق فانا هنا مكانك بالضبط
اشار له ياسين بيده مودعا وانصرف وهو يشعر براحة انه بخير ولكنه قلق عليه ، من الواضح ان عمه لن يتركه سليما
**********************
خرجت من دورة المياه لتجد الغرفة فارغة
تعجبت من عدم وجوده وفكرت انه نزل الي الاسفل او مر على غرفة والدته
ارتدت ملابسها وهي تشعر بالتعجب منه ومن تصرفه فهي لا تفهم لماذا تركها ونزل بمفرده
نزلت الي الاسفل لتجد الصالة الواسعة فارغة هزت كفتيها بتعجب التفت لتجد احمد بوجهها مبتسما بسعادة
__ مرحبا بك نور
ابتسمت بدورها وهزت راسها محيه اياه : مرحبا استاذ احمد
ضحك بقوة : لا لم اناديك بالأستاذة نور لتناديني بالأستاذ احمد ، من فضلك ارفعي الالقاب فانت زوجة اخي الا لو تردين وضع للحدود بيننا
ابتسمت : حاضر ، اين الاولاد ؟
تنهد بتعب : ذهبوا الي النادي ،ارسلتهم مع السائق لأتخلص منهم فهم اصبحوا مزعجين للغاية
__ ربنا يحميهم ويحفظهم
ردد بصدق : امين ان شاء الله
اشار لها الي الحديقة : تعالي نجلس قليلا بالحديقة فالجو رائع اليوم
شعرت بالحرج من رفض دعوته فأسلوبه الرقيق المهذب اجبرها لتوافق ،تعجبت كيف يتحمل برودة زوجته وهو الحيوية تشع منه
تقدمت بداخل الحديقة لتساله : الم ترى ياسين ؟
__ خرج منذ قليل ، وكان مسرعا
عقدت حاجبيها وهي تفكر خرج بمفرده واليوم سفرهم
من الممكن ان يكون ذهب الي الشركة
جلست معه لتنضم اليهم بعد قليل انجي ورحب بها احمد بحفاوة سالتها : كيف حال يوسف الان ؟
__ انه بخير الحمد لله ولكن المسكنات تجعله ينام اوقات طويلة
تجاذبوا اطراف الحديث لتعالوا ضحكاتهم بسبب مرح احمد الزائد واسلوبه المبهج في الحديث مع اسلوب انجي المرح
تفاجئوا بوجودها بينهم لتنظر اليهم وهي تجز على اسنانها غضبا : ارى انكما تستمتعان برفقة زوجي المرح دائما
نظر اليها ليبتسم : اهلا عزيزتي ، تفضلي اجلسي معنا
توتر الجو بسبب نظرتها الباردة وغضبها الواضح لتقول انجي بمرح : سأذهب لأرى يوسف ، اكيد استيقظ
نظرت اليها بكره واضح : الان تذكرتي زوجك
ردت نور : خديني معك ، بعد اذنكم
انصرفتا من امامها لتهمس انجي : انها مجنونة
ابتسمت نور باتساع : بل غيورة
نظرت لها انجي بتعجب : غيورة ، هل تشعر اصلا لتغير انها باردة المشاعر
__بالعكس ، انها تخفي مشاعرها ، انا متأكدة انها تحب احمد جدا ، ولكن يوجد شيء غير طبيعي بينهم ، ولكنها شعرت بالغيرة من جلوسنا معه لذلك اتت لتكدر الجلسة علينا وتجعلنا نبتعد عن زوجها
ابتعدت نور عنها متجه ناحية المطبخ
ضحكت انجي : الي اين تذهبين ؟ السلم من هنا
__ سأذهب الي المطبخ ، اريد ان اصنع شيء لياسين
__ أمسموح لنا بتذوقه ؟ ام انه خاص بياسين باشا
ضحكت برقة : انه خاص بياسين باشا ، ولكني سأجعلك تتذوقين منه
*********************
واقفة تنظر له بغضب ليبتسم هو باستفزاز
__ اجلسي ، لم يتبق غيرك اليس هذا ما تريدينه ؟
نظرت له بغضب وقالت من بين اسنانها : لا اريد شيئا ولا يهمني مع من تجلس ولا مع من تتكلم
اتسعت ابتسامته وهو يقول بنبرة واثقة : نعم انا اعلم ذلك جيدا ، فلطالما أسمعتني اياه ، ولكني اعلم جيدا انك كاذبة
ارتبكت وتغيرت ملامحها للتساؤل : ماذا تقصد ؟
وقف ليقترب منها وهمس بأذنها : اعلم جيدا انك تحبيني اليس كذلك ندي ؟
احمر وجهها وحاولت السيطرة على خفقات قلبها المتمردة __ انت زوجي ، طبيعي ان احبك
نظر لها واجبرها على النظر اليه : بل تحبينني من قبل ان نتزوج ، وانا اعلم ذلك جيدا ، لا تنكري
بلعت ريقها بصعوبة ليكمل هو بصوت عاشق : أتظنين اني صبرت كل هذا الوقت وانا غير متأكد انك تحبيني
صبرت على معاملتك الباردة معي وعلى لا مبالاتك
وانا غير متأكد من حبك لي ، كانت تصبرني نظراتك الغيورة ومراقبتك لتصرفاتي وتأملك لي وانا جالس
اعلم حبيبتي انك تهيمين بي حبا من صغرنا ، كما اعشقك يا شمسي المشرقة
ازاحت عينيها وخفضت راسها واجبرت نفسها على ان تقول __ انت توهم نفسك بأشياء غير حقيقية تتخيل اشياء غير واقعية
جز على اسنانه غضبا ليمسكها من ذقنها بقوة ويجبرها على النظر الي عيناه : انظري الي و اخبريني انك لا تحبيني
نظرت له بقوة وقالت بنبرة غاضبة : اتركني
شع من عيناه التصميم وضغط على ذقنها : اخبريني تحبيني ام لا ؟
شعرت بألم في فكها والغل يتزايد في نفسها لتنظر الي عينيه وتقول ببرود : لا احبك
سقطت يده بألم وقال بهدوء وهو يتمزق داخليا : لا استطيع ان استمر في هذه الزيجة بعد الان ، ورقة طلاقك ستصلك في اقرب وقت
انصرف من امامها لتتسع عينيها رعبا وهوت جالسه على اقرب كرسي لها
**************************
دخل الي حديقة القصر وهو يشعر بان الثقل الذي كان يحمله تبخر ولكن القلق يحاوط عقله يفكر كثيرا بالحادثة ويشعر انها غير طبيعية ، اكيد مدبرة ولكنها هذه المرة تقصده هو او يوسف
فالمشروع يخص شركته ، هل من المعقول الحادث مدبر لعمر وعمه من وراء حدوثه ، يشعر بقلق فعلي على كل من حوله ، زفر بتعب ليبتسم وهو يتذكر ليلة البارحة ليشعر بان التعب والقلق انزاح عن كاهله وان السعادة تتوغل بجسده وتحمله ليطير اليها
اسرع خطاه ليتناهى الي مسامعه صوت بكاء مكتوم
تعجب وعقد حاجبيه ليتبع الصوت بهدوء ليجد نادين جالسة بأحد كراسي الحديقة وتبكي
راعه مظهرها اليائس وانخلع قلبه من صوت بكائها ووجهها الحزين ليتقدم منها مسرعا : نادين ، ما بك ؟ لماذا تبكين ؟
رفعت راسها اليه ونظرت بعينين حزينتين اليه وقالت بصوت مخنوق : احمد سيطلقني
صاح بحده : نعم
مسكها من معصمها بقوة ليوقفها امامه : ماذا تقولي ؟
هل جننت ، ماذا حدث ؟ هل تطاولت عليه ولذلك سيطلقك
تشاجرتما ، اخبريني ، ماذا حدث ؟
بكت بنحيب حاد لترتمي على صدره وتبكي زفر بضيق وغضب مكتوم ليربت على راسها : تعالي الي الداخل وقصي لي ما حدث
دخل بها الي القصر واجلسها على اقرب اريكه له واحاطها بذراعه وحنان بالغ ،وجد يوسف نازل امامه ليساله
بدهشه : ماذا تفعل ايها المجنون ؟ الطبيب حذرك من الحركة
__ مللت ياسين من الجلوس بالغرفة ، وانا استعمل العصا واحمل على رجلي الثانية
نظر الي نادين بتفحص وقال بحزم : لماذا تبكين ، هل حدث شيء ؟
ارتعش جسدها وزاد نحيبها ليقول ياسين بغضب : تقول ان احمد سيطلقها
اتسعت عيناها من صدمة الخبر ليهرول الي اخته متناسيا
اصابة رجله امسكها من ذراعها وقال بقوة : انظري الي
نظرت اليه : هل هذا صحيح ام مزحة ؟
قال ياسين بضيق : يوسف ، هذه الامور لا مزاح بها
قال بنبرة جليدية وهو ينظر لها : سأقتله ان اردت ندى
ليكمل صائحا :هل وصلت ان يطلقك ونحن الاثنان موجودان دون ان يعلمنا بالأمر او يخبرنا ، لماذا هل اخذك من الشارع
قال ياسين : اهدئ قليلا يوسف
صاح بغضب وصوت قوي : لا لن اهدئ ، ولن اراعي انه ابن عمي ، فهو لم يراعي أي شيء ،لم يراعي اولاده، لم يراعي هذا البيت الذي اكتنفه ، ولا امي التي ربته كواحد منا ، لم يراعي اخوتي له ولا صداقتك له ، لم يراعي شيء ياسين ، وانا الاخر لن اراعي شيء
قال ياسين بصرامة : اصبر لنفهم ماذا حدث ؟ احمد ليس متهورا ليفعل شيء كهذا دون اسباب
قال يوسف بغضب : يا سلام ، حتى ان وجدت الاسباب
نحن الاثنان موجودان ، واذا اخطأت نادين بحقه يتكلم معنا ويرد الينا الامر ، لا يطلقها هكذا
هز ياسين راسه بمرارة فأخاه محقا واحمد تجاوز كل الخطوط بفعلته هذه التي لن يسامحه عليها
ربت على راسها الموضوعة على كتفه : اخبريني ، ماذا حدث ندى ؟
ردت بنبرة متألمة : انا مخطئة ، مخطئة
اجهشت بالبكاء ليسحبها يوسف الي حضنه ويضمها الي صدره بيده السليمة : حتى حبيبتي لو اخطأت ، ليس من حقه ان يفعل امرا كهذا
مسح دموعها بيده : لا تبكي ، هذا الاحمق لا يستحق دموعك
ولكن تماسكي ، حتى لا يشعرون اولادك بشيء
هزت راسها ايجابا ليكمل ياسين : ندى لا تخبري احدا حتى نفهم ما يحدث من حولنا
نظر له يوسف غاضبا ليرمقه ياسين بنظره قوية جعلت الاخر يشيح بوجهه عنه سألها بهدوء : اذا لم يطلقك ، هل ستستمرين معه ؟
صمتت قليلا : نعم ياسين ، ولكن
قاطعها بحزم : اذا تريدين العودة اليه لا يوجد لكن تذكري اولادكم ندى ، انهم يستحقون تضحيتك
هزت راسها لتنصرف من بينهم
لينظر له يوسف بقوة : هل ستجبرها على الاستمرار معه ياسين ؟
ابتسم بوجه اخيه ليقول بفخر : كل يوم اكتشف بك صفه جديدة يوسف ، وسبحان الله كلها صفات جيدة ، اصبحت رجلا كبيرا مسئولا ويعتمد عليك حقا
نظر له بغضب : لا تغير الموضوع ياسين ، اجبني من فضلك
اتسعت ابتسامته : لا تتهور يوسف فهذا احد عيوبك ، ولكنه ليس عيب ، بل هو اندفاع الشباب ، ولا الومك عليه ، كلنا مررنا به
جز على اسنانه غضبا ليقول ياسين بهدوء : لا يوسف ، بل هو لن يطلقها ، انا متأكد من ذلك احمد يعشقها ، ولكن انا متعجب مما قالته، واريد ان اعرف الاسباب لتكتمل لدي الرؤية ليس الا
اكمل بهدوء : وحتى لو ندى مخطئة كما قالت سأعلمه يفكر مائة مرة قبل ان يقول لها شيء كهذا او ان يفكر مجرد التفكير به ، ومائة مرة اخرى حتى يراعي كل ما عددته انت سابقا ، ولكن بهدوء وروية
فلا تنسى ان ابناؤه هنا بالقصر ، ولا اريد أي شيء يؤثر عليهم
ابتسم يوسف بإعجاب ، كان يظن انه سيترك حق نادين ولكن من الواضح ان احمد وضع نفسه بمأزق لن يستطيع الخروج منه
سال : اذن ستأخذ حق نادين منه ؟
__طبعا ، ولكن سأخذ حقه ايضا ، فمن المؤكد ان اختك المصون ساعدته ليصل الي هذه النقطة ، كل ما اريده الان ان اعرف ماذا حدث بينهما
ادار بصره الي ما وراء اخاه لتتسع ابتسامته فهي قادمه نحوهم سال يوسف بتعجب : ما الذي يجعلك تبتسم هكذا ؟
لم يعيره انتباهه فعيناه متعلقتان بجنيته الحبيبة ليلتفت يوسف وينظر وراءه ليضحك بقوة ، انتبه ياسين على ضحكته لينظر له نظرة قوية ،ابتلع يوسف ضحكته : سأنصرف قبل ان تضربني او تطردني او تقذف بي من الشرفة
قال مازحا : نحن بالدور السفلي، لن يحدث لك شيء ، ثم انك مكسر من الاساس ، لا تحتمل اكثر من ذلك
قهقه يوسف ضاحكا لتقول برقة : اسعد الله ايامك يا جو ، اضحكني معك
قال بمزاح : زوجك السبب ، اجعليه يخبرك بما كان يقوله لي ، سأذهب الي زوجتي الحبيبة قبل ان يقتلني بعيونه
ابتسمت : ابلغها اني انتظرها لتتذوق حلي الباشا
التفت اليها وقال بحيرة : ماذا؟
__ هي ستفهم ، ابلغها فقط ، واني سأنتظرها بالأعلى ، حتى لا تتعب انت من النزول الي هنا
هز كتفيه بعدم فهم : حاضر كما تريدين
انصرف يوسف من امامها لتشعر بيده القوية تجذبها من خصرها وتجلسها بحضنه قبلها بعمق على رقبتها
__ اشتقت اليك
مطت شفتيها غاضبة ليسال هامسا : جنيتي الحبيبة غاضبة
اشاحت بوجهها بعيدا عنه ليبتسم ابتسامة ساحرة جعلت قلبها يرفرف عشقا له وهو يردف : انت غاضبة بالفعل
قالت بدلال اسر : نعم ، لماذا تخرج دون ان تخبرني الي اين انت ذاهب ، ثم لا ترد على هاتفك ، قلقت عليك ياسين
اتسعت ابتسامته : المعذرة حبيبتي ، ولكن يوجد خبر سيء هو ما جعلني اخرج سريعا ، ولم ارد ان تقلقي بسببه
سالت باستفهام : ماذا حدث ؟
__ لا شيء ، امور تخص العمل ، لا تشغلي راسك
اخبريني ، ما حلي الباشا هذا ؟
ضحكت برقة طبيعية : انه سر بيني وبين انجي ،ستعرفه بعد قليل
__ سر ، تخفي عني نور ، سأغضب منك ، هيا اخبريني
قالت وهي تمرر ظهر اصابعها الرقيقة على ذقنه : هل تستطيع ان تغضب مني ؟
نظر لها بهيام : لا ، ولكن اريد ان اعرف
__ الليلة ستعرف
بوز بضيق : اريد ان اعلم قبل البقيه ، ان لم تخبريني سأغضب بحق
قبلة وجنته برقه : وانا سأرضيك
قبل ان يحكم ذراعيه عليها قفزت واقفه لتسرع خطواتها وتصعد الي الاعلى
اتبعها بعينيه ليتنهد بحب كبير هم بان يتبعها ليجده يدلف من باب القصر ،تقدم احمد نحوه وهو يبتسم
ليرمقه ياسين بنظره غاضبة قوية ، تعجب احمد منها
ليساله : ما بك يا عريسنا ؟ هل انت متضايق من شيء ؟
رد بنبرة هادئة قوية : هل اغضبت نادين ؟ لقد وجدتها تبكي
عقد احمد حاجبية : تعال ياسين ، اريد ان اتكلم معك
تقدم معه الي غرفة المكتب ليدخلا سويا
جلس على مكتب والده ليقص عليه احمد ما حدث بهدوء
وختم كلامه : كنت اهددها فقط ياسين ، انا لا استطيع ان ابتعد عنها ، انت تعلم جيدا اني اعشقها ولكنها قهرتني بردها البارد الكاذب ، اعلم جيدا انها تحبني ولكني لا اعلم لماذا تنكر ذلك ، كانه اجرمت يوم ان احبها قلبي
تنفس ياسين ليتخذ قراره : حنان اخبرتها انك تحبها وتريد الزواج منها
ارتسمت ملامح الصدمة على وجه احمد : نعم ، لا افهم
اعد من فضلك ثانية
__ امي سمعتها وهي تخبرها انك تحبها وتريد ان تتزوجها
وانك لن تلتفت اليها ابدا ، ومن الافضل لها ان تنساك او تظل تحلم بك لأنك لن تحبها ابدا
قال احمد غاضبا : ولماذا صدقت ما قالته هذه
ضغط شفتيه بشده حتى لا يتفوه بشيء غير لائق
ليرد ياسين : لا اعلم هذه هي الحلقة المفقودة ولكن عندما ابلغتني امي انها ترفض الزواج منك ، ربطت بين الحدثين
ولذلك ضغطت عليها لقبول الزواج ، فانا اعلم انها تحبك
منذ صغرها
اقترب منه ليربت على كتفه : تعامل مع الامر بحكمة احمد
فهي منهارة من البكاء ، ولأول مرة بحياتي اراها تبكي بهذه الطريقة ، اليس هذا دليلا على حبها لك؟
وقف احمد وهز راسه موافقا ليكمل ياسين : ولا تصطدم بيوسف حتى اتكلم معه فهو غاضب منك جدا
__ ان شاء الله
صعدا سويا الي الاعلى ليقابلا يوسف متجه ناحية غرفة المعيشة بمساعدة زوجته ليقف منتصبا وينظر له بغضب
__ ماذا تفعل هنا ؟
نظر له احمد مبتسما ليتكلم ياسين سريعا : اذهب احمد لتفعل ما تريد ،انصرف احمد بسرعه ليتجه هو لآخاه ومسكه من ذراعه :انت تعال معي لنرى ما هو حلي الباشا هذا
ضحكت انجي : الا تعلم ما هو ؟
ابتسم وهو يساعد اخاه على الجلوس : لا نور تقول انه سر بينك وبينها
ضحكت مرة اخرى لتدخل نور الي الغرفة وهي مبتسمة لالتقاطها جزء من الحديث : انجي من فضلك اصمتي قليلا
ولا تخبريهم
نظرا الي بعضهما بحيرة ليهمس يوسف : ماذا يحدث ؟
رد الاخر هامسا : لا اعلم شيء ، من الواضح انهما تتامران علينا
ضحك يوسف لينظر الي نور : ماذا ننتظر ؟
__ ننتظر باقي الاسرة الكريمة
قالت جملتها وهي مبتسمة ليزداد ياسين تعجبا من امرها
يشعر انها تخفي شيئا عنه ، نظر اليها لتتصل عيناهما ويشعر انهما بالغرفة لوحدهما حاول ان يبث لها ما يعتمل بصدره لتبتسم له فسعادتها لا توصف اليوم اخيرا بدأت تفهم ما يبثه اليها بعينيه بدأت طلاسم لغة عيناه تنكشف وتستوعب ما يقوله لها
قطع نظراتهما دخول اولاد نادين العاصف للغرفة واتبعهم نهى وزوجها وابنتهم ليكتمل الجمع بوصول نوارة هانم
ابتسم بهدوء ووقف ليرحب بأخته وزوجها
قالت نور لنهى : ابلغي نادين اننا ننتظرها
هزت نهى راسها بالإيجاب لتذهب الي جناح اختها
************************
وصل الي الفيلا بعد العصر ، دخل وبحث عنها بعينيه
سريعا فلم يجدها ليتجه الي الدور العلوي وجدها مرتدية ملابسها : السلام عليكم
__ وعليكم السلام
__ الي اين انت ذاهبة ؟ ارى انك مرتدية ملابسك
__ نعم ولكني انتظرك الي ان تأتي ، بسنت ابلغتني ان علي مريض منذ يومان ، فارتديت ملابسي لأذهب اليه وكنت انتظر وصولك
__ سأبدل ملابسي واذهب معك
__ لا استرح انت وتعال لتأخذني ليلا ن انه ببيتنا
__ لماذا ليس ببيته ؟
__ لا اعلم
__ حسنا انتظري
__ عمر استمع الي انت متعب استرح قليلا ، وتعال الي ليلا وانا سأستقل تاكسي
نظر اليها بقوة :علياء انتهينا ، سأوصلك ، انتظري قليلا
وصلا الي بيتها ليصعدا الي الاعلى ليجدوهم جميعا موجودين دخلت بسرعة سالت عن اخيها: بسنت اين علي؟
__ بغرفته ، انه مريض للغاية ، تفضل عمر ، ادخل
دلفت الي الداخل بسرعة ليتبعها عمر بهدوء
تقدمت منه لتحتضنه : ما بك حبيبي ؟ بماذا تشعر ؟
نظر لها بألم : لا شيء ، اصبت بالبرد ، لا تقلقي
رتب على راسها ليشعر بضيق في تنفسه والم بقلبه سببه رؤية صديقه الوحيد اقترب عمر مبتسما : كيف حالك يا صديقي ؟ الف سلامة عليك
اغتصب ابتسامته : الله يسلمك ، انه دور برد عادي ،ولكن علياء مشاعرها رقيقة
شعر بتوتر يشوب علاقته بصديقه ليقول لعلياء
__ أخاك بخير والحمد لله اصنعي لي كوب من الشاي بدل الغداء الذي لم اتناوله
نظر لها علي : هل اتيت به قبل ان يتناول غداؤه
همت لترد ليقول هو : اذهبي علياء ، واصنعي لنا كوبين من الشاي
انصرفت وهي تشعر ان عمر يريد الاختلاء بأخيها
خرجت واغلقت الباب خلفها ليستدير هو وينظر الي علي
__ ماذا بك صديقي ؟ ولماذا انت هنا ليس ببيتك ؟
تنهد بقهر وهو يفكر كيف سأخبرك عن وجعي هذه المرة وانت السبب به ، لا تكذب على نفسك علي هو لم يخنك ابدا بل هي من خانتك فكرت به وهي زوجتك وهو لم يرفع عينه لها ابدا حتى من قبل ان تخبره بحبك لها
ولكني لا استطيع اخباره ايضا
ابتسم بألم : لا شيء ، تشاجرت مع
لم يستطع نطق اسمها لتدمع عيناه ويشيح بوجهه بعيدا عنه
اتسعت عينا عمر صدمته من مظهر صديقه والمه الذي تجسد بوجهه قفز ليجلس بجانبه : ماذا حدث علي ؟ اخبرني بالله عليك ، مظهرك لا يبشر بالخير
تكلم بقهر وحزن : طلقتها عمر
هتف : لماذا ؟ ماذا حدث ؟ المشاكل تحدث دائما علي
وانت عاقل ورزين طوال عمرك ، وتستطيع تخطي الازمات بينكما
__ الا هذه الازمة عمر ، انها فوق طاقتي
__ اهدئ الان ، وكل شيء سيحل ، واذا تريد تأديبها على ما فعلته ، لا باس اهجرها ، انفصل عنها لا تطلقها ، تذكر ابنتك علي ، فهي من ستظلم بينكما
ادار وجهه بعيدا عنه وهو يتذكر ما سمعه منها فهي اتصلت به مرارا وتكرار ولم يرد عليها باليوميين الماضيين الي ان ارسلت له ان يكلم جنى اتصلت ثانية ليرد على ابنته وبعد ان اطمئن عليها تكلمت معه وترجته واستحلفته بالله ان يسمعها حلفت أغلظ الايمان انها لم تخنه وانها تكره عمر اصلا بل لم تحب احدا غيره ولكنها كانت تبحث عن كرامتها بسبب امنية امه لزواجه من نور اغلق بوجهها الهاتف فهو يعلم جيدا طريقة تفكيرها وان غرورها هو من اهانه عمر بعدم الالتفات اليها ، ولكنه يعلم ايضا انها لم تقترب من عمر قبل زواجهم او بعده فهي بالكاد كانت تصافحه عندما تراه ، فعمر نفسه شعر انها لا تطيق وجوده عندما يزورهم بالبيت ففضل عدم زيارته بمنزله وكانا يتقابلان بالمقاهي وببيت عائلته ، ولكن ما يمزقه فعلا انها لم تكن كما تخيلها ، اكتشف بعد سنوات من معاشرته لها انها انسانة اخرى مختلفة عن حبيبته ، غارت من نور ومن امنية امه ان يتزوج بها ، لتحاول ان توقع بين نور وعلياء ، حاولت مرارا ان تمتلكه وتبعده عن عائلته ولم يستجيب لها ابدا كان يلاحظ كل هذا ولا يفكر به بل كان يبرره بحبها الجنوني له
ليكتشف اخيرا ان عقلها مشغول بعمر وبكيفية رد كرامتها المبعثرة لان عمر لم يلتفت الي حسنها وجمالها الفتان
زفر بضيق ليرتب عمر على رجله : الن تخبرني يا صديقي
بما يعتمل بصدرك ؟ اشعر بانك مهموم وحزين
فضفض لي قليلا حتى تسترح
قال بألم : ليس الان عمر ، جرحي لم يبرأ بعد والبوح الان كالكي سيزيد ألآمي
تألم لمشاعر صديقه الحزينة ليكمل علي : اشعر بالتعب عمر
بل اشعر بالسقم ، ولا اعلم ما الدوى
تنهد عمر : كلما كان الالم اقوى ، كلما شفيت اسرع علي
ستنهض واقفا كالجبال ثانية علي ، صدقني
__ لم اخبر احدا بطلاقي لأية
نطق اسمها بصعوبة شديدة لينفطر قلب عمر عليه
ليكمل : ساردها ثانية ،من اجل ابنتي كما قلت
__ جيد علي ، ابنتك اغلى من أي شيء اخر ، تذكر ذلك دائما
*********************
انصرف سريعا من امام يوسف حتى لا تحدث مشكلة بينهما هو بغنى غنها ، هو كان يهددها فقط لم يفكر قط ان كلمته ستترك اثر بنفسها وتجعلها تبكي وتخبر اخويها بما قاله لها
دخل الي الجناح وهو يقرر انه سيتعامل مع الامر بحكمة ولكنها تستحق التأديب قليلا فبرودها وهي تخبره انها لا تحبه جعله يشعر بغيظ فعلي منها ومن كذبها ، فهو متأكد من حبها له
فتح غرفة النوم ليجدها جالسة بوسط الفراش وتبكي
نظرت اليه لتقول بغضب : لماذا اتيت ؟
نظر لها غاضبا وهو يفكر انها لن تتغير ابدا اتجه ناحية دولاب الملابس واتى بإحدى حقائب سفرهم وفتح الدولاب
ليخرج منه ملابسه ، قفزت من الفراش لتتجه خلفه
مسكته من ذراعه: اجبني ، لماذا اتيت ؟
نظر لها : سأخذ ملابسي وانصرف
هطلت الدموع من عينيها :اذن انت مصر على ما قلته لي من قبل
__انت ايضا مصرة على ما قلتيه لي من قبل
نظرت اليه بحيرة ليسال بهدوء: لم تحبيني قط نادين ، اليس كذلك؟
انفجرت بوجه تصيح : بل احببتك طوال عمري ولكنك فضلت علي امراه اخرى كانت تختار بينكم انتم الثلاثة كما تختار بين احذيتها
انتفض من تشبيهها السيئ ليمسكها من ذراعها ويقول بقوة
__ اخفضي صوتك وتكلمي بأدب
ازاحت يديه بقوة من عليها : لن اخفض صوتي وسأتكلم كما يحلو لي ، ولعلمك لم تحبك قط ولم تكن مفضل لديها ، لم تكن تراك من الاصل لأنك كنت اقل من مستوى احلامها
ضغط يديه بقوة حتى لا يفعل ما يجعله يندم بعد ذلك
ليتركها ويتجه الي ملابسه مرة اخرى لتصيح ساخرة وتشيح بيدها : اذهب ، لن اتمسك بك بعد الان ، فانت لا تستحق حبي لك
توقف ليتنفس ويسيطر على اعصابه
ليتجه اليها بحركة سريعة ويمسكها بقوة من ذراعيها
__ بل لم التفت اليها ابدا نادين ، انت من ملئت عقلي وقلبي من صغري ، ولم تكن تعني لي شيء ابدا
انت من احببتها وسأظل احبك طوال عمري
قالت بصوت مهزوز : كاذب
زفر بضيق : لماذا تصدقينها الي الان ؟ لماذا لا تصدقي ما اقوله انا لك
__ انا لا اصدقها اصدق ما شاهدته بعيني
نظر لها بحيرة لتكمل : انا رايتك احمد وانت تتقرب منها كل يوم ، واوقات اجدكما تتهامسان ، وما جعلني أتأكد مما قالته لي اني وجدتك ذات يوم تحتضنها بين ذراعيك
فكر قليلا ليتذكر ما تتكلم عنه: لا ندى كل هذه ليست دلائل على ما تقوليه
انا كنت اتعامل معها بطبيعية كنت اشفق عليها بسبب ظروفها واليوم الذي تتذكرينه و اتخذته دليلا على حبي لها
يوم رسوبها بسنتكما الأخيرة وكنت اخفف عنها لا اكثر
رفع ذقنها لينظر الي عينيها : الم تستطيعي التفرقة بين احتضاني لها ، والشوق والحب الذي احتضنك بهما ؟
احبك ندى ، الا تستطيعي الشعور بي ولو قليلا
انهمرت دموعها ثانية ليحتضنها برفق : ارجوك ندى توقفي عن البكاء ، احبك ندى ، بل اعشقك وما يوجد براسك هذا
اوهام لا اساس لها
لفت يديها حول خصره ليبتسم بسعادة وتغمره الراحة التي ينتظرها من بدء زواجهم : الن تسمعيني ما انتظره من اول زواجنا ندى ؟
دفنت راسها بقوة اكبر بحنايا صدره ليبتسم بسعادة اكبر
دق الباب لتبتعد عنه امسكها من ذراعيها لينظر الي عينيها ويقول بحنان : انتظري سأفتح انا
اتجه ناحية الباب ليفتحه ويجد نهى امامه ابتسمت
ليرد عليها : مرحبا نهى ، تفضلي
__ لا نحن ننتظركم بغرفة المعيشة لا تتأخرا فجميعنا مجتمعون اليوم
نظر لها : حالا ، سناتي حالا
عاد اليها لتنظر اليه من خلال المرآه : انها نهى تقول انهم ينتظروننا اقترب ليضع يديه على اكتافها ويقبل راسها بعمق
لتبتسم له لتقول بتردد : لماذا كانت تكذب علي اذن ؟
تنهد بحيرة : لا اعلم ندى : فهي كانت غير طبيعية ولذلك ياسين كان يتعامل معها بحنان فائق ، ولكني لا اعلم لماذا كانت تفعل هذه الاشياء
سألها بألم : الي الان لا تصدقيني ندى
ردت سريعا : لا ابدا ، اصدقك ولكن عقلي لم يتوقف عن التفكير بها
اوقفها من ذراعيها ليضمها الي صدره ويضع ذقنه على راسها وينظر اليها بالمرآه : انسي ندى ، انسيها تماما
هزت راسها موافقة لتقول بابتسامة : انا جاهزة ، هل تعلم لماذا مجتمعون اليوم ؟
__ لا ، تعالي لنرى
وصلا ليكتمل جمعهم لم يفته نظرة يوسف القوية ، ولكنه تغاضى عنها ، يكفيه ابتسامة ياسين المطمئنة
جلسوا جميعا لتبتسم نور بمرح ليدخل احد الخدم وهو يحمل كعكة عيد ميلاد كبيرة لتجلس بجانبه وتضع بيده علبة متوسطة الحجم وتقول : كل عام وانت بخير حبيبي
همست باخر كلمة حتى لا يسمعها احد
ليشعر بدهشة ممزوجة بسعادة كبيرة منها
هتف احمد : انه عيد مولدك يا صديقي
قال يوسف بحرج :لقد نسيناه تماما
تكمل نهى : لا تغضب ياسين ، ولكنك لم تحتفل به منذ موت والدنا رحمة الله علية
اقتربت منه نادين لتقبل وجنتاه : كل سنة وانت طيب ياسين
قالت نور بمرح : ولكن امي تذكرته
ابتسمت نوراه هانم : لن انسى ابدا ، انا اتذكر مواعيد ميلادهم كلهم ، ولكن نور من صنعت الكعكة بنفسها وبمفردها
شهقت نهى : حقا ، اريد تذوقها
ابتسمت نادين : من الواضح انها شهية
تعجب يوسف من ابتسامة نادين النادرة ليسال نور : هذا هو حلي الباشا
ضحكت هي وانجي لترد الاخيرة : نعم ، ولكنها لم تخبرني بسبب صنعها لحلي الباشا
نظر لها لتتصل عيناهما ثانية اخبرها بحبه وهيامه بها
لتحمر وجنتيها بخجل ارادت ان تحول نظرها بعيدا عنه
ولكنها لم تستطيع ليفيقا على صوت يوسف المرح
__ يا بشر ، نحن هنا ، افتتح الكعكة يا باشا ، حتى نستطيع تذوقها
سالت بصوت يكاد يسمع : هل تريد ان اضع لك شموع بها ؟
ليضحك ضحكة سعيدة قوية : لا ، يكفيني انك صنعتها من اجلي
بعد ان تناولوا الكعك اقترب ياسين من عمرو : عمرو اريدكم ان تاتوا وتجلسوا معنا الفترة القادمة
__ لماذا ؟
__ لنجتمع كلنا ، انها رغبة امي ورغبتي انا ايضا
لفترة من الوقت ، ولأطمئن عليكم
هز راسه بعدم اقتناع : حاضر ياسين ، كما تريد
جلس يوسف بجوار اخته : نادين هل حلت المشكلة بينك وبين احمد
ابتسمت بوجهه : نعم ، انا اخطأت بحقه يوسف وهو اتي وتفاهمنا ، لا تشغل راسك
__ اذن انت راضية ، وستستمرين معه
__ طبعا يوسف ، وليس لأجل الاولاد بل لأني احب
قضمت كلمتها ليتلون وجهها بحمرة الخجل لتقول بارتباك : هو زوجي ومن الطبيعي ان استمر معه
ضحك يوسف : لماذا ابتلعت مشاعرك ندى ، هل تتوقعي اني سأثور مثلا لو أخبرتني انك تحبين زوجك والد اطفالك
لا انا مختلف ، ولن اشعر بالضيق بل سأشعر بالسعادة من اجلك ومن اجله هو ايضا ، واذا احتاجتني باي وقت انا موجود لا تترددي ، نحن الاثنان بدلا عن والدنا ولا تفكري مجرد التفكير اننا سنبدي احمد عنك ، انت اختنا الغالية ومكانتك لا يضاهيها احد
قالت نهى بعد قليل : يويو ، نريد معرفة ما اهدتك به نور
لم يجبها ليضحك يوسف عليها وهي تعيد : ياسين ، افتح الهدية لنعرف ما هي ؟
قام واقفا ليقول بهدوء : لا ، وسأذهب لأنام ، لا تنسى عمرو
تصبحون على خير
قال يوسف : ياسين صحيح غدا موعد استلام الشحنة الاتية من الجمارك ، ولابد ان يذهب احدنا لاستلامها ، وانا لا استطيع كما تعرف
نظر له : لا اعلم يوسف ماذا افعل بك ، فانت تهدم سعادتي دائما
سالغي سفري مرة ثانية لأجلك
سال يوسف : لماذا تلغيه ؟ بدلا ان تذهب الي الجونة ، اذهب الي الساحل الشمالي ، مر على الاسكندرية بطريقك واستلم الشحنة صباحا واذهب الي مارينا ليلا
تهلل وجهها فرحا ليتنهد ياسين : حسنا ، تصبح على خير
نظر لها لتومئ براسها ايجابا لتتكلم الام بهدوء :اذهبي بنيتي ، لتأخذي قسطا من النوم انت الاخرى ، فأمامكما طريق طويل غدا
تمتمت : تصبحون على خير
اتبعته بهدوء لتدخل الي الجناح فلا تجده نظرت حولها
وهي تشعر بتعجب من عدم وجوده سالت نفسها اين ذهب
لتتجه الي غرفة النوم وتشهق بفزع من حمله لها
همس بأذنها : احبك نور ، احبك يا جنيتي الحبيبة
لا استطيع ان اصف مدى سعادتي اليوم ، مفاجأتك لي هي الهدية الحقيقة
ابتسمت لتقبله برقة على خده : كل عام و انت بخير حبيبي
قال بهيام : كل عام وانت معي حبيبتي
**********************
وصلا الي الإسكندرية لتقول بفرح : اخيرا عدت لمسقط راسي
ابتسم لسعادتها : متى انتقلتما نور الي القاهرة ؟
__ كان عمري بالخامسة ، او اوشك على اتمام السادسة
لا اذكر عمري بالضبط ، ولا اذكر ذكرياتي هنا ايضا
بل شاهدت الصور فقط ، ولكني فرحة لان ابي كان يحبها كثيرا وكان يقص لي عنها كثيرا
ماذا سنفعل الان ؟
__ سنذهب الي احد الفنادق لأحجز لك غرفة ، واذهب انا الي الميناء لاستلم الشحنة ، ثم اعود نتناول الغداء ونكمل طريقنا الي مارينا
بوزت : لماذا تتركني بالفندق وحيده ؟ اريد ان اذهب معك
عقد حاجبيه لينظر اليها بطرف عينه : تريدين مني ان اخذك الي الميناء وانت ترتدين هذا الفستان
نظرت الي فستانها الصيفي بألوانه الصاخبة وذراعيه المكشوفتين وقبعتها البرتقالي الواسعة
وقالت بدلال : ماذا به ؟ انه جميل وطويل
ابتسم : لم اقل انه سيء ، بل يجنن عليك ، ولكن لن تذهبي به ابدا الي الميناء ثم بالنسبة الي ذراعيك العاريتين وصدرك المكشوف ، لم تدريجهم بوصفك للفستان
ضحكت برقة : انت متزمت
__ نعم ، انا معترف بذلك
اقتربت منه ليقول بحزم : لا تحاولي راي لن اغيره
ضربت بقدميها ارض السيارة : لا اريد الجلوس بمفردي
لنذهب الي الفندق واستبدل ملابسي واذهب معك
قال بهدوء : لا نور ، انتهينا ، ولن أتأخر عليك
لمعت عينيها : اذن اوصلني الي قصرنا اجلس مع عمتي واسلم عليها واطمئن على حالتها الصحية فهي مرضت ولذلك لم تحضر عرسنا ، وانت انهي عملك وتعال لتأخذني بعد ذلك
فكر قليلا لا يعلم لماذا لا يطمئن لتلك الزيارة ولكنه لن يستطيع الرفض : أتعرفين العنوان ؟
تهلل وجهها فرحا : نعم ، فانا حفظته من الورود التي ارسلتها عمتي في يوم عرسنا
املته العنوان ليذهب بها راسا الي هناك
عندما اقترب من القصر نظر اليه بتعجب : عائلة والدك ثرية
ابتسمت : نعم ، الن تأتي معي ؟
__ لا عندما اتي بعد الظهر سأدخل لأسلم على عمك وعمتك
توقف عند البوابة وقرا (قصر عبدالله المصري) كلم الحارس : هل السيدة صفية موجودة
وقف حارس القصر : نعم سيدي
قالت بمرح : ابلغها ان الانسة نور هنا
ذهب الحارس من امامهم
نظر لها وقال مازحا : اين هي الانسة نور ؟
احمر وجهها بشده واشاحت بوجهها عنه لتقول بارتباك
__ لم اعتد على القابي الجديدة
اقترب منها ليحتضنها : ستعتادين حبيبتي ، يا زوجتي العزيزة
قبلته لتنزل من السيارة : هل ستنتظر لتراني ادخل ايضا والوح لك
__ نعم
جاء الحارس سريعا : السيدة تنتظرك بالداخل ، تفضلي
لوحت له مودعه واسرعت الي الداخل
تبعها بعينيه الي ان انغلق باب القصر عليها ليتنهد وهو يشعر بعدم اطمئنان
تحرك لينجز عمله سريعا ليعود اليها ويهدئ من قلقه قليلا
عندما اقترب من الميناء رن هاتفه ليجده عمر
ابتسم : مرحبا ، كيف حالك يا نسيبي العزيز ؟
__ بخير الحمد لله ، كيف حالك وحال نور ، هل وصلتم بالسلامة
__ نعم ، وانا اتجهت الي الميناء الان
ردد بتعجب : ميناء ، أي ميناء؟
__ ميناء الاسكندرية
اتسعت عيناه رعبا : الم تسافروا الي الغردقة ؟
__ لا فانا لدي بعض الاعمال بالميناء سانجزها ونذهب فيما بعد الي مارينا
سال والقلق يقفز من صوته : اين نور ياسين ؟
__ نور تركتها عند عمتك ، هي طلبت ان تذهب لتراها
صرخ بحده : نعم ، عود واتي بها ، هل هذه امانتي لك ياسين ؟
تعجب ياسين من ردة فعله : لم افعل شيء عمر ، ان نور من طلبت ان تزو عمتك وانا لم ارى مانع بذلك
شعر بانه تخطى حدوده فياسين لا يعلم عن الامر شيئا
__ المعذرة ياسين ، ولكن استحلفك بالله ، عود واتي بها من هناك ، لا تتركها دقيقة زيادة هناك ، ارجوك ياسين
اندهش ياسين من رجاؤه له ليقول بتعجب ك: حاضر
لف بسيارته ليعود وياتي بها من هناك والاسئلة تقفز براسه عن السر وراء اصرار عمر على ان يعود بها الان
********************
فتحت لها بوابة القصر احد الخادمات لتخطي الي الداخل مبتسمة ، تقدمت الي منتصف الصالة لتدير بعينيها في المكان
لتشعر بقلبها يقبض فجأة عندما وقعت عيناها على صورة كبيرة لشاب بمنتصف الثلاثينات تزين الحائط
انتفضت من نظرة عيناه لتشعر بجسدها كله يجتاحه البرودة
لترتجف بشدة تنبهت الي يد توضع على كتفها لتنتفض مرة اخرى : بسم الله عليك حبيبتي ، ما بك ؟
التفت لتجد عمتها بوجهها ابتسمت بتوتر : اهلا عمتى ، كيف حالك الان ؟
ابتسمت لها بود : بخير ، مبارك زواجك حبيبتي
لم استطع الحضور ارجو ان يكون عمر ابلغك بظروف مرضي
__ نعم وعلمت ايضا من الورود التي ارسلتها هي والجواب لذلك جئت لأطمئن عليك
نظرت اليها مستفهمة وقال بدهشة : ورود
__ نعم استلمت الورود التي أرسلتها الي ، كانت رائعة عمتي ، شكرا لك
تغاضت عمتها عن هذه النقطة لترحب بها ثانية
وتسالها : اين زوجك ؟
__ ذهب الي الميناء ، لينجز بعض الاعمال له هنا
__ حسنا ، ستتناولان الغداء معنا
__ لا اعلم مواعيده عمتي جئت فقط لأطمئن عليك واسال عنك
__ نورتين حبيبتي
وصل الي القصر ليدخل ويركن سيارته بالداخل نزل مسرعا منها ، فعمر نجح وبجداره ان يزيد القلق الذي شعر به عليها
طرق الباب بهدوء : ليفتح اليه بعد وقت قصير مر عليه دهر من الزمن
__ قال بهدوء : اريد مقابلة السيدة صفية
افسحت له الخادمة الطريق : تفضل
دلف الي الداخل ليتنهد براحة فهي تجلس امامه هي وعمتها
ابتسم بهدوء لتنهض السيدة صفية وترحب به بحفاوة
__ اهلا تفضل بني ،نورت وشرفت
ابتسمت له متعجبة من عودته السريعة ليتقدم ويصافح السيدة صفية باحترام وتهذيب و يقترب منها وينحني مقبلا اياها
احمرت لتقول بخجل : عدت سريعا
ابتسم ولا يعلم بماذا يجيبها ن اخذ يدعو على عمر بسره ، فهو لا يعلم لماذا كل هذا الرعب الذي سببه اليه
ليقول بتوتر : لم تصل الشحنة بعد الي الميناء فجئت لأصحبك الي الفندق
نظرت السيدة صفيه له بعتب : فندق والبيت موجود ياسين
لا لن ارضاها
__ المعذرة سيدتي ، ولكننا ذاهبين لمارينا لقضاء بضعة ايام
هناك
__ اذن تقضوا اليوم معنا وتنصرفوا بعد ذلك
ابتسم ياسين بتكلف وهو لا يعلم بماذا يجيبها لينقلب وجه ونظراته الودودة الي كره كبير تصلبت يده التي تحاوط اكتاف نور ليجز على اسنانه غضبا
جالس بشرفة غرفته يتناول افطاره ليسترعي انتباهه وقوف سيارة امام القصر تنبه لها لينخطف قلبه لرؤية من تنزل منها
هتف بحب : نور ، لقد عدت حبيبتي
دخل سريعا الي غرفته ليبدل ملابسه ويحلق ذقنه
ويرش قطرات من عطره القوي الذي طالما اخبرته انها تعشق رائحته
لينزل الي الاسفل بعد وقت ليس بقصير ليجد شاب جميل الطلعة يقبل وجنتاها انتفض من رؤيته
ليسال نفسه : من هذا الشاب ؟ وماذا يقرب لها ؟
ظل يشاهد ما يحدث امامه ليتقدم منهم بهدوء
شعرت بغصة تجتاحها وضيق يجثم على قلبها بقوة فهذه الرائحة قوية وكريهة على نفسها بقدر ما هي قوية
انتبه اليها تتمسك به بقوة ليلتفت اليها : ماذا بك ؟
قالت بارتباك : لا شيء
اعاد نظره الي هذا القدم نحوهم وهو يدعو ان لا يكون هو
ولكن هيهات هو حافظ المصري بشحمه ولحمه
قالت السيدة صفية : اهلا حافظ ، انظر من عندنا انها نور
نظر له بحدة ليساله : ماذا تفعل هنا ؟
قالت بارتباك وتوتر سيطرا عليها : عمي ، كيف حالك ؟
رد ياسين هازئا : جئت اخذ زوجتي
انتفض داخليا من جملته : زوجتك ، اين هي ؟
قالت صفية بتوتر : ما بك حافظ ، نور هنا
اشارت له بيدها لينتبه الي الفتاه التي تشبه حبيبته ولكن بها شيء مختلف ليتذكر انها ابنته ، جاء يقترب منها ليضمها ياسين الي صدره بتملك عجيب نظر اليه غضبا
__ ابتعد عنها
__ نعم ، انها زوجتي
وقفا بوجه بعضهما كلا منهما متحديا للآخر
لتلاحظ نور مدى الشبه بينهما نفس الطول والعرض وتقاسيم الجسد والوجه ايضا ولكن هناك فارق ملحوظ هذا وجه حبيبها الذي يشعرها بالاطمئنان ، وهذا وجه عم لا تعلم عنه شيء وتتعجب من شعور النفور التي يتملكها وهي تنظر اليه
سحبت زوجها من ذراعه لشعورها ببدء صدام بينهما
__ هيا ياسين ، حتى لا نتأخر ، سلام عمتي ، اراك على خير
نظر اليه بتحدي وكره لينظر اليه الاخر بغضب وقسوة
لينصرف ياسين معها ويغلق باب القصر خلفه بعنف
|