كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل الثامن عشر
دخل الى القصر ليرى عائلته الصغيرة مجتمعه بالبهو
__ السلام عليكم ، كيف حالكم يا اهل الدار؟
ردت نهى: نحن بخير والحمد لله، والجلسة تنقصك
تعال اجلس معنا قليلا
تقدم اليهم ليسلم على امه ويجلس بجانبها
ليقول يوسف ضاحكا بخبث : اراك سعيدا هذه الايام ياسين
، و أتساءل عن سر هذه السعادة
لوي ياسين شفتيه هازئا : الا يحق لي بعضا من السعادة يوسف
__ لا طبعا اخي ، بل يحق لك ان تعيش في سعادة دائمة
ليست بعض ايام قليلة
نظر الي اخيه متفحصا لينظر اليه يوسف باسما
حدث ياسين نفسه : اذن هو يعلم بحبي لنور
هز راسه : نعم يوسف ، عندك كل الحق ،
تنحنح : ولذلك قررت ان اتزوج
اتسعت ابتسامة يوسف ، والتفت امه اليه والدهشة الممزوجة بالفرحة تعلو وجهها ، لتنطق نهى بسعادة :مبروك حبيبي ، هل اخترت العروس ، ام سأنتقيها لك انا وامي
ضم كفيه بشده ليسيطر على التوتر بداخله :لا انتقيتها
اريد ان اتزوج نور
اتسعت ابتسامته يوسف اكثر : مبارك اخي ، مبارك
ليتنهد بتمثيل ويردف : اخيرا نطقت
ضحكت نهى لتقوم من مكانها تحتضنه وتقبله على وجنتيه
__ مبروك حبيبي ، اتمنى لك التوفيق والسعادة معها بقية حياتك
ابتسم في وجهيهما وهو يشعر بالفرح من ردة فعلهما
لم يكن متوقع كل هذا الفرح من اجله
ليلتفت الى امه التي لم تصدر منها أي ردة فعل
رأى وجهها جامد من الصدمة وعينها متسعة من الدهشة
تحشرج صوته : ما رايك امي ؟
رد يوسف على الفور وبسرعة: بالطبع موافقة ياسين
ولكنها مأخوذة من قرارك بالزواج ، فلطالما اعتقدنا انك لن تتزوج ابدا اخي ، ولكنه اختيار موفق ، موفق جدا
نظر الي امه ليجد الصمت ردها ايضا على كلام يوسف
هو اكثر الاشخاص يعلم معنى صمتها فهي تبدي عدم موافقتها عن الامر بشكل غير مباشر ، ممتن لآخاه لمحاولة التخفيف عنه ، فرد امهم واضح لهم جميعا
نادتها نهى بهدوء : امي ، ياسين يسالك عن رايك
انفرجت شفتاها اخيرا لتقل باقتضاب : مبروك بني
متى ستذهب لتتقدم لها ؟
رد بهدوء : سأتكلم مع عمر اولا
هزت راسها بهدوء : ربنا يوفقك
حاول ان يلطف الاجواء قليلا
__ صحيح ياسر دعانا جميعا الى حفلة بمناسبة انه رزق بعبد الرحمن يوم الجمعة في المزرعة
ليكمل : نهى اريد اسم صديق عمرو وعنوانه لان ياسر ابدى رغبته في دعوته هو الاخر ، وسيدعو عمر ايضا
انفلتت ضحكة قصيرة من يوسف ، لينظر له ياسين
ويقول بشبه ابتسامه : ما الذي يضحكك الان يا ظريف ؟
ضحك يوسف مرة اخرى ليغمز بعينه اليه
__ ياسر هذا ونعم الصديق
صدت ضحكة ياسين مجلجلة في بهو القصر
لتنظر اليه امه مدهوشة من التغير الذي حدث له الايام القليلة الماضية
رد على يوسف : هو بالفعل ونعم الصديق
اردف بجدية : يوسف لا تتكلم مع نور في موضوع الزواج هذا الى ان ابلغ عمر انا ، فانا اعرفك جيدا
من الممكن جدا ان تذهب اليها وتقول مازحا مرحبا بك يا زوجة اخي ، او كيف حالك يا عروستنا
ضحكت نهى على نبرة ياسين التهكمية وهو يقلد يوسف وطريقته ، لتنفلت من امهم ضحكة قصيرة لينظر اليها يوسف : انتى الاخرى تضحكين امي
ضحكت لتقول مازحة : فعلا ، انت متوقع منك أي شيء
نظر لها ياسين باستفسار ، فهو يريدها ان تصفح له عن مكنونات صدرها وسبب اعتراضها على فكرة زواجه من نور
يعلم جيدا انها مرحبة ترحيب جام بفكرة زواجه لكنها معترضة على اختياره على الرغم من انها معجبة بالفتاة التي اختارها ، هز راسه في يأس غريبه امه في معظم الاوقات لا
يفهمها
فاق من تفكيره على صوت يوسف ونهى وهما يتشجران حول امر ما وامهما تضحك عليهما
نظر اليهما لم يتغيرا اطلاقا اطفال في اجساد كبيرة
__ حسنا سأذهب لأخلد الى النوم فاليوم كان مرهق جدا بالنسبة الي، تصبحون على خير
نهي والام : وانت من اهل الخير
يوسف : ياسين ، انتظر فانا اريد ان ابلغك بشيء مهم
قال وهو يتثاءب: حسنا اتبعني للأعلى
تبع اخاه لتبقى نهى وامها لوحديهما
اقتربت نهى من امها
__ ما بك امي ؟ لم تفرحي بخبر زواج ياسين
ردت بهدوء: فرحت طبعا بقرار الزواج، ولكني مصدومة من اختياره
__ لماذا امي ؟ اليس هذه نور التي تشاجرت مع يوسف لكي يتزوجها وعددت محاسنها وقلتي انكي مرحبة بهذه الزيجة وهذا النسب
__ نعم هي وانا لست معترضة عليها ، ولكني ارى انها ليست مناسبة لياسين
__ امي ياسين يحبها
التفتت اليها في حده وهى تعقد حاجبيها
لتكمل نهى : ابلغني يوسف اليوم ، وطلبه للزواج منها يؤكد حدس يوسف
امي لم نرى ياسين سعيدا هكذا منذ وفاة والدي رحمة الله عليه ، عادت ضحكته لتصدح في القصر ، والسبب هي نور
ابتسمت : من الواضح انها اضاءت حياته
هزت الام راسها موافقه
لتكمل نهى دفاعها وتهدم اخر حصون امها : واخيرا امي ستحقق امنيتك في رؤية اولاد ياسين الغالين
قالت الام بفرح : صدقتي نهى، معك حق ، وطالما هو مرتاح ويريدها زوجة له ، فانا موافقه
__ من الممكن ان تتعرفي عليها اكثر في الحفلة التي سيقيمها ياسر بالمزرعة
هزت الام راسها موافقة : نعم ، معك حق
هيا بنا لننام نحن ايضا
************************
بدل ملابسه ليخرج من دورة المياه ليجد اخاه متربع على فراشه ليندهش منه : ماذا تفعل يوسف
رفع كتفيه : لا افعل شيء ، جالس منتظرك لأتكلم معك
اشار الى الاريكة الموضوعة بالغرفة والكرسين اللذان بجانبها: ولماذا لا تجلس على أي من المقاعد بالغرفة
ابتسم في وجه اخيه بشقاوة : لا شيء قررت ان انام بجانبك الليلة حتى تعتاد النوم بجانب الاخرين
عقد حاجبيه مفكرا ليردد: أي اخرين ، لماذا انام جنب الاخرين
__ الن تتزوج ، ستنام بجانب زوجتك اكيد
نظر الي اخاه بغضب وقال امرا : انهض من الفراش واذهب الي غرفتك
ضحك ليرفع يديه استسلاما : حسنا لن اتى بذكر هذا الموضوع ثانية ، ولكني اريدك بشيء هام
فحالتك كانت لا تسمح اليوم لمعرفة ما جرى في مناقصة المجمع التجاري
ياسين انا غير مرتاح لهذه المناقصة ولا العمل كله
اشعر بشيء مريب بها
هز ياسين راسه موافقا : نعم انا ايضا ، اشعر بهذا الشيء
__اذن اعتذر عنها
__ فكرت بذلك ، ولكن الارباح التي ستجنيها الشركة كبيرة جدا ومغرية فلم استطع رفضها
هز راسه موافقا على كلام اخيه : انت ادرى بهذه الاشياء مني ، كنت انقل لك ما شعرت به
اردف : ياسين ، اريد ان اسالك عن شيء؟
__ تفضل ، ولكن انجز فانا احتاج الي النوم
تلعثم : ما الذى غير معتز هكذا ؟
انقلب وجهه على هذه السيرة الكئيبة
__ لا اعلم يوسف، بعد وفاة حنان تغير معتز كثيرا
وفي كل مرة يقابلني بها عيناه تنطق كرها لا اعرف سببه
__ ولكنك انت ايضا تكره
__ نعم ، كرهته مؤخرا بعدما تأكدت انه يبذل كل ما بوسعة ليأخذ شركة ابي مني ، اتعلم يوسف لقد هددني علنا انه سيستولى على كل شيء املكه ، ليحرق قلبي
عقد حاجبيه : غريب ، ما الذي حدث ؟
__صدقني لا اعلم ، هيا اذهب لتنام واتركني لأنام انا ايضا
ابتسم لأخيه مداعبا : احلاما سعيدة ياسين
اتجه لباب الغرفة ليكمل : ام اقل احلاما سعيدة مملؤة بنور الجميلة
ركض خارجا من الغرفة قبل ان تصيبه احدى الوسادات التي قذفه بها ياسين وهو يقهقه على منظر اخاه الخجول
ابتسم ياسين بسعادة : نعم ، اتمنى ان اراها في احلامي
حدث نفسه : ان شاء الله في القريب العاجل ستاتي لتنير حياتي كلها
القى بجسده بتعب ليخلد الي النوم ويغلق عينيه على رؤية وجهها الجميل ليذهب في النوم سريعا
*************************
نور
قالها بصوته الرخيم يداعب اذنيها لتفتح عينيها وتجد وجهه قريب منها جدا ، ابتسمت برقة ، وضعت يدها على ذقنه بدلال ليقترب من اذنها هامسا : اشتقت اليك حبيبتي
ضحكت بنغمة حلاوتها لم يسمع لها مثيل ، اقترب منها اكثر
ليقوم مفزوعا على جرس المنبه المزعج ، التفت حوله ليجد نفسه في فراشه ، الغرفة يتخللها اشعة الصباح الدافئة
ستائر الشرفة تهزها نسمات الهواء المنعش
نظر الي ساعته ليجدها السادسة صباحا
حرك رقبته وقام من الفراش يتثاءب ابتسم فالحلم لذيذ جدا وداعب مشاعره ليجعله يشعر بسعادة تجرى مع دمه لتنتشر في خلايا جسده كله
خرج من غرفته بعدما ارتدى ملابسه
فكر ان يمر على يوسف لإيقاظه حتى لا يتأخر عن العمل
اقترب من الباب ليطرقه حينما تنامى الي مسامعه صوت اخاه ضاحكا كانه يتكلم مع احد ، ارهف سمعه قليلا
ليتناهى اليه : نعم حبيبتي ، لا استطيع الانتظار ، طبعا سآتي اليك غدا ، هذه فكرة جيده ، سأشتاق اليك انا الاخر
عقد حاجبيه مفكرا من التي يتكلم معها يوسف ويدعوها حبيبته
طرق الباب ليفتحه سريعا، رسم الدهشة على وجهه عند رؤية يوسف واقفا في منتصف الغرفة ومرتدي ملابسه
__ ها ، انت مستيقظ
ارتبك يوسف : صباح الخير ، انزل الهاتف من على اذنه
نظر اليه مطولا : صباح النور ، انت مستيقظ باكرا ، هذا جيد كنت اريد ايقاظك ، اتبعني الي الاسفل
هز يوسف راسه موافقا
رفع التليفون مرة اخرى الي اذنه : حسنا ، سأتكلم معك لاحقا
ادار جسمه لينزل الي الاسفل عندما سمع اخاه يقول جملته الاخيرة ، اندهش عندما تكلم يوسف بصيغة المذكر
التفت اليه في حدة عاقدا حاجبيه ليغلق الاخر الهاتف ويتبعه
سال في هدوء: من الذى تكلمه مبكرا هكذا ؟
__ ها ، ماذا تقول ؟ لم اكن معك
نظر اليه مطولا : ما بك يوسف ؟لم انت شاردا ؟
__ لا شيء افكر قليلا فقط
ازدادت عقدة حاجبيه وهو يفكر في يوسف والابتسامة التي فارقت وجهه اليوم ، وانشغال باله
اشياء تناقض طبيعة اخاه المرحة
نطق يوسف عندما وصلا الى مائدة الطعام
__ ياسين ، اريد ان اخذ اجازة غدا ،صديق لي اتى من الخارج ، واريد ان استقبله في المطار
نظر اليه مطولا يحاول ان يدخل الى اغوار نفسه ويعرف ما الذي يدفعه للكذب
قال باقتضاب : انه رابع يوم لاستلام العمل يوسف ، الا يوجد احدا اخر يستقبله غيرك
زفر يوسف بضيق : ياسين ، من فضلك لن تتوقف الشركة اذا لم احضر غدا
__ حسنا ، لا تغضب
ثم اردف مازحا لعل يخرج اخاه من الشرنقة التي تحاوطه اليوم على غير العادة : ولكن لا تعتاد على ذلك
__ شكرا ، ولن اعتاد لا تقلق
دخلت امهم ورائها احد الخدم حاملا للفطور
__ صباح الخير احبائي
ردا الاثنين : صباح الخير امي
جلست الي المائدة : الن تتغير ياسين ؟ اترك عنك الجريدة حتى تستطيع ان تتناول الفطور جيدا
ابتسم في وجهها : الن تعتادي انت الامر امي
ضحكت في وجهة : متى ستذهب الى المهندس عمر ؟
ترك الجريدة من يده ليلتفت اليها : لم احدد بعد
سألت في اهتمام ملحوظ: لماذا ؟ ما الذي يؤخرك عن التكلم معه ، اسمع ياسين لقد تأخرت كثيرا في قرار الزواج هذا
ولن اسمح لك بالتأخير اكثر من ذلك ، قابل صديقك وحدد معه موعدا حتى نتقدم لهم رسميا ، ولابد ان يكون موعد الزواج قريبا ، فانا اريد ان افرح بك بني
رفع نظره الي يوسف ليراه مبتسما بهدوء ثم لوى احدى شفتيه ثم قال بصوت خافت : لن تستطيع الهروب الان ياسين
سبق السيف العزل اخي ، اتبع جملته الاخيرة بضحكة عالية
على مظهر ياسين المتوتر من اوامر امه
لن يستطيع ان يبلغها انه منتظر موافقة نور على الزواج
قبل ان يفاتح عمر ، فهو متردد ، يشعر انه لو اتبع الخطوات التقليدية سترفض الزواج منه
تنهد في حيرة : حاضر امي ، امهليني بعضا من الوقت
قام من المائدة
سالت الام : الي اين؟
ابتسم : الي العمل طبعا امي
عن اذنكم
__الن تنتظر ان تصبح على نهى
__ ليس لدى وقت ، ابلغيها ان تتناول معنا الغداء اليوم هي
و عمرو ، سياتي اليوم ، اليس كذلك؟
__ نعم
__ ابلغيهما ان ينتظرا الي بعد الغداء امي ، سلام
غادر القصر متوجه الي الشركة وهو يفكر في موقف امه واستعجلها لأمر زواجه ، كان ينتظر الي حفلة ياسر حتى يستطيع الكلام معها والتقرب منها اكثر ليقنعها بالموافقة على الزواج
لأول مرة في حياته يشعر بالخوف من خطوة مقدم عليها
حتى في اخطر المناقصات والصفقات كان لا يشعر بالخوف
كان يشعر بالتوتر والقلق لكن الخوف لا
انه خائف ان يفقدها وتضيع منه الي الابد ، خائف من ضياع حلم حياته ، خائف ان يعض اصابعه ندما وحسره كما قال ياسر
اذن لا بد من الحكمة والتروي في كل خطوة يخطوها
لابد ان يسيطر على اعصابه وغيرته المجنونة كلما اقترب منها احدهم ، لابد ان يصل الي قلبها ، ويجعلها تحبه كما يحبها
وصل الي الشركة التي بها عدد قليل من الموظفين لم يندهش
فالوقت لازال باكرا
دلف الي المصعد واستعجب من عدم وجود العامل لكنه لم يأبه ، ضغط على زر المصعد حتى ينطلق الي مكتبه
ليفاجئ بيد انثويه ترد باب المصعد وتدخل بهدوء اليه
*********************
استيقظت باكرا على صوت المنبه ، وليس على كابوس من كوابيسها التي اعتادت مؤخرا ان تستيقظ عليها
شعرت بالنشاط فمنذ فترة طويله لم تستغرق في النوم هكذا
تذكرت حلم ليلة البارحة لتحمر وجنتيها
نعم حلمت بحلم لذيذ ،محبب الي نفسها ، تشعر بالسعادة تدغدغ حواسها من التفكير به ، كان وجهه واضحا اليها اليوم بابتسامته الدافئة الساحرة
راته كآخر مرة كان بمنزلهم بملابسة الغير رسمية وضحكته الرائعة واقف وسط حديقتها فاتح ذراعيه لها والعجيب في الامر انها رمت نفسها بأحضانه ، ليحتضنها ويهمس في اذنها : اشتقت اليك حبيبتي
لتقوم من نومها على جرس المنبه شعرت بالخجل يسيطر عليها اكثر عند تذكرها للحلم بكل تفاصيله والشيء الذي اخجلها اكثر حبها لهذه التفاصيل
تساءلت هل هو يشعر بالغيرة كما قالت علياء لو شعر بالغيرة عليها معنى ذلك انه يحبها ، لا تنكر انها تتذكره كثيرا
وتفكر به كثيرا ايضا
انتهت من ارتداء ملابسها لتنزل مسرعة الي الاسفل ، لم تجد عمر بالبيت ووجدت انه ترك لها ورقة يبلغها بانه خرج باكرا رغما عنه وانه سياتي في موعد مهندس الديكور
تنهدت وقررت عدم تناول الافطار لأنها لا تحبذ ان تتناول الطعام بمفردها
وصلت الشركة باكرا وهي سعيدة ، تشعر بان اليوم مختلف عن كل ايام حياتها
وجدت المصعد سيغلق، لتسرع خطواتها قليلا لتلحق به
وتضع يدها لتمنع الباب من الانغلاق لتدلف الي الداخل بهدوء
ابتسم بسعادة لرؤيتها ، مرتديه فستان لونه رمادي فاتح ضيق الي حد ما ، يصل الى ركبتيها ، مربوط من عند الخصر بحزام جلد اسود اللون ليحدد خصرها الصغير ويظهر رشاقة جسدها ، فتحة الصدر ضيقة ومغطى من الاكتاف بجاكيت صغير يصل الى تحت الصدر اسود اللون
رفع نظره يتأمل وجهها المستدير الفتان ، ذقنها المميزة بطابع الحسن وفمها الصغير بشفاه ورديه جذابه وانفها الصغيرة المكورة كانف الاطفال
بقصبتها القصيرة خدودها المستديرة المشوبة بحمرة طبيعية
لينظر الي عينيها الواسعتين ذات اللونين الاخضر والعسلي ممتزجين بألفة جميلة تحرسهما صفين من الرموش الطويلة
الواقفة كجبال شامخة ، شعرها البني القصير ملموم الي الخلف بشريط اسود من الامام متناثر منه خصلات على وجهها بشكل فوضوي ، ليجعل جمالها يخطف انفاسه
اندهشت من وجوده في المصعد ، وارتبكت من ابتسامته الدافئة ، وعند النظر اليه تذكرت الحلم لتحمر خجلا وتخفض بصرها على الفور ، شعرت به يدقق النظر بها ، وعيناه تجولان عليها من قدميها الي راسها
عضت شفتها السفلى من التوتر والخجل والارتباك شبكت كفيها ببعض حتى تستعيد بعضا من هدوئها وتسيطر على ارتباكها الذى هو السبب الاساسي فيه
اقترب منها في هدوء وقال بابتسامة دافئة: صباح الخير
نظرت اليه وهى تعض شفتها ثانية لتحاول السيطرة عل ارتباكها : صباح النور سيدي
نظر اليها مؤنبا وقال مرددا : سيدي
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت هامسه : نحن بالشركة وانت المدير
قال بجديه : ولكننا بمفردنا
قالت بهدوء : وليكن ، نحن بالشركة
__ اذا تواجد معنا احد ، حينها ناديني استاذا ، مهندسا
همت بالاعتراض ، ليقاطعها بإشارة حازمة من يده
ليكمل: ولكن عند تواجدنا بمفردنا
مال اليها هامسا : اريد سماع اسمي من شفاهك
احمرت اذناها بشده من جملته الاخيرة وابتعدت عنه قليلا
، لتستطيع السيطرة على كيانها المبعثر من كلماته
ابتسم وهو يسألها بهدوء: لماذا تتحاشين النظر الي؟
رفعت عينيها باضطراب : لا ابدا
رسم ابتسامة على جنب فمه وسألها بخبث : هل وجدتي الاجابة عن سؤالك ، ام لم تفكري به من الاصل
نظرت اليه لتتوصل ما يقصده وقالت كاذبه : لم افكر في الاصل
شعر انها تكذب ، فلقد اخفت عينيها عنه حتى لا يستطيع قراءة ما بهما
لوى شفتيه بخيبة امل قصدها : حقا ، ظننت انني احتل جزء من تفكيرك ، مثلما تحتلي انت كل تفكيري
التفت اليه غير مصدقة ما يقوله ونظرت اليه حتى تتأكد ان ما سمعته حقيقيا : نعم ، المعذرة لم اسمعك جيدا
اقترب منها مجددا لا يفصله عنها شيء : بلى سمعتيني جيدا
نظرت اليه بربكة : لم افهم ماذا تقصد؟
نظر اليه مطولا ليرفع لها حاجبه الايمن : حقا
همت بالرد ولكن فجأة توقف المصعد مما اخافها وجعلها تنتفض ، سالت والخوف يسيطر على صوتها
__ ماذا حدث؟
التفت الى لوحة الازرار : لا اعلم ، من الممكن انه تعطل
او اعتقد ان الكهرباء انقطعت
ظلمة المصعد جعلت خوفها يزداد و انتفاضة جسدها تكثر
لتغرورق عينيها بالدموع وتبدا في الهطول كأمطار غزيرة
التفت اليها مرعوبا من منظرها ليقترب منها محاولا تهدئتها
لمس كف يدها ليجدها باردة كالثلج ، شدها بهدوء لتقترب منه وتشعر ببعض الامان : اهدئي نور ، فانا بجانبك
اتجه الى اللوحة مرة اخرى ليضيء المصباح الاحتياطي
فيضاء المصعد بضوء خافت ، يبعث على الامان ولو قليلا
اقترب منها ثانية : هل انت بخير الان ؟
رفع ذقنها بهدوء : نور انظري الي ، هل انت بخير ؟
نظرت اليه والدموع تملئ عينيها وتنهمر على خديها
رفع أصابعه ليمسح دموعها بهدوء : ارجوك نور توقفي
لا اتحمل رؤيتك وانت تبكين هكذا
انتفضت مرة اخرى ليفقد السيطرة على مشاعره
ويحتضنها بين ذراعيه مطمئنا لها: نور توقفي لم يحدث شيء
انا بجانبك هنا ، لا داعي للخوف ، ارجوك
هدأت قليلا عندما وجدت ان المصعد تخلص من العتمة الذي غرق بها منذ لحظات ، لتنتبه الى الوضع الذي به وهي بين ذراعيه ، ويهمس لها بكلمات مطمئنه يرجوها بها ان تتوقف عن البكاء ، للحظات نست نفسها واستشعرت حلاوة عناقه لها وذراعيه تحاوطنها وتشعرها بالأمان
ليعمل عقلها وينبهها لوضعها فتتسع عينيها من المفاجأة فتدفعه بعيدا عنها بقوة
وترجع الي الوراء بشده لتصطدم بحائط المصعد
نظرات عينيها الجزعة وانفاسها المضطربة ودقات قلبها المجنونة لا تستطيع السيطرة على اعصابها
وضعت يدها على فمها لتوقف شهقاتها المتتابعة
وتنهمر دموعها في ازدياد
دهش من دفعتها له ليفاجئ بنظراتها وجزعها وخوفها منه
الذي وصل له من حركات جسدها وتعبيرات وجهها
سيطر على اعصابه ، ولكن سماعه لشهقاتها و رؤيته لدموعها وهي تزداد افقدته عقله ليزمجر : توقفي ارجوك
وجدها ترتعد من صرخته بها ويزداد الخوف في عيونها
ضم كفيه بقوة ليهدا قليلا وقال برقة : ارجوك نور توقفي
فانا لا احتمل دموعك
نظرت اليه مستفهمة ليكمل : نعم نور ، ما تسمعيه صحيح
لا احتمل رؤيتك و انت تبكين
لام نفسه لأنه لم يستطع التحكم بمشاعره وجعلها خائفة منه لهذا الحد ، حدث نفسه ماذا ستظن بك الان؟
لوى شفتيه و اقترب منها : هل انت خائفة مني ؟
هزت راسها نافية
__ حسنا ، المعذرة لم اقصد ان احتضنك ، كنت اريد ان اطمئنك فقط
لم تتحول نظراتها الي جديد
ليمرر أصابعه في خصلات شعره السوداء بعصبية
__ أرجوك نور ، لا تشعرني باني اذيتك
سيطرت على اعصابها قليلا ، لم تكن تبكي خوفا ولا جزعا منه ، بل كانت تلوم نفسها على استرخائها بين ذراعيه
كانت تؤنب نفسها ، وتتساءل ماذا يظن بها الان ؟
عند ما صرخ بها تأكد لها انه ظن انها سيئة لارتمائها بين ذراعيه لتزيد روحها الما وتأنيبا
ولكن رقة كلامه بعدها وذكره انه لا يحتمل دموعها جعلاها مشتتة الذهن وغير مستوعبة لما يحدث
وعندما زاد الطين بلة باعتذاره عما حدث بينهما
لامت نفسها اكثر فمعنى هذا انه لم يكن يقصد ولا يكن لها أي مشاعر ، وهي اندفعت وراء احساسها متناسية كل شيء عن طبيعتها وتربيتها واخلاقها ومبادئها
عصبية حركته وضيقه منها زادا من الالم التي تشعر به في داخلها
ولكن جملته الاخيرة جعلتها ترد بهدوء متمالكة اعصابها
__ لم يحدث شيء سيدي
نظر اليها غاضبا : ماذا قلت لكي منذ قليل ؟
تلعثمت لتكرر جملتها: لم يحدث شيء ياسين
نطقت اسمه هامسه ليشعر بانه لأول مرة يسمع اسمه جميلا
ويشعر بحروف اسمه كسنفونية تعزفها هي بالتها الموسيقية الخاصة بها
ابتسم بوجهها : هل أنت بخير الان حبيبتي ؟
انفلتت منه الكلمة دون قصد منه
لتتسع عيناها دهشة، ويعض هو شفته غضبا من عدم تحكمه
بنفسه
ليفاجئا بالمصعد يغمره الضوء و يتحرك صاعدا للأعلى
|