كاتب الموضوع :
زاهــــــــــــره
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل السابع
حادثة القطة و الشجرة الشيطانية
اصطحب يوسف مشيرة في سيارته إلى عيادة الطبيب لإزالة الجبس عن قدمها لكنه لم ينزل معها تركها مع سها على باب العيادة:
- سوف أنتظركما في السيارة.
غضبت سها من تصرف اخيها لكن مشيرة تفهمته فلابد أنه لا يريد أن يراه أحد معها فتنتشر الأقاويل و الشائعات.
بعد ان أوصلهما يوسف للمنزل خرج.... توجهت سها للمطبخ:
- اذهبي لترتاحي بينما احضر لك كوب كاكاو.
تأخرت سها في القدوم فحملت مشيرة القصص و نزلت المكتبة لتضعها في مكانها كانت سعيدة بقدرتها على المشي بدون عكازين ، بعد أن وضعت القصص في مكانها خرجت لتتمشى في الحديقة رأت قطيطة صغيرة الحجم لونها أبيض تلعب بين الأزهار اقتربت منها:
- كيف حالك يا صغيرة؟.
ذعرت القطة و قفزت مبتعدة ثم تسلقت شجرة.... شهقت مشيرة لمنظر الشجرة و تسائلت من أي نوع هذه الشجرة الغريبة إنها تحتوي على أشواك كثيرة من المؤكد أن القطة المسكينة سوف تجرح نفسها بالمكوث داخل هذه الشجرة حاولت ان تناديها بمختلف الأصوات لكنها أبت أن تنزل بل اختفت أكثر داخل الشجرة.... تلفتت مشيرة حولها ثم خطرت لها فكرة....رأت السلم الذي تركه البستاني بجانب البيت استغرقت حوالي الربع ساعة و هي تجره إلى الشجرة و تسنده عليها مسحت جبهتها إنه ثقيل الوزن بعد أن التقطت انفاسها بدأت في صعود السلم و هي تقاوم الدوار الذي أصابها كلما ابتعدت عن الأرض.
ركن يوسف سيارته في المرآب و دخل الحديقة على مهل لكن ما أن وقع نظرة على مشيرة حتى ركض بسرعة... ماذا تفعل هذه المخلوقة المجنونة كانت تتسلق سلم لتصل إلى تلك الشجرة اللعينة التي طلب من البستاني أن يقطعها من زمن إنها شجرة شيطانية كمن أمرت بزراعتها و كل هذا لأنها أعجبت بمنظرها نحّى ذكرى سوسن من رأسه بسرعه، وصل لأسفل السلم ناداها:
- آنسة مشيرة إنزلي قبل ان تقعي فتؤذي نفسك.
فاجأها صوت يوسف فالتفتت له بسرعة و زلقت يدها فتمسكت بالسلم بقوة و هي تتنفس بصعوبة:
- لن أستطيع ان أنزل الآن.
شتم من بين أسنانه و قال لها:
- لا الأن و لا فيما بعد تمسكي بمكانك و سأصعد لكِ.
هزت رأسها:
- لا حاجة لك بالصعود.
أكد لها بغضب:
- بل هناك كل الحاجة هذا إن لم أكن أريدك أن تكسري عنقك.
صعد السلم و عندما وصل لها قالت له:
- لن أنزل دون القطة.
رفع حاجبيه بتساؤل:
- أي قطة؟!!
أشارت بيدها لشئ أبيض صغير بين الأغصان:
- إنها قطة فاجأتها و هي تلعب بين الأزهار و عندما اقتربت منها ذعرت و قفزت للشجرة قد تؤذي نفسها.
أخذ يوسف شهيق حبسه في صدره ثم أطلقه ببطء لكي يهئ نفسه فقد ينفجر فيها:
- حسنا تمسكي بالسلم جيداً.
بعد ان فعلت ما أمرها به تجاوزها بخطوة و مد يده ممسكاً بالقطة ثم نزل مرة أخرى إلى مكانه أصدرت القطة صوت اعتراض و خدشته في يده صرخت مشيرة بذعر و قد اختل توازنها....تأرجح السلم فعرف يوسف انه سيسقط بهما فترك القطة و لف ذراعه حول خصر مشيرة قبل أن يهوي السلم بهما، أغمضت مشيرة عينيها في ذعر.... أحست بقوة اصطدام يوسف على الأرض و خاصة أنها وقعت فوقه إزداد ذعرها عندما سمعت صيحة الألم الرهيبة التي صدرت منه، تدحرجت من فوقه ثم جلست تتحسس كتفيه:
- هل... هل انت بخير؟
لم يفتح عينيه فهزته بذعر:
- اســ.... استاذ يوسف أجبني هل انت بخير؟
فتح عينيه:
- لا ترجِّيني بهذه الطريقة يا فتاة إنني بخير كل ما في الأمر أنك وقعت على ذراعي هل أنتِ بخير؟
تنفست الصعداء و هي تراه يجلس:
- نعم أنا بخير لقد كان أنت من تلقى الصدمة أعتذر منك.
قفزت القطة في حضنها فحملتها بين ذراعيها بحنان و أخذت تمسح على رأسها متمتمه:
- أرأيتِ أيتها الشقية ماذا فعلت؟
نظر يوسف لها بدهشة و هي تداعب القطة بينما استكانت تلك الشرسة بين يديها سعيدة بما تتلقاه من حنان، خرجت سها تركض و في أعقابها زوجها و من بعدهم فتحية عندما رأت اخيها يجلس أرضاً هو و مشيرة و بجوارهما السلم صرخت:
- ماذا حدث؟ لقد سمعنا صيحتك المزلزلة.
ضحك يوسف و أخبرهم بما حدث و عندما انتهى أشار إلى مشيرة:
- و هذه نهاية قصتي مع القطة ها أنا أنزف كما أنني أحس أن عظامي كلها طحنت بينما تتلقى تلك الهرة الشرسة كل العناية.
تركت مشيرة القطة من يدها و نظرت له:
- لقد نسيت أنها خدشتك...آآآه ماذا عساي أفعل أنا آسفة لما سببته من عناء.
أخذت فتحية يوسف إلى المطبخ و طهرت الجرح الموجود بذراعه ، نظرت مشيرة إلى يده الأخرى:
- يجب أن يعاين الطبيب يدك الأخرى التي سقطت عليها فلا تنس أننا سقطنا من مكان مرتفع.
رفض:
- لا إنها كدمة بسيطة.
أمر يوسف البستاني بغضب أن يقطع الشجرة ... كانت مشيرة تجلس مع سها و فتحية في المطبخ عندما تناهى لهما صوته و هو يصيح بغضب:
- لا أريد أن أرى تلك الشجرة الشيطانية مرة أخرى.... إقتلع تلك اللعينة من جذورها.
تبادلت سها و فتحية نظرات ذات معنى.... نظرت لهما مشيرة و لم تتكلم مؤكد أن تلك الشجرة البائسة لها قصة ما فيبدو أن حياة يوسف مليئة بالغموض وصولاً لأشجاره.
على العشاء أشارت مشيرة إلى يده بإصرار:
- لقد تحول لونها إلى اللون الأزرق يجب أن ترى الطبيب فقد تكون مكسورة.
استمر على رفضه:
- إنها كدمة بسيطة كما سبق و قلت سوف أضع عليها بعض الثلج.
أصرت مشيرة عليه:
- لكنها لا تبدو كدمة بسيطة.
استمرت في الكلام بإصرار فنظر لها بتمعن كم من الجميل أن يشعر بإهتمامها لكنه عاد و نهر نفسه إنه لا يحتاج لإهتمام من أي أحد خاصة لو أتى من أنثى قاطعها:
- لن أذهب للطبيب و انتهى النقاش... أتمنى أن تهتمي بشؤونك و لا تقلقي بشأني.
خرج كلامه بحدة أكثر مما يجب فصمتت مشيرة و ظلت صامتة لما تبقى من الوقت و انسحبت في منتصف السهرة إلى غرفتها.
بعدما خرجت مشيرة نهرته اخته:
- لماذا صحت بالفتاة بهذه الطريقة.
مسح وجهه بإحباط:
- لم أقصد.... لم أقصد يا سها أتمنى أن تتركيني الآن لأنني متعب.
تركها مع زوجها و توجه لغرفته، وجد مشيرة في منتصف الطريق للمطبخ و هي تحمل صينية عليها كؤوس عندما رأته ارتبكت:
- لقد كانت في غرفتي منذ الأمس....سوف أضعها في المطبخ لأوفر على فتحية صعود السلم فقدميها تؤلمانها.
أدركت انها تثرثر فصمتت، حمل عنها الصينية:
- دعيني أحملها عنك فيدك مازالت مجبرة.
لاحظت تقطيبة الألم التي ظهرت على وجهه عندما حمل الصينية و نظرت ليده فحملتها منه:
- لا سوف اذهب بها أنا.
و هي تمر بجواره أوقفها:
- بالنسبة لكلامي على العشاء أنا....
قاطعته:
- لا عليك لقد تدخلت في ما لا يعنيني.
قال لها:
- لا لقد كنت تنصحيني لمصلحتي و أشكرك على ذلك.
***********************
استيقظ يوسف و هو يحس بيده تنبض بالألم فقرر أن يتبع نصيحة مشيرة و يذهب للطبيب و تمنى أنه لم يذهب عندما خرج من العيادة و يده ملفوفة بطبقة سميكة من الجبس، عندما رأته اخته قالت ما توقعه:
- ألم تقل لك مشيرة أنها قد تكون مكسورة لكنك غليظ الرأس كم أتمنى أن أكسر لك رأسك.
نظر لها نظرة جليدية:
- هل أنت سعيدة لأن وجهة نظر صديقتك كانت صحيحة لكن يجب أن تعرفي أنه في المقابل لن أستطيع أن أنهي روايتي الأخيرة في موعدها.
كانت مشيرة تراقب الموقف بصمت و تتبادل النظرات مع زوج سها المبتسم، إلتمعت عينها سها فجأة:
- بالطبع لن تستطيع أن تؤجر أحداً ليكتب لك الرواية كسكرتير أو سكرتيرة.
عنفها:
- إنك حادة الذكاء كما أعهدك.
قالت بسرعة:
- أنت تريد شخص موثوق به و أنا عندي هذا الشخص... ما رأيك أن تعمل معك مشيرة.
إلتفتت لها مشيرة بذعر و تذكرت أنها أخبرتهما أنها سكرتيرة... ما هذا التي تقوله سها هل جنت؟ من تعمل لدى من؟، نظر يوسف إلى اخته ثم إلى مشيرة و كأنه يسألها رأيها و عندما لم تتكلم قال لاخته:
- ألم تلاحظي أن الآنسة مشيرة تعاني من نفس مشكلتي فيدها مكسورة هي الأخرى.
ظهرت خيبة الأمل على جه سها ، لا شعورياً وجدت مشيرة نفسها توضح ليوسف:
- لكنني استطيع أن أكتب وراءك ما تمليه لي يا أستاذ يوسف.
رفع حاجبيه باستفهام فقالت:
- إن يدي اليمنى مكسورة لكنني أكتب بيدي اليسرى.
فكر يوسف " إن كل ما يخص هذه الفتاة غريب " ضحكت سها فتبدد التوتر الذي كان يملأ الغرفة لم تعرف مشيرة ما حدث فلقد توالت الأحداث سريعاً كل ما فهمته أنها و رسمياً صارت تعمل ليوسف.
في يوم عملها الأول توجهت لغرفة المكتب و طرقت الباب فدعاها يوسف للدخول بعدما أغلقت الباب وراءها أشار لها بأن تجلس فجلست على كرسي مقابل لمكتبه لم يرفع عينيه من على الأوراق التي بين يديه:
- لقد جهزت لكِ طاولة في طرف الغرفة كل ما هو مطلوب منك أن تكتبي ما سأمليه لكِ.
تنحنحت:
- إنه أمر سهل.
نظر لها:
- ليس كما تظنين فسوف أمليك بسرعة و يجب أن تكتبي كل ما تسمعينه دون إغفال أي كلمة هل أنت مستعدة لذلك؟ أم أنني سأكتشف بعد أن ننتهي أن نصف روايتي سقط....
قاطعته:
- لا تقلق إنني سريعة في الكتابة كما أنني أجيد فن الإختزال إعتمد علي.
توجهت إلى طاولتها و هي تشكر الله على تعلمها لتلك المهارات التي تعلمتها برغم بعدها عن مهنتها ، جلست على طاولتها و بدأ العمل ..... لم يتوقف يوسف عن الإملاء إلا بعدما دخلت اخته معلنة:
- حان وقت الغداء.
صمت و كشر:
- أنتِ تعرفين أنني لا أحب أن يقاطعني أحد أثناء عملي يا سها ...ما بك؟
قالت له:
- هذا ممكن عندما تكون وحدك لكن في وجود تلك المسكينة معك يجب أن أقاطعك فقد تنسى أنها بحاجة للطعام لا أريدك أن تقتلها جوعاً.
إلتفت لمشيرة:
- معذرة لقد نسيت هذا الأمر لابد أنكِ جائعة.
هزت مشيرة رأسها:
- لا لا... إنني لست....
صمتت عندما أصدرت معدتها أصوات غريبة فابتسم يوسف و قد تبدد غضبه:
- حسناً لقد أتاني الرد من مكان آخر هيا يا آنستيّ الصغيرتان أمامي لنتناول ما يسكت بطوننا.
مرت الأيام و مشيرة تعمل مع يوسف بكل استغراق و استمتاع.... لقد كانت روايته رائعة كلما بدأت في الكتابة وراءه حتى استغرقت في الأحداث كأنها تعيش مع الشخصيات كما أنها لاحظت أن هذه الرواية تختلف عن باقي رواياته فالبطل له سمات إنسانية على عكس أبطال الروايات السابقة ، مع مرور الوقت أصبحت مشيرة كيوسف لا تمل أبداً من الجلوس في غرفة المكتب لتعمل و خاصة عندما رأت مدى إلحاح الناشر فلقد كان يتصل أكثر من مرة في اليوم.
في أحد المرات كانت مشيرة تجلس مع يوسف يعملان فجأة صمت يوسف فحثته مشيرة على المتابعة:
- هيا أكمل ماذا حدث؟
إلتفت لها:
- ماذا؟
قالت بنفاذ صبر:
- بعد أن إصدمت سيارة "طارق" بالشاحنة ماذا حدث؟
سألها:
- هل تظنين أنني سأنهيها في الوقت المحدد؟
سألته:
- تنهي ماذا؟ الرواية؟ بالطبع لكن أتمنى أن نناقش هذا الموضوع في وقت آخر فلا أريد أن ندع طارق في السيارة حتى تنفجر يجب أن نخرجه منها بسرعة.
ابتسم يوسف... يا إلهى كم من الممتع العمل مع هذه الفتاة:
- حسناً لن أدعه يموت في السيارة فالجماهير سوف تقتلني إن فعلت.
قالت:
- كما أن "منى" في انتظاره ليتزوجا.
رفع رأسه و نظر في عينيها مكرراً قولها بشرود:
- نعم منى في انتظاره ليتزوجا.
|