كاتب الموضوع :
زاهــــــــــــره
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل السادس
المكالمة الصدمة
مع مرور الأيام تحسنت صحة مشيرة و لم تعد تجد صعوبة في التنقل باستخدام العكازين.... كانت سها تمدها باستمرار بمعلومات عنها و عن أخيها و برغم محاولات مشيرة إسكاتها إلاّ أن سها لم تكن تتوقف فيبدو أنها وجدت فيها الاخت التي طالما حلمت بها... كانت مشيرة تجلس في الحديقة عندما أقبلت عليهم فتحية تحمل الهاتف:
- مكالمة لكِ يا صغيرة.
دهشت مشيرة:
- لي انا؟
ناولتها السماعة:
- نعم لكِ.... إنه رجل يقول أنه مسؤول شؤون الموظفين في عملك السابق.
امسكت مشيرة السماعة بيد مرتجفة:
- ألو؟!!
أحست بالذعر عندما سمعت صوت مديرها:
- أهلاً بصحافيتنا النجيبة أرى أنكِ بدأت بالعمل.
وقفت سها و تأبطت ذراع فتحية:
- سوف نتركك تتحدثين على راحتك.
عندما ابتعدتا سألته:
- كيف عرفت أنني هنا؟ و كيف عرفت هذا الرقم؟
قال لها:
- إنكِ تهينني ...و كأنك نسيتِ أننا نعمل في المجال ذاته على كل حال لقد اتصلت لأذكرك بسبب وجودك في بيت كاتبنا العزيز.
سأته بغضب:
- هل جننت لتتصل بي هنا؟ لقد اقتنعت مدبرة منزله بكذبتك التافهة تخيل لو أنه هو من أجاب على الهاتف.
قال بسماجة:
- لا تقلقي إن يوسف ليس موجود بالبيت إنه الآن مجتمع مع ناشره لقد رتبت أموري قبل أن اتصل بك و قمت بأبحاثي... أتمنى أن تهتمي أنتِ الأخرى بأبحاثك.
صرّت على أسنانها:
- طالما أنت بهذه المهارة لماذا تطلب مني أن أقوم بعملك القذر... أنت تعرف أنني لم أوافق على عرضك فلا تتصرف كأنني قلت لك سأنفذ ما طلبت و إعلم أنني....
قاطعها:
- إن لم تكوني موافقة فما عسالكِ تفعلين عندك؟
قالت له:
- كان حادث.... لقد صدمني بسيارته.
قهقه ضاحكاً:
- يالسخرية القدر... إذا كان حادث فاستغليه أنا لست بحاجة لأذكرك بصور اختك الصغيرة سوف أرسل لك حقيبتك التي تركتيها في المكتب على صندوق بريدك بها هاتفك الخليوي و محفظتك.
أغلقت الخط بوجهه بعد ان طلبت منه أن لا يتصل بها مرة أخرى.
اختفى يوسف لمدة يومين و كلما سألت سها عنه بتأفف أجابتها فتحية نفس الجواب:
- إنه يعمل بكل جهده على روايته الأخيرة لأن ناشره يلح عليه بأن ينهيها.
قالت سها:
- وهل قدمت له لاقضي معه الوقت أم ليتركني وحدي ... ألا يمكنه أخذ إجازة و لو لشهر؟
ربتت فتحية على يدها و خاطبتها كأنها تراضي طفل صغير:
- عندما ينتهي من روايته يا عزيزتي سوف يتفرغ لكِ.
كانت مشيرة تتابع الموقف مبتسمة..... عندما كثرت شكوى سها اقترحت عليها مشيرة أن تخرجا فتحمست سها للفكرة قفزت من على مقعدها و قبّلت مشيرة:
- إنكِ رائعة سوف أطلب من السائق ان يحضر السيارة.
بعد جولة استغرقت ساعتين في المحلات اكتشفت مشيرة أن التسوق مع سها أمر ممتع جداً و بعد أن إمتلأت السيارة بالأغراض قررتا أن تعودا للمنزل....طلبت مشيرة من سها أن تمران على مكتب البريد:
- لقد أرسلوا لي متعلقاتي على البريد بعد أن صرفوني من العمل كما انني أريد أن أرى رسائلي فمن المحتمل أن تكون اختي نشوى قد ارسلت لي بطاقات بريدية أو أي خطابات.
عندما وصلتا للمنزل استقبلهما يوسف الذي خاطب اخته مبتسماً:
- هل هذه الشاكية الباكية التي حدثتني عنها فتحية.
ضحكت سها و تقدمت من اخيها و قبلته:
- لقد قضيت وقت ممتع مع مشيرة لقد ابتعنا الكثير من الأشياء.
رفع حاجباه و سخر منها:
- لا توجد إمراة لا تتمتع بالتسوق و تبديد الاموال.
ضحكت سها:
- أخبر مشيرة بهذا الأمر فلقد صرفت مجهود كبير لأقنعها بأن تشتري القليل.
التفت يوسف لتحط عيناه على وجه مشيرة الذي احمر قالت:
- أستأذنكم لانني أريد أن أكتب لاختي خطاب.
لم تنتظر منهم رد و أسرعت الخطى على قدر ما تستطيع قدمها أن تساعدها، بعدما اختفت داخل المنزل سأل يوسف اخته:
- ما حكاية اختها؟
أجابته:
- لها أخت اسمها نشوى عمرها 18 عاماً سافرت لتقضي أجازتها الصيفية مع صديقتها عند أهلهم.
سألها:
- و ماذا بشأن أهل مشيرة؟
نظرت سها لأخيها بدهشة لسؤاله:
- لقد توفي والديها منذ زمن في حادثة سيارة و كما اخبرتني مشيرة هما كانا الاقرباء الوحيدين لهما.
فكر يوسف " إذن فمشيرة هي التي تقوم برعاية أمورها و أمور اختها التي تعد في سن حرجة" بدأ يعرف سبب قلق مشيرة الدائم فهي دوماً مشغولة البال و تذكر ما قالته لنفسها عندما كانت تتساءل عن آخر مرة كانت تحس فيها بالراحة لابد انها كانت عندما كان والدها و والدتها على قيد الحياة، هزت سها أخيها من ذراعه: - هااااي أين ذهبت بأفكارك لقد كنت اقول لك هيا بنا للداخل.
التفت لها:
- نعم؟ ...حسنا... حسنا.
قالت له و هما في طريقهما للمنزل:
- أريد ان استعير منك مجموعتك القصصية.
- لماذا؟
- سأعطيها لمشيرة لتقرأها مؤكد أنها تشعر بالملل عندما لا تجد شئ تفعله.
*****************************
وصلت مشيرة لغرفتها تلهث....وضعت هاتفها و محفظتها في درج الطاولة الموجودة بجوار السرير و جلست على سريرها تفتح الخطابات و جدت رسالة من عوني يكرر فيها نفس الكلام المقيت عن العمل و يطالبها بالإسراع في كتابة التقرير ....مزقت الخطاب و فتحت خطابين من اختها نشوى مليآن بالكلام السعيد بالإضافة إلى صور فوتغرافيه لها و لصديقتها و بطاقة بريدية جميلة ردت على خطاباتها ثم وضعت كل الأوراق داخل الدرج ثم تمددت على السرير ....آه لو عرفت نشوى ما ينتظرها لو فشلت في كتابة التقرير لاختفت كل السعادة التي تظهر في خطاباتها و ذهبت بلا عودة.
بعد ساعة دخلت سها و هي تحمل بين يديها العديد من الكتب و المجلات ضحكت مشيرة:
- ما كل هذه الكتب؟
وضعت سها حملها على السرير و أخذت ترتبهم:
- هذه قصص أخي و هذه بعض المجلات التي قد ترغبين في تصفحها.
ربتت مشيرة على يدها:
- أشكرك يا سها إنك تشغلين نفسك بأموري بصورة أكثر من اللازم لابد ان زوجك بدأ يمل من وجودي. ابتسمت سها:
- لا أبداً.... لا تقولي مثل هذا الكلام مرة أخرى إن وجودك مصدر فرح لنا جميعاً يكفي أنك سبب توقف أخي عن العمل المستمر.... لقد صار يشاركنا في الكثير من جلساتنا.
لم تفهم مشيرة ما تعنيه سها فما علاقتها بتوقف يوسف عن العمل أمسكت لسانها قبل ان تسألها و كعادته سها كانت ستتبرع في توضيح مقصدها لكن قطع كلامها دخول فتحية:
- هيا يا فتيات إلى الغداء كما أن الطبيب حضر ليفحص ذراعك و قدمك.
بعد أن انتهى الطبيب من فحصه أخبرهم ان بإمكان مشيرة أن تنزع الجبيرة من على قدمها و تستبدلها برباط أخف بشرط ان تخفف الضغط عليها لمدة أسبوع لكنه أخبرهم أن يدها لم تتعافى بعد، قررت سها أن تحتفل بهذه المناسبة فضحك الكل عليها.... على العشاء أفسدت مشيرة الاحتفال بأن أعربت عن ضرورة رحيلها بعد أن تعافت قدمها و لدهشتها كان يوسف من رفض قبل حتى أن تفتح سها فمها:
- سوف تبقين هنا يا آنسة مشيرة حتى تخرجي على قدميك كما كنت قبل أن أصدمك بسيارتي و بيد سليمة تماماً.
لم تناقشه مشيرة و لم تذكر مرة أخرى أمر الرحيل و خاصة أن عوني أصبح يتصل بها في اليوم مرتين حتى انفجرت فيه:
- حسناً...حسناً سأقوم بما تقول لكن أقسم بالله لو اتصلت مرة اخرى فلسوف ارحل و اذهب للجحيم أنت و ما معك من الصور.
صمت عوني بدهشة أمام انفجارها ثم أغلق الخط.
كانت أيام مشيرة رتيبة لكنها كانت تجد المتعة في قراءة قصص يوسف... إنه حقاً مبدع لكنها لاحظت أن هناك سمة مشتركة بين قصصه فالبطل قاسي لا يهاب الموت ليس لديه شئ يخسره.... ليس لديه أحد حتى أنها استغربت أنه لم يكن و لا في أي قصه من قصصه وجود لبطلة يحبها البطل أو حتى يكون معجب بها....دوما البطل وحيد يقاتل و يكافح و أحياناً يُجرح و ينزف حتى الموت لكنه ما يلبث أن يتجاوز الأزمات و كل هذا وحيداً.... كانت قصصه رائعة لكنها تفتقد للمسة الأنثى التي لو اضيفت لأصبحت القصص لا مثيل لها.
لأن مشيرة لا تجرؤ على مناقشة أمور قصص يوسف معه ناقشت سها التي أعجبت بكلامها كل الإعجاب:
- معك حق يا مشيرة لقد كان هذا رأيي أيضاً لكن يوسف يرفض ان يناقشه أحد في عمله و كلما حدثته عن هذا الأمر صدني بشكل قوي.
صمتت قليلاً مفكرة ثم قالت:
- يمكنك أنت أن تقولي له رايك... إنني لم أتمكن أن أصوغ له الأمر بطريقتك الرائعة أبداً قد يقتنع إذا أخبرته ما قلته لي.
هزت مشيرة رأسها بقوة:
- أنا؟ محاااال.
كما توقعت مشيرة أتت سها على ذكر هذا الأمر على الغداء في أحد الأيام فكان من نصيبها نظرة نارية لأول مرة تراها مشيرة من يوسف و خاصة أنها كانت موجهة لاخته ثم التفت لها:
- لم أكن أعرف أنكِ قرأت قصصي ظننتكِ احتفظتي بها في غرفتك لكي لا تجرحي اختي.
استفزتها طريقته بالكلام فردت عليه:
- و لماذا فكرت هذا التفكير لابد انك تعرف أن قصصك مشوقة.
ظهرت الدهشة للحظة في عينيه ثم اختفت:
- لكنها ليست من القصص التي تناسب الفتيات.
زاد غضبها منه فسألته بحدة:
- و برأيك ما نوع القصص التي تناسبنا؟ قصص وردية اللون بقلوب على الغلاف؟
فاجأته حدة ردها فهي المرة الأولى التي يراها فيها غاضبة:
- لا لم أقل هذا لكن من خبرتي عرفت أن قصصي لا تلاقي رواجاً لدى النساء.
هدأ غضبها:
- هذا يعتمد على عقلية من تقرأ القصة لكن لي اعتراض وحيد على قصصك إن سمحت لي بأن أقوله.
أومأ برأسه:
- تفضلي.
أخبرته برأيها في إيجاز و كانت ردة الفعل الوحيدة التي أبداها هي هزة بسيطة من رأسه و مر الموضوع بلا تعقيب.
|