كاتب الموضوع :
زاهــــــــــــره
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل الثالث
مصدر الإلهاء
دخلت سها المكتبة و عندما رآها يوسف انكب على الورق الموجودة على المكتب فسحبته من أمامه وجلست على حافة المكتب:
- لا تدّعي أنك تعمل فأنا أعرف أنك لن تستطيع كتابة حرف واحد وأنت في هذه الظرف.
نظر لها بغضب:
- ظرف؟ عن أي ظرف تتكلمين؟
قالت تقلده:
- عن أي ظرف تتكلمين؟.....
ثم انفجرت ضاحكة، همّ بتوبيخها إلا أنها رفعت يدها توقفه قائلة و هي تحاول أن تبدو جدية:
- حسناً...حسناً أنا اعلم أنك غاضب من وجود مشيرة هنا.
رفع حاجبيه بتساؤل:
- مشيرة؟!!
قالت و هي تشير للباب:
- إنها.....
قاطعها:
- اهاااا...إذن اسمها مشيرة؟
صمت فابتسمت سها و قالت مشاكسة:
- نعم مشيرة أليس اسمها جميلاً...كأنها خرجت تواً من إحدى القصص......
نظرت له و اتسعت ابتسامتها:
- ما رأيك بها أوليست جميلة بشعرها الأسود الطويل و عينيها العسليتين وسط وجهها الصغير ألم تلاحظ عينيها؟ إنهما واضحتان جداً لأن لون شعرها شديد السواد يبدو متناقضاً بشكل جميل مع.....
صاح يوسف بها مقاطعاً:
- سهـــا
صمتت ثم وضعت يدها على فمها كأنها تقول"أغلقت فمي"، فقال لها:
- لم أعهدك مشاكسة يا سها ما الذي جرى لكِ؟
قالت باعتراض طفولي:
- لم يجري لي شئ كما أنني لم أكن أشاكس قد كنت أسألك رأيك فقط
وختمت كلامها بإحدى ابتساماتها الطفولية المشرقة فرقت ملامح يوسف و قال:
- رغم كلامك أعلم إنك تعاندينني بسؤالك هذا فأنا لا أريد علاقة من قريب أو من بعيد مع تلك المخلوقة و أظن أنك تعلمين هذا فلا تسأليني رأيي بها.
سألته:
- لماذا هي بالذات انظر لها إنها مسالمة إنها ليست مثل "سوسن" _زوجته المتوفيه_، قال:
- لا هي و لا غيرها و ما قصدتها تحديداً يا فتاة و ..لا... إنها لا تبدو مثل سوسن لكن الحقيقة غير ذلك فكلهن مثلها حتى و إن بدين في البداية مختلفات.
نظرت له و تصنعت الغضب:
- إذن فكل جنس النساء وضيعات و لا يستحقون منك أي فرصه...
اتسعت تكشيرتها و أكملت:
- و لا إستثناء.
لانت ملامحه و كأنما بفعل ساحر و نظر لها بحنو:
- إلاّ أنت يا عزيزتي فأنتِ مختلفه.
ابتسمت:
- أعلم أنك تستثنيني يا أخي الغالي....
أكملت بإلحاح:
- و أتمنى أن تعطي مشيرة فرصة و تشملها بهذا الاستثناء صدقني لن تندم.
رفع حاجبيه بتعجب:
- ما سر هذا الإصرار يا فتاة و ما كل هذه الثقه بفتاة لم تكوني تعرفينها منذ أسبوع.
قالت بحنان:
- إنها الغريزة... غريزتي تخبرني.... كما أنك لو عرفتها لوجدتها مخلوقة جميلة و لا أقصد الشكل فقط بل لها أيضاً طباعها جميلة.
أنهى يوسف الحوار بأن سألها عن زوجها فتنهدت:
إنك عنيد...حسنأً سأتقبل منك تغييرك للموضوع....محمد بخير و سوف يأتي متأخراً لأن سيارته تعطلت.
قال لها قبل أن تعود لموضوع مشيرة:
- حسنا اذهبي و اتصلي به و اتركيني لأعمل فمنذ ثلاثة أيام و أنا لم أكتب كلمة.
ابتسمت:
- تُرى أين هربت منك الكلمات؟
نهرها بلطف:
- توقفي عن ازعاجي أيتها الشقية واذهبي لتكلمي زوجك أو إذهبي إلى صديقتك بدلاً من تركها وحيدة بالأعلى و ملاحقتي بكل طرق الإلهاء.
قالت:
- أعتقد أن صديقتي هي مصدر الإلهاء....
كان يعرف قصد اخته لكنه ادعى الجهل:
- مصدر الإلهاء؟ يا ترى لمن؟ لكِ؟
قبل أن تفتح فمها دفعها دفعاً لتنزل مع على المكتب فنزلت و قبلته كالعادة قبلتها الطفولية ذات الصوت المرتفع و خرجت بعد أن أغلقت الباب وراءها وصل إلى مسامعه صوت ضحكتها المشاكسة فضحك" كل ما فيها طفولي بشكل جميل" تنهد بارتياح ثم سحب الأوراق التي ابعدتها عندما دخلت و حاول أن يلملم الكلمات داخل رأسه لكن بلا جدوى فلم يخط كلمه واحدة و عاد بتفكيره لتلك الفتاة التي رمتها الأقدار أمام سيارته.
***********************
كما توقع يوسف لم يستطع طوال اليوم أن يكتب كلمة واحدة حتى فرمى القلم و خرج من المكتب يبحث عن سها التي وجدها جالسة مع زوجها تحكي له بكل حماسة عن أمر ما و وجهها يشع سعادة...بمجرد أن رأته توقفت عن الكلام فالتفت زوجها إلى الباب و ابتسم:
- كل هذا الوقت و انت تعمل!! لابد أنك كتبت الكثير
نظر يوسف لاخته التي كانت تتفحص السجادة و كأنها أول مرة تراها، فضحك محمد و قال يوسف:
- إذن فزوجتك الثرثارة أطلعتك على المستجدات.
ابتسم محمد بمحبه لزوجته:
- إنها لا تكثر من الكلام إلا إذا كانت متحمسة لأمر ما
نظرت سها له شذراً فقال بسرعة مصححاً كلامه:
- لكنها طبعاً لا تقول إلا ما هو مفيد.
ضحك يوسف بينما وقفت سها:
- سوف أذهب لأتفقد مشيرة لقد تركتها طوال اليوم.
***********************
جلست مشيرة تتأمل يدها و قدمها المصابتان و تنهدت بإحباط... يبدو أنني سأعلق هنا لوقت طويل لكنها عادت و فكرت....ربما يكون هذا في مصلحتي فقد أستطيع أن استخلص من هذا الرجل أي معلومة قد ترضي مديري....لكنها تعلم أن المعلومات العادية لن ترضيه و أن نوع المعلومات التي يريدها لن تستطيع الوصول لها و حتى لو استطاعت فلن يرضي ضميرها أن تفشيها فهي لا ترضي أن يقوم أحد باقتحام حياتها الخاصة و افشاء أسرارها للعلن لكنها تعلم انه بالرغم من ان عوني لن يستفيد بشئ لو نشر الصور التي عنده فاختها ليست شخصيه معروفة او بارزة لكنه سيفعل ذلك لمجرد الأيذاء....حاولت ان تستجمع نفسها لتحاول حياكة قصة لا تتناقض مع ما قالته سابقاً...زفرت بغضب إنها لم تعتد الخداع طوال حياتها و ترى اضطرارها إلى البدء به الآن أمر سقيم.
نظرت للهاتف الموجود بجوار السرير....يجب أن تتصل بنشوى لتخبرها إنها مسافرة لأن اختها لو اتصلت بالبيت و لم تجدها ستذعر و ستبحث عنها حتى لو تطلب الأمر أن تعود و تقطع إجازتها و هذا ما سيدمر كل ما تفعله.
اتصلت مشيره بأختها و اخبرتها أنها سافرت في مهمه للجريده:
- لقد أحببت أن اخبرك لكي لا تقلقي لو اتصلتي بي و لم تجديني في المنزل...عندما اعود من مهمتي سوف اتصل بك لتعودي... أخبريني كيف هي أجازتك؟ هل أهل رباب متواجدين معكم دائما؟... بعد أن أعطتها نشوى إجابات أراحتها قالت لها:
- لا ترتكبي أي حماقه و إنتبهي لنفسك.
طبعا كانت نشوى في قمة سعادتها فهي لم تكن تريد أن تعود للاسكندريه إلا في نهاية الإجازه ، بعد أن اغلقت مشيرة السماعه دخلت سها عليها.....تنفست مشيرة الصعداء لأن سها لم تنتبه إلى انها كانت تتكلم في الهاتف، جلست سها على طرف السرير و قالت بابتسامتها المعهوده:
- ها؟ كيف حالك الآن يا عزيزتي؟ أعتذر لك
سألتها مشيرة:
- و لما الاعتذار؟
قالت سها:
- لأنني تركتك طوال اليوم ....لكن زوجي حضر و جلست لأخبره عن فعلة أخي الشنعاء و أخبرته كيف كانت سبب في أن اتعرف عليك.
ابتسمت مشيرة:
- لا عليك يا عزيزتي....
صمتت قليلاً ثم قالت:
- أعتقد أن الاستاذ يوسف يتحرق شوقاً ليخرجني من هنا على عكسك طبعا فأنا أراكي....
قاطعتها سها كعادتها و اندفعت تقول:
- طبعا أحببتك...
انخفض صوتها و مالت ناحية مشيره كمن يقر بسر رهيب:
- بيني و بينك أعتقد أنني مدينه لك بتفسير لسبب معاملة أخي لك بهذه الطريقه.
رفعت مشيره يدها:
- لا يا سها أنتِ لستِ مدينة لي بأي شئ ثم من حق كل إنسان أن يحتفظ بحياته بعيداً عن تطفل أي إنسان. اعترضت سها:
- لكنك لستِ متطفله...انظري لنفسك حتى أنك ترفضين ان تعرفي عنه أي شئ مئات غيرك كان سيسيل لعابهن ليعرفن أي معلومه عنه و لو صغيرة.
رفعت سها قدميها على السرير و اتخذت وضعيه مريحه، بدى لمشيرة أنها ستخبرها بما في جعبتها سواء وافقت أم لم توافق، قالت سها:
- سوف أخبرك بما لم أخبر به احد من قبل....
فكرت مشيره وقد جبن قلبها " لا أريد أن أعرف شئ عن هذا الرجل" قالت جاء دوري لاقاطعها:
- لا يا سها.... أنت بالكاد تعرفينني و لا يحق لي أن أعرف أي شئ عن أخيك.
قالت سها باصرار طفولي:
- لا لقد أحببتك و أحس أنك أهل للثقه بالإضافه إلا أنني أصر على أن تعرفي لما كان يوسف يتعامل معك كالجلف الخالي من الأخلاق.
ابتسمت مشيره للتعبير الذي استخدمته سها....أحست بمدى طيبه سها فهي تثق بالناس بكل سهولة فضلاً عن حبها العميق لأخيها فها هي تبرر له تصرفاته....لكن بناءا على ما رأته منه لابد ان لما فعله سبب غامض....أحست بالضيق فها هي سها قد أثارت فيها فضولها المهني....كررت سها سؤالها فالتفتت لها مشيرة:
- نعم؟
قالت سها:
- لقد كنت أكلمك و انت لم تكوني منتبهه ترى هل مازلت تفكرين في عملك؟
قالت مشيرة:
- لا...لا إن فصلي من عملي هو أفضل ما حدث لي حتى الآن.
قالت سها:
- جيد فلقد كنت سأتحدث مع يوسف ليجد لك وظيفة.
و قبل أن تعترض مشيرة عادت سها لموضوعهما السابق و هو يوسف:
- إن وراء حدة طبع يوسف الكثير و هذا الكثير ما لم و لن يسمح أخي بأن يعرفه أحد و أنا برأيي أرى أنه صواب و خطا في نفس الوقت صواب لأن اخفاؤه سيوفر على اخي الكثير من المعاناه و خطأ لأنه يدفع الناس إلى أن تعتقد أنه انسان صعب المراس....عنيد... لا يملك أي مشاعر لكنه ليس كذلك ....أتعلمين إن ردة فعله تجاهك لم تكن موجهه لشخصك بل لكن النساء جميعاً وذلك .....
أكملت سها شرحها و بهت لون مشيرة لما سمعت فلقد أخبرتها سها ان زوجته كانت من النوع الفائق الجمال لكنها كانت ايضا فائقة الأنانية حولت حياته إلى جحيم و في النهاية انتحرت و هذا ما أثر به تأثيراً عميقاً، اكملت سها:
- أنا اعرف انه في قرارة نفسه يعلم انه لم يكن السبب فسوسن كانت مخلوقه بشعه و هي من دمرت نفسها بنفسها و لكن ذلك لا يخفف عن أخي فما ان يحرر نفسه من عقدة الذنب حتى يسقط صريعا تحت الاعتقاد الذي ترسخ بداخله ان كل النساء على شاكلة زوجته.
سمعا طرقاً على الباب فقفزت سها من على السرير و اتجهت نحو الباب بعد أن قالت لمشيرة هامسةً:
- كل ماأخبرتك بك سر بيننا هل اتفقنا؟
غمزت لمشيرة ثم ركضت و فتحت الباب، سد يوسف الباب بجسده الطويل سأل:
- هل لي أن ادخل؟
اعتدلت مشيرة في جلستها و قالت بصوت خرج خافت:
- تفضل.
جلس على اقرب كرسي بجوار الباب و سألها:
- كيف حالك الآن يا آنسة؟
تنحنحت:
- بخير بإمكانك أن تطلب لي سيارة أجرة....
قاطعها:
- لا يمكن....سوف تبقين حتى تشفى ساقك و يدك.
قالت:
- لا يهم بإمكاني العناية بنفسي و يكفي ما عانيتماه من أجلي حتى الآن.
قالت سها:
- لا يا عزيزتي لم نعان شئ ألم تكن غلطة يوسف فهو من صدمك بسيارته.
قالت:
- لكنني....
قاطعها يوسف بنفاذ صبر:
- أخبريني يا آنسة حتى لو طلبت لك سيارة أجرة إلى أين ستقلك؟
أمسكت لسانها قبل أن تقول إلى منزلي بعد أن تذكرت أنها أخبرته قصة مشوهة بخلاف الحقيقة، عندما طال صمتها قال:
- أرأيتِ....لذا لا فائدة من المعاندة و أفضل شئ تفعلينه هو أن ترتاحي حتى تستردي عافيتك بسرعة.
احست مشيرة بالضيق فرغم لطف كلماته إلا أنه كان يقولها بأسلوب قاسي فلم تتمالك نفسها و قالت بحدة:
- أنا أعلم يا سيد أنك لا تريدني في بيتك و أنا لا أحب أن أكون موجوده في مكان و انا لست موضع ترحيب فيه.
رأته و هو يقبض على ذراعي الكرسي حتى ابيضت أنامله لكنه استعاد السيطرة على نفسه و قال:
- أنا لم أقل لك أنك لست موضع ترحيب و لمعلوماتك عندما لا أرغب في وجود احد في منزلي أرميه خارجاً دون لحظة تفكير....هل أصبحت الأمور كلها واضحة؟
كانت تبحث عن رد لاذع عندما قالت سها مازحة و هي تضحك:
- يإلهى إنكما تذكرانني بأفلام العنف....لا ينقصنا إلا مدفعين و بعض الذخيرة....هلاّ توقفتما عن الشجار؟ التفتت ليوسف:
- هيا إلى الخارج
ثم قالت لمشيرة:
- وأنتِ سوف تبدلين ملابسك لتنزلي لتتعشي معنا.
و قبل ان يعترض أحدهما قالت:
- سوف أساعدها على النزول و إلا سوف يضيق صدرها من الجلوس وحدها.
نقل يوسف نظره من أحدهما للأخرى و خرج صافقاً الباب خلفه بقوة فضحكت سها و انتقلت عدوى ضحكها لمشيرة فانفجرت بالضحك هي الأخرى.
حاولت مشيرة أن تقنع سها أنها لا تريد أن تنزل لتأكل معهم في غرفة الطعام لكن سها رفضت و قالت لها:
- لا أريد أن أتركك وحدك سوف تشعرين بالملل و لا شئ هنا لتفعلينه و حتى نفعل شئ حيال ذلك سوف تشاركيننا كل وجبات الطعام و ساقضي معك أغلب أوقاتك كما أنني أريدك أن تتعرفي على زوجي.
أحمرت سها و هي تنهي كلامها فابتسمت مشيرة فيبدو أن هذه الصغيرة تحب زوجها بشدة فمازحتها:
- ياإلهي ما هذه الحمرة الجميلة التي اكتست وجهك الصغير؟ أتراه التفكير فـــ....
وصمتت ، تقبلت سها كلامها بسعادة و ضحكت:
- يالدقة ملاحضتك....إنني لا أعرف لهذا سبباً لكنني كلما تحدثت عن محمد يحدث لي هذا و يوسف لم يسبق أن لاحظ الأمر
أشارت مشيرة بيدها علامة التجاهل:
- لا تلقي بالاً.... كل الرجال لا ينتبهون لهذه الأمور.
ابتسمت سها:
- لكن محمد ينتبه و يمازحني دوما قائلاً "هل أضغط على زر الضوء الأحمر"
ضحكت مشيرة:
- طبيعي ان يلاحظ زوجك كل ما يتعلق بك خاصة لو كان يحبك
غمزتها سها وقالت:
- يوما ما سيأتي سعيد الحظ الذي يلاحظ كل ما يتعلق بك.
فهمت مشيرة ما تقصده سها لكنها تصنعت الجهل فقالت سها:
- امسحي نظرة الغباء عن وجهك يا فتاة لقد قصدت أنك يوما ما ستجدين شخص يقع في حبك و بجنون.
جاء دور مشيرة لتحمر خجلاً و بشدة.
|