كاتب الموضوع :
وجع الكلمات
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
*((القيد 12))*
دخل مثل الطوفان لغرفة
التي تسلحت بالصمت
ما إن تصيدت عيناه إياها
أخذ يلتهم المسافة بخطواته الواسعة
وهي واقفة فوق رأس صغيرتها المتلذذة بطعم النوم..و تحدق به بعدم اكتراث
فجر الكلمات من حنجرته بدون تفكير.. وقد شوهت وجهه الباسم تقطيبة :
- ليش تطلعين بدون ما تسمعين ردي ؟!! أنتِ تظنين بأن ها الموضوع لعبة؟ .. أنتِ ومريم أمانة في رقبتي.
بكل برود أعصاب ردت عليه.. والجليد يجمد قسماتها:
- اولا قصر صوتك.. مريم نايمة .. ثانيا ....أحسب ان هالموضوع لعبة .. أنت إلي قاعد تلعب فينا أنا وبنتي .. وتضحك علينا بعد ..
هنا بتر جملتها بصوت علت نبرته :-
- أنا ..
ثم ما لبث أن تدارك الأمر .. فقصر من درجة صوته:
- أنا أضحك عليكم ؟!! أنا ما أخفيت موضوع مرضي إلا لأني أريد أساعدكم .. وما أريد أعور راسك بمرضي..
هذه المرة هي التي تصدت بقطع جملته وقد تكسر الجليد بشبك حاجبيها للأسفل:
- لا تحاول تبرر ... إذا هذي القصة بدأت بكذب .. فالله أعلم وين بتوصل .. أنا الصراحة ما آمن بنتي ونفسي مع شخص خدعنا ..
حدق بها بذهول يصفع وجهه.. ومن ثم ترجمته كلماته.. وهو يصوب سهم سبابته على صدره:-
- أنا خدعتك.. شمسة أرجوك لا تتهميني بشيء أنا ما سويته .. أنا كانت نيتي طيبة .. وأعتقد بأنه علين الحين ما طلعت منيي الشينة صوبك..
لتكشر اللبوة عن أنيابها الحادة وهي تزأر قائلة:
- وش قلت ؟!! ما طلعت منك الشينة ؟ أنت بإخفائك موضوع مرضك .. ورفضك للعلاج .. كأنك تقول إنه كل من صابه السرطان محكوم عليه بالموت .. كأنك تقول أن .. أن ( فتقافزت تلك الدموع المتراكمة في نفسها المثخنة بالألم من عيناها المنفرجتان ) مريم بتموت .. ( لترضخ لسكاكين الصمت لثواني .. وسيول الدمع تنساب برشاقة على وجنتيها المتوهجتان بحمرة الغضب .. ومن ثم تعود لتغدق عليه بحروفها الحادة كحد السيف ) لو سمحت أنا ما أريد إنسان مثلك في حياتي .. متشائم يريد يقتل ها الأمل الصغير إلي في قلبي ( وأسكنت يدها اليسرى على قلبها الثائر بالنبضات )
أحس بنفظة تسري في سائر جسده وهي يلتهمها بعينيه المشتتان ..ويقول بدون وجهة معينة يقصدها :
- أنت ليش مو راضية تفهمين مريم غير وأنا غير ..
لترجع من جديد تقاطعه بجدران كلماتها الناهرة.. وقد تناست تغليف كلماته بطبقة دانية:
- وش الاختلاف .. فهمني .. مو أهي من لحم ودم .. وأنت من لحم ودم .... قول لي وش إلي يخليك غير عنها ..فهمني ؟!!
لهذا أفسد نومها العميق صوت أمها الصارخ .. فعادت لعالم الصحوة .. فتفتح عيناها ببطء.. قبل أن تقول وهي تتثائب:
- أمي .. أنتِ هني ؟
فتهرع شمسة بربت على رأس صغيرتها .. وهي تقول بصوت يقطر حنانا:
- نعم حبيبتي أنا هني... .
وتكلل رأس مريم بقبلة حانية
قبل أن تصوب رماح عيناها صوبه .. وهي تزجره آمرة:
- لو سمحت انتهى الكلام بينا ... فاطلع .. وبأقرب وقت أرسل لي ورقة طلاقي.
فتك أسنانه باحتكاكهما ببعضهما
وبعد ذلك قال:
- وش صار؟ ليش تعامليني بهذه الطريقة؟! .. هل لأني بسس ما قلت لك عن مرضي.. أم بسبب إلي صار البارحة؟! أسمعي يا بنت الحلال إلي صار البارحة غلطة وأنا ندمان عليها .. وما بتتكرر أبدا ..أوعدك..
طمست أصابعها المشدودة في طرف السرير .. وهي تحاول أن تتمالك حبل الندامة الذي يطوق عنقها فيخنقها..
لتقول بعد ذلك بصوت حرصت بأن يكون طبيعيا حتى لا تخيف صغيرتها التي لازالت محاصرة بين النوم والصحوة.. بسبب الأدوية التي تخدر جسدها الضئيل:
- حميد .. أنا أعرف زين بأنها غلطة .. غلطة بأظل طول عمري أندم عليها .. وبعدين ها الشيء مو هو إلي خلاني أعصب عليك .. تصرفك المتشائم هو إلي خلاني أكلمك بهذي الطريقة .. وبعد لأنك ما قلت لي عن مرضك .. وإلي عندي قلته لك قبل.. وما عندي غيرة .. فأرجوك أطلع قبل لا أتصرف معك تصرف ثاني لا يليق بي .. ولا بك.
تمددت عيناه بقبضة الذهول
لما نحر مسمعه
ولم يلبث هذا الذهول بأن تحول للغضب جارف يهيج في صدره
لا يعلم كيف كضمه
وخرج من الغرفة بصمت يناقض الضوضاء الفاتكة بداخلة ..
___
قدمت له الفنجان الذي فاحت منه ريحة الهيل التي ترفع الرأس ..وهي تتلوى كأنها على جمر متقد تجلس .. فهناك موال في رأسها تريد بأن تشارك زوجها به.. لكن تخشى من ردت فعله ..
تناول الفنجان من يدها.. واسترخى في جلسته .. وشرع قدميه أمامه على الأرض ..
حين حزمت قرارها
وألقت قنبلتها بتروي:
- ياربي أنا حاسة بنتي شمسه شي فيها, مستحيل تنسى ظناها وبجرها فطوم,
مهما قالت مستحيل تنسى بنتها وتتبرا منها, يا بومحمد الله يخليك شوف حل لهذي البنت ما يصير نتبرا منها هذي ياهل وبتعرف غلتطتها.
نظر إليها بطرف عينه وهو يملؤ جوفه بقهوة العصر .. وقال بهدوء أعصاب:
- ومن قال بتنساها, أنا يدها وحلفت وما بتدخل بيتي زود خلاص, اللي يريد يزورها يروح لها. أما أنا مالي خص فيها بعد اللي صار, ولا أريد حتى أسمع اسمها حتى, مفهوم.
وضربها بسياط عيناه الآمرة..
لتزدرد ريقها .. وهي تدرك مغزى نظرته الزاجرة..وتقول:
- الله يهديها, بروح أقوم العيال يدرون عندهم امتحانات وشمسة مسكينة تتصل علي توصيني عليهم, هذي الامتحانات النهائية, ولازم يهتمون ويدرسون زين, الله يوفقهم.
__
لقد كادت قدماه اللتين لم تتعبان من الذهاب جيئة وذهابا اختراق أرضية الممر الضيق والذي لم يخلو من المارة بمختلف أهدافهم وأعمالهم وأجناسهم وألوانهم, والذين لم يبخلوا عليه بنظرات الاستغراب
والذي لم يلاحظ تلك النظرات
فعقله مثقل بهموم جديدة
تنظم لأكوام الهم التي تكبس على صدره
فتثقله
وضع يده على رأسه الذي يكاد ينفجر من شدة الصداع الذي عصف به
وهو يقول في سره :
( أنا الغبي ... ليش ورطت نفسي في هالزيجة ..)
لينحر جملته بابتسامة ساخرة
وهو يردف قائلا:
( عشان الأجر.. بدل ما أحصل الأجر .. حصلت مشاكل يديدة أنا في غنى عنها )
هوى بتلك اليد العاصرة على رأسه الذي يرفض الاستكانة عن الألم
على وجهه الذي طالت لحيته وشنبه
وقال وهو يدرك لفداحة قوله:
( أستغفر الله .. وش قاعد أقول ؟)
شرع عيناه
وقد لمعت في رأسه خاطرة
وبدأ تنفيذها في الفور
أخذ هاتفه المحمول من جيب بنطاله
وبسرعة البرق بحث عن اسم الشخص الذي يريد الاتصال به
وما إن وجده
ضغط من فوره على زر الإرسال
وبعد بضع رنات
سمع صوت ينادي من على الخط الآخر
والذي لم يكد يكمل كلمة ألو..
حتى إنهال عليه
بالجمر الذي يشوي صدره:
- ليش يا خالد قلت لها .. ليش؟!!
ليرد عليه صديقة بنبرة عاقلة.. بعد أن أطلق تنهيدة:
- حميد .. هي في الأول والأخير بتعرف .
ليقول بطبقة علت:
- بس مو الحين .. مو الحين .
ليأتيه صوت خالد الرزين.. والذي يناقض ردود حميد المنفعلة:
- بالعكس كان لازم تعرف من زمان.. لكن للأسف أنت ما قلت لها... حميد أسمعني شوي.. إلي صار لك يدل على أن حالتك تطورت.. لازم تلحق نفسك.. إذا موعشانك.. عشان زوجتك وبنتك.
تسلل إلى أذنه من سماعة الهاتف ضحكة تميل إلى السخرية.. تبعها قائلا:
- شكلك يا صديقي نسيت السبب إلى عشانه تزوجت شمسة.
سمع من على الطرف الآخر .. صوت نفس عميق يأخذ تلاه زفرة قوية .. قبل أن تلتقط طبلة أذنه صوت صاحبه الذي لا زال هادئا:
- لا .. أنا عارف السبب زين وذاكرنه .. أنت الحين أمام الشرع زوجها .. مهما كانت الأسباب.. فهذا زواج ورابط مقدس.. وهي ومريم صاروا جزء منك.. إذا صار لهم شيء بيصير لك .. وما بتسامح نفسك أبدا...
حميد بقول لك شيء.. أنت ما فكرة إذا تعبت وألا لا سمح الله مت .. وهنه في الغربة .. وش بيصيير لهن.. بدل لا تساعدهن .. بتورطهن بمشاكل هنه مو ناقصتنهن ... وبعدين أمك وأخواتك المسكينات.. حالتهن لا تسر لا عدو ولا صديق .. حميد أصحى .. إذا مو عشانك .. عشان أمك وخواتك .. وعايلتك اليديدة... أسمح لي حميد .. أنا لازم أسكر التلفون .. عندي الحين موعد مع مريض.. فكر بكلامي زين أرجوك .. يلا مع السلامة.. وسلم لي على شمسة.
ليغلق الخط .. وهو لم يسمع حرفا ينطق به حميد
الذي شعر بنفسه بأنه يغرق في بئر الضياع
فجميع أفكاره السابقة بدأت ياهتز إطار الصحة المحيط حولها
__
دخل محمد منزله بعد منتصف الليل كعادته اليومية
ولكن لاحظ شيء غير مألوف..
بأن الباب الرئيسي لمنزله مشرع الأبواب ..
دخل وقد ثنى حاجبيه إلى أعلى
وهو يعمل مسح ضوئي بعيناه للمنزل
وينادي في نفس الوقت:
- حصوووووه ..
حووو من اللي ناسي الباب مفتوح
وانصدم حين وجد حصة ممدة على بطنها في كبد الصالة بدون حراك .. و حطام طبق بجوارها قد تناثر ما في جوفه ..
اتسعت عيناه .. وهو يهرع صوبها كالمجنون.. فوضع يده على ظهرها وأخذ يهزها بهستيرية.. وهو يناديها صارخا:
- حصووووه قومي شووو فيج وين ميري عنج
ولكن لا جواب من حصة يبل ريقه المستجدي لجواب يريح قلبه المقبوض..
أخذ يتلفت من حوله باحثا عن المدعوة ميري .. لعلها تسعفه بالجواب..وهو ينادها بأعلى صوته..:
- ميري .. وينك ..؟ يا ميري...
عندما لم يرد عليه سوى صدى صوته.. شعر بالعجز يمد أنامله على عقله
فوضع يده على رأسه العاري
بقلة حيلة..
فيمد يده المرتعشة صوب رأس حصة المستكين عن الحركة
وقد أصمه صوت قلبه المفزوع
فحرك رأسها أخيرا بعد تردد دام دقائق ملتهبة بحطب الخوف
فيفجع بالزبد الذي المنسكب من فاها ..
### يتبع ###
|