كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وأربعة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم إشراق وسعادة ورحمات وكل البهجة المتناثرة في أطراف العالم وحناياه
خالص التهنئة لبنات البحرين ببدء استقرار الأوضاع عقبال ما تستقر تماما
وعقبال كل الدول العربية... دعوتكم لهم... لا تنسوهم من دعائكم!!
وخالص التهنئة لبنات السعودية بكل المكرمات الملكية... الله يطول في عمر أبو متعب!!!
.
.
فيه نجمات نسيتها ماتبي تطلع ذا النجمات..
نجمة لـ لامارا.... لأنها اللي تكلمت عن عدم لياقة كساب الطبية للقيام بمهامه العسكرية :)
ونجمة لـ شرقاوية عسل لأنها اللي قالت إن كساب راح لندن وبيسوي شيء يغطي الوسم :)
.
.
يا الله
البارت 104
ومجموعة من الإحداث المنتظرة!!
.
وموعدنا الجاي الثلاثاء الساعة 9 ويمكن قبل (أقصد في الساعة مثل بارت اليوم) :)
.
.
قراءة ممتعة مقدما
وموعدنا الخميس الساعة 9 صباحا
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وأربعة
" يمه السيارة تأخرت علي؟؟ "
عفراء باستغراب: يأمش فهد هو اللي جاش ومن زمان..
وأنا قلت له أي ممر... ماشفتي سيارته؟؟
جميلة شهقت بعنف وهي تتراجع خطوة للخلف.. ثم تعود لتلتصق بالزجاج.. لتراه فعلا جالسا بداخل سيارته التي يبدو إنها متوقفة منذ فترة ليست بالقصيرة..
لأنها كانت تلاحظ السيارات الواقفة في الممر.. ولكن تركيزها كان مع سيارة والدتها..
مازال هاتفها معلقا بأذنها ووالدتها تهتف بحزم: روحي مع رجالش.. وخلش مرة سنعة..
جميبة هزت رأسها كما لو أن والدتها تسمعها..
شعور عارم بالتوتر والتوجس.. يتخلل كل أنحاء جسدها
قد تكون تكلمت معه على الهاتف بشيء من الجرأة والوقاحة.. لكنها ما أن رأته..
حتى شعرت أن عظامها ستذوب من الخوف والتوتر...
" ياربي... أشلون نسيت موعد جيته؟؟
يمكن تناسيت.. مانسيت..
ياربي.. الحين معصب من كل صوب..
ما انتظرته في البيت.. وعقب نقعته في سيارته
.
وأنا وش دراني إنه برا؟؟
أعرف الغيب... ليش مادق علي؟؟"
جميلة لو كان الأمر بيدها لم تكن لتخرج له.. فهي خائفة منه فعلا..
خائفة من حدته.. ومن قسوته.. ومن تهديده!!
ولكنها ختاما خرجت وهي تقدم قدما وتؤخر أخرى..
هــو عرفها منذ خرجت من الباب البعيد.. وكأن الشمس أشرقت من هناك..
فهل هناك من يجهل شروق الشمس...؟؟
بدت دقات قلبه تتصاعد بعنف..
وهو يكره هذا الشعور الذي يحيله إلى مراهق عاجز عن السيطرة على خلجات نفسه!!
ركبت جواره بتردد وهي تتمتم باختناق: الحمدلله على السلامة..
أجابها بسكون وهو يحاول ألا ينظر لها: الله يسلمش... كان قعدتي بعد شوي!!
اجابته بذات النبرة المختنقة: أنت ما اتصلت علي..
ازدادت نبرته حدة: وأنتي ما كنتي عارفة إني بأجي اليوم؟؟
صمتت.. لم ترد عليه.. شعرت أنها إن قالت كلمة إضافية قد تبكي!!
هو أيضا لم يصبر على ألا ينظر لها.. فهو لا يعرف كيف يتصرف خلافا لطبيعته..
كان ينظر ليديها العذبتين المشبوكتين في حضنها.. لا يعلم لِـمَ شعر بتأثر رقيق أنها ترتدي دبلته..
ولكن التأثر تحول لغضب وهو يصرخ بها: ممكن أعرف ليش ملونة أظافرش؟؟
جميلة انتفضت بجزع: عادي.. شوف أظافري مقصوصة للآخر واللون فاتح..
فهد بذات الغضب: والحين صارت القضية إن أظافرش قصيرة.. واللون فاتح..
ليش أساسا تحطينه.. ماعندكم دكاترة في الجامعة وعمال؟؟
جميلة زفرت بحرقة: فهد الله يهداك أنت جاي من المطار حاد سكاكينك علي..؟؟
أساسا أنا أقعد ورا.. لا شافني دكاترة ولا عمال..
بس خلاص أوعدك ما أحط في الجامعة ولا برا.. شيء ثاني؟؟
حينها كان هو من صمت..
فهو يعترف أنه جاء إليها وهو يشعر بالاستفزاز بعد مكالمتها الأخيرة..
لم يتوقع أنها ستجابهه بهذه المهادنة والرقة التي تذيب مفاصله..
تبادلا الصمت حتى دخلا باحة بيته..
حينها كانت من همست بجزع: ليش جايبني هنا؟؟
أجابها بحزم: وين تبين تروحين؟؟
جميلة باختناق: أبي أروح بيتنا..
فهد بذات الحزم وهو يفتح بابه: هذا بيتش.. خلصيني وانزلي!!
جميلة تشعر إنها ستموت: زين بأروح أجيب ملابسي..
فهد باستغراب: تجيبين ملابسش... ؟!!
عندش هنا ملابس تغطي آسيا وأفريقيا... وش تجيبين فوقهم؟؟
انزلي بس!!
جميلة نزلت مجبرة.. فهي بالفعل لا تريد أن تكبر مشكلتهما.. وتعلم أنها لو بقيت في بيت أهلها بعد عودته..
فهذا سيكون بمثابة إعلان علني بوجود خلاف بينهما!!
قد تكون قالت له أنها لا تريده.. وتريد أن تبقى في بيت أهلها..
لكنها تعلم أن هذا كلام غير منطقي.. وكانت تقوله لشدة غيظها منه!!
ولكنها أيضا تشعر على كل حال أنها غير قادرة على تقبله..
وتشعر بوجود حاجز غريب بينهما!!
نزلت بخجل.. وهي تسحب قدميها سحبا!!
متوجهة لغرفة عمتها أم صالح..
هتف بحزم: وين بتروحين؟؟
جميلة بذات النبرة المختنقة: بأروح أسلم على عمتي..
أجابها بنبرة مقصودة: لا والله راعية واجب..
أمي وجوزا رايحين الجمعية يجيبون أغراض البيت..
عقبال ما تكفين أمي وتجيبنهم أنتي!!
همست حينها بذات نبرته المقصودة: إن شاء الله.. إذا حسستني صدق إني مرتك..وهذا بيتي..!!
مثل ماعبدالله محسس جوزا..
دائما لدغتها ناعمة حينما تريد!!
أجابها بحزم غاضب: لا تقارنيني بغيري.. أظني صرتي تعرفين.. إن هذا سمي وناري!!
جميلة تنهدت وهي تصعد للأعلى..
فوجئت أنه لم يتبعها وهي تتنفس الصعداء..
بينما هو توجه للمسجد ليلحق بصلاة الظهر!!
جميلة بدأت بإزالة الصبغ عن أظافرها.. ثم فتحت خزانتها لتستخرج لها لباسا ترتديه بعد أن تستحم وتصلي..
في داخلها.. لا تشعر بأي رغبة لأن تتأنق لهذا المعقد..!!
ولكنها لابد أن تتأنق بطبيعتها.. وخصوصا أنها ستنزل لتسلم على عمتها وجوزا وتتغدى معهما..
حمدت الله أنه لم يعد مباشرة..
فوجوده يثقل على نفسها بشكل مجهد فعلا..
لم يعد حتى عادت لغرفتها بعد الغداء..
كانت تجلس أمام المرآة.. تمشط شعرها..
بعد أن خلعت الدراعة التي ترتديها ولبست لباسا خفيفا.. يتكون من (ليقنز وتيشرت) من القطن.. فقط!!
مهما كان لباسها بسيطا.. تبدو في عينيه شيئا مبهرا إلى أبعد حد..!!
رؤيتها مجهدة لمشاعره وقلبه لأبعد حد!!
دخل بسكون وسلم بسكون.. وجلس على طرف السرير خلفها مباشرة.. يراقبها بتمعن وهي تمشط شعرها بتوتر.. لأنها تعلم أنه يراقبها..
نهض ليتقدم نحوها.. انكمشت على نفسها قليلا وهو يميل عليها ليتناول المشط من يدها..
ويضعه على التسريحة لتتخلل أنامله خصلاتها الناعمة وهو يهمس بدفء:
كأنه شعرش طايل شوي.. لا تطولينه.. يعجبني كذا!!
( وش اللي تغير؟؟ عقب ماهو منتف.. عاجبك!!) همست باختناق:
بس أنا أحب الشعر الطويل.. وأبي أرجع أطوله!!
هز كتفيه وهو يمسك بعضديها ليوقفها ثم يديرها ناحيته وهو يهمس بذات الدفء:
براحتش.. حتى لو كنتي بدون شعر عاجبتني!!
قربها منه برفق ليغمر وجهها بقبلات شفافة حانية بينما انكمشت هي رغما عنها..
همس في أذنها بعمق: طالبش.. بلاها ذا الحركة.. تحسسني وش كثر أنتي خايفة مني!!
أنا ما أكرر غلطتي مرتين.. فلا تكررينها أنتي!!
*****************************************
وضحى قفزت بجزع وهي تسمع الطرقات القوية على الباب..
لتتفاجأ بالباب يُفتح ونورة تدخل..
وضحى بقيت لدقيقة مذهولة (كيف دخلت هذه؟؟)
لتشعر أنها ستبكي وهي تنتبه أنها تقف أمامها ببيجامة مكونة من (شورت وتوب بحمالتين رفيعتين) فقط!!
أمها لم ترها مطلقا بهذا المنظر.. فكيف تراها هذه؟؟
قفزت لتختبئ داخل غرفة التبديل وهي تهمس باختناق حرجها المر:
أم سعود دقيقة بس وأنزل لش!!
نورة كانت مذهولة.. ولا تنكر أنها شعرت بالحرج..
فهي فوجئت بالأبواب مفتوحة.. ولا أحد في البيت..
لذا صعدت مسرعة لغرفة شقيقها!!
نورة عادت للأسفل.. ففي الأسفل كانت تجلس رفيقة دربها سلطانة..
وهما في انتظار شقيقتين آخريين من شقيقاتهما..
سلطانة بقلق: لقيتي حد؟؟
نورة بتأفف: لقيت مرت أخيش متفسخة.. يا الله جيرنا من كشف الستر!!
راقدة وهي مهيب لابسة شيء..
والبيبان كلها مفتحة.. لو أن اللي داخل عليها حرامي وش كان سوت؟؟
إيه ما ألومه أخيش يستخف.. ولا كلمناه يكلمنا بالقطارة!!
سلطانة ضحكت: نورة الله يهداش.. عروس وش تبينها تلبس عند رجّالها؟؟
نورة بذات التأفف: والله إنكم جيل ماعاد في وجهه حيا ولا مستحى!!
والاثنتان مستمرتان في حوارهما فوجئتا بالخادمة التي أحضرت لهما القهوة والشاي..
سلطانة باستغراب: من أنتي؟؟
الخادمة بعربيتها المكسورة: أنا خدامة ماما مزنة.. ماما يجيب هنا عشان بنية ودحه صغير..
سلطانة تلوي شفتيها: خدامة من الحين؟؟ وخدامتها قدامها بعد!!
حن جايبين قهوة وفوالة روحي جيبيها..
الخادمة تبتسم: هذي قهوة مال أنتي ماما.. أنا يشوف أنته يجيب قهوة.. أنا يجيب بيالة فنجال بس..
نورة بغضب: وين كنتي مندسة يالسكنية.. ومخلية كل شيء مفتوح..
الخادمة مازالت تبتسم: ماما أنا قدام عين مال أنتي.. أنا كنت ينظف صالة..
حينها كانت وضحى تنزل.. ووجهها متفجر بالاحمرار.. عاجزة عن وضع عينها في أعينهما..
بعد انتهاء السلامات المعتادة..ووضحى تتولى مسئولية ضيافتهما..
همست نورة بحزم: وين نايف؟؟
وضحى باحترام: راح لشغله..
نورة بحزم لا يخلو من غضب: راح لشغله وأنتي راقدة وراه كنش فطيسه..
مهوب عيب عليش يأمش..؟!!
هذا السنع؟؟
وضحى صُدمت تماما من هذا الهجوم غير المتوقع.. ابتلعت ريقها ومعه عبرة كانت ستقفز (والله ما أشمتهم فيني!!)
هتفت بكل برود مغلف بالحزم مع ابتسامة رائقة:
أنا مارقدت إلا عقب ماراح نايف لشغله..
أصلا مستحيل أقدر أرقد وهو قايم الله لا يخليني منه!!
نورة وسلطانة تبادلتا النظرات معناها (صدق إنها ما تستحي!!)
بينما وضحى جلست لترسل لنايف رسالة ترجوه أن سألته إحدى أخواته أن يأكد على كلامها..
فهي فعلا كانت تريد أن تنهض معه.. ولكنه من اطفأ جرسها!!
***********************************
" يمه فديتش.. لا تحاتين..
عملية غنومي بتكون بسيطة إن شاء الله!!"
أم غانم بتأثر عظيم: يا قلبي يا نجلا.. هي تلاقيها منين؟؟
الولد هيستحمل عملية يعني؟؟
غانم يشد على كفها بحنو ويقبل رأسها: صدقيني يمه أنا بروحي تكلمت مع الدكتور وطمني.. لا تحاتين..
مزون متأثرة بالفعل من توالي الضغط على نجلا المسكينة وخصوصا وهي ترى تأثر الجميع..
غانم همس لوالدته بمودة: يمه اشرايش تخلين التفكير.. وتسولفين علينا..
أم غانم بشجن: وش تبيني أقول؟؟
غانم ابتسم: يمه.. مزون تبي تدري أشلون خذتي إبي.. علميها..
مزون قطبت جبينها لغانم بمعنى (احرجتني!! )
بينما أم غانم ابتسمت بشجن: أعلمها ليش لا... الواحد نفسه في حكاية تنسيه الهم شوية!!
غانم يبتسم: لا يمه.. مايصير كذا.. لازم تدخلين في المود.. وتصير عيونش تولع قلوب.. تقولين سعاد حسني يوم شافت رشدي إباظه..
ونبيها بالمصري.. عشان حلاتها كذا!!
حينها ابتسمت أم غانم: فشر رشدي إباظة يجي جنب راشد..!!
ده مايجيش ظفره!!
غانم مال على مزون بمرح: اسمعي الهياط بس!!
مزون سألت ام غانم بمودة: يمه ياحلوه الكلام المصري من ثمش..
قولي لي كم صار لكم متزوجين أنتي وعمي؟!! ووين تزوجتوا؟؟ في مصر صح؟؟
أم غانم بإبتسامة شفافة: كملنا 31 سنة..
واتجوزنا هنا في قطر.. أنا أساسا كنت مقيمة هنا.. جيت هنا مع ماما وخالي.. وأنا تانية سانوي..
وكملت المدرسة هنا.. بس مادخلتش جامعة..
عشان ماما كانت ست كبيرة ومريضة..
وحتى خالي كان زيها.. وئرب على التقاعد.. مراته ماتت ئبل مانجي هنا
وماكانش عندو ولاد..
والاتنين شايلين همي.. يحصل لهم حاجة ويسيبوني لوحدي..
خطبني مصريين كتير هنا.. بس أنا مابيعجبنيش العجب!!
غانم يميل على اذن مزون باسما: العجب تراه أبو غانم!!
أم غانم بغضب باسم: خلاص ئول انته الحكاية لمراتك..
مزون باستعجال ودود: يمه ماعليش منه.. كملي!!
أم غانم أكملت ولكن هذه المرة انكسرت ابتسامتها: ماما ماتت بعد كم شهر واندفنت هنا..
عشان كده كان عندي إحساس إني لازم اتدفن مترح ما اتدفنت أمي!!
تعبت كتير بعد ماما.. وخالي تعب معايا الله يرحمه!!
بس بعد كده ئلت لازم أكون أئوى شوية عشانه.. هو هيلائيها منين!!
في الوئت ده بالزبط كان غانم عاوز يتجوز وحدة بس مش من جماعتهم.. من ئبيلة تانية..
أبوه وأخوه أبو صالح ما رضيوش.. وهو كان شاب فاير وراسه ناشف..
فحلف إنه يتجوز وحدة من برا حدود الخليج كله!!
ولو جيتي للحئ هو ئال لي إنه استغفر عن الحلف ودفع كفارة.. بس هو كان عاوز يئرص ودانهم..
أكملت حينها بابتسامة اتسعت: خالي كان معاه في الشغل.. فهو يحكي لخالي الحكاية..
فخالي ئال له إنه هو اللي هيجوزه وحدة من برا الخليج..
راشد كان عاجب خالي كتير.. بس خالي ماكنش في باله واحد خليجي خالص..
لحد ماماتت أمي.. واندفنت هنا وأنا مش راضية أسيب هنا ولا أنزل مصر حتى في الإجازات..
راشد اتحرج.. ئال له خالي ما تنحرجش.. أنتو هتشوفها زي ماشرع ربنا ئال..
بس راشد ما رضيش..
ئال وئتها ماكنش مقتنع خالص وعاوز يسكت خالي وبس..
خالي ئال لي الحكاية.. زعلت عليه خالص.. ئلت له أخرتها تعرضني على راجل وهو مايرضاش حتى..
ومن ئال لك إني عاوزة واحد قطري... شكلهم كِشر..
غانم ضحك: يمه أما على سالفة إنه شكلنا كِشر لازم نرفع عليش قضية!!
مزون برجاء: تكفى غانم لا تقاطعها.. خربت اندماجي!!
غانم بإبتسامة: لو تدرين عاد قطعت عليش عند (الماستر سين)!!
أم غانم بتافف: أنته هتسكت ياله.. وإلا سيبني أئوم أبدل للولاد..
مزون برجاء: أنا بأبدل لهم.. بس كملي الحين فديتش يمه..
ابتسمت أم غانم: ئولي لجوزك الرغاي..
سيبينا منه.. بعدها بكم شهر كنت مع خالي في المستشفى عشان كان تعبان شوية..
وراشد كان جايب الست مامته الله يرحمها!!
ضحكت أم غانم بخجل عفوي : الواد غانم مابيحبش الحكاية دي!!
بس أنتي عارفة إنه زمان بنات السبعينات عاملين ازاي.. ومع كده أنا كنت بألبس طويل بس ماكنتش باتحجب..
راشد بيئول لي إنه حاول ما يبصش بس مائدرش.. أصلو كان فاكرني شبه خالي..
خالي كان أسمر وماكنش حلو خالص!!
خالي لما سلم عليه أنا اتلحس مخي.. حلاوة إيه.. طول إيه.. شبه الواد فهد ابن أخوه خالد..
حينها لم يستطع غانم إلا أن ينفجر في الضحك: ماقلت لش.. ترا السالفة أول كان يشبهني..
الحين صار يشبه فهد.. انتظري عليه المرة الجاية بتقول لش شبه عبدالله..
مزون بتأفف رقيق: لو دارية كان خليتها تسولف علي وأنت برا بسلامتك..
خربت الجو مرة وحدة!!
يمه تكفين كملي لي!!
ضحكت أم غانم: هي كده كملت.. بس الواد ده نصاب.. عمري مائلت إن راشد شبهه... راشد أحلى منو بعشرين مرة!!
طبعا أهل راشد ماكنوش راضيين بالجوازة خالص خالص..
بس المرة دي راشد عنّد وصمم.. وخدت وئت طويل لحد ما أهله تئبلوا فكرة جوزانا..
أول شيء ئاله راشد لخالي.. لازم تتغطى..
ضحكت: ئلت لخالي اللي هو عاوزة.. هأعمله..إن شاء الله يكون عاوز يحبسني في ئمئم!!
والحمدلله عمري ماحسيت بالندم من أول دئيئة لحد دلوئتي ربنا مايحرمنيش منو ولا من طيبة ئلبو!!
ضحكت: تدرون تعبت أحكي مصري... تعودت على الحكي المكسر!!
غانم يضحك: شفتي القلوب يوم نطت من عيونها؟؟
مزون ضحكت: لا والله شفت العصافير اللي تطير حول رأسك..
وأنا أتمنى لو عمتي أم غانم تضربك بالمزهرية على رأسك من كثر ماتقاطعها!!
*************************************
" إلا وش سالفة المسج بالتفصيل؟؟
خواتي وش سوو اليوم!! "
وضحى بألم شفاف: خلوني في نص ثيابي يا نايف.. تخيل نورة دخلت على وأنا نايمة..
شافت لبسي.. أمي ماشافتني كذا!!
وعقبه تقول لي أنتي ماتعرفين السنع... نايمة ونايف رايح لشغله!!
وضحى كانت تحادثه بشفافية لأنها لا تستطيع أن تشتكي لسواه..
بل إنها لم تخبره بكل شيء.. فهم حين اكتمل عقد الشقيقات الأربع قالوا ماهو أكثر من ذلك..
حتى أمها وخادمتها التي أرسلتها.. لم تسلما من تعليقاتهما..
وهي وحيدة تتلقى الضربات من الأربعة.. وكلهن سيدات كبيرات في السن..
ولا تستطيع أن ترد عليهن احتراما لسنهن ومكانتهن..
ولكنهن لم يرحمنها مطلقا من تعليقاتهن وأسئلتهن واستفساراتهن حتى عن تفاصيل حياتها الخاصة مع شقيقهن..
ورغم أنها لم تخبره بكل ذلك.. نايف رد بتأفف: مهوب كنش مزودتها؟؟
وضحى بصدمة: أنا مزودتها؟!!
نايف بذات التأفف: إيه مزودتها.. يعني المساكين تاركين بيوتهم وعيالهم من صبح عشان يجون يسلمون عليش ويقهونش..
أخرتها تشتكين منهم كذا..
ليش تشتكين؟؟
لأنش واجد متصلبة وماعندش أي مرونة..
وضحى بذات النبرة المصدومة: أنا ماعندي مرونة؟؟
نايف لا يريد فعلا أن يضايقها.. لكنه سبق أن حذرها في هذا الموضوع لذا هتف بتقصد:
حتى لو كنت نسيت موضوع تميم.. لكنه كشف لي إنش ماعندش مرونة في التعامل مع المشاكل..
وش فيها لو جاملتي خواتي العجايز شوي وتحملتيهم..؟؟
وضحى شدت لها نفسا عميقا.. حتى لو قال أنه نسي... يبدو أن هذا الموضوع سيبقى حاجزا بينهما..
لأنه وضع له تصور مسبق لشخصيتها سيحبسها في إطاره..
لذا همست باختناق متردد: تميم مايدري عن شيء!!
نايف نظر لها بدهشة: يدري عن ويش؟؟
وضحى انكمشت قليلا فهي تجهل بالفعل ماذا ستكون ردة فعله: مايدري عن المسجات..
أنا اللي أرسلتها من تلفونه ثم مسحتها!!
نايف اتسعت عيناه بصدمة.. ثم شرق وكح ..
ثم .......
انفجر بالضحك..
ضحك مطولا لدرجة أن عينيه دمعتا قبل أن يهتف بين ضحكاته:
لا بصراحة غطيتي على عالية.. المفروض عالية تجي تأخذ عندش دروس في المقالب..
ذا كله صبيتي قلبي... وآخرتها الرسايل من عندش!!
******************************************
" ها ياحلوة.. وينش؟؟
عقب منتي ما تبين تروحين معه.. حتى تلفون توش تكلميني..
أنا مابغيت أدق وأصير عمة ثقيلة دم!! "
جميلة بتأفف: يمه.. توه أفرج عني..
من عقب صلاة العصر.. واحنا طالعين.. تونا رجعنا.. وراح لأبيه في المجلس!!
عفراء باستغراب: زين وحدة مطلعها رجالها.. ليه زعلانة؟؟
أعرفش تحبين الطلعات والتمشيات..
لا والمسكين توه جاي من السفر اليوم وطلعش على طول!!
جميلة تزفر: يمه... دمه ثقيل على قلبي!!
عفراء بغضب: والله ماحد دمه ثقيل غيرش.. يا بنت اعتدلي مع رجالش..
جميلة بيأس: والله يمه ماضايقته بشيء.. وكل ماقال لي شيء.. قلت لبيه وحاضر..
بس عاد أغصب نفسي أحبه وأتقبله.. مهوب بيدي!!
عفراء تنهدت بعمق: الله يصلح حالش يأمش.. الله يصلح حالش!!
***************************************
" ها يأمش شأخبار نايف معش؟؟"
وضحى تزفر: يمه نايف يجنن وطيب وأخلاقه تجنن...
بس يمه خواته ما ينطاقون.. وهو يموت عليهم.. يمه توه من أول يوم طفروني..
ما أدري اشلون باستحمل..
مزنة تنهدت: يأمش أنتي خذتي الرجّال وانتي عارفة إن خواته كذا!!
مايصير الحين تاففين منهم..
هذولا بيصيرون عمات عيالش.. وكلش ولا قطع الرحم..
الرحم متعلقة بالعرش.. وتقول اللهم اقطع من قطعني.. وصل من وصلني!!
وضحى ابتسمت: عاد يمه ماوصلت لقطع الرحم.. أعوذ بالله من غضب الله..
بس أنا يمه أبي طريقة أمسك العصا من النص..
وعجزت أفكر.. لأنهم ماشاء الله مايعطون الواحد مجال.. حادين بشكل!!
ابتسمت مزنة بأمومة حازمة: تعاملي معهم بما يرضي الله.. وإن شاء الله مايصير إلا خير!!
وضحى بمودة: زين يمه أنا أبي أسلم على عمي زايد.. بيتأخر..؟؟
كاسرة قالت إنها بتروح تنتظره في البيت..
وأنا نايف بيجيني الحين!!
مزنة تنهدت: بيتاخر شوي يأمش.. روحي الحين وسلمي عليه بكرة!!!
.
.
في الخارج..
فور أن ركبت وضحى مع نايف.. انفجر في الضحك..
وضحى بحرج: نايف حرام عليك.. مهوب كل ما تشوف وجهي تضحك..
ترا أنا في حوش بيت هلي..
بتسوي فيني كذا.. نزلت!!
نايف يشد معصمها ناحيته وهو يغالب الضحك: وش تنزلين؟؟؟ خلاص بأسكت..
الله يقطع إبليسش يا الوضحي.. كل ماتذكرت حالتي وأنا أصب عرق وأنا قاعد في المجلس.. أموت على روحي من الضحك!!
حينها ابتسمت وضحى: تستاهل.. عشانك واحد مغازلجي..
نايف يضحك: أما مغازلجي كثري منها.... أنا على قولت المثل... اللي ماعمره تبخر.. تبخر واحترق!!
ثم أردف بتماسك: ها انبسطتي عند هلش..؟؟
وضحى بمودة: أكيد ولو أنه سميرة نفسيتها تعبانة عشان عملية ولد أختها بكرة..
وكاسرة ماطولت عندي.. راحت لبيتها عشان مزون بتجي وبينتظرون عمي زايد جاي من السفر!!
نايف بنبرة واثقة: ترا حتى أمش ماعجبتني يوم نزلت أسلم عليها..
وضحى باستغراب: أشلون ماعجبتك؟؟
نايف هز كتفيه: شكلها تعبانة أو متضايقة..
وضحى بقلق: لا تروعني على أمي.. أنا شفتها عادية!!
ابتسم نايف وهو يشد على كفها: عشان ما عندش سبع خوات..
لازم أول شيء تسوينه تطلين في عيون الوحدة منهم عشان تعرفين نفسيتها..
قبل تفتحين ثمش بكلمة!!
**********************************
" يأبيك تبي تقوم تنسدح؟؟"
عبدالرحمن بمودة غامرة: لا جعلني فداك.. تو الناس!!
أبو عبد الرحمن باهتمام: بس أنت وراك دوام بكرة.. لازم تتريح!!
عبدالرحمن باحترام: محاضراتي متأخرة أساسا!!
حينها تذكر أبو عبدالرحمن شيئا: إلا أنت اليوم من اللي وداك دوامك؟؟
رجعت من عند طيوري لقيت سيارتك مهيب هنا.. والسواق قاعد مع المقهوي!!
أسأله عنك قعد يمغمغ .. (يمغمغ= يهمهم بكلام غير مفهوم عند الارتباك)
عبدالرحمن صمت شعر كما لو كان وقع بين المطرقة والسندان.. فهو اليوم لأول مرة يتهور.. ويقرر أن يقود سيارته بنفسه..
بقدر مابدت له العملية متعبة بقدر ما بدت ممتعة.. وليس على استعداد أن يعود مرة أخرى ليسوق به السائق..
وخصوصا أن اليوم كان تجربة.. ويريد أن يفاجئ عالية في الغد أن يذهب بها هو لعملها!!
عبدالرحمن وجد له عذرا: جاني واحد من ربعي على تاكسي.. وهو اللي ساق السيارة..
ثم أردف بحذر: مع إنه يبه يمكن لو حاولت أسوق.. أسوق.. أرجيلي صارت حركتها أحسن..
والسواقة ما تبي إلا دوسة بسيطة على البنزين..
أبو عبدالرحمن بتحذير: لا يا ابيك لا تستعجل.. لين تمشي زين..
ثم أردف بامل: ولو أنك يا أبيك طولت.. قد لك أكثر من أسبوع وأنت تقول لي كل يوم بكرة!!
وش رأيك تحاول قدامي شوي؟؟.. بأعاونك..
طالبك يا أبيك!!
عبدالرحمن بمودة متجذرة: وليه تطلبني.. باحاول.. اشرايك تعطيني العصا اللي في كبت الدِلال..؟؟
اللي نساها قصيرنا عندنا!! (قصيرنا= جارنا)
أبو عبدالرحمن قفز بلهفة.. وهو يتناول العصا ويعطيها لعبدالرحمن ثم يحاول إيقاف عبدالرحمن من ناحية..
وعبدالرحمن يمسك بالعصا بيده الأخرى..
عبدالرحمن أظهر صعوبة الوقوف عليه وهو يحاول لمرتين بفشل.. ثم يقف في الثالثة..
ويخطو خطوتين قصيرتين ثم يجلس.. وبهمس بإرهاق مصطنع: بس يبه كذا يكفي!!
أبو عبدالرحمن كان يقف مذهولا عاجزا عن استيعاب كل هذه السعادة وهو يتمتم باختناق فعلي: اللهم لك الحمد والشكر..
اللهم لك الحمد والشكر..
ماعليه يا أبيك ماعليه..
اليوم خطوتين وبكرة عشر..
يا الله ما أكبر رحمتك.. ما اكبر رحمتك!!!
*************************************
يعود ... إلى أميرته..
التي طالت ليالي اشتياقه لها حتى شعر أنها لا تريد الانقضاء!!
كل شيء بدا له -بعيدا عنها- بلا رونق.. بلا حياة.. بلا ألوان!!
وكأن بهجة الحياة ورونقها لا تغرد إلا على نغم خطواتها وحضورها العاصف في حناياه!!
هكذا هو.. قلبه المستقيم الذي لا يعرف كيف يكون تزييف المشاعر أو تغطيتها أو تسميتها بغير مسمياتها!!
قد يكون في البداية جهل ماهية المشاعر التي اقتحمت قلبه الذي بدأ يرتعش لرؤيتها. وخلاياه التي تذوب اشتياقا لرؤيتها..
قد يكون بعد ذلك قاوم هذه المشاعر حتى لا تستولي عليه..
ولكنها ما أن ظهرت وتحكمت.. حتى أظهرها كما يجب أن تظهر.. لأنها مشاعر يعجز عن إخفائها!!
حين دخل.. كانت على الحاسوب تقوم ببعض البحث من أجل أحد مقرراتها..
ابتسم وهو يسلم عليها... ردت السلام!!
فهد هتف بثقة: مطولة؟؟
أجابته بسكون: نص ساعة بس..
هتف بذات الثقة: على ما أسبح تكونين خلصتي!! خلي اللابتوب شغال.. بأوريش شيء..
( ما ينفع تسبح لين أنام أنا!!) ورغم عدم رغبتها حتى بالجلوس معه ابتسمت:
زين إن شاء الله!!
حين خرج.. كانت بالفعل انتهت!!
كان ينهي لباسه وهو يهتف لها بثقة ودودة: انبسطتي اليوم في الطلعة؟؟
هزت رأسها برقة: انبسطت..!! (رغم أنها لم تشعر بشيء عدا ثقل وجوده على أنفاسه!!
رغم أنه حاول بذل كل جهده!!)
تنهد: ماعليه أنا توني عليمي في سوالف الطلعات.. لاني اساسا ماني براعي طلعات!!
بس ماهان علي أكون غايب ذا الوقت كله وعقب أحبسش في البيت بعد!!
صمتت.. فهذه التعامل والتفكير الرقيق لا يتناسبان مطلقا مع تفكيرها في شخصية فهد..
كانت تنظر له وهو يتجه لفتح حقيبته الشخصية ثم يستخرج منها بطاقة ذاكرة ويطلب منها أن تضعها في الحاسوب وفتحتها...
جميلة أدخلت البطاقة بحذر في الحاسوب.. دائما تتوجس من كل ماهو من ناحيته..
جلس جوارها وهو يسند ذراعه لكتفيها بطريقة حانية وتملكية في آن..
تناول الحاسوب منها هو..
بدت لها حركته عليه خبيرة بالفعل.. رغم أنها كانت تظنه لا يعرف أي شيء عن الحواسيب..
همست بتلقائية: تعرف له؟؟
ضحك: أعرف له؟؟؟ مهوب لذا الدرجة ترا..!!
جميلة بخجل: ماقصدت..!!
صمتت لأن أي شيء قد تقوله قد يبدو محرجا أكثر!!
فهي بالفعل كانت تظنه لاعلاقة له بالتكنولوجيا كما لو كان يعيش متحجرا في عصر آخر!!
كانت الذاكرة ممتلئة بالصور..
هتف فهد بحماس فخم: بأوريش صورنا في الدورة الأخيرة.. وصور لي بعد قديمة!!
وصور قبل الكاميرات الرقمية بعد.. بس دخلتها فيه!!
عشرات عشرات الصور..
كما لو كان يكشف لها تاريخه كله ويبسطه أمامها..
صوره وهو صغير مع والده وأشقائه في مناسبات ورحلات مختلفة..
صوره في الكلية.. صوره باللباس العسكري بأشكال مختلفة..
الكثير من الصور مع منصور!!
بل هناك أكثر من صورة له مع زايد الصغير في مجلس منصور!!!
ابتسمت بعفوية: شكلك يجنن في اللبس العسكري.. بس أحلى صور اللي مع زيود فديت قلبه!!
ابتسم بفخامة: ماعليه نبلعها إن أبو منصور مقدم علينا!! يستاهل!!
سألت بذات العفوية الرقيقة: تحب تصور؟؟
هز كتفيه: لا.. بس لا صورت.. أحب أحتفظ فيها..
أبي أوريها لعيالي..
ما تتخيلين أشلون انبسط لا شفت صورة لأبي هو صغير..
لأنه أنا ماعرفت إبي إلا وهو كذا... لحيته بيضاء وطويلة!!
كان ينهمر بحديث عفوي.. ينبئ فعلا أن هذا رجل يحمل قلبا أشبه بقلب طفل..
أحاديثه كلها مصاغة بعفوية لا تخلو من فخامته الرجولية..
أحاديث لا تزييف فيها ولا حتى تحسين للحقائق!!
كان قد أنزل الحاسوب جانبا.. وهاهو يحتضن أناملها بين كفيه..
يتحدث وأنامله تناجي أناملها.. وكأنه عاجز حتى عن الإفراج عن أناملها..
بينما هي عاجزة حتى عن محاولة تقبله!!!!
**************************************
" هلا حبيبي..
غريبة ماقعدت عند أبيك شوي؟؟"
علي يخلع غترته ويلقيها جانيا ويهتف بهدوء: واجهته في المجلس عقب ماجابه كساب من المطار..
بس هو راح داخل لمزون ومرت كساب..
وأنا ما أقدر أتاخر عليش وأنتي بروحش!!
شعاع بخجل: والله كنت أبي أسلم عليه الليلة.. بس الوقت متأخر واستحيت أواجه كساب!!
علي برفق حازم: خلاص بكرة لا رحت أنا للدوام.. روحي سلمي عليه..
شعاع بوجل رقيق: مسرع خلصت إجازتك؟؟
ابتسم علي: صار لي أكثر من أسبوع قاعد مقابلش.. وانتي الحين صرتي احسن بواجد..
ما أقدر أقعد من شغلي أكثر من كذا؟؟
ابتسمت برقة وهي تميل لتقبل كتفه: قلت لك قبل الوقت معك ماينحسب..
ثم أردفت بذات الرقة: زين بكرة لا سلمت عليك..
أبي أروح مع جوزاء.. بتسوي تلفزيون وعبدالله عنده شغل مهم..
وعقب بنروح نتطمن على ولد نجلا إن شاء الله يكون خلص عمليته!!
ابتسم علي بلهفة: مهوب مشكلة.. بس أنتي متى بتسوين التلفزيون بعد؟؟
بأموت متشفق على شوفة أي شيء منه!!
ابتسمت برقة: قريب إن شاء الله..
**********************************
هاهو يعود... لم يتوقع أنه قد يجدها..
ولكنه الإنسان.. دائما مثقل بالأمل..
لأنه إنسان!!!
وجد مزون وكاسرة في انتظاره..
حتى مزون لم تستطع البقاء إلا قليلا.. لم يشبع حتى من ضمها لصدره..
فغانم كان ينتظرها خارجا.. والوقت أصبح متأخرا..
فاضطرت للذهاب..
وكاسرة جلست معه قليلا ثم اعتذرت ...واضطرت هي ايضا أن تصعد لكساب الذي كان هو من أحضره من المطار..
وهاهو يضطر للصعود .. لجناحه البارد الصقيعي..
يا الله..!!
بقدر مابدت له رحلته طويلة ومُرة بعيدا عنها..
بقدر ماتبدو غرفته أكثر قسوة.. لأنه ماعاد يطيقها بعدها..
(الظاهر إني على كل حال لازم أروح لجناح ثاني!!
ماني بمستحمل ذا القعدة... باستخف)
.
.
.
هي هناك... تعلم أنه عاد لبيته..
عودته نثرت يأسها وحزنها مضاعفا..
اشتاقت له كثيرا.. لا تستطيع أن تنكر ذلك!!
" كم نحن مخلوقان غريبان!!
كما هما ولدينا!!
نعيب عليهما.. ونحن من أورثناهما الغرابة!!"
أخرجها من أفكارها الطرقات على بابها.. شدت روبها على جسدها.. وفتحت الباب المغلق بنفسها..
كان تميم هو الطارق..
أشرق وجهها حين رأته..
قبل جبينها ثم أشار بمودة: يمه.. عمي مهوب جاي الليلة.. ليش مارحتي لبيتش؟؟
مزنة تشير بحزم تخفي خلفه توجسها: بلى.. بس هو جاي متأخر.. واتفقنا أرجع بكرة!!
مزنة تنهدت.. لا تريد أن توتر ابنها..
وهي تعلم أنه متوتر مع زوجته مع أجل عملية غانم الصغير في الغد..
تريد أن تنتهي عمليته بخير أولا!!
ثم تبحث لها عن عذر مناسب عجزت تبحث عنه ومازالت لم تجده!!
تميم أشار برجاء: زين يمه أبي منش خدمة!!
ابتسمت مزنة: آمرني فديتك!!
تميم بذات الرجاء: أبيش بكرة تكونين مع سميرة.. العايلة كلها قلوبهم ماشاء الله ماي..
أنا بأكون موجود معها.. بس أنا مستحي من أختها.. وبأكون واقف بعيد..
أبي أتطمن إنه فيه حد قوي معها!!
مزنة بحنان: بدون ماتقول يأمك.. أنا أساسا متفقة معها أروح معها المستشفى بكرة..
تميم أشار بصفاء باسم: الله لا يخلينا منـــ...
بتر إشارته وعيناه تنقلبان بشكل مفاجئ وهما تتجهان لمكان في كتف والدته..
بجانب عنقها ..
لأن طرف جيب الروب تعلق في دانتيل حمالات القميص العريضة لذا لم يغطيه!! ومزنة لم تنتبه!!
مد يده ليشد جيبها.. بينما مزنة تأخرت بجزع.. وهي تشير بجزع أشد: وش فيك أمك؟؟
تميم جن تماما وعيناه تتحولان لجمرتان محمرتان وهو يشير بجنون مطبق: أنا اللي وش فيني؟؟ أنا اللي وش فيني؟؟
تميم يريد خلع روبها رغما عنها.. وهما تقريبا يتعاركان عليه.. لأن مزنة علمت السبب..
ولكن تميم ختاما كان هو أقوى منها ..وهو تقريبا يمزق روبها وينظر بقهر موجوع وغضب عارم للعلامات الواضحة على جسدها..
مكانان.. وخمس علامات في كل مكان .. علامة منفردة وأربع علامات متجاورة!!
في كتفها من ناحية اليمين.. وعضدها من ناحية اليسار!!
لم يتمنى في حياته كلها كلها كلها.. أن يكون لديه صوت مثل هذه اللحظة..!!
لشدة شعوره بالقهر والغضب... تمنى أن يصرخ ويصرخ ويصرخ حتى تتمزق حباله الصوتية من الصراخ!!
" أ تُمد يدا على والدته وهو مازال يتنفس الهواء؟؟
إذن حياته كلها لا معنى لها!!
هو لا معنى له!! "
تميم أشار بجنون مطبق: والله ما أخليه.. والله لا أذبحه الليلة..
والله إن قد أذبحه!!
يسوي فيش كذا يحسب ما وراش رجال.. يحسب ماوراش رجال!!
تميم غادر ركضا.. بينما مزنة انتزعت جلال الصلاة لتلبسه فوق قميصها..
وهي تركض خلفه..و تتصل بزايد بجزع مرعوب:
زايد ترا تميم جايكم للبيت وهو مايشوف من الزعل..
متحلف فيك.. تكفى سكر بابك عليك.. ولا تنزل له!!
زايد بغضب: تبيني أندس من بزر أصغر من عيالي؟؟
يتحلف فيني ليه؟؟ وش مسوي له؟؟
مزنة كانت تبكي فعلا.. فهي تعلم أن تميما قد يؤذي زايد فعلا..
أما الاحتمال الأقرب فهو أن كسابا لو تدخل فهو من سيؤذي ابنها..
فهو لن يسمح له بمد يده على والده وهو يشاهد!!
زايد أنهى الاتصال وهو يهتف بغضب:
أنا انتظره تحت..خلني أشوف وش عنده..
ولا تحاتينه.. بأهديه!!
مزنة كانت تركض بكل قوتها.. فهي تعلم أن زايد لن يستطيع التفاهم معه حتى..
ولأن تميم لم يسبق مطلقا أن زارها في بيتها لأنها على الدوام عندهم... فهو لم يعرف أين يتجه تماما..
لذا حينما وصلت كان للتو يلتحم مع زايد وهو يرفع زايد من جيبه دون أي تفاهم!!
تميم فقد عقله تماما.. لم يفكر حتى أن هذا رجل أكبر منه سنا ولا يوازيه قوة..
فما رآه في والدته نحر روحه تماما.. وإحساسه بالقهر ألغى مابقي فيه من التفكير!!
فجسد والدته كان مبقعا بأثار أظافر غارت في جسدها.. تركت أثرا بنيا واضحا لم يختفِ رغم مرور عشرة أيام..
رغم أنه في الأيام الأولى كان أسوأ بكثير.. بين اللون الأحمر ثم البنفسجي ثم الأزرق.. وهاهو خَفَت للون بني يوشك على الذهاب!!
لذلك غيرت مزنة المفرش قبل ذهابها!!
لأنه تلطخ ببقع من نقاط الدم التي نزلت من جسدها..
لم تستطع مطلقا أن تلوم زايد.. فهو في ليلتهما الأخيرة معا كان نائما ومتمسكا فيها بشدة..
كانت تريد أن تقوم للحمام.. ولم ترد إيقاظه.. فحاولت التخلص من يديه برفق..
فشد عليها بقوة أكبر لدرجة أن أظافره غاصت في لحمها كثيرا!!
لذلك كان تأثرها منه لا حدود له.. ولا علاج له..
لأنها صمتت على كل هذا الألم الجسدي وهي تفسر ذلك بعدم قدرته على التخلي عنها حتى وهو نائم!!
ولم تخبره بشيء وهي ترتدي ملابس مغلقة تماما..
وتغطي المفرش السفلي بالعلوي انتظارا لذهابه حتى تغيره..
كانت تعلم أنه لو علم بهذا الأمر سيجرحه ويؤذيه لأبعد حد.. لذا لم تخبره ولم تخبر سواه..
ثم بعد ذلك...
يصفعها وبكل بساطة.. أنه لا يريد أي احتكاك بينهما!!
لماذا إذن كان يمسك بها هكذا؟؟ لماذا؟؟
أ يتمسك بها بكل هذا التملك والوجع.. ثم لا يريد أي احتكاك بينهما!!
فأي ألم حرث بمناجله روحها ذهابا وإيابا؟!!
مزنة فور وصولها.. فرقت بينهما رغم صعوبة إبعاد تميم عن زايد وهو كالمجنون..
كان يريد أن يكسر الأيدي التي امتدت لوالدته!!
مزنة أشارت لتميم بغضب: أنت اشفيك ماعندك تفكير..
اللي فيني مهوب من زايد..من كاسرة.. وإسألها !!
تميم كما لو كان سُكب على رأسه ماء مثلجا وهو يتراجع بجزع كاسح مصدوم:
من كاسرة؟!!
مزنة بحزم: إيه من كاسرة.. أنت تدري إن كاسرة أحيانا تحلم بكوابيس!!
ويوم كنتو مسافرين كانت نايمة عندي..
وسوت فيني كذا بدون ماتحس يوم قامت مفزوعة من الكابوس!! لأني كنت أبي أهديها وهي ماتبي تهدأ...
وإسألها لو تبي!!
(كانت مزنة متأكدة أنه لن يحرج كاسرة ويسألها عن ذلك!!)
بينما تميم اسود وجهه تماما.. ماعاد قادرا على وضع عينه في عين زايد..
وهو يقترب ليقبل رأس زايد ثم يغادر دون أن يرفع بصره!!
زايد كانت أنفاسه تعلو وتهبط من العصبية وهو يحاول السيطرة على أعصابه..
وينتظر أن تنتهي من حوارها الغريب مع ابنها..
ليتفاجأ بانتهائه هكذا.. بقبلة رأسه ثم رحيل تميم..
رغم أن تميما حين حضر كان كالمجنون تماما وعيناه محمرتان من شدة الغضب!!
حين غادر تميم.. انهارت مزنة جالسة..
زايد جلس جوارها وهو يهمس بسكون : ممكن أعرف ليش ذا كله؟؟
مزنة بوجع عميق عميق عميق: تبي تدري ليش ذا كله؟؟
تعال في مجلس الحريم وأقول لك.. ما أقدر أقول هنا.. أخاف حد يشوفني..
زايد بأمل أعمق: وما ينفع تقولينه لي في غرفتنا؟؟
مزنة بوجع أشد وأكثر وحشية بدأ يختلط بوجعها الجسدي وهي تشعر بتقلصات موجعة في أسفل بطنها: لا ماينفع..
زايد غادر معها لمجلس الحريم.. وتوجس غريب ينتشر في روحه!!
حــيــنــهـــا...
خلعت جلال الصلاة عنها..
زايد اتسعت عيناه بجزع وقهر أشد من كل مصطلحات العالم وأحاسيسها..
وهو يتحسس العلامات في جسدها ويشعر أن أنامله ستحترق لشدة الغضب..
كاد يجن بكل معنى الكلمة وهو يصرخ بهذا الغضب المجنون: من اللي سوى فيش كذا؟؟ من اللي سوى كذا؟؟
مزنة ببساطة موجوعة: أنت!!
زايد تراجع بصدمة كاسحة: أنا؟؟
مزنة بذات البساطة الموجوعة: آخر ليلة قضيناها سوا.. كنت متمسك فيني لدرجة أن أظافرك غاصت في جسمي..
وعقبه ثاني يوم تقول لي لا تحتكين فيني!!
وعقبه ثالث يوم تقول لي ارجعي لي!!
زايد جلس جوارها منهارا على الأريكة.. روحه تمزقت بقسوة لا حدود لمرارتها..
وهو يتمتم بذهول مثقل بالوجع الصاف الصِرف:
أنا مستحيل أكون طبيعي..
أنا سويت فيش كذا ؟؟ انا؟؟ أنا؟؟
تنقص يدي اللي انمدت عليش.. تنقص يدي!!!
مزنة لم تكن تستمع لشيء مما يقوله وهي تفاجئه بإمساك معصمه بقوة وهي ترص على أسنانها:
زايد... أنا أنزف!!
#أنفاس_قطر#
.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.
نجمة لـ لامارا
نجمة لـ شرقاوية عسل
يا الله
البارت 104
.
قراءة ممتعة مقدما
وموعدنا الخميس الساعة 9 صباحا
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وأربعة
" يمه السيارة تأخرت علي؟؟ "
عفراء باستغراب: يأمش فهد هو اللي جاش ومن زمان..
وأنا قلت له أي ممر... ماشفتي سيارته؟؟
جميلة شهقت بعنف وهي تتراجع خطوة للخلف.. ثم تعود لتلتصق بالزجاج.. لتراه فعلا جالسا بداخل سيارته التي يبدو إنها متوقفة منذ فترة ليست بالقصيرة..
لأنها كانت تلاحظ السيارات الواقفة في الممر.. ولكن تركيزها كان مع سيارة والدتها..
مازال هاتفها معلقا بأذنها ووالدتها تهتف بحزم: روحي مع رجالش.. وخلش مرة سنعة..
جميبة هزت رأسها كما لو أن والدتها تسمعها..
شعور عارم بالتوتر والتوجس.. يتخلل كل أنحاء جسدها
قد تكون تكلمت معه على الهاتف بشيء من الجرأة والوقاحة.. لكنها ما أن رأته..
حتى شعرت أن عظامها ستذوب من الخوف والتوتر...
" ياربي... أشلون نسيت موعد جيته؟؟
يمكن تناسيت.. مانسيت..
ياربي.. الحين معصب من كل صوب..
ما انتظرته في البيت.. وعقب نقعته في سيارته
.
وأنا وش دراني إنه برا؟؟
أعرف الغيب... ليش مادق علي؟؟"
جميلة لو كان الأمر بيدها لم تكن لتخرج له.. فهي خائفة منه فعلا..
خائفة من حدته.. ومن قسوته.. ومن تهديده!!
ولكنها ختاما خرجت وهي تقدم قدما وتؤخر أخرى..
هــو عرفها منذ خرجت من الباب البعيد.. وكأن الشمس أشرقت من هناك..
فهل هناك من يجهل شروق الشمس...؟؟
بدت دقات قلبه تتصاعد بعنف..
وهو يكره هذا الشعور الذي يحيله إلى مراهق عاجز عن السيطرة على خلجات نفسه!!
ركبت جواره بتردد وهي تتمتم باختناق: الحمدلله على السلامة..
أجابها بسكون وهو يحاول ألا ينظر لها: الله يسلمش... كان قعدتي بعد شوي!!
اجابته بذات النبرة المختنقة: أنت ما اتصلت علي..
ازدادت نبرته حدة: وأنتي ما كنتي عارفة إني بأجي اليوم؟؟
صمتت.. لم ترد عليه.. شعرت أنها إن قالت كلمة إضافية قد تبكي!!
هو أيضا لم يصبر على ألا ينظر لها.. فهو لا يعرف كيف يتصرف خلافا لطبيعته..
كان ينظر ليديها العذبتين المشبوكتين في حضنها.. لا يعلم لِـمَ شعر بتأثر رقيق أنها ترتدي دبلته..
ولكن التأثر تحول لغضب وهو يصرخ بها: ممكن أعرف ليش ملونة أظافرش؟؟
جميلة انتفضت بجزع: عادي.. شوف أظافري مقصوصة للآخر واللون فاتح..
فهد بذات الغضب: والحين صارت القضية إن أظافرش قصيرة.. واللون فاتح..
ليش أساسا تحطينه.. ماعندكم دكاترة في الجامعة وعمال؟؟
جميلة زفرت بحرقة: فهد الله يهداك أنت جاي من المطار حاد سكاكينك علي..؟؟
أساسا أنا أقعد ورا.. لا شافني دكاترة ولا عمال..
بس خلاص أوعدك ما أحط في الجامعة ولا برا.. شيء ثاني؟؟
حينها كان هو من صمت..
فهو يعترف أنه جاء إليها وهو يشعر بالاستفزاز بعد مكالمتها الأخيرة..
لم يتوقع أنها ستجابهه بهذه المهادنة والرقة التي تذيب مفاصله..
تبادلا الصمت حتى دخلا باحة بيته..
حينها كانت من همست بجزع: ليش جايبني هنا؟؟
أجابها بحزم: وين تبين تروحين؟؟
جميلة باختناق: أبي أروح بيتنا..
فهد بذات الحزم وهو يفتح بابه: هذا بيتش.. خلصيني وانزلي!!
جميلة تشعر إنها ستموت: زين بأروح أجيب ملابسي..
فهد باستغراب: تجيبين ملابسش... ؟!!
عندش هنا ملابس تغطي آسيا وأفريقيا... وش تجيبين فوقهم؟؟
انزلي بس!!
جميلة نزلت مجبرة.. فهي بالفعل لا تريد أن تكبر مشكلتهما.. وتعلم أنها لو بقيت في بيت أهلها بعد عودته..
فهذا سيكون بمثابة إعلان علني بوجود خلاف بينهما!!
قد تكون قالت له أنها لا تريده.. وتريد أن تبقى في بيت أهلها..
لكنها تعلم أن هذا كلام غير منطقي.. وكانت تقوله لشدة غيظها منه!!
ولكنها أيضا تشعر على كل حال أنها غير قادرة على تقبله..
وتشعر بوجود حاجز غريب بينهما!!
نزلت بخجل.. وهي تسحب قدميها سحبا!!
متوجهة لغرفة عمتها أم صالح..
هتف بحزم: وين بتروحين؟؟
جميلة بذات النبرة المختنقة: بأروح أسلم على عمتي..
أجابها بنبرة مقصودة: لا والله راعية واجب..
أمي وجوزا رايحين الجمعية يجيبون أغراض البيت..
عقبال ما تكفين أمي وتجيبنهم أنتي!!
همست حينها بذات نبرته المقصودة: إن شاء الله.. إذا حسستني صدق إني مرتك..وهذا بيتي..!!
مثل ماعبدالله محسس جوزا..
دائما لدغتها ناعمة حينما تريد!!
أجابها بحزم غاضب: لا تقارنيني بغيري.. أظني صرتي تعرفين.. إن هذا سمي وناري!!
جميلة تنهدت وهي تصعد للأعلى..
فوجئت أنه لم يتبعها وهي تتنفس الصعداء..
بينما هو توجه للمسجد ليلحق بصلاة الظهر!!
جميلة بدأت بإزالة الصبغ عن أظافرها.. ثم فتحت خزانتها لتستخرج لها لباسا ترتديه بعد أن تستحم وتصلي..
في داخلها.. لا تشعر بأي رغبة لأن تتأنق لهذا المعقد..!!
ولكنها لابد أن تتأنق بطبيعتها.. وخصوصا أنها ستنزل لتسلم على عمتها وجوزا وتتغدى معهما..
حمدت الله أنه لم يعد مباشرة..
فوجوده يثقل على نفسها بشكل مجهد فعلا..
لم يعد حتى عادت لغرفتها بعد الغداء..
كانت تجلس أمام المرآة.. تمشط شعرها..
بعد أن خلعت الدراعة التي ترتديها ولبست لباسا خفيفا.. يتكون من (ليقنز وتيشرت) من القطن.. فقط!!
مهما كان لباسها بسيطا.. تبدو في عينيه شيئا مبهرا إلى أبعد حد..!!
رؤيتها مجهدة لمشاعره وقلبه لأبعد حد!!
دخل بسكون وسلم بسكون.. وجلس على طرف السرير خلفها مباشرة.. يراقبها بتمعن وهي تمشط شعرها بتوتر.. لأنها تعلم أنه يراقبها..
نهض ليتقدم نحوها.. انكمشت على نفسها قليلا وهو يميل عليها ليتناول المشط من يدها..
ويضعه على التسريحة لتتخلل أنامله خصلاتها الناعمة وهو يهمس بدفء:
كأنه شعرش طايل شوي.. لا تطولينه.. يعجبني كذا!!
( وش اللي تغير؟؟ عقب ماهو منتف.. عاجبك!!) همست باختناق:
بس أنا أحب الشعر الطويل.. وأبي أرجع أطوله!!
هز كتفيه وهو يمسك بعضديها ليوقفها ثم يديرها ناحيته وهو يهمس بذات الدفء:
براحتش.. حتى لو كنتي بدون شعر عاجبتني!!
قربها منه برفق ليغمر وجهها بقبلات شفافة حانية بينما انكمشت هي رغما عنها..
همس في أذنها بعمق: طالبش.. بلاها ذا الحركة.. تحسسني وش كثر أنتي خايفة مني!!
أنا ما أكرر غلطتي مرتين.. فلا تكررينها أنتي!!
*****************************************
وضحى قفزت بجزع وهي تسمع الطرقات القوية على الباب..
لتتفاجأ بالباب يُفتح ونورة تدخل..
وضحى بقيت لدقيقة مذهولة (كيف دخلت هذه؟؟)
لتشعر أنها ستبكي وهي تنتبه أنها تقف أمامها ببيجامة مكونة من (شورت وتوب بحمالتين رفيعتين) فقط!!
أمها لم ترها مطلقا بهذا المنظر.. فكيف تراها هذه؟؟
قفزت لتختبئ داخل غرفة التبديل وهي تهمس باختناق حرجها المر:
أم سعود دقيقة بس وأنزل لش!!
نورة كانت مذهولة.. ولا تنكر أنها شعرت بالحرج..
فهي فوجئت بالأبواب مفتوحة.. ولا أحد في البيت..
لذا صعدت مسرعة لغرفة شقيقها!!
نورة عادت للأسفل.. ففي الأسفل كانت تجلس رفيقة دربها سلطانة..
وهما في انتظار شقيقتين آخريين من شقيقاتهما..
سلطانة بقلق: لقيتي حد؟؟
نورة بتأفف: لقيت مرت أخيش متفسخة.. يا الله جيرنا من كشف الستر!!
راقدة وهي مهيب لابسة شيء..
والبيبان كلها مفتحة.. لو أن اللي داخل عليها حرامي وش كان سوت؟؟
إيه ما ألومه أخيش يستخف.. ولا كلمناه يكلمنا بالقطارة!!
سلطانة ضحكت: نورة الله يهداش.. عروس وش تبينها تلبس عند رجّالها؟؟
نورة بذات التأفف: والله إنكم جيل ماعاد في وجهه حيا ولا مستحى!!
والاثنتان مستمرتان في حوارهما فوجئتا بالخادمة التي أحضرت لهما القهوة والشاي..
سلطانة باستغراب: من أنتي؟؟
الخادمة بعربيتها المكسورة: أنا خدامة ماما مزنة.. ماما يجيب هنا عشان بنية ودحه صغير..
سلطانة تلوي شفتيها: خدامة من الحين؟؟ وخدامتها قدامها بعد!!
حن جايبين قهوة وفوالة روحي جيبيها..
الخادمة تبتسم: هذي قهوة مال أنتي ماما.. أنا يشوف أنته يجيب قهوة.. أنا يجيب بيالة فنجال بس..
نورة بغضب: وين كنتي مندسة يالسكنية.. ومخلية كل شيء مفتوح..
الخادمة مازالت تبتسم: ماما أنا قدام عين مال أنتي.. أنا كنت ينظف صالة..
حينها كانت وضحى تنزل.. ووجهها متفجر بالاحمرار.. عاجزة عن وضع عينها في أعينهما..
بعد انتهاء السلامات المعتادة..ووضحى تتولى مسئولية ضيافتهما..
همست نورة بحزم: وين نايف؟؟
وضحى باحترام: راح لشغله..
نورة بحزم لا يخلو من غضب: راح لشغله وأنتي راقدة وراه كنش فطيسه..
مهوب عيب عليش يأمش..؟!!
هذا السنع؟؟
وضحى صُدمت تماما من هذا الهجوم غير المتوقع.. ابتلعت ريقها ومعه عبرة كانت ستقفز (والله ما أشمتهم فيني!!)
هتفت بكل برود مغلف بالحزم مع ابتسامة رائقة:
أنا مارقدت إلا عقب ماراح نايف لشغله..
أصلا مستحيل أقدر أرقد وهو قايم الله لا يخليني منه!!
نورة وسلطانة تبادلتا النظرات معناها (صدق إنها ما تستحي!!)
بينما وضحى جلست لترسل لنايف رسالة ترجوه أن سألته إحدى أخواته أن يأكد على كلامها..
فهي فعلا كانت تريد أن تنهض معه.. ولكنه من اطفأ جرسها!!
***********************************
" يمه فديتش.. لا تحاتين..
عملية غنومي بتكون بسيطة إن شاء الله!!"
أم غانم بتأثر عظيم: يا قلبي يا نجلا.. هي تلاقيها منين؟؟
الولد هيستحمل عملية يعني؟؟
غانم يشد على كفها بحنو ويقبل رأسها: صدقيني يمه أنا بروحي تكلمت مع الدكتور وطمني.. لا تحاتين..
مزون متأثرة بالفعل من توالي الضغط على نجلا المسكينة وخصوصا وهي ترى تأثر الجميع..
غانم همس لوالدته بمودة: يمه اشرايش تخلين التفكير.. وتسولفين علينا..
أم غانم بشجن: وش تبيني أقول؟؟
غانم ابتسم: يمه.. مزون تبي تدري أشلون خذتي إبي.. علميها..
مزون قطبت جبينها لغانم بمعنى (احرجتني!! )
بينما أم غانم ابتسمت بشجن: أعلمها ليش لا... الواحد نفسه في حكاية تنسيه الهم شوية!!
غانم يبتسم: لا يمه.. مايصير كذا.. لازم تدخلين في المود.. وتصير عيونش تولع قلوب.. تقولين سعاد حسني يوم شافت رشدي إباظه..
ونبيها بالمصري.. عشان حلاتها كذا!!
حينها ابتسمت أم غانم: فشر رشدي إباظة يجي جنب راشد..!!
ده مايجيش ظفره!!
غانم مال على مزون بمرح: اسمعي الهياط بس!!
مزون سألت ام غانم بمودة: يمه ياحلوه الكلام المصري من ثمش..
قولي لي كم صار لكم متزوجين أنتي وعمي؟!! ووين تزوجتوا؟؟ في مصر صح؟؟
أم غانم بإبتسامة شفافة: كملنا 31 سنة..
واتجوزنا هنا في قطر.. أنا أساسا كنت مقيمة هنا.. جيت هنا مع ماما وخالي.. وأنا تانية سانوي..
وكملت المدرسة هنا.. بس مادخلتش جامعة..
عشان ماما كانت ست كبيرة ومريضة..
وحتى خالي كان زيها.. وئرب على التقاعد.. مراته ماتت ئبل مانجي هنا
وماكانش عندو ولاد..
والاتنين شايلين همي.. يحصل لهم حاجة ويسيبوني لوحدي..
خطبني مصريين كتير هنا.. بس أنا مابيعجبنيش العجب!!
غانم يميل على اذن مزون باسما: العجب تراه أبو غانم!!
أم غانم بغضب باسم: خلاص ئول انته الحكاية لمراتك..
مزون باستعجال ودود: يمه ماعليش منه.. كملي!!
أم غانم أكملت ولكن هذه المرة انكسرت ابتسامتها: ماما ماتت بعد كم شهر واندفنت هنا..
عشان كده كان عندي إحساس إني لازم اتدفن مترح ما اتدفنت أمي!!
تعبت كتير بعد ماما.. وخالي تعب معايا الله يرحمه!!
بس بعد كده ئلت لازم أكون أئوى شوية عشانه.. هو هيلائيها منين!!
في الوئت ده بالزبط كان غانم عاوز يتجوز وحدة بس مش من جماعتهم.. من ئبيلة تانية..
أبوه وأخوه أبو صالح ما رضيوش.. وهو كان شاب فاير وراسه ناشف..
فحلف إنه يتجوز وحدة من برا حدود الخليج كله!!
ولو جيتي للحئ هو ئال لي إنه استغفر عن الحلف ودفع كفارة.. بس هو كان عاوز يئرص ودانهم..
أكملت حينها بابتسامة اتسعت: خالي كان معاه في الشغل.. فهو يحكي لخالي الحكاية..
فخالي ئال له إنه هو اللي هيجوزه وحدة من برا الخليج..
راشد كان عاجب خالي كتير.. بس خالي ماكنش في باله واحد خليجي خالص..
لحد ماماتت أمي.. واندفنت هنا وأنا مش راضية أسيب هنا ولا أنزل مصر حتى في الإجازات..
راشد اتحرج.. ئال له خالي ما تنحرجش.. أنتو هتشوفها زي ماشرع ربنا ئال..
بس راشد ما رضيش..
ئال وئتها ماكنش مقتنع خالص وعاوز يسكت خالي وبس..
خالي ئال لي الحكاية.. زعلت عليه خالص.. ئلت له أخرتها تعرضني على راجل وهو مايرضاش حتى..
ومن ئال لك إني عاوزة واحد قطري... شكلهم كِشر..
غانم ضحك: يمه أما على سالفة إنه شكلنا كِشر لازم نرفع عليش قضية!!
مزون برجاء: تكفى غانم لا تقاطعها.. خربت اندماجي!!
غانم بإبتسامة: لو تدرين عاد قطعت عليش عند (الماستر سين)!!
أم غانم بتافف: أنته هتسكت ياله.. وإلا سيبني أئوم أبدل للولاد..
مزون برجاء: أنا بأبدل لهم.. بس كملي الحين فديتش يمه..
ابتسمت أم غانم: ئولي لجوزك الرغاي..
سيبينا منه.. بعدها بكم شهر كنت مع خالي في المستشفى عشان كان تعبان شوية..
وراشد كان جايب الست مامته الله يرحمها!!
ضحكت أم غانم بخجل عفوي : الواد غانم مابيحبش الحكاية دي!!
بس أنتي عارفة إنه زمان بنات السبعينات عاملين ازاي.. ومع كده أنا كنت بألبس طويل بس ماكنتش باتحجب..
راشد بيئول لي إنه حاول ما يبصش بس مائدرش.. أصلو كان فاكرني شبه خالي..
خالي كان أسمر وماكنش حلو خالص!!
خالي لما سلم عليه أنا اتلحس مخي.. حلاوة إيه.. طول إيه.. شبه الواد فهد ابن أخوه خالد..
حينها لم يستطع غانم إلا أن ينفجر في الضحك: ماقلت لش.. ترا السالفة أول كان يشبهني..
الحين صار يشبه فهد.. انتظري عليه المرة الجاية بتقول لش شبه عبدالله..
مزون بتأفف رقيق: لو دارية كان خليتها تسولف علي وأنت برا بسلامتك..
خربت الجو مرة وحدة!!
يمه تكفين كملي لي!!
ضحكت أم غانم: هي كده كملت.. بس الواد ده نصاب.. عمري مائلت إن راشد شبهه... راشد أحلى منو بعشرين مرة!!
طبعا أهل راشد ماكنوش راضيين بالجوازة خالص خالص..
بس المرة دي راشد عنّد وصمم.. وخدت وئت طويل لحد ما أهله تئبلوا فكرة جوزانا..
أول شيء ئاله راشد لخالي.. لازم تتغطى..
ضحكت: ئلت لخالي اللي هو عاوزة.. هأعمله..إن شاء الله يكون عاوز يحبسني في ئمئم!!
والحمدلله عمري ماحسيت بالندم من أول دئيئة لحد دلوئتي ربنا مايحرمنيش منو ولا من طيبة ئلبو!!
ضحكت: تدرون تعبت أحكي مصري... تعودت على الحكي المكسر!!
غانم يضحك: شفتي القلوب يوم نطت من عيونها؟؟
مزون ضحكت: لا والله شفت العصافير اللي تطير حول رأسك..
وأنا أتمنى لو عمتي أم غانم تضربك بالمزهرية على رأسك من كثر ماتقاطعها!!
*************************************
" إلا وش سالفة المسج بالتفصيل؟؟
خواتي وش سوو اليوم!! "
وضحى بألم شفاف: خلوني في نص ثيابي يا نايف.. تخيل نورة دخلت على وأنا نايمة..
شافت لبسي.. أمي ماشافتني كذا!!
وعقبه تقول لي أنتي ماتعرفين السنع... نايمة ونايف رايح لشغله!!
وضحى كانت تحادثه بشفافية لأنها لا تستطيع أن تشتكي لسواه..
بل إنها لم تخبره بكل شيء.. فهم حين اكتمل عقد الشقيقات الأربع قالوا ماهو أكثر من ذلك..
حتى أمها وخادمتها التي أرسلتها.. لم تسلما من تعليقاتهما..
وهي وحيدة تتلقى الضربات من الأربعة.. وكلهن سيدات كبيرات في السن..
ولا تستطيع أن ترد عليهن احتراما لسنهن ومكانتهن..
ولكنهن لم يرحمنها مطلقا من تعليقاتهن وأسئلتهن واستفساراتهن حتى عن تفاصيل حياتها الخاصة مع شقيقهن..
ورغم أنها لم تخبره بكل ذلك.. نايف رد بتأفف: مهوب كنش مزودتها؟؟
وضحى بصدمة: أنا مزودتها؟!!
نايف بذات التأفف: إيه مزودتها.. يعني المساكين تاركين بيوتهم وعيالهم من صبح عشان يجون يسلمون عليش ويقهونش..
أخرتها تشتكين منهم كذا..
ليش تشتكين؟؟
لأنش واجد متصلبة وماعندش أي مرونة..
وضحى بذات النبرة المصدومة: أنا ماعندي مرونة؟؟
نايف لا يريد فعلا أن يضايقها.. لكنه سبق أن حذرها في هذا الموضوع لذا هتف بتقصد:
حتى لو كنت نسيت موضوع تميم.. لكنه كشف لي إنش ماعندش مرونة في التعامل مع المشاكل..
وش فيها لو جاملتي خواتي العجايز شوي وتحملتيهم..؟؟
وضحى شدت لها نفسا عميقا.. حتى لو قال أنه نسي... يبدو أن هذا الموضوع سيبقى حاجزا بينهما..
لأنه وضع له تصور مسبق لشخصيتها سيحبسها في إطاره..
لذا همست باختناق متردد: تميم مايدري عن شيء!!
نايف نظر لها بدهشة: يدري عن ويش؟؟
وضحى انكمشت قليلا فهي تجهل بالفعل ماذا ستكون ردة فعله: مايدري عن المسجات..
أنا اللي أرسلتها من تلفونه ثم مسحتها!!
نايف اتسعت عيناه بصدمة.. ثم شرق وكح ..
ثم .......
انفجر بالضحك..
ضحك مطولا لدرجة أن عينيه دمعتا قبل أن يهتف بين ضحكاته:
لا بصراحة غطيتي على عالية.. المفروض عالية تجي تأخذ عندش دروس في المقالب..
ذا كله صبيتي قلبي... وآخرتها الرسايل من عندش!!
******************************************
" ها ياحلوة.. وينش؟؟
عقب منتي ما تبين تروحين معه.. حتى تلفون توش تكلميني..
أنا مابغيت أدق وأصير عمة ثقيلة دم!! "
جميلة بتأفف: يمه.. توه أفرج عني..
من عقب صلاة العصر.. واحنا طالعين.. تونا رجعنا.. وراح لأبيه في المجلس!!
عفراء باستغراب: زين وحدة مطلعها رجالها.. ليه زعلانة؟؟
أعرفش تحبين الطلعات والتمشيات..
لا والمسكين توه جاي من السفر اليوم وطلعش على طول!!
جميلة تزفر: يمه... دمه ثقيل على قلبي!!
عفراء بغضب: والله ماحد دمه ثقيل غيرش.. يا بنت اعتدلي مع رجالش..
جميلة بيأس: والله يمه ماضايقته بشيء.. وكل ماقال لي شيء.. قلت لبيه وحاضر..
بس عاد أغصب نفسي أحبه وأتقبله.. مهوب بيدي!!
عفراء تنهدت بعمق: الله يصلح حالش يأمش.. الله يصلح حالش!!
***************************************
" ها يأمش شأخبار نايف معش؟؟"
وضحى تزفر: يمه نايف يجنن وطيب وأخلاقه تجنن...
بس يمه خواته ما ينطاقون.. وهو يموت عليهم.. يمه توه من أول يوم طفروني..
ما أدري اشلون باستحمل..
مزنة تنهدت: يأمش أنتي خذتي الرجّال وانتي عارفة إن خواته كذا!!
مايصير الحين تاففين منهم..
هذولا بيصيرون عمات عيالش.. وكلش ولا قطع الرحم..
الرحم متعلقة بالعرش.. وتقول اللهم اقطع من قطعني.. وصل من وصلني!!
وضحى ابتسمت: عاد يمه ماوصلت لقطع الرحم.. أعوذ بالله من غضب الله..
بس أنا يمه أبي طريقة أمسك العصا من النص..
وعجزت أفكر.. لأنهم ماشاء الله مايعطون الواحد مجال.. حادين بشكل!!
ابتسمت مزنة بأمومة حازمة: تعاملي معهم بما يرضي الله.. وإن شاء الله مايصير إلا خير!!
وضحى بمودة: زين يمه أنا أبي أسلم على عمي زايد.. بيتأخر..؟؟
كاسرة قالت إنها بتروح تنتظره في البيت..
وأنا نايف بيجيني الحين!!
مزنة تنهدت: بيتاخر شوي يأمش.. روحي الحين وسلمي عليه بكرة!!!
.
.
في الخارج..
فور أن ركبت وضحى مع نايف.. انفجر في الضحك..
وضحى بحرج: نايف حرام عليك.. مهوب كل ما تشوف وجهي تضحك..
ترا أنا في حوش بيت هلي..
بتسوي فيني كذا.. نزلت!!
نايف يشد معصمها ناحيته وهو يغالب الضحك: وش تنزلين؟؟؟ خلاص بأسكت..
الله يقطع إبليسش يا الوضحي.. كل ماتذكرت حالتي وأنا أصب عرق وأنا قاعد في المجلس.. أموت على روحي من الضحك!!
حينها ابتسمت وضحى: تستاهل.. عشانك واحد مغازلجي..
نايف يضحك: أما مغازلجي كثري منها.... أنا على قولت المثل... اللي ماعمره تبخر.. تبخر واحترق!!
ثم أردف بتماسك: ها انبسطتي عند هلش..؟؟
وضحى بمودة: أكيد ولو أنه سميرة نفسيتها تعبانة عشان عملية ولد أختها بكرة..
وكاسرة ماطولت عندي.. راحت لبيتها عشان مزون بتجي وبينتظرون عمي زايد جاي من السفر!!
نايف بنبرة واثقة: ترا حتى أمش ماعجبتني يوم نزلت أسلم عليها..
وضحى باستغراب: أشلون ماعجبتك؟؟
نايف هز كتفيه: شكلها تعبانة أو متضايقة..
وضحى بقلق: لا تروعني على أمي.. أنا شفتها عادية!!
ابتسم نايف وهو يشد على كفها: عشان ما عندش سبع خوات..
لازم أول شيء تسوينه تطلين في عيون الوحدة منهم عشان تعرفين نفسيتها..
قبل تفتحين ثمش بكلمة!!
**********************************
" يأبيك تبي تقوم تنسدح؟؟"
عبدالرحمن بمودة غامرة: لا جعلني فداك.. تو الناس!!
أبو عبد الرحمن باهتمام: بس أنت وراك دوام بكرة.. لازم تتريح!!
عبدالرحمن باحترام: محاضراتي متأخرة أساسا!!
حينها تذكر أبو عبدالرحمن شيئا: إلا أنت اليوم من اللي وداك دوامك؟؟
رجعت من عند طيوري لقيت سيارتك مهيب هنا.. والسواق قاعد مع المقهوي!!
أسأله عنك قعد يمغمغ .. (يمغمغ= يهمهم بكلام غير مفهوم عند الارتباك)
عبدالرحمن صمت شعر كما لو كان وقع بين المطرقة والسندان.. فهو اليوم لأول مرة يتهور.. ويقرر أن يقود سيارته بنفسه..
بقدر مابدت له العملية متعبة بقدر ما بدت ممتعة.. وليس على استعداد أن يعود مرة أخرى ليسوق به السائق..
وخصوصا أن اليوم كان تجربة.. ويريد أن يفاجئ عالية في الغد أن يذهب بها هو لعملها!!
عبدالرحمن وجد له عذرا: جاني واحد من ربعي على تاكسي.. وهو اللي ساق السيارة..
ثم أردف بحذر: مع إنه يبه يمكن لو حاولت أسوق.. أسوق.. أرجيلي صارت حركتها أحسن..
والسواقة ما تبي إلا دوسة بسيطة على البنزين..
أبو عبدالرحمن بتحذير: لا يا ابيك لا تستعجل.. لين تمشي زين..
ثم أردف بامل: ولو أنك يا أبيك طولت.. قد لك أكثر من أسبوع وأنت تقول لي كل يوم بكرة!!
وش رأيك تحاول قدامي شوي؟؟.. بأعاونك..
طالبك يا أبيك!!
عبدالرحمن بمودة متجذرة: وليه تطلبني.. باحاول.. اشرايك تعطيني العصا اللي في كبت الدِلال..؟؟
اللي نساها قصيرنا عندنا!! (قصيرنا= جارنا)
أبو عبدالرحمن قفز بلهفة.. وهو يتناول العصا ويعطيها لعبدالرحمن ثم يحاول إيقاف عبدالرحمن من ناحية..
وعبدالرحمن يمسك بالعصا بيده الأخرى..
عبدالرحمن أظهر صعوبة الوقوف عليه وهو يحاول لمرتين بفشل.. ثم يقف في الثالثة..
ويخطو خطوتين قصيرتين ثم يجلس.. وبهمس بإرهاق مصطنع: بس يبه كذا يكفي!!
أبو عبدالرحمن كان يقف مذهولا عاجزا عن استيعاب كل هذه السعادة وهو يتمتم باختناق فعلي: اللهم لك الحمد والشكر..
اللهم لك الحمد والشكر..
ماعليه يا أبيك ماعليه..
اليوم خطوتين وبكرة عشر..
يا الله ما أكبر رحمتك.. ما اكبر رحمتك!!!
*************************************
يعود ... إلى أميرته..
التي طالت ليالي اشتياقه لها حتى شعر أنها لا تريد الانقضاء!!
كل شيء بدا له -بعيدا عنها- بلا رونق.. بلا حياة.. بلا ألوان!!
وكأن بهجة الحياة ورونقها لا تغرد إلا على نغم خطواتها وحضورها العاصف في حناياه!!
هكذا هو.. قلبه المستقيم الذي لا يعرف كيف يكون تزييف المشاعر أو تغطيتها أو تسميتها بغير مسمياتها!!
قد يكون في البداية جهل ماهية المشاعر التي اقتحمت قلبه الذي بدأ يرتعش لرؤيتها. وخلاياه التي تذوب اشتياقا لرؤيتها..
قد يكون بعد ذلك قاوم هذه المشاعر حتى لا تستولي عليه..
ولكنها ما أن ظهرت وتحكمت.. حتى أظهرها كما يجب أن تظهر.. لأنها مشاعر يعجز عن إخفائها!!
حين دخل.. كانت على الحاسوب تقوم ببعض البحث من أجل أحد مقرراتها..
ابتسم وهو يسلم عليها... ردت السلام!!
فهد هتف بثقة: مطولة؟؟
أجابته بسكون: نص ساعة بس..
هتف بذات الثقة: على ما أسبح تكونين خلصتي!! خلي اللابتوب شغال.. بأوريش شيء..
( ما ينفع تسبح لين أنام أنا!!) ورغم عدم رغبتها حتى بالجلوس معه ابتسمت:
زين إن شاء الله!!
حين خرج.. كانت بالفعل انتهت!!
كان ينهي لباسه وهو يهتف لها بثقة ودودة: انبسطتي اليوم في الطلعة؟؟
هزت رأسها برقة: انبسطت..!! (رغم أنها لم تشعر بشيء عدا ثقل وجوده على أنفاسه!!
رغم أنه حاول بذل كل جهده!!)
تنهد: ماعليه أنا توني عليمي في سوالف الطلعات.. لاني اساسا ماني براعي طلعات!!
بس ماهان علي أكون غايب ذا الوقت كله وعقب أحبسش في البيت بعد!!
صمتت.. فهذه التعامل والتفكير الرقيق لا يتناسبان مطلقا مع تفكيرها في شخصية فهد..
كانت تنظر له وهو يتجه لفتح حقيبته الشخصية ثم يستخرج منها بطاقة ذاكرة ويطلب منها أن تضعها في الحاسوب وفتحتها...
جميلة أدخلت البطاقة بحذر في الحاسوب.. دائما تتوجس من كل ماهو من ناحيته..
جلس جوارها وهو يسند ذراعه لكتفيها بطريقة حانية وتملكية في آن..
تناول الحاسوب منها هو..
بدت لها حركته عليه خبيرة بالفعل.. رغم أنها كانت تظنه لا يعرف أي شيء عن الحواسيب..
همست بتلقائية: تعرف له؟؟
ضحك: أعرف له؟؟؟ مهوب لذا الدرجة ترا..!!
جميلة بخجل: ماقصدت..!!
صمتت لأن أي شيء قد تقوله قد يبدو محرجا أكثر!!
فهي بالفعل كانت تظنه لاعلاقة له بالتكنولوجيا كما لو كان يعيش متحجرا في عصر آخر!!
كانت الذاكرة ممتلئة بالصور..
هتف فهد بحماس فخم: بأوريش صورنا في الدورة الأخيرة.. وصور لي بعد قديمة!!
وصور قبل الكاميرات الرقمية بعد.. بس دخلتها فيه!!
عشرات عشرات الصور..
كما لو كان يكشف لها تاريخه كله ويبسطه أمامها..
صوره وهو صغير مع والده وأشقائه في مناسبات ورحلات مختلفة..
صوره في الكلية.. صوره باللباس العسكري بأشكال مختلفة..
الكثير من الصور مع منصور!!
بل هناك أكثر من صورة له مع زايد الصغير في مجلس منصور!!!
ابتسمت بعفوية: شكلك يجنن في اللبس العسكري.. بس أحلى صور اللي مع زيود فديت قلبه!!
ابتسم بفخامة: ماعليه نبلعها إن أبو منصور مقدم علينا!! يستاهل!!
سألت بذات العفوية الرقيقة: تحب تصور؟؟
هز كتفيه: لا.. بس لا صورت.. أحب أحتفظ فيها..
أبي أوريها لعيالي..
ما تتخيلين أشلون انبسط لا شفت صورة لأبي هو صغير..
لأنه أنا ماعرفت إبي إلا وهو كذا... لحيته بيضاء وطويلة!!
كان ينهمر بحديث عفوي.. ينبئ فعلا أن هذا رجل يحمل قلبا أشبه بقلب طفل..
أحاديثه كلها مصاغة بعفوية لا تخلو من فخامته الرجولية..
أحاديث لا تزييف فيها ولا حتى تحسين للحقائق!!
كان قد أنزل الحاسوب جانبا.. وهاهو يحتضن أناملها بين كفيه..
يتحدث وأنامله تناجي أناملها.. وكأنه عاجز حتى عن الإفراج عن أناملها..
بينما هي عاجزة حتى عن محاولة تقبله!!!!
**************************************
" هلا حبيبي..
غريبة ماقعدت عند أبيك شوي؟؟"
علي يخلع غترته ويلقيها جانيا ويهتف بهدوء: واجهته في المجلس عقب ماجابه كساب من المطار..
بس هو راح داخل لمزون ومرت كساب..
وأنا ما أقدر أتاخر عليش وأنتي بروحش!!
شعاع بخجل: والله كنت أبي أسلم عليه الليلة.. بس الوقت متأخر واستحيت أواجه كساب!!
علي برفق حازم: خلاص بكرة لا رحت أنا للدوام.. روحي سلمي عليه..
شعاع بوجل رقيق: مسرع خلصت إجازتك؟؟
ابتسم علي: صار لي أكثر من أسبوع قاعد مقابلش.. وانتي الحين صرتي احسن بواجد..
ما أقدر أقعد من شغلي أكثر من كذا؟؟
ابتسمت برقة وهي تميل لتقبل كتفه: قلت لك قبل الوقت معك ماينحسب..
ثم أردفت بذات الرقة: زين بكرة لا سلمت عليك..
أبي أروح مع جوزاء.. بتسوي تلفزيون وعبدالله عنده شغل مهم..
وعقب بنروح نتطمن على ولد نجلا إن شاء الله يكون خلص عمليته!!
ابتسم علي بلهفة: مهوب مشكلة.. بس أنتي متى بتسوين التلفزيون بعد؟؟
بأموت متشفق على شوفة أي شيء منه!!
ابتسمت برقة: قريب إن شاء الله..
**********************************
هاهو يعود... لم يتوقع أنه قد يجدها..
ولكنه الإنسان.. دائما مثقل بالأمل..
لأنه إنسان!!!
وجد مزون وكاسرة في انتظاره..
حتى مزون لم تستطع البقاء إلا قليلا.. لم يشبع حتى من ضمها لصدره..
فغانم كان ينتظرها خارجا.. والوقت أصبح متأخرا..
فاضطرت للذهاب..
وكاسرة جلست معه قليلا ثم اعتذرت ...واضطرت هي ايضا أن تصعد لكساب الذي كان هو من أحضره من المطار..
وهاهو يضطر للصعود .. لجناحه البارد الصقيعي..
يا الله..!!
بقدر مابدت له رحلته طويلة ومُرة بعيدا عنها..
بقدر ماتبدو غرفته أكثر قسوة.. لأنه ماعاد يطيقها بعدها..
(الظاهر إني على كل حال لازم أروح لجناح ثاني!!
ماني بمستحمل ذا القعدة... باستخف)
.
.
.
هي هناك... تعلم أنه عاد لبيته..
عودته نثرت يأسها وحزنها مضاعفا..
اشتاقت له كثيرا.. لا تستطيع أن تنكر ذلك!!
" كم نحن مخلوقان غريبان!!
كما هما ولدينا!!
نعيب عليهما.. ونحن من أورثناهما الغرابة!!"
أخرجها من أفكارها الطرقات على بابها.. شدت روبها على جسدها.. وفتحت الباب المغلق بنفسها..
كان تميم هو الطارق..
أشرق وجهها حين رأته..
قبل جبينها ثم أشار بمودة: يمه.. عمي مهوب جاي الليلة.. ليش مارحتي لبيتش؟؟
مزنة تشير بحزم تخفي خلفه توجسها: بلى.. بس هو جاي متأخر.. واتفقنا أرجع بكرة!!
مزنة تنهدت.. لا تريد أن توتر ابنها..
وهي تعلم أنه متوتر مع زوجته مع أجل عملية غانم الصغير في الغد..
تريد أن تنتهي عمليته بخير أولا!!
ثم تبحث لها عن عذر مناسب عجزت تبحث عنه ومازالت لم تجده!!
تميم أشار برجاء: زين يمه أبي منش خدمة!!
ابتسمت مزنة: آمرني فديتك!!
تميم بذات الرجاء: أبيش بكرة تكونين مع سميرة.. العايلة كلها قلوبهم ماشاء الله ماي..
أنا بأكون موجود معها.. بس أنا مستحي من أختها.. وبأكون واقف بعيد..
أبي أتطمن إنه فيه حد قوي معها!!
مزنة بحنان: بدون ماتقول يأمك.. أنا أساسا متفقة معها أروح معها المستشفى بكرة..
تميم أشار بصفاء باسم: الله لا يخلينا منـــ...
بتر إشارته وعيناه تنقلبان بشكل مفاجئ وهما تتجهان لمكان في كتف والدته..
بجانب عنقها ..
لأن طرف جيب الروب تعلق في دانتيل حمالات القميص العريضة لذا لم يغطيه!! ومزنة لم تنتبه!!
مد يده ليشد جيبها.. بينما مزنة تأخرت بجزع.. وهي تشير بجزع أشد: وش فيك أمك؟؟
تميم جن تماما وعيناه تتحولان لجمرتان محمرتان وهو يشير بجنون مطبق: أنا اللي وش فيني؟؟ أنا اللي وش فيني؟؟
تميم يريد خلع روبها رغما عنها.. وهما تقريبا يتعاركان عليه.. لأن مزنة علمت السبب..
ولكن تميم ختاما كان هو أقوى منها ..وهو تقريبا يمزق روبها وينظر بقهر موجوع وغضب عارم للعلامات الواضحة على جسدها..
مكانان.. وخمس علامات في كل مكان .. علامة منفردة وأربع علامات متجاورة!!
في كتفها من ناحية اليمين.. وعضدها من ناحية اليسار!!
لم يتمنى في حياته كلها كلها كلها.. أن يكون لديه صوت مثل هذه اللحظة..!!
لشدة شعوره بالقهر والغضب... تمنى أن يصرخ ويصرخ ويصرخ حتى تتمزق حباله الصوتية من الصراخ!!
" أ تُمد يدا على والدته وهو مازال يتنفس الهواء؟؟
إذن حياته كلها لا معنى لها!!
هو لا معنى له!! "
تميم أشار بجنون مطبق: والله ما أخليه.. والله لا أذبحه الليلة..
والله إن قد أذبحه!!
يسوي فيش كذا يحسب ما وراش رجال.. يحسب ماوراش رجال!!
تميم غادر ركضا.. بينما مزنة انتزعت جلال الصلاة لتلبسه فوق قميصها..
وهي تركض خلفه..و تتصل بزايد بجزع مرعوب:
زايد ترا تميم جايكم للبيت وهو مايشوف من الزعل..
متحلف فيك.. تكفى سكر بابك عليك.. ولا تنزل له!!
زايد بغضب: تبيني أندس من بزر أصغر من عيالي؟؟
يتحلف فيني ليه؟؟ وش مسوي له؟؟
مزنة كانت تبكي فعلا.. فهي تعلم أن تميما قد يؤذي زايد فعلا..
أما الاحتمال الأقرب فهو أن كسابا لو تدخل فهو من سيؤذي ابنها..
فهو لن يسمح له بمد يده على والده وهو يشاهد!!
زايد أنهى الاتصال وهو يهتف بغضب:
أنا انتظره تحت..خلني أشوف وش عنده..
ولا تحاتينه.. بأهديه!!
مزنة كانت تركض بكل قوتها.. فهي تعلم أن زايد لن يستطيع التفاهم معه حتى..
ولأن تميم لم يسبق مطلقا أن زارها في بيتها لأنها على الدوام عندهم... فهو لم يعرف أين يتجه تماما..
لذا حينما وصلت كان للتو يلتحم مع زايد وهو يرفع زايد من جيبه دون أي تفاهم!!
تميم فقد عقله تماما.. لم يفكر حتى أن هذا رجل أكبر منه سنا ولا يوازيه قوة..
فما رآه في والدته نحر روحه تماما.. وإحساسه بالقهر ألغى مابقي فيه من التفكير!!
فجسد والدته كان مبقعا بأثار أظافر غارت في جسدها.. تركت أثرا بنيا واضحا لم يختفِ رغم مرور عشرة أيام..
رغم أنه في الأيام الأولى كان أسوأ بكثير.. بين اللون الأحمر ثم البنفسجي ثم الأزرق.. وهاهو خَفَت للون بني يوشك على الذهاب!!
لذلك غيرت مزنة المفرش قبل ذهابها!!
لأنه تلطخ ببقع من نقاط الدم التي نزلت من جسدها..
لم تستطع مطلقا أن تلوم زايد.. فهو في ليلتهما الأخيرة معا كان نائما ومتمسكا فيها بشدة..
كانت تريد أن تقوم للحمام.. ولم ترد إيقاظه.. فحاولت التخلص من يديه برفق..
فشد عليها بقوة أكبر لدرجة أن أظافره غاصت في لحمها كثيرا!!
لذلك كان تأثرها منه لا حدود له.. ولا علاج له..
لأنها صمتت على كل هذا الألم الجسدي وهي تفسر ذلك بعدم قدرته على التخلي عنها حتى وهو نائم!!
ولم تخبره بشيء وهي ترتدي ملابس مغلقة تماما..
وتغطي المفرش السفلي بالعلوي انتظارا لذهابه حتى تغيره..
كانت تعلم أنه لو علم بهذا الأمر سيجرحه ويؤذيه لأبعد حد.. لذا لم تخبره ولم تخبر سواه..
ثم بعد ذلك...
يصفعها وبكل بساطة.. أنه لا يريد أي احتكاك بينهما!!
لماذا إذن كان يمسك بها هكذا؟؟ لماذا؟؟
أ يتمسك بها بكل هذا التملك والوجع.. ثم لا يريد أي احتكاك بينهما!!
فأي ألم حرث بمناجله روحها ذهابا وإيابا؟!!
مزنة فور وصولها.. فرقت بينهما رغم صعوبة إبعاد تميم عن زايد وهو كالمجنون..
كان يريد أن يكسر الأيدي التي امتدت لوالدته!!
مزنة أشارت لتميم بغضب: أنت اشفيك ماعندك تفكير..
اللي فيني مهوب من زايد..من كاسرة.. وإسألها !!
تميم كما لو كان سُكب على رأسه ماء مثلجا وهو يتراجع بجزع كاسح مصدوم:
من كاسرة؟!!
مزنة بحزم: إيه من كاسرة.. أنت تدري إن كاسرة أحيانا تحلم بكوابيس!!
ويوم كنتو مسافرين كانت نايمة عندي..
وسوت فيني كذا بدون ماتحس يوم قامت مفزوعة من الكابوس!! لأني كنت أبي أهديها وهي ماتبي تهدأ...
وإسألها لو تبي!!
(كانت مزنة متأكدة أنه لن يحرج كاسرة ويسألها عن ذلك!!)
بينما تميم اسود وجهه تماما.. ماعاد قادرا على وضع عينه في عين زايد..
وهو يقترب ليقبل رأس زايد ثم يغادر دون أن يرفع بصره!!
زايد كانت أنفاسه تعلو وتهبط من العصبية وهو يحاول السيطرة على أعصابه..
وينتظر أن تنتهي من حوارها الغريب مع ابنها..
ليتفاجأ بانتهائه هكذا.. بقبلة رأسه ثم رحيل تميم..
رغم أن تميما حين حضر كان كالمجنون تماما وعيناه محمرتان من شدة الغضب!!
حين غادر تميم.. انهارت مزنة جالسة..
زايد جلس جوارها وهو يهمس بسكون : ممكن أعرف ليش ذا كله؟؟
مزنة بوجع عميق عميق عميق: تبي تدري ليش ذا كله؟؟
تعال في مجلس الحريم وأقول لك.. ما أقدر أقول هنا.. أخاف حد يشوفني..
زايد بأمل أعمق: وما ينفع تقولينه لي في غرفتنا؟؟
مزنة بوجع أشد وأكثر وحشية بدأ يختلط بوجعها الجسدي وهي تشعر بتقلصات موجعة في أسفل بطنها: لا ماينفع..
زايد غادر معها لمجلس الحريم.. وتوجس غريب ينتشر في روحه!!
حــيــنــهـــا...
خلعت جلال الصلاة عنها..
زايد اتسعت عيناه بجزع وقهر أشد من كل مصطلحات العالم وأحاسيسها..
وهو يتحسس العلامات في جسدها ويشعر أن أنامله ستحترق لشدة الغضب..
كاد يجن بكل معنى الكلمة وهو يصرخ بهذا الغضب المجنون: من اللي سوى فيش كذا؟؟ من اللي سوى كذا؟؟
مزنة ببساطة موجوعة: أنت!!
زايد تراجع بصدمة كاسحة: أنا؟؟
مزنة بذات البساطة الموجوعة: آخر ليلة قضيناها سوا.. كنت متمسك فيني لدرجة أن أظافرك غاصت في جسمي..
وعقبه ثاني يوم تقول لي لا تحتكين فيني!!
وعقبه ثالث يوم تقول لي ارجعي لي!!
زايد جلس جوارها منهارا على الأريكة.. روحه تمزقت بقسوة لا حدود لمرارتها..
وهو يتمتم بذهول مثقل بالوجع الصاف الصِرف:
أنا مستحيل أكون طبيعي..
أنا سويت فيش كذا ؟؟ انا؟؟ أنا؟؟
تنقص يدي اللي انمدت عليش.. تنقص يدي!!!
مزنة لم تكن تستمع لشيء مما يقوله وهي تفاجئه بإمساك معصمه بقوة وهي ترص على أسنانها:
زايد... أنا أنزف!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.
.
.
|