بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان عندي كلام مهم كثير
بس كله طار
.
خلوه لبارت الأحد
واستلموا بارت اليوم
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والثمانون
مازال الصمت محتكما.. وهو ينثر جوا ثقيلا في المكان..
إن كان هو نظر لها.. فهي مازالت لم تنظر له..
وخجلها يخنقها.. وعيناها مثبتتان على مسكتها ويزيد في اضطرابها معرفتها أنه يراقبها الآن..
كان بالفعل قد ابتعد قليلا عنها ليترك مسافة بينهما وهو يستدير ناحيتها ويتأملها..
فللجمال أحيانا سطوة تفرض حضورها رغما غن كل أنف!!
كان يتأملها بدقة لا يعرف لها سببا..
نقوش الحناء التي وصلت إلى منتصف عضدها الملفوف.. بشرتها المصقولة لدرجة تبدو غير طبيعية..
شفتيها النديتين المرتعشتين.. أهدابها المسبلة بحسن لم يكن لسواها..
ذقنها الناعم الذي بدا له شيئا غير معقول وارتعاشه يزيده عذوبة..
ونظراته تنحدر أكثر إلى حيث يتربع العقد الماسي مكملا لصورة حسن مكتملة أساسا...
هكذا بدت له تماما.. أشبه بصورة مرسومة بتفنن بارع مبهر..
ولــكــنــهـــا... صورة مستهلكة... مستهلكة تماما!!
زفر بقرف فعلي لينفض قرف أفكاره.. وهو يقف مبتعدا عنها.. ثم يهتف بنبرة واثقة:
دقايق بأتوضأ ونجي نصلي.. ركعتين مع بعض...
فمهما كان غير متقبل لها.. فهذه سنة لابد من القيام بها..
بينما جميلة كادت تبكي فعلا..
ماذا تقول له.. أنها لا تصلي.. وهي تتفاجأ بدورتها الشهرية هذا الصباح مبكرة قبل موعدها الذي بالكاد انتظم...
تعلم أن هذا حدث من التوتر لابد..
ولكن ماذا تقول له الآن..؟؟
قررت أن تقف وتهرب قبل أن يعود.. وهي تتوجه لحمام غرفة النوم.. وتحمد ربها أنه توجه لحمام الصالة..
تناولت لها بيجامة زهرية من الحرير والدانتيل ناعمة وفخمة في آن بدون أكمام ولكن معها روبها الفخم من الدانتيل..
وتركت قميص النوم الذي علقته لها والدتها..
فهي خجلت من إخبار أحد.. وهي تدس أغراضها الخاصة بنفسها في الحقيبة هذا الصباح..
فهد حين عاد لم يجدها.. زفر بغيظ: ( صدق إنها قوية وجه ولا عندها حيا..
ما حتى انتظرت لين أجي!!)
قرر أن يصلي قيامه حتى تحضر.. مع أنه تمنى ألا تحضر..
ولكنه قضى وقتا طويلا بعد أن انتهى من قيامه ومن ورده.. وهي مازالت لم تحضر..
حينها قرر التحرك لداخل الغرفة...
كانت تجلس أمام التسريحة تمشط شعرها الذي استشورته للتو..
وكانت تريد وضع بعض الزينة الخفيفة.. ولكنه لم يمنحها الفرصة بدخوله المفاجئ..
استدارت نحوه بخجل ودون أن ترفع بصرها بينما هتف هو بحزمه التلقائي ونبرته الحادة:
ليش ماجيتيني عشان نصلي..؟؟
جميلة صمتت وهي تشعر أنها ستختنق.. أعاد عليها السؤال مرة أخرى..
حينها همست بصوت مختنق خافت: ما أقدر أصلي..
بدت له نغمة صوتها رقيقة وخافتة إلى درجة لا تحتمل لذا هتف بحزم أشد:
أشلون يعني ماتقدرين تصلين..؟؟
وارفعي صوتش خلني أسمعش..
قال ذلك وهو يقترب منها أكثر.. همست باختناق أشد وهي تحاول رفع صوتها أكثر وتكاد تبكي: ما أقدر أصلي..
فهد كان سيعيد السؤال مرة ثالثة لولا أن الله منَّ عليه بنعمة الفهم أخيرا.. وهو يتنحنح: زين تبين تعشين؟؟
همست برقة مختنقة وهي عاجزة عن السيطرة على ارتعاشها وهي تراه واقفا أمامها مباشرة: ما أبي.. تبي تتعشى أنت.. بالعافية..
حينها هتف فهد بجلافة: أنتي ليش تتكلمين كذا؟؟
جميلة همست بصدمة وهي ترفع بصرها له: نعم؟؟ كذا أشلون؟؟
كلاهما تكهرب وبشدة..
هو لأنه اكتشف أنها بدون
زينة أجمل بكثير.. ومثيرة لدرجة مضنية.. مع أنه كان يظن ولو لحظة أن (الميك آب) هو ما منحها إطلالتها الفاتنة..
وهاهو يكتشفها أمام عينيه خالية من أي زينة... ومبهرة أكثر..
وهذا الأمر زاد في سلبية نظرته ناحيتها بطريقة غريبة..
"مثل هذه لماذا يتركها زوجها؟؟ لماذا؟؟
بالتأكيد بقدر جمالها.. بقدر سوء أخلاقها
ربما لم يحتمل أن يعاشرها..!!
فمن يحتمل هذه (الملاغة والمياعة) ؟"
وهـي تكهربت لأنها رأته من هذا القرب طويلا وعريضا ووسيما بطريقة مرعبة..
وهي تعقد فورا مقارنة بينه وبين خليفة المهادن الذي كان النظر له يُشعر بالأمان..
كلاهما تراجع خطوة للخلف بينما فهد يكمل بذات الجلافة الطبيعية:
أنا ما أحب الكلام بمياعة.. فاصطلبي وأنتي تكلمين..
جميلة مصدومة فعلا من جلافته: أنا مايعة؟؟
فهد يهز كتفيه وهو يهتف بصرامة: محشومة ماقلت أنتي مايعة..
بس قلت طريقتش في الكلام مايعة..
وأنا أكثر شيء أكرهه في الدنيا إن الوحدة تنعم صوتها..
جميلة مصدومة فعلا..
هل هذا يتكلم بجدية؟؟ أي عريس يقولون لعروسه هذا الكلام ليلة زفافهما..؟؟
(الظاهر النكد جا بدري أكثر مما توقعت) جميلة همست بحزم رقيق حتى هي استغربته.. لكنها لن تسمح له أن يهنيها أكثر:
ماعليه اسمح لي.. أنا لا أنا أنعم صوتي.. ولا أميعه..
بس الله عطاني نعمة إن صوتي أنثوي ورقيق.. وماحد يتبطر على النعمة..
فهد تفاجأ فعلا من سرعة ردها (ووقحة بعد!!)
رفع حاجبا وأنزل آخر وهو يهتف بتهكم: ومغرورة في صوتش المايع بعد؟؟
آلم جميلة اضطرارها لاستخدام أسلوب التحفز معه رغم أنها تذوي خجلا لم يسمح لها به..
همست بذات الحزم الرقيق: إذا أنت شايف إنه غرور.. أنا أشوفه ثقة..
حينها صدمها تماما أنه مد أنامله ليحرك شعرها وهو يهتف بذات النبرة التهكم:
وبعد شعرش المنتف نعمة أنتي واثقة منها.. المهم تتبعين الموضة؟؟
جميلة آلمها بحثه عن سلبياتها بهذه السرعة..
رغم أنه في داخله يعترف أنه مبهور بشعرها.. رغم أنه ككثير من الرجال الشرقيين مغرمين بالشعر الطويل..
ولكن قصة جميلة بدت فاتنة تماما عليها..
جميلة حاولت ألا تبكي وهي تهمس بثقة عذبة تخفي خلفها تهاويا في روحها:
على قولتك.. المهم أتبع الموضة..
والحين اسمح لي أبي أنام.. بكرة طلع باقي الأخطاء السبعة على راحتك!!
جميلة توجهت للسرير وهي تنتزع روبها عنها..
فهذا الفهد لا يستحق أن تحترمه.. ولا أن تخجل منه.. ولا أن تهتم له حتى..
اندست في السرير وهي تغطي وجهها..
ثم..
سمحت لطوفان روحها بالانهمار!!
************************************************
ربما كانت هذه أطول فترة بقضيانها مع بعضهما في البيت..
رغم أنهما لم يتبادلا فيها سوى الصمت.. والكثير من النظرات..
تعشيا سويا.. شاهدا الأخبار سويا.. وهاهما كلاهما يجلسان في جلستي جناحهما متقابلين..
كل منهما ينظر للآخر.. ويدعي إنشغاله بشيء آخر..
هي تتمنى لو ينطق بكلمة واحدة فقط... فمشاعرها ومنذ أيام فعلا على حد سيف وتنتظر الانقطاع..
بينما هو يتمنى لو يقوم ليجلس جوارها.. يضمها قريبا من صدره المهجور..
فربما حينها يعود له قلبه الذي يراه هو يرفرف حولها ..بينما هي لا تشعر به حتى..
كانا في جلستهما أشبه ببطلي حوار في قصيدة..
وكأن لسان حال كاسرة يقول:
" قل لي -ولو كذبا- كلاما ناعما
قد كاد يقتلني بك التمثالُ!!"
بينما لسان حاله يقول :
"لا تجرحي التمثالَ في إحساسه
فلكم بكى في صمته... تمثالُ
إني أحبّكِ... من خلال كآبتي
وجهاً كسِر الروح ليس يُطالُ...
حسبي و حسبُكِ... أن تظلي دائماً
سراً يمزقني... وليس يقالُ "
وبين رغبتها في الكلمات ورغبته في الأفعال.. تاهت أفكار كل منهما وهي تدور وتدور دون أن تتلاقى..
تنهدت كاسرة وهي تقف وتبتعد عنه.. بينما عيناه تتبعها بولع غريب..
وهو يراها تتناول أقراصا من الثلاجة الصغيرة المتواجدة في أحد دولايب صالة جلوسهما ثم تبتلعها..
أراد أن يسألها عن هذه الأقراص.. وقلق يتصاعد في نفسه عليها..
ولكنه لم يسأل..
"ألا يتبادلان التجاهل الآن؟!! "
ولكنه لم يطق صبرا حين رآها تتجه للحمام .. ليقفز ويرى ماهية الأقراص..
ليس فضولا مطلقا.. ولكنه محض اهتمام صاف خصوصا وهو يرى إرهاقها طيلة الأيام الماضية..
خشي أن تكون تخفي شيئا ما..
ولكنه حين وجد أن الأقراص محض فيتامينات اطمأنت نفسه وهو يعود لمكانه..
في الحمام كانت تقف مسندة ظهرها للباب..
وتنهيدة بعمق الكون تخترم روحها من أقصاها إلى أقصاها..
هذه الليلة تشعر بالفعل أنها في أضعف في حالاتها..
ربما لو قال لها كلمة حلوة واحدة ستنهار تماما..
حتى لو لم تكن كلمة حب.. كلمة حنان أو ود حتى!!
ولكن يبدو أن هذا نصيبها الذي يجب أن تعتاد عليه.. ويجب أن تغلف نفسها بالبرود.. كل البرود حتى لا تشعر بالألم كما تشعر الآن..
" لوح.. أنا متزوجة لوح ماعنده اي إحساس!!
ماحتى سألني وش الحبوب اللي تأكلينها؟؟
وليش يهتم؟؟
متى كنت أساسا مهمة في حياته؟؟
كل شيء أهم مني.. كل شيء!!"
************************************
رغم أنه لا يحب أن يطيل خارج البيت.. ولكنه الليلة أطال في في حفل زفاف فهد..
بات يشعر من الملل والاختناق من البيت بعدها!!
خطر له خاطر أن يذهب لبيت أهلها ويحضرها.. ولكنه قرر ختاما ألا يفعلها
لسببين:
الأول: أنها قد تتأخر في حفل زفاف أخيها..
والثاني: أنها قد تكون متعبة وتريد أن ترتاح.. وهو يعلم أن لقائهما لابد أن يكون به بعض الشد..
كان والده هو من يدفعه حتى أوصله للباب..
ثم غادر..فعبدالرحمن بات يكره أن يساعده أحد في ارتداء ملابسه أو القيام بشؤونه.. فهو لابد أن يعتاد على فعل ذلك بنفسه..
عبدالرحمن حاول فتح الباب فلم ينفتح..
ظن أن والدته قد تكون نسيت فتح الباب بعد عودتها من الزفاف..
لذا استخرج مفتاحه ليفتح..
ليتفاجأ بصوت مفتاح يتحرك من الداخل..
توقف قلبه تماما وهو يرى الباب يُفتح..
دفع كرسيه للداخل ليتوقف قلبه مرتين وهو يرى ظهرها مغادرة بعد أن فتحت الباب..
أغلق عينيه وفتحهما لشدة ثقل ووطأة الصدمة المفرحة عليه!!
" أحقا هي هنا؟!!"
حاول أن يناديها.. فوجد لسانه جافا.. جافا تماما..
وأخيرا استطاع أن ينطق: عـــالــيــة..!!
ردت بسكون ودون أن تنظر ناحيته:
هلا..
همس لها بمودة غامرة وعتب رقيق: كذا يالغالية.. يهون عليش تسوين فيني كذا؟؟
احترقت اعصابي أتصل وماتردين علي..
هذا كله تغلي؟!!
عالية منذ سمعت صوت تحريكه للباب وهي تشعر بعبرة ضخمة تخنقها.. فكل ماحولها كان يرهقها..
خبر حملها.. وتعبها في حفل زفاف أخيها.. وردة فعل عبدالرحمن معها..
كل ذلك كان يتساند ليؤلمها.. وبشكل جارح..
لم ترد أن ترجع حتى.. لكنها لم ترد أن ينتبه أحد لوجود مشكلة بينها وبين عبدالرحمن
فالجميع يعلم أنها ستعود بعد زواج فهد.. لذا عادت فعلا مع عمتها أم عبدالرحمن..
وبناء على حلف والدتها التي لم تردها أن تطيل في العرس أكثر حتى لا ترهق نفسها!!
همست بعتب أشد: أنا كنت مطرودة لين يخلص عرس فهد.. وهذا أنا جيت..
عبدالرحمن حرك كرسيه أكثر ليقف مجاورا لها وهو يهمس بحنان غامر:
ياقلبي أنا حنيتش بس من التعب وأنتي مقطعة روحش بيني وبين عرس فهد!!
عالية بنبرة تهكم مختنقة: إيه كذا؟؟.. مادريت!!
عبدالرحمن مد يده ليمسك بأطراف أناملها وهو يهتف بحنان عظيم ومودة مصفاة:
مبروك ياقلبي.. ألف مبروك.. ما تتخيلين أشلون فرحت..
حسيت صدق برضا ربي علي..
حينها شعرت عالية أنها ستنفجر في البكاء فعلا وهي تشد كفها من يدها وتعقد ذراعيها أمام صدرها..
وتهمس باختناق فعلي: عبدالرحمن تكفى لا تقول لي شي..
لأني فعلا زعلانة.. وموجوعة منك..
وأنا عارفة نفسي ما استحمل منك كلمتين.. وأنا ما أبي أرضى...
ما أبي أرضى.. موجوعة أول شيء من تفكيرك السخيف اللي ما أدري من وين جبته.. إني ما أبيك إلا عشان تمشي..
وموجوعة من حركتك لما طردتني..
وموجوعة إنك ما تنازلت حتى تجي لي وتبارك لي.. وانا كنت بأموت أنتظرك..
وموجوعة من إحساسي إنك مافرحت بحملي..
*************************************
مازال يجلس في الصالة..
غاضب من نفسه قبل أي شيء.. فهي لم تفعل ما يستحق منه أن يجرحها بهذه الطريقة..
المشكلة أن الحدود عنده غير واضحة تماما بين ما يجرح من عداه..
فجلافته تُغضب.. وهو قد يقول كلمة ويظنها غير جارحة.. ثم يكتشف أنها جارحة..
ولكنها للحق أثارت غيظه لأبعد حد بغرورها المقيت..
ألا يكفي ضيقه من دلالها ومياعتها لتأتيه بالغرور أيضا..؟؟
لا يلوم إذن هذا الذي هرب منها.. فأي رجل قد يحتمل هكذا امرأة ستبقى تنظر له بهكذا غرور..!!
والغرور لا يأتي إلا من عقل فارغ تماما..
تنهد مطولا.. وزفر بحرارة.. لا يريد أن يكون ظالما لها.. لكنه عاجز عن احتمالها فعلا..
ويشعر أنها تخرج أسوأ مافيه.. وأسوأ مافيه هو هذه الجلافة التي لا يستطيع التحكم بها..
ولا يظن أن واحدة بهكذا دلال ومياعة قد تحتمل جلافته طويلا.. وهذا مايخشاه..
فهو لا يريد أن يشمت أحدا به أو بها... ويعلم أن الشامتين سيكونون كثيرين!!
" يا ابن الحلال لا تحاكيها.. وخلاص!!
من زين حكيها اللي يرفع الضغط..
خلها ساكتة بس"
فهد يتنهد بعمق..
رغم أنه قد لا يكون فكر بالزواج سابقا كفكرة واقعة..
ولكنه بشكل عام كان قد رسم صورة ما لشريكة حياته..
والغريب أن هذه الصورة تشابه كثيرا أخته عالية!!
كان يفكر أنه حين يفكر بالزواج أن يطلب من عالية أن تبحث له عن شبيهة لها..
امرأة متوسطة الجمال لا تثير غيظه بغرورها واهتمامها بجمالها..
وفي ذات الوقت امرأة قوية الشخصية تستطيع أن تحتمل جلافته التي هو يعلمها قبل غيره..
ولكن هذه التي ربي ابتلاه بها... جمال وحسنٌ لا مزيد عليه أثقلها بالغرور والدلال.. فكيف سيتعامل معها دون أن يجرحها..؟؟
وهي تبدو لرقتها كما لو كان كل شيء وأدنى شيء سيجرحها!!
ينظر لساعته بعد وقت طويل من التفكير. مرهق فعلا ويريد أن ينام..
ولكن أين ينام؟؟
كره جدا أن ينام هنا على أريكته.. وكأنه خائف منها..
لذا توجه لغرفة النوم.. كان يظنها نامت.. وكم كان حسن الظن!!
كيف تنام.. وهناك جرح بدأ يتعمق في روحها بحدة؟؟
(ماهو الذنب الذي أذنبته ليعاملني هكذا؟؟
أ لهذه الدرجة لم يرى فيني شيئا قد يعجبه حتى يبدأ بتجريحي من اللحظة الأولى؟؟
حتى لو لم يجد شيئا يعجبه.. ألم يستطع أن يسكت فقط..؟؟
يسكت فقط!!
ومازالت هذه البداية!! فأي رجل خال من الإحساس هذا؟؟ )
كانت هذه هي أفكارها التي تسكبها مع دموعها وبغزارة مريرة.. وهي تولي وجهها لناحية الحائط..
حتى شعرت بالحركة الثقيلة جوارها..
شعرت حينها أن شعر جسدها كله قد وقف.. وريقها جف ليتشقق حلقها وكهرباء صاعقة تعبر كل خلايا جسدها بعنف..
لم تتخيل أن قد يفعلها وينام جوارها.. تمنت أن تقفز من المكان كاملا.. ولكنها شعرت أن جسدها متيبس كأنه أكوام من الحجارة..
فهذا القرب الرجولي لم تعتده مطلقا.. وخجلها يزيد الوضع سوءا عليها..!!
لم تكن هي وحدها من توتر من هذا القرب..
فحتى ملك الجلافة شعر بتوتر ما وهو يشتم رائحة عطرها الأنثوي المثير ويرى ظهرها من هذا القرب وهو يتمدد جوارها..
كره جدا إحساسه بالتوتر.. بينما هو يعلم أن هذا أمر طبيعي بالنسبة لها..
فهي اعتادت على نوم رجل جوارها.. لكنه مازال لا يعرف ماهية القرب الأنثوي مطلقا..!!
ولكن هو كرجل تجاوز هذا الأمر سهل بالنسبة له..
لذا نام بعد أقل من نصف ساعة..
بينما هي شعرت بالاختناق وهي تشعر بتقلبه جوارها..
وتحاول أن تكتم ارتعاشها وهي تتخيل لو أنه حاول مد يده فقط ناحيتها كيف ستتصرف؟؟
لذا حينما شعرت بهدوء حركته وانتظام أنفاسه قفزت وهي تلتقط روبها بسرعة كما لو كانت تهرب من عفريت..
وهي تشد نفسها مبتعدة ركضا.. ولم تشعر بنفسها إلا وهي في الصالة وتحتضن نفسها في زاوية الأريكة..
" يا الله !! يا ليتني أصلي بس!!
كان هديت نفسي بالصلاة والقرآن"
************************************
" عالية ياقلبي..
الكلام السخيف هذا.. "ولا تقول لي شيء"..
أنا مستحيل أقبله..
إذا ليلة عرسنا مع كل اللي كان بيننا.. تصافينا ليلتها..
تبين أخليش الحين وما أراضيش؟؟
مستحيل!! "
عالية بنبرة حزن عميقة: إيه الحين مهتم من ولدك.. مهوب مني..
عبدالرحمن يقرب مقعده أكثر من مقعدها ليشد يدها بين كفيه ويهمس لها بحنان:
بلا سخافة حبيبتي.. وش ولدي ذا..
أنا الحين صار عندي ولد عشان أهتم منه..
واللي شيخش على قلبي إنه مايهمني إلا أنتي.. ومهوب هاين علي زعلش..
عالية بذات نبرة الحزن: هذا هو هان عليك قبل.. وش اللي تغير؟؟
عبدالرحمن يتنهد وهو يحشد أكبر قدر من الاهتمام والصدق والحنان في صوته:
زين أنا غلطان والغلط راكبني من رأسي لساسي..
وهذي يدش أحبها ورأسش بعد..
وآسف.. وحقش على رأسي.. وش اللي يرضيش بعد أنا حاضر له...؟؟؟
حينها رفعت عالية رأسها له وهي تنظر له بشكل مباشر.. وتهمس بشكل مباشر أيضا:
اللي يرضيني شيء واحد بس!!
****************************************
" ياحبيبتي يا قلبي.. ماشبعتي بكا.. حرام عليش.. صار لش ساعتين على ذا الحال!!"
عفراء مازالت تسند رأسها لصدر منصور وهي تنثر كبت الأيام الماضية كله وتهمس بصوتها الذي بح من البكاء تماما:
وصيت فهد عليها؟؟ تكفى يامنصور
منصور بحنان وهو يشدد احتضانه لها: والله العظيم وصيته.. وقلت لش ذا الكلام أكثر من مرة..
عفراء بصوتها المبحوح: تكفى وصه فيها بعد.. تكفى.. هذي بزر ويتيمة.. وماتهنت..
منصور بعتب: لا تقولين يتيمة.. أنا ماني بمالي عينش أب لها..
عفراء تمسح أنفها المحمر وتهمس باختناقها: فديتك ماقصدت.. بس واجد كاسرة خاطري بنتي..
وأنا خايفة عليها من شدته.. قل له يراعيها شوي.. تكفى..
منصور يقبل شعرها ويهتف بأريحية حازمة: أبشري.. بأوصيه فيها بعد.. من عيوني..
أصلا خلها تشتكي منه أقل شكوى.. عشان أوريه شغله..
أنا مازوجته بنتي إلا عشان يراعيها!!
*************************************
حين صحا من نومه..نظر لساعته بغضب حين رأى أن وقت صلاة الجماعة فاتته..
زفر بغيظ وهو يرى مكانها خاليا..
(مادامت الأخت صاحية.. ليش ماقومتني للصلاة؟؟
وليش تهتم فيني دامها ماتصلي؟؟)
فهد سارع ليتوضأ ثم صلى صلاة الفجر..
لا يعلم أين ذهبت.. واستغرب أنها صحت في وقت مبكر هكذا ولم تعد للنوم..
لم يشغل باله كثيرا بالتفكير وهو يعود للنوم.. دون أن يتجاوز غرفة النوم!!
حتى صحا مرة أخرى على أشعة الشمس الساطعة تغمر المكان تماما عبر الستائر المفتوحة التي لم تغلق..
صحا من نومه ولم يجدها أيضا (هذي صدق ماتعرف السنع!!)
استحم وأبدل ملابسه.. ثم قرر الخروج حتى يطلب الفطور لهما.. وهو يتوقع أن يجدها جالسة في الخارج..
ليجد الصدمة التي كانت تنتظره في صالة الجلوس..
كانت نائمة وهي تستند بشكل جانبي إلى طرف الأريكة..
بدت له طريقتها في النوم -لشدة رقتها وعذوبتها- تمثيلية تماما..
" يستحيل حد يرقد كذا!!"
وما أثار غيظه أكثر.. وارتباكه قبل ذلك... هو انكشاف جزء كبير من أعلى صدرها عبر جيب الروب المفتوح.. بسبب نومتها المائلة..
بدت له حركتها رخيصة ومقصودة تماما..
" صدق إنها ما تستحي!!
تمثل إنها نايمة وهي بذا الشكل!!"
فهد هتف بنبرة جهورية حازمة أقرب للغضب: جميلة!!
جميلة قفزت بجزع وهي تسمع الصوت الغريب الذي يناديها لأول مرة
حين رأت فهدا أمامها انتفضت بخجل وهي تشد روبها عليها وتقف بارتباك وهي تهمس برقة عفوية:
آسفة.. نمت بدون ما أحس!!
فهد لا يصدقها وهو يهتف بنبرة تهكم حازمة: إيه.. صح!!
ثم أردف بحزم: بأطلب الريوق.. تبين شيء معين!!
جميلة تشعر باختناق فعلي( مايعرف يبتسم ذا!!) همست باختناق: شكرا.. بأروح أسبح..
فهد بذات النبرة الحازمة: خلاص أنا بأطلب وأنتظرش لين تخلصين..
جميلة كعادتها تأخرت وهي تستحم ثم تتأنق في (ميني دراعة) بلون أخضر منعش وتحتها (ليقنـز) يصل إلى نصف ساقها بلون أخضر أفتح قليلا..
حين خرجت..
كان يجلس أمام الأفطار دون أن يفتحه.. هتف بسخرية: ترا كل شيء صار مثلج..
تبين نطلب غيره؟؟
همست برقة مختنقة وهي تجلس مقابلا له: ماكان انتظرنتي.. أنا دايم أتأخر لا تسبحت..
فهد تنهد: ماعليه جميلة لا تتضايقين مني.. بس أنا فعلا ما أحب نبرة الصوت هذي..
يا ليت تتكلمين بشكل طبيعي..
جميلة بصدمة: وأنا أتكلم بشكل طبيعي.. أشلون تبيني أتكلم؟؟
فهد تنهد في داخله (لا حول ولاقوة إلا بالله) ثم هتف بثقة: أنا بصراحة ماني بمقتنع إنه فيه حد هذا صوته الطبيعي..
بس دامش مصرة.. يا ليت لما نكون في مكان عام ما تتكلمين..
جميلة تنهدت في داخلها( يا الله الصبر من عندك) ثم همست برقة:
إن شاء الله.. حاضر!!
فهد هتف بحزم: إذا خلصنا ريوق.. تجهزي عشان نروح للبيت!!
ثم أردف بنبرة مقصودة وهو ينظر لها: وبدلي ملابسش.. هذا مهوب لبس تطلعين فيه..
جميلة نظرت له بغيظ (هذا وش مفكرني؟؟ مفكر إني بأطلع بلبسي ذا؟؟
متكشخة لك أنت ووجهك.. الشرهة علي بس!!)
ولكنها همست برقة مهادنة: حاضر إن شاء الله..
جميلة بعد ليلتها الصادمة معه.. حاولت جاهدة أن تتفهم أن طبيعته فعلا تتميز بالجلافة.. وأنها لابد أن تتقبل طبيعته حتى يسير مركب حياتهما..
وإنها إن كانت ذكية وصبورة.. فهي من ستغيره!!
حين انتهيا من الفطور الذي لم تلمسه جميلة..
كانت جميلة قد وقفت لتتوجه لغرفة النوم.. وكان هو يريد أن يقف أيضا.. فحرك الطاولة من أمامه..
حينها الطاولة صدمت في ساقها بقوة عنيفة..
لأنها كانت تجلس على كرسي منفرد يمينه..
ففقدت توزانها ليتلقاها هو بين ذراعيه.. ثم يدفعها عنه بذات سرعة تلقيها.. وهو يجلسها على الأريكة التي كان يجلس عليها
ويبتعد وهو يهتف بعتب مختلط بجلافته:
ترا عيب اللي تسوينه ياجميلة.. والله عيب..
جميلة لم تستطع أن تركز معه لأنها مشغولة بألم ساقها.. وهي تهمس باستغراب:
ليه أنا وش سويت..؟؟
فهد بضيق حقيقي: يا بنت الناس الحركات اللي تسوينها.. شفناها في الأفلام ألف مرة.. وش ذا السخافة؟؟
عيب ترخصين نفسش كذا..!!
جميلة بصدمة: الحين كنت بتكسر رجلي.. وعقب أنا اللي أسوي حركات أفلام؟؟
فهد بغضب: الطاولة يا الله إنها لمستش.. بلا حركات سخيفة.. طلعتي روحي!!
جميلة لم ترد عليه وهي تقف متوجهة للغرفة وتتحامل على نفسها حتى لا تعرج..
كانت تريد أن تبكي فعلا.. تشعر بمهانة عميقة وجرح أعمق..
(بس ماراح أخليه يشمت فيني..
ماراح أخليه يشمت فيني..
بالطقاق فيه وفي رأيه ما يهمني.. مالت عليه!!)
كانت تزفر بحرقة وهي تسب في فهد في أعماقها بكل الشتائم المعروفة وغير المعروفة..
وتريد أن تبكي على الأقل من ألم ساقها التي شعرت بتفجر قنبلة فيها..
ولكنها قررت كتمان كل شيء في داخلها وهي تغير ملابسها..
وتتأنق أكثر قبل أن ترتدي نقابها.. حتى يراها أهله وهي متأنقة فعلا كعروس..
لن تسمح مطلقا أن يتكلم عليها أحد نصف كلمة..
" يمكن ذا الفهد المعفن هو ذنب خليفة... ربي يخلصه مني..!!
ليتني ماوافقت على خليفة أول... ولا على فهد تالي!!
ليت ربي رحمني من الاثنين!!"
هــو في الخارج.. يدعك يديه بحدة..
يعترف أنه نادم فعلا على تجريحها.. ولكنها من دفعته لذلك..
" مسختها هي وحركات الأفلام...
تحسب نفسها في فيلم أبيض وأسود.. والبطلة اللي تبي تغري البطل..
.
زين يا ابن الحلال.. هي ناقصة عقل..
شوف الحركة وحط نفسك ماشفت شيء..
.
بس أنا قرفان من حركاتها.. قرفان!!
لوعت كبدي.. ماني بطايقها..
تظن إنها يوم تسوي كذا إني بأركع تحت رجلها وأقوم بأموت أنا من حسنش وجمالش..
صدق إنها غبية فوق قلة سحاها!!)
ولكنه ختاما.. شعر أنه لابد أن يراضيها بشكل ما..
فهو مهما كان قد أثقل العيار عليها...حتى لو كانت تستحق ماقاله لها..
فهذه الجميلة تبدو تافهة ومحدودة التفكير..
ولكنه لابد أن يراعي ابتلاءه بتفاهتها ومحدودية تفكيرها...
حين دخل كانت قد ارتدت عباءتها..
شعر أن كلمات الاعتذار تقف في بلعومه.. وغير قادر على إخراجها..
عدا أنها لم تترك له المجال وهي تتجاوزه.. وتهمس بنبرتها الحازمة الجديدة ولكنها مثقلة برقتها الخاصة:
شناطي جاهزة... وانا جاهزة..
يا الله نمشي..
فهد هز كتفيه وهو يهتف في داخله ( أنا ربي حرقني حسبت بألاقيها مسوية مناحة..
بس الظاهر إنها ما اهتمت لأنها دارية إنها غلطانة.. وحركاتها من أساسها عيب)
فرد عليها بحزم: يا الله باروح أسوي شيك آوت.. وبأرجع مع بوي يشيل الشناط...
وهما في طريق النزول.. كانت تمشي ببطء حتى لا ينتبه إنها كانت تعرج..
بينما كان سيشد شعره.. وهو يتمنى لو حملها على كتفه بدلا من مشي السلحفاة هذا!!
" يا الله الصبر من عندك
حتى مشيها غير نمونة!!"
************************************
" هاحبيبتي كفاية كذا؟؟
وإلا تبين أمشي بعد؟؟"
عالية مستغربة أنه وافقها بالأمس على شرطها بسرعة.. ومستغربة أكثر أنه قام بكل التمرينات وزيادة..دون أن يتذمر!!
همست عالية باستغراب: غريبة إنك ما تمللت..
حينها هتف عبدالرحمن بنبرة مقصودة أقرب للحزن:
دام حياتنا صار هذا مرتكزها.. وانتي منتي براضية تقبليني إلا وأنا أمشي..
وش أسوي؟؟
عشان تعرفين غلاش بس..
عالية ساعدته ليجلس وهي تطوق عنقه بذراعيها وتهمس بحنان:
يا ملغك بس.. عقب بتعرف إني على حق!!
عبدالرحمن ياقلبي.. لو كان عدم قدرتك على المشي شي عضوي.. كان مافتحت ثمي.. وانت عارف ذا الشي زين..
بس هذا شي نفسي..
ليه ياعبدالرحمن تبي تحرم امهاب الصغير إنك تلعب معه كورة..؟؟ أو تشارك معه في مسابقاته المدرسية..؟؟
ليه تسوي فيه كذا وأنت مافيك شيء؟؟ يعني هو مايستاهل تبذل شوي جهد عشانه؟؟
عبدالرحمن ارتعشت روحه مع ذكرها لمهاب الصغير.. وعالية بدأت ترسم مخططها بدقة.. فهي حضيت بما تضغط به على عبدالرحمن..
وقررت استخدامه بمهارة..
فإن كان لايريد المشي من أجل مهاب..
فهو سيريده الآن من أجله أيضا!!
تعلم أنها ستحتاج وقتا حتى تدخل الفكرة في رأسه..
وهي مستعدة لكل الوقت!!
*******************************
هاهي تعود لجناحها أخيرا..
بدا لها الغداء طويلا.. ولن ينتهي.. وهي تعاني الأمرين من شيئين:
نظرات خالات فهد الغريبة لها..
وألم ساقها المتزايد..
وهي تشعر أن صعود الدرج بمثابة عذاب حقيقي لها!!
كل ما تريده أن هو أن تستحم وتلبس بيجامتها وتتناول حبتين بنادول لتنام..
وتريح نفسها من كل ما يؤلمها..
كانت قد انهت استحماتها وخرجت لغرفة التبديل وارتدت ملابسها الداخلية ثم شرعت في إشعال جمرة حتى تتبخر بعد دهنت نفسها بالكريم المعطر..
كعادتها العفوية في اهتمامها بنفسها والتي لن تغيرها من أجل نظرة أحد..
في لحظتها..
فُتح باب غرفة التبديل..
كان هــو.. وقف كالتمثال الصامت ينظر للمشهد الذي لم يستطع التصرف إزائه إلا بالنظر..
بينما جميلة شهقت بعنف.. وهي تبحث عن روبها لترتديه.. وعيناها تتسعان بالدموع.. بينما هو لم يتحرك من أمام الباب
حتى دفعته هي وأغلقت الباب!!
حينها انتبه من غيبوبته التي كان فيها.. ليتصاعد غضب مر في كل خلاياه..
فهي تجاوزت هذه المرة كل حد..
تجاوزت كل حد!!
جميلة لم تستطع أن تخرج وهي تحشر نفسها في زاوية غرفة التبديل وتنتحب..
" يا الله.. ليش كل شيء عكسي كذا؟؟
أشلون أحط عيني في عينه الحين؟؟
وأشلون نسيت أسكر باب غرفة التبديل؟؟ أشلون؟؟"
جميلة أطالت كثيرا.. وكل دقيقة تمر تضاعف غضب فهد أكثر..
حتى ماعاد يحتمل لذا طرق الباب عليها وهو يهتف بغضب:
جميلة يا الله اطلعي.. ماني بقاعد انتظرش للصبح..
العصر بيأذن الحين.. وأبي أروح للصلاة..
حينها خرجت جميلة وهي مازالت ملتفة بروبها.. لم تنظر مطلقا نحوه حتى لا يلاحظ وجهها المتفجر بالاحمرار..
وهو لم ينظر أبدا لها لأنه ما أن رأها تخرج حتى انهمر بصراخه الغاضب:
أنتي وش جنسش؟؟
الحيا ما تعرفينه..
فيه وحدة في رأسها من الذرابة شعرة تسوي اللي سويتيه..؟؟
إلا بالغصب تغريني ومن أول يوم..
وهذا وأنتي ما تصلين.. لو تصلين وش كان سويتي؟؟
عيب عليش ذا السوايا.. عيب..
والله لو سويتي مهما ما سويتي.. إني ما أرد لش طرف عيني..
لأني نفسي مهيب دنية.. ونفسي ماتقبل فضلة غيري..
فاهمة وإلا لأ.. ؟؟
فريحي نفسش.. وبلاها ذا الحركات المالغة الله يرحم والديش..
جميلة كانت تستمع لانهماره وهي ترتعش وتحاول منع نفسها من البكاء
حتى وصل لمنتهى كلامه فكررت وراءه بذهول مصدوم:
أنا فضلة؟؟
فهد غاضب فعلا من تصرفها الذي رأه غاية في الحقارة والرخص لذا هتف بذات الغضب المتفجر:
إيه فضلة مستخدمة يوم زهق منها رجالش الأولي رماها لغيره..
جميلة شهقت بعنف قارص وهي تحاول أن تتماسك.. رغم أن روحها تهاوت تماما..
بينما فهد شعر فورا بتصاعد ندم مر في روحه ما أن خرجت الكلمة من بين شفتيه.. " ليتني خليت رأيي لروحي"
لذا كانت صدمتها من ردها المتماسك القارص:
تدري من اللي أغبى وأحقر من اللي يستخدم فضلة مستخدمة على قولتك..؟؟
.... اللي اشتراها...
تدري من قبل ماتخطبني إني فضلة مستخدمة.. وش حدك علي؟!!
وش حدك تشتري شيء مستخدم ماتبي تستخدمه إلا لأنك ....... وإلا بلاها!!
فهد أمسك بقبضتيه وهو ينتفض من الغضب حتى يمنع نفسه من صفعها..
وهو يخرج ويترك المكان خاليا..
لتنهار جميلة في مكان وقوفها وهي تنتحب بعنف حقيقي موجوع ومدمر تماما..
**********************************
كان يسمع كلمة واحدة ويتوه عن عشر كلمات..
غير قادر على التركيز..
وكل تفكيره معها.. يشعر بكراهية عظيمة لنفسه لأول مرة يشعر بها..
يشعر أنه مخلوق حقير وعاجز عن إزالة الفكرة من رأسه..
منذ خرج من عندها عصرا.. لم يعد.. ولم يتصل حتى
ولماذا يتصل؟؟ ماذا لديه ليقوله؟؟
حتى رقم هاتفها لا يعرفه أصلا..
ما يؤلمه بشدة ليس ظنه فيها.. فهو مقتنع بظنه.. ولكن تصريحه بهذا الظن..
فكم من بشر نظن فيهم السوء ولكن مطلقا لا نبوح بظنونا لهم..!!
لأن هكذا هي المخلوقات البشرية... جُبلت على مراعاة مشاعر البشر الآخرين..
وهو خرج تماما عن صفات البشر وهو يجرحها بهذه الطريقة الخالية من الإنسانية!!
تمنى لو أنه لم يقل شيئا.. وتمنى بشدة لو أن الزمن يعود فقط لساعات قليلة حتى يتحكم بنفسه أكثر..
ولكن الزمن لا يعود.. لا يعود!!
" ها يافهد.. سامعني وإلا لأ؟؟"
فهد انتفض بشدة: سم يا أبو زايد..
منصور بحزم: أقول لك ترا عمتك أم زايد مأمنتك تراعي بنتها..
وأنا آمنك فوقها..
الله الله في بنيتنا.. ترا قلبها كنه قلب طير.. وأدنى شيء يأثر فيها..
وأنا أعرفك الله يهداك جلف شويتين.. راعي البنية واستحملها شوي.. لين تكيفها على طبايعك..
فهد اختنق تماما وهو يعود لدوامة التفكير الموجعة.. كان يعلم كل هذا منذ البداية..
فكيف استطاع أن يجرح أمانته هكذا؟؟ كيف؟؟
أي رجل هو هذا الذي لا يحافظ على الأمانة؟؟
كان غارقا في أفكاره بينما منصور كان يتكلم عبر الهاتف
ولم يخرجه من أفكاره إلا منصور يهز كتفه بقوة وهو يهتف بحزم:
فهد قم لبيتكم شوف جميلة وش فيها؟؟
أمها تتصل فيها من عصر وهي ما ترد عليها..
وأم زايد حالتها حالة!!
فهد هتف بحزم يخفي خلفه قلقه الذي تفجر فجأة:
مافيها شيء.. نايمة بس لأنها ما نامت البارحة..
بأروح لها الحين وأخليها تكلم أمها..
فهد لا يعرف حتى كيف وصل للبيت.. وهو يحاول ألا يركض حتى لا يبدو منظره مثيرا للدهشة والضحك..
وزادتها والدته عليه وهي تمسك به قبل أن يصعد وتهمس بقلق:
فهد.. مرتك مانزلت من ظهر.. ونتصل عليها ماترد.. حتى العشاء ماتعشت..
وأنت الله يهداك.. فيه حد ثاني يوم عرسه يخلي مرته كل ذا..
فهد يشد له نفسا عميقا وهو يحاول التحدث بثقة:
يمه هي أساسا تعبانة مانامت وتبي تنام.. فخليتها براحتها..
فهد كان يريد أن ينهي هذا الحوار ليقفز للأعلى ليطمئن عن حال ضحيته التي تركها خلفه..
حين دخل لغرفته كان المكان غارقا في الظلام.. أشعل الإضاءة بأنفاسه المقطوعة..
كانت فعلا نائمة.. صرخ فيها بحدة قلقه: جميلة.. جميلة..
لكنها لم تجبه.. تقدم منها بقلق.. وهو يقف على ركبتيه على الأرض قريبا من رأسها..
قرب كفه من أنفاسها ليتأكد من تنفسها.. فكل الظنون السيئة خطرت بباله..
كانت تتنفس بهدوء منتظم.. ليتنفس هو أيضا بعد شد الأعصاب غير الطبيعي
وهو يجلس فعلا على الأرض.. ليلاحظ حينها علبة بنادول نايت بجوار سريرها..
انتفض بجزع وهو يقفز ويفتح الشريط ليتأكد من عدد الأقراص..
وجد أنها تناولت قرصين فقط.. فعاد للنفس وهو يزفر:
يا الخبلة.. صبيتي قلبي..
وحينها لاحظ شيئا آخر.. وهو ينظر ناحية الغطاء الذي لم يكن يغطي ساقيها ..
شيئا لم يكن موجودا اليوم صباحا وهو ينظر لساقيها المصقولتين ويدعي في أعمق أعماقه أنه لا ينظر..
كانت كدمة بنفسجية متسعة وواضحة في بياض ونعومة ساقها..
كشف عنها بنطلون البيجامة (البنتاكور) الذي كان طوله يصل لمنتصف ساقيها..
وليس غبيا ليعرف سبب هذه الكدمة..
زفر حينها بيأس جارح وهو يضغط جانبي رأسه ..
(يعني المسكينة صادقة.. أنا كنت بأكسر رجلها.. وعقبه اتهمتها بسخافاتي..
والله ماحد سوى أفلام غيرك يالغشيم..
والمسكينة ماحتى اشتكت.. ولا قالت إن رجلها توجعها
.
لمن تشتكي؟؟
لواحد مايحس مثلك!!
.
لا حول ولا قوة إلا بالله..
أنا أساسا زواجي منها كله غلط..
ليتني اعتذرت من منصور من أولها.. وانتهينا)
مال برفق عليها وهو يهمس بهدوء: جمليلة.. جميلة.. قومي كلمي أمش..
ولكنها لم تستجب له..
هز كتفها برفق.. وحينها فتحت عيناها بتثاقل..
حين رأت وجهه أمامها عادت لإغلاق عينيها كما لو كانت رأت كابوسا..
شد له نفسا عميقا وهو يحاول أن يهتف برفق: جميلة قومي كلمي أمش..
جميلة حاولت أن تنتصب وهي تشعر بدوار فعلي..
شدت نفسها لتسند ظهرها للخلف.. وهي تتناول هاتفها..
فوجئت بكم الاتصالات.. لتهمس برقة أقرب للبكاء: ياقلبي يمه أكيد متروعة علي..
هاتفت والدتها وهي تطمئنها عنها وتصف لها كل شيء أنه بخير.. بينما هو يراقبها..
ورغما عنه ومع إحساسه المتعاظم بالتأثر من أجلها إلا أن رقتها الزائدة تسبب له الغثيان فعلا..
"حتى وهي تكلم أمها.. تكلمها كذا!! "
حين انتهت من الاتصال هتف لها بحزم: قومي أوديش للمستشفى..
جميلة همست باستغراب: مافيني شيء عشان توديني المستشفى..
فهد بتصميم: وذا اللي في رجلش مهوب شيء؟؟
جميلة نظرت لساقها لتصاب بصدمة فعلا لأنها لم تعلم أنه تحول هكذا.. رغم أنها حتى وهي نائمة كانت تشعر بألمها..
ومع ذلك همست بنبرة مقصودة ولكنها أقرب للحزن:
ورجلي مافيها شيء.. مهوب أنت تقول إن الطاولة مالمستني.. فخلاص أنت الصادق ..
أنهت عبارتها لتقف.. فأصيبت بالداور نتيجة لنومها الطويل دون تناول أي شيء.. عدا أنها لم تستطع الاستناد لساقها فعلا!!
حاول إسنادها لولا أنها رفضت وهي تعود للجلوس وتهتف بذات النبرة المقصودة المغمورة بالحزن:
مافيه داعي إنك تصدق تمثيلياتي اللي بأسويها..
أو تجبر نفسك على مساعدة الفضلة.. خلني في حالي ومشكور!!
فهد شعر اختناق فعلي.. وهي تعلق كلماته كمشانق تشنقه عليها..
وهي تشعره بالضآلة والحقارة.. التي كانت مؤلمة له فعلا مع اعتزازه الكبير بنفسه!!
جميلة حاولت الوقوف مرة أخرى.. بدا لها ألم ساقها لا يحتمل فعلا..
وهي تحاول أن تتحامل على نفسها بصعوبة لأن الكدمة كانت منتفخة لحد ما!!
وهي بطبعها غير صبورة على الألم!!
والوقوف عليها فجر الآلم فيها..
ووجود هذا المتوحش معها وهو ينظر لشكلها المزري زادها آلما وهي تتذكر كلماته المهينة لها..
لذا لم تستطع إكمال طريقها للحمام وهي تجلس على مقعد التسريحة..
وتنفجر في البكاء.. وبشكل مؤلم حقا!!
فهد شعر بالفجيعة وهو يراها تبكي.. لا يعلم لِـمَ بدا يتكون لديه تصور أنها شبه معدومة الإحساس.. لأنها لم تظهر تاثرها بشيء منذ البارحة!!
لذا ورغما عنه لم يحتمل نحيبها!!
فأي رجل قد يحتمل دموع امرأة!!
فهد اقترب منها وهو يهتف بجزع قلق: وش فيش؟؟
جميلة لم ترد عليه.. فهي كانت محتاجة للبكاء فعلا.. وبما أنها انفجرت الآن.. فلن تسكت..
فهد شعر أنه يتمزق فعلا من بكائها.. والسبب هو إحساسه بالتقصير في حق الأمانة التي تُركت عنده..
مازال اليوم هو اليوم الثاني لزواجهم وهي تبكي هكذا.. فكيف بعد مرور الأسابيع؟؟
قضى فهد وقتا طويلا في محايلتها وهو فاشل فعلا فعلا في المحايلة.. كان يخشى أن يغضب عليها..
" حشا فتحت حنفية.. وماعاد سكرتها!!
رأسي آجعني!!"
فهد هتف بحزم في محاولة أخيرة : إذا ما تبين تسكتين وتقولين لي وش فيش..
وإلا بأدعي أمي وقولي لها..
ففهد كان يظن أنها ربما تشعر بالخجل من شيء معين ولا تريد إخباره بما فيها.. لذا انفجرت أكثر وهي تشهق:
إيه ادع أمك.. وخلني أقول لها وش قلت لي..
وادع بعد عمي منصور اللي قال لي ألف مرة إنه وصاك علي!! خله يشوف وش سويت في وصاته!!
يا ابن الحلال أنا ما أبي منك شي.. ما أبي منك إلا شوي احترام شحيت به علي!!
دامك عايفني كذا ومن أولها.. وش حدك تأخذني.. عشان تطلع عقدك علي!!
حرام عليك.. حرام عليك.. والله ما سويت فيك شي يستاهل حتى واحد على مليون من اللي سويته فيني!!
فهد بدا مفجوعا فعلا من هجومها المنهك المتفجر حزنا وقهرا... بدت له حينها الصورة شديدة الوضوح من ناحيتها..
وتبدت له مقدار بشاعة صورته في عينيها!!
تنهد وهو يشد له نفسا طويلا ثم يهتف بحزم: زين خليش مني الحين.. أنا واحد أضيع مفتاح لساني أحيانا...
قومي خلني أوديش المستشفى!!
جميلة تنتحب بشفافية: رجلي توجعني.. ما أقدر أنزل الدرج... أنا اصلا ما أدري أشلون طلعت اليوم..
والحين منتفخة أكثر.. ما أقدر!! ما أقدر !!
" يا الله طفلة تبكي!!..
وأنا كمن ضرب الطفلة وبدون رحمة أيضا!!"
هتف لها بحزم: أنا بأشلش!!
جميلة بجزع: نعم؟؟ تشيلني!! لا لا.. خلاص جيب لي دكتورة هنا!!
(مسوية فيها مستحية الأخت هي ووجهها!!) هتف بذات حزمه: يمكن تبين أشعة.. حتى لو جبت دكتورة.. بتقول نفس الكلام!!
جميلة تشعر بالفعل أن هناك شيء غير طبيعي في ساقها.. وتعلم أنها تحتاج للمستشفى!!
لذا همست باختناق: زين ناد عمي منصور هو اللي يشيلني!!
فهد هتف بغضب: إلا اشرايش أدعي لش إبي أحسن!!
خلصيني بلا دلع.. بدلي والبسي عباتش..
جميلة عادت للنحيب.. فكل شيء يؤلمها.. وهذا القاسي يزيدها عليها من كل ناحية!!
تحاملت على نفسها وهي تقف .. ثم عادت لتجلس وهي تبكي..
تشعر بالمهانة فعلا وهذا كان آخر ماينقصها أمام هذا المعدوم المشاعر..
فهد اقترب منها وهو يشدها بيد واحدة.. انتفضت بجزع.. بينما هتف هو لها بحزم:
أنا قلت لش إني ما أداني الحركات البايخة وزود عليها لساني مضيع مفتاحه..
فاتقي شري ولا تقولين ولا شيء..
أنهى عبارته بأن حملها بين ذراعيه بخفة كما لو كانت لا وزن لها فعليا..
جميلة تصلب جسدها فعلا وكلماتها تجف في حلقها..
وكلاهما يتبادلان تأثر إلى حد كبير.. كلٌّ بطريقته!!
هي تشعر بخجل مرعب.. وهي ترى نفسها محمولة بين ذراعيه..
وهو يشعر بشيء مختلف مختلف..بعد أن خفت حدة عدائيته بسبب ظرفها الحالي..
كان يشعر بنعومة جسدها ملاصقة لصلابة صدره كما لو كانت ستذوب لشدة ليونتها..
إحساس غريب عليه لم يسمح لنفسه بالاحساس به ولكنه اقتحمه رغما عنه!!
بدت الرحلة القصيرة مابين غرفة النوم لغرفة التبديل.. كما لو كانت لا تريد أن تنتهي لكلاهما..
هي لشدة خجلها!!
وهو لغرابة ماشعر به!!
أنزلها قريبا من الخزانة وهو يهتف بحزم يخفي خلفه توترا غير مفهوم:
تبين مساعدة؟!!
همست بجزع: وش مساعدته؟؟
خلاص كل شيء قريب مني.. بألبس وأطلع لك!!
.
.
.
هاهما يعودان أخيرا قبل صلاة الفجر بقليل..
ومن رحمة ربي بهما..
أن أحدا لم يراهما لا في الخروج ولا الدخول..
مع أن كلاهما كان يخشى مواجهة أحد وهما في هذا الموقف..
يحملها نازلا وصاعدا!!
جميلة قالت لهم في المستشفى أنها زلقت في الحمام...
وما آلم فهد أنها كانت مصابة بـ(شعر) فعلا... وهو من تسبب به!!
يتخيل لو أنه كسر ساقها فعلا.. كيف يستطيع أن يضع عينه في عين أحد!!
" يا ربي... ليت ربي يخلصني من ذا السالفة!!
هذي من دفة بسيطة للطاولة انشعرت رجلها
أشلون أتعامل معها ذي..
أحطها في صندوق قزاز؟؟ "
حين أنزلها على السرير هتف لها بحزم رغم أنه كره ماسيقوله من أجل منظره أمام الناس: جميلة تبين تروحين لأمش.. لين تحسنين.. ماعندي مانع!!
همست جميلة بحزم رقيق وهي تخلع شيلتها وعباءتها: أدري ماعندك مانع..
أفرح ماعليك تخلص مني..
بس على الأقل راعي منظرنا قدام الناس وأنا راجعة لهلي ثالث يوم..
كلها أسبوعين وأنت تروح بالسلامة وأقعد عند أمي شهر!!
ولا تخاف ماراح أثقل عليك.. لا أبيك تشلني ولا تحطني!! بأقعد في الغرفة لين أتحسن!! وباخلي أمي ترسل لي وحدة من خداماتها!!
فهد بنبرة أقرب للغضب: إذا على الخدامات يادلوعة أمش.. ترا بيتنا مليان.. مافيه داعي تطلبين من حد..
وعلى العموم أنا ماني بعاجز من مرتي!!
جميلة تنهدت وهي تمنع نفسها من الرد عليه... فالوضع يبدو مأسويا فعلا بينهما..
ويبدو كما لو كان كل منهما لا يطيق الآخر فعلا وبلا مواربة!!
.
.
اليوم التالي..
فهد لم يصعد مطلقا لها..
فوالدتها كانت عندها طوال النهار..
وهو كان سعيدا بذلك.. لأنه تخلص من حملها..
فهو كان يشعر بالتوتر الممزوج بالقرف حين يضطر لمساعدتها للذهاب للحمام أو التنقل في أرجاء الغرفة..
وما أثار استغرابه.. اصرارها هذا الصباح هلى التأنق وبأقصى صورة رغم أنها لن تنزل من غرفتها!!
"خبلة.. خبلة.. وعقلها نص لبسة!! "
أخرج فهد من أفكاره صوت والده يهتف له بحزم:
فهد اتصل في مرتك.. قل لها إني بأطلع أسلم عليها!!
فهد بجزع واحترام: يبه تطلع بنفسك.. عطها بس يومين تحسن وهي اللي بتجيك!!
أبو صالح بحزم: إذا قلت لك كلمة.. سوها وأنت ساكت.. ياحبك للمرادد..
فهد تنهد وهو يهتف بحزم: زين أنا بأطلع أقول لها بنفسي!!
فهو ويا الغرابة مازال لا يعرف رقم هاتفها!! ولم يهتم أن يأخذه!!
طرق باب غرفة الجلوس بطرقاته الحازمة.. ليصله صوت عمته أم زايد:
ادخل يأمك.. مافيه حد.. بنت أختي راحت!!
فهد كان عاجزا عن وضع عينيه في عيني عفرا.. وهو يتخيل أن جميلة أخبرتها بسبب مافيها..
حتى لو كان لا يقصد.. فهي مهما كان ستعاتبه وخصوصا أن الضربة كانت منذ الصباح وهو لم يأخذها للمستشفى إلا في الليل!!
لذا كان استغرابه من خطاب عفرا الحاني الباسم: بيض الله وجهك يأمك..
جميلة تقول إنك تعبت نفسك معها واجد من البارحة لين اليوم!!
فهد لم يستطع أن يرد عليها بشيء وهو ينظر ناحية جميلة التي لم تكن تنظر ناحيته وتتشاغل بأخيها المتمدد في حضنها..
وهو يرد من باب اللياقة ولكن بصدق طبيعي: ماسويت شيء.. إلا مقصر واجد.. والسموحة منش ومنها!!
ثم أردف وهو يهتف بحزم: جميلة إبي بيجيش يبي يسلم عليش!!
جميلة حينها انتفضت بجزع وهي تهمس لأمها بعفوية: يمه تكفين جيبي لي جلابية ضافية وجلال..
فهد رغما عنه شعر بتأثر لطيف.. لأنه حين دخل ورأى الفستان القصير الذي ترتديه.. شعر بحرج كيف سيقول لها أن تبدله أمام والدتها!!
عفراء خرجت لتذهب لغرفة نوم ابنتها..
بينما فهد جلس مكان عفراء وهو يهتف لها بهدوء: عطيني زايد..
جميلة استغربت حين رأته يبتسم لزايد.. ( زين يعرف يبتسم..
فديت قلبك يازيود تخلي الحجر يبتسم!! )
عفراء دخلت وهي تحمل الملابس بيدها.. وهمست لجميلة بحنان: خلاص يامش قومي خلني أساعدش نروح للحمام تبدلين..
ثم أردفت ابتسامة لفهد: ماعليه يأمك بنخلي زايد عندك شوي..
جعلني أشوف عيالكم.. عاجلا غير آجل!!
كلاهما وفورا شعر بالضيق من هذا الدعاء.. فكلاهما لا يريد فعلا أن يكون بينهما أطفال..
" أنا آخرتي أرد نفسي لها..
لا وأجيب عيال من ذا الدلوعة.. أشلون بتعرف تربيهم أساسا؟؟"
" بسم الله علي أجيب عيال من ذا المتوحش!!
زين ما يحطهم في الفرامة ويفرمهم إذا عصب عليهم!! "
**********************************
بعد أربعة أيام..
والأوضاع شبه مستقرة على جميع الأصعدة.. بين استمرار عبدالرحمن في التدريبات..
والحياة الباردة الرتيبة والطبيعية بين كساب وكاسرة مع تحسن كساب أكثر وعودته لعمله في الشركة..
ومن ثم تحسن جميلة أكثر..
بعد أن قضت الأيام الماضية أكثرها في غرفتها!!
ومشاعر النفور المتبادل تصبح هي السمة بينها وبين زوجها!!
رغم أنها حاولت أن تكون أكثر لطفا معه.. وهي تؤمن أن هذا الرجل هو نصيبها!!
ولكنها رغما عنها لا تستطيع نسيان إهانته الجارحة!!
هـــو لم يكن مايشعر به هو النفور بمعناه الحقيقي... لكنه كان في رحلة اكتشاف..
اكتشاف عالم مجهول لم يكن يعرفه.. هذه الحسناء الرقيقة المتأنقة على الدوام..
بدأت تسترعي انتباهه بطريقة غريبة...
كما لو أنك تسكن مع نجمة متألقة تنتظر جديدها كل يوم!!
وهي لم تكن تمل من التلون وعدة مرات في اليوم!!
أناقة لافتة.. واهتمام لافت بنفسها.. وكل مافيها يبدو متقنا لأبعد حد...
حتى رقة صوتها بدأ يعتادها.. فمثل هذه الحسناء لا يصلح لها إلا هذا الصوت!!
ومع كل هذا... فوجهة نظره لم تتزحزح مطلقا.... لا بأس أن تنظر..
ولكن لا تقترب من شيء مستخدم...
فلو أنك رأيت تحفة فنية مبهرة... لن تمنع نفسك من النظر لها والتعجب من جمالها..
لكنك لن تفكر أبدا باستخدامها إلا لو كنت مجنونا!!
وهو ليس مجنونا!!
كان يدخل لغرفته بخطوات هادئة.. ليشعر بتوتر لا يعلم له سببا حين رأها تصلي!!
فهذه المرة الأولى التي يراها تصلي منذ زواجهما!!
وهي رغم شعورها العارض بالتوتر.. إلا أنها نفضته فورا.. فهي رأت طيلة الأيام الماضية تعامله الرسمي الدال على عدم رغبته في أي تقرب منها!!
خلعت جلال الصلاة.. لتظهر أناقتها اللافتة من تحته..
بنطلونها الجلدي الأسود.. وبلوزتها الفضية الضيقة التي تصل لمنتصف الفخذ..
وكل مافيها يصرخ بالإثارة لأبعد حد..
فهد توتر نوعا ما.. فهو مهما كان رجل.. وليس حائطا..
لذا هتف بغضب وهو يراها تجلس على مقعد التسريحة وتعدل وضع أحمر شفاهها:
دام أنتي عارفة مثل ماقلت لش قبل.. وعشان ما أجرح فيش..
إني مستحيل أرد نفسي لش... ممكن أعرف ليش ذا الكشخة اللي متعدية الحد 24 ساعة..؟؟
جميلة همست ببساطة وهي تضع لمسات أحمر الشفاة الأخيرة:
أتعدل لنفسي.. يعني عشانك ماتبيني... لازم أكتئب وأدفن نفسي!!
فهد يزفر بغيظ: يا بنت الحلال ريحي روحش.. مهما سويتي ماراح ينفع معي!!
جميلة ضحكت برقة: تدري فهد إنك تفكيرك سطحي وبريء بزيادة..
ماكنه بتفكير رجال قرب على الثلاثين..
لأني لو أبي أغريك على قولتك.. تراك ما تاخذ في يدي غلوة !!
جميلة كرهت بالفعل ماقالته.. ولكن هذا التافه الذي يظنها ستموت من أجل إغرائه أثار غيظها لأبعد حد..
وهي سكتت عنه طويلا!!
بينما شعور فهد ناحيتها بالقرف تعاظم أكثر لأنه رآها تتبجح بتجربة هو لا يمتلكها..
وشعوره بالغيظ ناحيتها يتزايد أكثر وأكثر!!
جميلة شعرت بالتوتر وهي تقف وتهمس برقة: بأروح أبدل وبأنزل لعمتي أم صالح..
*********************************
" علي حبيبي اشفيك تاخرت؟؟"
علي يخفي شيئا خلفه ويهتف بولع وهو يضع هاتفه على أذنه..
هذا أنا عند الباب يا قلبي!!
دقيقة وكان يفتح الباب ليجدها واقفة أمامه.. كانت متانقة لأبعد.. ابتسم لأنه يعرف سبب تأنقها..
وهو يرى كيف كانت غرفتهما معدة لاحتفال خاص جدا!!
أخرج باقة الورد الصغيرة والأنيقة من خلف ظهره وهو يقترب من شعاع ليحتضنها ويغمرها بقبلاته ويهمس بولع:
مبروك ياحبيتي.. وعقبال ألف شهر مع بعضنا...
شعاع بتأثر: ياقلبي يا علي.. تدري كنت خايفة إنك ما تتذكر إنه حن اليوم كملنا شهر..
علي بولعه المصفى: أفا عليش.. يعني أنتي تتذكرين وأنا أنسى!!
تدرين احترت وش أجيب لش هدية..
وبعدين على طريقة الرومانسيين قلت الورد أحلى هدية!!
ثم أردف بابتسامة:ولو تبين هدية مادية.. رحما مع بعض ونقيها بنفسش؟؟
ابتسمت شعاع وهي تشده لتجلسه على الأريكة مقابلا للكعكة الأنيقة والشموع المشعلة: والله العظيم أحلى هدية ياقلبي
أصلا أنت سبيشل واللي يجي منك سبيشل..
ويا الله افتح هديتي لأني عندي لك هدية أكثر من سبيشل...
علي فتح العلبة المستطيلة الصغيرة الأنيقة.. لتتسع عينيه بصدمة وهو يكح ويشهق ويشعر كما لو كان سيبكي فعلا..
ويهمس بتأثر غامر: صدق وإلا تلعبين علي؟؟
شعاع تعلقت بعنقه وهي تبكي برقة: لا تصير سخيف .. وش ألعب عليك؟؟
علي رفع الشريط المستطيل أمام عينيه بيد وهو يحتضنها بيده الثانية وينظر للخطين المتوازين في اختبار الحمل المنزلي..
ويهمس باختناق: متاكدة ياقلبي؟؟.. مهما كان هذا اختبار منزلي..
شعاع بين شهقاتها العذبة: أصلا أنا صار لي كم يوم متوترة عشان دورتي تأخرت..
أمس سويت التيست.. وعقب طلبت من جوزاء توديني أسوي فحص دم..
علي بفرحة غامرة وهو يغمرها بمزيد من قبلاته الحماسية: وانا أقول وش فيش من أمس وانتي منتي على بعضش..
يا الله.. الحمدلله يارب على نعمتك..
صدق ربي راضي علي...
ثم قفز بحماس: باتصل في إبي أبشره... بيموت من الفرحة!!
شعاع اختنقت من الخجل: لا علي.. تكفى لا تحرجني في عمي!!
علي تناول هاتفه وهو يتصل بحماس: مستحيل ما أقول له وذا الحين بعد!!
**********************************
" مبروك.. الف ألف مبروك"
كساب وكاسرة ينظران بدهشة لزايد الذي قفز وهو يروح ويأتي ماعاد قادرا على الجلوس حتى!!
ووجهه يتفجر بالفرحة العارمة!!
ما أن أنهى اتصاله حتى هتف كساب بابتسامة: فرحنا معك!!
زايد لا يستطيع السيطرة على فرحته: مرت علي حامل.. مرت علي حامل!!
كساب ابتسم بسعادة: والله مهوب هين عليان.. مبروك ياجدي..
كاسرة ابتسمت كذلك: مبروك ياعمي.. خلني تصل بشعاع أبارك لها بنفسي..
زايد بتاثر: وعقبالكم عاجلا غير آجل..
كساب وكاسرة تبادلا نظرات مثقلة بالمعاني ليتفجر المكان كله بالدهشة العارمة
وكاسرة تهمس بنبرة مقصودة:
وحن بعد يبه باركنا لنا..
أصلا أنا وكساب جايين نقول لك.. بس علي سبقنا..
أنا بعد حامل!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.