()
.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصباحكم خير
.
.
البعض متوقع مشكلة لما حد يعرف عن مكالمات عالية وعبدالرحمن..
خلونا منطقيين شوي.. صحيح هي أمر منتقد جدا في عاداتنا..
لكن لو عرفوا أهلهم.. وش اللي بيصير؟؟ يعاتبونهم؟؟ يصرخون عليهم؟؟؟ يغسلون شراعهم؟؟
وبس....
لكن إنهم يعجلون الزواج عشان مجرد مكالمات وبين زوجين؟؟ قوية :)
لأنهم ماطلعوا مع بعض ولا حتى فكروا فيها... يعني الشيء اللي ممكن يسوي مشكلة فعلا ويعجل بالزواج..
للمكالمات سبب ثاني بعد بس بتعرفونه موب في بارت اليوم لكن البارت الجاي :)
.
.
ويا الله مع بارت طوووووويل تتسلون فيه نهاية الأسبوع
وبارب يعجبكم
.
الجزء 70
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولاقوة إلا بالله
.
.
.بين الأمس واليوم/ الجزء السبعون
حينها انقلبت ابتسامة عفراء لإنكسار مرعب وهي تشهق: نعم؟؟
خطبها قبل وسمية مرتين؟؟
منصور استدار بكامل جسده لها وهو يهتف بقلق: عفرا اشفيش؟؟
بسم الله عليش..
عفراء أشارت له وهي لاتكاد تبصر ما أمامها من شدة الفاجعة
واسما (مزنة – مزون) يضيء في داخلها كقنبلة مدوية بربط موجع لأبعد حد بين الاسمين:
مافيه شيء.. مافيه شيء...
" يا الله أتكون مزنة هي من جلبت كل هذا الحزن لوسمية..؟؟
ويا الله ما أظلمك زايد كيف جرؤت أن تسمي ابنتها على اسم حبيبتك..؟؟
كيف جرؤت أن تظلم قلب وسمية الطاهر هكذا؟؟
كيف طاوعك قلبك أن تقهر وسمية هكذا؟؟
ويا الله ما أصبرك ياوسمية!!
كيف صبرتِ كل هذا؟؟ كيف صبرتِ؟؟
كيف سمحتِ له أن يذلكِ حبه لدرجة أن توافقي على أن يسمي ابنتك باسمها؟؟
يا ربي..يا الله ماكل هذا الوجع!! ماكل هذا الوجع!!
أشعر أن قلبي سيقع من مكانه لشدة الوجع
وسمية لم تكن أختي فقط..
وسمية كانت أختي وأمي ورفيقة روحي!!
.
.
.
ولكن إن كانت وسمية أختا وأما.. فهل أكون ناكرة للجميل وأنكر أن زايدا كان لي أخا وأبا وسندا؟؟
وسمية ذاتها كانت تقسم أنه ماضايقها بشيء هو يقصده
عدا هذا الاسم الذي كان يهذي به ونائم لا يقصد إيذائها به..
وكان يستطيع أن يسمي ابنته باسمها دون تحريف لأنه يظن أن لا أحد يعلم..
هو لم يقصد مطلقا جرحها.. لم يقصد جرحها يارب!!
فهل أتقصد الآن جرحه؟؟
ماذا سأستفيد من ذلك؟؟ هل سيعيد ذلك وسمية من قبرها؟؟
وسمية أحلم بها في نومي على الدوام أنها سعيدة وعلى خير حال؟؟
فهل سترضى وسمية عليّ لو جرحت أولادها وأبوهم وقلبت حياتهم رأسا على عقب؟؟
مزنة ذاتها التي أشعر الآن بالحقد عليها ماذنبها؟؟
هل هي من طلبت من زايد أن يهذي باسمها في نومه؟؟
يا الله ألهمني الصواب لأقوم به!!
ألهمني الصواب..
وسمية رحلت.. فماذا سيستفيد الأحياء من تقليب دفاتر موجعة؟؟
أنتقم لها وأنا كاني أنتقم من زوجها الذي أكرمها وأنتقم من فلذات أكبادها؟؟
يا الله ألهمني الصواب.. ألهمني الصواب!!"
منصور يهز كتفها بقلق: عفرا اشفيش.. كلميني.. اشفيش..
عفراء وعت من غيبوبتها.. لتستدير وتدفن وجهها كاملا في عرض صدر منصور وهي تحتضن خصره وتبكي ببكاء خافت أشبه بالأنين.
منصور كاد يجن وهو يحتضنها بكل قوته ويهمس في أذنها بقلق مرير:
حبيبتي وش فيش؟؟ تكفين لا تحرقين قلبي كذا؟؟
عفراء همست بصوت مختنق: مافيني شيء.. بس تذكرت وسمية الله يرحمها..
حينها شدد منصور احتضانه لعفراء وهو يطبع قبلات حانية على شعرها ويهمس بحنان:
السموحة يام زايد.. وش نقزني أجيب طاري أم كساب.. جعل مثواها الجنة؟؟
عفراء دفنت وجهها في صدره أكثر وهي مستمرة في نحيبها الشفاف..
دون أن ينتبها كلاهما أن هناك من أطلت عليهما ثم عادت ركضا للأعلى ووجهها يشتعل احمرارا..
" يافشلتي فشلتاه.. وش نزلني؟؟ وش نزلني أنا ولقافتي..؟؟
يمه.. يمه.. الحين ممكن يصير في يوم من الأيام أنا أسوي كذا؟؟
لا لا مستحيل.. يمه.. يمه "
***************************************
" هلا يمه..
تقول سميرة إنش تبيني؟؟"
كانت هذه إشارة تميم لوالدته بعد أن أغلق الباب..
أشارت مزنة بشجن: يعني ماتمرني إلا لأن مرتك قالت لك..
تميم بجزع: لا والله يمه..
ثم صمت بألم..
مزنة أشارت للمكان الخالي جوارها..
تميم جاء وجلس جوارها ليضع رأسها على فخذها ومزنة تمسح على شعره بحنو ثم تميل لتقبل جبينه..
قبل هو فخذها حيث كان يسند رأسه ثم نهض وقبل كفها.. قبل أن تشد مزنة كفها لتشير له بحنان:
يا أمك مهوب خافيني إنك متضايق..
ووالله العالم لولا إن وضحى حدتني إني ماكان أوافق..
أنت يامك تكفيني عن كل رياجيل العالم..
ابتسم تميم بشجن: داري فديتش.. طالبش أنتي ماتضايقين روحش..
مهما كان يمه.. هذا زايد آل كساب.. نسبه شرف..
وفعايله ماحد يسويها ولا أحد يقدر يوقف مواقفه..
مزنة ربتت على خده ثم أشارت بحنان: خير يمه..
أنا بس بغيت أشوفك أنت..
ما أبغي شيء يحز بخاطرك طالبتك..
تميم غادرها وأغلق الباب خلفه.. لتتمدد مزنة على سريرها..
لأول مرة تفعل شيئا هي غير مقتنعة به..
فعلا لا رغبة لها بالزواج وقيوده بعد أن مضى أكثر من 15 عاما على رحيل زوجها الثاني..
قد يكون زايد آل كساب خيارا مغريا لأي أحد حتى لشابة أصغر منها بكثير..
ولكن هي لا تريد أن تتزوج لا من زايد ولا من غيره..
لا تتخيل نفسها زوجة مرة آخرى..
ربما لأن الزواج ارتبط في ذهنها بحياة باردة خالية من اشتعال المشاعر..
فزوجها الأول تزوجته صغيرة جدا.. وتوفي قبل أن تتعرف عليه حتى.. بعد زواجهما بخسمة أشهر..
وزوجها الثاني كان رجلا ودودا جدا لا يخالفها في كلمة ويرضى بأدنى شيء قد تقدمه له..
جمع بينهما المودة والأولاد والاحترام.. ولا شيء آخر..
لم يصل أحدا منهما إلى عمق روحها المحضورة..
تأقلمت على حياتها كأم وابنة.. أما الزوجة والأنثى فهي كانت مغيبة من أفكارها..
حتى في اهتمامها البالغ بنفسها.. كانت تفعله لنفسها..وإرضاء لنفسها..
فإذا كان الله قد منحها كل هذا الجمال.. ألا تشكر الله بحفاظها على هذه النعمة؟!!
حينما كانوا يقولون لها: خاطرنا نشوف لو هذا اهتمامش بنفسش وأنتي ماعندش رجّال.. لو عندش رجّال.. وش بتسوين؟؟
كانت ترد باسمة: بيكون نفس الشيء.. يعني الوحدة إذا ماكان عندها رجّال لازم تدفن نفسها..
الحياة ماتوقف عشان رجّال غير موجود..
وهاهو الرجل أصبح موجودا..!!
تجربتها الآن في الحياة أعمق بكثير..
ولا تجهل كيف تتعامل مع رجل وبأفضل طريقة..
ولكنها لا رغبة لها بذلك.. لا رغبة لها بذلك..!!
كما لو كانت طباخة ماهرة جدا ولكنها قررت اعتزال الطبخ..
ثم يأتون لها لكي يجبروها للعودة للطبخ رغم أنها ماعادت راغبة في الطبخ..
ولكنها مجبرة أن تفعل ذلك.. وتعلم أنها ستنجح لأن براعة الطبخ مغروسة في روحها..
رغم سذاجة هذا المثال ولكنه حقيقة..
فمزنة بأنوثتها الطاغية وتفكيرها الذكي هي طباخة ماهرة.. وحتى لو لم ترغب بإعادة استخدام هذه الأنوثة والذكاء كزوجة..
فهذا شيء مغروس في روحها ولابد أن يتدفق تلقائيا حين تضطر لاستخدامها..
فكيف ستوظفه فعلا الآن كزوجة لزايد؟!
************************************
" ها تميم أمك وش تبي فيك؟؟"
كانت هذه إشارة سميرة لتميم الذي دخل والإرهاق باد ملامحه ليلقي غترته على المقعد ويشير لها قبل أن يجلس:
أبد.. تبي تتأكد إن خاطري مافيه شيء..
سميرة حينها أشارت له بتساؤل مقصود: وأنت خاطرك فيه شيء؟؟؟
تميم بشجن عميق: تكفين سميرة لا تسأليني عن أي شيء؟؟
سميرة ابتسمت: ولا حتى وش قالت لك وضحى وأقنعك.. بأموت من الفضول أبي أدري..
حينها ابتسم بإرهاق: هذي عاد مستحيل أقول لش.. خلش بفضولش..
سميرة حينها جلست جواره لتسند رأسها لكتفه وتحتضن خصره..
استغربت بألم شاسع أن تميما أبعدها عنه.. نظرت له باستغراب مصدوم..
بينما أشار لها بشجن:
سميرة ألف مرة صرت قايل لش لا تسوين شيء ماتقدرين تكلمينه..
أنتي بطريقتش هذي تعذبيني..
أنا تعبت وأنا كل ماحاولت أقرب منش.. تجفلين مني..
لا تعطيني نص الإحساس ولا نص اللمسة..
لأنه أنتي كذا ما ترضيني وأنتي محسستني إنه لي حدود لازم ألتزمها..
دامش حاطة حدود بيننا.. خلي الحدود كلها.. لأني مستحيل أرضى أوقف على نص الحدود..
خلينا ربع ونسولف مع بعض من بعيد لبعيد..
وإذا قررتي تشيلين الحدود كلها أنا أنتظرش.. بس ترا صبري صار أقل مما توقعين...
*****************************************
" غانم يأمك وش فيك مستعجل؟؟
كمل قلاصك!!"
غانم يضع كوبه أرضا ويهتف باستعجال: اليوم عندي آخر فحص طبي..
بأخلصه وأطلع المطار عندي رحلة..
تنهدت أم غانم ثم هتفت بأمومة: صحيح نسب آل كساب يشرف.. ومن يقدر يطوله ؟؟..
بس أنا بغيت لك وحدة أزين..
ابتسم غانم وهو يقف ويقبل رأس والدته: يمه ترا الزين مهوب كل شيء في الدنيا..
الحين أنا بأعاشر أخلاقها وإلا بأعاشر زينها..؟؟
لو كانت أخلاقها مهيب زينة.. بأشوف زينها أشين شيء في عيني..
ومزون يمه أنا أعرف أخلاقها زين.. وسالفة الزين كلها ماتهمني.. فريحي بالش..
أنا شايفها من الحين أزين وحدة بأخلاقها..
ابتسمت أم غانم: الله يزينك في عينها مثل ماهي
زينة كذا في عينك..
والله يوفقك يامك وينولك كل اللي في بالك
***********************************
بعد عدة أيام ..يوم الخميس..
.
.
.
" يقولون بعد شوي ملكة أبو عيون عسلية!!"
عالية تعدل المخدة تحت رأسها وهي تتمدد بعد صلاة العصر وترد على تهكم عبدالرحمن بتهكم مشابه:
يا الحقود.. يا اللي ماتنسى.. يا اللي قلبك أسود..
ترا أبو عيون عسلية له اسم يهبل.. وولد عمي.. وما ارضى إنك تسميه كذا..
اسمه غانم لو سمحت...
عبدالرحمن بابتسامة مغلفة بالغيظ: ياسلام.. واسمه يهبل بعد.. وعيونه عسلية ياحظ بنت زايد فيه..
على حد علمي.. ترا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير الاسماء ماحمُِد وعُبد..
حينها همست عالية بانتصار: ويقولون لك يادكتور الجامعة المحترم إن هذا حديث لا أساس له من الصحة وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم...
فروح لقط وجهك !!
عبدالرحمن ضحك: خطيرة يا بنت... ملعوبة.. حكرتيني في الزاوية..
عالية تضحك: دوم مهوب يوم يارب.. وانت دايم اللي حاكرني وحايسني..
حينها هتف عبدالرحمن بنبرة مقصودة: زين دامش استانستي فأكيد ماتقدرين تنكرين صحة الحديث اللي يقول:
(إن أحب أسمائكم إلى الله عبدالله وعبدالرحمن)
يعني اسمي بالتحديد.. ماقال غانم..
عالية تبتسم: ماخليتيني أستانس بنصري شوي يا الدب..
وانسى غانم.. الولد بتنفقع عيونه منك يا المفشوح.. مايسوى عليه ذا العيون العسلية طلعتها من كبده..
عبدالرحمن ضحك: لو عيني حارة كان قصيت لسانش شوي يا القردة..
عالية بغضب: لا تقول قردة..
عبدالرحمن مازال يضحك: وأنتي لا تقولين دب..
عالية بغيظ: بس أنت دب..
عبدالرحمن ببساطة باسمة: وأنتي قردة !!
عالية أغلقت الهاتف في وجهه.. ليس لأنها غضبت منه.. ولكن لأنها تريد أن تنام قليلا..
وهو يستحيل أن ينهي الاتصال من نفسه..
كانت تبتسم وهي تغلق عينيها.. لا تعلم كيف ملأ حياتها بطريقة سحرية هكذا وفي غضون أيام..
لو تأخر عن الاتصال بها أكثر من ساعتين.. ستتصل هي به.. لأنها لا تستطيع الصبر أكثر عن سماع صوته..
يبدو أن هذا العبد للرحمن سيكون إدمانا لذيذا بكل حالاته...
يتكلمان في كل شيء من أعمق الأشياء لأسخفها..
من أعسر المشاكل والقضايا لأتفهها.. المهم أن يتكلما..
بدأ كل منهما يعرف عن الآخر أدق تفاصيل حياته وأسراره وبطريقة شفافة لا تكلف فيها وهما يتبادلان روح مرح عميقة بينهما..
مطلقا لا يبدوان زوجان تقليديان بل هما لصديقان أقرب بكثير..
كانت على وشك أن تغفو حين أيقظها رنة رسالة:
" ولا تزعلين يا قلبي.. مايهون علي زعلش!!
بأرسل لش رضاوة..
.
.
بعد شوي بتلاقين عند باب بيتكم كرتونين موز
يا الــــقــــــردة !! "
************************************
" أنتي الحين ليش متوترة كذا!!
ترا مافيه شيء يوتر"
كانت جميلة تحاول تهدئة توتر مزون وهي تردف بمرح:
صحيح تجربتي الوحيدة وأنا في المستشفى على سريري ويا الله أشوف لحية الشيخ وهو يسألني..
بس ترا السالفة ماتفرق واجد.. بيجيش الشيخ ويسألش.. وهزي رأسش مثل البقرة وخلاص...
مزون تدعك طرف عباءتها التي لبستها حين أخبرها والدها أن تستعد لأن الشيخ سيأتيها بعد قليل ليسألها تهتف بتوتر:
تدرين إنش متفرغة..
جميلة ضحكت: عاد أنتي وحدة المفروض مافيه شيء يوترش.. كل شيء مار على رأسش.. الطيران ومشاكله..
وكساب ومشاكله... كساب بروحه يكفي...
يعني توترش الحين يشبه مثلا توتر الفترة اللي اختفى فيها كساب في أمريكا..؟؟
مزون بابتسامة: لا.. وش جاب لجاب.. الله لا يعيدها تيك الأيام.. بغيت أستخف.. خمس شهور ماندري عنه..
مع إنه قال لأبي عقب ماخلص الماجستير إنه بيطلع رحلة تخييم للجبال يمكن تطول شهور.. ويمكن مايقدر يتصل..
بس حتى إبي مع إنه كان يبين إنه كل شيء طبيعي بس بغى يستخف..لأنه هقى شهر شهرين مهوب خمسة..
حتى السفارة هناك اتصل بها.. وقالوا له جواز سفره موجود وماراح مكان ودوروا له في المستشفيات والسجون مالقوه..
جميلة مازالت تحاول إلهاء مزون عن التفكير بالملكة بحكايات اخرى:
زين عقب ما انصلح الحال بينش وبينه ما سألتيه وين كان..؟؟
ابتسمت مزون: سألته.. قال لي رحلة تخييم فوق الجبال ومافيه إرسال ولا تلفونات..
ما أن أنهت مزون جملتها حتى سمعت صوت كساب يأتيها عبر باب مجلس النساء الموارب: مزون تعالي هنا... الشيخ هنا..
مزون بدأت ترتعش بعنف.. بينما جميلة شدت على كتفيها وهي تهمس لها بحنان: يا الله قومي..
مزون همست باختناق حقيقي: أبي خالتي.. أبي خالتي.. ليه ماجات..؟؟
جميلة برقة: والله العظيم امي تعبانة واجد.. وصار لها كم يوم تعبانة.. أنتي بروحش شفتيها..
مزون وقفت لتبلس نقابها.. وهي تشعر أن قدميها تكادان تذوبان من التوتر والارتباك..
بينما جميلة تدفعها حتى أوصلتها للباب..
حين دخلت تلقاها كساب بحنان وهو يرى ارتعاشها ليسندها..
سألها الشيخ بنبرته الهادئة: موافقة يا بنتي على غانم بن راشد آل ليث زوجا لكِ؟؟
مزون هزت رأسها إيجابا وهي تستند بثقلها على كساب الذي كان قلبه يذوب حنانا لها وهو يرى حالتها..
الشيخ سألها مرة أخرى: هل لكي شروط يا بنيتي؟؟
فهزت رأسها رفضا..
فقال لها الشيخ: زين يا بنتي وقعي هنا..
مزون تناولت القلم بأنامل مرتعشة ووقعت..
حينها هتف الشيخ بحزم: خلاص أنا بأرجع للمجلس..
قالها وهو يفتح باب مجلس الحريم المفتوح على الخارج ويخرج فعلا حاملا دفتره..
لتدفن مزون وجهها في صدر كساب وهي تبكي بخفوت..
كساب احتضنها بحنو وهو يهمس بابتسامة: هذي دموع الفرح يعني؟؟
مزون بخجل بالغ: كساب حرام عليك.. اللي فيني مكفيني..
كساب قبل رأسها هتف بحنان عميق: ألف مبروك.. غانم نعم الرجال.. وإن شاء الله إنش ما تندمين..
ويا الله خلني أكلم علي يبي يكلمش.. أمني أدق عليه أول ماتوقعين عشان يبارك لش دايركت..
**************************************
تحتضن صغيرها بين يديها ودموعها تنهمر بغزارة..
أ يعقل أن يكون الآن عقد قران ابنتها وهي غير حاضرة فيه..؟؟
أ يعقل أن اليوم الذي حلمت به طويلا يحضر دون أن تكون أحد المشاركين فيه؟؟
ولكنها بالفعل مرهقة ومجروحة لأبعد أبعد حد..
ولا ترغب مطلقا بدخول بيت زايد.. وتقليب أوجاعها المستعرة..
تعلم أن لا ذنب لأحد فيما حدث لكنها لا تستطيع منع نفسها من الإحساس بكل هذا الألم الغريب العميق..
حاولت جاهدة وبكل قوتها أن تتشجع للذهاب..
ولكن قدميها أبتا التحرك.. لذا طلبت من جميلة أن تذهب هي لوحدها مع عمها منصور..
وبعد خروجهما تمنت لو تتصل بمنصور وتقول له عد وخذني حتى لو حملتني إلى السيارة حملا..
ولكنها خافت من ردة فعلها هي..
خشيت أن تتصرف تصرفا يفسد على صغيرتها فرحتها..
قد تكون اعتادت على الكتمان وعلى كتم أوجاعها من أجل الآخرين
ولكنها تريد لها وقتا حتى تتأقلم مع الفكرة الموجعة لها تماما !!
لا تعلم متى تتأقلم؟؟
ولكن حتى ذلك الحين يجب أن تبتعد عما قد يثيرها أو يثير ألمها..
لأن هذا الألم مختلف.. مختلف.. واحتماله صعب!!
*********************************
" يمه.. يمه.. خل الخدامات يدخلون الأغراض اللي برا!!"
هزاع جلس بجوار عالية التي كانت تصب القهوة لوالدتها.. بينما أم صالح تهمس بتساؤل: ليه وش أنت جايب يأمك؟؟
هزاع يضحك: أنا أجيب شيء؟؟ حاشا وكلا.. هزلت.. أنا أكل بس..
أم صالح باستغراب: مهوب أنت تقول خل الخدامات يدخلون الأغراض اللي برا..
هزاع مازال يضحك: تخيلي يمه ما أدري من اللي استخف وجايب لنا خمس كراتين موز..
والغريب إن إبي وأخواني كلهم في ملكة غانم.. من اللي جابهم زين؟؟
إلا لو كانت من بيت فاضل بن عبدالرحمن... توني شفت سواق البيت طالع من حوشنا وأنا داخل؟؟
عالية شعرت بالصداع والممزوج بغيظ عميق (استخف.. والله العظيم استخف!!)
أم صالح باستغراب: 5 كراتين مرة واحدة.. يأمك يمكن قصدك كرتون تفاح وبرتقال وموز.. كذا يعني..
هزاع بابتسامة شاسعة: أقول لش يمه خمس كراتين موز.. ليه ما أعرف الموز أنا؟؟..
تصدقين يمه.. الظاهر يحسبون عندنا مزرعة قرود..
عالية حينها لكزت هزاع بقوة في جنبه لشدة شعورها بالغيظ من عبدالرحمن الذي أكمله عليها هزاع وهو يذكر القرود..
هزاع هتف بغضب وهو يضرب مؤخرة رأسها: وش فيش يا الخبلة علي ؟؟ليه تضربيني؟؟..
عالية بغضب: ما أقصد يا الخبل.. من غير قصد..
كم مرة قايلة لك لا تمد يدك علي.. ماتعرف تحترم الكبير أنت..
هزاع يبتسم : وأنا كم مرة قايل لش اعطفي على الصغير...
الله يعين عبدالرحمن عليش.. الأنوثة ملغية من قاموسش..
حينها لكزته بكوعها بقوة أكبر في جنبه.. حينها أمسك بذراعها وعصرها خلفها
وهتف بغيظ باسم: الحين تخسين تقولين إنش ماتقصدين..
إلا تقصدين وتقصدين..
عالية تصرخ بألم: يمه تكفين.. فكيني من ولدش الخريش.. بيكسر يدي..
أم صالح بابتسامة حانية: وحد قال لش تحارشين الخريش..
رجّال أطول منش واعرض ما تستحين تمدين يدش عليه..؟؟
خلش دواش.. جعله الزين فيش!!
وقومي كلمي السواق.. خله يعطي كل بيت من بيوت جيراننا كرتون.. قدام تخرب عندنا..
*************************************
دخلت على استحياء وهي تسحب قدميها الثقيليتين سحبا لداخل غرفة والدتها..
مزنة فتحت عينيها حين سمعت صوت الباب يُفتح ثم عادت وأغلقتها حين رأت من دخل..
وضحى اقتربت من السرير حيث تتمدد مزنة.. جلست جوارها على الأرض..
وهي تستند على طرف السرير بكوعيها وتهمس لوالدتها من قرب بوجع عميق:
يمه تكفين.. ماكفاش الأيام اللي فاتت وأنتي تعذبيني وهاجرتني حتى من الكلام..
الحين بكرة بتروحين.. تبين تروحين وأنا وأنتي كذا!!
حينها فتحت مزنة عينيها وهمست بألم مغلف بالحزن: مهوب أنتي اللي تبيني أروح.. وش فرقت عندش الحين؟؟
وضحى تناولت كف والدتها وأغرقتها بدموعها ونشيجها المفاجئ وهي تهمس بين شهقاتها:
يمه تكفين لا تحاسبيني على شيء راح وخلاص ماعاد له قيمة..
مزنة بألم: لو ماله قيمة ماكان قدرتي تستخدمينه ضدي وضد تميم..
ماهقيت ذا منش يأمش.. أنتي بالذات من بد خلق الله..
وضحى وقفت على ركبتيها وهي تميل على والدتها لتقبل جبينها وتهمس بين شهقاتها المتزايدة:
يمه تكفين.. تكفين.. لا تروحين وأنتي زعلانة علي.. طالبتش..
مزنة اعتدلت جالسة وهي تسند ظهرها للسرير وتخلي مكانا جوارها وهي تشير لوضحى أن تندس جوارها..
وضحى ماكادت تصدق وهي تقفز بجوار والدتها وتحتضن خصرها وتسند رأسها لكتفها وهي تنخرط في بكاء مثقل بالوجع..
مزنة ربتت على وضحى وهي تحتضنها بحنو: بس يأمش.. بس..
ما أقدر أزعل عليش.. بس أنا مستوجعة منش واجد.. أول شيء دسيتي علي سالفة ما تندس..
وعقبه ماتعلميني إلا عشان تستخدمين السالفة ضدي..
وحتى لو قلتي إنه ماعاد لذا السالفة قيمة.. هذا أنتي عرفتي أشلون تستخدمينها؟؟
وضحى رفعت رأسها قليلا وهي تبتسم بسعادة لأن والدتها غير غاضبة منها.. وهكذا هو قلب الأم لا يعرف إلا التسامح مهما أساء الأولاد..
همست وضحى بإبتسامة مبللة بدموعها وهي تدخل كفها في شلال شعر والدتها الكستنائي المتناثر بفخامة استثنائية على قميصها القطني:
يمه.. قلت حرام ذا الزين كله يروح ماشافه حد.. وما حد يستاهله كثر أبو كساب..
مزنة همست حينها بحزم: إذا على قولتش الله رزقني زين..
فهو رزقني إياه لنفسي مهوب عشان رجّال..
لكن زايد غدا أهم عندش من أمش !!
ثم أردفت بشجن: خاطري أدري لو ذا الخطبة صارت على وقت امهاب الله يرحمه..
كان تجرأتي تسوين فيه اللي سويتيه فيني وفي تميم!!
حينها همست وضحى بألم عميق ألم اشتياق وشجن وبعاد: مستحيل.. كان امهاب بيذبحني..
بس يمه ماعاد به شي عقب امهاب على حاله.. كل شيء تغير.. كل شيء تغير!!
*************************************
" يبه لا تقول إنك بتمسي عندي الليلة عشان كساب أمسى البارحة
لأنك أنت اللي ممسي عندي البارحة
روح جعلني فداك للبيت.. وراك بكرة يوم مشهود!! "
زايد ابتسم: لا... أكون بأروح أحارب يأبيك..
الليلة أبي أقعد أسولف معك..
علي ابتسم مودة غامرة: زين يبه أنا بكرة أبي أطلع وأحضر ملكتك.. وأمسي في البيت وأرجع المستشفى الصبح..
زايد ابتسم: أبشر.. بس وش معنى تبي تمسي في البيت؟؟ ما تبي ترجع في الليل يعني؟؟
علي بابتسامة: اول شيء شوفة عينك أنا أحسن بواجد.. وزهقت من قعدة المستشفى.. أبي أطلع أغير جو..
ثم أردف بمصارحة شفافة مثقلة بالعذوبة: وثاني شيء أبي أكون قريب منك تيك الليلة..
ولا تسألني ليه؟؟ لأني ما ادري وش السبب..
يمكن لأنها بتكون ليلة تاريخية صدق.. أبي أكون قريب منك..
ما تتخيل يبه وش كثر أنا مستانس عشانك.. لأني حاس فيك زين..
زايد حينها هتف بشجن يخفي خلفه قلقا كبيرا: يبه إحساسك غير إحساسي..
إحساسك بريء وتوه طازج..
لكن أنا يا أبيك مليان تعقيدات بعمر 30 سنة..
يا أبيك ماهقيت ولا حتى واحد في الميه إنه أنا ممكن أخذ مزنة في يوم من الأيام..
يا أبيك مزنة مثل حلم مستحيل ماتوقعت إنه ممكن يتحقق يوم..
لأن الأحلام المستحيلة ما تتحقق.. فأشلون تحقق الحين لحد الحين ما أدري!!
علي ابتسم حينها بخبث: يبه دامك تعلمني بكل شيء..
ممكن أطمع إنك بتعلمني بإحساسك بكرة لا شفتها قدام عيونك..؟؟
زايد رد عليه حينها بابتسامة مقصودة: لا عاد يا أبيك كذا مسختها..
مهوب كل شيء ينقال..
*************************************
" يبه لا تحاتي شيء فديتك..
تراني كل يوم عندك صبح وليل.. مافيه شيء بيتغير عليك"
جابر يبتسم بمودة: داري يأبيش داري.. لا تحاتيني.. هذا بناتي الكحيلات عندي ومافيني إلا العافية..
مزنة بحزم: جعل ربي يخليك لهم ويخليهم لك.. بس أنا المسئولة عنك..
كاسرة حينها هتفت باستغراب: بس يمه عمي بيسافر عقب أسبوعين مع ولده ويبيش تسافرين معه..
مزنة بذات الحزم: يسافر بروحه.. يعني رجّال لف الدنيا كلها بروحه.. يبي له خوي..
أبدى ماعلي إبي.. ومستحيل أطلع من الدوحة وهو وراي..
ثم أردفت لكاسرة بخفوت حازم: إبي شيبة عود ما يندرى متى ربي يأخذ أمانته.. ولو صار له شيء وأنا رايحة مع زايد وولده... بينفعوني حزتها؟؟
كاسرة بغضب: تدرين يمه إني ما أداني ذا الطاري..
لا تفاولين على جدي..
مزنة بحزمها الواثق: ما أفاول على إبي.. بس أنا أتكلم في حق..
حينها سألت كاسرة بحزم: زين ولو طلب عمي تسافرين معه بتقولين لا..؟؟
حينها فاجأتها مزنة أن قالت بحزم صارم: هذا أساسا بيكون شرطي في العقد..
*****************************************
بعد صلاة العصر..
كساب وتميم يدخلان مع الشيخ الذي دخل لمزنة..
ليتفاجأ كساب بشرطها الذي أصرت أن يُكتب في العقد.. أنها لن تخرج مطلقا من الدوحة مادام والدها حيا..
ولم يكن شرطها تضييقا على زايد أو تعسييرا عليه.. فهي وافقت عليه قبل أن تعلم أنه يريدها أن تسافر معه ومع ولدها..
ولم تكن تريد اشتراط شيء معين.. لكن حين علمت بذلك..
قررت أن تشترط هذا الشرط حتى تضمن أنها لن تترك والدها الذي تخشى أن يحدث له شيء في غيابها..
كساب أصبح قاب قوسين أو أدنى من مخططه.. فهل يسمح لهذا الشرط أن يفسد عليه مخططاته؟؟..
من جهة أخرى يعلم أن والده يستحيل أن يحرج نفسه بعد أن علم الجميع أن زواجه الليلة لذا سيقبل شرطها..
ومن ناحية ثالثة يخشى أن يظن والده أنها تريد فرض شروطها من البداية عليه فيرفض الشرط..
كساب هتف بمودة مغلفة بالحزم والاحترام: يمه ماحد بغاصبش على شيء ماتبينه
وإبي مستحيل يجبرش تسافرين مكان وأنتي ما تبين..
بس مافيه داعي تحطين ذا الشرط وتفشلين إبي في الرياجيل اللي تارسين مجلسه ذا الحين..
مزنة بحزم: وأنا وش يدريني ما يحلف علي أسافر معه.. وقتها ما أقدر أعصاه..
حينها هتف كساب بحزم: مع إنش آجعتيني يوم قلتي ماعاد لك وجه عندي
فأنا أقول لش الحين ذا الحين إن لش وجهي.. إنه مايغصبش تروحين مكان..
وأظنش يمه صرتي تعرفين إني لا قلت ما أخلف.. وهذا أنا عطيتش وجهي..
طالبش ماتفشليني وتفشلين إبي..
مزنة حينها هتفت بثقة: عشانك يأمك ماني بحاطة ذا الشرط.. بس تبلغه لأبيك..
وحتى لو ماحطيته في العقد هذا أنت صرت إنه هذا شرطي..
كساب تنفس بارتياح بعد شد الإعصاب: أبشري.. أبشري..
.
.
.
" يبه.. ترا عمتي شارطة إنها ماتسافر برا الدوحة دام إبيها حي!!"
زايد التفت بحدة لكساب الذي كان يهمس له بخفوت حين عاد مع الشيخ:
نعم ؟؟.. وعلي اللي شارط إنه حن نسافر معه..؟؟
كساب بحزم: يبه لا تفشل روحك في الرياجيل.. هذا هي ما كتبت الشرط في العقد..
وعلي خله علي.. يبي حد يسافر معه.. بأسافر معه أنا وكاسرة.. وكاسرة بنت خال مرت علي.. مافيه مشكلة يعني..
زايد بخفوت غاضب: هي كاسرة رجعت لك أساسا عشان تسافر معك..؟؟
كساب بثقة غامرة: بترجع الليلة أنا وهي متفقين مع بعض.. بس مانبي حد يدري لين ترجع..
زايد وقع على مضض.. يكره أسلوب لوي الذراع الذي برع فيه كساب مؤخرا..
وربما لم يكن كساب لينجح لولا أن زايد هو من كان يتغاضى بمزاجه ورغبته..
التضادات البشرية تتصارع في نفسه على أعلى مستوياتها وأحدها وأقساها!!
ومايهم هو الختام..!!
فخـــــــــتــــامــــا...
أ يعقل أن مزنة أصبحت أخيرا زوجته.. وهو يرى توقيعها بجوار توقيعه... ؟؟
ليس هذا مجرد عقد زواج.. فهذا وثيقة تاريخية تضع حدا فاصلا بين تاريخ وتاريخ..
فمزنة أصبحت زوجته هو... أخير!!
أخــــــــيـــــــــرا !!!
****************************************
" يوه كساب أرهقتني بذا السالفة
يوم أصريت إن إبي يرجع لجناحه لفوق
صار له شهور من يوم جاتنا خالتي وهو مستقر تحت..
متت وأنا أنقل أغراضه في وقت قصير كذا
وتأخرت على الكوافيرة اللي تنتظرني تحت.."
كانت مزون تهمس بذلك وهي منهمكة بتوزيع مباخر البخور في أرجاء الجناح الواسع..
بينما كساب يهتف بحزم: مايصير تجي تلاقي غرفتها تحت.. وإبي لازم يرجع لغرفته..
وبعدين أنتي اللي تحبين الشقا.. من أمس وكل شيء هنا جاهز..
مزون بإرهاق: لا والله.. حتى كاسرة أرسلت قبل شوي شنطة لأمها..
بس بصراحة استحيت افتحها عشان أرتب الأغراض.. فخليتها على حالها..
حينها هتف كساب بغموض: وليش كاسرة ماجات ترتب أغراض أمها بنفسها..؟؟
مزون بانشغال: ما أدري أكيد هم بعد مشغولين..
حينها هتف لها كساب بنبرة مقصودة: بس أكيد بتجي مع أمها لاجات الليلة..
مستحيل تخليها بروحها..
مزون منهمكة: ما أدري أظن كذا..
حينها هتف لها كساب بأمر صارم مرعب جعل مزون تترك كل شيء في يدها وتلتفت له:
لا مهوب تظنين.. لازم تجي مع أمها..لازم..
وتوصلونهم أنتي وإياها لين غرفتهم.. وعقب تخلينها تنزل بروحها..
وأنتي عاد دوري لش شيء يشغلش عند إبيش دقيقتين بس عقب ماتطلع كاسرة..
مزون باستغراب: وليش ذا التعليمات كلها..؟؟
كساب بحزم: والتعليمات تتنفذ بدقة وبحذافيرها.. أنا اعتمد عليش في ذا الشيء..
مزون لازم تجيبينها معش.. وعقب تخلينها تنزل بروحها.. مفهوم..؟؟
مزون بدهشة أشد: زين وليه ذا كله..؟؟
كساب بغموض: بتدرين بعدين..
كان مخططه بسيطا جدا ولكن تنفيذه هو الصعب..
حين تعود لبيته.. لن يسمح لها أن تخرج.. أبدا !! أبدا !!
ولكن كيف يحضرها؟؟ مهما بذل من الحيل وحتى لو حضرت لبيته لأي سبب كان..
يعلم أنها لن تتجاوز مجلس الحريم في الأسفل..
وهي لابد أن تصل لغرفته هو لينجح مخططه !!!
فهو رغم جهله لدواخل كاسرة.. ولكنه يعرف تماما ردات فعلها.. ويستطيع توقعها بدقة..
*****************************************
" ماهقيت ام امهاب تسوي ذات السوات على آخر عمرها!!"
جوزا تميل على أذن والدتها وتهمس بخفوت: يمه يعني هي سوت جريمة؟؟
خالتي مزنة ماشاء الله عليها عادها شباب!!
أم عبدالرحمن بعتب: والله لولا غلاها وإلا والله ماكان أجي..
يعني حتى لو هي شباب.. عيالها قدهم شباب والمفروض قدها جدة.. وش حاجتها في العرس؟؟
جوزاء بابتسامة: يعني هذا عشانها أعرست عقب أخيش..
خالي ناصر صار له 15 سنة من يوم مات الله يرحمه.. خلاص كفت ووفت..
أم عبدالرحمن بذات العتب العميق: والله لو عرست عقبه بسنة أهون علي من عرسها ذا الحين..
كنت أحسب مزنة أعقل من كذا!!
في زاوية أخرى من مجلس الحريم الواسع الذي لا يتواجد به سوى مزنة وبناتها وسميرة.. وفاطمة صديقة كاسرة
وأم عبدالرحمن وابنتها جوزاء.. ومزون وجميلة فقط!!
فاطمة تهمس في أذن كاسرة بحرج: حاسة شكلي غلط.. وأنتو حتى قرايبكم ما عزمتوهم.. بس عازمين أقرب القراب..
كاسرة تبتسم بمودة صافية: وأنتي أقرب القراب.. أمي تعدش وحدة من بناتها..
فاطمة تبتسم: والله يهنيها أم امهاب.. والله إن قلبي كان حاسس إن ذا الزين كله مايروح هدر..
كاسرة تضحك بخفوت: أنتي على طول قلبش حاسس خرطي...
حينها همست فاطمة بخبث: وإن قلت إن قلبي حاسس إن رجعتش للشيخ كساب صارت قريب..
كاسرة بذات الابتسامة: بأقول إحساسش استخف مهوب خرطي بس..
حينها همست فاطمة بجدية: بصراحة صار لش صار شهر ونص وأنتي مصدعة رأسي بمبرراتش اللي ما تدخل الرأس..
قال أحبه وما يحبني..
عنه ما حبني بالطقاق.. رجال حاشمني ومقدرني ومهوب مقصر علي بشيء خلاص مالي طريق عليه..
كاسرة مازالت مبتسمة: يا شينش لا قلبتي على ذا الموجة!!
حينها ابتسمت فاطمة: لأنش صدق فاقعة كبدي ومرارتي..
الحين لو فرضنا العكس صار.. وكساب ميت عليش وأنتي ماحبيتيه.. كان خليتيه بعد ولا حتى تفكرتي له بعين..
وش ذا الأنانية عندش؟؟
حينها همست كاسرة بضيق: فطوم الله يخليش.. خلاص.. خلينا في أمي وبس..
زاوية ثالثة...
جميلة تهمس في أذن مزون بخفوت: مرت أبيش وش فيها قاعدة ببرقعها كذا..
لا تكون ناوية تدخل على عمي زايد كذا..؟؟
مزون همست بخفوت وهي تنظر لمزنة التي تجلس ببرقعها وعباءتها: حتى في عرس كاسرة وتميم كانت ببرقعها..
جميلة بذات الخفوت: ماعليه هذي أعراس عيالها مهيب عرسها.. وبعدين أنا أعرفها في بيتها ما تلبس برقع..
كم مرة جيت لوضحى قبل كانت بدون برقع.. وبعدين ماشاء الله تهبل.. وشو له البرقع بعد ؟؟
مزون ابتسمت: يمكن خايفة على إبي ينجلط لا يشوف وجهها كذا على طول
تبي تسوي له تهيئة أول.. يشوف عيونها اللي تذبح أول..
وعقب يشوف الوجه كامل..
جميلة ضحكت بخفوت: الله يغربل أبليسش.. فيه وحدة تقول على إبيها كذا؟؟
مزون تضحك بخفوت مشابه: أتكلم من جدي.. إبي مسكين..سنين طويلة وهو محروم من الحريم وعقبه يدخلون القنبلة هذي عليها..
أخاف عليه يطب ساكت.. خلها ببرقعها أحسن..
وبالفعل كانت مزنة تجلس ببرقعها وعباءتها احتراما لوضعها
وأنه لا يتناسب مع من هي في مكانتها وسنها أن تلبس أو تتصابي كصبية صغيرة..
وفي ذات الوقت ومع عدم رغبتها في التزين.. ولكنها تأنقت كما يجب وبرقي دون إفراط أو تفريط.. حتى لا يقول أحدا أن مزنة مجبرة..
وهي ترتدي عباءة أنيقة جدا للمناسبات.. وبرقع بفتحات واسعة يكشف بشكل واضح ومثير عن عينيها المكحلتين بأهدابها الطويلة المصقولة والمكثفة بسواد الماسكرا..
ولكن بعيدا عن المظهر كانت تشعر في داخلها بإحساس تبلد.. وكأنها ليست هي..
رغم أنها أصبحت قبل ساعات وفعليا زوجة لزايد.. ولكنها مازالت لم تستطع استيعاب الفكرة..
يصعب على من اعتادت على التحكم بحياتها أن تصبح قيادا لشخص آخر..
أبسط الأشياء أنها حتى ذهابها لشراء أغراض البيت أو لزيارة جارة مريضة لابد أن تأخذ أذنا له قبل ذلك..
وبعيدا عن تسلطه على حياتها الخارجية فتسلطه الأقسى سيكون على روحها وجسدها..
لها خمسة عشر عاما حرة من قرب رجل.. تنام لوحدها كيف تشاء متى شاءت..
حتى أبناؤها ماعاد أحد منهم ينام معها منذ سنوات طويلة..
أصغرهم وضحى لها أكثر من عشر سنوات وهي تنام في غرفتها..
فكيف ستعاود تقبل قرب رجل..؟؟
يا الله.. دوامة قاسية من الأفكار تصيبها بالصداع.. وخصوصا أن كل شيء حدث بسرعة ومازالت لم تتهيأ للفكرة حتى!!
وهي غارقة في أفكارها اقتربت منها كلا من مزون وكاسرة.. وكاسرة تهتف برقة: يمه عمي زايد ينتظرش برا..
شعرت مزنة أن صداعها يتزايد.. تمنت لو استطاعت أن ترفض الخروج وأن تبقي حياتها كما كانت..
فهي فور أن تخرج من هذا الباب لن يعود شيئا كما كان أبدا..
ولكنها تعلم أنها لا تستطيع فعل ذلك..
وليست مزنة من تخاف أو تجبن!!
مزنة وقفت فعلا.. وبناتها كلهن يحطن بها مع ابنتها الجديدة مزون التي همست لكاسرة بخجل:
تروحين معي أنا وإبي عشان توصلين أمش وترجعين..؟؟
كان بود كاسرة أن ترفض.. لا تريد أن تذهب هناك..
ولكنها كانت قررت وحتى قبل أن تطلب منها مزون أن تذهب مع والدتها
لأنها تعلم أن أمها وإن أنكرت ذلك.. فهي تعاني من ضغط هائل وأرادت أن تكون جوارها حتى اللحظة الأخيرة..
هزت رأسها إيجابا وهي تهمس بحزم: دقيقة بس أجيب عباتي..
بينما وضحى وسميرة الاثنتان كانت أعينهما مغرقة بالدموع..
لا تتخيلان أنهما ستنامان الليلة دون أن تقول لهما مزنة بابتسامتها الحانية (تصبحان على خير)
في الخارج.. في داخل الباحة وأمام مدخل البيت كانت سيارة زايد تقف بفخامة كفخامتها الفارهة وفخامة صاحبها..
وهو يجلس في داخلها.. يشعر أن فولاذ السيارة يكاد يطبق على أحشائه!!
والغريب أنه لو خرج خارجها فهو سيشعر كما كان يشعر قبل قليل
أن أقطاب الكون كله تتقارب لتطبق على أحشائه..
كان في غنى عن ذلك كله..
في غنى عن ذوبان مشاعره هكذا..
في غنى عن ثورة توتر لم يعتدها رجل مثله..
بعد ثوان سيراها.. زوجته هو.. وحلاله هو..
هو الذي لم يستطع احتمال رؤية أطراف أناملها..
ولم يستطع احتمال أثير صوتها.. فكيف سيحتملها كلها بكل مافيها وهي بين يديه..؟؟
"يا الله يارب أقسم لم يكن لي في كل هذا حاجة!!
إذا كنت رجلا مجنونا وحلمت بحلم مجنون وهو أني أريد أن أتنفس كل هواء العالم في لحظة واحدة؟؟
أ يطاوعونني؟؟ ويتركوني أتنفسه كله في لحظة واحدة؟؟
ألا يعلمون أن هذا الهواء كله سيمزق رئتي التي لن تقوى على احتماله؟؟
هكذا هي مزنة.. هي كل هواء العالم الذي لن تحتمله رئتين يتيمين.. كرئتيّ !!
يا الله الصبر من عندك.. يا الله العزم من عندك.."
كان لاهيا في أفكاره حين سمع الطرقات على زجاج السيارة ومزون تشير له بغيظ أن ينزل..
اجتاحه طوفان ضاغط من المشاعر.. كيف لم يشعر بخروجهم..؟؟
نزل بخطوات واثقة حازمة هي خطواته المعتادة.. خطوات لم تظهر فوضى مشاعره لأنها خطوات بات يتحركها بالسليقة..
الفتيات خرجن فقط بعباياتهن وأغطية الرأس فقط دون تغطية وجوهن..لأن مدخل البيت غير مكشوف لباب الباحة المفتوح..
زايد عرف طبعا مزون وكاسرة ولكن معهن صبية ثالثة لم يعرفها..
أما رابعتهن.. بؤرة الضوء.. فهو حاول جاهدا ألا ينظر لها حتى..
ولم يستطع أن ينظر لها حتى.. لأنه حدث ماصدمه.. فبعد أن قبّلتا كل من مزون وكاسرة رأسه وباركتا له وتأخرتا..
الفتاة الثالثة فاجئته أنها قبلت رأسه.. ثم تعلقت بعنقه.. وبكت وهي تدفن وجهها في عنقه..
زايد احتضنها بحنو حتى لا يحرجها وهو يهتف بيقين حنون: وضحى صح؟؟
هزت رأسها وهي تبكي بتأثر.. ثم حدث ماصدمه فعلا أنها انحنت لتقبل كفه..
زايد شد يده بسرعة وهو يربت على رأسها ويهتف بذات الحنو الأبوي:
قدرش كبير يأبيك..
ولكن ما فاجئه وصعق كل من مزون وكاسرة أنها أصرت أن تقبل كفه وهي تهمس بتأثر عميق بين شهقاتها:
طالبتك ماتردني.. لأن حبة رأسك ويدك.. شيء حلمت فيه ليالي طويلة..
بينما مزنة كانت تقف شامخة لا يظهر تأثرها المتزايد في روحها.. خصوصا وهي ترى حال وضحى وتعلم سببه..
وضحى بعد أن قبلت زايد.. التفتت لوالدتها واحتضنتها مطولا..
حينها كان مجبرا أن ينظر أن ناحيتها.. ولكنه لم يستطع أن يلمح شيئا فوضحى تغطي عليها..
ومزنة تنحني بكامل جسدها عليها وهي تحتضنها بكل حنو وتهمس في أذنها:
الله الله في نفسش.. وفي جدش.. ومهما صار ترا ظني فيش ظن خير مايغيره شيء..
وضحى هزت رأسها بألم.. بينما كاسرة تهمس بتاثر: يا الله يمه.. عمي طوّل وهو واقف..
زايد فتح الباب المجاور له.. لتتقدم مزنة بثقة رغم تصاعد توترها وتجلس في مكانها.. ليغلق الباب دون أن ينظر لها حتى..
بينما ركبت الفتاتان في الخلف..
زايد توجه لمكان السائق.. مازال لم يوجه لمزنة كلمة واحدة حتى.. ووجود الفتاتين يلجمه حتى لو حاول..
ركب.. وعيناه تتجهان فقط إلى يديها المشبوكة في حضنها..
"يا الله.. يا الله.. يا الله.. الصبر !!"
هاهو يرى كفيها كاملتين..
كفا مزنة.. كفاها !!
أغلق عينيه لبرهة عاجزا عن الاستيعاب..
أهذه فعلا يديها قريبة هكذا..؟؟
أكل مافيها ينضخ بهذا الحسن الغريب الذي يبدو أنه لم يُخلق إلا لها؟!!
بدا له أنه لم يرى في حياته كلها يدين أجمل ولا أعذب ولا أنقى من هاتين الشمسين المتشابكتين في حضنها..
" يارجال اصطلب..
ماشفت إلا كفوفها وحالك مايسر العدو ولا الصديق..
يا الله الصبر من عندك..
أنا أبي معجزة صبر الليلة !! "
حرك زايد السيارة.. أخيرا ليدخل إلى باحة بيته الشاسعة جدا في غضون ثوان ويتقدم حتى وقف أمام المدخل مباشرة..
لينزل ويتجه ليفتح لها الباب.. رغم أن مزنة شعرت بالحرج من فتحه الباب لها..
وكانت تريد فتحه بنفسها إلا أنها سبقها وفتحه..
والفتاتان تنزلان قبلها...
كان بود كاسرة أن تقول له أن يمسك كف والدتها على الأقل وهي تنزل..
لا تعلم لمّ يبدو مظهره جافلا هكذا..
ولكنها رأت أنه في مقام عمها ووالدتها لا يصح التدخل أبدا!!
وأخيرا هتف زايد بنبرة مثقلة بالفخامة والترحيب والثقة:
حياش الله يأم امهاب في بيتش..
مزنة همست بأدب رفيع: جعل البيت عامر بهله..
" يا الله حتى صوتها من قريب كذا له نكهة غير.. غير!! "
تقدموا جميعا وزايد يفتح الباب ويشير بالترحيب دون أن ينظر لها حتى..
لا يعلم كيف مازال قادرا على السيطرة على نفسه هكذا..
كيف أن عينيه التي أظناهما اللهفة التي امتدت لقرون مازالتا صابرين عن مجرد اختلاس نظرة؟؟
الفتاتان صعدتا خلفهما وهما يصعدان حتى وصلا لجناح زايد..
حينها شعرت مزنة أنها تختنق فعلا " أهذا فعلا حقيقة ويحدث؟؟"
كاسرة حين وصلا لباب جناحهما شعرت بحرجها يتصاعد وهي تقبل رأس زايد ووالدتها على عجالة وتهمس بثقة تخفي خلفها حرجها:
ألف مبروك.. واسمحوا لي..
ثم نظرت لمزون حتى ترافقها.. مزون كادت تبكي لشدة الحرج وهي تريد أن تهرب فعلا..
لكنها تخشى أن يقتلها كساب لو خالفت أوامره التي أعادها عليها اليوم عدة مرات..
وآخرها قبل دقائق حين اتصل بها وأخبرها أن والدها قادم لأخذ مزنة..
همست بنبرة ودودة وصوتها يرتعش من الحرج: يبه ترا العشا رتبته في الجلسة..
وإذا بغيتوا أي شيء.. ترا تلفوني جنبي.. وإذا..........
كاسرة حين رأت أن مزون لديها ماتخبر والدها به.. شعرت أن وقوفها محرج..
لذا قررت أن تنزل للأسفل.. وترسل لتميم رسالة حتى يحضر لأخذها
لأن الباب بين البيتين مغلق بعد أن تركت مفتاحه في غرفتها القديمة..
كانت كاسرة قد أصبحت قريبة جدا من الدرج حين وقفت لثوان..
رغما عنها شعرت أن قلبها يعتصر إلى حد الإجهاد..
غرفته قريبة جدا.. تكاد تشعر برائحة عطره تعبق في الجو فعلا..
كما لو كان عبر المكان منذ ثوان فقط..
يا الله كم اشتاقت له.. ولعطره.. ولصوته.. وحتى للؤمه وخبثه !!
تنهدت بوجع عميق وهي تتحرك متجهة للأسفل..
لتتفاجأ برائحة العطر -التي كانت تظنها طيفا- تحيط بها تماما.. إحاطة السوار بالمعصم حتى دخلت أقصى حويصلاتها الهوائية!!
ويد قوية جدا تطبق على فمها..
والأخرى تحيط بخصرها وتكتف ذراعيها لجنبيها وتحملها لتسحبها بخفة إلى مكان تعرفه جيدا..!!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
ويا الله عشان نقرب الموعد شوي
ترا بارت الأحد بيكون السبت في الليل الساعة 10 ليل
عشان نقرب الموعد شوي وعشان يوم السبت هو 18/12 اليوم الوطني :)
فابي أحتفل معكم بطريقتي..
وأدعوكم لين موعد البارت تشاهدون الاحتفالات على التلفزيون
جعل بلادكم كلها عامرة..
السبب الثاني البارت الجاي قنبلة بكل المقاييس لعدة أسباب بتعرفونها البارت الجاي..
وأبيكم تقرونه على رواق مع جو الليل الهادي يمكن يهديكم..
فكل وحدة تقوي قلبها قبل تقرأ البارت :)
وعلى كذا يكون موعدنا الثلاثاء الصبح..
أدري أنكم تبون بارتات أكثر.. بس البارتات هذي بالذات أبيكم تستمعتون بقراءاتها لأني قد ما أتعب في كتابتها قد ما أستمتع..
فعلا فيها استنزاف روحي وعقلي غير طبيعي..
.
.
.