كاتب الموضوع :
ضحكتك في عيوني
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أولا أبي السموحة من كل اللي ما رديت عليهم لأني حاليا ما عندي كمبيوتر خاص فيني بس بأذن الكريم برد عليكم كلكم ..
و تأخيري ماله عذر أعتبروني كنت بإجازة إذا تحبوني ..
و أتمنى يعجبكم البارت لأنه أطول بارت كتبته و أكثر بارت جنني و أنا أعيد كتابته من الذاكره ..
*
*
*
الجزء الثاني و العشرون :
*
*
*
تتسع أرض الغربة لكل سر قرر الرحيل
و في كف الغريب يُحتسى العلقم كا رحيق
*
*
*
نبرتها الآمرة اخترقت طبلة أذني و لوهلة بدت لي بصورة زوجة أبي الشريرة .. اعرف أنها غاضبة لكني لا أقر بأحقيتها بإبداء الرأي بمصيري فا هذه ليست القضية التي أود أن تحتل بها مكان ولي الأمر .. و با المختصر هي دوما رددت على مسامعي أن والدي و زوجته الأعرف با مصلحتي .. إذا ما الذي تغير ؟!! ..
*
*
*
كا عادتها عندما تحتار تطرق بابي على استحياء ..
و كا عادتي أفتح ذراعي لها لترمي برأسها العنيد في أحضاني
فا شعوري بها يتجاوز عاطفة الأخوة ليرقى لعاطفة أقرب للأمومة .. و كم هو شعور طاغي يحاصرك ويضعك في موقع ضعف باسم الحب !
*
*
*
فينوس تدعي عدم المبالاة : أنتِ مالج كبير و أنا مالي خص ..
ديمة : لو مالي كبير ما طعت أبوي و تصرفت من كيفي ..
فينوس : تجذبين على منو ؟!! .. أبوي ما وافق إلا لما شافج موافقه و باصمة با العشر ..
ديمة بعناد : انا موافقه عن أقتناع ..
فينوس : فعلا أنتِ موافقه عن قناعة أنزرعت براسج .. على العموم بكيفج و مثل ما قلت لج أنا مالي خص ..
ديمة بنبرة رجاء : فينوس مهما صار بينا أنتِ الوحيده اللي اعرف أن مصلحتي تهمها . .ساعديني ..
فينوس :.. قلت لج ها المسامح ما يناسبج و أنتِ معنده إلا تبين تزوجينه . .شتبيني بعد أساعدج فيه ؟!!!
ديمة : أمي .. شلون أقنعها ؟ .. أنا ما أبي أخسرها لأني مخططه بعد ما أتزوج أجيبها تعيش معاي في بيتي ..
فينوس و لتو أدركت السبب : اهاااا .. و هذا سبب الزواج طبعا ..
ديمة : بس هذا مو السبب الوحيد .. مسامح عاجبني ..
فينوس بتهكم : خلاص روحي لأمج و قولي لها بكل بساطه عاجبني ..
ديمه تقترب من أختها الكبرى لتمسك كفها ممره في نفس الوقت نظرتها المترجية على وجهها : محتاجتج .. تكفين فينوس تعالي معاي .. امي تحبج و تقدرج و أكيد بتقتنع لما تشوفج موافقه ..
فينوس تنفض كفها من كف ديمة : و من قال اني مقتنعه ؟!!
ديمه تدعي الصلابة و الثقة : كل اللي أطلبه منج تحبيني مثل ما أنا .. أنا جذيه تقبليني و أحترمي قراري .. أنا بتزوج مسامح سواء رفضتي أو وافقتي و با المثل موافقة و رفض أمي ما راح تغير شي .. اللي بيتغير بس أنكم بتكونون يا قراب أو بعاد عني في حياتي الجديدة ..
*
*
كنت دوما أقرأ هوامشها و لم أتطلع يوما لسطر الذي وقفت عليه طويلا متأرجحة تدندن يمكن لي أن أستمر من دون رفقة .. هكذا هي عنيدة حتى لو أصبحت وحيدة .. و ستمضي بما خططت له بعد أن تجبرنا أن ننحني لمطالبها أو نقع في فخ التخلي عنها .. و في كلا الحالتين يبدوا الخيار لنا !
وافقت مبدئيا و أنا لا أعرف على وجه الدقة ما علي فعله لتجنيبها ارتكاب أكبر حماقاتها كل ما أعرفه أني ضد هذا الزواج و بما أني تبينت السبب الحقيقي لموافقتها فأنا لست بصدد تغيير رأيي ..
سارعت بارتداء عباءتي و التقاط حقيبتي التي كنت قد تركت هاتفي النقال بداخلها و قبل أن أهم با الخروج هزمت إرادتي و أخرجته أنظر لشاشته و أتأكد إن كان هناك رسائل واردة .. فمنذ أن استلمت رسالته با الأمس و أنا أخفي هاتفي كا لغم و أراقبه عن بعد ! .. و عندما لم أجد رسالة جديدة كما أملت تحماقت و أعدت قراءة رسالته التي لم استطع إلغائها .. " ليتني رحلت و لوحت لج مودع و لا رميت قلبي عليج و قلت طالق .. تحلليني يا بنت عمي ؟ "
يريد أن يرضي ضميره و يودعني مره أخرى بشكل لائق حتى لا لا تلحق به ذنوبه و تقتص منه في وقت عاثر .. إذا هكذا نوى أن يبدأ من جديد و يرحل لأرض بعيده ليزرع بها ما لم يفلحه في أرضي ! ..
أحللك ؟!! .. دعني أبدأ بانتشالك من كل هوة تركتها في قلبي و أبعدك عن كل شريان تجري به مع دمي قبل أن أطلق سراحك و أموت !
*
*
فينوس : من متى تهتم ؟! .. و إلا ها المره لك أكبر مصلحة ..
عذبي يهم بإغلاق باب سيارته : تحبين تركبين قدام أو ورى ..
فينوس تركب بجانبه : لا تشيل ذنبها .. و تصرف كا أخ ..
عذبي يربط حزام الأمان : و هذا أنا أتصرف كا أخ .. قالت لي أبيك توقف معاي و أنا قدام أمي و قلت لها على ها الخشم ..
فينوس تهمس له قبل أن تصل ديمة للباب الخلفي : تراني من اللحين أقولك أنا بصف أم ديمة ..
*
*
*
هذه ثاني نصيحة جادت بها زوجة أبي علي .. أن دوما أجعلي برفقتكِ متضادان لتحضي بقوة الجذب !
و هكذا اخترت فينوس و عذبي الذي اعرف أن كلاهما يحب الآخر مهما اختلف معه .. سيقفان بجانبي أي كانت أرائهم و أجندتهم لأن أي منهم لن يتخلى عن الآخر عندما يراه يسقط !
*
*
فينوس تلتفت لديمة : جيبي من الأخير ليش قلتِ لعذبي يودينا ..
ديمة بنبرة تدعي بها البراءه : لأن مسامح صديقه و يقدر يتكلم عنه أفضل مني قدام أمي ..
فينوس بغضب : جذابه ..
ديمه بغضب مماثل : كل يرى الناس بعين طبعه ..
عذبي ينهر كلاهما : بس .. أنتم ما تستحون كل وحده لسانها و شطوله و لا كأني معاكم ..
*
*
*
يمكن لي أن أرى وجهي من غير مرآة .. لابد أنه أصطبغ بلون الأحمر .. جعلتني ديمة أتصرف كا طفلة أجادل و أرمي التهم و لا أهتم للمكان أو لمن صف خلفها في دور مساند ! ..
*
*
أعذر فينوس أنها خرجت عن ما ألفنا من هدوء في تصرفاتها .. فهي كانت في مهمة إنقاذ و أتيت أنا بخطة مضادة أنقذ بها مصالح لا تكترث لها ..
كنت قد هممت بتجهيز حقائبي و قضاء نهاية الأسبوع بعيدا عن صخب حياتي و جنون أطفالي الذين أصبحوا عبأ علي كا عازب حتى قاطعت ديمة خططي بطلبها الذي كنت سأرده لو لم اعلم بان فينوس سوف ترافقها .. "لن أتركها لفينوس التي تستميت لإنهاء هذا الزواج قبل أن يبدأ" .. هكذا حدثت نفسي ..
.........................................................
كلما داهمني المخاض ردد الضعف أنها أطول الساعات و أقساها ..
و ذهني المستباح بآلاف المخاوف يرفع رايات العصيان و يأبى امتصاص الوهم و تبديد الوقت حتى تشرق الشمس من جديد و ترجع حياتي لروتين !
لكن هذه الدقائق الممتدة أقسى جدا من أي مخاض مررت به ..
فا وطئت الوقت محمل بمأساة امتدت لسنين و لا تنبأ بولادة أمل جديد !
و ها أنا منذ أن خرجت أنفال مع هند للمستشفى و دخل ساري على عجل ليواسي وضوح أقف خلف ستائر النافذة متلصصة منها لعلي ألمح قبل الكل توافد المغدور بهم ( شملان و ديمة) خائفة و غير واثقة من قدرتي على إحجام انعكاس الحقيقة على أفعالهم التي دوما بدت للكل في منتهى الثورية .. فمن يصدق أن ذاك الشاب الخدوم و الودود مع الكل سيصبح شيطان يتجول على سطح الأرض و أن تلك الطفلة الخجولة التي تهاب من تحرك الظل معها ممكن أن تتحول لجاسوسة و لصة !
و في زحمة أفكاري لمحت شملان يترجل من سيارته و يتجه لمنزله و في تقاسيم وجه بانت علامات الشرود ! ..
ما خطبه ؟ ..
هل أستشعر الحزن في أرجاء الحي أم لاحظ الظلام المحيط بمنزلنا التعيس .. أم حزنه يشبه حزني الذي مصدره الفقد .. كم هو مضحك مبكي أن شملان و أنا تركنا في ذاك القصر قلبينا و هربنا بشكل مخزي .. من المؤكد أن فينوس أصبحت حلم ليس وارد تحققه على ارض الواقع كما أصبح عذبي بنسبة لي ! .. أي كان السبب الأقوى لحزنه و أي كان وجه التشابه بيننا فا وجهتي تغيرت لطريق الذي يجمع منزل التعساء بمنزل الأشباح و ما إن وصلت حتى جبُنت و رددت على نفسي أن علي التراجع قبل أن يشعر بتواجدي لكن تفكيري تشتت بحركته البطيئة و شروده الذي تجلى في تأنيه عندما مدي يده و اخرج المفتاح ليضعه بتردد في القفل و يفتح الباب ببطء كأنه يستكشف المكان .. و في لحظة كأنه أفاق ليلتفت خلفه و يجدني متسمرة و في عيني الذنب ! ..
*
*
*
شملان الذي تفاجأ من تواجد وصايف : بسم الله الرحمن الرحيم .. وصايف شموقفج هني ؟!
*
*
*
لم اعرف من أين علي أن أبدأ .. و كيف لي أن أشرح له كل ما جرى الليلة و كل ما كان من أسرار خبأت لسنوات عنا .. و في غمرة أفكاري زجر بي متسائلا ما خطبي و لخوفي و ارتباكي لم أدقق باختيار كلماتي .. ألقيت الحقيقة مجردة كما هي من دون أي مقدمات .. و كم كان وقعها عليه مخيفا .. و كم ندمت !
*
*
*
كنت آخر من خرج من السيارة .. تعللت بعباءتي من ثم بحذائي و با الأخير وجدت أن لا مفر من إغلاق الباب ! ..
كان كلاهما يقف أمامي و في أعينهم بان التحدي .. فينوس تتحداني أن أواصل ما يعرف كلينا أنه الخطأ و عذبي يتحداني أن أكسب أهم صفقه في حياتي ! ..
لا يهم أي منهما سيفوز با التحدي لان الآخر سينتهي به الأمر غير راضِ ليفسد لحظة الفوز على الآخر .. و أربح أنا في كل الأحوال !
*
*
كان عذبي هو من قاد الخطى و تبعته أنا تاركة ديمة تجتر خطواتها خلفنا لتتعثر فجأة بعباءتي فقد توقفت متعمده حتى أعطيها فرصة لتراجع و العودة لطريق السوي .. لكن قبل أن أنطق أعتلى صوته المزمجر سكون الليل لينتهك كل جوارحي و يأسرها في لحظة صمت ليتوقف كلاهما ينظر لي كأني بهم يتساءلون هل صوته أنفطر من قلبي أم أتى مع الريح العاصفة التي تكاد تقتلع الشجر المائل على سور الحديقة ؟!!
*
*
عذبي غير متأكد مما سمع : سمعتوا شي ؟
ديمة تقطب حاجبيها : كأنه صوت شملان . .الظاهر معصب و يهاوش !..
فينوس تضع كفها على قلبها لتهدأ روعه : عذبي تكفى روح شوف شصاير .. صوته أختفى !
*
*
لم أحتاج لهذا الرجاء المثخن با الخوف حتى أسارع لمصدر الصوت القادم من الحديقة الخلفية الذي وصلته بلمح البصر
ليتراءى لي من خلف بضع شجيرات هيئتها التي أعرفها من بين ملايين البشر .. كانت هناك راكعة بجانبه و شالها الأسود الذي تمرد تحته شعرها يكاد يسقط بأحضانه .. تبكي و تهمس له بكلمات لا تصلني و هو يمد كفه المرتعشة لها !
زوجتي .. بل زوجتي السابقة ... لا .. ابنة عمتي .. بل أم أطفالي .. مع رجل آخر تحت الظلام و خلف الشجيرات ! . .صورة تشوبها كل شائبة .. و تشعل في القلب موجة حرائق ليتحول الدم لنيران و تُشل الأطراف و يصبح السير محال ..
*
*
*
ذهب هو لاستكشاف الوضع و دخلنا نحن لمنزل خالي حيث الباب كان مفتوح كأنه يستقبلنا .. دخلت فينوس قبلي و بدت خطواتها خجولة و تبعتها و أنا خائفة أن تقفز والدتي أمامي و تبدأ المواجهة
لكن أختي الأضحوكة قررت أن تقف في أول الممر لتعيد تاريخها و تتصرف بحماقة !
*
*
فينوس بهمس : هدي أيدي ..
ديمة بهمس مماثل : وين رايحه ؟!! .. ما سمعتي عذبي يقول أدخلوا البيت و أنا وراكم ..
فينوس على عجالة : وهذا حنا دخلنا و ما في صوت لأحد و أخوج طوّل .. أنا بروح أشوف شا اللي صار ..
ديمة : وين طوّل ؟! .. حتى خمس دقايق ما مرت ..
فينوس تتوقف لثانية لتضع يدها على قلبها الذي زادت نبضاته : أنا خايفه .. أحس صاير شي .. ديمة أنا مو سامعة صوت في البيت و لا برى ...
ديمة تسيطر على خوفها المماثل لخوف أختها : زين نطلع ندور عذبي بس يمكن نلقاه يسولف مع شملان و مو صاير شي و آخرتها يصير موقفنا بايخ .. و با الأخص انتِ ..
فينوس بحل طفولي : بنطل من بعيد ..
ديمة تخرج هاتفها : أنا بتصل بأنفال عشان تنزل لنا و هي اللي تروح تشوف شنو اللي صاير ..
فينوس تنطلق لما عزمت الأمر عليه : سوي اللي يريحج .. بس أنا ما اقدر أنتظر ..
*
*
عجيب ! .. كيف تبادلنا الأدوار ؟ .. قبل ساعة كانت هي الأخت الكبرى الأكثر نضوجا و أنا الطفلة التي تختلق الأعذار و الآن أنقلب الحال و أصبحت طرفة في ثوان ! .. و حتى لو أصبحت طرفة و للحماقة أستاذة فا ليس أمامي إلا ألحاق بها فا الجو هنا مريب و أنفال حلي الأخير على هاتفها لا تجيب .. و أنا لا أملك الشجاعة الكافية لأن أقف وحيده أو أتحرك شبرا بمفردي في هذا المنزل الذي يبدوا مهجورا ..
*
*
أتلف نفسي لأصبح مادة لزينة على موائد الشفقة .. هذا أنا أخطأ من جديد في حق نفسي و أعرضها في طريق من أقسمت أني عنه تبت .. لكن رسالته الأخيرة و صوته المزمجر بهلع سلبا إرادتي و لم تعد بي طاقة على تمثيل القسوة , و تأجيلها ليوم آخر لن يحدث أي فرق في حالتي الميئوس منها ! ..
*
*
كنت أريد أن أساعده و انتهيت باغتياله .. ليتهاوى أمامي ينشد الهواء الذي استعصى على دخول لرأته .. انفجرت باكية و لدقائق تهت في دوامة الهلع حتى طلب مني با الإشارة أن أساعده في فتح ياقته التي تكاد تقطع عروق النبض في رقبته .. تنفس .. تنفس ببطء .. شهيق زفير .. هكذا رددت .. لكنه فقد الوعي أمامي خلال ثواني !
*
*
*
وصلنا لنتلصص من بعيد على أخينا الذي لا نرى إلا ظهره .. و لم نعرف على ماذا نتلصص و هو واقف لوحده !.. محنط هكذا بدا
و عندما اقتربنا و شعر بنا ليتلفت و يلجمنا بهالة الغضب التي أحاطت به و جعلت من الخطر الاقتراب منه ! .. لكن تصاعد صوت بكاء أنثى قادم من خلف الشجيرات التي وقف تحتها عذبي سبق أسئلتنا التي أردنا بها توضيحا .. لتنفلت فينوس من بيننا تركض كا مجنونة .. ويكتمل المشهد !
*
*
*
وصلت النجدة هكذا صغت الجملة التي هممت بنطق بها ما إن رأيت فينوس تركض باتجاهنا .. لكن شل لساني ما إن رأيت عذبي يراقب الوضع من بعيد و على وجهه ظهرت علامات ألا مبالاة !
مسحت دموعي بباطن كفي بغضب و هرولت باتجاهه كأني قنبلة موقوتة تهرول لساعة الصفر ..
*
*
وصايف تصرخ بعذبي : ولد عمك يموت قدامك و أنت واقف هني مثل الصنم ؟!! .. تحرك .. سو شي ..
*
*
عادت الدماء لعروقي و الحرارة بكفي التي هبطت بقوة على خد وصايف .. لتسقط تحت قدماي و تنتشلها ديمة التي رددت بذعر " شااللي صار ؟؟ .. شفيكم ؟ " .. لم أجبها بل اتجهت لأفرغ غضبي
في تلك الغبية التي احتضنت رأس طليقها تغسله بدموعها المنسكبة بغزارة متناسية الدين و العرف و كل ما مرت به من ألم مصدره هذا الرأس !
*
*
فينوس التي أنتشلها عذبي تصرخ بأخيها بهستيريا : شملان مات .. مااااات ..
*
*
اخترق صوتها المذبوح قلبي و كفي التي كانت تشد على ذراعها بعنف حاوطتها لتستكين بين ضلوعي و رغما عني قطعت لها وعدا بمساعدته .. فا موته سيعقبه نهايتها هذا ما قرأته سريعا في عينيها !
*
*
لا أعرف ما الذي أصابني هل تعثرت ووقعت قبل أن أصل إليه أم عاجلني هو بصفعة أسقطتني تحت قدميه ؟! ..
لوهلة كنت حائرة في كيفية تفسير ألامي الجسدية التي جعلتني كا خرقة بالية و لم أعد من شرودي إلا و أنا محاطة بذراعي ديمة الصغيرة كأنها تسندني و تستند علي و تحاول بكلمات غير مرتبة أن تهون الأمر عليها و علي ! .. دفعتها بعيدا عني في إشارة غير محكية باني لست بحاجة لمساعدتها و باني قادرة على الوقوف و تسديد ضربة أقوى له أرد بها اعتباري .. لكن قبل أن أهم بما عزمت الأمر عليه مر سريعا بجانبي و هو يحمل على كتفه العريضة جسد شملان الهزيل و فينوس تقع بأحضاني تبكي بمرارة و تردد متسائلة " وصايف شفيه شملان.. ليش ما يرد علي .. هو مات و إلا مت أنا ؟! " ..
كدت أن اقسم لحظتها أن قلبي توقف لثانية .. فا كيف لي أن أعرف من منا مات الليلة و كلنا نتنفس ؟! ..
*
*
عندما أبعدتني وصايف تهت لم أعرف ما علي فعله و لم أكن أبدا بصدد التوجه لمساندة أختي التي تبدوا أنها فقدت الشعور با المكان و الأشخاص لذا تبعته هاربة و قبل أن ينطق رميت بنفسي بمقعد السائق المجاور و تركت الرجاء في عيني يطل أن لا تتركني هنا و أجعلني أذهب معك في دور مساعد لسائق .. و هكذا طار بنا سريعا للمستشفى ليودع شملان في غرفة الملاحظة و يتفرق لي أنا !...
*
*
*
ديمة بعد أن أنهى عذبي اتصاله مع أصيل : لهدرجة مثقله عليك عشان تتصل بأصيل يجي ياخذني ؟
عذبي المرهق : أنتي فهمتي غلط .. أصيل بيجي يقعد مكاني هني .. مثل ما تعرفين أنا ما لغيت رحلتي عشان أقابل شملان في المستشفى و إلا نسيتي .. أو تراجعتي ؟!!
ديمة بخجل : لا .. ما تراجعت ..
*
*
*
لم يرد متابعة الحديث و كأنه اكتفى بتأكد أني لم أتراجع هذا ما فهمته بعد أن قاطع كلامي بوقوفه المفاجأ و هو يخبرني أن أنتظر هنا بينما يذهب هو للبحث عن ماكينة القهوة .. لم يسألني إن كنت أرغب با القهوة و لم أتوقع منه أن يسأل .. نعم هو أخي الأكبر لكن لا أذكر أنه في يوم جلب لي و لو قطعة حلوى !
*
*
*
كنت مشتت الذهن .. أفكر بفينوس التي تركتها ورائي منهارة و با تلك التي أريد أن أمحو صورتها و هي تذرف الدمع من أجله أما هو فا زادت حيرتي معه ما أن شخص الطبيب حالته بانهيار عصبي !
و هكذا لم أشعر بقلة ذوقي إلا بعدما عدت للجلوس بجانبها على مقاعد الانتظار لأجد نفسي مجبرا على الكلام معها و هذا ما كنت أتحاشاه طوال الوقت , فأنا لا أجيد التعامل مع ديمة .. فا هي ليست طفلة و لا راشدة و لا حتى غريب يمكن لي أن أجامله فا هي في ذاكرتي بقت دوما تلك الرضيعة التي جلبها والدي و اخبرنا مرارا و تكرار ألا تقتربوا منها فقد تؤذوها من دون أن تشعروا و هي كا اليتيمة ستحتار لمن تشكوا !
*
*
*
عذبي يجمل الموقف : تصدقين زادو مسميات القهوة على الماكينة و ما عرفت با الضبط شنو اطلب لج .. كنت رايح على اساس بلقى نوع واحد و توهقت ..
ديمة : أنا ما أحب القهوة ..
عذبي : فيه كافتيريا بطابق الأول إذا تحبين تجيبين لج شي على ما يجي أصيل و نمشي ..
ديمة وقفت بشكل آلي ثم عاودت الجلوس : ما تبي أجيب لك شي ..
عذبي يرفع فنجان قهوته : بكتفي با القهوة .. شكرا ..
*
*
*
سلوكيات عذبي لا تناسب ما يعد طبيعيا في أعراف مجتمعنا .. لكن هذا هو عذبي مختلف بكل شيء .. و لا يمكن أن يوضع بقائمة ما هو صحيح أو ما يعتبر خطأ مثلي أنا !
............................................................ ....
*
*
تلقفته بأحضاني و لم أجد في نفسي الغضب الذي كان يستشيط في دمائي .. هو هنا .. بخير .. و هذا يكفي .. فا الساعات الطويلة التي قضيتها بانتظاره و الخوف ينخر قلبي جعلني منهكة القوى و ليس باستطاعتي تناول الغضب أو لفظه ..
*
*
وداد : يعني للحين ما جعت ؟
سالم الذي يمثل انغماسه في الدراسة : مو قلت لج تعشيت مع شملان
وداد : مو هذا اللي محيرني .. شوداك لشملان ؟!!
سالم بغضب : يووووووه عاد ما راح نخلص من ها التحقيق .. من دخلت الباب و أنتِ سين و جيم مو كافي باجر وراي امتحان ..
وداد تستقيم بوقفتها و بلهجة حادة : مو لأني طوفت لك غيبتك عن البيت يوم كامل تحسب أنك كبير و مالك والي .. و اللحين أبيك تفهمني شموديك لشملان .. .و شلون يجيبك و لا يوجه لي لو حرف كأنه بينكم أتفاق ..
سالم : أي بينا أتفاق .. أني ادرس و انجح و هو بيتكفل بكل مصاريفي و مصاريفج ..
وداد و شعور بريبة يقتحم نبرتها الغاضبة : و المقابل ؟!!
سالم : المقابل أني ما اسلم دفتر علي لأحد ..
وداد تطلق ضحكه متهكمة : و تبيني أصدق أن شملان يفيد معاه الأبتزاز .. و لا من واحد ما يجي ربع عمره .. أضحك علي بغيرها
سالم بقلة حيله : عاد هذا اللي صار يعني تبيني أجذب عشان تصدقين ..
وداد بعد صمت قصير كانت تراقب به سالم الذي عاد لدراسة : زين وين دفتر علي ؟
سالم من دون أن يرفع عيناه عن كتابه : شايله و ما راح اعطيه لأي أحد ..
وداد : يا سلام و أنا أكيد ها الأي احد ..
سالم : أنا حلفت و أقسمت قدام شملان .. تبيني أقطع حلفي ؟!!
وداد : علي زوجي و دفتره يخصني ..
*
*
*
وجدت نفسي خارج غرفته .. لقد حركني بقوة لم أعلم أنه يملكها !
عدت سريعا لأطرق بابه بغضب ليزجر بصوت يمكن أن يستخدم لطرق الحديد أن علي أن أحترم حدودي و أن لا أتعدى على خصوصيته .. " كفي عن إزعاجي " .. آخر ما نطق به قبل أن أعود لغرفتي مذهولة .. اندسست بفراشي خائفة منه و عليه و في راسي تسبح مخاوفي بهيئة أسئلة تبدأ با كيف و تنتهي با متى .. كيف سأتعامل مع مراهق و متى ستنهي مهمتي اتجاهه , علمي بثقل عبأ تنشئته و مراقبته ينمو بطريقه صحيحة ليس بجديد لكن في هذه اللحظة أدركت أني أشهد أهم مرحلة من رحلته لبلوغ سن الرشد و علي أن أكون في منتهى الحذر بتعامل معه و أي كان مستوى تعليمي و فهمي و إدراكي لما حولي و اعترافي بفشلي الشخصي إلا أنني أمام كل ما يتهدد أخي عازمة أن أملك القوة حتى و إن سلبتها من مخدع أعتا الجبابرة ! ..
............................................................ ..
*
*
*
قفزت من أعلى قمة اختبأت بها عن كل البشر لأغوص لأقصى نقطة تسلب مني التفكير با الذي مضى ... عدت من إجازتي القصيرة و ارتميت بأحضان العمل من جديد و لم أترك أي فسحة و لا حتى لساعة إلا و ملأتها بكل ما قد يشغل ذهني و جسدي حتى لو كان ذلك يعني أن أقوم بعمل مضاعف لا يندرج تحت مسماي الوظيفي ! .. و هكذا عندما طلب مني عذبي أن أتواجد با المستشفى لأرافق شملان الذي لا أتذكر انه مرض من قبل بمرض يستدعي دخلوه للمستشفى لكن هذه الحقيقة لم تسقي فضولي و لم أسال عن أية تفاصيل لم يتبرع عذبي با الإدلاء بها و اكتفيت بتحرك بشكل آلي لملأ الوقت !
*
*
*
أصيل : ديمة معاك ؟!!
عذبي يريد أن يختصر التفاصيل : أي لما أغمى على شملان كنا في بيت عمتي و ما حبت تقعد هناك و أخذتها معاي ..
أصيل : زين من متى راحت للكافتيريا ؟
عذبي : يعني صار لها يمكن عشر دقايق .
أصيل مقرعا لأخيه الكبير : عذبي الله يهداك تخلي أختك الصغيرة أدوج في المستشفى بروحها .. يعني ما قدرت تروح معاها الكافتيريا
عذبي : ترانا بمستشفى مو بشارع .. يعني شنو بيصير ..
*
*
*
فضيحة جديدة .. هذا بكل بساطة ما قد يحدث .. لم أشرك عذبي فيما يدور في خلدي فانا لست بصدد معالجة أي قضية أنا فقط أريد أن أحد الضرر و أترك الأمور تسير في مجراها الطبيعي , لكن علي البحث عنها أولا قبل أن تفرغ الكافتيريا من جميع محتوياتها .. و هكذا توجهت لحيث مكان تواجدها الذي لم أجد أي أثر لها به , انتابني القلق و بدأت أراها في مخيلتي تدس الإبر و الأدوية في حقيبتها الكبيرة و هذا سيكون الأمر الذي لن تفلح معه تسديد فاتورة مضاعفة لصاحب البقالة فا الدكاترة عقلياتهم تختلف و يشخصون أي حالة شاذة بكل بساطة و على حسب التزامهم بمسؤولياتهم يتصرفون , مما قد ينهي مرض ديمة بأحد المصحات ليتسرب ملفها المليء با العقد كا مقال رئيسي على صفحات جرائد الفضائح لتنتهي أكبر صفقه خططت لظفر بها والدتي التي ابتدأت معاناتها بدخول أنثى جميلة لحياتها الرتيبه لتصبح لها غريمه و الآن من حقها أن تنهيها في صفقه يضحى لها أغلى ما تملك أم ديمة !.
*
*
ديمة التي وجدت أصيل أمامها و في عينيه قرأت قائمة مليئة با التهم : كنت أسال الصيدلي عن كريم أستخدمه للحبوب ..
أصيل : أفتحي جنطتج ..
ديمة تتدفق الدموع لمقلتيها و تهمس برجاء : أصيل شلون أبطل لك جنطتي و تفتشها قدام الناس ؟!! .. ما يكفي أني أحلف لك أني ما سرقت شي ..
أصيل : أنا و أنتِ نعرف أن السروق ما تفرق معاه يحلف .. على كل حال أمشي قدامي للمصافط عذبي في سيارته ينتظرج ..
*
*
*
كنت قد مددت يدي بخفه انوي على قطعة السكاكر الأخيرة ليوقفني صوت متوسل أن اتركها له .. كان طفل صغير يمثل على محترفة البراءة .. تركتها له و قلبي مستنفذ القوى فقد كان لعدة دقائق يستجمع كل تهور ذاب في دمي ليضخه في أطرافي التي احترفت السرقة .. كدت أن أتسبب لنفسي بفضيحة و عذبي ليس كا أصيل .. لن يبتزني و يصمت بمقابل بل سينزل بي عقوبة تناسب اختلافه ! .. قد ينهي حلمي با الاستقرار مع والدتي بعيدا عن والدته .. قد يحبسني بجانب طرفة لأكون أضحوكة .. و يُسرق عمري أمامي من دون أن يجرم أحد و أصبح أنا العقوبة و المجني عليه و الجاني ...
*
*
*
عذبي الذي لاحظ غياب ديمة : صار شي بينج و بين أصيل ..
ديمة بارتباك " شنو يعني بيصير ؟!!
عذبي : يعني تهاوشتوا .. طالبته شي و رفض ..
ديمة بأختصار : لا ..
عذبي : أنا ما أدعي أني اعرف طبيعتج بس شكلج مو طبيعي ..
ديمة تستحضر روحها المراوغة : يمكن لأني سرحت شوي تحس أني مو طبيعيه ..
عذبي بفضول : بشنو سرحتي ؟
ديمة : فيك و في أصيل .. أنا أدري أنكم ما تعودتوا تتحملون مسؤوليتي بس أنتم أصلا في حياتكم مسئولين .. بس لما أستند عليكم ترتبكون و أخاف لا أطيح ..
عذبي أبتسم بتعجب : كلامج كبير يا صغيرة ..
ديمة تبتسم با المقابل : مو الكلام الكبير ما يطلع إلا من الصغير ..
عذبي يأخذ نفسا عميقا و يبدأ بحديث لا يعرف إلى ما سوف ينتهي إليه : أسمعي يا ديمة أنا و أصيل نتحمل مسؤولية مؤسسة تقوم على أصول و رؤوس أموال لان ندخل بمبدأ الربح و الخسارة .. بس في العلاقات الإنسانية صعب الواحد يخلي نفسه مسئول و يعرض نفسه لاحتمال الخسارة ..
ديمة : على جذيه راح تعيشون بروحكم ... لأن إذا بتخافون الخسارة ما راح تنشئون أي علاقة ..
عذبي يبتسم مجددا : صحيح .. بس في علاقات من قبل ما تنشأ يكون احتمال الربح فيها اكبر من الخسارة ..
ديمة تكمل : و في علاقة تشبه علاقتنا .. أنا الخسرانه من يوم انولدت..
عذبي : ديمة أنتِ يوم أنولدت كنت داخل العشرين .. كان ممكن أصير أبوج .. و احساسي فيج أكبر من أحساس أخ .. أنا خفت أتحمل وقتها مسؤوليتج و للحين أرفض ها المسؤولية بس تأكدي أني حبيتج من أول مره شلتج فيها و قبل لا تعرفين أني أخوج ..
ديمة تغالب دموع استثارها حديث عذبي : و مسامح بيشيل مسؤوليتي ؟
عذبي يصمت لدقيقة : تبين الحقيقة أنا واثق في مسامح و قدرته على تحمل المسؤولية بس مو واثق فيج .. هو يناسبج بس أشك أنج تناسبينه ..
ديمة بتساؤل حقيقي : أجل ليش تشجعني أتزوجه ؟
عذبي : لان أنتِ و أنا و كل اللي في البيت بنستفيد حتى أمج بتستفيد .. و هو مو جاهل أكيد حاسب ربحه و خسارته ..
ديمة تستجمع شجاعتها و تنتهي بسؤال الذي كانت تريد أن تبدأ به : لو وحده من بناتك في مكاني بتشجعها تتزوج مسامح ..
عذبي تنزلق منه الحقيقة على عجاله : لا ..
*
*
*
كنت لتو أخبرها أني أحبها فطريا حتى و إن لم أتصرف كأخ لتعاجلني بسؤال كبلني با الخطايا و وسمني با العار في هيئة جواب عفوي لم أتمهل في صياغته .. و الآن تركت حائر في كيفية تصحيح الخلل و ترميم ما هزه جوابي ..
*
*
*
كأني بكل أنوار الشوارع تختفي و كل ما كان يمر بنا من أصوات لسيارات تنقطع .. أصبح شعوري بين عدم وضوح برؤية تسبب به دمعي و ضجيج مصدره قلبي صم أذني .. إذا هذه الحقيقة .. و كل ما كان قبله كذب .. لم يشعر بي كأب و لم يحبني في أول مرة حملني بين يديه .. بل أنا عبأ فرضه والدي على كل من سكن ذاك السجن و حتى لا يخسروه تركوني في زاوية التجاهل و عندما استدعت الحاجة أصبحت الأخت التي كانوا يجدون صعوبة في التعامل معها لخوف منبعه حب أكبر من التعبير !
*
*
عذبي يركن سيارته في حارة الأمان : ديمة بس لا تبجين ... خليني أشرح لج جوابي ..
ديمة التي تشهق بدموعها الحارة : لا تخاف أنا مو شرهانه عليك .. أنت أصلا ما تعرف تحب .. و وصايف أكبر مثال ..
*
*
توقفت هنا عن أي محاولة لرأب الصدع .. الضرر تم و ها هي تنتقم مني بتشخيص حالتي العاطفية .. هي فعلا ليست بطفلة و لا للبراءة تنتمي .. أختي ذكية و تتلاعب بعواطف أي شخص منها يقترب ..
و جلبت وصايف في المنتصف لتقلدني المشنقة من دون أن اعترض .
............................................................ ...............
*
*
*
لو أضعها في الميزان لما اشتكى لكن يدي الخاملتين رددت الشكوى و أنا أحارب ضعفي لأسند ثقلها .. كم هو عظيم هذا الحزن و الألم الذي يقبع كا ثقل بين عظامها الواهنة ! ..
لم أرد أن أجرها للمنزل ليوقظ بكائها و مناجاتها لشملان كل من بات حزينا في منزلنا , و با الأخص و وضوح تنام أخيرا في أحضان ساري آمنه .. فا هذا ما أخبرني به با المختصر في رسالة قصيرة أراد بها أن أطمأن عليها و أنام .. و كيف يا ساري لي أن أنام ؟!.. و لك كل العذر في الاختباء فا حزن وضوح يكفيك لهذه الليلة , و حزن فينوس سأتكفل به لعلي أعوض على صديقة كل لحظات الخذلان التي منيت بها على يدي ..
و كأنها قرأت أفكاري و بنظرة أعلنت بها الموافقة رافقتني لندخل من نفس الباب الذي تردد في فتحه لتمتد أناملها لمفاتيحه الباردة التي ظلت بعده معلقة , و بكل قوة تحتضنها و تزيد في نحيبها المكتوم ..
*
*
فينوس : أبي أروح شقته ..
وصايف بتردد : هذي شقة هند اللي أطلعت منها علي يمينا و اقرب لنا خلينا نستريح فيها ..
فينوس : وصايف أنا مو طفلة تخافين عليها تنكسر لصعدت مكان عالي .. أنا بصعد لشقته و أنتِ معذوره إذا ما بغيتي تجين معاي ..
وصايف : أنا بروح معاج لأي مكان .. بس أحس فشلة ندخل شقة واحد عزوبي و في غيابه ..
فينوس تضحك بإنكسار : هذا كان ردي عليج و انتِ تترجيني أدخلج جناح عذبي في غايبه ..
وصايف صدمت من جر فينوس لواقعة قديمة لتقيس بها الحاضر : أنا أكبر من أمس و انتِ دايما كنتي أكبر .. شنو اللي خلاج تصغرين ؟!!
فينوس بمرارة : خبرج تغير .. و أنا وحده غير اللي عرفتيها .. و لا تكثرين أسئلة أنا تعبانه ..
............................................................ ......
*
*
*
كانت حلمي الذي ادخرت له لأعوام و يوم امتلاكي لها نمت بأحضانها متحديا ليالي الشتاء القارصة .. لكن اختطفت مني و تحت ناظري تحولت بثوانِ لبركة من الملوثات !
بدأ الأمر بوالدتي تحثني أن أسارع الخطى لمنزل أهل هند لنقلها للمستشفى فا هي على مشارف الولادة و خالد على شاطئ أحد الجزر حط رحاله ليقضي نهاية الأسبوع من دون أن يهتم بمسؤولياته التي تكفلت بها كما يجب على الأخ لكن لم يدر في خلدي أن تبدأ ولادة طفلته في سيارتي و تستفرغ من الخوف أختها على مقاعد سيارتي الرياضية ..
*
*
سند : يمه الله يهداج ليش تبجين . .أنا اللي لازم أبجي على سيارتي .
أم خالد تمسح دموعها وتضرب كتف أبنها : و هذا كل اللي همك .. الحديد أهم عندك من بني آدم ..
سند يأخذ كف والدته ويقبلها بحرارة : مزح يمه مزح .. أبيج تبتسمين بدال ها الدميعات ..
أم خالد المتأثرة بولادة أول حفيدة لها : تلومني يا سند .. صار عندي بنية..
سند : يوووووه قولي أن كل ها الدميعات عشان صار في بيتنا بنت .
كدينا خير بعد ها السنين كلها بتجي بنت خالد و تحكم البيت و تسرق قلب أميمتنا ..
أم خالد تضحك من أعماقها : جعلي أشوفها تامر و تنهي و الكل يقولها سمي في بيت أبوها ..
سند بإمتعاظ يرفع من صوته ليسمع الجالسة في الزاوية : يعني بتخربون البنت و تخلونها دعله ..
أم خالد بغضب مصطنع : أشوفك جاورت ها البنيه و توها طالعه من بطن أمها ..
سند : أنطري علي خليها بس تعرف العلم و اقصص أقرونها .. العوبة ما أقدرت تقعد في بطن أمها لين نوصل المستشفى ..
*
*
*
هذه قصتي معه .. فصول من الإحراج .. يبدو أن في كل موسم حتم علي إلقاء به في حدث لا ينسى , سند من الأشخاص الذين يتواجدوا بحياتك لتشك بنفسك و سلوكياتك و تصبح غريما و ناقدا غير صادق لروحك , و ها أنا مهما تحاشيت كل تقاطع يجمعني به أجد شخصيتي المضطربة الخائنة تقع بشكل درامي أمامه في أضيق زقاق يؤدي لطريق مسدود يعود بي له ليتفحص أخطائي من جديد عن قرب ! ..
و من الخوف و الرعب استفرغت .. ما هو الجرم الذي ارتكبته ؟!.. أنا إنسانة و لا يمكن لي دائما أن أسيطر على انفعالاتي في موقف لم يمر علي من قبل ما يشبهه .. أختي بصياح زلزل عظامي تخبرني أنها سوف تموت و أنا بكل قوتي أتشبث بها بكفي المرتعشة و في نفسي خوف عميق بأنها سوف تغادر لأعود بيدي الأخرى الأكثر ارتعاشا للأمام لأبحث عن من يمسك بي في سيارته الضيقة التي يطير بها بجنون على الشوارع المتهالكة .. لينتهي بي الأمر مذنبة
و أُقرع بدل أن يتم المباركة لي بسلامة أختي و بلقبي الجديد كا خالة.
*
*
*
ما إن عادت الإشارة لهاتفي المحمول حتى توافدت رسائل عدة تستعجلني الرد .. كان أولها من هند و آخرها من سند .. و النتيجة التي وصلت إليها مرعبة .. من المؤكد أن هند في المخاض .. اتصلت بسند و أنا متأهب لسماع الأسوأ لكن ما إن بدأ الترحيب بي بنبرته الفرحة حتى علمت أن الأسوأ قد مر و هذا ما أكده و جعلني أتنفس الصعداء .. نعم كنت قد تأهبت و أعددت الخطط المطلوبة منذ زمن طويل استعدادا للحظة التي سوف تلد بها طفلتي و لكن في قرارة نفسي لم أكن مستعد و كنت عن غير وعي أتهرب من هذه اللحظة و قد يكون اختياري لعطلة هذا الأسبوع بذات لممارسة هوايتي دليل على خوفي و عدم استعدادي الحقيقي , و هذا ما أخشى أن تكون توصلت إليه هند قبلي ..
*
*
*
سند بعد انتهى من سرد القصة كاملة بما فيها خسارته الفادحة : عاد كنت باخذ منك تعويض بس هونت ..
خالد الذي يراقب أبنته من خلف الزجاج : و شا اللي خلاك تهون ؟ .. و لا تقول لأني أهديتك لقب عم .. و عفوا قبل ما تقول شكرا ..
سند يضحك بعمق : عاد تحسب لقلت عفوا بنتعادل .. لا يا الحبيب أبي من الحين تقول تم ..
خالد : على شنو ..
سند : على زواج ولدي من بنتك ..
خالد يقطب حاجبيه : و أنت من وين لك ولد ؟!
سند : أنت لا يكون تحسب بقعد عزوبي طول عمري .. إن شاء الله بتزوج و أجيب عيال ينافسون عيالك على قلب أميمتي ..
خالد : أي قول جذيه . السالفة كلها متعلقة في قلب أميمتي .. الظاهر خفت من بنتي ..
سند : الصراحه بنتك تخوف .. من اللحين جا لها غلا أجل و أشلون لنادت أمي يا جده ..
خالد : يوووه و قتها كلنا بنكون صفر على الشمال عند أمي ..
سند : إلا ما قلت لي منافستي الجديدة و شسمها ..
خالد : توه أمي حلفت علي ما اسمي عليها و تقول أشور عليك تسميها على خالتها ..
سند و الخوف توسط عينيه : خالتها منو ؟
خالد : منو بعد .. خالتها اللي أول من شافها ..
سند بإعتراض : لا تكفى خالد .. مو حلو أسم انفال ..
خالد : با العكس حلو أسمها ..
سند : لا ما أحس حلو ..يعني حتى لو بغيت أدلع بنتك صعب ..
خالد : لا عاد التدليع سهل بأي حرف من اسمها ..
سند باستهزاء : لا تكفى خلنا ندلعها بأول حرف من أسمها و نقولها أوأو..
خالد بغضب : أي عادي كل شي لايق لها ..
سند متجاهلا لغضب أخيه : أقول بس لا تستعجل و تورط بنتك بها الاسم ..
خالد بإمتعاض واضح بنبرته : واضح أن اللي مو عاجبك صاحبة الاسم مو الاسم بنفسه ..
*
*
عندما هممت بتوضيح أستسخفت محاولتي .. أنفال فتاة غريبة و من المروءة أن لا أتكلم عنها بسوء و الطفلة بأي أسم ستنادى ستكون في النهاية ابنة أخي التي أحبها و مجموعة حروف على شكل أسم لن تغير من الأمر شيء .
............................................................ ...................
*
*
*
للأسماء أرض تحتفي برموز الحروف
ليغرب حاملها في يوم تاركا وراءه وسم كا اسم !
............................................................ ...............
لقائنا الأسبوع المقبل بأذن الله ...
|