" هراء ؟ أهو كذلك حقا ؟ ". وتابع بقساوة : " عندما لمستك الليلة كنت ترتجفين كمن أصابها البرص , أذهبي وأرتدي ملابسك , هيا , يجب أن تكوني حاضرة على العشاء , لو كان لديك ذرة من المنطق لعدت بالطائرة فورا ألى أنكلترا , لم يكن لمايا الحق بأن تأتي بك ألى هنا وترميك رميا في هذه المهمة المعقدة , أنا أعرف ماذا أضبحت وأعرف كيف أصبح شكلي الخارجي , أشعر بالندوب في وجهي".
" أن هذه الندوب ليست بشعة ألى هذه الدرجة , أن عملية جراحية صغيرة ستفعل المعجزات و.......".
فقاطعها :
" وتجعل من الوحش أميرا رائعا , أسرعي يا صغيرة وألا تأخرت على العشاء".
" أنا لست صغيرة يا رايك".
" أنا أتذكرك هكذا وذاكرتي لا تزال سليمة".
" لقد تحسستني للتو وهذا لا شك جعلك تكوّن فكرة عما أنا عليه الآن , لقد كبرت".
" عندما تحسستك عرفت ما ما كنت أريد أن أعرفه , عرفت أنه عندما يلمس رجل أعمى فتاة ما , لن تكون هذه الأخيرة مسرورة بالتأكيد بسبب طريقته الفظة معها , لذلك , لا تستبقي معاملتي كمجنون , وهذا أمر أيتها الممرضة!".
" لا تتصرف كأنسان متسلط لأنني لا أطيق هذا النوع من الأشخاص!".
" لا تظني بأنني أهتم بسماع رأيك عني , ولا تدخلي في رأسك بأنني عانقتك منذ لحظات لأنني أكن لك شعور ما , أنت لم تكوني أبدا من النوع المفضل لدي".
" أنا أعلم هذا , لذا كف عن معاملتي كغبية , أنا أعلم أن الهدف الأساسي من وراء محاولتك هذه هي أباط عزيمتي لجعلي أترك المهمة الموكولة ألي حتى قبل أن أبدأ بها , وأنا لن أغادر قبل أن أنتهي من مهمتي , فليكن هذا معلوما لديك ولمرة واحدة".
أسكته كلامها لبضع لحظات , ثم عاد ليطلق العنان لضحكته الساخرة ويقول :
" يبدو أنك كبرت حقا , يا عزيزتي ".
" بالطبع , لقد كبرت يا رايك دي زالدو , هل كنت تظن بأنني سوف أصل ألى هنا خائفة ومرتعبة , لا أقوى على الدفاع عن نفسي".
منتدى ليلاس
" ربما , وهذا يعود ألى أنك لا تزالين طفلة صغيرة في ذاكرتي , تلبسين سروالا قطنيا وتسيرين حافية القدمين ومحلولة الضفائر , على فكرة , ماذا فعلت بضفائرك؟".
" لقد قصصتها لعلمي بأنك ستمسك بها كما كنت تفعل في الماضي".
" للأسف , كان بأمكانها أن تكون ذات فائدة هذه المرة , كنت سأمسك بها بينما تدليني على الطريق ". وتابع مقهقها : " طريقة رائعة , أليس كذلك؟".
" أن كنت لا تريد أن يقودك أحد فما عليك ألا أن تتجاوب وتتعلم كيف تتدبر أمورك , فهناك الكثير من فاقدي البصر الذين يخدمون أنفسهم ويتصرفون بطريقة رائعة".
" كم هم محظوظون ".
" رايك , أنت ذكي لدرجة تسمح لك بالتكيف بسرعة مع حياتك الجديدة".
" طريقتي القديمة في الحياة كانت تناسبني تماما , يا عزيزتي ". وتابع بوجه خال من التعابير : " كنت جنديا ممتازا وأردت أن أبقى كذلك , بحق السماء , أنت لا تفهمينني يبدو لي أنك أحتفظت بعقلية تلميذة مدرسة رومنطيقية رغم أنك أصبحت أمرأة ناضجة , لقد وصلت ألى هدفي في الحياة , لكنه تبخر فجأة , أحس كما لو أن قنبلة قد قذفت بي ألى خارج الزمن , وها أنت تأتين بحكمك الجميلة تطلقينها وكأنها تحمل الأجوبة الشافية على كل أسئلتي ومشاكلي , تطلبين مني أن أعود ألى الحياة , تفضلي وقولي لي كيف يكون هذا ؟".
تنهدت أنجي وأستنتجت بأن الوقت الآن يبدو غير مناسب للنقاش معه وتحليل الأمور , عليهما أن يعتادا على بعضهما ثانية قبل الدخول في مثل هذه المواضيع وبالعمق الكافي , عليه أن يتعلم أولا كيف يتقبلها كصديقة يأتمنها على أسراره , وهذا أمر يأخذ وقتا .
" أنت تعرف أفضل مني , في كل حال أنا ذاهبة ألى غرفتي , هل هناك من يساعدك على الحلاقة وأرتداء الملابس؟".
" نعم , بريميتيفو , ربما تذكرته , أنه من سكان هذه الجزيرة وعمل دائما لحساب والدي هنا".
" آه , نعم , لقد تذكرته".
" أنتبهي , لا تنسي ما قلته لك ,مفهوم؟".
أبتعد عنها فتنهدت تكرارا وسارت نحو الباب تاركة أياه وحيدا مع أفكاره السوداوية التي تدور بمجملها حول حياة يعتبرها أنتهت ألى غير رجعة.شعرت أنجي بالقلق والتحدي في الوقت نفسه , لم يكن بمقدورها السماح لشخص مثل رايك بالتحول ألى أنسان أنعزالي , غارق في تشاؤمه وخوفه من فقدان عقله كما فقد بصره , لم يكن بمقدورها أن تضعف أتجاهه كما العائلة التي كانت تعامله برقة وعطف زائدين لأنه الأبن الأكبر , لدرجة أن جميع أفراد العائلة يحترمون رغبته ويسهرون على تطبيقها.
أما هي فقد أعتبرت نفسها من طينة أخرى , رغم أن رايك كان يعني لها الكثير ألا أن أولى واجباتها أن تحاول أعاد النشاط ألى قواه الحيوية , التي كانت تشكل جزءا مهما وأساسيا من شخصيته.
لقد قررت أنجي أن تخوض المعركة بكل قواها وعزمت على أيقاظ رايك من سباته حتى لو أضطرها الأمر ألى أن تجعله يكرهها أو يؤذيها.