وتشاغل بول بتقليب فحم المدفأة بفرع شجرة , وأرتسمت أبتسامة غامضة في عينيه وهو يقول:
" أنا مدرك تماما حقيقة نظرتك الي , لكنها تفاهة عاطفية أن أكون محبوبا , وليس عندي وقت لأبدده في التفاهات , لدي نواحي ضعف قليلة يا دومني , واحدة منها هي حب الأشياء النادرة , وأنت مخلوقة نادرة جدا , أنت جميلة , ولكن غامضة , يمكنك أن تخفي أي شيء باردا كان أم مشتعلا".
وسحب نفسا عميقا من سيكارته , وقال ببطء:
" أردتك , منذ أول لحظة تقابلنا فيها في فردان".
وأستطاع أن يأسر نظراتها , وأن يرغمها على الأنصات اليه , وأستطرد قائلا:
" في ذلك اليوم الذي أكتشفت فيه تزوير أبن عمك, ذهبت الى فردان في حالة غضب شديد , وكنت مصمما على أخبار عمك بما فعله أبنه الشقي , كنت هناك , كنت لا تزالين في المدرسة الداخلية آخر مرة كنت فيها في أنكلترا قبل ذلك, ولكن في ذلك اليوم بالذات كنت قادمة لتوك من نزهة , كان فمك ورديا , وعيناك شديدتي الزرقة , ومنذ تلك اللحظة أصبح تورط أبن عمك سلاحا في يدي".
وتاملها.... ثم أستأنف قائلا:
"أنك تجفلين يا دومني , ولكنني كنت آمل ألا أستعمل هذا السلاح, كنت آمل أنك قد.... في أي حال أصبح واضحا أخيرا أنك تنظرين الي فقط على أنني اليوناني الجاف الذي يعمل عنده أبن عمك كمساعد مدير في أحد مكاتب خطوط ستيفانوس للملاحة البحرية".
وعاد الى السكوت , وبينما أهتزت أعصاب دومني , وأرتفع صوته من جديد يقول:
" أردتك.... وبأي ثمن".
وأرتعدت , كارهة صراحته القاسية , لكنها مدركة أيضا أنه لو تحدث عن حبه لها , لكانت أحتقرته , وطاف بنظراته حوله كما فعلت أول يوم قابلته في فردان , عندما حذرتها غريزتها أنه خطر يهددها بوجهه الوثني , وبعينيه الذهبيتين اللتين تشبهان عيني النمر , وبشعره الداكن القصير المجعد , الشبيه بصوف الغنم.
منتديات ليلاس
وتباعدت عنه أذ كان يشع قوة وخطورة , وقالت بصوت مضطرب كانت تحاول أن تحتفظ بسيطرتها عليه:
" لا أعتقد أنني يمكن أن أستمر في هذا الزواج يا بول.... أرغمتني على موقف قاس , غير متحضر , وأنت لا تحمل لي ذرة من المشاعر".
قال:
" كبرياؤك هو الذي أرغمك على أختياري , مفضلة ذلك على رؤية أسم أسرتك في محاكم الجنايات".
وسكت برهة , ثم قال:
" ولماذا أرثي لك, وأنا الذي يجب أن يعجب بك لأنك واحدة من اللواتي يؤثرن العذاب على رؤية من يحبن في الوحل؟".
وألقى ببقايا سيكارته في النار , وتقدم منها , ومن جديد تباعدت عنه , لكنه أمسك بها وهمس:
" تعالي.... أنا لست وحشا".
وذعرت عندما لمحت بريق عينيه الذهبي من خلال أهدابه السوداء الكثيفة , وعاد يهمس:
" أستطيع أن أكون لطيفا خاصة مع شيء جميل مثلك؟ أنت جميلة للغاية , وكلك كبرياء , أنك جليد مشتعل".
وسأل ساخرا:
" يا ملاكي الصغير .... هل توقفت عن الأبتسام الى الأبد؟ هل ستنظرين دائما بهاتين العينين العابستين؟".