بـــقــلــمـي فاطمة كرم
الحنين هو مزيج من الشوق والحزن فى أن واحد ولكنه لايخلو من المتعة والراحة النفسية فالذكرى تكون أجمل من الشئ أحيانا فالبعض يستمرون بتلك الذكريات التى لاينتبهون لها ساعة وقوعها فتكون عادية معتادة ولكن لحظة إفتقادنا لتلك الاشياء تكون الذكرى أعظم هدية من الله يواسينا بها فى تلك الأوقات.
تلك هى الأفكار التى كانت تدور فى عقل سارة وهى جالسة أمام شرفتها ممسكة بوشاح أزرق اللون مظهره يوحي بالقِدم ولكن أناقته تُلفت الإنتباه كانت تقبلهمنتدى ليلاس الثقافي
وهى تبكي قائله إشتقت إليكِ أمي إشتقت إليكِ كثيراً تركتيني باكراً .
ظلت هكذا لساعات ثم هبطت إلى الأسفل وبنظرة إلى منزلها انه قصراً مليء بالتحف النادرة
دخلت سارة غرفتها مرة أخرى وجلست أمام نافذتها فهى بالرغم مما تمتلكه من أشياء فى نظر بعض الناس تُحسد عليها ولكنها قد فقدت أشياء لا يعي لها بالاً الكثيرون
هى إبنة رجل ممن يصنعون قرارات تلك البلاد ولكن لم تنعم بالصداقة قط
كانت تكلم مرآتها وتقول ماذا سيحدث لو لم أحفظ تلك الذكريات بقلبي هى حزينة ولكن تشعرنى أنى يوما ما كنت أحيا
رؤيتها لأبيها كانت أثناء الطعام يجلسون على جانبي المائدة الصمت يخيم على المكان وغالبا تغادر قبل أن تكمل طعامها
الأيام تسير بها لاتفعل شيئا يستحق أن يُحكى فهى كعادتها تجلس أمام نافذتها تبكى أمها وتحدثها عما تفعله
وذات يوم جائت نسمة أطاحت بالوشاح من يدها هبطت مسرعة لكى تلحق به وإذا به على شجرة من أشجار الحديقة صعدت لتجلبه فإختل توازنها لتسقط ولكن ليس أرضاً كان هناك من يمسك بها أنزلها برفق وقال هذا خطر لا تفعليه مرة أخرى تفحصت وجهه لم يكن من خدم المنزل أو شخص تعرفه إنها تراه لاول مرة يحمل لكنة غريبة فى كلامه شكرته وإنصرفت
ثم جاء أبيها مرحبا به , ظلت تراقبهما من نافذتها فهو حدث قد كسر روتين يومها الرتيب أخذ ذلك الزائر بالتردد عليهم والتحدث مع ابيها بالساعات وهى تراقبهما كالمعتاد وذات مرة وهى هكذا نظر ذلك الضيف إليها مشيرا إليها بالمجئ إرتبكت ماذا تفعل إبتعدت عن نافذتها و فاجأها مجىء إحدى الخدم لتبلغها أن أبيها يريدها للغداء وعلمت أن الضيف سيشاركهما الطعام
جلست فإبتسم لها الضيف وأخذ يكلمها فى أمور عده
قارئك المفضل , مقطوعتك المفضله , هواياتك
لم تجبه عن أى من هذا ليس عن خجل وإنطواء ولكن كانت تحاول إكتشاف طبيعة زائرهم الدائم
إنتهت المقابلة وعادت إلى غرفتها وأخذت تردد لنفسها هل يمكن أن تكون تلك الشرفة الجديدة مكاناً تُطل به على الحياة عوضاً عن باب أبيها الموصود
في الصباح التالي أتى والدها ليخبرها أن ذلك الزائر تقدم للزواج منها شعرت بإنقباض فى صدرها و دون أن تدري نطقت بالموافقة وجدت السرور يُطل بعيني والدها فهو مُعجب بهذا الشاب دوناً عن باقى أقرانه
ولكن سارة لم يراودها هذا الشعور
ما الذى أقحمت نفسي فيه كانت منكمشة تضم وشاح أمها بقوة ,تجهش فى البكاء وتقول أمي هل إتخذت قراراً سليماً أم ماذا ؟ من أسأل أحتاجك أمي
أقحمت نفسي بمجهول لا أعلم ماهيته ولكنى إشتقت ان أشتاق لأحد ويشتاق ويفتقدنى أحد ما
أن أصرخ بأحد أن يسمعني أحد إشتقت إلى الحياة أمي حزينة وخائفة مما هو أت أريد المضي ولكني أخاف هذا المجهول وأريد المكوث وأخاف الموت هنا ماذا أفعل أمي
……. ظلت هكذا حتى أشرقت الشمس
بدأت إستعدادات الزفاف والخوف والقلق يأكلاها من الداخل ولكن تحاول التماسك
وجاء هذا اليوم وكان زفافاً بسيطاً بناءاً على رغبتها
وبدأ يومها الأول فى حياتها الجديدة
جلسوا لتناول الطعام سوياً ,بالكاد تلمس الطعام ,إرتباكها وقلقها لا يحتاجون إلى تخمين حاول أن يكسر هذا الصمت وقال : ما يزعجك إلى هذا الحد ؟
قالت له : أريد أن أخبرك شيئاً ولكن ستسيء فهمي.
قال لهامبتسماً : أنا أسمع .
إستجمعت شجاعتها وقالت : أنا لا أحبك لم أتزوجك من أجل ذلك .
قال : أعلم ولكني أحبك .... أخبريني لما وافقتي ؟
قالت : لكي أجد من يشاركني الحياة
قال وهذا يكفيني مؤقتاً , أريدك أن تشعري معي بالراحة وسأجعلك تحبيني
ضمها إليه
و فى لمح البصر أبعدته عنها بكل قوتها
ودخلت الغرفه مسرعة
فأسرع إليها وجدها تجلس منكمشة على الفراش تبكي وترتجف وعندما رأته صرخت به أن يُغلق الباب
ظل ذلك الحال بضعة أيام
وذات يوم وهم يتناولون الإفطار سألها : لم تفعل ذلك كلما إقترب منها
قالت : لا أعلم , أشعر بالخوف والإختناق الشديدين كلما إقتربت مني .
بدا عليه الإستياء وغادر إلى غرفته
شعرت بالخجل من نفسها إعتذرت منه
فطلب منها أن يراجعوا طبيباً لحالتها ووافقته
لم يجد الطبيب بها شيئاً ولكن أخبرهم انها مسألة وقت وستتلاشى تلك الغربه
علمت أنها يجب أن تواجه المشكله بالتصنع والتظاهر وبالرغم من ذلك كان يشعر بإرتجافها الشديد بجانبه
وتم الزواج بالفعل
ولكن أصبحت تمرض كثيراً إلى أن ترك الغرفة وأصبح ينام فى اخرى مستقلة محاولة منه للتخفيف عليها و لتسترد عافيتها , اعتنى بها إلى أن شفيت تقريباً
فأخبرها أنه مسافر
وكان عادة يتغيب لبضعة أيام ثم يعود ولكن هذه المرة غاب شهراً كاملاً
كانت مدة كافية لإستعادة صحتها
ولكن .. الوحدة صارت صديقتها من جديد
" أمشتاقة إليه ؟ هل شُفيت مما أنا فيه ؟
ظلت تُلامس صورته باكيةً حتى غفت وهى بأحضانها
عاد ولكن فى وقت متأخر , كان متعباً ولكن عندما رأى صورته نائمةً بأحضانها خانه قلبه مجدداً
فإبتعاده عنها بدعوى الثأر لرجولته ما هى إلا محاولة بائسة فما زادته إلا إحتياجاً وإفتقاداً إليها
ظل جالساً يتأملها بنومها الهاديء
" كم أنتِ جميلة بنومك مثل الصغار لست خائفة من شىء"
إرتسمت بسمة على شفاها
" أتحلمين "
رغب بضمها ولكنه إكتفى بطبع قبلة على جبينها فإنتفضت مستيقظة وقد أطل خوفها القديم بعينيها فأوقعت الصورة
راقبته وهو يجمع الزجاج المنثور , هَمت بمساعدته ولكن أزاح يدها
وللحظة إشتبكت بها نظاراتهما فتلألأت دموعاً بعينيه ونهض مسرعاً
أسرعت وراءه باكية وقالت :أنا أسفة لم أعلم بمجيئك وهذا سبب خوفي
وإقتربت منه قدر إستطاعتها وهمست مرتجفة : إشتقت إليك
قال : حقاً وضمها فإرتجفت للمرة الألف أرسلها بعيداً وخرج من الغرفة وهو يقول : ماذا فعلت كي ترتجفين كلما لمستك للننفصل كى أُريحك مني ومن هذا الرعب الذى تعيشين فيه
قالت : هذا أهون مما كنت عليه من الوحدة .
قال وماذا عنى هل أنا أداة للتسلية ؟
أحببتك ولكن لن أستطيع الإستمرار مع إنسانة لا تطيقني
جلسوا فى صمت لفتره
فجائت بجانبه وقالت: أنا أحبك لم أُخبرك بها من قبل
ولكن ... يوجد بداخلى خوفُ شديد لا أعلم لماذا ؟
أنت لن تفهمني وستعتقد أني قد فقدت عقلي ولكنها الحقيقه عينيك بها نظرة إنهزامية
هل تشعر بالذنب تجاهى؟
بداخلك شىء لا أعلمه وهو ما يُبعدنى عنك أخبرنى مهما كان سيئاً سأتفهمه
نهض وقال : ما أراه أمامي هو الإنفصال لكي لانؤلم بعضنا أكثر من ذلك
ثم غادر إلى الغرفة فسمع إرتطاماً قوياً أسرع إليها ووجدها فاقدةً للوعي
حملها إلى المشفى وهناك أخبره الطبيب : أنها حامل فى شهرها الثالث
فانتابته حاله من الهزيان واخذ يقول: لم اكن اريد ذلك .
عادا الى المنزل ودخل هو غرفته
وفى الصباح
قال لها : الأمر بيدك إن أردتي الانفصال الان او بعد الوضع على أية حال لن أزعجك مجدداً سأذهب الان وعندما أعود أخبريني بقرارك .
ماذا تفعل ؟ تذهب إلى أبيها ؟
منذ متى وهو يفيدها فى مثل هذه الأمور او غيرها
أخذت تبحث عن الوشاح فى أشيائها
لتضمه وتتشم عطر والدتها
ثم غفت
فوجدت أمها
جرت إليها وقالت أمي لم تموتى ما زلتِ حية
إبتسمت اليها قائله: جئت لأنى سمعتك .. هل ترين هذا الطريق الممتد أمامك؟
إنه طويل وشاق ولكن يجب أن تكمليه إلى النهاية
و لا تتوقفى فى منتصفه
قالت ذلك ثم اختفت من أمام ناظرها
إستيقظت وهى مبتسمة بحثت عنه لعله أتى
فوجدته يصنع كوباً من القهوة
جلست وقالت : أريد قهوة أنا أيضا .
لم يصنع غير هذا الكوب فاعطاه إليها ارتشفت منه بضع رشفات ثم نهضت لتحضر كوباً أخر
واقتسمته لاثنين أخذ كوبه وهم بالخروج
ولكن قالت: ألا تريد سماع قرارى؟
لا اريد الانفصال فأنا إخترتك ويجب أن أواجه إختياراتي
قال : من أجل الطفل أسف أرفض هذا القرار لن أستغله للوصول إليكِ ولا داعي لقلقك لن يتأثر بما سيحدث.
ما بالها دقات قلبه تعلن تمردها بارتجافها داخل صدره
ولكن كلا ليس الان .
إقتربت أكثر وقالت: ليس من أجل الطفل فأنت أول إختياراتى وأريد الإستمرار معك
قال: أى من اجلك لكي لا تشعري بالفشل؟
احتضنت يديه بين يديها وقالت: لا لأنك شخص يصعب خسارته وأنت لم تلاحظ أني ممسكة بيدك منذ دقائق
إنها نقطة تحسن أليس كذلك ؟
جاهد إبتسامه قد أطلت بعينيه ورغبة جامحة بضمها
فهم بالانصراف مسرعاً
فإستوقفته قائلة سأكمل جامعتي التى إنقطعت عنها
قال :الآن !! ستجهدك الدراسة يمكن أن تؤجليها فيما بعد
إبتسمت وقالت : إنها ضمن خطة العلاج لا تقلق سأدرس قدر إستطاعتي , وافقت اليس كذلك ؟
قال مبتسما : كما تريدين
كانت جادة فى تلك الخطوة أصبحا يأكلان سوياً يخرجان يوم العطله , مواعيد الطبيب , ذهابها الى الجامعه , عودتها معه
أصبحا يتكلمان أكثر ويضحكان سوياً على الرغم من إنفصال غرفتيهما ولكن ولدت بينهما صداقة حقيقية كلاهما إإتنس بها
وذات مره جاء ليأخذها من جامعتها فرأها تستند على سيارة وتحدث شخص يقف أمامها
تبدو عليه الأناقة
فأسرع إليهما مقاطعاً حديثهما ونقر على السيارة خلفها وقال وهو يشير إلى ساعته : تأخرنا أليس كذلك ؟
قالت :أعرفكم زوجى .. أستاذى بالجامعة ...
تصافحا ثم أخذها وذهب مسرعا
قالت وهى تجذبه من ذراعه : لا تمشي هكذاً ظهرى يؤلمنى
فتهادى بمشيه
وإلتفت إليها عندما تباطأت ذراعه وأسندت رأسها إلى كتفه وهى تضحك قائلة : لم أعلم انه ممتع إلى هذا الحد .
نظر إليها مستفهماً وقال : ماذا تقصدين ؟
قالت وهى تشير إلى وجهه : أعجبنى ذلك الغضب الذى علا وجهك عندما وجدتنى أتحدث مع أستاذي ماذا يسمى بهذه الأيام .... غيرة أم أنا مخطئة ؟
أخرج يده من يدها وقال: تعمدتِ إذن أن تُريني ذلك
إحتضنت ذراعه بكلتا يديها وقالت: أتريد الصدق لا لم أتعمد ولكن لو علمت كم هو رائع لفعلته عمداً
واخذت تضحك نظر إليها مُغضباً وتركها ليذهب مبتعداً
فلحقت به وهى تجاهد ضحكها قائله : حسناً لقد كان موقفاً سخيفاً
قال : إن استمريت فى الضحك سأتركك وأذهب
قالت وهى تضع يدها على فمها : سأدعوك على الغذاء فى الخارج على حسابى هل رضيت
قال : لازلتِ تضحكين
ذهبوا الى المطعم قالت وهى تتأمل المكان: المكان جميل هنا .
قال : ولكنك أجمل .
قالت : إحذر سيدي سأصدق سريعاً ويصعب عليك التعامل معي بعد ذلك
على أية حال فالمطعم وهذ الجو الهادىء يناسبان ما سأفاجئك به
قال: ما هو ؟
قالت وهي تقضم إحدى الشطائر : نأكل أولاً فأنا أتضور جوعاً ولكن فلنسرع في الذهاب للمنزل ولا تحاول فلن أخبرك ان المفاجأة به
إبتسم وقال : لا فائدة منكِ
دخل تاركاً إياها تغمض عينيه ليمشى معها بحذر الى ان
قالت له : الآن إفتح عينيك
نظر حوله كانت غرفة طفل مليئة بالدمى ذات ستائر ملونه وجدرانها مزينه بالرسوم
جذبته إلى الداخل
وقالت : إجلس إنها غرفة طفلنا.. جميلة مثلها إنها فتاة أخفيت عنك ذلك حتى أُنهيها لن نبقى بغرف منفصلة لااريد ان أُحزنها أو أحزنك بعد الآن
نظر إليها ولم تستطع فهم عينيه فقالت :أتريد أن تعلم رأيها ؟
أخذت يده ووضعتها على بطنها وقالت وهى تضحك : أنظر لقد شعرت بيدك يبدو أنها تستمع إلينا
جذب يده منها وقال : سارة توقفي يجب أن نتكلم
نظرت اليه مندهشه وقالت : هل أنت من تخافني الآن
انهضها معه وقال: هيا لنتكلم خارج هذه الحجرة
أجلسها أمامه وقال : هل أطلب منكِ شيئا ؟
قالت وقد دب ذعراً بقلبها : ما بك انت تخفينى بطريقتك هذه ؟
قال: إستمعى لما سأقوله ولكن بقلبك إتفقنا ؟
أبعد عينيه عن عينيها الحائرة وقال :
بادئاً جئت الى بلادكم لكى أفت فى عضد أمتكم حسبت نفسى فدائياً نبيلاً يأتى ليخلص
العالم من أشراره
أنا عربى مسلم ولكن مزدوج الجنسية
نشأت منذ يومي الأول فى إحدى البلاد الغربية
لم أنتمي يوماً إلى عروبتي أو إسلامي
مجرد قشرة زائفة خلال الأعياد والمناسبات يجتمع بها الأصدقاء ولا يزيد على ذلك
كان كل إنتمائى إلى تلك الحضارة التى نشأت بها فكلمة وطن تعني لي تلك البلاد
كل بضعة أيام أسمع بالأشياء الخطيرة التى تفعلونها بالعالم
شَعُرت أن الخراب يسرى بين أيديكم زاد على ذلك ما واجهته من نبذٍ وإضطهاد لمجرد إنتمائي إليكم
لم يعد وطنى يحتمل وجودي به وشعرت أنكم دمرتم عالمي فقررت الانتقام فى كل لحظة أُجدد بنفسى الكره وأُضرم نار الانتقام
تعلمت العربية جيداً وجئت إليكم كي
أنشر ما إستطعت من الفتن لإضعافكم رويداً رويداً وشهاداتي العلمية جعلت الأمر أكثر سهولة
إلى أن إلتقينا ...
شعرت أنكِ تضيئين ما حولي وبهذا كلما رأيتك تخبو رغبتي بالإنتقام فأسارع بإشعالها من جديد إلى أن قررت الزواج بكِ لأنتزع ذلك الضعف وأفرغ إلى هدفي
ولكنكِ ابتعدتِ
أتعلمين ..تساءلت كثيرا هل تشعر بما بداخلي ولهذا تنفر مني ؟
حينها أمسكت كتاب الله لأول مرة بحياتي وجدته موجوداً بغرفتك لفتَ نظري شكله الأنيق جلست لقرائته
وأخذت أبكي .... كان اليأس يفترسني ومشاعري تجاهك صارت أقوى من هذا الإنتقام الغبي وعلمت ان هذا الهدف الذى قد نمى بداخلي مجرد وهماً وما أنا إلا خائن ضئيل فتخليت عنه وإقتربت أكثر فأكثر من الله
ولكن .. إستمر إبتعادك ورددت بداخلي هل الإنسحاب هو الخيار الصحيح بالرغم من حبي لكِ .. الموت أهون من علمك بالحقيقه فقررت الإنفصال ولكنكِ تمسكتِ بإرتباطنا كنت واثقاً أنه من أجل الطفل ولكن وجدته أخر أطواق النجاة التي أتشبث بها للمكوث بقربك
فأجلت إخبارك بالحقيقه يوما بعد يوم وكلما مر الوقت يصعب علي إبلاغك خوفاً أن أخسرك
ولكني الآن لن أحتمل خسارتك للأبد إذا علمتي بخداعي لكِ من البداية و القرار لكِ
ولكن .... ليس الآن فكري جيداً من أجل ... صمت قليلاً واردف : من أجلي وأجلها
قالها وغادر المنزل مسرعاً
أمسكت برأسها محاولة أن تُهدأ من تلاحق أفكارها ثم احتوت بعينيها الغرفه المزينة وما بها من دمى متناثره هنا وهناك فتدافعت دموعها
ارادت ان تتمسك به وتمنعه من الذهاب : إبق بجانبي لقد شفيت أيضاً بحبك فأنت حبيبي بدون لكن بدون إعتراضات وسأبقى معك إلا لو أرسلتني بعيداً
ولكنه إبتعد
حاولت الإتصال به ولم تفلح عن ثنيه عن قراره وطالبها مجددا بالتفكير ملياً
فعادت عندما تدهورت صحتها إلى منزل والدها ولأول مرة تشعر أنه يحتضن ضعفها بعينيه
سعدت بأبوته المباغتة رغم إندهاشها من تغيره ولكن فضلت ان تستمد القوة من ذلك الدفء كي تتخذ القرار وتفكر كما طلب منها .. ولكن هل ستستطيع الإفتراق هى تعلم أنه لا يمكنها
أصبحت حياتها رغم الإبتعاد أكثر مرحاً فهى تحمل بداخلها حبه الذى نمى بغفلةٍ منهما
وبهذا اليوم قررت النزول إلى الحديقه بعدما قلت حركتها بسبب الحمل كانت تُحيك جوراب ورديه وقد وضعت وشاح أمها على كتفيها فقد إكتفت بارتدائه أحياناً فلم تعد تَبُثه همومها كما كانت أصبح يريحها التحدث إلى طفلتها فتشكوه أحياناً أو تخبرها إحدى طرائفهما و تعرف مدى إستمتاعها بعدد الرفسات التى تلكمها بها .. فتضحك
باغتتها نسمة قوية ولكن مألوفة بعثت بها قشعريرة مفاجئة فنظرت أمامها
وجدته عند الشجرة التي جمعتهما للمرة الأولى عندما خانتها أغصانها لتسقط بين ذراعيه
تدافعت دموعها التي تشتاق وتعاتب بصمت
شهور تركها بحجة التفكير ولكنه عاد حاولت النهوض قدماها كانتا خدرتين من المفاجأة فعادت للجلوس
جثى بجانبها وهو يقبل دموعها قائلا : لا أستحقها
فتشبثت به قائلة : ضُمني بشدة أشعر بالبرد .
غمرها بصدره وهمس قائلاً : إشتقتكِ يا ألمي الجميل .
وحملها ذاهبا باتجاه المنزل فتتحسست وشاح والدتها وهى باسمة لولا سقوطه بهذا اليوم لما إلتقيا .
تمت بحمد الله