هـــــمــــســـة صــــبــــا
رواية بقلمي فاطمة كرم
لم تتوقف صبا عن تلك العاده فور رؤيتها للامطار تصعد مسرعه الى سطح منزلها لتغرق شعرها وملابسها بتلك القطرات الصغيره التى ترقص طربا على جسدها تتمنى لو تستمر طويلا ولكن سرعان ما توقفت واذا باشعة الشمس تتسلل خفيه من بين السحب لتضع اكليلا بديعا على جبين السماء بعد ان انهت سحبها البكاءمنتدى ليلاس الثقافي
هبطت صبا لتبديل ملابسها واثناء ذلك شاهدت ذلك الصندوق الخشبى (هدية همس ) اليها يتوسط خزانتها كان فتحه بمثابة ميعاد سرى بينهما تتجولان داخله بين الصور والمقصوصات الورقيه المعبئه برحيق الطفوله الجميل
مررت همس اصبعها على وجه صبا الضاحك وقالت :هل زلتى تحبين بكاء السحب وتساقطت دموعها لتغرق وجهيهما
قالت صبا : وانت هل زال هوسك بقوس قزح وبكت قائله : اسفه همس لم يكن امامى غير الابتعاد اشتقت اليكى كثيرا .
قاطعتها ابنتها ملك بأن طوقتها بذراعيها قائله : صبا ابى قد تأخر
قبلتها وقالت : ملك الم اقل لا تنادينى الا بامى
قالت : ولكن ابى يناديكى صبا وليس امى
البدايه كانت باحدى المدارس الثانويه الداخليه للبنات
عند التحاق صبا بها عند اضطرار والديها للسفر لمرض ابيها المفاجىء
الايام تمر ثقيلة الخطى لم يعد لديها الحماس لاى شىء وما بيدها الا الانشغال نهارا والارق ليلا حتى اوشكت على الانهيار هاتفتها والدتها وبقدر لهفتها ايقنت ان غربتها مستمره لسوء حالة ابيها
ودون تفكير هاتفت خالها ليجيبها اياد ابنه الذى يكبرها عام
ودون ان تتحدث علم انها هى لسماع بكاءها المكتوم
قال: صبا ما الخطب؟ احدث مكروه ؟
قالت : لا اياد ولكنى شعرت بالاختناق فرغبت بسماع صوت خالى او صوتك
قال: اهدئى صبا ستعودين مره اخرى انا ايضا يقتلنى الملل لا اجد من اتشاجر معها ابتسمت قليلا ولكن سرعان ما اشتد بكاءها
اختنق صوته وهو يقول : هل ستستمرين هكذا لن اتى اليكى ان لم تبتسمين
واخذ يردد لها بعض النكات كعادته عندما تغضب
نعمت بنوم هادىء تلك الليله
استيقظت على فتاه توقظها بالحاح وتقول حان موعد الافطار
فتحت عينيها بصعوبه لتتمكن من رؤيتها فاذا بها تمد يدها مصافحة لها وهى تقول مبتسمه : انا همس زميلتك بالغرفه
وبعد ان ذهب النوم دون عوده من عينى صبا تعرفت عليها وقالت غاضبه : لما توقظينى اليوم عطله ؟
قالت همس بحماس: اجل اعلم وقد ذهبت معظم الفتيات مع اهلهن ولم يبقى هنا الا القليل هيا لنستمتع باليوم
واثناء تناولهم للغداء قدمت همس اليها طبقا من كعك الشيكولاته وقالت : لقد طلبت اعداده لكى خصيصا
شيئا فشيئا التصقت كل منهما بالاخرى
روت صبا اليها عن ابيها ومرضه وعن خالها واياد ونشئتهما سويا بنفس المنزل
وهمس بدورها اخبرتها عن وفاة والدتها وزواج والدها
الذى رفضته واصرت بسببه للمجىء هنا
وبعد احدى زيارات والدها بحثت عنها صبا فى كل مكان دون جدوى حتى وجدتها تجلس على ارجوحه بالحديقه تسللت خلفها وقامت بدفعها لاعلى انتفضت همس من شرودها وتشبثت بجوانب الارجوحه وهى تصرخ عاليا
قالت صبا : اين شردتى منى ؟
لم تجبها
ضمتها اليها صبا وقالت : ما بكى ؟ هل وبخك ابيكى ؟
قالت همس : لقد تركته لانى لا اطيق رؤيته مع اخرى غير امى ولكن دائما اتمزق لرؤية عينيه حزينتين كلما اتى لزيارتى .... كم انا سيئه
اخذت صبا تدفعها رويدا رويدا وهى تفكر ثم قالت : انت تعلمين مهارتى فى حل الكثير من الامور
فى المره القادمه اخبريه انك تشتاقين الى زياراته كثيرا وضميه هكذا وماذا ايضا ؟........... ساعلمك كيف تصنيعن وشاح له صدقينى هذه الاشياء البسيطه تؤثر كثيرا فانا افعلها مع ابى غالبا عندما يغضب اتفقنا
ثم دفعتها عاليا مجددا
نظرت اليها همس غاضبه وقالت : اتفقنا
وفجاه هطل المطر بغزاره ركضت صبا تحته اما همس فقد احتمت بشجره كبيره وقالت : عودى بسرعه ستمرضين
لم تستمع اليها وقالت وهى تدور حول نفسها: كيف اترك السحب وهى تبكى هكذا
وبعد ان توقف سريعا اسرعت همس باحضار دفترا وقلما وجلست لدقائق ترسم شيئا
تاملت صبا اللوحه وهى تلمسها باناملها وقالت : رائعه لم ارى قوس قزح فاتن هكذا
ابتسمت همس وقالت : لذلك اسرعت قبل ان يتلاشى انه لكى
فى عطلة الاسبوع ذهبت همس خفيه وعادت بعد ساعه لتخفى شيئا بالخزانه
وفى اليوم التالى استيقظت بالحاح من صبا نظرت بساعتها وقالت : لا زالت السادسه عودى للنوم
قبلتها صبا وقالت : كل عام وانتى بخير
انتفضت همس وقالت كيف علمتى ؟ من الملفات يا لغبائى
اخذت الشىء المغلف من يد صبا الممتده
وذهبت لاحضار ما اخفته بخزانتها بالامس واعطته لصبا وقالت : وانتى ايضا كل عام وانتى بخير
ثم اردفت قائله : اليس غريبا ان يكون لنا نفس تاريخ الميلاد
ضحكت صبا قائله : ايضا لنا نفس لون الشعر والعينين
اشارت كلا منهما للاخرى بفض هديتها ولكن ما اصابهما من الدهشه اسكتهما عن الكلام
كلاهما متطابق تماما صندوق خشبى انيق لحفظ الاشياء الثمينه
اثناء وجبة الغذاء جاءت المشرفه لتخبر همس ان ابيها ينتظرها بالحديقه
قالت همس لصبا : هيا لأعرفك بأبى
قالت : لا ساتى وحدى اذهبى الان وافعلى ما اتفقنا عليه
عادت صبا الى الغرفه لتجد الوشاح الذى صنعته همس لازال على وسادتها اسرعت لتجلبه لها
ولكن اخبروها ان المديره تريدها بمكتبها فى الحال
تفاجات لرؤية خالها امامها قفزت لتعانقه كعادتها ولكنها تسمرت عندما وجدت اياد خلفه يلوح لها بدب وردى اللون
وبعد انا اطفئت الشموع اعطاها اياد الدب قائلا : هذه هدية ابى ام انا .... فاخرج لها علبه مزركشة الالوان
قالت له وهى تبتسم بفضول : انها تصدر موسيقى اليس كذلك ؟
قال : جربى بنفسك
لم تستطع النطق بعد الانفجار الذى احدثته العلبه اخذ يضحك اما هى فقد احمر وجهها تماما من الغضب
واذا بهمس على باب الحجره تنادى صبا التى جذبتها للداخل ثم ذهبت وجلبت والدها ليحتفل الجميع معا
مضت ثلاث سنوات واجراس الفراق تقترب من اذان همس وصبا ولم تلقى منهما غير التجاهل
حتى اتى ذلك اليوم ودعتا ارجاء المكان حامله كلا منهما امتعتها وقبل الخروج تركت صبا حقائبها لتجلس على الارجوحه واشارت لهمس ان تدفعها وقالت : مره اخرى قبل ان نذهب
اخذت همس تدفعها وصبا تضحك لتخفى بكاءها
اوقفت همس الارجوحه لتضمها بشده ودموعها هى الاخرى تغرق وجهها وقالت : لا تبكى حبيبتى لن نفترق مهما حدث هل نسيتى ساعيش عند عمتى بالقاهره وساراكى كثيرا
لم تجب صبا بل اشتد بكاءها ازاد تشبث همس بها حتى شعرت بمن يربت على كتفها كان والد همس قد جاء لاخذها ظلت صبا ترقبها حتى غابت عنها شعرت وكان جزءا قد اقتطعوه منها للتو
جلست واضعه وجهها بين كفيها لتطلق دموعها الحبيسه لم تتوقف الا عندما رفع اياد وجهها يبدو عليه القلق
قال : هل اخبر ك احد بشىء ازعجك؟
خفق قلبها بقوه عند رؤيته ورغم بكاءها طبعت بسمه خفيفه على شفاها وقالت : ساشتاق الى همس كثيرا
تنهد براحه وقام بحمل الحقائب وقال : ونحن الا تشتاقين لنا ايضا
غفت صبا على كتفه طوال الطريق وعند وصولهما قام بايقاظها واسرع بها الى الطابق العلوى تركته لتهبط الى شقة خالها
قال : ما بكى ؟
قالت : اريد رؤية خالى اولا
قال : انه بانتظارك بالاعلى
صعدت معه ولكن ترامى الى سمعها صوت انين مؤلم جذبت يدها منه ولكن لم يفلتها واستمر بالصعود حتى دفعته مسرعه بالنزول لتجد والدتها تجهش بالبكاء وحولها بعض النسوه يرتدين السواد هرعت الى امها لتجثو عند قدميها وقالت : لما تبكى امى ؟ ... اين ابى ؟
ضمتها امها واشتد انتحابها ولكنها ابعدتها واخذت تبحث بجميع الغرف دون جدوى حتى صعدت بالطابق العلوى وغرفه تلو الاخرى تخبرها بالاجابه
اخذت تنظر حولها بعينين ضائعه وقالت : اين ابحث ايضا ......؟
اجلسها اياد واحضر لها كوبا من الماء وقال : اهدئى حبيبتى
نظرت اليه وقالت : اين ابى يا اياد ؟
طأطأ راسه باكيا وقال : اردت اخبارك وعمتى قامت بمنعى خوفا عليكى بالاختبار سامحينى
قالت : ثلاث سنوات لم ارى وجهه كنت اريد تذكر ملامحه واخدت تبكى وتقول : ابى حبيبى كيف ساراك مجددا
حاول اياد تهدئتها ولكنها دفعته قائله : ابتعد لا اريد اى منكم بعد الان
على الجانب الاخر كانت همس مع ابيها عند عمتها التى تعيش وحدها بعد موت زوجها
اخبرها ابيها انه سيقضى معها شهرا كاملا فرحت فى البدايه ولكن شعرت بانقباض فى صدرها وطلبت منه ان تذهب الى صبا اندهش وقال : ما تركتيها الا لساعات
قالت : اشعر انها ....... لا اعلم انها ليست بخير
وتحت الاصرار رضخ لرغبتها
عندما راتها صبا هرعت اليها لتضمها وارتفع صوتها بالبكاء
لم تغادرها همس طوال ذلك الاسبوع لمرضها الشديد ومعاودة الطبيب لها لاعطاءها المهدئات
اما اياد فيجلس بجانب حجرتها دون جدوى لرفضها رؤيته هو وامها
وبعد مرور اسبوع بدات تاكل بشكل منتظم نوعا ما بواسطة همس التى تطعمها كالاطفال
واثناء ذلك دخل اياد الحجره ليجلس بجانب فراشها
وقال : الى متى ستستمر مقاطعتك لى ؟
قالت همس : انه لا يمس الطعام منذ مرضتى
نظرت اليه كان وجهه شاحبا بالفعل فقالت : اردت ان اصرخ باحد ولم اجد من يحتملنى مثلك واخدت تبكى مجددا
اخذ يبكى هو ايضا وقال : الم يكفيكى تلك المهدئات اتفضلين البقاء مريضه لن احتمل خسرانك
استدار الى همس وقال : سانتظركم بالاسفل لا تلبسيها اسود مجددا
قالت صبا : ماذا سيقول الناس ؟
قال : فليتكلم من يحب لم ياخذوا الادويه عوضا عنكى
كرس اياد نفسه تلك الفتره بمساعدة همس لاعادة صبا الى مرحها القديم
بدأ عام دراسى جديد التحقت كلاهما بكلية الهندسه بعد تفوقهما بالثانويه
وكان اياد قد اجتاز اول عام بنفس الكليه
كان جدولهما مزدحما للغايه وفور انتهاؤه اسرعوا ليتناولوا شيئا ب ( كافتريا الجامعه)
قالت صبا الذى بدا عليها الانهاك : تبدو الدراسه مرهقه كما اخبرنى اياد ولكن لا يهم فنحن معا مره اخرى
ابتسمت اليها همس وهى تتناول طعامها بنهم ولكن قاطعها صوت يقول : همس سالم
التفت اليه كان شابا طويلا يشبه عارضين الازياء من طريقة هندامه قالت : عفوا هل اعرفك ؟
جلس دون اذن وقال الا تعرفينى انا باسل كنا جيران بالاسكندريه حصة الاملاء الا تتذكرينها ايضا عندما عاقبتك المعلمه لاخبارى بموضع الهمزه اثناء الاختبار
ضحكت همس وقالت : نعم تذكرت كيف حالك هل انتقلت الى القاهره ؟
قال : نعم أأنت بالهندسه ؟
قالت : اجل
قال : ساراكى دوما اذن ابلغى والدك تحياتى
قالت : وانت ايضا ثم اردفت : بما اننا سنتقابل كثيرا يجب ان اعرفك بنصفى الاخر صبا
مد يده مصافحا اياها وقال : سعدت بمعرفتك انسه صبا
ونظر الى همس وقال : مضطر لذهاب الان اراكما لاحقا
اما صبا فكانت مشغوله بساعتها وقالت : لقد تاخر
اتاها صوته يقول : انسه صبا لقد تاخرنا
التفت لتجده اياد مبتعدا عنهم ببعض خطوات اشار ليحيى همس
نهضت صبا مسرعه وقالت : همس هيا لنوصلك
قالت : لا ساذهب لابتاع بعض الاشياء اراكى غدا
ودعتها ولحقت مسرعه باياد الذى قال : هل تنوين حقا اكمال دراستك ؟
تعجبت وقالت : ماذا تقصد ؟
قال : اذا جلستى تتحدثين طوال الوقت مع همس ببساطه لن تجتاز اى منكم الاختبار
قالت : لا تقلق قد اعتدنا على ذلك
قال : اعتدتم ..... على ماذا ؟
قالت صبا : اياد همس منطقه محظوره لا تتحدث عن هذا الامر مجددا
قال : ومن كان يجلس مع انسه
( خطر ممنوع الاقتراب ) اقصد منطقه محظوره
قالت : انه زميل لها منذ الطفوله
قال : صبا اتكلم بجديه همس ليست عائلتك انا من نشات معكى لا هى وبالمقابل هى تعلم تفاصيل حياتك وانا ملخص الاحداث
لم تجبه واكملت سيرها
اما هو فشرد قليلا ثم قال : اتعلمين يا صبا لو صادف وتقدم اليكى شخص ووافقت عليه بمصادفه اخرى لا تجعليه يستحوذ عليكى كهمس لانى ساكرهه وستكونين بورطه حينها
اندفعت صبا الى الطريق لتوقف عربة اجره بعد نجاحه فى اغضابها وذهبت وحدها للمنزل
مرت اعوام الجامعه شاقه على الجميع
حتى همس وصبا نادرا ما يتقابلا لدقائق بعد ما تبعت صبا اياد بتخصصه بالعماره وهمس وباسل بالديكور
اجتمعوا جميعا للاحتفال بالتخرج بصحبة اياد الذى قد سبقهم بعام واتفقوا ان يكونوا هم الاربعه شركه صغيره ببعض المساهمات من الاهل
رتبوا كل شىء حتى جاؤا الى اسم الشركه ووسط بعض الاختيارات الغير موفقه
ابتسم باسل وقال : ما رايكم بصبا للانشاءات والديكورات الهندسيه
التفت صبا وهى تبتسم متعجبه وقالت : ولم اسمى ؟
هز كتفيه وقال : احبه
احمر وجهها خجلا ثم شردت قليلا
وقالت : ما رايكم بهمسة صبا ؟
وهنا اصدر اياد ضحكه عاليه وهو يقول : صدقينى كنت اعلم انك ستلصقين اسم همس بكِ ونظر الى باسل وقال : لم لا يكون اياد وباسل له وقع موسيقى افضل
اما همسة صبا فيشعرك بان الليل قد حل والسكون يعم المكان ولا توجد مشاريع بالداخل فيذهب العميل دون ان يطرق الباب
صوبت صبا اليه نظرة غاضبه وقالت : اذن التصويت
وافقوا جميعا على (همسة صبا ) عدا اياد الذى رمقته
صبا بنظرة انتصار شامته اما همس وباسل فكادا يسقطان ارضا من الضحك
كانت البدايه مخيبه بعض الشىء لمدة عام وشيئا فشيئا توالت عليهم المشاريع وكان اخر ما انتهوا منه مشفى استثمارى اصبح خير دعايا لاسلوبهم المميز
وعرفت ( همسة صبا ) رغم صغر سنها فى وقت قياسى
وذات يوم جاءت همس الى المكتب ولكن لم تجد غير باسل الذى انهمك برسم شيئا فلم يشعر بها حتى نادته بصوت مرتفع
التفت اليها مبتسما وقال : جئت لم يصل احد بعد
لم تجبه لتعلق نظرها باللوحه ثم وجهت عينيها المبتسمه المتساله وقالت : رائعه
اخذها منها وضحك وهو يضعها جانبا وقال : ايهما اكثر هى ام صبا ؟
نظرت اليه بيعينين مشفقه وقالت : باسل اشعر بك حق ولكن .............
اطرق راسه وقال : لا عليكى لن تكون لى اعلم ذلك
اخذ يمرر اصبعه على عينى صبا باللوحه
وابتسم قليلا قائلا : كم هو مؤلم كتمان هذا الامر كلما اراها اخشى ان اسهو للحظه واخبرها بحبى رغم انى اتمنى تلك السهوه كل يوم ولكن يكفينى هذا فانا ارها واسمع ضحكها نظر الى اللوحه وقال هل تعجبك
خذيها هديه منى شعر حينها ان دموعه ستنتصر وتطلق العنان لسقوطها فخرج مسرعا ولكن اصطدم باياد الذى
تفحصه وهو يقول : تبدو منزعجا ما الامر ؟
قال باسل : لا شىء سادخن سيجاره واعود بعد قليل
قال اياد : هل صبا بالداخل ؟
اجابه وهى يبتعد قائلا : لا الم تكلفها بانجاز بعض التوقيعات امس
قال اياد : محق لقد نسيت الامر تماما
كانت همس لازالت شارده فى لوحة باسل وكلماته المختنقه ولكن على صوت اياد الذى تسلل خلفها
وقال وهو ينظر باللوحه : صبا مجددا
قالت همس : كف عن تلك العاده ستصيبنى بازمه قلبيه يوما ما
ابتسم وقال : انى احسدها فهى محظوظه بكى حقا
قالت همس : ولم هى انا اوفر حظا منها
قال اياد : لانك تعتنى بها جيدا لا اجد من يعتنى بى هكذا
نظرت اليه ساخره وقالت : وصبا الا تعتنى بك
قال : لا انا من يعتنى بها فمنذ طفولتنا وانا اعلم انها لا تستطيع فعل شىء بدونى
قالت : لذلك لم تسال عنها
نظر اليها مستخفا قائلا : سالت باسل الان فهاتفها لا يجيب
وهنا دخلت صبا التى القت بنفسها على اقرب مقعد
وقالت : لقد انهكت اليوم امتدت اليها يد باسل بكوب ممتلىء بالقهوه
اخذته فرحه وقالت : شكرا جزيلا اغمضت عينيها وهى تستنشق القهوه بلهفه وباسل يرمقها مبتسما
قال اياد متعجبا : منذ متى وانتى تشربين القهوه
قالت : لم ادمن الا القهوه التى يعدها باسل الم تتذوقها قط
اخذ منها الكوب لتذوقها ثم اعاده منزعجا قائلا : بها القليل من السكر
ابتسم باسل قائلا : انا ايضا اتناولها هكذا القهوه لا تكون الا مره
قالت همس : وانا ايضا اريد ان اتذوقها ولكنى افضلها حلوه
ضحك باسل قائلا : سأعدها لكى بعد ان انهى كوبى ولكن لا تعتادى الامر
ونظر الى اياد وقال : هل تريد انت ايضا ؟
قال : لا شكرا
وفور ان اعد لهمس كوبها لم تكد ان ترتشف منه رشفات قليله حتى انقض عليه اياد ليتذوقه وقال لباسل : انها رائعه حقا
ثم التفت الى صبا وقال اعدى لها كوبا اخر فانا لن اترك هذا الكوب
تغيبت همس فى اليوم التالى لزيارة ابيها لها زياره سريعه
واثناء انهماك ثلاثتهم بالعمل جاءهم زائر تبدو عليه اثار الثراء قال : هل المهندسه همس موجوده ؟
قالت صبا : اسفه لن تاتى اليوم بما اساعدك؟
ظهر عليه الانزعاج وقال : اريد مكالمتها هاتفيها من فضلك
وما هى الا كلمات قليله حتى غادر ذلك الزائر مسرعا
علموا بعد ذلك انه صديق لصاحب المشفى الذين قاموا بتصميمه
تكرر مجيئه اليهم كثيرا لانه يريد من همس القيام بديكورات لمنزله الفخم
وفى احدى تلك الزيارات لاحظت صبا الانزعاج على وجه اياد همست اليه : ما بك ؟
قال : انه لا يريحنى ؟
قالت : لما
قال : دون اسباب
وذات ليله ذهب اياد ليلا الى المكتب لجلب بعض الاوراق الهامه التى سينهى بها بعض الاشياء غدا خارج الشركه
راى همس تهبط من سيارة هذا الشخص اتجه نحوها وهو ينظر بسيارة هذا الزائر الذى انصرف ملوحا لها
قال اياد بعصبيه وهو ينظر الى ساعته : كم الوقت الان
قالت : لقد تاخرت كثيرا اليوم
قال : اين كنتى ؟
قالت : بالمنزل الذى اشرف انا وباسل على ديكوراته
اخذ يلتفت حوله وقال : اين باسل اذن ؟
قالت : غادر مبكرا لان والدته مريضه
قال : عندما يتاخر الوقت بك هاتفى احدنا ليقوم بايصالك ولا تاتى مع غرباء مره اخرى
قالت : لقد شعرت بالتعب لذلك اوصلنى
قال : لا تكرريها ثانيا هيا اصعدى امامى الان
فى الصباح كانت همس شاحبه للغايه وحرارتها مرتفعه
ولكن اصرت على عدم المغادره لان وراءها الكثير لتفعله
طلب باسل من صبا ان تعد لها كوب اعشاب ساخن وذهب ليحضرخافض للحراره
جعلتها صبا تستلقى على الاريكه حتى تعد لها مشروب الاعشاب وخلال دقائق غفت تماما
كانت صبا لازلت مشغوله باعداد المشروب حتى سمعت جلبه من الداخل اسرعت لتجد اياد يتعارك مع ذلك الزائر حتى ادمى وجهه
وقال : ان اتيت هنا مجددا لن تخرج على قدميك
ثم التفت الى همس وقال : كيف ستفسرين لنا الامر؟
قالت همس مندهشه : افسر ماذا ؟
توجه الى صبا بالكلام وقال : اتيت فجاه لاجد هذا الحقير يداعبها بوجهها وهى فى غاية الاستكانه
قالت همس : اخرس لا تكمل
قالت صبا منفعله : ان حرارتها مرتفعه وانا من جعلها تستلقى هنا
صمت اياد بعد ان شعر انه قد اساء الظن
ثم قال : لقد استفزنى المشهد ولكن قاطعته همس قائله : تاكد قبل ان تلقى الى الاتهامات هل اناهكذا بنظرك؟
وخرجت باكيه اسرعت صبا اليها لتوصلها
اما هو جلس لا يعلم ماذا يفعل
عاد باسل ليجد ما حدث فقال : ساذهب الان للاطمئنان عليهما يجب ان تعتذر منها غدا
فى الصباح كان اياد قلقا من ردة فعل همس فتاخر بالحضور
اما هى فقررت عدم الذهاب
حضر باسل الى المكتب بموعده فلم يجد احدا ولكنه لمح صبا تضع راسها على مكتب همس وعينيها مبتله من اثر البكاء
همس اليها قائلا : صبا استيقظى
انتفضت وقالت : اياد
تبدلت ملامحه وقال : لم ياتى بعد منذ متى وانت هنا ؟
قالت : منذ الصباح لم استطع النوم بالامس
قال لها وهو يتفحص وجهها : تبدين مريضه انتظرى قليلا
ذهب ليعد لها شيئا ساخنا وعاد ليجدها قد عادت للنوم مجددا
اغلق النافذه خلفها فاستيقظت مجددا
قال : تناولى هذا وغادرى يجب ان ترتاحى لستى بخير
قالت وهى تبكى : محق لا اعلم ماذا حل بى
قال : من اجل الامس اعدك انى ساقوم بحل الامر ولكن ابتسمى اتفقنا
وهنا جاء اياد فقال باسل لها : ساهاتف همس الان وسينتهى الامر اليوم لا تقلقى
ذهب باسل الى اياد وقال : يجب ان تهدىء ما بينك وبين همس لم ارى صبا بتلك الحاله
قال اياد : ( تلك الحاله ) ما بها ؟
قال باسل : انها ولم يكمل اذ قاطعهم صراخ صبا هرعا اليها
وجداها تجلس على الارض تحتضن همس وتقول افيقى ارجوكى
نظرت صبا الى اياد مؤنبه اياه وقالت : اخبروها الان بوفاة والدها فسقطت ولم تجبنى
كادا القلق والذنب يقتلان اياد وهو بانتظار خروج الطبيب الذى اخبرهم انها بخير عضويا ولكن لا
تستطيع النطق نتيجة الصدمه
لم يفهم ما اخبره به الطبيب دخل غرفتها وحاول ايقاظها
اما صبا فقد سقطت مغشيا عليها
يتبع ...