السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح النور والسرور والرضا وكل السعادة
صباح الود اللي ربط بيني قلبي وقلوبكم
ياهلا والله ومرحبا بكل وجه جديد
ياهلا والله ومرحبا بكل صديقاتي الدائمات
الله لا يحرمني وقفتكم جنبي
.
.
أعلم اني مقصرة
والوقت يتفلت من بين يدي دون أن أستطيع التوقف أمام كل وحدة منكم
ولكن في ذات الوقت هناك قضايا مهمة تُثار في الردود
لذا قررت أن يقف يوميا على اعتاب رد صديقتين ممن أثرن قضايا شعرت أنها تلامس نبض القصة من داخلها
اليوم سنتوقف عند إرادة الحياة وطيف الأحباب
أبلة إرادة أعتادت بذكاء على فتح الجروح ثم لا تغلقها أملا أن يتطهر الجرح أو يلتهب ليموت صاحبه
لأن هناك قضايا هكذا أما أن تحل وأما أن تنتهي...
هل تعتقدين إن 12 عام تمر وهو ينادي وحدة في حلمه تكون مأذيته لا ويسمي بنته عليها؟؟
وسمية خافت من المصارحة
أحبت أن تحتفظ لها بمكان في قلب زايد
لكن لو سألته صراحة... هل تعتقدين أن زايد كان سينكر؟؟
حينها كانت ستنحر قلبها تماما
هناك أمور يا أبلة من الأفضل تركها دون نيش
نعود للنقاش حول مزنة صاحبة الجدل الأكبر
هل هي ليست بالقوية ولا الضعيفة
لنناقش أولا لِـمَ هي ليست قوية كما يظن البعض
وليه مزنة ماصارت سيدة أعمال؟؟ أو شيء كبير في الحياة العامة؟؟
نرجع للمعطيات عشان تطلع لنا النتائج
بدأت القصة قبل 31 سنة وعمر مزنة 14 سنة يتيمة الأم ومسؤولة عن بيت وأب وهالأب ماجبنا طاري أبدا إنه غني أو عنده فلوس كثير
يعني المتوقع إنها ما درست ذاك الوقت وعقبها تزوجت.. وانشغلت بأطفالها
وزوجها الثاني ما توفى إلا بعد 12 سنة من زواجها
وأبوها وقتها شيبة على أعتاب الثمانين تزايدت حاجته للعناية كطفل
العجيب لو أنا خليتها عقب ذا كله: تاجرة!! وين المنطق زين؟؟
المنطق إن قوة شخصيتها تظهر في إطار أسرتها..
ومن هنا نرجع لطيف الأحباب اللي فعلا جابتها على الجرح
مزنة ليست شخصية متسلطة ولا قوة شخصيتها بالعناد والصراخ
لكن وحدة قدرت تربي عيالها بدون وجود سند في وجود والد كبير جدا في العمر كان دائما محتاج لعناية دائمة
هذي ينقال لها لا هي قوية ولا هي ضعيفة؟؟؟
لتضع كل واحدة منكم نفسها في موقف مزنة وترى نفسها مسؤولة عن خمسة بدون زوج بدون أخ بدون معيل
لتدفع القوة في عروق أبنائها.. كلا بطريقته الخاصة..
فهل القوة في نظركم أن تحجر على تفكير أبنائها وتجبرهم على ما تريد؟؟
هل القوة في نظركم أن تكون قاسية عليهم وتحرمهم من حنانها؟؟
مزنة أم طبيعية جدا.. وهكذا اردت أن أرسم شخصيتها
قوة الأم الطبيعية الحنونة اللي مستعدة تحتوي اللي حولها لو مهما صار
رفضت زايد في صباها ليس لأنه قصير ولا لأنه غير وسيم
ولكن لانه كسر بنفسها ..وضربها
وحينما كبرت ولأانها طبيعية جدا.. ما بقي لديها سوى الذكرى
وذكرت بكل طبيعية أنها لم تتزوج زايد لأنه كان شديد
.
.
وشيء ثاني وأنا فعلا لاحظته وأعتقد إنه عضوات ممكن يؤيدوني
الأم لو صارت بنتها الكبيرة شخصيتها قوية.. غالبا تترك قيادة البيت لها
وهالشيء شفته كثير في الحقيقة
الأم خلاص تبي ترتاح من الهم فتوكل بنتها بالمهمة.. وهالشيء لحد الحين ماصار عند مزنة.. لحد الحين موقفة كاسرة عند حدها
لكن وضحى هي اللي مستسلمة لها...
يعني ظنكم لو وضحى اشتكت لأمها من فعايل كاسرة.. إنها بتقول لها : عادي أختش الكبيرة؟؟
وعلى فكرة ترا مزنة درست بعدين.. بس هالشيء بنعرفه في وقته..
.
.
نرجع لكاسرة
ليش هي جميلة جدا يام أحمد.. وهل لذلك سبب؟؟
بصراحة أنا وحدة أؤمن إن الغرور ماله أبد أي مبرر
لكن بما أني جبت شخصية كاسرة مغرورة.. فلابد أن أضع لها مبرر ويكون مبرر قوي جدا
وهو هنا جمال أخاذ لا مثيل له
والحق أنه في حياتي الخاصة سبق أن رأيت بعضا ممن جمالهن كجمال كاسرة... كاسح بالفعل
ودائما توحي هذه النوعية من الجمال بالغرور
وقد يكون العيب فينا.. لأن لهذا النوع من الجمال هيبة نحن نستشعرها فتنعكس على إحساسنا بغرور أصحابه
.
.
طيف الأحباب
أنا قلت إني أحب قصيدة عقاب العواجي يالغالية وليس عقاب نفسه : )
أحببت القصيدة لانها كانت بصوت تلك الفاتنة الغالية أطال الله في عمرها وعمّره بالطاعات
لكن عقاب نفسه أكرهه وللحق
أشعر أن ما أرتكبه في حق كل اطراف القصة جريمة بشعة
عبث بالكل من أجل سعادته فقط
فأي رجل بغيض أناني هذا الرجل؟!!
ما رأيكِ أنتِ؟؟؟؟
.
.
سعيدة جدا بكل اختلاف
والقصة تحت مشارطكم ونقدكم لا أغضب أبدا أبدا ولا حتى أعتب من أي رأي
واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
فكيف حينما يكون ودا صافيا كالود بين قلوبنا
.
.
جزء اليوم
نعود لصبا منصور
ونتعرف على تميم في مكان عمله
ونتعرف على ما سيحدث في خطبة علي.. وكيف سيتصرف مع الدخيل الجديد
نتعرف على المزيد من رأي وضحى في الخطبة
.
.
إليكم
.
الجزء الخامس
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس
منطقة الدحيل
بيت أحمد بن جاسم.. ابن شقيق خليفة
في مجلسه
حيث يجلس هو و زايد وعلي وأبنائه الثلاثة الذين أصر على تواجدهم جميعا تقديرا لزايد الذي يحترمه كثيرا
علي يجلس بهدوء وثقة ولكن تفكير مر يجتاح أعماقه كاعصار كاسح أبعد مايكون عن هدوءه الظاهري..
قلق متوحش يلتهم خلاياه التهاما.. يشعر أن جميلة تتحول إلى إلى طيف يرتحل ويتركه
لا يعلم لماذا يسيطر على تفكيره هذا الهاجس المؤلم الذي شعر به يذيب داخله ألما!!
جميلة..حلمه الشفاف يرتحل كحمامة حلقت للأفق البعيد.. واختفت!!
أ كثير عليه أن ينظر لمحياها العذب ولو لمرة..؟!!
أ يعقل أنها ستموت قبل أن تكون له؟!!
ترحل قبل أن يطبع على عينيها الذابلتين قبلة حلم كثيرا بها دون أن يعرف سببا لهذا الحلم!!
انتزعه من أحلامه وخيالاته والده وهو يضع يده على فخذه ويقول بنبرة احترام: ها يا أبو جاسم.. وش رأيك؟؟
أحمد باحترام متزايد: ياي تخطب بنتك يأبو كسّاب؟!!.. أنت بس كان عطيتني موعد الملكة وأنا بأيي أشهد على عقد ولدي علي
تنهد علي بعمق وهو يأخذ نفسا طويلا يعوضه عن أنفاسه المكتومة منذ الصباح
اتسعت ابتسامته بارتياح بعد شد الإعصاب المضني الحارق..
ولكن ابتسامته سُرعان ما نُحرت في مهدها وهو يسمع صوت حازم يقف ليهمس معارضا بنبرة مقصودة:
من غير تقليل احترام لك يبه ولا لعمي أبو كسّاب
بس عمي أبوكسّاب ريال بدوي وهذي عاداتهم اللي مايفرطون فيها لو مهما صار
ويعرف عدل إن ولد العم أحق ببنت عمه
وأعتقد إني أنا الأحق ببنت عمي خليفة
علي قفز وهو يتخذ وضعية وقوف أشبه بوضعية قتالية
وهو يلتفت لأبن أحمد الأوسط الذي كان يقف بكل ثقة بعد أن ألقى عبارته المسمومة
ليصرخ فيه بغضب كاسح: نعم؟؟ شتقول أنت؟؟ صاحي أنت يأخ وإلا........
علي كتم باقي جملته في صدره..صمت على جمرة ملتهمة شعر بها تحرق لسانه وتنشر الحرائق في جوفه..
صمت انتظارا لرد والده واحتراما لأبي جاسم الذي صرخ في ابنه بغضب:
خـــلــيــفــة..
اقعد لا بارك الله فيك من ولد
تبي تفشلني في الرياييل؟؟
خليفة مازال واقفا وهو يهمس بثقة: أنا ما قلت شيء غلط.. تكلمت في حق
وأظني إنه عمي أبو كسّاب عارف هالشيء
لا يعلم خليفة أي جنون خطر بباله..
شعر بإهانة مبطنة في هذه الخطبة.. ثم من رد والده
وكأن زايد وابنه حينما جاءا للخطبة كان ذلك تحصيل حاصل
لأنهما جهزا لعقد القران قبلها.. وكأنهما يسلبانه حقه ليمنحوه لأنفسهم
أليسوا هؤلاء البدو الأجلاف هم من سنو هذه العادة المرذولة؟؟
ألم يُطرد قبل شهرين شر طردة حين تجرأ وخطب أخت صديقه البدوي
ليقف ابن عمها في وجهه في مجلس مليء بالرجال
ويجعله يشعر بالحقارة والضآلة وعمق الإهانة
"ربما اليوم يريد الله أن يعيد لي بعضا من كرامتي المهدورة
سأفعل مثلهم.. نعم مثلهم!!"
همس زايد بثقة: حقك ياولدي.. بنت عمك وأنت أولى بها
بس جميلة حالة خاصة.. جميلة تعبانة في المستشفى وسفرها بكرة
بنخير البنت بينك وبين علي
"الخبيث.. يعلم أنها ستختار ابنه
فهي لا تعرفني
يريد أن تمشي اللعبة وفق قواعده"
همس خليفة بذات الثقة الغريبة: بس أكلمها أول.. هي ما تعرفني..
عشان يكون فيه عدالة بيني وبين ولدك
أبي أكلم جميلة أول..
وعقب هي تختار.. واللي تختاره أنا موافق عليه
وجه علي كان يحتقن من شدة الغضب وهو يود لو يخنق هذا المسمى خليفة ويزهق روحه..
كيف يتجرأ على ما ليس له؟؟
كيف يجرؤ على مجرد الحلم بأن يكلمها؟؟
كيف يجرؤ على التفكير بالاقتراب من حدود طفلته.. طفلته هو فقط؟!
ولكن علي مازال يعتصم بأخلاقه الرفيعة وسيطرته على أعصابه حتى لا ينفجر.. فهو في مجلسهم وبيتهم
وعلي متيقن أن والده لن يخذله ولن يسمح لهذا الدخيل بالتمادي أكثر من هذا..
لذا شعر أنه يُنحر من الوريد للوريد وللمرة الثانية في هذا المجلس وهو يسمع رد والده الواثق:
تعال للمستشفى عقب صلاة الظهر وأخليك تكلمها
*************************
مقهى لا ميزون النجار
حيث يجلس كسّاب ومنصور
كسّاب أنهى اتصالا غاضبا.. كان يحاول أن يكتم صوته ولكنه يشك أن صوته ربما وصل حتى آخر زبون في المقهى..
وهاهو يقفز ليتناول هاتفه الآخر ومفاتيح سيارته عن الطاولة
ومنصور يقف معه وهو يهمس بحزم: وش قال لك إبيك؟؟
كسّاب بغضب ناري وعيناه تكادان تنقلبان غضبا: ولد أحمد قرّع (حيّر) جميلة.. وإبي رخّص له.. لا وبيخليه يكلمها بعد
وعلي طلع زعلان.. وإبي يقول لي دور له لأنه يتصل عليه وجواله مسكر
منصور بنبرة غامضة حازمة ومقصودة.. مقصودة جدا : روح دور لأخيك وطيب خاطره
وأنا بعد بأروح أدور أخي ..بيننا كلام
*************************
محل حواسيب ضخم وأنيق...محل تميم
الساعة العاشرة صباحا
صبيتان تتوقفان أمام المحل.. وإحداهما تحمل حقيبة حاسوب محمول..
- هذا هو المحل.. إذا حد بيصلح لج جهازج ويرجع الملفات الضايعة يكون هالولد.. عبقري كمبيوترات
- قطري؟؟؟ ويشتغل بنفسه في المحل؟؟ (بدهشة عميقة وهي تنظر من بعيد لتميم المستغرق في تفكيك جهاز أمامه)
- إيه قطري..
- بس ماقلتي لي مزيون جذيه.. نعنبو مصلح كمبيوترات وإلا بطل سينما
- اذكري الله.. وتراه مسكين ما يسمع كلش ولا يتكلم
- (انتقلت النبرة من النقيض للنقيض من الانبهار العميق إلى الشفقة العميقة) : ياحراااااااام.. مسكين والله
أحد العاملين في المحل ينتبه لدخول الفتاتين.. يهز كتف تميم برفق ليستقبلهما
لأن تميم حين يعمل يكون كل تركيزه في الجهاز بين يديه
رحب بالفتاتين بهزة من راسه.. ثم أعطاهما ورقة كُتب فيها
" ماهي مشكلة جهازك؟؟ حدد بشكل واضح ودقيق"
الفتاة كانت تكتب قليلا.. وتسترق النظر من قرب لوجه تميم الذي كان غاضا لبصره عنهما
حالما انتهت.. قرأ تميم الورقة على عجالة.. ثم كتب في أسفلها: الاستلام غدا..
همست الفتاة بدهشة: بكرة بكرة..
ثم تذكرت وهي تشير بيدها بطريقة فاشلة ومضحكة علامة للدلالة على غدا
ابتسم تميم وهو يهز رأسه
الأخرى شدتها وهي تلقي التحية.. ثم تهمس في أذنها: يالله فضحتينا.. خلينا نمشي
الأولى بدهشة: ليه وش سويت؟؟
الآخرى بغيظ: كلتي تميم بعيونج.. استحي يابنت..
الأولى بحالمية : واسمه تميم بعد.. حتى اسمه يجنن مثله
ولكنها عادت وأردفت بشفقة أعمق.. شفقة صافية.. وكأنها استكثرت عليه إعجابها به: والله حرام كل ذا الذكاء والوسامة وأصم أبكم
تدرين كل مهندسين الكبيوترات اللي جيتهم قالوا لي لازم فورمات جديدة وتروح كل ملفاتي..وعلى الأقل يومين لثلاث أيام من ضغط الشغل عليهم..
إلا هو.. ماشاء الله تبارك الله
******************************
مستشفى حمد
قبل صلاة الظهر بساعة
بقرب المصاعد.. استراحة الطابق الذي تقيم فيه جميلة
زايد قرر التوجه للمستشفى مع هذا التوتر الذي يعصف به
لا يعلم أين ذهب علي ويكاد يتناثر قلقا عليه وحزنا من أجله
يكاد يختنق وروحه تتمزق وهو يعلم أي جرح تسبب فيه لعلي
يجره غصبا عنه لبيت أحمد وهو يظن أنه يعرضه لإجراء شكلي سينتهي في دقائق
ليتحول الإجراء الشكلي لمأساة!!!
ثم بعد ذلك يخذله بهذه الطريقة الموجعة.. كان يستطيع رفض طلب خليفة.. وإتمام عقد القران كما أراد..
فأحمد كان يقف بصفه حتى اللحظة الأخيرة.. عدا أن جميلة مريضة جدا وعذره معه.. فهي ليست في وضع يسمح لها بهذا العبث
وخصوصا أن هذا الخليفة لا يعرفها حتى.. ورفضه لن يؤثر عليه.. بينما علي شيء آخر.. آخر
يمزقه كيف كسّره وكبح جماح عنفوانه الثائر وهو يكاد يطبق في عنق خليفة:
"تبي تكلمها يا الخسيس.. تبي تكلمها؟!!..
بأذبحك قبل ما تفكر تقرب من المكان اللي هي فيه
أشلون تجرأ على محارمنا يالخسيس؟!!"
لينتزعه والده بعيدا عنه وهو يصرخ بحزم: إذا هي محارمك.. فهي محارم خليفة أكثر منك..
أنا قلت له خلاص بيكلمها.. وإلا تبي تكسر كلمتي ياولد؟!!
لينظر حينها علي لوالده نظرة أشبه ما تكون بنظرة ميت غادر الحياة..
ثم تتشتعل عيناه بنظرة أخرى وينفجر بعدها في صخب مرعب: اشبع فيه .. بديته عليّ... خلاص أشبع فيه يبه.. عليك وعليه بالعافية..
وهاهو ما حدث قد حدث .. لم يستطع رد طلب (سمي) خليفة.. وهاهو في انتظار خليفة ابن أحمد ليقوم بحواره المجهول مع جميلة
لو كان هذا الطلب طُلب من زايد في ظروف عادية
أو ربما لو كان من طلبه ليس من طرف خليفة
لم يكن زايد مطلقا ليسمح أن يخدش أي شخص كان خصوصية صغيرته المريضة
فأي يوم عصيب هذا؟؟
كيف ساءت كل الأمور فجأة لتتجمع كل هذه المصائب فوق رأسه سويا؟!
وما كان ينقصه مع كل هذا الشد هو إصرار منصور على رؤيته..
وهاهو قادم الآن!!
منصور بالذات لا يريد أن يراه الآن..
فهو في غنى عن صرامة كلمات منصور التي يعرف كيف ينتقيها باحتراف موجع حين يريد..
وهاهو ما يخشاه :
" مبسوط يا زايد؟!!
أكيد مبسوط؟!!
متشقق من الوناسة؟!!
فرحان إنك بديت ولد ولد إخ خليفة على ولدك اليوم
مثل ما بديت خليفة على أخيك قبل عشرين سنة..!!!"
**************************
قبل 23 عاما
بيت زايد القديم
مقلط البيت
يدخل زايد للمقلط ليجد منصور جالسا فيه...يتغير وجه زايد وهو يلقي السلام عليه
بينما يقفز منصور ليقبل رأس أخيه الكبير باحترام بالغ..
يهمس زايد بحزم: وش مقعدك هنا؟؟
منصور بحرج عميق وهو يتلفت عن يمينه ويساره: فيه شيء يابو كسّاب؟؟
أبي أطلع للكلية
وما لقيت لي بدلة مكوية.. وأنت عارف وش يسوون فينا لو لقوا في اللبس كسرة وحدة
جبت بدلتي تكويها أم كسّاب لي.. وقاعد أنتظرها
زايد بحزم: من اليوم بأخلي عند صبي المجلس كواية هو في اللي بيكوي لك
ويحطها في ملحقك
لا تنسى البيت الحين فيه بنية تستحي منك
منصور باستنكار: أي بنية ؟؟ عفيرا؟؟؟
ماعاد إلا عفيرا البزر تستحي!!
زايد بذات الحزم: عفرا صارت مرة.. أنا الحين ما أدخل البيت إلا عقب ما أنبه عليهم كم مرة قبل أدخل
منصور بذات الاستنكار وبصوت خافت: عفيرا البزر!!!
حينها دخلت أم كسّاب ببرقعها وهي تلتف بجلالها الواسع وتحمل بدلة منصور العسكرية بيد وابنها كسّاب يمسك بيدها الآخرى
ما أن ناولت منصور لباسه العسكري حتى خرج مسرعا
بينما أم كسّاب ترجوه أن يجلس ليشرب القهوة مع أخيه
منصور يخرج كهارب مدحور وهو يهمس بحرج: مشروبة يام كسّاب.. مشروبة
وسمية بتساءل وهي تجلس بجوار زايد وتضع يدها فوق يده: وش فيه منصور؟؟
زايد بغضب حازم: منصور لا عاد يدخل داخل البيت أبد
وإذا أنا ما أنا بموجود أكله ولبسه يجيه في ملحقه
وسمية قفزت وهي تنفض يدها.. أشارت لكسّاب أن يتوجه للداخل.. ثم همست بغضب مكتوم: هذي أخرتها يا أبو كسّاب..
منصور من تزوجتك وأنا والله ما أشوفه إلا إخي الصغير
هذي أخرتها؟!!
زايد بابتسامة وهو يشد يدها ليجلسها جواره مرة أخرى: وين راح مخش يا بنت الحلال
أفا عليش يا الغالية.. أشك في روحي ولا أشك فيش
بس لا تنسين إن عفرا كبرت.. ومنصور صبي مزيون.. ومايصير نخلي النار جنب الكبريت
والاثنين مسئولين منا
"لم تكن مطلقا مطلقا مــطـــلـــقـــا في تفكيري
كان هو من وضعها في ذهني..
من يومها وجه تفكيري ناحيتها..
ربما لو لم يكلمني ذلك اليوم.. لربما بقيت دالهاً في حياتي دون أي انتباه لها
فما الذي سيجعل شاب في العشرين ينتبه لطفلة في الرابعة عشرة
كانت بالنسبة لي كمخلوق غير موجود إطلاقا
ولكن زايد بتحذيره ذاك جعل مشاعري كلها تتحفز ناحيتها
كأن يكون أمامك قطعة حلوى
ولكنك لا تريد حلوى ولا تشتهيها
لذا لا تنتبه حتى لوجود هذه الحلوى
ثم يأتيك من يقول لك: إياك أن تقترب من قطعة الحلوى هذه
حينها ما الذي سيحدث؟!!!
ستصبح هذه الحلوى هي بؤرة تفكيرك مهما حاولت ادعاء تجاهلها!!
كم قضيت ليالي طويلة مع الأرق أسترق النظر عبر النوافذ علني أرى خيالها
أقف مصلوبا خلف الستائر حتى تتصلب قدماي
وكأنه لا يكفيني تمارين العسكرية.. لتصبح هي تمريني الأقسى!!
كم رسمت أحلاما كانت هي أميرتها!!
وأمنيات بدأت بها وانتهت إليها!!
وابتسامات كانت تتأجج لمجرد ذكراها!!
بدأت أعيد تشكيل هيئتها في ذهني..
رسمت لها عشرات الصور.. وألبستها وجه كل أمرأة جميلة كنت أراها
استنزفت خيالي ومشاعري
لا أعلم هل أحببتها.. أم أحببت مجرد كونها رمزا لأحلامي؟!!
ولكنها يقينا كانت أمنية ثمينة سلبها زايد مني ليهبها لصديقه
فلماذا يُسكنها ذاكرتي ومشاعري وخلاياي إن كان من سيحرمني منها؟!!
وكما فعل معي.. فعل مع علي
كان من ترك جميلة أمامه.. ورفض إنفراد عفراء بسكن لوحدها
وحين سكنت تلك الصغيرة خيال علي
انتزعها ليهبها لرائحة خليفة
وكأن التعاسة مصيرنا كلنا الذي أهداه زايد لنا
كنت أنا أولا
ثم كسّاب
وهاهو علي ينال نصيبه
هل لأن زايد عاش محروما ممن أحب.. لابد أن يذيقنا جميعا من ذات الكأس؟!!"
*******************************
قبل عشرين عاما
" تكفى يا زايد.. أنا أبيها"
يسأله بحزم وصرامة : " تحبها؟!!"
منصور بصدمة وهو يكح بحرج " وش ذا الكلام يابو كسّاب.. عيب عليك
وش حب ؟؟ وش خرابيطه؟؟
صحيح عفرا مهيب بنت عمي.. بس من جماعتي
وأنا أحق بها من خليفة"
زايد بصرامة : " أنا عطيت خليفة كلمة خلاص"
منصور بصرامة مشابهة : " زين وأنا بأقرع عليه.. حقي.. وإلا بتمنعني من حقي؟!!"
زايد بصرامة أشد : " إقرع عليه عشان تصير لا أنت بأخي ولا أعرفك.. والله لأتبرأ منك.."
كانت صفعة لمنصور.. صــفــعــة!!
ليست القضية مجرد امرأة.. بل أبعد من ذلك بكثير
بين قرابة دم وقرابة روح!!
قبل ذلك لم يكن يشك في مكانته عند زايد الذي مثّل أبا له
لكن أن يهدد أن يتبرأ منه من أجل إرضاء خليفة.. كانت صفعة العمر كله!!!
اليوم
"ها زايد.. جاوبني
مبسوط باللي سويته في علي؟؟"
زايد بهم: منصور أنا ماني بناقصك
منصور بغضب مكتوم وهو يقرب مقعده من زايد ويهمس في أذنه:
يعني من جدك ماكنت تقدر تخلصنا من ذا المسرحية اللي مالها معنى؟!!
زايد بحزم وهو ينفض رأسه: رجّال وبغى يقرع بنت عمه.. أقول له لا ؟!!
منصور بحزم أشد: إيه قول له لا.. مثل ماقلت لأخيك..
يعني أنا ما خلتيني أقرع عفرا مع أني أنا الأحق بها واللي كنت أبيها
لكن ولد أخ خليفة اللي حتى ما يعرف جميلة تخليه يقرع على ولدك!!
أنت أشلون ميزان العدالة عندك مايل كذا؟؟!!
ما كفاك اللي سويته فيني.. جاي تعيد نفس السالفة في ولدك؟!!
زايد بغضب مهموم: منصور لا تسوي روحك ضحية.. لأنك أبعد واحد يليق عليه ذا الدور..
أنا عرضت عليك عفرا عقب موت خليفة وعقب كل طلاق من طلاقاتك بدل المرة عشرين..
أنت اللي على طول كنت تقول: طابت النفس منها
منصور بسخرية: لا ياولد أمي.. أنت ما عرضت علي عفرا.. أنت عرضت علي أرملة صديقك..
وخلنا من ذا السالفة المغبرة.. وخلنا في المهم.. علي..
قلنا خليفة كان صديقك وأدري إنك كنت تحبه أكثر مني... بس ولد ولد أخيه.......
زايد يقاطعه مستنكرا: اتق الله يا منصور.. أنا مستحيل أحب أي حد أكثر منك
منصور بصرامة: الحب مهوب كلام يا ولد أمي.. الحب فعل.. وأنت أثبتت إن حبك لخليفة أكثر حتى من حبك لعيالك
يعني تبدي واحد حتى ما تعرفه على ولدك اللي هو أغلى عيالك عندك
عشان ذا الواحد من ريحة خليفة
حرام عليك يا زايد علي.. حرام عليك ذا الولد واللي سويته فيك
علي بالذات ما يستاهل حد يجرحه
عمره ما طلب شيء.. عمره ما ضايق حد
يكون هذا جزاه عندك..
زايد مهموم .. مهموم.. مــهــمــوم :
يا ابن الحلال مابعد صار شيء.. ويمكن جميلة أساسا ماترضى تكلمه
منصور يسند ظهره لظهر الكرسي ويهمس بغموض:
(سبق السيف العذل) يازايد.. (سبق السيف العذل)
**************************
مزون تنزل الدرج بهدوء وهي ترتدي عباءتها وتمسك نقابها بيدها..
فالسائق وخادمة البيت العجوز ينتظرانها في الخارج لتذهب في المستشفى لجميلة
فوجئت بكسّاب يدخل كسهم ناري..وهيئته لا تبشر مطلقا بخير
كان يسحب غترته خلفه.. وجيبه مفتوح من الأعلى كاشفا عن بروز عروق عنقه النافرة غضبا وغيظا
ابتلعت ريقها برعب.. تمنت ألا ينتبه لوجودها.. ألا يكلمها..
فمن يستطيع مناطحة غضب كسّاب الذي يبدو أنه في أوجه وخصوصا أنها لوحدها؟!
حتى في فترة غضبه منها قبل أربع سنوت حين قررت أن تدخل للطيرن..
كانت حينما لا يكون والدها موجودا في البيت تهرب إلى بيت خالتها..
كانت مرعوبة أن يجدها لوحدها في البيت.. فمن سينقذها من يده؟!!
وبقيت على هذا الحال لمدة أسبوع حتى ذهبت غضبته التي كان يهدد أن يقتلها خلالها لتبدأ بعدها غضبته الأبشع التي قتلها بالفعل فيها!!
وبالفعل بدأ انه لم ينتبه لوجودها لأنه تجاوزها ركضا للأعلى.. حمدت ربها وشكرته بعمق وهي تقرر الإسراع بالهرب
ولكنها ما أن وصلت للباب حتى جمدت الدماء في عروقها وهي تسمع صراخه المرعب:
مـــزون..
التفتت ببطء وهي تشعر أنها سيغمى عليها من الرعب وهمست بارتجاف: لبيه
كان قد وصلها في حينه وصرخ فيها: شفتي علي؟؟
مزون ابتلعت ريقها: لا والله ماشفته من يوم طلع الصبح مع إبي
كسّاب بغضب مر: أبيش هذا مهوب مرتاح لين يجلطنا كلنا.. وعقبه بيرتاح
مزون بتردد: ليه إبي وش سوى؟؟
كساب يقول بسخرية مشتعلة بالغضب: ليه أبيش باقي شيء ما سواه؟!!
إذا رحتي له في المستشفى.. بتعرفين..
والحين وخري من طريقي لا بارك الله فيش
****************************
"يبه.. قوم فديتك.. ماباقي على صلاة الظهر شيء.. قوم أوديك توضأ"
صوت خافت حنون
"وين كاسرة؟؟ اليوم مهوب السبت ؟؟"
همس وهو يفتح عينيه المتكاسلتين بنظرهما الضعيف
ابتسمت مزنة وهي تسنده ليجلس : بلى فديتك
بس كاسرة لاهية شوي
الجد بعتب: لاهية عني؟؟
مزنة صمتت للحظة.. ماذا تقول له؟؟ هل تقول أن كاسرة ووضحى كلتاهما معتصمتان في غرفتيهما بعد صفعات مُهاب لهما
آخر شيء تريده أن تشغل والدها بأي شيء قد يثير همومه أو غضبه
لا تنكر مزنة تزاحم الغضب في ذاتها.. ولكن مُهاب خرج قبل أن تتحادث معه
والآن لابد أن تأجل الحديث والغضب حتى يعود.. فهي لا تريد شيئا يشغل والدها أو يضايقه.. فهي من بعد أمراض والدها وتقدمه في السن.. أصبحت تتنازل عن الكثير من أجله وأكثر ما يهمها راحته..
لذا كانت على وشك اختراع أي شيء لتقوله لوالدها لولا الصوت العذب/الحاد الذي قاطعهما:
"كاسرة عمرها ما يلهيها شيء عنك"
قالتها وهي تمد يدها لتسند جدها: خليه يمه أنا بأوديه الحمام
مزنة تأخرت للخلف لتفسح لكاسرة.. بينما همس الجد بحنو: وينش يأبيش اليوم ماشفتش..
كاسرة مدت يدها تتحسس مكان صفعة مهاب الواضحة على نعومة خدها الزبدي ..
بينما مدت يدها الآخرى لجدها وهي تهمس بنبرة اعتيادية: انشغلت شوي بس فديتك
بس والله ما شغلني عنك إلا شيء كايد
ثم أردفت وهي تنظر لوالدتها نظرة ذات مغزى: وعزة اللي خلاك أغلى خلقه عندي ياذا الشيء الكايد ما يعدي بالساهل
مزنة تهمس بخفوت حازم: امهاب أنا باتصرف معه... وأنتي اقصري الشر يا بنت ناصر..
كاسرة تهمس بخفوت وحزم أكثر شدة: ماني بقاصرته يا بنت جابر
**************************
"لماذا يا عبدالرحمن؟؟
لــمــاذا؟؟
بل لماذا يامهاب؟؟
من ألوم؟؟ من ألوم؟؟
ربما يجب أن ألوم نفسي
نــفـــســـي فقط!!
بما أنني كنت طوال عمري بدون رأي.. فلماذا توقعت أنهم سيهتمون برأيي الآن؟؟
أنا من صنعت لنفسي هذه الصورة السلبية
مخلوقة ضعيفة هزيلة هلامية ليس لها رأي أو وجود
يا لا العجب!!
أ ليس من المفترض أن أطير فرحا أن رجلا كعبدالرحمن بكل مزاياه ينظر لي أنا بعد كاسرة
فلماذا لا أشعر بالفرح؟!!
ولا حتى ببعض النشوة؟!!
ماهذا الضيق الذي يكتم على روحي المثقلة بإحساس مرارة مغموس بالمهانة والحزن؟؟!!
هل لأن عبدالرحمن خطبني؟!!
أم لأن مهاب ضربني؟!!
لماذا يا مهاب؟؟ لماذا؟؟
كنت أنت أبي أكثر من أبي..
كنت دائما الظهر الذي لا أخشى شيئا وهو يسندني.. والحضن الذي جعلني لا أعرف الخوف يوما
لماذا تخدش كل هذا؟؟ لماذا؟؟"
تمدد جسدها الذي تشبعت خلاياه ألما.. وهي تسند رأسها لمخدتها التي تبللت من دموعها
تريد أن تشبع من البكاء... أن تُشبع روحها المجروحة من البكاء قبل أن تعود لها كاسرة
تعلم أن كاسرة ستعود.. وستنهرها ألا تبكي.. كما كانت تفعل طوال عمرها..
" لا تبكين..
لا تبكين..
يا ويلش لو شفتش مرة ثانية تبكين
اللي تقول لش كلمة قولي لها عشر
واللي يعطيش كف عطيه عشرين
بس ياويلش تبكين من أحد.. أو تخلين حد يشوفش تبكين
خلش قوية ما يهزش شيء"
"كيف من ستقول لي كلمة سأقول لها عشر
وأنتي أختي وأقرب الناس لي كما يفترض
لا تسمحين لي حتى أن ارد عليك بنصف كلمة
أي إزدواجية أردتِ ياكاسرة أن أعيشها؟!!
ضعيفة معكِ وقوية مع الكل!!!"
************************
" عفرا.. ياعفرا.. يأم جميلة"
صوته الحازم العميق يتعالى وهو واقف عند الباب من الخارج
عفراء تضفي عباءتها على كفيها وتنزل طرف شيلتها على فتحتي نقابها
وتهمس باحترام وهي تخرج وتشد الستائر حول ابنتها: لبيه يأبو كسّاب.. جاية طال عمرك
تقف قريبا من الباب من الداخل وتهمس باحترام متزايد: هلا والله.. أشلونك طال عمرك في الطاعة؟؟
زايد يوليها جنبه دون أن ينظر لها بشكل مباشر : طيب طال حالش
ثم أردف بحزم: عفرا.. ترا خليفة ولد أحمد ولد أخ خليفة الله يرحمه بيجي عقب الصلاة يكلم جميلة.. بأخليه يكلمها من ورا الستارة.. بس عطيها خبر
عفراء باستغراب مستنكر: وليش ولد أحمد يكلم بنتي.. وش يبي فيها؟؟
زايد تنهد ثم ألقى قنبلته بطريقته الحازمة المعتادة في الكلام: خليفة قرع على علي
وأنا قلت له بأخلي جميلة تخير بينهم
فهو قال جميلة ما تعرفني.. خلني أكلمها أول.. وأنا رخصت له..
عفراء شعرت أنها عاجزة عن الوقوف وقدميها تميدان.. استندت على الباب القريب وهي تهمس بعتب عميق: ليش كذا يابو كسّاب؟!!
عمري ما كسرت لك كلمة
بس بنتي تعبانة.. ومهيب حمل ذا السوالف
ليش تعرضها لذا الموقف ؟!!
زايد ذاته يشعر بالذنب.. ولكنه لم يستطع رد طلب سمي خليفة..لم يستطع!!
همس بحنين كأنه يكلم نفسه: اسمه خليفة ياعفرا.. هذا سمي الغالي.. ماقدرت أرده..
عفراء بعتب حزين: وبنتي وش ذنبها يازايد؟؟ أقول لها اليوم الصبح ملكتش على علي..
وعقبه أقول لها الحين كلمي خليفة اللي ماتعرفينه عشان يمكن تأخذينه
وش ذا الكلام يابو كسّاب..؟!!
زيد بحزم خفف حدته بطريقة مقصودة: يأم جميلة.. كلها عشر دقايق تكلمه وتشوف وش يبي..
والولد أنا أعرفه وسألت عنه بعد عقب ماطلعت من بيتهم.. الكل يمدح فيه
عفراء بحزن عميق: إن شاء الله يكون أحسن واحد في العالم.. أنا أبي ولد أختي لبنتي..
لكن ما أقول إلا ما أقدر أكسر لك كلمة يأبو كسّاب...
*****************************
وضحى تصلي الظهر..
سمعت طرقات على بابها ثم صوت الباب يُفتح
ما أن أنهت الصلاة حتى ألتفتت لترى من الطارق الذي يبدو أنه دخل لداخل الغرفة
شعرت بعبراتها تقفز لحلقها وتتجمع وهي ترى القامة الطويلة التي تجلس على طرف سريرها
لم تستطع معاودة النظر له وهي تجلس على سجادتها وتنظر لكفيها المتشابكين في حضنها
ولكنه وقف ليتوجه ناحيتها ويرفعها من عضديها ليديرها ناحيته
لم تستطع رفع عينيها له ولكنه وضع كفه على خدها الأحمر وهمس بحنان عميق:
تنقص يدي اللي انمدت عليش
حينها انتفضت وضحى بعنف وهي تتناول كفه وتغمرها بقبلاتها الجازعة: بسم الله عليك.. بسم الله عليك.. عدوينك واللي يكرهونك
احتضنها مُهاب بحنو لتخرط هي بكاء حاد وهي تتعلق بجيبه وهو يهمس لها بذات الحنان: آسف والله العظيم آسف.. سامحيني يالغالية
أدري قلبش الطيب ما يقوى يشيل
ثم أردف بمرح: مهوب مثل أختش الحقودة أم رأس يابس ولسان طويل..
وضحى بصوتها المبحوح بين شهقاتها: ماعاش من يشل عليك..
مهاب يشدها ويجلس هو وإياها
هاهو يغير الاستراتيجية لتحقيق الانتصار
غريب هو الإنسان كيف يستغل كل أسلحته للوصول لما يريد.. حتى مع من يحب
وربما مع من يحب أكثر من غيرهم!! :
اسمعيني يالغالية.. أنا عارف إني تعاملت مع المسألة بطريقة غلط
فخلينا نتفاهم من جديد
وحطي في بالش إني ماني بغاصبش على شيء.. بس خليني أعرض وجهة نظري
وأنتي عقب فكري عدل لو حتى تبين تفكرين أسبوع أسبوعين.. ثم عطيني قرارش
الحين خلينا من كاسرة وإنها رفضت عبدالرحمن
عبدالرحمن نفسه كرجّال وش تقولين عنه؟؟
صمتت وضحى بحرج وضيق.. لكن مهاب استحثها للحديث
وضحى أجابت بذات الحرج والضيق: رجّال والنعم فيه
مهاب بنبرة انتصار: ها .. رجّال والنعم فيه
وأنا أزيد وأقول لش رجّال مافيه مثله اثنين
لو تلفين العالم كله مالقيتي مثله.. صحيح هو خطب كاسرة أكثر من مرة
بس صدقيني كان يخطبها لأنه يبي يناسبني
مهوب لأنه يبي كاسرة بالتحديد...
وبعدين لو كاسرة صارت غبية وما تعرف مصلحتها.. بتسوين نفسها؟!!
ماعليش منها.. أنتي منتي بمربوطة فيها..
وخير ياطير إنه عبدالرحمن خطبها أول
ثم تزوجش أنتي
وين المشكلة؟؟
وين العقدة في الموضوع؟؟
*******************************
مستشفى حمد
بعد صلاة الظهر
موعد اللقاء المنتظر
ها هو خليفة على وشك الوصول.. لا أحد يعلم ماذا سيقول
أو ماهو مخططه من كل هذا
ومنذ غادر زايد عفراء بعد أن ألقى لها بالخبر.. وهي عاجزة عن التنفس.. عاجزة عن التفكير
" أي مصيبة جلبتها لي بازايد؟!!
أي مصيبة؟!!
هذا ما كان ينقصني تماما لتكتمل المأساة
ألا يكفيني مرض صغيرتي
لياتيني بخاطب جديد لها؟!!
كيف أخبرها الآن؟؟ وبأي طريقة أخبرها؟!!"
"يمه شتهوجسين فيه؟؟" صوتها الضعيف المبحوح
عفراء تنتفض بخفة ثم تهمس في أذن ابنتها المتهالكة تعبا: جميلة يمه بيجي ولد عمش خليفة يكلمش
جميلة بالكاد رفعت حاجبا علامة الاستغراب.. ثم همست بصوت مبحوح تماما:
وش يبي يمه؟؟ وأشلون يكلمني؟؟ وليه يكلمني؟؟
عفراء لم تستطع إيجاد إجابة مناسبة.. لذا همست بأكبر قدر من الطبيعية استطاعت أن تصطنعه:
إذا جاء درينا.. كل حي ملحوق
جميلة بتساؤل مرهق: وش قلتي اسمه يمه؟؟
عفراء بنبرة طبيعية: خليفة يأمش
سرح خيال جميلة نحو البعيد.. وهي تهمس بألم عميق مثقل بالحنين: خليفة على اسم إبي يمه
كانت عفراء على وشك الرد عليها لولا أنها سمعت صوت زايد ينادي بعلو: يأم جميلة.. خليفة جا
بدأت دقات قلب عفراء تتعالى برعب..
بينما جميلة كانت سارحة في خيالاتها حتى سمعت الصوت الرجولي الغريب الذي جاءها من خلف الستارة:
مساج الله بالخير يابنت العم!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
قبل ماتتوقعوا جميع التوقع اللي أنا عارفته
وهو إن عفراء سبب طلاقات منصور كلها
أقول لكم تمهلوا يا نبضات القلب ودوروا لكم سبب ثاني
لأن عفراء مالها علاقة في أسباب طلاقاته
نهاركم توفيق
.
.
.