كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لم تدري ناتالى لماذا ابتعدت عن الطريق وبدت الآن وكأنها تدور فى دائرة مفرغة
وهى تجهل منذ كم من الوقت هى موجودة وسط تلك العاصفة وإن ظلت متأكدة من شئ واحد إن الموت على الأقل هو الذى سيخلصها من تعاستها .
لمدة ثانية واحدة اعتقدت الشابة أنها شاهدت شعاع ضوء خلال الأشجار . هل بدأ ذهنها يتصور أموراً وأوهاماً ؟
لو أنها فقط لم تترك الطريق السريع حتى تعثر على محطة وقود ... لو أنها فقط لم تقبل أن تذهب إلى شمال كالفورنيا لحضور حفل زواج صديقتها .... لو أنها فقط لم تتجه بالسيارة مباشرة إلى هوة وسط الغابة ؟ لو انها وقعت على أحد ملائكة الإنقاذ الذين يجوبون التلال المغطاة بالجليد بحثاً عن أشخاص تائهين .
ها هى قد بدأت فى الهلوسة ... إنه خطر الموت دون شك . إن ناتالى على إستعداد لأن تتنازل عن معطفها الفرو الفضى .. فراء ثعلب طبيعى مقابل أن تجد نفسها أمام نيران مدفأة وقدح قهوة فى يدها .
لم تستطع ناتالى أن تعثر على الضوء الذى رأته من قبل . لقد بدا أنه بعيد جداً بعد النجوم فى السماء . وتقدمها وسط الجليد هو التعذيب بعينه .
سمعت نفسها تبكى وتدعو متوسلة أن يأتى أحد لمساعدتها ولكن لم يعد ذلك هو صوتها الذى تسمعه فقد كانت أحبالها الصوتية تهدد بالانقطاع مع كل شهقة .
قفز تروى جوردان بعصبية من فوق المقعد المستدير بدون ظهر حيث كان جالساً . لقد حدث شئ ما نظر إلى كلبته وهى تلعق جرواً مولوداً حديثاً وقال :
- هل كل شئ بخير يا ديزى ؟
نسيت الكلبة من نوع كلاب الصيد واجبات الأمومة وشدت أذنيها لأعلى هى أيضاً سمعت شيئاً ما . وهب صاحبها ليلقى نظرة عبر النافذة.
كان الجليد يسقط ثقيلاً ووابلاً ويتكون فى طبقة سمكها ثلاثة سنتيمترات فى الساعة
لم يكن تروى قد عرف العاصفة الجليدية من قبل ولكن ليس هذا ما كان يزعجه أحس بأن حادثة على وشك الوقوع وهو رجل يستمع دائماً إلى غريزته التى أنقذت حياته أكثر من مرة وحتى يتأكد من الأمر أفضل ،ذهب ليفتح الباب الخلفى للمطبخ من الذى ادعى أنها لا تمطر جليداً فى الجنوب ؟
عندئذ سمع الضجة . هل هى الرياح ؟ شئ يدفعه لأن يذهب ليرى
ارتدى سترة مطر ضخمة ولف تلفيحة حول رقبته وحمى يديه بقفاز من الجلد المحشى بالفرو بعد أن ألقى نظرة أخيرة على ديزى وتأكد من انها بخير خرج .
على بعد خمسة أمتار وسط الجليد المجروش أدرك أنه نسى البطارية . بدأ يدور نصف دورة إلا أن صوتاً قريباً جداً منه جعله يقف فى الحال فى مكانه . إنه نشيج وبكاء ؟أخذ الجليد ينكسر تحت حذائه البوت وهو يقترب.
نهضت ناتالى بصعوبة من الفجوة الجليدية التى سقطت فيها وحاولت أن تزيل طبقة الجليد من فوق وجهها إنها لا تميز الآن شيئاً والدموع تجمدت فى جفونها سمعت ضجة فثبتت فى مكانها.
رغم الرياح التى تصفر فإن التائهة سمعت شيئا ماً . تعرفت على حركة إلى يمينها ... اللعنة تمنت فقط لو استطاعت ان ترى ؟ مسحت جفونها بيدها المغطاة بالقفاز . ظهر الشكل أمامها ثم وقف مكانه ضخماًً ورهيباً.
هل هو دب ؟ أحست ناتالى بأنها توشك أن تفقد الوعى أنها لن تتحمل مهاجمة الدب لها . بدأ ذلك الشئ يقترب ويحاول أن يصل إليها ببطء مثل التصوير البطئ فى الأفلام تجمدت من الخوف وأطلقت صيحة اخترقت الهواء المجمد قبل أن تفقد الوعى .
أخذ تروى يتأمل الجسم المحطم المنهار فوق الجليد وهو يئن . لقد سبق أن شاهد جثثاً مبعثرة على أرض المعركة ولكنه لحظات أهتز كل كيانه أمام المنظر الماثل أمام عينيه .
*******************
يتبع...
|