لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-09-09, 03:50 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2009
العضوية: 149342
المشاركات: 19
الجنس ذكر
معدل التقييم: Green Tea عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Green Tea غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Green Tea المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 





13

انفردت بنفسي أخيرا ً، ببطن يثقله غداء الجمعة الحاشد في منزل والدي، وضعت كوب الشاي على مكتبي الذي استعاد شيئا ً من النظام، بعدما زالت الكتب والأوراق التي كانت تملؤه، والتي كان يجمع بينها جد قديم.

بعد عدة رشفات، فتحت بريدي وطبعت قصائد حسن الأخيرة، وجلست أتأملها.

- تأمل نهاية ( حكاية لا تنسى) – قال فهد -.

- ما بها !!!

- تعطيك وهما ً بأن ( عفن) تتلوها في الترتيب فعلا ً، فهي تتحدث عن حب انتهى، ومن ثم يتبعها قصيدة عن فتاة يعذبها العفن، فتربط ذهنيا ً بين هذا وذاك، وتعتبر العفن هو الحب الذي انتهى.

- وما الذي تراه أنت؟

- أرى أنهما متزامنتان.

- كيف؟

- ( حكاية لا تنسى) تتحدث عن نهاية حب، حب غريب، ونهايته جاءت مباغتة، وبلا حسبان، وفي القصيدة التالية، نرى الفتاة تتحدث عن عفن غزاها وتمنت زواله طويلا ً فزال فجأة.

- لأن القصيدة تقول – أكملت أنا – (وكان يوم الأمنيات / فزال).

- بالضبط... بالضبط... هذا التزامن في النهايتين، يعني أن القصيدتين ذاتهما متزامنتين، وأن النهاية لهما واحدة، لأنهما انتهتا بشكل مفاجئ.

- وما الذي نستفيده من هذا؟

- فكر قليلا ً.

- آ... – بعد تأمل -، غريب !!! في القصيدة الأولى نجد ذلك الحب العاصف الذي ينتهي بسرعة وبشكل مفاجئ، ونجد في القصيدة الثانية تلك الفتاة التي تتمنى أن يزول العفن، وبما أننا نفترض أن القصيدتين متزامنتين، أي لهما ذات زمن الحدث، فهذا يعني أنهما لا علاقة لهما ببعضهما، وأن هذه حكاية، وتلك حكاية أخرى، وإلا كيف تكون حبا ً في الحالة الأولى، وعفنا ً في الثانية !!!

- رائع... هذا ما فكرت فيه أنا.

- حقا ً – قلت بسخرية -.

- ولكن لم َ يصنع حسن وهما ً بتوالي القصيدتين؟ لم َ يوردهما بشكل يجعل من يقرأهما، يصل نهاية هذه ببداية تلك؟

- الإجابة عند حسن.

- لم َ لا نسأله؟

- عن ماذا؟

- عن ما فهمناه.

- لن اتصل به لهذا.

- أرسل له رسالة، تشرح فيها ما فهمته.

- آ... فعلا ً، لم َ لا.

عدت إلى البريد، فتحت رسالة بيضاء، وكتبت فيها ما فكرت فيه، كنت أكتب سطورا ً أعود لأمسحها، أو لأعيد ترتيبها، أو لأزينها ببعض الكلمات أو الأفكار، وعندما صارت بين يدي رسالة مكتملة، دفعتها وأغلقت الجهاز، وانصرفت إلى كتابي.

* * *

كان يمكنني تلمس غضب لينا طيلة اليوم، غضب مخبئ، ملفوف بعناية، بقشرة باردة، وبلا مبالاة غريبة.

كانت موجودة وغير موجودة طيلة اليوم.

فلذا كان تسللي إلى المطبخ وهي تغسل أواني العشاء، والقبلة التي طبعتها وراء أذنها.

توقفت عن عملها لحظة، ولكنها عادت وإن لمحت ابتسامة خافتة في الانعكاسات المتعددة للصواني الغارقة في الماء، همست في أذنها:

- غاضبة؟

- مم َ أغضب؟ - حمل لي صوتها استغرابا ً، ونصف التفاتة متسائلة -.

- لا أدري، تبدين لي غاضبة اليوم أو متضايقة.

- لا... لا... لا يوجد ما يضايقني أو يغضبني.

- أكيد !!!

- أكيد.

- هههههههههههههههههههههههه، ولا حتى انتظارك ِ البارحة؟

- أي انتظار – وقد أسدلت يديها فأغرقهما الماء المتدفق -.

- البارحة... في الفراش.

غرقت في صمت مذهول، كان يمكنني ملاحظة تحفز وعصبية في يديها اللتين عادتا إلى الانشغال، وهروب في عينيها اللتين تركزتا على بقايا الطعام المستعصية.

تراجعت أنا، اتكأت على حافة نضد، وجعلت أتأمل ظهرها، رقبتها التي تركها الشعر المرفوع عارية، نحيلة، ثم رفعت رأسي أتأمل السقف، أكملت:

- البارحة، كنت أعلم أنك ِ تريدينني، ولكني لم آتيك كما العادة، لأني أريد... – فرت مني الكلمات فجأة، لا أدري ما الذي حل بي، فجأة صرت غير قادر على قول ما كنت أظن أني سأقوله - ... احم، لأني أريد أن أشعر بأنك ِ تريدينني أيضا ً، وأنك ِ لا تكتفين بالإشارات وإنما تقتربين عندما لا أفعل أنا ذلك.

أنهت لينا عملها، أو أنها اختصرته، ومسحت يديها، وخرجت من المطبخ وأنا أبحث عن الجملة التالية.

لحقت بها إلى غرفة الجلوس، كانت تهم بالجلوس وبيدها جهاز التحكم، عندما مددت يدي وأطفأت التلفاز.

- كنت أتكلم معك ِ !!!

- من الأدب – أكملت عندما واجهتني عينيها الصامتتين- أن لا نترك من يتكلم معنا وهو لم ينته من كلامه.

- أنت ِ غاضبة من عدم استجابتي لرغبتك بالأمس، فلم َ لا تقولين شيئا ً !!!

- ماذا أقول؟

- أي شيء – بنفاد صبر –، هل احتاج إلى تعليمك ِ الكلام !!!

- ما بك اليوم؟ أنا لست غاضبة ولا شيء والله.

- هل أردتني البارحة أم لا؟

- أجيبي – عندما خفضت رأسها ولم ترد -.

- إيه.

- ولم َ لم تقولي أو تفعلي شيئا ً وتركتني أنام.

- لا حول ولا قوة إلا بالله – عندما لم ترد -.

- ماذا تريدني أن أقول؟

- لم َ لم تقولي شيئا ً البارحة، لم َ لم تحاولي التقرب مني!!!

- استحي !!! إذا أنت لا تريد، فأنا لا أريد.

- أنا أريد، ولكني لا أريد أن يتم الأمر في صمت تام من قبلك، أريد أن أشعر بأنك ِ تشاركينني، لا مجرد الاستسلام لي.

- الكلام معك ِ مضيعة للوقت – إذ عادت لصمتها -.

* * *

وجدت رسالة حسن، وقد لجئت إلى مكتبي، بعيدا ً عن غضبي وعن لينا.

(

ما شاء الله

ما شاء الله

منذ متى بدأت بالقراءة والتحليل يا أبا فالح

ليس لي كشاعر أن أشرح لك قصائدي، ولكني سأضع لك بعض القصائد، ربما تساعدك قليلا ً في تنقيباتك



من يصلحني؟

في روحي شروخ وصدوع
وفي قلبي فتات
وآلاف الأنات
فمن يصلحني؟

وفي روحي كسور لا تجبر
هشيم لازال يؤرقني
يمحوني... يفرقني
فأغدو مجروحا ً آلاف المرات

فتبا ً للنفس إذ منتني
بأن الكسر سيجبر
وأني سأعود جديدا ً
مغسولا بماء السماوات

وأني سآتيك ِ كطفل لا يحفل
بما يُكتب
وبما يملئ عليك ِ من الطعنات

وأنك ِ ستريني
ستملأ عينك ِ عيني
وسننسى الكثير من الكلمات

وأني من روحك ِ سأستل
عفنا ً كان قد احتل
ظننت ِ أنه قد زال
وطمرته السنوات

فالآن وقد كذبتُ ظنوني
ومضيت بعيدا ً
وتناسيت...
فمن يصلحني؟






نقش

كنت ِ نقشا ً غائرا ً
وقديما ً على جدراني
أخفيته حياء ً بستار

وانتظرنا طويلا ً
ما كشفتُ الستار
ولا أنت ِ سألت ِ
ما الذي يحويه الجدار

وعصية أنت ِ كنت ِ
في نقوشك
تنقشين كثيرا ً
ترهقين القلوب والأحجار

ثم تهنا
ابتعدنا كأننا ما التقينا
واقتربنا
كأن ما بيننا أشبار

ثم انتهينا
لا !!!
أنا انتهيت
لأني لا أجيد الانتحار
ولا أنت ِ تجيدين الانتظار







أنا... من أنا؟

1

أنا !!!
من أنا؟
إذا لم يكن في دمائي الخلاص
وتمتمات القدر

2

أنا !!!
من أنا؟
إذا لم أكن قتيل !
ذبيح !
يقي قومه موتة المنتحر

3

أنا ميت هذا الصباح
بسيف يسل
ويكسر إذا ما لطخته الدماء
فليس للذي انتزع روح الملك
وأهدى السيوف لأغمادها من بقاء

4

وسيبعث الزهر وطير الفضاء
إذا ما سقطت
وستتلقاني يدان
وألف لسان
وحكايات سيروونها لأطفالهم
عن الملك الذي ما استكان

5

أنا !!!
من أنا؟
أنا ملك لم يخف طعنة السيف
ولا ألهاه الصولجان

)




 
 

 

عرض البوم صور Green Tea   رد مع اقتباس
قديم 16-09-09, 03:51 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2009
العضوية: 149342
المشاركات: 19
الجنس ذكر
معدل التقييم: Green Tea عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Green Tea غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Green Tea المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 





14

صباح سبت، احتجت إلى كوب قهوة كبير وجولة خفيفة بين عدد من مواقع الانترنت لأتخلص من ثقله.

كان اجتماع إداري ما، قد كفانا اجتماعا ً تربويا ً آخر من اجتماعات ( أبو نايف)، والذي سحب في طريقه عددا ً من رؤساء الأقسام - أحدهم ناصر – مما أفسح الصباح لسليمان، فغادر المكتب وبين يديه أوراق يعزز بها وهم أنه ماض ٍ إلى عمل ما.

لم تكن خياراتي مبهجة، كان علي أن اختار ما بين نظام ( المالية) ومشاكله التي تنتظر حلا ً، مشروع ( التنظيم الإداري) والذي لازال تحليله المبدئي ينتظر زيارات أخرى للإدارة المعنية، وأخيرا ً ( المستودعات) والذي قاربت تعديلاتي على تحليله – بعد زيارتي ّ الأسبوع الماضي – على الانتهاء.

اخترت نظام ( المالية) بعد تردد، وانهمكت في دورة مرهقة من النفاذ إلى شفرة البرنامج، التعديل عليها، واختبار التعديل، وهي دورة تتكرر بتكرار الأخطاء، والتعديلات.

مر الوقت وأنا بين سطور الشفرة الكئيبة، ومنطقها الرتيب والدقيق، عاد سليمان، تحدث قليلا ً، خرج، ثم عاد مرة أخرى.

- أف – بصوت عال ٍ وقد يئست أخيرا ً من اكتشاف خطأ ما، مدفون بين السطور والفواصل -.

- سلامات - وهو مشغول بقراءة شيء ما على شاشته -.

- هذا النظام الكريه، يبدو أن مشاكله لن تنتهي أبدا ً.

- ههههههههههه، وكيف ينتهي وهؤلاء الكلاب يطلبون تعديلات جديدة في كل يوم؟ لو كنت في مكانك لرفضت أي تعديلات جديدة، ولصرفت وقتي في حل المشاكل البرمجية فقط.

- عندها يتصل مديرهم بناصر ليشتكي عدم تعاوننا معهم، وأنت تعرف كيف سيتصرف ناصر حينها.

- المهم – أكملت وأنا أمد له ملفا ً صغيرا ً -، أنا مشغول جدا ً بالمالية و( المستودعات)، فلذا تابع أنت تحليل مشروع ( التنظيم الإداري)، نحتاج إلى اجتماع جديد معهم، لاستكمال بعض البيانات، ستجدها مكتوبة في الورقة الأولى في الملف، لا... لا... التي بعدها، الصفراء... الورقة الصفراء.

انصرفت إلى عملي، فيما جعل يقلب هو أوراق الملف وهو يدندن.

- حسنا ً... متى تريد أن نذهب إليهم؟

- اممممم – وأنا أفرك أذني -، أنا مشغول تماما ً، فلذا أذهب أنت إليهم غدا ً.

- أنا أفضل أن نذهب إليهم معا ً.

- للأسف، لا أستطيع.

- يمكننا تأجيل الموعد إلى يوم الاثنين.

- آ... لا أريد أن نتأخر كثيرا ً، سيمر أسبوعين على استلامنا للمشروع ولم نمر بهم سوى مرة واحدة، وأخشى أن يسألنا ناصر عن ما تم في المشروع في أي لحظة.

- لا عليك... فليحمد ربه أننا استلمنا المشروع، وعندما يسأل أنا من سيجيبه.

* * *

كنت قد صليت المغرب للتو عندما اتصل بي أخي خالد، وأخبرني بعجل أن والدي لديه ضيوف هذه الليلة، وأنه يطلب حضوري.

كان هذا غريبا ً، فهذه الدعوات المفاجئة ليست من طباع أبي.

لم أفكر في الأمر كثيرا ً، صليت العشاء وقصدت منزل والدي القريب، فوجدت سيارات الضيوف تسد الباب – هذا غريب !! هل وصلوا بهذه السرعة؟ أم أنهم كانوا هنا قبل الصلاة ! -، دخلت كان هناك بالإضافة لأبي وأخوتي صالح – الكبير – وخالد ومحمد، عدد من رجال العائلة – بعضهم أعرف كنيته، وبعضهم اسمه الأول، والبقية ملامحهم التي أراها مرة في العام أو مرتين – ميزت من بينهم أبو خالد.

بعد السلام وفنجال القهوة الذي قدمه لي أخي محمد، تحدث أحد الرجال – أظن أنه يدعى أبو تركي -:

أبو تركي: كنا نتحدث مع والدك قبل حضورك يا أبا عبد الله – هكذا كان يناديني البعض بما أني بلا عيال وأن اسم والدي عبد الله -، لقد تفاجئنا بتراجعك عن كتابة الكتاب، وكنا نرجو أن يتوسط لنا عندك، ولكنه أخبرنا بأنه لا يدري عن تراجعك شيئا ً، و... – لم يجد كلمة يقولها فسكت، وتركني للعيون التي تنتظر -.

أنا: آ... – وارتباك غريب يجتاحني -، أنا زرت أبا خالد الأربعاء الماضي، وأخبرته بأني لا أستطيع إكمال الكتاب لأسباب شرحتها له – والتفت لأبي خالد الذي كان جالسا ً وقد مد رجليه ووضع يديه على بطنه، فاعتدل في جلسته -.

أبو خالد: نعم... نعم... الشيخ كان لديه بعض الـ... – وتوقف ليناول فنجاله لمحمد – الاعتراضات على بعض الأحداث التي وردت في الكتاب، يعني أشكلت عليه بعض المسائل ولم تتحقق له بعض التواريخ – والتفت إلي -، أليس كذلك يا شيخ؟

أنا: ليست اعتراضات، أنا درست مخطوطة الشيخ عبد الرحمن، وكتاب التبيين، ورجعت لموسوعة المحتم، وغيرها من الكتب، ووجدت أن بعض الأحداث المذكورة في المخطوطة غير صحيحة...

رجل ذو ملامح هادئة مقاطعا ً: كيف تكون غير صحيحة؟ الأحداث التي في المخطوطة رواها الشيخ عبد الرحمن عن الجد مباشرة.

أبو خالد: ربما يقصد أن الجد صالح رواها في آخر أيامه فاختلطت عليه بعض الأمور.

رجل آخر يلقبونه ( بسك) – لأنه كان يرددها في شبابه، وتعني يكفيك -: الجد لم يخرف في آخر أيامه، مات وذاكرته معه.

أبو تركي: دعوا الرجل يتحدث.

أنا: أنا أخبرت أبا خالد، هناك أحداث مثلا ً ذكر في المخطوطة أن الجد حضرها، وبعد البحث اكتشفت أنها وقعت في صغره، وأنه لا يمكن أن يكون قد شارك فيها.

بسك: الله يهديك !!! ليست كل الكتب موثقة، فلا تأخذ بكل ما يرد فيها، أليس كذلك يا أبا خالد؟ أليست بعض الكتب التي بحثت فيها تورد بعض الأمور التي ثبت عدم صحتها.

أبو خالد: نعم... نعم... بعض الكتب مثلا ً تقول أن الإمارة في الريلية قبل صالح بن علي، كانت لنوفل بن حمدان، مع أنها كانت لابن حمد وهو الذي أخرجه الجد بعدما وقع بينهم في ( الدشانة).

أبو تركي: الدشانة كانت على ابن حومل !

أبو خالد متهللا ً: هو ابن حمد، كان يسمى بابن حومل، أمه هي حومل.

بسك: غير صحيح، أمه اسمها نورة.

فهد بسخرية: وهذا ما يهمنا الآن.

ذو الملامح الهادئة: اسمها نورة وكانت تلقب بحومل، وهي التي قال فيها الشاعر:


وين أهلكم يا راعين العمد /// أمكم حومل وأبونا سعد


أبو خالد وقد عاد الحديث إليه: نعم... فبعض الكتب تورد أخبارا ً يجمعونها بلا تثبت.

أنا: موسوعة المحتم كتاب موثق، والمحتم مؤرخ معروف، و...

بسك: سبحان الله !!! وكتاب المحتم قرآن منزل !!!

أنا بغيظ: لا... ولكنه عندي أوثق من مخطوطة الشيخ عبد الرحمن.

بسك بحدة: الشيخ أخذها من الجد مباشرة.

أبو خالد مهدئا ً: اذكروا الله يا جماعة الخير، يا أبا فيصل – هذه كنية ( بسك) –، أبو عبد الله يقصد أنه قد يكون هناك نقص في مخطوطة الجد.

فهد: وها هم يملون عليك مقاصدك.

بسك بتوتر: أنا لم أقل بأن مخطوطة الجد كاملة، فيها نقص بالتأكيد، الكامل الله سبحانه وتعالى، ولكن هذا لا يعني أن نلقي بالمخطوطة كاملة بحجة أنها غير موثقة، وإلا لا يا أبو صالح؟ - موجها ً سؤاله لأبي -.

شعرت بغيظ حقيقي، من جر الرجل لأبي إلى ساحة الصراع.

أبي الصامت تكلم بنبرته الهادئة: كلامك صحيح يا أبا فيصل، ولا أظن أن أحدا ً يشكك في صحة المخطوطة.

بسك ملتفتا ً لي: الحمد لله... فالمخطوطة هي مرجعنا الأول وكتاب جدنا يجب أن يعتمد عليها.

نظرته إليه ببرود ثم قلت ببطء: هل قرأت المخطوطة؟

بسك: لا.

سألت بسرعة: هل قرأت كتاب المحتم؟

بسك: لا ولكن...

قاطعته: إذن أنت بكل بساطة تجزم بصحة أشياء لم تقرأها.

بسك بحنق: يا أخي بالمنطق، الكتاب مروي عن الجد مباشرة و...

قاطعته بتصميم: وبدلا ً من أن تقرأ وتبحث كما فعلت أنا، تأتي إلى هنا وتملي علي آرائك، سأقولها لك بوضوح هذه المرة لعلك تسمعها جيدا ً، كتاب الجد فيه أكاذيب، أخبار كاذبة، مزيفة، لم تقع، وإن كان الجد هو من قالها فهو قد كذب فيها غفر الله له – حاول الحديث، وكذا أبو خالد ولكني أكملت بصوت عال ٍ -، وإن كان الجد لم يقلها فيكون عندها الشيخ عبد الرحمن هو من كذبها للأسف، وأنا لست على استعداد لترديد الأكاذيب إرضاء لك ولغيرك.

حل صمت ثقيل عندما انتهيت، لم أنظر لأحد، ولا أدري أين كانت أنظارهم هم.

نهض أبي قبل أن يقول أحد شيئا ً وقال بذات الهدوء: تفضلوا، العشاء جاهز.

ارتبك أخوتي وهرولوا إلى الداخل فالعشاء لم يجهز بعد، والسفرة لازال ينقصها الكثير، ولكن أبي نهض ونهض الرجال معه وساروا إلى غرفة الطعام المجاورة.

تعشينا بصمت تقطعه أحاديث طفيفة ومتقطعة بين أبو خالد وأبو تركي، ثم انصرفوا بعدما تناولوا الشاي ودعوا لأبي بالبركة.

ودعهم أبي عند الباب ثم قال لي أنا وصالح الواقفين معه: تصبحون على خير.

ودخل لينام.

زفرت بضيق لما آل إليه الأمر، خرجت من المنزل ومعي صالح ووقفنا عند سيارتي، نظر لي وابتسم ثم قال: هداك الله، هناك أشياء يجب أن لا تقولها.

أنا: ماذا تريدني أن أفعل يا أبا عبد الله؟ هل هذه تصرفات رجال؟ يأتون إلى أبي ليحدثوه عن الكتاب وهو لا شأن له به، يصرون على صحة المخطوطة رغم كل ما قلته عن الأخطاء التي فيها، ماذا أفعل؟

صالح: اسمع... أنا لا يهمني الكتاب ولا المخطوطة، واعتبر الموضوع كله سخيف، ولكن كان يجب عليك أن تراعي وجود أبي ومكانته.

أنا: أراعي مكانته !!! وأنا ماذا فعلت؟ أنا لم أخطئ على أحد منهم، رغم أنهم تعاملوا معي كطفل يحتاج إلى ولي أمره طيلة الوقت.

صالح: ليتك أخطأت عليهم هم، كان الأمر هينا ً وأصلحنا ما بينك وبينهم، ولكنك أخطأت على جدنا ذاته.

أنا: كيف أخطأت عليه !!! الكتاب مليء بالأكاذيب وهم يصرون على أنه صحيح، ماذا تريدني أن أقول؟

صالح: أنا قلت لك الكتاب لا يهمني – خفت صوته وفقدت بعض الكلمات عندما فتحت باب سيارتي وانسللت إليها لأشعل المحرك قبل أن أعود لوقفتي - .... يجب عليك أن لا تتعرض للجد أو تتهمه بالكذب حتى ولو كنت مؤمنا ً بهذا، لأن عقولهم صغيرة، والجد بالنسبة لهم كالمقدس، لا يجوز مسه، يا أخي في كل سنة يصدعون رؤوسنا بقصائد في مدحه، ثم تأتي أنت لتقول أنه كاذب ومدعي !!!

أنا: صالح... أنت لم تقرأ المخطوط كما قرأته أنا، وإلا...

قاطعني: يا أخي قلت لك المخطوط لا يهمني، ليكن الجد كذابا ً، في النهاية هو جدهم وجدنا جميعا ً، وأنت عندما قلت رأيك لهم أهنتهم، أهنتنا جميعا ً، وأهنت أبي قبل كل هذا، فكر بموقف أبي الآن، كبير العائلة وعميدها تهان عائلته وممن؟ من ابنه !!! ماذا سيقول الآن؟ أنت بأسلوبك اليوم أفسدت جهد سنوات طويلة قام به أبي لجمع العائلة، لا يهم ما في المخطوط، ما يهم ما يقوم به أبي من أجل العائلة وأنت بكل بساطة وضعت نفسك بين أبي وعائلته.

أنا: لا حول ولا قوة إلا بالله، كل هذا لأني قلت رأيي النقدي في هذا الكتاب !!! هل صارت كلمة الحق الآن صعبة على الجميع؟

صالح: أنا أفكر بشيء وأنت تفكر بشيء آخر، هل تظن أننا نصدق كل ما يقال عن الجد؟ لا بالطبع، نحن نعلم بأن الجميع يبالغون حوله، كما تفعل كل العائلات الأخرى مع أجدادهم، ولكن العائلات الأخرى احترمت أجدادها وكتبت عنهم كتبا ً توقرهم، وترصد ما قيل ويقال عنهم، أما نحن فقد هاجمت أنت الرابط الذي يربط بيننا ويجمعنا.

أنا بحنق: سبحان الله !!! ما يربطنا الآن صار فقط جد أسطوري، يعيش في مخيلتنا أكثر مما عاش في الواقع، هل نحن سذج إلى هذه الدرجة؟

صالح: لا... ولكن ما الحاجة إلى أن نهاجم جدنا ونقلل من قيمته؟

أنا: أنا لم أقلل من قيمته، ما فعله الجد أمر طبيعي، كلنا نمجد ذواتنا ونحكي عنها الجميل فقط، وما نريد لا ما كان.

صالح بملل: أنت اتهمت الجد بالكذب وهذا في حد ذاته اتهام كبير وخطير جدا ً، ولا يهم إن كان صحيحا ً أو غير صحيح، المهم هو أنه ما كان عليك أن تقوله، عموما ً سنتحدث حول الموضوع في وقت آخر، فأنا ذاهب الآن لإحضار أم عبد الله – زوجته – من عند صديقة لها، مع السلامة.

أنا: مع السلامة.



 
 

 

عرض البوم صور Green Tea   رد مع اقتباس
قديم 16-09-09, 03:53 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2009
العضوية: 149342
المشاركات: 19
الجنس ذكر
معدل التقييم: Green Tea عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Green Tea غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Green Tea المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 





15

لم أنم جيدا ً.

كنت قد قضيت الليلة أستعيد ما حدث، وأقلبه في ذهني، يملؤني شعور غريب، لم أفلح في تحديده.

لم آبه لوصولي للعمل متأخرا ً.

قدت السيارة بهدوء غريب، بعد أن أقنعت نفسي بالكاد بالذهاب وعدم الحصول على إجازة اضطرارية.

- السلام عليكم – وقد دخلت المكتب ووجدت سليمان واقفا ً -.

- وعليكم السلام، الحمد لله على السلامة، أين أنت؟ ولم َ هاتفك مغلق؟

- الله يسلمك... ماذا تريد؟

- اتصل ناصر يريدنا في اجتماع.

- لا... ليس هذا الصباح، أنا بالكاد نمت البارحة.

- سلامات؟

- كنت متعبا ً قليلا ً.

- لم َ لم تأخذ إجازة؟

- لا أدري.

- حسنا ً ستأتي أم ماذا؟

- أمري لله، ما دمت هنا فلنذهب.

دخلنا المكتب، وانتظرنا ناصر حتى التفت إلينا.

ناصر: كيف حالكما.

أنا وسليمان: الحمد لله.

ناصر: ماذا تم في المشروع الذي سلمته لكما قبل أسبوعين؟

سليمان: زرنا الإدارة وبدأنا بالتحليل المبدئي ولدينا اجتماع آخر معهم غدا ً بإذن الله.

ناصر: وأين خطة المشروع؟ لم تقدموا خطة المشروع مع أن هذه هي أول خطوة يفترض أن تقوموا بها، ثم أين وصلتم في التحليل؟

سليمان: نحن أخبرناك منذ البداية بانشغالنا، وتداخل المشاريع لدينا.

ناصر: بم َ أنتم مشغولون؟ نظام ( المالية) يعمل ويكفي أن يتابعه أحدكما، المستودعات لم تقوموا بالتحليل بعد، ولم تجتمعوا مع أحد من الإدارة.

أنا مقاطعا ً: لا... أنا اجتمعت بمدير المستودعات الاثنين الماضي.

ناصر مكملا ً من دون أن يهتم باعتراضي: وهذا المشروع بلا خطة ولم تخطوا فيه خطوة واحدة؟ ثم تقول لي أنكم مشغولون يا سليمان؟ مشغولين بماذا بالشاي والانترنت والثرثرة؟

سليمان: لا يوجد أحد في هذه الإدارة مشتت بين ثلاثة مشاريع سوانا، فلذا لا تلمنا على التأخير، وعلى التداخل في العمل، فقد أخبرناك منذ البداية بأن هذا سيحدث، ثم إننا كما أخبرتك زرنا الإدارة وقمنا بتحليل مبدئي وسنكمل التحليل في اجتماعنا معهم غدا ً.

ناصر: وأنا كيف أعرف ما تفعلونه إذا لم تقدموا لي خطة واضحة بالمهام وتواريخ تنفيذها؟ مشروع بلا خطة، هذه مهزلة، الآن تخرجون من هنا وتعدون لي الخطة، ولا أريدها خطة عامة، بل أريد خطة تفصيلية لكل مرحلة من مراحل المشروع، وأريدها على مكتبي قبل الظهر.

خرجنا من المكتب حانقين، وشعرت بضيق شديد زادته شتائم سليمان المتواصلة.

قال سليمان حالما وصلنا المكتب:

- هذا هو، يسلمك المشروع بابتسامة ومديح، ومن ثم يلعنك في كل مرحلة من مراحله.

- المهم الآن – قلتها بضيق ظاهر -، لنبدأ بإعداد الخطة، ونسلمها ونرتاح.

- أعدها أنت إذا أردت، أما أنا فلا يهمني هذا المعتوه، وليفعل ما بدا له.

انصرف إلى جهازه، فجلست أتأمل الصور العشوائية التي كانت تلتقطها شاشة التوقف من خبايا ملفاتي لتعرضها، حقل في الحصاد، طفلة تبتسم مغمضة العينين، فتاة جامعية تراجع دروسها في ظل شجرة، بدر مكتمل، رجل أسود يقود دراجة وقد احتضن ماعزا ً بنظرات فضولية، راحة يد بيضاء بلا خطوط، غلاف رواية ( بجعات برية)، صورة لي في إحدى رحلاتي الخارجية أتكئ على السياج الخارجي لفندق ومن ورائي بحر هادئ.

فهد بسخريته البغيضة: ها... هل ستبدأ بإعداد الخطة الآن أم أنك تفضل راحة قصيرة؟

أنا بحنق: أخرس.

فهد: أخبرتك بأن هذا ما ستجده هنا دائما ً، سيلقي عليك ناصر كل الأحمال التي يستطيع إلقاءها، وسيتملص سليمان من كل الأعمال التي يمكنه أن يتملص منها، وستجد نفسك خائضا ً في كل شيء، وستفقد بعد فترة لذة الإنجاز، وتجد نفسك غارقا ً في متاهة من المهام التي لا تنتهي ولا تقود إلى نهاية، على ناصر ومن وراءه سليمان أن يعرفا حدودك، تحتاج الآن وقبل أي وقت آخر أن تضع الحدود، وأن تجعلها ظاهرة، واضحة للجميع، أفعل ذلك الآن، ولا تأبه لأحد.

نقرت على لوحة المفاتيح فاختفت شاشة التوقف، وظهر سطح المكتب الذي تغطيه لوحة ( الشاعر) لليون جيرارد، والتي تناثرت فوقها ملفات كثيرة ومتنوعة الأهداف، قصدت البريد وافتتحت رسالة موجهة إلى ناصر، مع نسخة لسليمان، وأخرى لأبي نايف.

استنفدت مني الرسالة ساعة في صياغتها وفي التفكير في دلالاتها، وما يمكن أن تقدمه لي، وفي النهاية أرسلتها رغم ترقبي للعاصفة التي ستتلوها.

((

المكرم / رئيس قسم البرمجيات المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة وبعد.

نظرا ً إلى تداخل المشاريع التي أعمل عليها، وتكثف العمل فيها، حيث أعمل في كل من ( مشروع المالية)، ( مشروع المستودعات)، و ( مشروع التنظيم الإداري)، ونظرا ً إلى أن دوري في كل مشروع من هذه المشاريع يتوزع على تحليل الأنظمة، تصميمها، ومن ثم تطويرها وتدريب المستخدمين لها، وهو جهد كبير جدا ً، ويراد مني إنجازه في نفس الوقت، ومن دون أي توزيع للعمل، وفي ظل تدخلات إدارية دائمة في أسلوب العمل وأولوياته، وحيث أنه ظهر من سعادتكم عدم رضا عن أدائي في المشاريع السابقة الذكر، فلذا آمل منكم التكرم بالتالي:

1. تحديد مسئولياتي ومسئوليات أعضاء الفريق في كل مشروع من المشاريع السابقة، بحيث تتم محاسبتي عند التقصير في أداء ما أوكل لي.

2. تحديد أولويات واضحة للمشاريع، بناء ً على الخطط المقدمة، بحيث لا يتم إهمال جزء من مشروع لصالح مشروع آخر.

3. التوجيه بالتغييرات التي ترونها لازمة لتطوير أسلوب العمل القائم حاليا ً.

وتقبلوا تحياتي.

))

* * *

يبدو أن سليمان لم ينتبه للرسالة التي أرسلتها، لأنه سألني وقد استدعانا ناصر بعد الظهر:

- هل أرسلت له الخطة؟

- لا.

بدا مستغربا ً، ولكنه لم يقل شيئا ً وأعد نفسه لعاصفة جديدة من ناصر.

كان ناصر يفتش أوراقا ً تكدست على أحد المقاعد، عندما دخلنا، أشار لنا بالجلوس وانهمك فيما يقوم به، وعندما لم يحصل على مراده، هز رأسه وزفر وعاد إلى مقعده.

ناصر: ما مشكلتكما الآن؟

سليمان: عذرا ً يا أبا خالد، الخطة بدأنا في إعدادها، ولكن لأنك طلبتها تفصيلية لم نستطع إنهائها في الوقت المحدد وسنعمل عليها هذا اليوم كله، وستجدها على مكتبك غدا ً صباحا ً بإذن الله.

قال ناصر باستخفاف وهو يطوح بيمناه: من الواضح أنه لا يوجد أي تنسيق أو تعاون بينكما.

تجاهل سليمان والتفت إلي: ما مشكلتك أنت؟

قلت بخفوت بعدما تنحنحت: الأعمال الموكلة لي كثيرة، وكما هو واضح من رسالتي أريد تحديدها بوضوح بحيث يمكنني إنجازها، ويمكنكم كإدارة محاسبتي لو كان هناك أي تقصير مني.

قال ناصر بهدوء شديد: أنا أوكل لكما مشروع واضح ومحدد، ولذا عليكما أنتما أن تحددا مهام كل مرحلة من مراحل المشروع، تضعان هذه المهام في خطة واضحة ومحددة، وتزوداني بالخطة لأتابع عملكما، بعد هذا توزعان هذه المهام بينكما وتنجزانها، أنا ليس لدي الوقت لآتي وأحدد لكل واحد منكما ما الذي عليه أن يقوم به، وكيف يقوم به، وإلا يمكنني إحضار أي شخص من الشارع وأجعله يدير هذه المشاريع، وأستغني عنكما.

أنا: وعندما نزودك بالمهام التي علينا أن نقوم بها، ويمر الوقت ولا نقوم بها، من الذي يتوجه له اللوم؟

ناصر بحنق: هذه مصيبة، ما تقوله أنت الآن مصيبة، أنتما فريق واحد، وعليكما أن تقوما بالمهام كفريق، كلامك هذا يعني أن كل واحد منكما يعمل لوحده من دون أي تعاون أو تنسيق، هل لديكما مشكلة معا ً؟ هل لديك مشكلة مع سليمان – وأشار إلي -.

أنا بتوتر أحاول إخفاءه: أنا لدي مشكلة مع مطالبتي بمهام كثيرة، وأن ألام على ما أقوم به وما لا أقوم به، فلذا أريد أن يحدد لي مهامي بوضوح بحيث ألام عندما لا أنجزها.

ناصر بصوت أعلى: قلت لك أنا أدير قسما ً كاملا ً، لا مشاريعكما، فلذا أنا أسلم لكما المشروع وأطلب منكما إدارته، لست متفرغا ً لأن أحدد لكما مهامكما في كل مشروع، ومن يقوم بماذا؟ هذه مشكلتكما أنتما ويجب أن تحلاها معا ً، تكلم يا سليمان، أنت الأقدم والأعرف بطريقة العمل، لم َ لم تحددا المهام التي يجب على كل منكما القيام بها؟

قال سليمان من دون أن ينظر لي: نحن نحدد المهام ونوزعها في بداية كل مشروع.

ناصر: إذن لم َ تزعجونني !

هز سليمان كتفيه ولم يرد، وصمت ناصر قليلا ً، ثم عاد ليقول: سأمهلكما إلى صباح الغد لترسلا لي الخطة كما طلبتها.

قلت: أنا ما زلت مصر على موقفي، أريد أن تحدد لي مهامي في كل المشاريع القائمة.

تأملني ناصر بثبات ثم التفت إلى سليمان وقال: أريد الخطة التفصيلية على مكتبي صباح الغد، مفهوم يا سليمان؟ سأحدد لك مهامك بإذن الله – وقد التفت إلي -.

* * *

- ما الذي حدث؟ - سليمان بغضب وقد خرجنا -.

- لا شيء، - من دون أن أنظر إليه - أريد أن أعرف الذي لي والذي علي في كل هذه المشاريع.

- طيب !!! كلنا متعبون من هذه المهام والمشاريع المتراكمة، أنا أعمل معك في ذات المشاريع، ولكن مع ذلك لم أعط الفرصة لهذا الكلب أن يهزئنا، ما الذي كتبته له؟

- ما قلته لك، أريد أن أعرف مهامي في كل مشروع، لا أريد أن تحول لي كل الأعمال التي لا يريدها أحد، وأن أطالب بالقيام بالأعمال المملة والكئيبة.

- ولم َ لم تخبرني قبل أن تكتب له؟

- أرسلت لك نسخة من الرسالة.

- أحسنت ! بعدما أرسلتها له ! ما الفائدة؟ أنت لا تعرف ما الذي سيحدث الآن، سيدقق ناصر علينا في كل خطوة نقوم بها، سيترصد لنا في كل شيء، سيلومنا على النقطة والفاصلة.

- دعه يفعل ما يريد بعد أن يحدد لنا مهامنا، عندما يكون لدي مهمة واضحة ومحددة سأقوم بها بشكل صحيح، وعندما سأخطئ سأعرف أين أخطأت وكيف، وسأتعلم من أخطائي، أما أن يطلب مني أن أقوم بالتحليل والتصميم والاختبار والتدريب، وإعداد الخطط في ثلاثة مشاريع، وألام لعدم قدرتي على ملاحقة كل هذه التفاصيل، فهذا طلب غير منطقي.

- أنا أعرف كل هذا، ولكن كان عليك أن تتفق معي قبل أن ترسل له الرسالة، هو الآن يظن بأننا لا نتعاون وأننا لا نوزع المهام بيننا، وهذا سيجعله يتدخل في كل شيء، ويحدد لكل منا مهام قد لا تناسبه، وندخل في دوامة من الصراع معه لن تنتهي.

- نحن في صراع معه من الأساس – وقد دخلنا المكتب الآن -، ثم لنتحدث بصراحة يا سليمان، أنا من يقوم بالكثير من المهام هنا، مشروع ( المالية) أنا من يتابع مشاكله ويحلها، بينما تستثقله أنت وتستثقل مستخدميه، مشروع ( المستودعات) بدأنا ثلاثة في المشروع، أنا وأنت وزيد، فقمت أنت وزيد بتوزيع العمل بحيث لا تلتقيان أبدا ً، فلم أعترض، ثم صرت كلما أطلب منك الذهاب معي للاجتماع ترفض وتتحجج ببغضك للإدارة ومديرها، ولأن زيد صار غير مفيد لنا بجرة قلم من ناصر، صرت أنا المسئول عن المشروع بكامله، والآن مشروع ( التنظيم الإداري) أطلب منك بالأمس الاجتماع معهم لأني مشغول تماما ً، وتصر على أن نجتمع معهم سوية، ليأتي ناصر اليوم ويلومنا معا ً، ثم تطلب مني أن لا أطلب توزيعا ً للمهام !!! يا أخي، حتى عندما طلب منا ناصر الخطة هذا الصباح، طلبت منك مساعدتي فيها ورفضت ! ماذا كنت تتوقع مني؟ أن أعدها بنفسي وأريحك كالعادة من هذه الهموم ! لا... فليحدد لنا ناصر مهامنا، وليقم كل منا بمهامه، وإذا قصر فيها يتحمل هو وحده عاقبة تقصيره، لا أن تعم العقوبة الجميع، أنت زميل عزيز يا سليمان ولكني مللت من القيام بالمهام التي لا تقوم أنت بها.



 
 

 

عرض البوم صور Green Tea   رد مع اقتباس
قديم 16-09-09, 03:57 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2009
العضوية: 149342
المشاركات: 19
الجنس ذكر
معدل التقييم: Green Tea عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Green Tea غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Green Tea المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 






16

التقينا من جديد، ولكني أتيت هذه المرة وبين يدي أوراق تملؤها خطوط أضحكت حسن، ومنحته مزاجا ً رائقا ً.

- أرى أنك استبدلتني بجدك.

- تعني أني استبدلت جدي بك، صحيح، وستكون نهايتك على يدي بإذن الله.

بعدما تناولنا قهوتنا، وثرثرنا قليلا ً، وضعت أنا راحة مفتوحة على الأوراق، وقلت:

- هنا شيء من التحليل والنقد لقصائدك الجديدة فقط، التي أرسلتها لي، لأن القصائد القديمة كلها، حكايات الملك، وأيامه القديمة، لا أحتفظ منها في ذاكرتي إلا بالقليل.

- سأرسل لك كل شيء، عندما تكتمل القصيدة الكبيرة، فليست كلها مكتوبة على الحاسوب، فبعضها لازال على الورق.

- لا بأس، المهم... هل تريد سماع النقد أم أنك تتحسس منه؟

- هات ما عندك.

- تحليلي – قلت وأنا أتناول الأوراق – يتناول فقط ( لا تنتظر)، ( حكاية لا تنسى)، ( عفن)، و ( من يصلحني؟)، ( نقش)، و( أنا... من أنا؟)، هذه هي القصائد التي بين يدي.

- جميل – قالها وهو يفتح علبة سجائره -.

- هناك علاقات لاحظتها بين القصائد الست، أولا ً ( لاتنتظر) و ( من أنا؟) هما القصيدتان الوحيدتان عن الملك، أو حتى لا أدخل معك في جدل، الوحيدتان اللتان يظهر فيهما الملك بشكل صريح، ( حكاية لا تنسى) و ( نقش) هناك تشابه بينهما، كما أن هناك تشابه أكثر، بين ( عفن) و ( من يصلحني؟)، ويؤكد هذا البيت الوارد في المقطع ما قبل الأخير ( وأني من روحك ِ سأستل / عفنا ً كان قد احتل / ظننت ِ أنه قد زال / وطمرته السنوات).

- طيب.

- لحظة... إذا استبعدنا قصائد الملك، لأنها تدور حول القصة الأساسية، الملك وحيرته، تتبقى لنا هذه القصائد الأربع التي تزعم أنت أنها مضمنة في القصة الكبيرة، ولكن الغريب أنها خارج خط الحكاية تماما ً، ولا يوجد ما يمكن أن يربطها بالملك.

- هذه قراءتك أنت.

- لحظة... لحظة... دعني أقول كل ما لدي أولا ً، بالتأكيد كل ما سأقوله، هو قراءتي الخاصة لقصيدتك، وهذا جيد، فأنت كشاعر تحتاج إلى قارئ، إلى من يخبرك كيف قرأ قصيدتك، وكيف أثرت به.

- جميل – وهو ينفث الدخان كسفينة نهرية -.

- ( حكاية لا تنسى) و( نقش) لهما ذات المعنى، أو ذات النَفَس، الحب الجميل الذي انتهى بشكل مفاجئ، بل إننا لو حللنا القصيدتين بيتا ً، بيتا ً، لتجمعت بين يدينا مجموعة من الدلالات المهمة، ركز معي.

- ههههههههههههههههه، هذه قصائدي، لا أحتاج للتركيز معك لأفهمها.

- لا... لا... أعني ركز في كلامي.

- طيب.

- لنأخذ قصيدة ( حكاية لا تنسى)، ما هي دلالات القصيدة؟ ( أحببتك ِ منذ البداية / بخفوت / بسكوت / وبامتنان...) حب صامت، ثم ماذا؟ ( وكنا اثنان / لا يعلمان / تكفيهما الكتابة والشكوى للورق / وكنت أصنع قصائد / يغيبها ليل أو يحييها أرق) إلى آخر المقطع، إذن الحب الصامت كان من الطرفين، ثم ماذا؟ ( فلم َ كان للحب ثمن؟ / متى كان للحب ثمن؟ / متى كان للحب دفاتر ومحاضر / وأسئلة منها لا نفيق / ولم َ كنا منذ البداية / نكتب النهاية / بأصابع لا ترى)، والآن نأتي للمقطع المهم، هذا المقطع مليء بالدلالات، بل أنا اعتبره المقطع الذي يأخذ القصيدة إلى اتجاه جديد، فالحب الذي بدأ صامتا ً، والذي سنظن أنه لم يولد أو لم يخرج للنور، في هذا المقطع نشعر وكأنه قفز قفزة زمنية، وكأن هناك دلالات متضافرة، كانت تسوقها لنا بداية القصيدة ( أحببتك ِ منذ البداية) بداية ماذا؟ كما كان يسوقها لنا العنوان ( حكاية لا تنسى).

- أكمل – عندما توقفت لأنظر إليه، وهو يعتدل في جلسته، ويدفن سيجارته في المنفضة -.

- يتساءل الملك – وأنا أغمز له بعيني -، ( فلم َ كان للحب ثمن؟ / متى كان للحب ثمن؟ / متى كان للحب دفاتر ومحاضر / وأسئلة منها لا نفيق)، أسئلة حرى، أسئلة رهيبة، لماذا يكون هناك ثمن للحب؟ ولماذا يتحول الحب إلى ما يشبه السلطة، وهذا تدل عليه كلمة محاضر التي تصرف الذهن إلى أقسام الشرطة ومحاضر التحقيق، هذه الأسئلة التي تصدمنا فجأة، تجعلنا في مواجهة تساؤلات لا ندري ما الذي بعثها؟ ما الذي حركها؟ ما الذي حدث؟ هل تم رفض هذا الحب من الآخرين؟ هل تمت محاربته كما يحدث لكل قصص الحب؟ المقطع التالي يمنحنا شيئا ً مهما ً ( ولم َ كنا منذ البداية / نكتب النهاية / بأصابع لا ترى) وكأن النهاية كتبت بأيدي الحبيبين، وكأنهما كتبا النهاية منذ البداية، ويأتي المقطع الأخير ليروي لنا لحظات النهاية العاصفة والمفاجئة.

- ( نقش)، تدور في ذات المدار، وتحمل ذات الدلالات، المقاطع كلها ما عدا المقطع الأخير تحمل ذات الحكاية عن الحب الصامت ( كنت ِ نقشا ً غائرا ً / وقديما ً على جدراني / أخفيته حياء ً بستار / وانتظرنا طويلا ً / ما كشفتُ الستار / ولا أنت ِ سألت ِ / ما الذي يحويه الجدار / وعصية أنت ِ كنت ِ / في نقوشك / تنقشين كثيرا ً / ترهقين القلوب والأحجار... إلى آخره)، ثم المقطع الأخير ( ثم انتهينا / لا / أنا انتهيت / لأني لا أجيد الانتحار / ولا أنت ِ تجيدين الانتظار)، محمل بدلالات مشابهة للنص السابق، النهاية وكأنها كتبت بأيدي الحبيبين، وإن كان الاستدراك في ( لا / أنا انتهيت)، يجعل الأمر في حق المحب أكثر.

- حتى الآن أنت...

- لحظة، الله يرضى عليك، باقي أشياء كثيرة.

- نأتي الآن – أكملت وقد أشار لي بيده مستسلما ً - إلى القصيدتين الأخريين، ( عفن) و( من يصلحني؟) ونحاول كما فعلنا مع القصيدتين السابقتين، استخراج دلالاتهما، لنتأمل القصيدة الأولى، تبدأ هذه القصيدة بكلمة مهمة جدا ً ( قالت...)، أهمية هذه الكلمة بالطبع تأتي من أنها تمنح مساحة القصيدة لهذه التي تقول، وبالطبع تمضي القصيدة لتحدثنا عن هذا ( العفن)، برمزية جميلة، حيث يبدو العفن كوباء خفي، مستتر بشكل جميل، اجتاح هذه الفتاة التي استقبلته في البداية ببهجة، ولكنها عادت فيما بعد لتتمنى زواله، وتأتي نهاية القصيدة، لتخبرنا بزوال هذا العفن.

- الآن بما أن القصيدتين السابقتين، تحدثتا عن تجربة حب انتهت بشكل مفاجئ، وبما أن هذه القصيدة تحدثنا عن عفن تمنت الفتاة زواله فزال، فمن المفروض أن نربط بينهما لنقول أن الحب هو العفن الذي تمنت الفتاة زواله فزال، ولكني كما كتبت لك في رسالتي، فكرت بأن هذا غير منطقي، في المرة الأولى كان هناك حب صامت، وانتهى فجأة، ثم نأتي لنقول أن ذلك الحب الصامت كان عفنا ً أيضا ً تمنت الفتاة الخلاص منه فزال !!! هناك خلل في بنية القصيدة، وخلل كبير.

- هناك نقطة تنوير – قال ببطء وهو يختفي وراء سيجارة -، لستٌ ملزما ً بها، ولكني سأمنحك إياها.

- ما هي؟

- العفن الذي تمنت الفتاة زواله، ليس الحب.

- ما هو إذن؟

قال وهو يحرك سيجارته في الهواء، وكأنه يكتب بها كلمات ما:

- عفن... حسن.

كانت لحظات طويلة تلك، كان هو فيها صامتا ً، وكنت أنا أتأمل القصيدة، وقد تغيرت الآن أشياء كثيرة:

- كيف؟ - سألت بتقشف، سؤال يمكن أن يمنحه أوسع مساحة ممكنة ليتحدث -.

- حكاية طويلة.

- لا أريد أن أكون فضوليا ً، ولكن يمكنك التحدث لو أحببت.

- أتذكر ليلى؟

- نعم... بالتأكيد.

- حسنا ً، اتضح أنها بعد كل هذه السنوات لم تكن لا تبالي حقا ً.

- هذه العودة المفاجئة لها – أكمل – عقدت ما ظننت أنه استقر من حياتي، أنت تعرف كيف هي مشاعري تجاهها!!!

- وما علاقة هذا بحكاية العفن.

- اها... العفن حكاية أخرى، عودة ليلى أربكتني كثيرا ً، كنت أحاول التفكير بوسيلة أحل بها الأمر، من دون إيلام خولة، كنت أحاول إيقاف الزمن، أضع بيني وبين ليلى مسافة، وبيني وبين خولة مسافات، ولكن الأمر كان مؤلما ً للجميع.

- ثم ماذا؟

- لم تنجح محاولة إيقاف الزمن بالطبع – وهو يسحب سيجارة جديدة -، وكنت أشعر كل يوم بأني أمشي على حافة هاوية أراها ولا يمكنني تجنبها، وكانت الدفعة التي ألقتني في الهاوية، قصيدة مكسورة وصلتني.

- من ليلى؟

- لا... من خولة.

- ظننت أن ليلى هي الشاعرة؟

- هي كذلك، خولة لا تكتب الشعر.

- ولكنها أرسلت لك قصيدة !!!

- نعم... وعنونتها بعفن.

- العفن الذي تتمنى أن تتخلص منه، والذي غزاها في الشتاء.

- بالضبط... بالضبط.

- ثم ماذا؟

- لا شيء.

- كيف لا شيء؟

- حقيقة... لا شيء، تلك القصيدة بكلماتها البسيطة، بمرارتها الهائلة، كسرت شيئا ً في داخلي، أتعرف تلك اللحظات التي يكون فيها شيء ما هناك، ثم لا يكون؟ هناك شيء في داخلي كان موجودا ً، كان يملؤني بالحياة ثم لم يعد هنالك، غرقت في كآبة، ثم في حزن، بدأت تتكشف لي الكثير من الأشياء التي كنت أتغافل عنها من قبل، الإشارات التي كنت أجدها في قصائد ليلى، كلمات خولة الغامضة، والتي كنت ألقيها بعيدا ً، لأني كنت أظن أني محمي بالحب، بالثقة، وأنه لا شيء يمكن أن يمسني، ويحيلني عفنا ً في روحها.

- وكيف انتهى الأمر؟

- آ... لم ينتهي، أنا ابتعدت قليلا ً للتفكير في الأمر.

- وإلى ماذا توصلت؟

- لا شيء، لا يمكنني التفكير حتى تهدأ روحي.

- اها... وبدلا ً من التفكير وحل الوضع المعلق، انشغلت بكتابة قصيدتك !!!

- الشعر يخفف عن روحي.

- لا... الشعر هو ما يحجبك عن العالم، الشعر، خلق الكلمات، يمنحك ذلك الشعور المفقود من الفهم، من السيطرة.

- أي سيطرة؟

- سيطرتك على حياتك، حسن، أنا لم أقل لك هذا من قبل، ولكني سأقوله الآن، لأني أشعر بأني مدفوع له من داخلي، تأمل حياتك يا حسن، أنت لا تعيش في قصيدة كبيرة كما تتوهم، الأمور لا تنصلح ببيت أو بيتين تقولهما، الشعر كان يضع بينك وبين الحياة، بينك وبين الناس أغشية تجعلك لا ترى الأشياء كما هي، وإنما تراها كما تريد، أتذكر عندما تزوجت أمك؟ ما الذي فعلته؟ غضبت، أثرت الغبار في كل مكان، وتسببت بشقوق لا يمكن رتقها، ومن ثم ماذا؟ كتبت قصيدة، وخرجت من تلك المرحلة بسجائرك هذه التي اعتنقتها لتؤلم أمك، كنت دائما ً تتصرف بهذه الطريقة، لا ترغب برؤية الناس كما هم، لا يمكنك فهمهم إلا عندما تحشرهم بين بيتين من أبياتك، وعندما تدرك أنك أخطأت، أخطأت في فهمك، وفي تصرفاتك، تعود للشعر، لأنه هو المجال الوحيد الذي تجيده، والذي تجيد الحركة فيه بلا عوائق، هو ما يمكنك فيه رسم الأشياء، وإعادة رسمها مرارا ً، وفي كل مرة تخرج كما تريدها، كما تريدها تماما ً.

- والآن – أكملت في صمته -، في وسط أزمة عاطفية، بدلا ً من أن تسعى إلى من تحب، وتوضح كل ما تشعر به، بدلا ً من أن تحاول حل الخيوط المتشابكة بين ليلى وخولة، بدلا ً من أن تحاول إدارة الأزمة على أرض الواقع، تلجأ إلى إدارتها من خلال شخصيات شعرية تخلقها، ملك وشعب !!! موت ومجد !!! تهرق مشاعرك، وتتخذ عذاباتك معينا ً لأبياتك !!! تغرق معك من تحب !!! يا للسخافة !!! يا للسخافة !!! أتظن أن سكوتك سيحل المشكلة من نفسها !!! ألا تظن أن وجودك بالقرب منهما يسبب لهما ما يكفي من الحزن والألم؟

- أنا آسف لقسوتي عليك يا حسن – وقد توقفت ثم أكملت ببطء -، ولكن لابد لك من أن تحل الأمر وعاجلا ً، يجب أن تتخذ قرارك، ومن بعدها يمكنك أن تعود لأشعارك.

* * *

(

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكرك على درس البارحة، كان مفيدا ً.

لدي خبر جيد، وجدت نهاية للقصيدة، أتمنى أن تعجبك، وبالمناسبة تخلصت من كتابي الأزرق، وهذه هي القصيدة الكبيرة، ستجدها مرفقة مع الرسالة، أضعها كاملة بين يديك، النسخة الوحيدة، يمكنك بعد قراءتها حذفها، لينتهي كل شيء.



وداعا ً



الليل

يا لهذا الظلام الكثيف
يا لبرد الشتاء
يا لهجمة الريح
وجلبة الأحياء
متى يأتي الصباح؟




حلم

رأيت النهاية كرأس ذئب يطل
من شقوق الخيام
ويمضي بعيدا ً فلا أتبعه
لأني بلا قدمين، ولا أجيد الكلام
كطفل رضيع
تهدهده عجوز غريبة
لها وجه طويل ونظرات مريبة

ورأيت أطلالا ً قديمة
ومقابر تملؤها الجثث
خلف بابها الذئب ينتظر
بصمت عجيب
بصبر غريب
وعلى أنيابه دم قديم
وأرواح سليبة

وألقتني العجوز على الحطام
وسمعت بقلب طفل خطوة الذئب
وأنفاسه التي لامست أذناي
وكلامه الذي انتزعني من لجة الأحلام
"سيدي جاء الصباح"





بعيدا ً... إلى الأشجار أو حافة الجبل

للصباح الذي نموت فيه رائحة
تذكرنا بأزمان قد نسيناها
تذكرنا...
بأحلام بنيناها
بأوقات قضيناها
بالوجوه التي أفلت
وظننا أنها انتقلت
وأننا ما التقيناها
تعود اليوم مسرعة
ضاحكة وعابسة
لترهق القلب...
بالنهايات التي جنيناها

فأختفي...
بين الدروع
وبين أبيات القصيد
بين السيوف ورايات الجنود
والتهي
بكرات القتال
بانتشاءات النزال
بالتماعات السيوف على الجلود

فلا أختفي
ولا من روحي رائحة الموت تزول
وأرى النهار، أرى أيامي في أفول
وأرى كل ما كنت منه أفر
في مواجهتي يستقر
في جثوم لا يحول

وينكسر
ذاك الذي كان يربطني بالحياة
ذاك الذي كان يدفعني بعيدا ً
عن القتال وعن صلصلة السيوف
وحصاني الذي أدام الوقوف
يتعلم الآن الاندفاع إلى الممات

مغمض العينين اخترق الصفوف
الريح في ثيابي
الحزن في إهابي
وهجمة الشموس على أهدابي

في يدي سيف مل الرقاد
يشتهي الدماء
وملمس الأحشاء
وأن يجول كما يشاء
وأنا أخب
والفارس النبيل ينتظر
اللحظة التي فيها سينتصر

رائحة الموت لا تطاق
وأذناي لا تسمعان
وفي روحي سؤال كبير... لماذا؟
لماذا؟
لماذا؟
واستفاق
السيف النائم استفاق
وعادت يدي المشرعة إلى الأمام
لتغرس السيف في الأعماق
ورأيت النهاية وحيدا ً في الذهول
بين الأشجار ونباتات الحقول
عيناي تنظران بعيدا ً... إلى الأشجار أو حافة الجبل
قالوا بطل؟
وماذا إذا لم أرد أن أكون البطل !!!




 
 

 

عرض البوم صور Green Tea   رد مع اقتباس
قديم 16-09-09, 04:01 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2009
العضوية: 149342
المشاركات: 19
الجنس ذكر
معدل التقييم: Green Tea عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Green Tea غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Green Tea المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 



السلام عليكم

هذا الفصل الاخير
كنت ارغب بوضع الفصول بشكل متباعد حتى تسهل قراءتها
ولكن لاني قد انقطع الايام القادمة لظروف العيد والاهل وحتى لا اتاخر عليكم وضعت كل الفصول معا ً

اتمنى أن تكون الرواية قد أعجبتكم






17

وكأنما مرت دهور، التقينا في المقهى الذي بدأ فيه كل شيء.

كنت قد استنفدت ساعة أعيد فيها رسم التفاصيل للمكان الذي صار يعابث الذاكرة والأوراق، أضع خطا ً هنا، منفضة هناك، لوحة بألوان باهتة، وغبار يسلب من الإطارات زهوها، وصحفا ً، ورائحة، رائحة قهوة لا تخطئها الأنوف، حتى المقاعد منحتها ملمسا ً، وحدا ً للرخاوة التي تستقبل فيها الأجساد، ثم جلست بيدي القلم الذي ظل بلا غطاء كل هذه المدة.

- ما الذي حدث؟ - سألني فهد حالما استقبلني -.

- لا شيء ما خلا أني تخلصت منك لفترة وجيزة.

- لماذا؟

- كنت أحتاجها لأفكر.

- تفكر بماذا !!!

- بنا، بي وبك، بتأثيرك الغريب علي.

- تأثيري الغريب !!!

- نعم... ليست مصادفة أن علاقاتي ساءت مؤخرا ً، علاقتي بزملائي في العمل، علاقتي بزوجتي، علاقتي بعائلتي، حتى صديقي الوحيد اختفى.

- يا سلام !!! وما ذنبي أنا؟

- أنت من كان يدفعني للمواجهة في كل مرة.

- لا أصدق أنك تفكر بهذه الطريقة !!! علاقتك بمديرك وزملائك كانت سيئة من قبلي، ولكنك كنت تخفي ذلك ولا تبديه، وكذا علاقتك بزوجتك، صمت لا نهائي، وكلمات بلا معنى، وعائلتك يجب أن تشكرني لأني خلصتك من مشروعهم الوهمي، وصديقك اختفى منذ زمن بعيد، منذ قرر أن يغادر العالم ليعيش في كنف القصائد والملوك المعتوهين.

- كنت أفكر في الفترة الماضية، أبعدتك عني لأفكر جيدا ً من دون تدخلاتك، وتوصلت إلى أنك جانب حاد مني، جانب لا يجب أن يظهر للناس، وأنني أخطأت خطئا ً كبيرا ً، ويحتاج مني إلى سنوات لإصلاحه، عندما جعلتك تتعامل معهم.

- نعم – أكملت -، صحيح ما تقوله، علاقتي بزملائي لم تكن جيدة، كان فيها جانب استغلالي يرهقني، ولكني استبدلت ذلك الآن بعلاقة باردة ورسمية، صرت كلبا ً آخر في نظر سليمان، ونعم، كانت علاقتي بلينا بسيطة، ولكن ما الذي جنيته من محاولة تعقيدها؟ لا شيء، سوى حزن مكتوم من قبلها، وشعور مؤلم بأنها لم تكن كافية بنظري، وما الذي كان يدعوني لإهانة عائلتي، فليؤمنوا بجد أسطوري، لم َ كان علي أن أحطم صورته أمامهم !!! ألا يكفي أنه يجمعهم ويوحد بينهم.

- وحسن – بعد وقفة قصيرة وسبابة مرفوعة -، لم َ اعتبرت تردده ومحاولته البحث عن حل يشفي روحه هروبا ً وانشغالا ً بالقصيدة !!! لم َ لم أرى في التجاءه للقصيدة رغبة حقيقية في أن لا يرى الوجه القبيح للعالم، رغبته في أن يوقف الزمن، ليحتفظ فيه بليلى كما أحبها، وبخولة كما عرفها، ولكني وبدافع منك أوحيت له، بأن وجوده ذاته مؤلم لهما، فدفع نفسه بيأس بعيدا ً، وبدلا ً من أن استرده من القصيدة، أغرقته فيها.

- أنا آسف – قال - كان علي أن أخدعك، لتحتفظ بعلاقتك المهترئة بزملائك، حيث تغرق في كل يوم، في مقابل أن لا يحولك أحمق ما إلى كلب في كتابه !!! كما كان علي أن أشجعك على تضييع وقتك واسمك على كتاب سخيف، وبلا مادة حقيقية، فقط ليجد أقربائك ما يفخرون به !!! كما كان علي أن أعجب بعلاقتك الغريبة بزوجتك، والتي تتوزع بين كلمات قليلة، نصفها تأفف، أما صديقك الشاعر فكان علي أن استمع لقصائده إلى ما لا نهاية، كان علي أن اتركه يحدثنا عن الملوك والقتال !!! والمجد !!! وبعد هذا كله أن أؤمن بأنه يفعل ذلك، لا ليبرر لنفسه إخفاقاته وحماقاته، وإنما لأنه يريد أن يوقف الزمن !!! ومن يدري !!! ربما يفلح في العودة بالزمن إلى الخلف والأمام، وعندها ستكون الأمور ميسرة جدا ً والحمد لله، حيث يمكنه أن يكون أحمق ما خلق الله، ولا يحتاج الأمر منه إلا إلى قصيدة تعيده أعواما ً إلى الوراء ليبدأ من جديد !!!

- سخريتك لا تلهيني، أنا لا أبرر لحسن أخطاءه، ولا أعتبر ما قام به صحيحا ً، ولكني أحاول تفسيره، لم َ انشغل بالقصيدة؟ لم َ كان ينشغل بها دائما ً عن التعامل مع الناس والعالم؟ هذا سلوك غريب؟ ولا يقوم به الإنسان إلا لدوافع داخلية، وأنا أحاول فهم هذه الدوافع، رغبته في رؤية الأشياء جميلة كما عرفها، أو كما افترضها، وكأن لديه تلك اللوحة الكبيرة في روحه والتي كان يرسمها ببطء، وكان المشهد يتغير أمام عينيه بسرعة، أسرع مما يجب، حتى جاء اليوم الذي قرر فيه أن يغمض عينيه، وأن يرسم من خياله الصورة التي زالت، انمحت، ولم يبقى منها شيء، وأنا بدلا ً من أحاول فتح عينيه حتى لا يسقط، مزقت لوحته، ونعتها بالتفاهة، واللامعنى، تخيل اللوحة التي اعتبرها أهم ما لديه، وقضى وقته كله في حراستها، ورسمها، أمزقها أنا، وأصم سمعي عن شكواه، من اليأس الذي يملأ روحه، والشيء الذي كسر في داخله ولم يستطع إصلاحه !!!

- هل تصدق كل ما يقوله الشعراء !!! صاحبك شاعر، وكأي شاعر كان يبني له صنما ً يريد من الجميع أن يعبدوه، وأنت أولهم، وإلا لم َ كان يصر على أن يحشر قصائده في كل اجتماعاتكما، بينما يسخر من مجرد ذكرك لكتاب جدك الذي كان يشغلك حينها؟ كان شاعر لا يرى إلا نفسه، لا يرى إلا التمثال العملاق الذي يبنيه ببطء، وما انكسر في داخله كان ذلكم التمثال.

- إن كان ما تقوله صحيحا ً فكيف تفسر انشغاله بقصيدة عن ملك مخير بين المجد أو العار؟ لا يبدو لي أن شاعرا ً مكسورا ً ينشغل بهذين الخيارين !!! كيف تنكسر صورته في داخله ومع ذلك يفكر بالمجد، وهل يختاره أم لا !!!

- الشعراء يخدعون أنفسهم، ألا تعرف هذا؟ صنع من نفسه ملكا ً !!! وأوقف أمتين على روحه !!! وجعل يكتب قصائد منفصلة يلم فيها حطامه، ليأتي في النهاية ويختار المجد طبعا ً، ما الذي سيختاره سوى هذا؟

- لا... لا... الملك قتل نفسه في نهاية القصيدة، أي مجد هذا !!! الملك رفض أن يختار، هذا مغزى القصيدة، الملك انتحر، وبهذا يكون قد رفض المجد، ورفض العار، واختار لنفسه خيارا ً بينهما.

- ههههههههههههههه، وهذا مجد مبطن، وكأنه يقول أنه متعال ٍ على كل الخيارات، وأنه يمكنه أن يشق له طريقا ً حيث لا طريق.

- نعم... صحيح، والدليل على ذلك أنه بعدما انتهى من القصيدة، قام بالتخلص منها ووضعها بين يدي، ولم يلجأ لنشرها !!!

- هههههههههههه، إنه يكتفي بك، أنت أداته، أنت من ستقوم بنشر قصيدته يوما ً ما، فرصته هو ضئيلة، ولكن أنت من يمكنه منح قصيدته الوهج الذي تحتاجه.

- وماذا لو لم أنشرها؟

- ستفعل... ستفعل.

- أنت تثير الغيظ.

- لأنني أقول ما لا يجب أن يقال.

- هل تعرف لم َ اجتمعت بك اليوم؟

- لتشطبني.

- لا تبدو مستاء ً من ذلك؟

- لا يبدو لي الشطب نهاية سيئة – وعلى فمه ابتسامة غامضة -.

- غريب !!! أذكر أنه كان لديك ذلك الهلع من النهاية، وأن لا تحتويك ذاكرة، إلى آخر ما قلته يومها.

- من هذا الجانب، أنا مطمئن، سأعيش أطول منك.

- ماذا تعني؟

- ستعرف فيما بعد.

- هل لديك كلمات أخيرة؟

- وداعا ً – بابتسامة خبيثة -.

تناولت القلم، وبحركة سريعة شطبته.

أظلم المكان وتواريت أنا وراء شطب عميق.


- تمت... هنا فقط -



 
 

 

عرض البوم صور Green Tea   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتب أنا راحل, حكاية بطل, رفض أن يكون كذلك, قصة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:30 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية