واغمض عينيه كي لا يرى توسل العينين الرماديتين والخدود المبتله بالدموع وتابع :
- اذا كنت تهتمين بي يا جولي , عليك ان تذهبي من هنا . قبل ان افعل شيئا سوف اندم عليه بمراره .
- لن يكون أي شيء تفعله مدعاة ندم لي .
واخذت تمسح الدموع عن وجهها بظهر يدها .
- اوه راوول, ارجوك توقف عن مقاومتي . انا بحاجه اليك ارجوك .. ارجوك لا تطلب مني الذهاب !
- جولي ...
ومد يده المرتجفه الى مقبض الباب , فرمت جولي بنفسها مسرعه عبر الغرفة , وهي تنسحب بيأس , وامسكت خصره النحيل ولفت ذراعها حوله , وضغطت وجهها على ظهره , وصرخت بائسة ..
- لن ادعك تفعل هذا , لن ادعك !
نعومة ودفء جسدها على ظهره , حققا ما لم تستطعه الكلمات , فاستدار نحوها وامسك بها بقساوة , واخذت اصابعه تحفر لحم خصرها , ولكنه لم يبعدها عنه ,
ورفع رأسها لتواجهه واطلق تنهيده الهزيمة وهو يحني رأسه ليرتاح فوق رأسها ...
ودفن رأسه في شعرها فأخذت ترتجف فشد عليها بثبات وتمتم :
- لا بأس الآن . لا عليك , لا استطيع تركك تذهبين , اعترف بهذا ولكن اذا تركتني ثانية ياجولي اقسم ان اقتلك !
- لن اتركك , وانا لم اجيء الى هنا لوضع الشروط عليك , انت كل ما اريده من ششروط , ولكنني ... فقط ... انتظرت طويلا , واعتقدت انني خسرتك الى الابد .
وقطب راوول جبينه وقال :
- ماذا تعنين ؟ بانك انتظرتني طويلا ؟
- تلك الليلة , ليلة خرجت من الفندق . كنت اعلم بانني قد ارتكبت غلطة فادحة ...
- ومع ذلك لم تعودي ...
- لا .. لا... لم اعد , ولكن بسبب انني كنت متاكده بأنك ستبحث عني ... لقد كنت عنيده ! ثم قرأت في الصحف خبر زواجك من انيتا ...و... لم يعد هناك شيء ...
- كان بأمكانك منعي !
- ماذا ؟ كنت اظن انك ستتزوجها لنك تريدها ؟
وحدق في عينيها :
- لقد قلت لك كيف تم الامر .
- لقد قلت لي الآن .. ولكن يومها .
- يا الهي يا جولي .. لو انك تعرفين فقط كم كرهت نفسي تلك الليلة , ليلة تركتني ! قولي لي , لو انني لم .. المسك ليلتها , اكان بامكانك مسامحتي في وقت اقصر ؟
- اوه يا راوول .. لم يكن هناك شيء يستحق الغفران .. لا شيء . لم اكن الومك على شيء . على الاقل , ليس حتى اليوم الذي تزوجت فيه انيتا ... بعدها اعتقدت ...
- انني لم اكن احبك ابدا؟
- كان يمكن لوالدتي ان تقول هذا .
- الم تقولي لها ؟
-لا ... انا ووالدتي لا نتكلم عن اموره كهذه نحن نرى بعضنا ربما مرتين في السنه .
ولمست ذقن راوول بطرف اصبعها بحنان , ثم تابعت :
- مؤحرا .. مؤخرا , كنت اتساءل ما اذا كان اللوم بأكمله يقع على والدتي لما حدث لزواجهما , ربما لم يكن لديها مشاعر نحونا كلينا , على كل الاحوال , اعرف الآن انني لست مثلها . الحياة .... الحياة من دونك مستحيلة ..
- اوه يا جولي .. كم اضعنا من وقت سدى !
- انا الذي اضعته , انا الملامه , وليس احد غيري .
ولفتره طويلة ساد الصمت بينهما , ولكن راوول ابعدها في النهاية عنه وقال :
- يجب ان نتحدث , والامساك بك هكذا ... حسنا ! يجب ان نتكلم .
- وهل بأمكاني ان ابقى هنا ؟
- لقد قلت لك هذا .
- اعني معك ؟ .. اوه يا راوول . نستطيع عندها ان نتكلم الى الابد , ولكنني الآن اريدك ان تعانقني .
- جولي... لو استمر العناق ...
- اعرف .. ولكن هل الامر سيء, ستكون رغبتنا معا اليس كذلك ؟
- جولي عليّ ان اخبرك شيئا عن انيتا .
- لا حاجه لذلك , اعرف كل شيء.
- اريد ان اقول بأنني كنت لا اعرف بأنك تجهلين الحقيقة , حول الطفل .
- واعرف هذا ايضا .
- ولهذا السبب تكلمت معك بتلك الطريقة ! ولهذا السبب كرهتك لأنك وقفت في صفها .
- راوول لقد انتهى كل شيء الآن .
- وهل انتهى ؟ ما كان عليّ ان اتزوجها اصلا .
- هي التي تزوجتك يا حبيبي .
واشتدت قبضة يديه على كتفيها .
- لقد كنت ألوم نفسي في البداية .. الطفل الاول كان لي . ولو لم تجهض ...
- راوول لم تكن انت السبب . لقد قالت لي انها لم تكن سعيده هنا . وانها كانت ضجره .
فهز رأسه وقال:
- اعتقد انها كانت تتوقع نوعا اخر من الحياة .
ولمعت عينا جولي بالعاطفة :
- حبيبي , الا نتوقع جميعنا نوعا اخر من الحياة ؟
- ماكنت تركتها, وانت عرفين هذا .
- اعرف .. ولم اكن لأطلب منك ان تفعل .
- آه .. يا جولي ... احبك كثيرا , كثيرا جدا , وليس هناك كلمات تكفي لوصف مشاعري .
*****
- ألن تنام .؟
- امامنا العمر كله لننام , اريد فقط ان اتاكد انني لست في حلم .
- لسنا في حلم .. تبدو بأفضل حال الآن . لقد كنت قلقة عليك عندما وصلت .
وابتسم راوول :
- هل اعتبر هذا اطراء لي ؟ ام ان هذا لإقناعي بأنني لن استطيع العيش بدونك .. صدقيني لست بحاجه لبرهان اخر .
- وهل ستعود معي الى لندن ؟ كي تساعدني في اخلاء شقتي . حبيبي .. باتريك , رب عملي ... يعرف بأنه بحاجه الى مساعده جديده له بدلا عني , ولكن علي شرح الامر لمدبرة منزلي . مسكينه السيدة باتس .. لست ادري ماذا ستفعل .
- الا تظنين بأنها قد تحب العيش في ايطاليا ؟ ستحتاجين لمن يسهر على راحتك , اليس كذلك ؟ وستكونين سعيده بأمرأة انكليزية تعتني بأطفالنا .. عندما نرزق بهم .
والتمعت عينا جولي :
- اوه ياراوول .. كم هذه الفكرة رائعه !
- انها سعيد لأنها اعجبتك , و .. اجل سآتي معك الى لندن . فلست انوي ان اسمح لك بأن تتركيني ثانية . ولكننا سنعود الى فاغيو لقضاء الميلاد , اذا كان بامكانك تحمل الطقس .
- هنا منزلنا يا راوول .
- وانيتا ؟
- ربما ستكون سعيده لمعرفتنا بأننا سعداء , ولكنني سعيده لأنك لم تكن تشاركها النوم في غرفة واحده , سنغير
ديكور الغرف التي كانت تستخدمها للضيوف .. لوالدتك .
- والدتي ! آه .. اجل , اظن ان والدتي ستكون سعيده .
- وكذلك انا .
وقال لها معترفا :
- لم تكن تريدني ابدا ان اتزوج من انكليزية , الى ان التقت بك , فغيرت رأيها .
- وهل غيرت رأيها ؟
واستكانت جولي بين ذراعيه , وفكرت بان السيدة العجوز لابد ان تكون سعيده , لأن خططها نجحت ...