لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-07-09, 10:45 PM   المشاركة رقم: 1516
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساءات السحر والقصص التي عاشت في مخيلتنا الطفولية
وحكاية السندريلا وحذائها المفقود الذي كان طريقها لسعادة سُلبت منها
دقت الساعة حينها اثنتي عشرة دقة لتعلن انتهاء السحر وعودة السندريلا إلى حقيقتها
الحقيقة التي تقبلها الأمير وهو يلبس قدمها الصغيرة المغبرة البائسة حذائها الكريستالي الثمين
ليعلن فلسفة القصة التي فهمتها منذ طفولتي أنها تحتضن ثلاث حقائق أزلية
الأولى..لابد للظلم من نهاية
والثانية..الإنسان الشفاف الروح سيلاقي دائما جزاء شفافيته سعادة هو يستحقها
والثالثة..الحياة الحقيقية لا يمكن أن تُبنى على كذبة.. فلو كان الأمير تزوج السندريلا في الحفلة دون أن يعرف حقيقتها كانت القصة ستكون مبتورة
ولم يكن ليصبح لها هذا الصدى العالمي رغم بساطة الحبكة


الآن تدق الساعة اثنتي عشرة دقة
الدقة الأولى اشتقت لكم بقدر مابقي في أسى الهجران من أحداث
الدقة الثانية اشتقت لكم بقدر برود مشعل بن محمد قبل مصالحته مع لطيفة
الدقة الثالثة اشتقت لكم بقدر قدرة لطيفة على الاحتواء ومحبتها لمشعل
الدقة الرابعة اشتقت لكم بقدر محبة مشعل بن عبدالله لشقيقاته
الدقة الخامسة اشتقت لكم بقدر عناد هيا قبل زواجها من مشعل
الدقة السادسة اشتقت لكم بقدر عشق فارس للعنود
الدقة السابعة اشتقت لكم بحجم التوجس الذي يحيط بحياة ناصر ومستقبله مع مشاعل
الدقة الثامنة اشتقت لكم بقدر شهامة راكان واختلافه
الدقة التاسعة اشتقت لكم بقدر ألم موضي الذي عانته في حياتها مع حمد
الدقة العاشرة اشتقت لكم بقدر خفة دم معالي وسلطان وطول لسانيهما
الدقة الحادية عشرة اشتقت لكم بقدر ماعاشت الجدة هيا خيبات الفراق ووجعها
الدقة الثانية عشرة اشتقت لكم بقدر كبرياء باكينام وتسلط يوسف
ومعنى كل الدقات يترجم حقيقة واحدة
اشتقت لكم شوقا لا حدود له ولا امتدادات


دقت الساعة.. واُعيد فتح أبواب أسى الهجران
لنعبر مرحلة جديدة مختلفة شديدة العمق.. سيكون لكل كلمة معنى ولكل حدث مدلول!!
وسيتضح فعليا معنى اسم الرواية ومدلولاته المؤجلة
" أسى الهجران"

اليوم جزء طويل جدا بقدر عشر أجزاء من أجزائي السابقة
لذا وحتى يأخذ حقه في القراءة
موعدنا القادم سيكون صباح الأحد الساعة 9 صباحا إن شاء الله
بعدها سأعاود النشر اليومي كل صباح إن شاء الله
أعاننا الله ووفقنا لكل مايحبه ويرضاه
.
.
استلموا الجزء 69
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
أسى الهجران/ الجزء التاسع والستون


على متن طائرة مروحية تابعة للجيش الأردني
تطير بالقرب من مدينة البتراء الأثرية
الساعة 11 صباحا

تطير المروحية في الجو.. تحمل قلوبا مرتاعة ينهشها القلق المسعور بوحشية
تتضخم مساحات القلق وتتضاعف لتلتهم ما بقي من الصبر والتجلد

ذلك الأثير الغالي المتخم برائحتهم وعبقهم.. فارسهم الثمين الموغل بهاءً ورجولةً
على أي حال هو؟؟
كيف قضى ليلته في هذا البرد القارص الجليدي؟!
ما مدى سوء إصابته؟!
هل هي قابلة للعلاج؟!!
مئات الأسئلة الموجعة دارت في أذهان أتعبها السهر والسهد والقلق
أسئلة تنتهك الروح بشراستها وهي تمزق كل الأغلفة لتغوص في العمق

راكان بقلق: زين ليش تأخروا ذا كله مالقوه؟؟

رئيس الفريق بتأثر: يظهر إنه سحب نفسه داخل غار من البرد
عشان كذا الطوافات ماقدرت تشوفه
اللي لقوه الطواقم البرية التابعة للصاعقة لأنهم تتبعوا الأثر على الأرض

فارس بقلق مر: زين أشلون وضعه؟؟

رئيس الفريق بحزن فيه إحساس متعاظم بالندم:
يقولون لقوه واعي.. بس الظاهر عنده إصابة خطيرة

ألم حاد اجتاح روحي فارس وراكان كطوفان مرارة هادر.. ودعوات عميقة تتصاعد في قلب كل منهما أن يكون الأمر بسيطا
أو على أسوأ الاحوال قابل للعلاج.. حتى وإن طالت فترة المعالجة هذه..

لم تستغرق الرحلة عشر دقائق ولكنها بدت عشر سنوات لكل منهما
حرقة وألما ولهفة وقلقا

نزلت الحوامتين العسكرية والطبية معا
والعشرات ينزلون من كل طوافة في مكان صحراوي جبلي كان يتجمهر به الكثير من لابسي لباس الصاعقة الأردنية
الذين لم يحركوه من مكانه خوفا من أي مضاعفات صحية..انتظارا لحضور المساعدة الطبية

راكان وفارس بجسديهما الفارعين استطاعا اختراق الحشود المتجمهرة
حتى وصلا إلى ناصر

كان كل منهما يمني نفسه أن مابه شيئا بسيطا يستطيع ناصر بصلابته وقوة بنيته تجاوزه
ولكن رؤيتهما لوضع ناصر حطمت هذه الآمال بقسوة سادية
وبعثت قشعريرة متوحشة في خلايا كل منهما

كانت ملابسه ممزقة وبه إصابات مختلفة في نواحي جسده
ولكن كل هذا لا يهم.. لا يهم أمام إصابة ساقه اليسار
تمزق اللحم تماما والعظم محطم ومفتت من عدة نواحي ومابقي من الجلد حولها مزرق تماما

كان ناصر يفتح عينا ويغلق الأخرى.. والألم لا يمكن احتماله
لكنه حين رأى راكان وفارس بوجيهما المرتاعين المأساويين
ابتسم ابتسامة باهتة وهو يقول: عريس جديد وخاطب جديد وش جابهم..
الله يهداكم مافيني شيء.. جايين عانين من الدوحة
الشباب يكفون ويوفون

فارس وراكان لم يستطيعا التكلم بشيء والكلمات تصبح باهتة وتافهة وحقيرة
وأي مواساة أو تشجيع يتسربلان بالضآلة أمام عظم الموقف
ابتعدا مجبرين بصدمتهما الهائلة في وجعها وألمها
والمسعفون يبعدونهما ليبدأوا بإعداد ناصر لنقله



***********************



عمّان/ الأردن
مدينة الحسين الطبية
الساعة 3 عصرا


ناصر في غرفة العمليات
فارس وراكان وفريق ناصر بجميع أفراده كلهم ينتظرون في الخارج

خرج الطبيب وهو يسأل إن كان يوجد أحد من أقاربه
قفز راكان وفارس بقلق
وتوجه الطبيب لهما وهو يقول بهدوء: اتبعوني

الطبيب أخذهما لمكتب قريب ودخل وأغلق الباب وطلب منهما الجلوس
توتر راكان وفارس تصاعد للذروة
الطبيب أنزل كمامه وهو يقول بنبرة مهنية تماما:
أنا حابب أحطكم بالصورة
المصاب خليتو وراي صاحي و أعطى موافقته النهائية

راكان بهدوء متوتر: موافقته على ويش؟؟

الدكتور بهدوء: بتر الساق Transtibial

منذ أن دخل راكان وفارس لمكتب الدكتور وهما يعلمان أن وراءه خبرا مفجعا
ولكن ليس هذا الخبر.. ليس هذا!!!
لـــيــــس هــــــــذا!!!!
لـــــــــــيـــــــس هـــــــــــــــذا؟؟!!!!

كان الاثنان كما لو كانا يقفان بصدريهما العاريين في مواجهة إعصار قادم
يعلمان أن الإعصار قد يقذفهما بعيدا
قد يحملهما ويلقيهما أرضا بكل قسوة
ولكنه لم يخطر ببالهما أن يكون الإعصار محملا بشهبا نارية تخترقهما بكل وحشية
وخبر البتر ينزل على رأسيهما ليخترق الجلد والعظم ثم يذيب اللحم

فارس قفز وهو يقول بحدة وغضب موجعين: مستحيل مستحيل

راكان أشار بيده لفارس أجلس وهو يقول للدكتور وهو يبتلع ريقه وألمه ووجعه وصدمته: مافيه حل ثاني؟؟

الدكتور بنبرة هادئة منطقية: هذا الحل الوحيد وللعلم المصاب وراي هادئ تماما ومتقبل العملية
ولعلمكم أنتو مكان البتر الآن مثالي تماما لأنه في منتصف الساق وأقرب للكاحل
لو تُرك قد تتصاعد الغرغرينا أكثر .. ومادام البتر لم يصل للركبة فالبتر بسيط
أعرف أنو صعب عليكم تقبل الأمر وأنا أقول كلمة بسيط
لأنو ثقافتنا القاصرة ووعينا المحدود تصور أنو فاقد أحد الأطراف بمثابة المعاق
وخصوصا إنو الأخ ناصر بطل سباقات خيل.. لكن أنا أأكد لكم وبمهنية كاملة
وأنا أصلا تخصصي الدقيق في الأطراف الصناعية
أنه ناصر بعد أسبوع واحد من تعوده على الساق الصناعية يستطيع العودة لركوب الخيل بنفس المهارة إن شاء الله... وخصوصا أنه أيمن وليس أيسر
بل يستطيع إن أراد أنو يغير لرياضة أصعب كالسباحة أو حتى تسلق الجبال
ومستحيل حدا لو شافه يمشي أو حتى يركض يعرف إنو عنده ساق صناعية

فارس وراكان صامتان.. فهناك ألم مر متوحش يتصاعد في أرواحهما.. ولكنها روح آل مشعل المقاتلة..
يعلمان تماما أن ناصر يستطيع تجاوز كل هذا ..وإذا كان هو يستطيع فليحاولا هما رغم صعوبة المحاولة..

الدكتور يستكمل حديثه: الأطراف الصناعية الآن تعيش ثورة تطور حقيقية
فالأطراف تصنع من الجبس البلاستيكي المعالج بالألياف البلورية، خفيف جدا ومرن وقادر على التحمل
واحنا هلا بناخذ قياس ساق الأخ ناصر وبنبعثها بالإيميل لأفضل معمل لصنع الأطراف الصناعية اللي بيصنع الأطراف للاعبين الرياضيين
وخلال ثلاثة أيام بتكون واصلة.. وبعد التئام الجراحة يقدر يبدأ يستخدمها
وفيه تعليمات محددة بدي قولها لكم في وقتها

ثم ابتسم الدكتور وهو ينظر لوجهي راكان وفارس المرتاعة:
يا أخوان أكيد أنكم بتعرفوا خالد حسن السباح المصري المعروف
هذا حالته نفس حالة ناصر بتر في الساق اليسرى... بساقه الصناعية عمل إنجاز عالمي ولا قدر عليه حتى أصح الأصحاء
عبر بحر المانش الواصل بين فرنسا وبريطانيا 52 كيلو سباحة في 12 ساعة... تخيلوا معي هذا الانجاز المعجز...
وما بعرف لو كنتو بتعرفو إيمي مولي.. هذي بطلة جري أمريكية.. سيقانها الاثنتين صناعية..
لا وكانت تشتغل عارضة أزياء كمان.. تخيلوا.. بطلة جري وعارضة أزياء برجلين صناعية..
ريان مارتن كان من أفضل لاعبي التنس في العالم وهو بأطراف صناعية..

هادي مجرد نماذج.. ولو بدي أحكي أكتر بأتعب... أنا شايف أنو الاخ ناصر ماشاء الله عليه كثير متقبل..
عنده إيمان وعزم وتصميم.. فلازم أنتو كمان تساعدوه.. هاه شو بتقولو؟؟

فارس صمت وهو يخفض عينيه للأسفل.. فمازال غير قادر على التخيل
عاجز عن تخيل رؤية ناصر بعد العملية بدون ساقه
أي ألم هذا؟!!
أي ألم؟؟
أ يعقل أن هناك ألم كهذا؟!!

راكان بحزم: دام ناصر موافق... توكل على الله
وناصر رجّال طول عمره... وعمر المرجلة ماكانت في يد وإلا رجل
مرجلة الرجّال في رأسه... وأنا أشهد إن أبو محمد رجّال



************************



بعد صلاة العصر

مجلس آل مشعل
مشعل ومشعل أصبح عندهما خبر بما حدث لناصر
وبأن ساقه ستبتر
وأصبحت المهمة الصعبة إبلاغ والديهما
والمهمة الأكثر صعوبة في إبلاغ أم ناصر وشقيقاته وزوجته


كان مشعل بن محمد من اضطلع بالمهمة العسيرة ولكنه قرر أن يقوم بتمهيد مبدئي وألا يخبرهما بخبر البتر بشكل صادم

تنهد بعمق ثم قال: يبه.. يبه عبدالله
عندي شي بأقوله لكم

محمد ألتفت له بهدوء: عسى ماشر؟؟

مشعل بهدوء رغم ألمه العميق: ناصر انصاب في السباق اللي في الأردن
وإن شاء الله إنها بسيطة

عبدالله برعب: وشو؟؟

محمد بذات الهدوء: أشلون بسيطة؟؟ كسر وإلا جروح وإلا أشلون؟؟

مشعل ابتلع ريقه ليقول بذات هدوء الده وطريقته في الكلام: إذا جاء إن شاء الله شفت بروحك

محمد وقف بحدة وهو يقول بغضب: إذا جا؟؟ والله إن وراك علم يا مشيعل
قم روح احجز لي الحين للأردن أول طيارة بتطلع.. أبي أروح الليلة

مشعل بألم: يبه الله يهداك.. أنا أصلا بأروح مافيه داعي تروح... راكان وفارس هناك من فجر
وبأروح أنا ومشعل

عبدالله كان من رد بغضب مضاعف: يعني راكان وفارس هناك من فجر.. وتبي تقول لنا إنها بسيطة
احجز لي مع أبيك الليلة

مشعل بن عبدالله كان من رد على والده وهو يقول بعمق: يبه
مايصير كلنا نروح.. ونخلي البيوت فاضية

عبدالله بغضب: انطق أنت وسميك.. وأنا ومحمد بنروح
بتحجزون لنا.. وإلا أنا بأروح أحجز لنا بروحي ذا الحين

مشعل ومشعل وجدا أنهما الخاسران في هذا الجدال
وأنهما مضطران للبقاء رغم النار التي تستعر في جوف كل منهما
ووجدا أنهما مضطران للانتقال للمرحلة الثانية الأصعب
مشعل بن محمد يبلغ والدته وشقيقتيه
ومشعل بن عبدالله يبلغ مشاعل

مشعل بن محمد باحترام: خلاص ولا يهمكم باروح أحجز لكم
بس خلني أروح لأمي أول وعقب بأطلع السفريات

وتوجها كلاهما لداخل بيت محمد بن مشعل
مشعل بن محمد لداخل البيت
ومشعل بن عبدالله لقسم أخته



**************************



بيت محمد بن مشعل
الصالة الرئيسية
مشعل اتصل بالعنود وطلب منها الحضور
فليس لديه استعداد لتقبل صدماتهن متفرقة

وهاهن الثلاث ينتظرنه وهن قلقات متوجسات من طلبه لهن بهذه الطريقة

العنود تهمس لمريم: مشعل ماقال لش وش يبي؟؟

مريم بذات الهمس: لا والله.. يا الله سترك أنا قلبي ناغزني من البارحة
أمي أشلونها؟؟

العنود تهمس: وجهها معتفس.. يالله سترك

وهما في حوارهما دخل مشعل يحاول التجلد.. أكثر من يهمه والدته
عاجز عن صدمها.. يتمنى لو كان بإمكانه حمل الحزن.. كل الحزن عن قلبها
هو قادر على تحمل الحزن.. ولكن هي أم.. قلبها قلب أم
وآه من قلب الأم!! وألف آه !!

مشعل سلّم ثم جلس جوار أمه .. احتضن يدها وقبلها طويلا
ثم أبقاها بين يديه وهمس بإيمان عميق: يمه.. صح المؤمن مبتلى؟؟

أم مشعل منذ طلب مشعل أن يراها وهي وبناتها وهي تشعر بتوجس مريع
والآن بعد جملته المموهة بدأ رأسها يدور ويدور وقلبها بدأ تمزق حقيقي يحرث خلاياه طولا وعرضا
نزفت كلماتها الموجعة:
من هو منهم؟؟
راكان وإلا ناصر؟؟؟
ثم صمتت للحظة وهمست بألم أكبر: حي يرجى وإلاَّ ميت يبكى؟؟

مشعل باستنكار رقيق: إلا إن شاء الله حي.. حي.. والثنين جايينا قريب ومافيهم إلا العافية
بس ناصر فيه عوار.. بسيطن إن شاء الله

أم مشعل بألم متوحش ودموعها بدأت تسيل بصمت لتغرق برقعها: وجهك ما يقول بسيط يأمك
الحمدلله على كل حال.. لا سلم لي رأسه ما أبغي شيء...
ما أبغي إلا شوفت وجهه

مشعل بهدوء حذر: وإن شاء الله إنش بتشوفين وجهه
وأي شيء ثاني هو ابتلاء من رب العالمين.. والمؤمن الصابر عند الله خير

العنود ومريم كانتا مفجوعتان تماما.. فهما كانتا متأكدتان أن ما بناصر أمرا جللا
وإلا ما كان مشعل جمعهن بهذه الطريقة.. والعنود تنقل لمريم أن وجهه يبدو عليه الكثير من الألم والأسى
ولكنهما صمتتا.. بما أن والدتهما تقبلت مبدئيا الخبر وتصبرت
فهما لا تريدان فجعها بالاستفسارات من مشعل أمامها

مشعل وقف.. حين وصل للباب نادى العنود
العنود باحترام مغلف بالحزن: لبيه فديتك

مشعل بهدوء: العنود دام فارس عند ناصر.. أبيش ترخصين من أم فارس
وتجين تقعدين عند أمي لين يرجعون الشباب من الأردن

العنود بصدمة: فارس عند ناصر؟؟

مشعل هز رأسه وخرج
وشعوران يتصاعدان في روح العنود
قلق مرعب على ناصر لأنها تعلم أن ذهاب فارس إليه بهذه الصورة المفاجئة ليس إلا لأن إصابته خطيرة
وغضب كاسح على فارس لأنه أخفى عليها سبب سفره الفعلي وإصابة ناصر

ولكنها عادت للجلوس بجوار والدتها
التي وقفت وقالت بجمود: أنا بأروح لحجرتي
ما أبي حد منكم يجيني

العنود برجاء: بس يمه....

لم تسمح لها أم مشعل بإكمال جملتها وهي تنسحب.. تنسحب لتهرب بأحزانها
لتدعو ربها ألا يفجعها.. ويعيده لها ولأحضانها
قد يقولون عندها ثلاثة أبناء.. لو مهما حدث لواحد
تبقى اثنان يعوضانها الوجع والألم
ويا جهل من يقول ذلك!! يا جهله!!
قد يكونون عشرة.. وكأنهم واحد
كل واحد منهم لفراقه ألم يمزق نياط القلب
ولألمه وجعا لا يشعر به أحدا مثلها
ولوجعه في روحها امتدادات السماء ورحابة الأرض



***************************



ذات الوقت
بيت ناصر
بيت الزوجية الـمُفترض

مشعل يصل لمشاعل
مشاعل لم تغادر بيتها مطلقا منذ مجيء مشعل لها صباحا
وهاهو يعود لها بعد ساعات
فأي خبر جديد يحمل؟؟
بل أي خبر مفجع؟؟

كان وجهها متورما من البكاء.. وعيناها ذابلتان
منذ غادرها مشعل وهي تبكي

مشعل جلس جوارها واحتضنها
عادت للبكاء على صدره.. بكاء خافتا موجعا ..مشعل احتضنها وهو يقول بحنان: مشاعل يا قلبي أنتي إنسانة مؤمنة ومصلية
واللي تسوينه في روحش غلط...ليش ذا البكاء كله؟؟؟

مشاعل همست بألم ورأسها مختبئ في صدر شقيقها:
تكفى مشعل قل لي أنه حي بس..
ما أبي شيء ثاني.. والله ما أبي شيء ثاني
تكفى لا تفجعني

مشعل بنبرة خاصة مشبعة بالحزن: أكيد إنش ما تبين شيء ثاني وحياته تكفيش؟؟

مشاعل رفعت رأسها وهي تقول بثقة رقيقة:
والله ما أبي شيء.. أبيه حي وبس

مشعل ابتسم ابتسامة باهتة: وهو إن شاء الله حي.. وجعل عمره طويل

مشاعل ابتسمت وهي تمسح دموعها بطريقة طفولية وتقول بفرح مؤلم:
صدق؟؟ صدق؟؟

مشعل أمسك يدها وهو يقول بحزم رقيق: بس أنتي ماسمعتي باقي كلامي
أنا باقول لش شيء أبيه بيننا
وما أبيش تقولينه لأحد... وأنا اقوله لش.. عشان أدري إن الموضوع بيوجعش
و أبيش تأقلمين مع الفكرة لين يجي ناصر
وما أبيش تفشلينا في ناصر.. ناصر رجّال وطول عمره رجّال
واللي بيصير له ما ينقص من مرجلته.. لكنه يزيدها
لأن المحن والاختبارات هي اللي تحك الرجّال.. وتظهر عزمه
وأنا أشهد إنه رجّال.. موقفه يحتاج شجاعة أنا أشهد إن غيره عاجز عنها
لكنه تقبلها واحتسب أجره عند رب العالمين

مشاعل قاطعت سيل كلام مشعل وهي تهمس بحزم غريب عليها وعلى شخصيتها:
مشعل ليش ذا المقدمات كلها؟؟
وش اللي صار لناصر؟؟... صار عاجز؟؟ مقعد؟؟
أنا قلت لك أبيه حي
أي شيء ثاني ما يهمني

مشعل بحزن عميق: ولا حتى بتر ساقه؟؟

مشاعل شهقت بعمق وبرعب صميميين
والفكرة تتجسد أمامها بأكثر صورها بشاعة وألما
ولكنها حاولت التماسك وهي تهمس.. ودموعها تسيل بصمت موجع:
ولا حتى بتر ساقه.. الحمدلله على سلامة رأسه..
اللهم لك ألف حمد وشكر



*********************



مدينة الحسين الطبية
عمّان/ الأردن
ذات اليوم ليلا

غرفة ناصر

عبدالله ومحمد وصلا من الدوحة وطلبا من سيارة الأجرة أن تأخذهما للمستشفى فورا
وهاهم أربعة من عمالقة آل مشعل يجلسون في انتظار إفاقة العملاق الخامس من أثار التخدير..

محمد كان أقربهم لسريره.. وهو يلصق مقعده بقرب رأس ناصر.. بداخله ألم لا حدود له
فمهما كبر ناصر وطال.. فهو يبقى في نظره ابنه الصغير
هاهي عيناه تجولان بكل الوجع بوجهه المليء بالخدوش واللصقات الصغيرة
بيديه الملفوفتان بالشاش.. فهو كان يحاول تخليص ساقه من الركاب
ورفع جسده عن الأرض حتى لا يتمزق ظهره وثيندر يسحبه
لذا احتملت يداه الكثير من الألم

(أي ألم تحملت يا بني؟!!
أي ألم؟!!
ليتني استطعت أن أحمل بعضا من ألمك
ليتني أنا من بُترت ساقه
أنا شيخ عجوز.. عشت حياتي طولا وعرضا
ماعاد لي بهذه الحياة حاجة
ولكن أنت للتو تتذوق هذه الحياة
للتو تفتح لك أبوابها!!
ماكان همني والله أن أهبك ساقاي ويداي جميعها وتبقى ساقك لك
إلهي لا تؤاخذني
ليس اعتراضا على حكمك.. اللهم لك الحمد والشكر على كل حال
ولكني أب مفجوع.. أفرغ بعضا من حزني وألمي وفجيعتي
فلا تؤاخذني بحديثي مع نفسي
لا تؤاخذني على وجعي وبثي)

عبدالله وراكان وفارس يجلسان على ثلاثة كراسي متجاورة قريبا من محمد
وعبدالله يستفسر منهما كيف حدث ماحدث؟؟
ومتى وصلا؟؟ ومتى وجدا ناصر؟؟


بعد دقائق.. حشرجة خافتة صدرت من ناصر
الأربعة كلهم وقفوا معا وهو يحيطون بسرير ناصر
محمد بحنان مصفى مختلط بنبرته الحازمة الطبيعية: الحمدلله على سلامتك يأبيك
تبي شي؟؟؟

ناصر بصوت متقطع ناتج عن جفاف ريقه: ماي..

فارس يمد يده لزجاجة ماء ويفتحها
وراكان يهمس له: لا تسقيه واجد.. بِل ريقه بس..

فارس يدخل يده تحت كتفي ناصر ويقعده ويسقيه القليل
ناصر يهمس: بعد أبي ماي..

راكان همس له بأخوية: بعد شوي.. مايصير تشرب ماي ورا بعض

ناصر عاد لإغلاق عينيه وهو يغيب عن الوعي مرة أخرى

محمد بقلق: وش فيه رجع يرقد؟؟

راكان باحترام: يبه لا تحاتي.. من تاثير البنج.. بعد شوي بنصحيه ونسقيه



*****************************



القاهرة
حوالي الساعة العاشرة مساء

باكينام تعود للبيت
ومعها جدتاها صفية وفيكتوريا

يدخلن جميعا وضحكاتهن تتعالى

صفية بمرح: أمّا أنتي بت باكينام أنا مبسوطة منك كتير
عرق تركي عندك تمام.. كنتي هتعملي الواد كفتة

باكينام تضحك: عرق تركي ثم تكمل بالانجليزية: وعرق إيرلندي
كيف يجرؤ ذلك التافه أن يعاكس أجمل أميرتين تركية وإيرلندية وهما في ضيافة مصرية
ثم قالت بالعربية: أكيد كان بيعاكسك يا أنّا.. أنتي أحلى وحدة فينا

الحوار كان يدور عند المدخل دون أن تنتبهن إن كان أحد موجودا

أنا صفية تضحك: خشى في عبي زي ما بتئولوا يا مصريين.. ئال يعاكسني ئال
الواد كان بائي يعيط عاوزك تاخدي نمرته وأنتي نازلة فيه شتيمة وهو لا همو
فين واد يوسف عنو؟؟

(يوسف ئاعد هنا بيستناكم)
صوت عميق ممتلئ بغضب مكتوم

كان يوسف يجلس في الصالة المفتوحة على المدخل مع سوزان
باديا على محياه غضب كبير يحاول كتمانه

باكينام شعرت بتوتر غير مفهوم
فهي أغلقت هاتفها بعد أن أتصل بها يوسف أكثر من مرة ولكنها لم ترد عليه
ولكن هذا لم يمنعها من الوقوف بثقة وهي ترسل له نظرات تحدي

سوزان نهضت وهمست بكلمة في أذن والدتها ثم في أذن حماتها
وسحبت الاثنتين معها
فهي تعلم أن يوسف غاضب لإغلاق باكينام هاتفها
وتعلم أنه لابد سيعاتبها.. لذا تريد تركهما لوحدهما

يوسف مازال جالسا
وباكينام مازالت واقفة بين المدخل والصالة
تحركت بإتجاه الدرج وهي تقول ليوسف بثقة:
تصبح على خير أستاذ يوسف
سلّم على تانت منال

(باكينام ..تعالي هنا)
وصلها صوته واثقا غاضبا لينشر قشعريرة باردة في كل خلاياها
ولكنها لم تتوقف وهي تصل للدرج لتتفاجأ بيد قوية تمسك عضدها
وتوقفها وتلفها لتجد نفسها وجها لوجه أمامه
باكينام من بين أسنانها: سيب إيدي يوسف

أفلت عضدها ولكنه أمسك بذارعها بقوة وهو يشدها ويثبت ذراعها على صدره وهو يعتصرها بقوة ويقول بغضب:
ئافلة تلفونك ليه؟؟ وأزاي تخرجي بدون ازني؟؟
وليه لما فيه حد ضايقكم ما اتصلتيش ليا؟؟

باكينام بألم: يوسف سيب إيدي.. هتكسرها

يوسف أفلت يدها وباكينام تنفض يدها وتمسك المكان الذي ألمها بالفعل من اعتصاره لذراعها وهي تقول بسخرية:
أنا عاوزة أعرف أستاز جامعة إيه اللي بيتعامل بالأسلوب الهمجي ده؟؟
سبت إيه للجهلة اللي عايشين في القرون الوسطى؟؟

يوسف بذات سخريتها: كل واحد يتعامل زي مايفهم
أنتي وحدة ما ينفعش معاكي الزوء... لازم الواحد يكون عنيف معاكي عشان تفهمي

باكينام بغضب: أنا مش حيوان عشان تعاملني بالعنف أو غيرو
ثم تنهدت وهي تقول: وعلى العموم.. الحكاية النكتة دي طالت أوي
ولازم ننهيها... على الأقل يوسف احترم أنو فيه صحوبية بين أهلنا
بلاش نستمر في المهزلة دي أكتر من كده
وخصوصا إنك مصدء الحكاية... وعامل فيها سيد السيد
رايحة فين وجايه منين؟؟
طلئني يا يوسف.. متجبرنيش أعمل فضيحة..

يوسف يبتسم بسخرية: فضيحة من أي نوع؟؟

باكينام بتحدي: هأخلعك

يوسف ضحك ضحكة مصطنعة: زريفة أوي يا بت
ثم أكمل بتحدي: لو أنتي ئدها اعمليها.. ليه لأ.. خلينا نتسلى شوي
ونضيع دراستنا علينا وخصوصا أنه لازم ننزل واشنطن بعد تلات أسابيع
لكن بدل ما نكون في واشنطن ندرس
نكون هنا بين المحاكم... والمحاكم حبالها طويلة... وأنا ما يهمنيش بدل السنة أتنين..
ومن ناحية تانية الراجل متهموش الفضيحة.. لكن بنت الدبلوماسي ابن العمدة... ياحرام
هيئولوا عليها إيه؟؟... اتجوزته عرفي في واشنطن..وخلعته لما اتجوزتو رسمي!!!!

باكينام شعرت بألم حاد.. فهو يعرف تماما كيف يمسكها من يدها اللي تؤلمها
ولكنها قالت بهدوء: يوسف أنا عارفة أنك مش طايئني.. والجوازة كلها مش على بالك..
عاوز مني إيه؟؟.. سيبني.. أنا مستحيل أرجع واشنطن وأنا على زمتك
أنت تسليت كفاية... خلاص سيبني..

يوسف بنبرة غامضة وهو يبتعد باتجاه الباب: آه تسليت كفاية صح؟؟
عمو طه راجع بكرة بالليل
خليه يحكي لك حكاية هتعجبك أوي

كان يوسف يصل الباب ويفتحه وباكينام تقول بصوت واثق:
لو ايه ما ئال بابا مش هيغير رأيي

يوسف يغلق الباب وهو يقول لها بتحدي واثق: هتشوفي



************************



ذات الليلة
في وقت متأخر
الدوحة

غرفة مشاعل /// و............. ناصر

مشاعل تشعر أنها توشك على الانهيار من التعب
فهي تقريبا لم تنم من قبل ليلة زفافها للآن
ولكنها عاجزة عن النوم والأرق يحيط بأجفانها
والأسى يخنق روحها
شقيقاتها وبنات عمها وعمتها عرفوا بخبر إصابة ناصر
لكنهن لم يعرفن بعد نوع الإصابة.. هي وحدها تعرف
وكم ألمتها هذه المعرفة!!
ذبحتها ونسفت روحها أشلاء متناثرة
جميعهن اتصلن بها.. يريدن زيارتها
لكنها لأول مرة في حياتها تكون غير مهذبة
وترفض أن يزورها أحد
كانت تريد أن تختلي بنفسها
وبـــ
ذكرى ناصر

أي ألم حاد تشعر به!!
هل هو الإحساس بالذنب؟؟!!
بمدى قسوة الحياة؟!!

منذ خروج مشعل من عندها وهي تدور بين الغرف
تشعر بوجود ناصر في كل مكان
قد لا يكون ناصر سكن هنا فعليا
ولكن وجوده في كل زاوية طاغ.. طاغ جدا
فتحت كل شيء.. وفتشت في كل شيء
ملابسه.. أوراقه.. صوره
كانت تعيد إكتشافه من جديد
تكتشف ناصر كما هو
كرجل حقيقي له شخصيته المستقلة
ليس ظلا لمشعل.. ولا مسخا مستنسخا من حمد

كان لديه الكثير من ألبومات الصور
حملتها جميعها وضعتها على السرير
وغرقت بينها!!

صوره في البطولات.. في التدريبات.. في الرحلات البرية..
في المؤتمرات.. في السفرات.. في دول عديدة
كان مبتسما في كل الصور

(إبتسامته رائعة وشفافة
هل سأرى إبتسامته مرة أخرى؟!
أدفع حياتي كلها ثمنا لإبتسامته
كم قسوت عليه!!
وكم قست الحياة عليه!!
أ هذا عقابه في الدنيا؟؟ أن يبتليه ربي بي..لأكون عليه مصدر شؤم؟!
أستغفر الله.. أستغفر الله
متعبة أنا يارب.. متعبة.. متعبة
كيف أستطيع مواجهته إذا عاد..؟؟ كيف أضع عيني في عينه..وأنا مثقلة بأغلال هذا الذنب..
سيرفضني.. أعلم أنه سيفعل
سيرفضني كما رفضته.. عنيد آخر من آل مشعل
لكن رفضه سينحرني.. سينحرني)

مثقلة هذه الصبية بالحزن.. حزن عميق وشفاف وموجع كعمقها وشفافيتها ووجعها
لا تعرف كيف تتصرف.. وخائفة.. خائفة
لطالما كتمت مخاوفها وألمها.. لم تسمح لأحد بكسر صدفتها
اقتحام روحها .. مشاركتها أفكارها
ولكنها الآن تحتاج لمن يمسك بيدها.. يدلها

التقطت هاتفها وأرسلت منه رسالة لهاتفين
ذات الرسالة لجهتين مختلفتين..

ثم تناولت صورة مؤطرة لناصر كانت موضوعة بجانب السرير
واحتضنتها وتمددت

لتبكي

لا لتنام.....



**************************



اليوم التالي

بيت سعد بن فيصل
الصباح الباكر

أم فارس تجلس عند دلالها تنتظر نزول سعد
نزل سعد بلباسه العسكري وتاج مع نجمتين تلمع على كتفيه
قبل رأس أم فارس وجلس
بعد تحيات الصباح المعتادة سألها باهتمام: فارس كلمش؟؟

أم فارس بتأثر: اليوم مابعد.. والبارحة أنا وياك مكلمينه

سعد بتأثر عميق: الله يفك عوق ناصر.. والله إن ناصر نادر ومثله في الرياجيل شوي

أم فارس بحزن: توه حتى عرسه ما تهنى فيه..

سعد ينهي فنجانه على عجالة وينهض: يالله فديتش أترخص عندنا اليوم طابور عرض

أم فارس تتذكر: ترا سعد فيه شيء أبي أقوله لك وأنسى

سعد باحترام: أمريني فديتش

أم فارس بهدوء: الحين أنت عندك أبو صبري وصبيان هنود.. أنا إذا جيتك طردناهم للمجلس
بس بكرة مريم بتجي بيتك
يبي لها خدامات يا أختك.. فأنا أبيك تقدم على ثنتين من الحين عشان أعلمهم لين يجي وقت عرسك.. وأنت تدري الخدامات يبطون لين يجون ويتعلمون

سعد بهدوء: زين ذكرتيني.. بأقدم على ثنتين.. وترا يمكن أجيب أم صبري بعد
أفكر الحوطة اللي ورا البيت ابني لهم فيها ملحق
مرت ولدهم صبري مضيقة على العجوز.. وأبو صبري متضايق
وأنا أفكر أجيبها على الأقل تسولف مع مريم وتساعدها على العيال لو الله رزقنا عيال..

أم فارس: بكيفك فديتك.. المهم الحين قدم على الخدامات وأم صبري بكيفك أنت وأبو صبري




*********************




القاهرة
الساعة العاشرة صباحا
أمام مصحة نفسية غاية في الرقي.. في منطقة هادئة في ضواحي القاهرة

باكينام توقف سيارتها وتنزل
تشد جاكيتها الطويل على جسدها.. فالجو كان باردا بعض الشيء
تعدل وضع نظارتها الشمسية على عينيها وتدخل

كانت متوترة نوعا ما.. فهي لا تعرف من هي قادمة للسؤال عنه
ماذا لو كان مجنونا خطرا
ماذا لو عرف المجنون الأخطر المسمى (يوسف) بزيارتها هذه لرجل غريب؟!!

تنهدت وهي تتوجه للاستقبال وتسأل عنه
خرجت بها إحدى الممرضات للحديقة الخلفية وأشارت لشخص معين
كان يجلس في الشمس تماما

تقدمت بخطوات مترددة..
كان مستغرقا في قراءة كتاب
وغير منتبه لما حوله مطلقا.. مما أتاح لبيكنام أن تتفحصه جيدا لتطمئن قبل محادثته
استغربت..كيف يكون هذا مريضا؟!!
بدا لها مسالما جدا.. ووسيما جدا... ونظيفا جدا جدا
نظيفا بالمعنى الفعلي للنظافة..
مثلما ترى شخصا وتعلم أنه استحم للتو..
وبدا لها كما لو أن حمد استحم عشر مرات متتابعة.. فكانت تفوح منه رائحة صابون عطرة مركزة وقوية

اقتربت منه.. همست بهدوء: السلام عليكم

حمد رفع عينيه وهو ينزل نظارته الطبية ويضعها على الطاولة ويبتسم: وعليكم السلام

تشجعت باكينام وهي ترى رده اللطيف للسلام فابتسمت وهمست:
عندك استعداد تستئبل زوار..

ابتسم حمد وهو يقول بلباقة: إذا زوار حلوين كذا.. ماعندي مانع

ابتسمت باكينام.. كانت تعرف أنه لم يقصد بعبارته سوى أن يكون مجاملا
لكنها رفعت يدها اليسار لتريه الخاتم وهي تقول بمرح شفاف:
أنا ست متجوزة بلاش شغل الغزل ده

ابتسم حمد وهو يقول بمرح أكثر شفافية: وأنا ما أعتقد مطلقا
إنه صدر مني مشروع خطبة

باكينام باحترام: أنا باكينام الرشيدي

حمد بلباقة: تشرفنا باكينام.. أقدر أخدمش بشيء؟؟
ثم استدرك: تفضلي اجلسي.. ليش واقفة

باكينام جلست على كرسي خال وهي تكمل حديثها:
أنا صاحبت هيا بنت خالك سلطان

حمد يقطب حاجبيه: مهوب هذي اللي لقاها مشعل ولد خالي عبدالله في أمريكا وتزوجها؟!!

باكينام هوت رأسها إيجابا.. ثم حكت لحمد سبب زيارتها واتصال هيا باختصار

أجابها حمد بقلق: أنا ما أبي حد في الدوحة يعرف إني أعالج.. خصوصا أمي

باكينام بثقة مطمئنة: حط في بطنك بطيخة صيفي.. ولا يهمك... وعد أنو ما حدش يعرف
وتاكد إن هيا مستحيل تئول ولا حتى لجوزها... هي بس عاوزاك تكلم الست مامتك.. عشان هي مشتائة لك

حمد بحنين عميق: وأنا مشتاق لها... بس الاتصال لازم يتم بأذن الدكتور
وأحيانا الدكتور يأجله أو يقدمه حسب حالتي
بس اليوم بأقول له وبأحاول أكلمها

باكينام وقفت وهي تقول بأدب: وأنا خلاص مهمتي انتهت.. وأستاذن

حمد بخيبة أمل: منتي براجعة تزوريني؟!!

باكينام شعرت بالحزن من طريقته في السؤال.. بدا لها وحيدا وحزينا مشبعا بالوحشة والحنين

همست بمرح: هأزورك ئريب

حمد بابتسامة: تعالي المرة الجاية أنتي وزوجش.. خلني أتعرف عليه.. لازم
وعشان أنا ما أحس بالحرج.. ولا أنتي تنحرجين
أنا بس أبي حد أسولف معه.. ويكون عارف عن أخبار هلي في الدوحة
لازم المرة الجاية تجيبينه..

باكينام بتوتر: إن شاء الله



************************



الدوحة
ذات الوقت ولكن توقيت مختلف فرق ساعة
الساعة 11 صباحا

لطيفة اليوم كان أول يوم لها امتحاناتها
ولكن بالها لم يكن مع الاختبار.. لكن مع ظروفهم المعكوسة
وخصوصا أنه وصلها قبل الفجر رسالة من مشاعل
تطلب حضورها حينما تستطيع صباحا
وذات الرسالة وصلت موضي
لذا اتفقت الاثنتان على الذهاب معا
لطيفة تمر بموضي ثم الاثنتان تذهبان لبيت عمهما محمد

الاثنتان تعبران الباب الواصل بين بيت عبدالله ومحمد
(ترتيب بيوت آل مشعل للتذكر:
بيت مشعل بن محمد بجواره بيت عمه عبدالله ثم بيت محمد ثم بيت فارس ملاصق لبيت عمه محمد
بيوت الكبار في الصدر.. ثم بيوت الشباب على الأطراف)

موضي تهمس للطيفة: زين إنها رضت تخلينا نجيها
من يوم دريت وأنا أحاتيها.. أدق عليها مهي براضية تخليني أجيها

لطيفة بحزن: أنا جيتها البارحة ودقيت عليها.. مارضت تفتح لي
والله إني خفت عليها..
تصدقين بغيت أدعي مشعل يكسر الباب.. بس هي ردت علي
وقالت ماتبي تشوف حد..
تخيلي مشاعل تقول لي كذا!!!!

موضي بمساندة: نعنبو لايمها.. قلبها احترق..

الاثنتان وصلتا.. طرقتا الباب
بعد لحظات فُتح الباب..
ليصعقا بمنظر شقيقتهما.. إحمرار عينيها.. انتفاخ أجفانها بشكل مرعب
يبدو كما لو كانت شبحا يوشك على التداعي والانهيار

لطيفة برعب: بسم الله عليش مشاعل.. وش فيش؟؟ مريضة؟؟

مشاعل لم ترد عليهما.. تركتهما وعادت للداخل
خطوات ثقيلة مجهدة نقلتها
خطوات كروحها المثقلة وجسدها المجهد

موضي أغلقت الباب..
والاثنتان دخلتا خلفها..حتى وصلت لغرفة النوم وألقت بنفسها على السرير
لتدخل في موجة جديدة من البكاء العويلي
الاثنتان مصدومتان.. صامتتان...
كون ناصر مصاباً لا يستدعي هذا البكاء الجنائزي..
إلا إن كان......
الفكرة انتقلت لرأسي الاثنتين في نفس الوقت
هل يعقل أن ناصرا توفي؟؟!
صدمة متوحشة اكتسحتهما
ولطيفة تجلس جوارها من ناحية طرف السرير
وموضي تقفز لتركب معها على السرير وتجلس جوارها من الناحية الأخرى

لطيفة همست بحنان أمومي: ميشو يا قلبي.. وش فيش؟؟

مشاعل لم ترد على أسئلة أي منهما حتى تعبت من البكاء
حينها نهضت.. همست بصوت مبحوح:
ما أدري أقول الذنب ذنبكم وإلا ذنبي؟؟

موضي بحنان وهي تحتضن كفها وتمسدها بحنان:
وش ذنبه يا قلبي؟؟

مشاعل بصوت ميت مخنوق: ذنب ناصر

لطيفة اقتربت أكثر وهي تحتضن كتف مشاعل التي أراحت رأسها على كتف لطيفة وهي تفرك أنفها المتفجر احمرارا
وتهمس بصوت عاد للاختناق بعبراتها وكأنها تحدث روحها:
ليلة عرسي أنا ماشفت ناصر
أنا شفت حمد وهو يضرب موضي بكل وحشية
شفت مشعل وهو يستخدم لطيفة أداة لتفريغ رغباته دون اعتبار لمشاعرها
ما أقول إني أنا خجولة بزيادة وهذا كان له دور.. لكن حياتكم خربت حياتي

لطيفة وموضي توترتا بشدة.. لكن لطيفة همست:
ميشو حبيبي قولي لنا وش اللي صار ليلة عرسش؟؟

مشاعل حكت لهما كل شيء.. تعلم أنهما كتومتان.. وهي بحاجة لمساحة شاسعة للبوح علها تفتح أفقا ما.. حتى لو كان ضئيلا لروحها المتأزمة المخنوقة

موضي بغضب عاتب: أنتي مجنونة؟؟ فيه وحدة عاقلة تسوي اللي سويتيه؟؟

مشاعل بنبرة غريبة خليط من القسوة والحنان والألم واللامبالاة:
تدرين موضي أنتي بالذات مالش لسان..
ثم أكملت بنبرة تهكم مرة حزينة موجعة: موضي قولي لي.. ليش ما ترضين تبدلين ملابسش قدامنا
تصدقين أول مرة أدري إن البنت تصير تستحي من خواتها عقب ما تتزوج!!

موضي بحركة تلقائية غير مقصودة غطت مكانا ما بين كتفها وصدرها
كأنها تغطي حزنها ويأسها وألمها عن الأعين ووجع المواساة
وهي تتراجع للخلف
(عن أي مواساة تتحدثين عن موضي؟!!
تحتاجين إلى من يواسيكِ
تحيطين نفسكِ بقشرة رقيقة سرعان ما تنهار مع النقرة الأولى!!)

موضي صمتت وهي تبتلع ريقها وألمها ولكن لطيفة أكملت:
اسمعيني مشاعل.. صحيح أنا وموضي كان عندنا مشاكل في حياتنا
لكن أنا كل مشاكلي مع مشعل انحلت.. ومشعل ماعاد باقي إلا يحطني على رأسه من اهتمامه فيني
وموضي تطلقت وهذا هي بتاخذ راكان خيرة شباب آل مشعل
يعني إذا حن اللي عانينا سنين تجاوزنا مشاكلنا.. أنتي ما تقدرين؟!!

مشاعل انتفضت بعنف وهي تقول بألم مر: ناصر مستحيل يسامحني.. مستحيل
وخصوصا إنه فيه شيء صار له.. ما أقدر أقوله الحين
صدقيني مستحيل يسامحني.. أنا ماني بقادرة أسامح نفسي

لطيفة مسحت على نعومة شعر مشاعل وهي تهمس بحنان:
لو مهما صار ناصر قلبه طيب.. صدقيني بيسامحش.. ليه ما يسامح؟؟
أنتي حاولي تكسبينه.. ولازم أنتي اللي تكونين مستعدة للمبادرة لين الآخر
حتى لو رفضش مرة ومرتين وعشر.. لا تيأسين.. لحد ما تجيبين رأسه
ولو على الوسائل.. اسمعي مني.. واستعيني بتفكيرش..

ثم غمزت بعينها وهي تمسح دموع شقيقتها الصغرى بحنان:
إن كيدهن عظيم



************************



ذات اليوم عصرا
عمّان
غرفة ناصر
مازال ناصر لم يفق.. وتغذيته تتم عبر الوريد

قلق والده وعمه وشقيقه وابن عمه يتصاعد من عدم إفاقته..
وطلبوا مقابلة الطبيب.. الذي وعدهم بالحضور بعد أن ينهي عملا ما في يده

وهاهو يحضر وهو يرسم ابتسامة مهنية اعتاد على رسمها حتى أصبحت ترتسم بطريقة رتيبة تلقائية: بيقولوا أهل ناصر مشعل بدهم ياني.. أنا حاضر

كان محمد من تكلم وهو يقول بهدوء: ناصر ليش مافاق لذا الحين..
البارحة وعا شوي وطلب ماي وعقب رجع ينام

الطبيب بهدوء: أنا طالب من الممرضات يحقنونه بالمهدئات.. مابدي إياه يصحى هلا

راكان باستفسار: وممكن أعرف السبب..

الطبيب بمهنية: هم سبيين ومش واحد
الأول أني حابب إن ساق ناصر توصل.. مع أنو ماراح يقدر يستخدمها هلا
بس أنا حابب إنه يشوفها وقت ما يصحى.. عشان تكون تخفيف لوضعه وفي نفس الوقت شرح صريح لحالته
أما السبب الثاني فهو إنو من تعرض لبتر أحد أطرافه.. يتعرض لظاهرة اسمها ظاهرة فانتون..
الظاهرة هذي تعني إن المخ يظل يرسل إشارات لمكان البتر..كأن العضو لساته موجود ولازم يتحرك..
يعني اللي انبتر عنده عضو ما يحس إنه فقد عضو ويحتاج وقت للتأقلم جسديا وفكريا..
والأخ ناصر رغم الرضوض والخدوش إلا أنو صحته تمام الحمدلله
يعني ممكن لو وعي هلا ينزل عن السرير ويمشي.. وهالشيء أنا ما بدي إياه

أنا استعجلت في طلب الساق.. وممكن توصل بكرة.. وراح أعطيكم قياساتها
عشان لو حب يطلب مرة ثانية.. يقدر يطلب..

فارس بإهتمام: يعني بكرة ممكن يحس فينا؟؟

الدكتور بابتسامة: إذا وصلت الساق.. ماراح نعطيه مهدئات.. وبيوعى إن شاء الله

محمد برجاء هادئ: ومتى ممكن نرجع الدوحة ونرجعه معنا؟؟

الطبيب بلباقة: الخيار لكم عمي وللمريض.. لو عنده استعداد يستخدم العكازات
ممكن ترجعون بعد كم يوم..
وأنا بأتصل مع صديق لي في مستشفى حمد عندكم.. وهو ممكن يتابع الحالة
لأنه مايقدر يستخدم الساق الصناعية إلا لما تلتئم الجراحة تماما
ولأنه هذي مش جراحة بمعنى جراحة لكن هو كي لمكان البتر، فالإلتئام بيكون أسرع.. ممكن يستخدم الساق الصناعية بعد أسبوعين ثلاثة.. والخيار لكم

الجميع صمتوا ينتظرون قرار محمد الذي أجاب بهدوء:
الشور شور ناصر.. لكن أنا أعرف ولدي.. مهوب اللي يهاب شيء
الظن ظنتي راجعين الدوحة قريب



*********************



الدوحة مساء
بيت فارس..
العنود في البيت للسلام على أم فارس ورؤية إذا كانت تحتاج لشيء

وهاهي تستعد للمغادرة..

أم فارس بحزن: سامحيني يا بنتي.. والله إن قدرش عندي كبير
ماقدرت أسوي عشاش وحن على ذا الحال.. الله يفك عوق ناصر

العنود بحزن مصفى: وش عشاه يمه؟؟ هذي أمي ماسوت عشاء مشاعل
وش عشياته وحن ماندري بحال ناصر..

أم فارس بمساندة: يأمش امتحاناتش قريب.. لازم تدرسين
إهمالش لدروسش لا يقدم ولا يؤخر

العنود بهمس: الله يجيب اللي فيه خير..
ثم أردفت بخجل: يمه أنتي أكيد منتي بمتضايقة إني أمسي عند أمي؟؟

أم فارس باستنكار: لا والله وحشا.. أم مشعل ذا الحين في حاجتش
وأمش أبدى من خلق الله
وعلى كل حال أنا البارحة أمسيت في بيت سعد..
وهو بعد شوي بيمر يأخذني.. أتسلى معه ومع عياله

العنود تنزل جلالها على وجهها استعدادا للخروج
لكنها استدركت وهي عند الباب بسؤال مؤلم:
يمه فارس كلمش؟؟

أم فارس بتلقائية: توه كلمني قبل تدخلين..

العنود شعرت بألم شفاف يغزو روحها.. فهو لم يتصل بها منذ مغادرته
هل يعاقبها على ذنب لم ترتبكه؟!!
أم أن الجفاء وجفاف المشاعر سيكون شعارا إبديا لحياتهما معا؟!!
هي الآن غاضبة منه.. بل غاضبة جدا
حرمها من أبسط حقوقها.. حقها في المعرفة منه شخصيا!!
لِـمَ لم يخبرها بإصابة ناصر؟!!
لِـم فضل أن يهرب من أمامها وكأنها كائن فاقد للأهلية يعيش مهجورا على أطراف حياته؟!!
لا تستحق أن يأخذ من وقته الثمين لحظات ليخبرها.. يعلم جيدا ولعها بأشقائها
وتعلق روحها بهم..
ولكن لا يهم.. هي لا تهم.. هي لا تستحق..
( "لماذا تعلم.. ولماذا أخبرها؟؟
سياتي أحدهم يوما ويخبرها.. ولكن ليس أنا
ليس فارس العظيم المتجبر المتباعد"
أهكذا فكرت يا فارس؟!!
متعبة منك ومن غرورك وتجبرك وقسوتك
ليتك تتصل بي
ليتك تفعلها
أريد أن اصفعك بكل آلامي.. أريد أن أخنقك بها
حتى لو كنت لا تشعر
وحتى لو كانت تماثيل الحجارة لا تبالي ولا تحس حتى لو ألقيت عليها عشرات الحصيات الصغيرة
على الأقل سأفرغ أنا بعضا من غضبي بإلقاء الحجارة عليك
بما أنك لا تتألم.. لا تشعر.. لا تحس
اسمح لي أن أفرغ أنا بعضا من ألمي.. شعوري.. وأحاسيسي)

العنود كانت تفكر بكل هذا وهي تسير خارجة من بيتها إلى بيت والدها
وصلت وصعدت غرفتها واستحمت والأفكار تعصف بها
خرجت لرؤية والدتها المعتكفة في غرفتها
مازالت على حالها.. مكتئبة تتصبر.. تكثر من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء له.. لناصر..

العنود عادت لغرفتها وصلت قيامها.. ثم قررت التمدد أخيرا.. هاجمتها أفكارها المؤلمة مجددا.. حاولت الهرب منها..
ولكن لا فكاك.. لا فكاك..
أفزعها رنين هاتفها..
التقطته
كان هو..
هو..
اسمه يتلألأ على الشاشة محدثا ضجيجا في قلبها بدقاته الطارقة بعنف على جدران قلبها..
خائفة منه.. وغاضبة عليه..

ردت بصوت هامس وكل تهديداتها بقذفه بحصى أحزانها تتبخر: هلا فارس

كما كل مرة.. وكما أول مرة
عاجز عن تفهم الثورة العاتية التي يحدثها صوتها في أوتار قلبه
أي كيمياء يحتويها هذا الصوت؟!! أي كيمياء؟!!
شرايينه تتهاوى.. قشعريرة باردة تجتاح جسده.. نار محرقة تذيب قلبه
يعدل جلسته على مقعده في لوبي الفندق
فهو هارب من غرفته المشتركة مع راكان حتى يحادثها
أي جنون بات يصيبه؟؟
لم يقضِ معها سوي صباحا واحدا.. بدا ذاك الصباح كما لو كان كل صباحاته
يأسره شوقه لبريق عينيها.. وابتسامتها العذبة الشقية
اليوم كاد أن يتهور ويحتضن راكان حين نهض من نومه صباحا
كاد يحتضن ذلك الحائط المسمى راكان لأنه يعلم أن جسده الضخم لابد احتوى يوما جسدها الغض بين أحضانه
الجسد الذي لم يسكن بين ذراعيه هو بعد..
كان يريد أن يشتم رائحتها التي تغلغت في روحه.. مازال ملمس خدها يغفو في كفه.. خصلات شعرها تلتف على أنامله
مشتاق لها.. مشتاق.. مشتاق لها قبل أن يتزوجا..
فكيف بعدما رأها أمامه أسطورة تتجسد تتحرك تتحدث.. تنفث سحرها الخلاب في كل شيء تمر به أو تلمسه؟!!

فارس رد بهدوء: هلا بش.. أنتي وين؟؟

العنود ابتلعت ريقها.. خائفة من ردة فعله.. فهي لم تستأذنه في العودة لبيت أهلها..ولكنها استأذنت والدته وأذنت لها..
همست بخفوت: في بيت هلي

فارس كان يعلم أنها في بيت أهلها.. والدته أخبرته أنها من أذنت لها بالذهاب حتى تبقى مع والدتها.. وهو فعليا ليس لديه أي مانع
ولكنها طباعه الغليظة السيئة وتحكمه الأرعن.. رد بهدوء: طيب مهوب المفروض تستأذنيني أول؟؟ وإلا أنا طوفة.. منتي بشايفتني رجّال؟؟

العنود كعادتها الذكية.. لا تجيب.. لكن تناور:
وأنت مهوب المفروض تقول لي وين مسافر وسبب سفرك؟؟ وإلا أنت شايفني كرسي وماني بمرتك وأخت ناصر؟؟

يالقوتها وشراستها المغلفة بالحرير!!
من أين تعلمت استراتيجية المناورة بهذه الطريقة؟!!
كيف تنقض وتلسع بنعومة..
ولكن هو لا يحتاج للمناورة.. فهو يستخدم المنجنيقات فورا
أقذف ولا تبالِ بالخسائر!!

همس لها بهدوء بارد: العنود ترا أمي اللي هي أمي.. عمرها ما سألتني وين رايح ومن وين جاي... أنا اللي أقول لها من كيفي..
وأنتي تعودي اللي أقوله تأخذينه... لا تراديني.. ولا تسألين..

رغم إحساسها الكبير بالألم لكنها أجابت بهدوء ناعم:
تدري فارس كان المفروض إنك كتبت في عقد زواجنا.. زواج من طرف واحد
يعني أنت وبس.. لأني أنا ماني بشريكة لك في ذا العقد دامك تبي تمشي حياتنا بذا الطريقة

فارس شعر بألمها يحز في روحه.. يعجز عن فهم سبب تصرفه معها بهذه الطريقة
رد عليها بهدوءه المعتاد: يعني أنتي زعلانة؟؟

العنود بتهكم رقيق: زعلانة؟؟ يعني إنك مهتم!!
ثم أردفت بحزن: تدري فارس.. خلنا على جنب... ناصر أشلونه؟؟

فارس ببرود مقصود: توش كلمتي أبيش وراكان أكيد قالوا لش..

العنود فهمت نغزته لكنها تجاوزتها وهي تقول بهدوء: أحب اسمع منك

فارس تنهد: بخير.. كلها كم يوم ونرجع للدوحة.. وذا الكلام أظني سمعتيه اليوم مرتين إذا مهوب أكثر

العنود بحزن ومرارة: زين دامك منت بطايقني.. ليش مكلف على روحك تتصل؟؟

فارس شعر بصدمة كاسحة تخترق روحه
(أنا ماني بطايقش؟؟ أنا؟؟
يعني بدل ما أوصل لها إحساس هيامي فيها
خليتها تحس إني ماني بطايقها
أي مخلوق غريب أنت يا فارس؟؟ أي مخلوق؟؟)

فارس تنهد: العنود ليش تقولين كذا؟؟

العنود ماعادت تحتمل كل هذا.. ماعادت تحتمل.. اختنقت بعبراتها وتريد أن تختلي بنفسها لتبكي
همست بصوتها المختنق: فارس تصبح على خير

فارس كاد يجن (وتبكي بعد؟؟ تكفين العنود كله ولا دموعش)
همس لها بأمر قوي: لا تسكرين

نبرة الأمر الحادة في صوته أنهت الباقي من تجلدها وهي تنخرط في نشيج خافت مؤلم وتلقي الهاتف جوارها
فارس جن فعلا وهو يسمع صوت نشيجها يخترق روحه كأسياخ محمية
كره نفسه ألف ألف مرة.. كره غروره وقسوته عليها في الوقت الذي كان يتمنى أن يشبعها حنانا وحبا وهياما وغراما

كان يعتصر هاتفه في كفه وهو يصر بين أسنانه: العنود.. العنود ردي علي
كان يود أن يصرخ عاليا.. عل صوته يصلها
ولكن مكان تواجده منعه وهو يشعر بالقهر وهو يسمع صوتها تبكي بهذه الطريقة الموجعة وهو لا يستطيع التصرف
مضت خمس دقائق والعنود الباكية نست هاتفها تماما
كانت الخمس دقائق الاسوأ في حياة فارس
شعر أنها خمس سنوات.. خمس قرون من الألم والقهر والحسرة
العنود تذكرت الهاتف المفتوح
التقطته رغم أنها كانت متأكدة أن فارس لابد أغلقه
لذا صُدمت أنه مازال على الخط ويناديها
ردت بصوت متعب: آسفة ماظنيت إنك على الخط ذا كله

فارس بنبرة حنان غير معتادة ولكنها تبدو لذيذة جدا بصوته:
تبين أسكر وأنا داري إنش تبكين؟!! مستحيل

انتفض قلب العنود بعنف.. عنف كاسح

وفارس يكمل بذات النبرة: أدري إني غريب واجد مهوب شوي
استحمليني شوي.. ولا تصيرين تاخذين كل كلمة أقولها بحساسية

صمتت العنود

فارس بهدوء: هاه العنود؟؟

العنود بصوتها المبحوح: يصير خير إن شاء الله

ابتسم فارس ..تمنى أن يقول لها لحظتها كم يحبها!! كم يعشقها!! كم يذوب بهواها!!
لكنه أكتفى عن كل هذا بأن قال لها بهدوء: زين تصبحين على خير
ولا تهملين دراستش



****************************



ذات الوقت
توقيت آخر
وبلد آخر

كانت باكينام في غرفتها تتمدد على سريرها استعدادا للنوم
والدها وصل من نيويورك قبل حوالي ساعتين.. جلست معه قليلا
ثم صعدت لغرفتها لتصلي قيامها وتنهي بعض أعمالها قبل النوم

قاطع رغبتها في النوم طرقات هادئة على الباب
عرفت أنها طرقات والدها
همست باحترام: تفضل بابا
دون أن تعلم أن سماحها بدخول صاحب الطرقات سيسلب كل أمانيها بالنوم
ليحيلها لمخلوق محطم مبعثر المشاعر

والدها دخل وهو يبتسم وهمس لها: ممكن خمس دئايئ من وئت حبيبت باباها

باكينام اعتدلت جالسة وهي تقول: ئول خمس ساعات.. تعالى أنته واحشني خالص

والدها جلس جوارها وهو يقول بهدوء: أخبارك أنتي ويوسف إيه؟؟

باكينام توترت لأقصى حد.. ذكر يوسف كفيل بضخ كل الأدرنالين في جسمها ليرتفع تحفزها للحد الأعلى
همست لوالدها بتصنع: تمام يابابا كلو تمام

والدها أمسك بيدها واحتضنها وهو يقول بحنان:
حبيبي باكي.. أنتي فاكرة أنو أنتي اللي وافئتي على يوسف
ووافئتي على خطبة وكتب كتاب في يوم واحد

باكينام ابتلعت ريقها وهزت رأسها بأسى (وكأني من وافقت باقتناعي؟!!)

والدها يكمل بنبرة منطقية: وأنتي عارفة إنك هترجعي واشنطن بعد تلات أسابيع

هزت رأسها
ووالدها يكمل: ويوسف كمان هيرجع

ابتلعت ريقها للمرة الألف.. لِـمَ تشعر أن ريقها جاف هكذا؟؟
هزت رأسها أيضا

والدها يكمل بهدوء رغم أنه بدأ يشعر بالحرج:
وأكيد باكي حبيبي أنتي شايفه أنو مش منطق أنو واحد ومراته ساكنين في بلد لوحديهم وكل واحد في مكان

شعرت باكينام بمطارق متوحشة تهرس قلبها.. ومطارق أكثر توحشا تهصر مخها
باكينام بحذر: بابا أنت عاوز تئول إيه؟؟

والدها بهدوء يلقي قنبلته: أنتي ويوسف لازم تعملو فرحكم ئبل سفركم لواشنطن

باكينام قفزت واقفة وهي تهتف باستنكار مر: مستحيل بابا.. مستحيل

والدها بغضب: إيه هو اللي مستحيل.. هو لعب عيال
عاوزة تتخطبي وما تتجوزيش.. هي دي أخلاء بنات الناس المتربيين

باكينام بضعف: بابا ربنا يخليك ما تزعلش مني
بس أنا ويوسف مش متفاهمين.. أنا عاوزاه يطلئني.. مش نتمم جوازنا

والدها بصدمة: طلاء إيه.. دا أنتي موعد فرحك اتحدد بعد حوالي تلات أسابيع بالزبط
في نفس يوم سفرك اللي أجلناه شوية عشان السبب ده

باكينام بصدمة أكبر.. صدمة نحرتها تماما: إيه؟؟ فرح؟؟ لا يا بابا.. لأ.. ربنا يخليك.. ما ترمنيش الرمية دي

والدها بغضب: رمية؟؟ يوسف عزت اللي ألف وحدة تتمناه رمية؟؟
حتى لو كان رمية.. أنتي اللي رميتي نفسك مش أنا
خطوبتك حصلت ئدام كبرات مصر.. وفرحك بطاقاته توزعت
وكلام عيال مش عاوز.. أنتي اللي تجوزتيه برضاكي وهتممي الجوزاة
لأنو لا أنا ولا طاهر حمل فضايح.. والجواز مش لعب عيال
توافئي وبعدين تئولي مش عاوزاه..

ثم أردف بحزم: عندك حساب مفتوح.. اصرفي زي منتي عاوزة.. واتجهزي لفرحك جهاز يليء بيكي وبأبوكي.. وكلام تاني مش عاوز أسمع

ثم خرج
خرج ليتركها خلفه ممزقة.. مثقلة بالأسى والحزن
(أتزوج يوسف فعليا بعد ثلاثة أسابيع
أنا لا أطيق وجوده لساعتين.. فكيف لو أصبحنا سكان بيت واحد؟!!)

(بت يا باكينام.. بلاش عبط
أنتي عارفة كويس أنك بتحبيه
وماحبتيش ئبله حد.. ولا هتحبي بعدو
يعني لو ماتجوزتيهوش.. مش هتتجوزي خالص)

(لكن الحب شيء والعشرة شيء آخر
أحببته وأحبه بل وأعشقه.. نعم..
لكنه مخلوق غير قابل للتعاشر
متسلط.. ومغرور.. وكريه
حياتي معه ستهدم كل شعور حب أحمله له)



************************



ذات الوقت
توقيت آخر
وبلد آخر

غرفة مشعل ولطيفة

يتمددان على سريرهما ويعبق في الجو روح أسى عميقة
مشعل يضع رأسه على ذراع لطيفة
ويحتضن كف ذراعها الأخرى بالقرب من قلبه

لطيفة تهمس بحنان: حبيبي هونها وتهون.. إن شاء الله إن ناصر مافيه إلا العافية

مشعل صمت.. الحزن في قلبه أكبر من التعبير بأي كلمات
لطيفة لا تعلم بعد بحالة ناصر.. وهو لا يريد إخبار أحد قبل والدته
المهمة التي تخنق روحه لأقصى حد
ولكنه يريد إخبارها قبل عودة ناصر بيوم حتى تتهيأ للخبر من ناحية ولا تصدم به
وحتى لا يطول قلقها عليه من ناحية ثانية

مشعل يتذكر شيئا أشعره بالألم لإهماله.. همس بهدوء وهو يشدد احتضان كف لطيفة: حبيبتي امتحاناتش شأخبارها؟؟
سامحيني أنسى أسأل.. سالفة ناصر ماعاد خلت فيني مخ

لطيفة تضع خدها على جبينه وهي تهمس بنعومة:
إن شاء الله خير.. صحيح مالي نفس أذاكر
بس أنا ختمت المواد كم مرة خلال الشهور اللي فاتت

همس لها برقة: زين حبيبتي.. أدري إنه اللي يعينش مع امتحاناتش
بس عشان خاطري كل مالقيتي وقت اخذي البنات وروحو لأمي.. أبيكم تلهونوها عن التفكير

لطيفة بحنان: حبيبي بدون ما تقول.. أمك أمي
لاتحاتي.. اليوم رحت لمشاعل شوي.. وعقب مريتها
والعصر رحت لها أنا والبنات

مشعل بقلق: مشاعل شأخبارها؟؟

لطيفة بحزن: تعبانة.. تعبانة واجد
ثم أردفت باهتمام: تكفى مشعل إذا جا ناصر وصه فيها

مشعل باستغراب: أشلون أوصيه يعني؟؟

لطيفة بحرج: خبرك أنتو يارياجيل آل مشعل
تطري عليكم الجفاسة.. ومشاعل رقيقة بزيادة

مشعل ابتسم: كنش تلبخيني؟!! (التلبيخ له عدة معان عريقة!! والمقصود هنا التعريض المبطن)
ثم أردف بهدوء: لا تحاتين أختش.. ناصر عاد أبعد واحد عن جفاستنا اللي تقولين

صمتت لطيفة.. لم تعرف ماذا تقول
اكتفت أن تدعو الله في سرها وبعمق
أن يحنن قلب ناصر المجروح على شقيقتها



************************
يتبع
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#   رد مع اقتباس
قديم 09-07-09, 10:53 PM   المشاركة رقم: 1517
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

صباح اليوم التالي
الساعة 10 ونصف صباحا
القاهرة

باكينام لم تنم مطلقا تشعر بضيق عميق يكتم على روحها
تشعر أنها عاجزة عن التنفس فعلا
لِـمَ تعقدت حياتها بهذه الصورة؟!
كل ما حدث كان بسببه.. بسببه هو فقط
غطرسته.. وغروره وجنونه.... و..
روعته..

(روعته؟؟
عن أي روعة تتحدثين يا مجنونة؟!!
يوسف هذا يريد إلغاء شخصيتكِ
وضعكِ جواره كإطار صورة باهتة لا معنى لها ولا مضمون)

مشغولة بأفكارها وهي تخرج خارج المنزل
لا تريد أن ترى أحدا أو تسمع أحدا
تريد فقط أن تقود سيارتها على غير هدى
تمد يدها لفتح الباب
يد سمراء قوية تطبق على جليد أناملها
(رايحة فين بدري كده؟؟)

تنهدت بعمق وهي تنتزع يدها من يده: يوسف أنا مش طايئة روحي..اعتئني
أنا عارفة أنت جاي بدري كده ليه
عاوز تتأكد إنه كلو مخططاتك ماشية تمام..؟؟
ما تشيلش هم.. بابا وائف معاك
وأنته وسمعتو وكل حاجة أهم عنده من بنتو

يوسف يتنهد: أنتي بتئولي كده ليه؟؟

باكينام بحزن: عشان هي دي الحئيئة..
ودلوئتي اسمح لي استاذن
وئبل ما تسأل أنتي رايحة فين وهترجعي أمتى
هأئولك مش عارفة.. أنا مخنوئة وعاوزة أتنفس بعيد عن البيت

يوسف احترم ضيقها.. ابتعد عن طريقها وهو يهمس: ما تتأخريش

كان يتمنى أن ينسف كل تراكمات سوء التفاهم.. العنجهية الفارغة
يخبرها أي قصر عال بنت أبراجه في قلبه المتيم
ولكن برودها.. غرورها.. وتباعدها يهزم الدافع في روحه المقيدة
فهي لا تعطيه سببا للمحاولة رغم استعداده
وإن كانت تعطيه –من وجهة نظره- آلاف الأسباب للاستمرار في تجريحها والقسوة عليها

تركته وركبت سيارتها.. دون أن تنتبه أنه هو أيضا ركب سيارته
سارحة في أفكارها التي انتزعها منها رنين هاتفها
نظرت للاسم ورسمت مايشبه ابتسامة وهي ترد بصوت ساكن:
أهلا هيا

هيا بابتسامة: هلا يا بنت.. وين اختفيتي؟؟

باكينام بنفس النبرة الساكنة فهي لا تريد نقل مشاعرها لهيا: موجودة

هيا برجاء: دام موجودة.. تكفين شوفي لي حمد ليش ماكلم عمتي
قولي له عمتي تعبانة

باكينام تغير وجهة السيارة وهي تقرر فعليا التوجه للمصحة:
خلاص هأروح له دلوئتي

باكينام احتاجت فعلا لشيء آخر تشغل بالها فيه بعيدا عن مشاكلها
وموعد زواجها المقرر قريبا
لذا قررت التوجه لزيارة حمد في المصحة


في ذات الوقت في بلد آخر وتوقيت آخر
11 ونصف قبل الظهر

مشعل الخارج من الحمام يجفف يديه من ماء الوضوء استعدادا لصلاة الظهر
يسأل هيا: من تكلمين حبيبتي؟؟

هيا برقة: باكينام..

مشعل بهدوء: متى بترجع واشنطن؟؟

هيا بذات هدوءه: مثلنا بعد حوالي ثلاثة أسابيع..هي مددت أسبوع مثلنا

مشعل بغموض: الله يكتب اللي فيه الخير.. المهم نتطمن على ناصر أول

هيا باهتمام: الله يعقله
ثم أردفت بحرج: أدري حبيبي إن بالك مشغول مع ناصر
بس البعثات بعثوا لي إيميل مرة ثانية.. يبون أكمل أوراق ما أدري شنهي

مشعل بأسف: سامحيني ياقلبي.. وعد بس أتطمن على ناصر أروح لهم
وأكمل لهم كل اللي يبون
وناصر على كلام الشباب كلها كم يوم ويجي..



******************************




بعد حوالي نصف ساعة
باكينام تترجل من سيارتها أمام المصحة

تسأل عن حمد.. يخبرونها أنه في غرفته
فتطلب منهم مناداته للجلوس في بهو الزوار فهي يستحيل أن تتوجه لغرفته

تجلس باستقامة انتظارا لحضوره وتفكيرها يبدأ من يوسف لينتهي بيوسف.. يوسف ملك المتناقضات

(أي ريح طيبة ألقت بكِ إلينا)
ابتسمت باكينام وهي تسمع صوت حمد الهادئ بنبراته العميقة
جلس مقابلها وهي تنظر له وتشتم رائحة نظافته الغريبة تشيع في المكان
ربما لو لم تكن متيمة حتى أقصى عروقها بهذا اليوسف السخيف وتكابر
لكان حمد حرك شعورا ما في أعماقها
فيه شيء ساحر وعميق وغامض.. الغموض جنون المرأة
يبدو محاطا بهالة ما غريبة..
وسامته الهادئة المختلفة عن وسامة يوسف الخطرة
تحريكه الدائم لنظارته الطبية ودعكه لأنامله الذي يوحي بتوتر ما، يختلف عن حركات يوسف الواثقة دائما..
ولكنه توتر مثير يشدُّ الانتباه..
(أوف.. لماذا كل شيء يتدخل به يوسف؟؟
ولماذا لابد أن أعقد مقارنة بينه وبين كل رجل أراه؟؟
والمصيبة أنه هو من يكسب كل مقارنة بجدارة
أوف يوسف أوف.. لِـمَ أنت متسلط هكذا؟!!
حتى على تفكيري متسلط.. متسلط.. متسلط)

باكينام تبتسم له بهدوء: ليه ماكلمتش الست مامتك؟؟

حمد بضيق متألم: الدكتور مارضى.. يقول خلها شوي

باكينام شعرت بضيق عميق.. أن يحرم حتى من أبسط حقوقه.. حق التواصل مع أمه إلا بأذن طبي.. ماهذه الحياة!!

ابتسمت باكينام بتشجيع: ماعلش بس ياليت تحاول معاه شوية

حمد بألم: والله إني مشتاق لها.. والله العظيم مهوب هاين علي أخليها ذا كله بدون اتصال
ثم أردف بعمق: تدرين أنا أغلى ناس عندي في الدنيا أمي وموضـ...
بتر جملته بانفعال.. وتنفسه يضيق ويتسارع وهو ينفض رأسه وجبينه يقطب

باكينام شعرت بارتباكه وأن هناك شيئا غير طبيعي حدث
لذا قررت تحويل مسار المحادثة تماما وهي تهمس بحماس مفتعل:
فرحي بعد تلات أسابيع.. تئدر تحضر؟؟ هأكون مبسوطة أوي لو ئدرت

حمد هز رأسه عدة مرات وهو يحاول ضبط انفعاله ثم همس لها بأدب ولكن من بين أسنانه: يا ليت أقدر

صمتا للحظات.. قطع الصمت حمد وهو يقول بعمق: أنا آسف
ثم أردف بتهكم جارح: مريض نفسي وش تتوقعين منه؟؟

باكينام بمؤازرة: أول العلاج إنك تكون عارف إنك مريض

حمد بحاجة لبوح مختلف لشخص غير طبيبه همس بألم: المشكلة حالتي النفسية كل مالها تتحور لشكل جديد.. آخرها هوس مرضي بالنظافة
أحس على طول إني وسخ.. وأني مهما سبحت مستحيل أنظف
أحس دمها بين يدي.. وجلدها تحت أظافري.. هريت جسمي ويدي غسيل
وأظافري قطعتها من التقصيص لدرجة إنهم صاروا يخبون مقص الأظافر عني

باكينام برعب: دم.. جلد؟؟

حمد يهمس وكأنه يخاطب نفسه: لا تخافين مني.. ما ذبحت حد..
أو يمكن ذبحت..
ذبحت روحي..

باكينام بألم: حمد.. أنا أول مرة أشوف مريض نفسي يشرح حالته بالوضوح ده... وسدئني دا هو العلاج الفعلي..

حمد بوجع عميق: الله كريم..
ثم نفض رأسه وهو يغير الموضوع: تحبينه؟؟

انتفضت باكينام وهي تسأل برعب: أحب مين؟؟

حمد بابتسامة: يظهر حتى الأصحاء يعانون مشاكل نفسية...

باكينام بهمس: بأحبه.. بس هو غريب.. وفارض نفسو بطريئة غريبة
حتى موعد جوازنا حدده بدون ما يئول لي
جرحني.. جرحني أوي.. خلاني أرفض كل حاجة منو

غريب هذا البوح العميق الذي يجمع بين شحصين غريبين جمعتهما الصدف الأغرب
كونه لا يعرفك.. يتيح لك الانطلاق والسرد الموغل في الحميمية

حمد يرد عليها بعمق: صدقيني الله سبحانه وتعالى يكتب لنا دايم الأحسن
لكن احنا اللي نسيء التصرف
لا تسوين مثلي.. وتخربين حياتش بيدش
تدرين قبل أربع سنوات.. لما تزوجتها ما كنت مصدق..(تجنب ذكر اسمها)
حسيت إنه ربي يحبني صدق.. لأني كنت خايف إنه ولد عمها يوقف لي
استغربت أشلون خلاها... قلت هذا من رضى ربي علي الله كتبها لي..
لكن أنا ماعرفت أصون النعمة.. تبطرت عليها.. ودستها برجيلي
والحين النعمة راحت.. وأنا لو عشت حياتي كلها أتحسر ما كفتني 1000 حياة مع حياتي
عشان كذا.. لا تخربين على روحش وتعيشين بحسرتش طول عمرش
إذا تحبينه صدق.. موعد الزواج .. وفرضه لنفسه.. كلها شكليات
ممكن تجاوزونها مع بعض
المهم الحب والتوفيق..


باكينام خرجت من عند حمد.. وغمامة ثقيل تُزاح عن ناظريها
(كم هو رائع هذا الحمد!!
أين كنت منذ زمن!!
كم هي رائعة بسيطة وعميقة طريقتك في شرح الأمور!!)



********************



بعد صلاة العصر
عمّان
غرفة ناصر في مدينة الحسين الطبية

ساق ناصر وصلت اليوم صباحا
وتوقفوا منذ الصباح عن إعطاءه أية منومات

وهاهو يصحو من نومه الطويل.. همس بصوت مبحوح: ريقي ناشف

الأربعة أحاطوا به.. وراكان يفتح قنينة ماء ويبل ريقه بالقليل
مشاعر قلق وتوجس وحزن وترقب موجع تعبق في محيط السرير وأركانه الأربعة

محمد بعمق وهو يميل على جبين ناصر ويقبله: الحمدلله على سلامتك يا أبيك

ناصر يفتح عين ويغلق الأخرى وهو يشعر بصداع خفيف:
يبه.. الله يهداك وش جايبك عاني هنا.. مكلف على روحك

محمد يربت على ذراعه المسترسلة جواره: إذا ما عنيت لك.. أجل ماعاد لي خانه

ناصر يبتسم ابتسامة باهتة: اذا أبو مشعل ماله خانة..
أجل راح زمان الرياجيل

ناصر يلتفت ناحية قبلة أخرى تطبع على جبينه
كان عمه عبدالله من الناحية الأخرى الذي همس له: الحمدلله على سلامتك ياولدي

ناصر بمرح واهن: وابو مشعل الأمريكي بعد هنا
كذا تخلوني أتبطر.. واصدق إني تعبان جد
لا يكون المشاعيل بعد هنا وخليتو كلكم العرب اللي في الدوحة؟؟

راكان همس: لا مشعل ومشعل في الدوحة.. بس أذونا اتصالات كنهم معنا

فارس يشعر بمرارة عميقة تمنعه من الكلام..
كم هو صعب عليه رؤية ناصر هكذا
ناصر رفيق الطفولة والصبا و الشباب
ناصر سنده.. وابتسامته في الحياة
ناصر الذي كان دائما نقيضه والمكمل له
كم هو مؤلم هذا الأحساس الجارح الذي يمزق روحه بوحشية!!


ناصر يلتفت لفارس ويبتسم: والشيخ فارس مايبي يقول لي الحمدلله على السلامة

فارس اقترب وهو يضع كفه على كتف ناصر ويلمس أنف ناصر بأنفه على الطريقة الرجالية ثم يهمس في أذنه:
لو أنك مت وخليتني.. كان لعنت مترسك..

ناصر يبتسم ويهمس له بصوت خافت وأخوية عميقة نادرة:
جلف ومن يومك جلف.. الله يعين أختي عليك

ثم ألتفت ناصر لراكان وهمس: أبي أروح الحمام

الوجوه الأربعة تبادلت نظرات واجمة قلقة..
(أكيد كلام الدكتور صدق.. وهو ناسي سالفة بتر ساقه)

ولكنهم وإن كانوا يعلمون أن ناصرا مختلف ولكنهم لم يعلموا بعد أنه مختلف جدا.. جدا..
مختلف لأبعد حد

ناصر بمرح هادئ.. وموجع.. موجع جدا: أشفيكم تفكرون فيني كذا.. لا يكون طلع لي قرون بدل ساقي المقطوعة
أشوف عكازات مسندة على الطوفة.. قربوها مني قدام أسويها على روحي
واصل حدي..

ناصر رفض بشدة محاولات راكان وفارس للدخول معه للحمام..
وهو يحاول التسند على جسده الذي كان رغم قوته الرياضية خائر القوى من تأثير المهدئات
ومن عدم تعوده على عدم وجود ساقه..
يشعر أنها مازالت موجودة.. ولكنها ليست هناك..
ليست هناك
هناك فراغ..
فراغ موجع انهزامي
فراغ ثقيل و شاش ثقيل
ولكنه ضد الانهزامية.. ضد الاستسلام تحت وطأة هذا الثقل والفراغ مهما كان موجعا وشاسعا وجارحا له كرجل.. كبطل رياضي..كإنسان
إنسان باحث عن وهم الكمال.. كما هو هم البشرية المسعورة التي جعلت للكمال مقاييسا تافهة انتقصت أطرافها عنده
يعلم يقينا وهو بقدم واحدة أنه أفضل وأكثر اكتمالا من آلاف آلاف الرجال وأشباه الرجال ممن يمشون على قدمين
تنهد بعمق.. (أحتاج وقتا للتعود ليس أكثر..)

خرج من الحمام.. ليجد الطبيب في انتظاره ويجلس مع أهله
ويرسم ابتسامته المهنية المعتادة

ناصر تسند على عكازيه.. قام راكان لمعاونته.. ولكنه أشار لا
وهو يتقدم بخطوات ثابتة قدر مايستطيع وقدر مايساعده عكازاه
حتى وصلهم وجلس معهم على المقاعد.. ورفض العودة لسريره

الطبيب بإبتسامة: الحمدلله على سلامة فارسنا

ناصر بابتسامة باهتة: الله يسلمك

الطبيب بهدوء: بتعرف أخ ناصر أنا فخور جدا إني تعرفت عليك..
تقبلك لقرار البتر كان شجاع وثابت.. وهاي أول خطوة في سبيل استعادة حياتك الطبيعية بشكل كامل

ناصر صمت وهو يستمع للطبيب الذي أكمل حديثه وهو يرفع القدم الصناعية بين يديه:
قدمك الجديدة وصلت اليوم.. من أفضل وأحدث ما توصل له العلم قوة ومرونة وتحمل وتناسب مع شكل الساق فعليا
تقدر تبدأ تستخدمها بعد أسبوعين ثلاثة على حسب تحسن مكان البتر
وأنا أضمن لك بإذن الله بعد ما تتعود عليها.. تمارس حياتك بشكل طبيعي تماما
وممكن ترجع لركوب الخيل فورا وبنفس المهارة إن شاء الله

بريق أمل موجع في عينيه: جد دكتور أقدر أركب خيل طبيعي..؟؟

الدكتور بإبتسامة: أنا أتكلم بمهنية تامة.. ومسؤول عن كلامي..
ومو بس تركب خيل إلا ترجع للسباقات لو حبيت وتفوز كمان إن شاء الله

ناصر همس بمرح متألم: لا سباقات خلصنا منها.. بس ركوب الخيل في دمي..

أربعة وجوه مهتمة تتابع الحوار بألم.. بأمل.. بوجع.. بإهتمام مصفى

الطبيب أكمل: الوالد حابب يرجع الدوحة.. بس بيقول الرأي رأيك..
وطبيا أنت ممكن تغادر المستشفى بعد يومين
لو حابب تظل لحد ما تستخدم الساق الصناعية براحتك
لو حابب تنزل الدوحة.. تاخذ الساق معاك.. وزميلي يتابع حالتك هناك
وينطيك تعليمات استخدام الساق والعناية بها.. وفكها وتركيبها
يعني كل شيء إن شاء الله

لو كان على ناصر.. فهو يكره العودة للدوحة..
لا يريد رؤيتها هي.. لا يريدها
لا يريد مشاعل
يشعر بنفور حاد منها
إذا كانت رفضته وهو بساقين.. فكيف وهو بساق واحدة؟!
لكنه يعلم أن والدته لا بد قلقة عليه
ولا يريد إطالة أمد قلقها.. قلبه يذوب من أجل تلك الغالية
لذا قال بثقة: إلا الشور شور أبو مشعل
ودامك فيها وش أنت تتنيها
أحجزوا لنا يا شباب خلونا نرجع للدوحة أول ما أطلع من المستشفى

الطبيب خرج وتركهم
محمد مد يده لفخذ ناصر وهو يربت عليه ويقول بحزن عميق: الله يواجرك يا ولدي
إن شاء الله إنك من هل الخير..
وإن شاء الله إن ساقك سابقتك للجنة

ناصر بعمق: يبه لا تحزن جعلني الأول.. الحمدلله على نعمته
مشكلة الإنسان إنه يشوف الله وش خذ منه وما يشوف الله وش عطاه
الله سبحانه خذ مني ساق.. لكنه خلا لي ساق ويدين وبصر وسمع وعقل وقدرة على الحركة
حتى الساق المقطوعة.. هذا أنا بأركب وحدة بدالها..
شوف أختي مريم.. الله يواجرها.. فقدت نظرها ومافيه شيء يعوضها عنه
ومع كذا تشوفها تحمد الله وتشكره كأنه عطاها قوة بصر زرقاء اليمامة
أنا كل ما تذكرت مريم... حسيت بعظم نعمة الله علي.. ورأفته بي
الله كان بي رحيم.. البتر تحت الركبة وساق وحدة.. وكان يقدر يأخذ أكثر
وأنا مالي إلا الصبر.. لكن هو مثل ماخذ.. عطاني أكثر وأكثر
اللهم لك الحمد والشكر على نعمتك ورحمتك



**********************



مر يومان
موعد وصول ناصر سيكون غدا مساء
أصبحت معضلة مشعل ومشعل كيف يبلغان نساء آل مشعل بالخبر
فهما لا يريدان أن يُصدمن برؤية ناصر
مشعل بن عبدالله انتهى من إبلاغ مشاعل ولكنه تبقى لديه عقبة كبيرة في إبلاغ البقية.. وأولهما جدته وعمته ونورة
ومشعل بن محمد صاحب المهمة الأصعب : إبلاغ أمه وشقيقتيه


بيت عبدالله بن مشعل
غرفة مشعل وهيا وتحديدا
بعد صلاة العصر بقليل

مشعل يدخل وهو مسود الوجه تماما.. يشعر بإرهاق خانق ووجع نفسي أكثر اختناقا

هيا التي كانت تطوي سجادتها.. ألتفتت له ثم همست برعب:
مشعل أشفيك؟؟

مشعل يفتح أزرار ثوبه العلوية عله يجذب لرئتيه المختنقتين بعض الهواء
ويهمس بضيق: توني جاي من عند عمتي نورة وسوت لي مناحة
والله إني خفت عليها وكنت أبي أوديها للمستشفى
بس خالي جابر عيا وقال هو بيهديها
اذا عمتي سوت كذا.. الله يعيني على جدتي

هيا برعب: ليه وش صاير؟؟

مشعل حكى لها عن وضع ناصر باختصار
هيا تنهدت بألم: إنّا لله وإنّا إليه راجعون
الله يواجره.. المؤمن مبتلى.. ومادام بتر ساق بس..
أنت تدري إنه ممكن يستخدم ساق صناعية ويعيش حياته طبيعي

مشعل يتنهد: أنا وأنتي نقول كذا..
بس العجايز وش يفهمهم؟؟
أنا كل شيء عندي ولا جدتي هيا.. ماداني عليها أدنى شيء
ما أدري أشلون أقول لها

هيا تنهدت بعمق: خلاص خلها علي

مشعل بارتياح: صدق؟؟

هيا شعرت أنها تورطت فعليا.. فهي أيضا تخشى مواجهة جدتها بالخبر الموجع
ولكنها من أجل مشعل مستعدة أن تحمل كل هذا الألم عنه
يكفيه ما تحمله من عمتهما

همست له بخوف: صدق.. والله يعيني



*************************



القاهرة
المصحة نفسية

باكينام تصل وهي تحمل كيس كبير نوعا ما
تنزل دون أن تنتبه أن هناك سيارة غريبة بها شخص غريب تتبعها

خلال اليومين الماضيين اختفى يوسف تماما
كانت تود أن تصفي الأجواء معه بعد حديثها المريح مع حمد
ولكنه لم يحضر ولم يتصل
وهي يستحيل أن تبادر بالاتصال
ولكنها أيضا خلال اليومين الماضيين بدأت تخرج كثيرا للسوق هي وجدتاها
وأحيانا أمها.. للتجهز لزواجها الذي تقبلت فكرته بارتياح
لذا لم تشغل بالها كثيرا بغياب يوسف الغريب وغير المعتاد

وجدت حمد اليوم يجلس في الحديقة ويستمتع بشمس الأصيل الضعيفة
التي أضعفتها برودة الجو أكثر
كان يقرأ كالعادة ومستغرقا في القراءة

اقتربت منه سلمت بمودة..
أنزل حمد نظارته: أهلين بالعروسة..
ثم أكمل بحنين: تدرين اليوم قبل صلاة الظهر كلمت أمي..يالله وش كثر كانت هي مشتاقة وأنا مشتاق

باكينام تجلس: إزيها؟؟

حمد بهدوء: تمام.. أنتي أشلونش؟؟ عسى صفيتي الجو مع... هو شاسمه؟؟

باكينام تتنهد: يوسف

حمد يضحك: وتنهيدة بعد.. شكلش رايحة في خرايطها

باكينام تبتسم: إيه خرايطها دي.. شكلها تهزيئة

حمد يبتسم: مهوب تهزيئة لكنها بنت عمها

باكينام بفرح حقيقي: ماشاء الله النفسية النهاردة بمب

مازال مبتسما: الحمدلله من سمعت صوت الغالية وانا فوق الريح

باكينام بمرح: انته النهاردة رغاي.. ونسيتني أنا جايه ليه

حمد بمودة: الوحدة اللي جايه تزور أخيها تبي لها سبب..

باكينام بتأثر: ربنا يخليك.. وأنا والله حاسة إنك زي أخويا وأكتر

حمد يهمس بعمق: تدرين عندي 3 خوات توأم..حرمتهم يحسون بأخوتي لهم

باكينام بصدمة رقيقة: تلاتة توأم.. تتكلم جد؟؟

حمد بحماس طفولي: والله جد.. عمرهم 17 سنة.. يجننوووووون

باكينام بحماس مشابه: واو.. وكلهم شبه بعض؟؟

حمد بابتسامة عميقة: نعم ولا... عالية وعلياء شبه بعض تمام أنا ما أقدر أفرق بينهم إلا بصعوبة
معالي هذي غير في كل شيء.. شيطانة.. جن مصور على قولتكم

أكمل بحنين: والله اشتقت لهم.. نفسي أعوضهم عن جفاي وقسوتي عليهم
تخيلي مالهم أخ غيري.. بيني وبينهم فرق 14 سنة..
المفروض هم مثل بناتي.. لكن عمري ما حسستهم بأي حب..لا وكنت كثير أقول لهم بقسوة إني ما أحبهم..
رغم أنهم ينحبون.. والله العظيم يدخلون القلب

باكينام تبتسم: ربنا يخليك ليهم.. ويخليهم ليك.. كلها شوية وتخلص علاجك وترجع ليهم

ثم أردفت: أنا تاخرت كتير واحنا بنرغي..
رفعت الكيس ووضعته على الطاولة: أنا جايبة لك هدية صغننه
عشان شفت هدومك انهرت من الغسيل
جبت لك شوية لبس على زوئي

حمد يبتسم: تدرين إني كنت أبي أوصي حد على ملابس
ماشاء الله على حاستش السادسة

باكينام بمرح: طب الحمدلله.. ودلوئتي أستاذن

حمد يستوقفها: أنا مابعد خلصت كلامي..

باكينام باستغراب: فيه إيه؟؟

حمد باستفسار: كم ثمنهم؟؟

باكينام بغضب: عيب عليك حمد.. مش بتئول دلوئتي احنا أخوات

حمد بحزم: ماعليه باكينام أخوان.. بس لو ماخذتي فلوسهم
شيليهم معش..

باكينام بغضب خفيف ممزوج بمرح مصطنع: أنتو الرجالة العرب فيكم الخصلة الوحشة دي
أنا متاكدة لو أن اللي جاب لك الهدية دي راجل.. يوسف مسلا كنت هتئبلها بدون حساسية
بس عشان أنا وحدة ست.. كرامتك ما تسمحش ليك تئبل حاجة من مخلوء أقل من مستواك الرجولي العربي الرفيع
إزاي تلوس أخلاقياتكم العربية وفحولتكم الشهيرة وتنجسها أنك تساوي بين ست وراجل!!

حمد ابتسم ابتسامة جذابة ناعمة: أوه الأخت شكلها شايلة علينا احنا الرياجيل العرب من قلب؟؟

باكينام همست وهي تهمس بمرح: أبو الئلب وأمه على قولت بت خالك هيا

ضحك حمد: الله يعين يوسف عليش.. شكلش بتقومين الحرب العالمية الثالثة عليه

باكينام بابتسامة: هو اللي جابه لنفسو.. وبنفس الطريقة العربية المعتادة
فرض نفس.. وجبر.. وغصب...وقوة.. وتسلط.. وجبروت..
المصطلحات العريقة اللي بيتقنها كل راجل عربي

حمد يبتسم: تدرين أفكارش تبي لها إعادة تأهيل كامل.. أنا بصراحة واحد مهوب في موقع حوار أو إسداء نصيحة
لأني لين قبل 3 شهور كنت أسوأ نموذج ممكن يكونه رجل أو حتى إنسان
متسلط ومتوحش ويدي طويلة
لكن أنا قارئ عتيد.. ومن منطلق خبرة الكتب مهوب من خبرتي
أقول لش: التعميم أكبر ذنب فكري ممكن الواحد يرتكبه في حق نفسه وحق قناعاته
إنك تبني قناعة كاملة على أساس تعميم جريمة
يعني أنتي الحين تقولين الرجل العربي والرجل العربي.. وتطلقين أحكام شاملة وعامة وقطعية
تذكري إنه الوالد رجل عربي ويوسف رجل عربي وأكيد عندش أهل رجال عرب..
علاقتش فيهم كلهم بتكون علاقة متوترة ومتحسسة وفيها قدر كبير من التحفز
لأنه تفكيرش كذا تفكير حربي وكأنه احنا في معركة بين الرجل والمرأة..ولازم واحد منهم يربح
لكن النتيجة صدقيني بتكون خسارة الطرفين
وحطي ذا الشيء في بالش وأنتي قريب بتبدين تبين حياتش مع يوسف
لا تكونين متشددة بذا الطريقة
وشوفي الأشجار على علوها وقوتها إلا أنها تنحني للريح عشان ما تنكسر

وإذا أنتي تحبين لعبة التعميمات هذي
فليش تنكرين التعميمات اللي تقول إنه الرجل العربي يحب يكون سند للمرأة
ويحب يحميها ويحتويها ويحسسها بالأمان
أو أنتي بس تختارين التعميمات اللي تناسب اللي في رأسش بس
والتعميمات اللي ما تناسب تدوسينها؟!!

باكينام كانت ترفع حاجبيها تعجبا وإعجابا.. والحوار بينها وبين حمد يمتد ويمتد ويتشعب
وامتد الوقت دون أن تشعر باكينام
حتى همس لها حمد: تايم آوت.. المغرب بيأذن ولازم أقوم
موعد وردي.. وأبي أصلي عقب.. اسمحي لي

باكينام نظرت لساعتها برعب: ساعتين ونص من غير ما أحس
أنا تأخرت خالص

حمد يقف ويتناول نظارته ويلبسها ويهمس لها بود أخوي:
اعتبر هذا إطراء إن حديثي أخيرا أعجب حد

باكينام بمودة: على ئد ماشفت وتكلمت مع ناس ماشفتش محاور زكي وعميق زيك

حمد يغادرها وهو يلوح بيده ويقول: شكرا على المجاملة.. والمرة الجاية لازم تجيبين يوسف معش


باكينام غادرت المصحة قبل غروب الشمس بحوالي ربع ساعة
وتوجهت لبيتها والسيارة إياها تتبعها

فور وصولها توضئت وصلت.. بعد التسليمة بقليل
رن هاتفها
كان يوسف.. ارتعش قلبها بعنف
لم تسمع صوته منذ لقاءهما ذلك الصباح قبل يومين
مشتاقة له.. مشتاقة.. مشتاقة

همست بود: أهلا يوسف

يوسف بطريقة مباشرة وهجومية: كنتي فين؟؟

باكينام تناست كل قراراتها وكبرياءها العنيد يحضر: مش شغلك

هو السبب.. هو من دفعها للرد عليه بهذه الطريقة

يوسف بحدة أكثر: باكي أنا مش فايئ لك.. خلي نهارك يعدي
أنا بأسألك كنتي فين؟؟ (كان يشدد على حرف)

باكينام شعرت بالتردد من حدته الزائدة: كنت باعمل شوبنق
مش المفروض إنه فرحي بعد أئل من تلات أسابيع

يوسف ببرود ممزوج بالنار: آآآآآآه فرحك.. ورحتي فين كمان؟؟

باكينام بتردد أكبر: مارحتش مكان رجعت البيت..

يوسف بنبرة خاصة: أكيد؟؟

باكينام بنبرة قوية لأنه استفزها: آه أكيد.. عندك مانع..

يوسف بنبرة خاصة اشتمت فيها رائحة غير مريحة: ابئي افتكري يا باكي إني سألتك
ما أعطلكيش.. تصبحي على خير

(أصبح على خير بعد المغرب
مالو ده؟؟ مش عوايدو)

باكينام شعرت بالذنب لأنها لم تخبره بزيارتها لحمد
شعرت أن إخفائها لهذه الزيارة جعلها ذنبا حقيقيا يخنق روحها
ترددت في إخبار يوسف لأنها تخشى من ردة فعله.. فهو غيور ومتسلط
ولن يتفهم سبب زيارتها لحمد
وهي في غنى عن المشاكل مع اقتراب موعد زواجهما



************************



قبل ذلك بساعات
الدوحة

غرفة الجدة أم محمد / هيا الكبيرة

مازالت تجلس على سجادتها من بعد صلاة العصر وتسبح
دخلت عليها هيا بخطوات مترددة
تود لو كان باستطاعتها العودة.. تود لو كان بإمكانها إلغاء كل الحقائق المؤلمة
فهذه العجوز اكتفت من الحزن.. اكتفت لأبعد حد
فهل يكتب عليها أن تُطعن شيخوختها بحزن جديد وألم جديد
هل مازال بها جَلَد واحتمال؟!!

هيا اقتربت من جدتها..
الجدة حين رأت هيا بالقرب تناولت برقعها من جوارها وارتدته
هيا جلست جوارها وقبلت كتفها.. سلمت ثم صمتت

الجدة همست بعمق: هويه وش عندش؟؟ كنش وراش علم

هيا بهدوء ساكن وعمق موجع: يمه تدرين إنش إن شاء الله من أهل الجنة..
لأنه اللي تفقد ولدين وتصبر جزاها الجنة إن شاء الله

الجدة صمتت.. وهيا تستمر في التهيئة التي لا تعرف أين تقودها:
يمه أبي راح.. وعمي سعود راح.. وجدي راح.. وقبلهم أبيش وأمش وأخوانش..
وأنتي صبرتي على كل شيء
جربتي الحزن كله.. ولأنش إنسانة مؤمنة صبرتي على ذا كله..
كم عمر عمي سعود يوم مات؟؟ 23 سنة أو 24 سنة؟؟ شباب وراح
الموت هو أكبر حزن في الدنيا وأنتي جربتيه.. يعني اللي أقل منه أنتي عليه أصبر وأقدر

تنهدت هيا الكبيرة بعمق وهي تقول بنبرة غامضة مجهولة الانفعالات:
ناصر وش فيه يا هيا؟؟ اخلصي علي

هيا ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تهمس: وش دراش إنه ناصر؟؟

الجدة بذات نبرتها الغامضة: من يوم راح الخبل صباحية عرسه يسابق وأنا قلبي ناغزني
ثم يوم لحقه المعرس الثاني ثاني يوم.. وقلبي ناغزني أكثر
ثم محمد وعبدالله كلهم راحوا له.. تبيني ما أدري إن اللي في ناصر شيء كايد
قولي لي وش صار له؟؟

هيا صمتت.. لم تعرف أن الأمر سيكون صعبا كذا

الجدة انتفضت بغضب حاد مفاجئ: هيا خلصيني

هيا انتفضت تفاجئا من جدتها التي انتقلت بشكل مفاجئ من الهدوء الساكن للثورة العاتية
لتقول هيا بدون تفكير: قصوا رجله

الجدة برعب وهي تغرز أصابعها في عضد هيا: ويش؟؟ ويش؟؟

هيا ندمت من تسرعها في قذف الخبر
ولكن هل كان من الممكن أن يُقال بطريقة ألطف؟!!

هيا ربتت على كف جدتها التي تعتصر عضدها وهي تهمس لها بعمق حنون:
يمه فديتش العلم والطب تطورو.. وبدل ساقه يقدر يركب ساق كنها ساق صدقية
يمشي فيها عادي ويروح ويأتي ويسوق سيارته عادي
ما كنه تغير شيء عليه

الجدة تنهدت وزفرت بألم عميق.. ثم همست لهيا بحزم متألم: هيا شغلي لي الرادو على قناة القرآن.. واطلعي وسكري الباب علي

هيا برجاء: تكفين يمه باقعد عندش

الجدة بألم: هيا يأمش لا تراديني..روحي

هيا انسحبت وهي تشعر بألم عميق يحز في روحها
ألم جارح من أجل هذه الغالية التي يعبر حزنها العميق عن مقولة العرب الأثيرة (ما أغلى من الولد إلا ولد الولد)
كان بودها أن تلغي نظرة الحزن الموغلة في الوحشية التي افترشت عينيها وظللت أهدابها
النظرة التي رأتها تطل من عينيها بجزع وهي تنسحب من غرفتها لتتركها تختلي بأحزانها من أجل حفيدها المرح الممتلئ بالحياة
الذي غادرها بساقين ليعود لها بساق واحدة!!!



**********************



ذات الليلة
بيت عبدالله بن مشعل
الصالة الرئيسية

حيث تجلس هيا وموضي
لطيفة تدخل عليهما هي وبناتها قادمة من بيت عمها محمد.. وعائدة لبيتها

سلمت ثم جلست، همست: جدتي أشلونها؟؟

موضي بألم: على حالها.. في غرفتها وتسمع قرآن.. ومهيب راضية حد منا يقعد عندها.. يمكن لو مشاعل هنا كان عرفت لها

لطيفة بحزن: مشاعل الله يعينها بعد.. خليتها وراي عند عمتها أم مشعل

هيا بقلق: إلا أم مشعل والبنات شأخبارهم؟؟

لطيفة بهمس متألم: متصبرين ومتقبلين بس الحزن في وجيههم معشش

هيا بمساندة: الله يعينهم.. وإن شاء الله إذا شافوه طيب.. وخصوصا عقب ما يركب ساقه.. بيتطمنون

لطيفة وقفت وهي تقول بهدوء: بأمر على جدتي أمسيها بالخير وعقب باروح لبيتي.. اليوم مادرست شيء



***************************



اليوم التالي مساء
ناصر يصل إلى مطار الدوحة
كانت احتفالية حاشدة في استقباله من أهله ومعارفه ومختلف الفرق القطرية في الألعاب المختلفة
امتلأ المطار عن آخره بمستقبليه الذي تتبعوا سيارته حتى وصل إلى فندق الشيراتون حيث يُقام عشاء على شرفه وسلامته

كان ناصر يستخدم عكازيه في التنقل ورغم صعوبة الأمر عليه خصوصا أن كفيه مازالا يؤلمانه لكنه كان يحاول التحرك بأكبر قدر من الثقة يستطيعه

وهاهو يجلس يحيط به أهله وأصدقائه وأعضاء فريقه
حسن بذراعه المجبرة كان يجلس جواره.. همس لناصر بمرح: ما لقينا من ذا الخيل خير..

ناصر يبتسم: إلا ماوراها إلا الخير... رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة)

حسن بجدية متألمة: ناصر أنا مالي وجه منك عقب اللي سواه ثيندر

ناصر بابتسامة: هذا شيء الله كاتبه.. أنت بتحاسب حيوان يا ابن الحلال

حسن بغموض: أنا حاسبته خلاص

ناصر برعب: وش سويت فيه؟؟

حسن بحزم: ما تعذب.. فرغت المسدس كامل فيه

ناصر بغضب: أنت مجنون.. تذبح حصان قيمته فوق مليون ريال.. ما تبيه كان بعته..

حسن بود وأخوية: يعل المليون تفداك.. أنا ماعاد طقت شوفته.. ولما دريت إنه وصل من الأردن.. عزّمت أخلص منه..
ولا تعيد ذا السالفة علي.. بأشتري لي حصان غيره

ناصر بألم: الله يهداك حسن.. ليش سويت كذا؟؟

حسن بمرح: خلاص يا ابن الحلال خلصنا من ثيندر.. قل لي متى بنرجع نتدرب سوا

ناصر بابتسامة: أسبوعين ثلاثة لين أركب الساق..

حسن بمودة: وعد..

ناصر بمودة أكبر: وعد



**************************



بعد حوالي ساعتين
حوالي الساعة 11 مساء

بيت محمد بن مشعل
يصل ناصر وراكان
أم مشعل والعنود ومريم في انتظارهما

ناصر دخل وهو يتسند على عكازيه.. وراكان بجواره
والدته حين رأته قفزت.. وعيناها تغيمان
لكن ناصر حلف عليها أن تجلس وهو يتوجه لها ويجلس جوارها
يحتضن كتفها ويقبل رأسها ثم يقبل يدها وهو يهمس بحنان:
والله إني طيب يا الغالية.. تكفين ما تبكين

وإذا كانت والدته امتثلت لرجائه وهي تمنع عينيها من البكاء وإن كان قلبها يبكي وينزف وجعا وألما
فإن العنود لم تمتثل مطلقا وهي تجلس جواره من الناحية الأخرى وتلقي بنفسها على صدره وتنخرط في بكاء حاد
ناصر احتضنها بحنان وهو يمسح على شعرها: بسش يا الدلوعة
هذا تبكين عشاني وإلا عشان مشتاقة لفارس؟؟

العنود همست له وهي تقبل كتفه: الحمدلله على سلامتك.. وخارج من الشر

ناصر بمودة: الله يسلمج.. وقومي مني خليني أسلم على مريم

مريم برقة وهي تقوم لتتحسس طريقها: انا باجيك

ناصر تعكز بصعوبة ووقف وهو يقول: لا والله ما تقومين أنا جايش

أم مشعل بجزع: راكان يأمك عاونه

راكان يبتسم: خله مهوب في عازتي.. أنا عقب أبيه يعاوني هو الصغير وأنا أخيه الشيبه

أم مشعل بحزن: جعلني أشوف عيالكم يعاونونكم..

ناصر وهو يميل على مريم ويقبل رأسها: راكان الأول عشانه الكبير

مريم تحتضن رأس ناصر وهي تهمس: الله يكتب أجرك

ناصر يهمس لها: وأجرش

ثم ألتفت ناصر لراكان: يالله راكان خلنا نروح لجدتي

راكان بهدوء: الوقت متأخر شوي.. خافها رقدت

ناصر يهز رأسه: مشعل وفارس ينتظروننا هناك.. مشعل يقول إنها متروعة علي..خلنا نروح نسلم عليها

راكان وناصر خرجا
وأم مشعل تميل على العنود وتهمس لها: قومي روحي لبيتش قبل يوصل فارس

العنود توترت وهي تتذكر فارس
لكنها أحكمت لف جلالها وهي تسلم على والدتها ومريم وتخرج لبيتها

راكان وناصر يخرجان عبر الباب الرئيسي ليدخلان بيت عمهما من الباب الرئيسي

ناصر يستفسر من راكان بتلقائية: متى ملكتك؟؟

راكان تفاجأ من سؤال ناصر المباغت لكنه أجاب بهدوء:
خلنا لين نتطمن عليك أول يا ابن الحلال

ناصر بغضب: ليه أنا مكسح وإلا متحرول تطمن علي؟!!!

راكان بذات الهدوء: يا شينك وأنت معصب.. تدري أنا وش أقصد

ناصر يحاول العودة لهدوءه ويهمس لراكان: أنا مافيني إلا العافية
وملكتك تممها بسرعة.. تدري إن مشعل بيرجع أمريكا عقب عقب حوالي 3 أسابيع
ثم أكمل بمرح: وبعدين مابغيت أصدق إنك وافقت أخيرا تعرس
أكيد إنك في حالة غيبوبة خل نستغلها قبل تصحا منها

راكان يبتسم لأن ناصر يبتسم: ليه ؟؟ لعب بزران عشان أهون




***********************



بيت عبدالله بن مشعل

مشعل وفارس وموضي وأم مشعل يجلسون في غرفة الجدة المتوترة انتظارا لوصول ناصر

مشعل ينهي اتصالا ويقول بهدوء: هذا هو ناصر عند الباب.. أبشري به يمه

موضي وقفت: بأطلع ألبس عباتي أهني ناصر بالسلامة

لم تعلم أن هناك أحدا آخر معه.. أو كان يستحيل أن تعاود النزول
فهي مازالت تشعر بمرارة جارحة وخجل متعاظم من عرضها لنفسها على راكان
وعاجزة عن مجرد التخيل أن تضع عينها بعينه

موضي خرجت
ومشعل توجه لباب البيت ليفتحه رغم أنه مفتوح.. ولكنهما لن يدخلا حتى يؤذن لهما فعليا وخصوصا مع تأخر الوقت

توجها ثلاثتهم لغرفة الجدة

ناصر توجه مباشرة لجدته بعد أن قبل رأس أم مشعل التي وقفت لاستقباله
وراكان ألقى التحية من بعيد على أم مشعل التي كانت تلبس برقعها وتلتف بجلال واسع

ناصر وضع عكازاته بجواره وجلس جوار جدته وقبل رأسها وكفها
الجدة لم تحتمل رؤيته يدخل عليها متسندا على عكازات
مسحت دمعة خائنة بطرف برقعها
وناصر عاود تقبيل يدها وهو يقول بتأثر: تكفين يمه ما تبكين
أفا يا ذا العلم.. أم محمد تبكي
ما عمري شفت لش دمعة.. تكفين ما تقهريني

الجدة تماسكت وهي تقول بهدوء موجع: جعلك ما تذوق القهر يأمك
وجعل ربي ما يحسرك
مهوب هاين علي شوفتك تعكز وانا شايفتك طالع من عندي تمشي على أرجيلك

ناصر يبتسم بألم وهو يحتضن كفها بقوة: أفا عليش كلها أسبوعين وإلا ثلاثة وأركب ساقي الجديدة..
وأول مشوار لش.. وبأطلع أنا وياش نفر سوق واقف كله

راكان يقترب ويقبل رأسها وهو يقول باحترام: أفا يمه شكلش شفتي نويصر ونسيتيني حتى من السلام

أم محمد بود مصفى: ماعاش من ينساك يا الغالي..

راكان جلس من الناحية الأخرى وهو يستفسر من جدته باهتمام عن أحوالها

حينها قال فارس بمرح رقيق: شكلهم عيال محمد بيأخذون جدتنا قطوعة لهم

الجدة ألتفتت لفارس وهي تقول بغضب رقيق: فويرس عادك هنا
قم لا بارك الله في عدوينك من معرس.. قم أكيد العنيد قاعدة تتناك ذا الحين

فارس توتر داخليا بعمق لذكرها ...هو مر للسلام على والدته قبل المجيء هنا
وتجنب حتى السؤال عنها.. لا يعلم فعلا لماذا يتصرف بهذه الغرابة

ناصر همس بمرح: ايه تستاهل عشان ما تنظلنا أنا وأخي.. حاسدنا في حضن جدتي

حينها الجدة ألتفتت لناصر لتقتص لفارس وهي تهمس له بذات نبرة الغضب الرقيق:
وأنت بعد يا نويصر قم .. قم روح لمرتك.. معاريسن ماعليكم شرهه
الله يعين بناتي عليكم

فارس حينها ابتسم وهو يشير لناصر بحاجبيه.. لينتقل إحساس أعمق بالضيق لناصر.. أعمق بكثير.. كان شبه متأكد أنها لابد في بيت أهلها
لكن بما أن جدته تقول له أن يقوم فمعنى ذلك أنها تنتظره هناك.. في بيته..

حينها همس مشعل بهدوء: بأروح معك يا ناصر.. أبي أسلم على أختي

والسبب الحقيقي لذهاب مشعل أنه أراد أن يمتص صدمة اللقاء الأول.. فهو من شهد المغادرة.. وشهد صدمات أخته
ويود أن يحاول تلطيف الجو بينهما

الأربعة نهضوا معا للمغادرة
وهم يعبرون الصالة الرئيسية يستعدون للخروج
نزلت موضي بعباءتها ونقابها
توقفت عند العتبة الأخيرة وهي تتمسك بطرف حاجز الدرج الحشبي
حتى لا تنهار وهي ترى رابعهم
لم يعد هناك مجال للتراجع أو الهرب ومشعل يقول: ناصر.. بنت عبدالله تبي تهنيك السلامة

بقيت موضي في مكانها متمسكة بطرف الحاجز وكأنه يحميها وهي تهمس:
الحمدلله على سلامتك يابومحمد.. خارج من الشر

ناصر باحترام دون أن يلتفت ناحيتها: الشر ما يجيش والله يسلمش
أشلونش طال عمرش في الطاعة؟؟

موضي بخفوت وهي تشعر أن ريقها جاف جاف جدا: طيبة طال حالك
ومجار من الشر

قالتها ثم عاودت الصعود.. بينما هي فعليا تريد الهرب قبل أن تتداعى أمامهم وتنهار
(أي جريمة نكراء ارتكبتها بحقه وبحقي؟!!)

كانت المرة الأولى التي ترى فيها راكان من هذا القرب منذ سنوات
بدا لها مثاليا أكثر مما يجب مقارنة بها.. بل بدت لها المقارنة مستحيلة بينهما
رجل فوق الكمال.. وامرأة تحت النقص

كانت تجد نظراتها غصبا عنه تتجه نحوه في نظرات خجلة مبتورة
كان يقف واثقا بكامل هيبته دون أن يلتفت ناحيتها مطلقا
بدا لها مخلوقا أسطوريا كما كانت تراه طيلة سنوات صباها المبكر
الفكرة التي أقنعتها أن لا أحد يتزوج الاساطير.. الفكرة التي عادت لمهاجمتها

هاهي تتمدد على سريرها تشعر باليأس والخوف والوجل وهي تتذكر تفاصيل شكله ووقفته..
ثقته المفرطة..سماره الصافي.. نظرة عينيه الأشبة بنظرة نمر واثق متيقظ وذكي
عارضاه السوداوان المحددان بدقة
ثم ذلك الطول والعرض الاستثنائيان تماما.. رغم أنها اعتادت على الطول والعرض
صفة كل رجال آل مشعل المميزة
ولكنه بدا لها مختلفا وهي تميز بوضوح عرض كتفيه وصلابة عضلاته المتبدية بتحفز من تحت انسياب ثوبه الشتوي الرمادي
كل مافيه كان مثاليا
وكل مافيها كان باهتا..هكذا فكرت!!

(واحد مثل هذا أشلون يأخذ وحدة مثلي.. حتى لو كان زواج صوري
أشلون أقدر أحط عيني في عينه
هذا بيحطم اللي باقي عندي من الثقة في نفسي
أنا أشلون تهورت وطلبت منه يتزوجني.. أشلون)

عشرات الافكار المؤلمة تطوف ببال موضي..
وقرار جديد يتشكل في ذهنها



************************



بيت فارس بن سعود
غرفته تحديدا

العنود وصلت منذ فترة
مشبعة بالحزن.. ومازال لديها الكثير من الدموع التي لم تروِ قلبها المفجوع بعد

لذا حين وصلت
ولم تجد أحدا
وهي تختلي بذاتها
وجدت أن موجة جديدة من البكاء تجتاحها
بكاء هي تحتاجه بشدة.. فألمها لمصاب شقيقها كان أكبر من الوجع ذاته
والحزن بداخلها كان عميقا.. عميقا جدا

كانت تجلس على الأريكة تحتضن مخدة صغيرة تنثر دموعها فيها
كانت مستغرقة تماما في نحيبها الخافت ووجهها مدفون في المخدة
لذا لم تنتبه أن الباب فُتح
وخطوات ثقيلة تقترب منها



*************************


بيت محمد بن مشعل
قسم ناصر

مشاعل كانت تطوف في البيت كالمخبولة تماما
غاية في التوتر.. عاجزة عن كبح جماح توترها وخوفها وخجلها

تأنقت تماما بناء على نصيحة لطيفة
وهاهي ترتدي بنطلونا حريريا أسود فوقه قميص طويل من الشيفون يصل للركبة
ألوانه خليط من الزهر والأسود
مزموم من عند الصدر حيث تربط شريطة زهرية ..وأكمامه جابونيز مزمومة عند عضدها
وشعرها الحريري القصير صنعت من خصلاته أمواجا قصيرة ملتوية
مما جعله أقصر وأكثر إثارة

وهي في دورانها في البيت طُرق الباب
قفز توترها للذروة وهي تشعر أنه لابد سيغمى عليها
فتحت الباب بتردد
لتصاب بصدمة خجل كاسحة وهي ترى شقيقها مشعل أمامها
كان بودها أن تهرب لتبدل ملابسها
لولا أن مشعل دخل ليتيح للمتعكز خلفه الدخول



****************************



بيت محمد بن مشعل
غرفة راكان

كان راكان يصلي قيامه حين سمع صوت رسالة تصل لهاتفه المحمول

حين سلّم من صلاته
تناول هاتفه ليرى الرسالة
تغير وجهه وهو يقرأها.. تغير جذريا
ومضمون الرسالة يشعل غضبه لأبعد حد
رغم حلمه الشاسع الذي عُرف به

ومازال غضبه يسيره وهو يتصل بالجهة التي وصلته الرسالة منها
ليصرخ بغضب كاسح ولكن مكتوم من بين أسنانه فور رد الجهة عليه:
أنتي شايفتني بزر تلعبين فيه؟!!




#أنفاس_قطر#
.
.
الحين خلصتوا البارت وجاء وقت ثرثرتي الخاصة
ومافيه داعي تتعبون أنفسكم وتعلقون على ثرثرة وحدة مشتاقة لكم وتبي تهذر بس
خلوا تعليقاتكم للبارت وأنا أركنوني على جنب


بنات كثير عاتبوني على أن الغياب بسبب الكلام اللي وصلني
وإني كيف أهتم لكلام وحدة أو ثنتين وأترك مساندة الكثيرات لي

يا حبيباتي أنتو تركتوا سببين ومسكتوا في الثالث
هذا كان سبب ثانوي جدا أمام السببين الأولين اللي هم تعبي وحملي والضغط علي ورغبتي في صياغة مركزة للقصة
ولو رجعنا للسبب اللي ضايقكم
بأقول لكم: لو أنتي جالسة في وسط حديقة خضراء من أروع ماخلق ربي
والجو من أبدع ما يكون وأنتي جالسة في كرسي مريح جدا ما ودك تقومين منه
ومعاك كل أهلك وأحبابك وصديقاتك
لكن فيه دبوس صغير تافه يشكك
هل بتظلين جالسة؟؟ أو لازم تقومين عشان تشيلين الدبوس؟؟
رغم كل المغريات للبقاء لكن المنطق الإنساني يقول لابد من البحث عن الدبوس لقذفه بعيدا.. ثم العودة للجلوس
وهذا أنا رميت الدبوس.. ورجعت أجلس

شيء ثاني إنه البعض عاتبني إنه لو حتى كان فيه كلام يوصلني
المفروض إني ما قلته وأكتفيت بذكر السببين الأولين لأن الأجازة أصلا من حقي ومافيه داعي لتقديم تبريرات
وذكري للسبب الثالث بيّن ضعف في شخصيتي غير اللي تعرفونه عن أنفاس قطر
وأنا أقول لهم كلام وهو فعلا كلام مهم
إنه عندنا نحن العرب بشكل عام مشكلة اسمها انعدام الشفافية
والأمم المتحدة تسوي تقرير سنوي عن مدى شفافية الدول
والدول العربية كلها في ذيل القائمة
ليش؟؟ لأن شعوبها تعاني من انعدام الشفافية قبل حكوماتها <<< يا شين دخال السياسة على غير سنع.. بس تحملوا خبالي
يعني يا بنات مو كفاية إنه احنا متخبين خلف أسماء مستعارة وأقنعة؟!!
حتى مشاعرنا وأحاسيسنا لازم نلبسها أقنعة؟!!
أنا تضايقت من شيء معين.. وين المشكلة إني أشركتكم معي في ضيقي؟!!
أو لازم أخبي عليكم وأقول أنتو شدخلكم؟؟!!
عمر الشفافية ما كانت ضعف في الشخصية.. لكن ضعف الشخصية لما تحاول تبين للناس شيء غير حقيقتك وتلبس ثوب شخصية غير شخصيتك
والإنسان السوي الطبيعي مهما كانت قوة شخصيته فهو يبقى إنسان تجتاحه لخظات ضعف يحتاج فيها لفترة راحة يعيد فيها ترتيب أوراقه
فكيف لما يكون هذا الإنسان مثلي يعاني تعب جسد وفكري هائل..؟!!
أنا حامل وأعاني من هزال وتعب شديد مع الحمل
ومع كذا كنت كل يوم أكتب وأنزل لأني دائما أقول الإلتزام قضية ومحبة الناس قضية أكبر
وفعلا محبتكم هي قضيتي الأكبر والأهم
الله لا يحرمني من محبتكم ويديم المودة قلوبنا


نجي لفريق ثالث من البنات.. اللي قالوا إنه كاتبة كبيرة مثلي<< الله يكبر قدرهم عند ربهم
المفروض إنها ما تقول إنه فيه حد تجرأ وقلل من قدرها حتى لو حصل هذا

يا بنات يا نبضات قلبي
لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر
وأكبر الناس عند الله أصغرهم في عين نفسه
وأنا والله العظيم ما أعترضت على قولتهم كاتبة أو غير كاتبة
لأنه أنا أرحب بالنقد وأنبسط فيه مهما كان قاسي.. ومن حقهم يعبرون رأيهم
لكن رفضي فقط كان للأسلوب التجريحي
وأنا لأني مارديت عليهم مطلقا فإثارة القضية علنا فرصة إني أقول
أنا أرحب بكل كل نقد للقصة مهما كان قاسي
لكن أي رسالة قصدها التجريح في شخصي سأحولها فورا لإدارة المنتدى للتعامل معها

وخلصت الهذرة وعدنا والعود أحمد
ووالله أشتقت لكم كثير شوق ماله حدود
ولو أنتو تحبوني شوي أنا أحبكم كثير والله الشاهد
وموعدنا صباح الأحد إن شاء الله
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#   رد مع اقتباس
قديم 10-07-09, 12:07 AM   المشاركة رقم: 1518
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو متقدم


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5295
المشاركات: 232
الجنس أنثى
معدل التقييم: لمياء عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 13

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
لمياء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

وه وه وه بس وه ... يا انفاس الجزء كوووم و هذرتك كووم ثاني

كلامك صح و صح و صح و الله الواثق من نفسه يقول الحقيقه و لا يفكر

وش نظرة الناس له اذا قال الحقيقة ... لا الحق احق ان يتبع ...

الله لا يخلينا من كلامك الدرر ...

و عسى الله يتمم لك على خير و يقومك بالسلامه و تجيبين لنا نفوس صغير

واثق من نفسه مثلك .... الى الامام حبيبتي ........

 
 

 

عرض البوم صور لمياء   رد مع اقتباس
قديم 10-07-09, 12:29 AM   المشاركة رقم: 1519
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 37989
المشاركات: 167
الجنس أنثى
معدل التقييم: ام الجمايل عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ام الجمايل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
حياالله انفاس قطر العزيزه وحيالله عودة اسى الهجران
لنا واااااااااااااه والله ان مشتاقين
الصراااحه يوم شفت كثر اللي يقرون تحت ماشاء الله تبارك الله سالت نفسي وش سبب كثرة القراااااء وجاوبتني نفسي بسرعه انه غير ان الكاتبه مبدعه والقصه متتتتتتتتتميزه جدددددددددا
جدددددا جدددددا السبب هو انه اللي يحبه ربه يحبب خلقه له وهذا حديث صحيح طبعا في معناه لاني ماني حافظه النص وعرفت سر كثرة القراء اللي ماشاء الله تحت اكثر من ثلاثة اسطر وهذا شي نادر نراه في القصص الاخرى ولايهونن والله جميع الكاتبات تصدقون اني حسيت بالسعاده والراحه وانااقرا البارت رغم مرضي وتعبي
""""""""""""""""
اخيرررررا حبيبتنا انفاس قطر شككككككككككككككرامن اعماق قلوبناعلى هذا الابداع اللي ماهوغريب عليك والله يصبرناليوم الاحد ياطوووووووول الايام طولاه
"""""""""""""""""""""""""
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

 
 

 

عرض البوم صور ام الجمايل   رد مع اقتباس
قديم 10-07-09, 12:34 AM   المشاركة رقم: 1520
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 142724
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: aljo0od عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
aljo0od غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

تستاهلين بوسه على الراس على البارت الروعه ،،،

يعطيج مليون عافيه لا هنتي ،،،

 
 

 

عرض البوم صور aljo0od   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آل مشعل من وحي وابداع أنفاس قطر, ماشاء الله تبارك الله إبداع خرافي خراااااافي مبهر, مبروك وسااااااااام التميز ياقلبي, مبهرة أنفاس وأنتِ تحيكين أسى الهجران بخيوط من ذهب وإبداع وتمكن وثقافة, أسى الهجران, أنفاس قطر, أنفاس قطر صورة مشرقة لكل قطر والخليج صورة الإبداع الخيالية, انا احتكرت راكان خلاص ....روح الامس....زارا خذي انتي حمد ههههه, انفاس قطر قمة الأبداع يعطيك العااافيه والله يرزقك الذريه الصاالحه, رائعه بكل ما تحمله الكلمة من معنى, رواية جديده للكاتبه أنفاس قطر راااااااااااااااااااااااااااااااااائعه, فارس بن سعود أملاك بنت الخالة وبس, وااااااااااااااااااو القصة من البداية روووووووووووعه, قصة المبدعة انفاس قطر, قصة بقلم أنفاس قطر, قصة قطرية لأنفاس قطر, كل الابطال من حقوق زارا الراائعه لانه مو طلبها.هذاا طلب الابطال شخصيا.هع
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t109466.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 19-10-14 08:48 AM
ط£ط³ظ‰ ط§ظ„ظ‡ط¬ط±ط§ظ† ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© This thread Refback 20-08-14 04:11 AM
ط£ط³ظ‰ ط§ظ„ظ‡ط¬ط±ط§ظ† ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© This thread Refback 16-08-14 08:35 AM
Untitled document This thread Refback 07-08-14 01:45 AM


الساعة الآن 06:05 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية