كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم رحمات وبهجات وروعة كروعتكم
عدنا والعود أحمد
اُعتبر أني لم أغب سوى أربعة أيام
البارت الماضي السبت واليوم الخميس <= تقدم أعذارا لو احتاجت للغياب مرة أخرى
إن شاء الله إنها أخر الغيبات عنكم
ولكن غدا الجمعة لن يكون هناك بارت
وموعدنا السبت مع بارتين إن شاء الله
إحداهما صباحي والآخر مسائي
ثم نعود للبارتات الصباحية اليومية المعتادة إن شاء الله وإذا الله أحيانا
أسعدتني كثيرا حرب التوقعات الدائرة
وتأكدوا أني لا تأثر مطلقا بالتوقعات أو الترجيات أو التهديدات
وإنما أسير القصة كما قررتها من البداية
رغم حبي الكبير لتوقعاتكم الذكية وترجياتكم العذبة وتهديداتكم الغالية
لذا لا تحرموني من أي منها
لا من توقعاتكم ولا من تمنياتكم ولا حتى من تهديداتكم
التي تشعرني أن العلاقة بيننا هي علاقة أخوة وصداقة متينة
"وأنكم تمونون علي وتدللون قد ما تبون"
اليوم جزءان أعترف أني تعبت في كتابتهما
كم المشاعر
التنقل بين الشخصيات
الأحداث الجديدة
تغير المسارات
وأتمنى أن يحوزا على إعجابكما
قبل القراءة
تذكير
انتهى الجزء الماضي على إخبار مشعل للطيفة عن ذهابه للقنص
وانتظاره لردة فعلها التي تأخرت لذا تركها وقام ليصلي
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
أسى الهجران/ الجزء السابع والخمسون
غرفة لطيفة ومشعل
لطيفة كانت مازالت عاجزة عن استيعاب فكرة ذهاب مشعل للقنص
(أي جنون يصطرع في رأس هذا الرجل
عاد من ألمانيا منذ أيام
وهاهو يريد الطيران للقنص
لم يكن يوما من هواة القنص
ماهذا الولع المفاجئ؟؟)
مشعل أنهى صلاته
ولطيفة مازالت سارحة تفكر
مشعل أطل عليها وهو يقول بهدوء: تصبحين على خير بأنام
لطيفة همست بهدوء فيه رنة جزع:
مشعل وش طاري عليك روحة القنص؟؟
مشعل ابتسم بانتصار وهو يجلس على الأريكة المقابلة لمكتبها
ويقول بهدوء مدروس..مدروس تماما: راكان ومشعل بيروحون قلت بأخاويهم
لطيفة تتنهد وهي تحاول أن تتحكم في انفعالاتها التي تكاد أن تهزمها:
بس أنت ما تحب سوالف القنص ذي؟؟
مشعل بخبث: نجرب ليش لا؟؟ لكل شيء مرة أولى
يمكن يعجبني الحال وتلاقيني كل يوم رايح القنص
(مهوب كفاية علي شغلك
تطلع لي سالفة القنص بعد؟؟!!)
لطيفة بدأت تتوتر فعلا ولكنها مازالت تتحكم بدرجة صوتها الهادئة:
زين وعرس العيال عقب كم يوم؟؟
تبون تروحون كلكم وتخلون المعاريس والشيبان يبلتشون
مشعل بهدوءه الخبيث: أولا العرس باقي عليه حوالي 8 أيام
وكل شيء مرتب والحجوزات انتهت والبطاقات وزعت
واحنا 5 أيام وبنرجع.. يعني بنرجع على وقت ترتيب مكان الحفل
ولين هاذاك الوقت ماعندنا شيء نسويه
لطيفة توترت لا تستطيع الاخفاء أكثر من هذا
فهي لا تريده أن يسافر
يكفيها كل هذا الضغط الذي تعانيه
وجوده جوارها يطمئن روحها
لن تحتمل غيابه مع كل هذا الضغط
لكنها مازالت تكابر: بس مشعل حتى ولو.. مايصير كلكم تسافرون
مشعل بخبث: خلاص بأخلي راكان يقعد
وبأروح أنا ومشعل دامش لذا الدرجة خايفة على الشباب المعاريس يتعبون عمارهم
(أيها الخبيث
لن ترتاح حتى تنبشني)
لطيفة بهدوء: بس يا مشعل.....
مشعل قاطعها وهو ينظر لها بشكل مباشر ويقول بنبرة خاصة:
بدل ذا الحجج كلها قولي السبب بصراحة
وأنا أوعدش أقعد وألغي فكرة الروحة كلها
لطيفة تبتلع ريقها: أي سبب؟؟
مشعل يبتسم: إنش أنتي تبيني أقعد
لطيفة بغضب مكتوم: تدري إنك مغرور
مشعل وقف وهو يقول بابتسامة شاسعة: يحق لي
اللي عنده لطيفة إذا ماصار مغرور ماعنده سالفة إذا ما اغتر بذا الجوهرة
(أيها اللئيم
لا تفعل هذا بي)
لطيفة تنظر للكتاب في يدها: زين.. يعني بتروح أو لا؟؟
مشعل يتوجه لسريره.. ابتسم وهو يعطيها ظهره: بأروح
والله انتظرت حد يقول لي اقعد عشان خاطري
بس ماحد عبرني
الظاهر روحتي وقعدتي سوا
مشعل تمدد على سريره
بعدما ألقى الكرة في ملعبها
يلفه توتره وترقبه وشوقه
(لا تخذليني لطيفة
لا تفعلي ذلك بي!!)
لطيفة مازالت تجلس على مكتبها
ممزقة.. مليئة بالحيرة
وأهم مايشغل بالها
ألا يذهب
لا تريده أن يذهب
تريده جوارها
حتى لو كان غاضبا وهي غاضبة
وبينهما جبال من جليد بليد غبي
المهم أنه قريب منها
لطيفة نهضت عن مكتبها
وتمددت جواره
ورائحة عطرها الأثير تخترق كل خلاياه
صامتان كلاهما
مرت دقائق من الصمت
والجو مشحون بينهما
مشحون لأقصى حد
لطيفة كانت تعطيه ظهرها
وهو ينظر إلى ظهرها ويكاد يعد النجمات الذهبية التي تتلألأ على ظهر قميص بيجامتها السوداء
ينظر وهو يتمنى أن يرى عينيها وانفعالات وجهها
همست بصوت مخنوق وهي مازالت تعطيه ظهرها:
مشعل لا تروح.. عشان خاطري
مشعل بعمق رجولي آسر: التفتي علي
وقوليها لي
لطيفة لفت بجسدها ووجهها ناحيته
صمتت
وهي تنظر له نظرتها التي باتت تذيب مفاصله مؤخرا
مشعل نظر لها بحنين
مد يده
مسح خدها بطرف أصبعه
كان يمسح دمعة فرت من عينها
همس لها بخفوت: لطيفة تعالي
قالها وهو يفتح ذراعه لها
لطيفة اقتربت.. وضعت رأسها على صدره
ماعادت تحتمل كل هذا
ماعادت تحتمل
انخرطت في بكاء مر
وهي تدفن وجهها بين عضلات صدره
فهي مستنزفة من كل ناحية
وتحتاج إليه بكل وجع الدنيا
اشتاقت له شوقا يكفي أن يوزع على كل العالم ويفيض
وتعبت من التمثيل.. ومن هذه الحياة
فهي عاشقة حتى الثمالة
عاشقة حد الجنون
عاشقة حتى النخاع
هذا الرجل يتغلغل في كل خلاياها
تشربت به مسامات جسدها
وتخلل نبضات روحها
تعبت من صده.. وهي بصده كأنه تمزق روحها إلى شظايا
تريد أن تنتهي من كل هذه الألاعيب
تتوق للعودة لأحضانه
وكم اشتاقت للاستكانة بين أضلاعه!!
مشعل شعر أن قلبه انتزع من مكانه
وهي تشهق على صدره
احتضنها بشدة بيد
وبالأخرى رفع وجهها وغمره بقبلاته الحانية المشتاقة
وهو يقول بابتسامة شفافة وعبق رجولي:
لا أبو القنص ولا أبو أمه
ماني برايح مكان
والله ما أروح مكان
قاعد عندش يا قلبي
*****************
غرفة مريم
مريم تتمدد على سريرها
بعد أن صلت قيامها وأنهت وردها المسائي
تريد أن تنام لكن النوم يبدو حلما بعيد المنام
تتذكر كلام لطيفة لها اليوم
"مريم لا تكونين مثل اللي طول عمره يوزع الخير على الناس
ويوم جا دوره عشان يأخذ
قال ما أبي.. الخير وش يبي بي
سعد رجال فيه خير
وألف منهي تمناه
ولا تقولين زين وش يبي فيني وألف يتمنونه على قولتش
الله أرسله لش
والله كتبه من نصيبش
لا تشغلين بالش بالتفكير اللي ماوراه فود
ليه وشهو عشانه؟؟
وافقي وبس
وأسبابه اسمعيها منه بعدين
ومهما كانت أسبابه
فرجال مثل سعد أسبابه أكيد مامنها خوف
لأنه رجال يخاف ربه
وبعدين أنا متأكدة إنش صليتي استخارة كم مرة
قلبش وش يقول؟؟؟"
وهي غارقة في أفكارها وفيما قاله لها قلبها
سمعت صوت الباب يُفتح
خطوات مترددة
ورائحة عطر عذب رقيق تغشى المكان
تبتسم مريم وهي تزيح مكانا جوارها
" تعالي عنودتي
بتنامين؟؟ وإلا مجرد زيارة؟؟"
العنود بعذوبة: بأنام.. ممكن؟؟
مريم بحنان: أكيد ممكن
العنود تتمدد بجوار مريم ونعومتها ورائحتها العذبة العميقة تغمر ماحولها بسحر خاص بها..
سحر هو خليط من أنوثة طاغية وبراءة عذبة
مريم بحنان أمومي مصفى: ياحظه اللي بتنامين في حضنه عقب أسبوع
أمه وضحى بنت فيصل شكلها كانت تدعي له ليل ونهار
العنود تبتسم بحزن: مهوب كنتي تقولين داعية عليه..
مريم بعتب: أمزح يا قلبي.. حد يلاقي عنود الصيد وتكون أمه داعيه عليه
العنود تحتضن كف مريم بالقرب من صدرها: خايفة يا مريم من فارس
فارس قاسي واجد..
مريم بحنان وهي تحتضن العنود ابنتها الصغيرة قبل أن تكون شقيقتها:
مهما كان قاسي مستحيل يقسى عليش
أنتي مخلوق مستفز للعواطف
الواحد غصبا عنه لازم يحبش
العنود بحزن: هذا عشانش أنتي تحبيني.. بس فارس......
مريم تقاطعها وهي تقول بحزم حنون:
العنود اسمعيني.. الرجّال مهما كان قاسي
المره تقدر تحتويه بحنانها
وتجبره يقابلها بحنان مشابه
وأنا ما أوصيش في فارس
لا تقصرين في حقه... فارس صدق رجّال حار وعصبي
بس بعد هو فعلا رجّال بمعنى الكلمة
فلا تقصرين في حقه.. وإن شاء الله إنش أنتي اللي بتكسبينه
العنود بتوتر: أنا ماني مقصرة في حقه بس..
مريم بحنان: لا بس ولا شيء
أنتي أرضي ضميرش وربش من ناحيته ولا تخافين من شيء
********************
غرفة هيا ومشعل
مشعل يتمدد على سريره وظهره مسند لظهر السرير
وينظر بوله لهيا التي تمشط شعرها أمام المرآة
وكأن ضربات المشط تمر عبر روحه
هيا أنهت تمشيط شعرها
ثم توجهت له
مشعل أشار على فخذه
وهيا تمددت ووضعت رأسها على فخذه
ومشعل يمرر أصابعه خلال خصلات شعرها بحنان
هيا باستجداء: لازم روحة القنص ذي؟؟
مشعل يبتسم: أنتي ما تيأسين؟؟ خلصنا حبيبتي
هيا بعبوس: خلصنا.. خلصنا
ثم قالت كمن تذكر شيئا وهي تنهض وتستوي جالسة
وهي تقول بخجل: ظنك عماني ماخذين على خاطرهم مني؟؟
مشعل يجذبها ويريح رأسها على صدره
وهي تشدد احتضانها لخصره
ويقول لها بحنان: بعد أنتي الله يهداش الكلام اللي قلتيه ماينقال
هيا تبتسم وتهمس ووجهها مدفون في صدره: أنتو يا آل مشعل غريبين
يعني أنا ماقلت شيء يزعل
مشعل يطبع قبلاته على شعرها ويهمس:
من حيث هو يزعل إلا يزعل ويزعل.. لا تقولين ماقلت شيء يزعل
هيا تتذكر ماحدث اليوم بعد صلاة العصر
حين ناداها مشعل لمقابلة عميها
وجدت الاثنين يجلسان متجاورين
بديا لها مذهلين
لهما ألق غريب وحضور كاسح
وعبق وجودهما في المكان عميق وحنون وشامخ ومفعم بالكبرياء
قبلت رأسيهما
ثم جلست بجوار مشعل
بعد السلامات المعتادة
كان محمد أول من تكلم
قال لها بحنان: أدري عادش تعبانة وتوه البارحة عشاش عند عبدالله
وبكرة مشعل رايح القنص
فعشاش بعد بكرة عند أمش أم مشعل وخواتش مريم والعنود
هيا باعتراض: بس يبه...
محمد يقاطعها بحزم: خلاص يا أبيش لا تراديني
هيا باحترام: خلاص يبه تم
عبدالله فتح الموضوع الرئيسي وهو يقول بهدوء:
أكيد يا أبيش أنتي تدرين إن جدش
توفى قبل أبيش الله يبيح منهم كلهم
هيا انتفضت بعنف
وذكرى وفاة والدها تحضر
ابتلعت ريقها وصمتت
ومحمد يكمل وهو يبتسم: مهوب المفروض تسألين عن ورثش؟؟
هيا انتفضت وهي تقول باحترام: أبي خلا لي حلال واجد
الله يبيح منه كان كل شيء مسجلة باسمي قبل يموت
أراضي وفلوس في البنك.. وزيادة عن كذا وش أبي
عبدالله بهدوء: جعلش في زود
بس سلطان أبي خلا له ورث مهوب شوي
وهذا حقش واحنا الحين نبي نسلمه لش
هيا بهدوء: إذا بتكلمون في حق.. فأنا لي نصه بس
والنص الثاني لكم.. لأنه البنت ما تحجر الورث عن عمانها
محمد وعبدالله وقفا كلاهما بغضب
والاثنان يحاولان كتم غضبهما
وهيا انتفضت بعنف من وقفتهما المفاجئة
وردة فعلهما المتشابهة
محمد بغضب وهو يستعد للخروج: مشعل فهم مرتك
إنه مهوب حن اللي ينقال لنا ذا الكلام
محمد خرج وعبدالله خرج خلفه
هيا التفتت على مشعل وهي مستغربة:
اشفيهم زعلوا مشعل؟؟ أنا ماقلت شيء يزعل
مشعل تنهد وهو يقول لها بعتب:
إلا قلتي شيء يزعل بس ما تنلامين لأنش مابعد تعرفين إبي وعمي
هيا.. أبي وعمي لو بيموتون من الجوع ماحطوا عينهم على ورثش
أشلون وهم عندهم خير ربي ولله الحمد
هيا بعناد: بس أنا بعد عندي خير.. وأنا ماتكلمت إلا في حق
مشعل بحزم: هيا خلاص.. الموضوع منتهي
ولا عاد تفتحينه مرة ثانية
أنا بأخلص لش اجراءات الورث وأحوله كله باسمش قبل نرجع أمريكا
أسى الهجران/ الجزء الثامن والخمسون
اليوم التالي
نهار السبت
فارس في سيارته ويخرج من بوابة بيته للخارج
وهو خارج رأى سيارة ناصر تخرج من بيت عمه المجاور
اتصل بناصر: وقف خلني أعطيك البطاقات اللي طلبتها
مهوب تقول باقي اثنين ماعطيتهم بطاقات
ناصر بهدوء: خلاص أوكيه
تصادفت السيارتان في الخارج بشكل متعاكس
كان هناك من تجلس بجاور ناصر
ورغم أنه لا يظهر منهما شيء إطلاقا
فطرف الشيلة مسدل على فتحي العينين
وأكمام العباءة مضفاة على كفيها
ولكنه لم يحتج من يخبره من هي
فقلبه أخبره من تكون
وروحه التي غادرته منذ زمن لتحلق حولها أخبرته من تكون
كل منهما أشاح حتى لا ينظر للآخر وحتى يُشعر الآخر بذلك
ولكن كل منهما استرق من النظرات الكثير
هو من تحت نظارته الشمسية
وهي من تحت شيلتها التي تغطي عينيها
(أخ.. الله يعدي ذا الأيام بسرعة على خير
وتقعدين جنبي أنا)
(إيه ما ألومهم البنات يغازلونه
الأخ كاشح ومتعدل كنه رايح عرس)
فارس بنبرة عدم اهتمام مصطنعة وهو يناول ناصر البطاقات:
وين رايح؟؟
ناصر بتلقائية: الأهل عندهم موعد عند دكتور الأسنان
فارس غصبا عنه اشتعل: دكتور وإلا دكتورة؟؟
ناصر بخبث: والله مهوب شغلك..
فارس من بين أسنانه وهو يقول بحزمه الطبيعي:
ناصر أنا سألت سؤال محدد تجاوبني جواب محدد
سألتك دكتور وإلا دكتورة؟؟
العنود دقات قلبها بدأت بالتصاعد
(يعني مهوب أنا بروحي اللي أغار)
ناصر بذات الخبث: دكتور.. وش عندك؟؟
فارس بحزم: رجعها.. مافيه روحة
ناصر يضحك: ماني متفرغ لك وإلا كان طولتها عليك شوي
تأخرنا على الدكتورة
سامعني.. الـــــدكــتــورة.. تاء تأنيث في الأخر
فارس يشتعل من الغضب من ناصر الذي بالغ في إحراجه أمام العنود
أغلق نافذته وتحرك دون أن يرد على ناصر
العنود كانت تبتسم.. شعرت أنها انتقمت منه انتقاما لطيفا ممتعا
لكنها همست لناصر بخجل: حرام عليك احرجته
ناصر يلتفت لها وهو ينظر لها بنصف عين: عشتو.. الأخت شايلة همه؟؟
*******************
بعد صلاة الظهر
بيت مشعل بن محمد
لطيفة في المطبخ الداخلي
تصنع حلوى سريعة من أجل الغداء
مشعل عاد من الصلاة هو وأبناؤه
محمد وعبدالله صعدا لشقيقتيهما
ومشعل أطل في غرفته ولم يجد لطيفة
عرف أنها لابد في المطبخ
نزل لها
وجدها منهمكة في عملها
همس بهدوء: السلام عليكم
لطيفة التفتت له وابتسمت: وعليكم السلام
وهي تحاول إزاحة خصلة بظهر كفها
لأن يديها متسختين بصف البسكويت المبلل بالحليب في الصينية
مشعل اقترب منها وأزاح الخصلة خلف أذنها
وهمس لها: شتسوين؟؟
لطيفة برقة: حلا
مشعل بابتسامة: كفاية حلاش
لطيفة ضحكت: لا بصراحة تطورك مذهل
مشعل بعمق: أدري قصرت واجد في حقش
في كل شيء كنت مقصر .. حتى في الحكي مقصر.. و....
لطيفة تقاطعه: لا تقول شيء حبيبي
المهم ما تخلي شيء يخرب بيننا
لأني عقبها ماني بمسامحتك لو مهما صار
مشعل احتضنها من الخلف وهو يهمس في أذنها:
أنا والله ما أستاهلش
سامحيني حبيبتي
ابتسمت لطيفة: كفاية تقول حبيبتي عشان أنسى كل شيء
**********************
المساء
مساء السبت
المساء الثوري
الذي يحمل وسيحمل الكثير من الأحداث
الدوحة
بعد صلاة المغرب
غرفة موضي
كانت موضي مازالت تصلي
دخلت عليها والدتها
جلست أم مشعل على السرير تنتظر انتهاء موضي من الصلاة
موضي سلمت
ابتسمت وهي تقول لأمها: أم مشعل مشرفتنا بالزيارة
كان دعتيني فديتش وأنا جيتش لين مكانش
أم مشعل بنبرة غامضة: أبيش في موضوع ما أبي حد يسمعه
موضي استغربت وتوترت: وش فيه يمه؟؟ مهوب عوايدش
أم مشعل بحزم لم تعتده منها موضي: اسمعيني موضي
أنا دارية إن الزفت ولد أخي في مصر يعالج
جابر قال لي.. ولولا غلا جابر اللي ماله حد عندي
وإلا كان دعيت على ولده اللي حرق قلبي باللي أنا شفته فيش
أنتي كنتي أكثر وحدة في بناتي جاها خطّاب لكن حن بديناه على خلق الله..
لكنه بدل مايصون الجوهرة اللي عطيناه إياها
داسها بدون ما يحشم إني عمته وإن عبدالله خاله
موضي توترت وتوترت بشدة.. لم تتخيل أن أمها تحمل هذه المشاعر العنيفة المتشابكة ناحية موضوعها
فهي كانت صامتة غالبا.. لا أحد يعلم بالذي يدور في عقلها
مستعدة لتقديم الحنان للكل وبلا حدود.. ولكنها مغلقة غير قابلة للتفسير
تماما مثل مشاعل التي كانت أكثرهن شبها بها حنانا وغموضا وشكلا
موضي بتوتر: خلاص يمه موضوع حمد انتهى.. وش تبين فيه؟؟
أم مشعل بذات الحزم: اسمعيني موضي عدل.. أنتي قربتي تخلصين عدتش..
وأنتي عارفة إنه فيه كم رجال لمحوا أنهم يبونش عقب العدة
وكلهم رياجيل فيهم خير... استخيري ربش.. وشوفي من اللي أنتي تبين منهم عشان نرد الباقيين إذا خطبوا.. لأنه تدرين إن خطبة المسلم على المسلم ما تجوز
موضي برعب حقيقي: يمه تكفين أنا ما أبي أعرس خلاص..
أنتي عارفة إني قاعدة أخلص اجراءاتي وباستلم شغلي قريب.. ما أبي عرس خلاص
أم مشعل بحزمها الغريب: تبين حميّد الكلب يرجع من العلاج ويعينش قاعدة
لا والله واللي رفع سبع سماوات بليا عمد
مايرجع إلا وأنتي في رأس رجال أخير منه ومن لحيته
موضي لم تحتمل
بدأت بالبكاء.. رغم أنها لا تحب أن يراها أحد وهي تبكي
انكبت على يد والدتها تقبلها.. وهي تتضرع بمرارة: يمه تكفين ما أبي أعرس..
أم مشعل لا تحتمل دموعها ولكنها مصرة على أفكارها الغريبة
فقلبها محترق على موضي
وهي تعلم يقينا أن موضي مهما أخفت جروحها فإن هذه الجروح لا تتوقف عن النزيف
وتعتقد أن علاج جروح موضي سيكون في رجل ينسيها حمد..ومافعله بها..
رجل يعيد ثقتها بالرجال.. وأنه كما كان هناك حمد المتوحش.. سيكون هناك رجل حنون قادر أن يحتويها
فهي لا تريد أن يعود حمد من مصر.. وتنكأ عودته جروح ابنتها
همست باستجداء و داخلها يذوي وهي تحتضن موضي:
برضاي عليش ياموضي
برضاي عليش ما ترديني
*********************
القاهرة
بعد المغرب
باكينام اليوم سعيدة جدا
فهي تجلس بين جدتيها الأثيرتين
وتقوم بدور الترجمة بين الاثنتين
والعجوزان تتجادلان طويلا وتتفقان حينا وتتعارضان أحيانا
وباكينام مستمعة جدا بهما ومعهما
لم تشعر بالسعادة منذ زمن
مـــــنــــــــذ .............
نفضت الفكرة من رأسها
وهي تعود للاستغراق مع جدتيها ومتعتها معهما
وهي تعدهما بجدول تأخذهما فيه لكل أرجاء القاهرة بل ومصر كلها
فهي تريد أن تذهب بهما للاقصر وأسوان وشرم الشيخ والاسكندرية
خلال الشهر الذي تبقى فيه في مصر
ورغم أن فيكتوريا قررت أنها ستبقى لأسبوع فقط
باكينام بحماس: لا لا ماما أسبوع لا يكفي مطلقا
ستبقين معنا حتى أعود لواشنطن وأنتي تعودين مع ماما وبابا لبريطانيا
فيكتوريا بتردد: لكن صغيرتي..
باكينام باستجداء: أرجوكِ فيكي
فيكتوريا بحنان: حسنا لابأس.. أنتِ بالذات لا أستطيع أن أرفض لكِ طلبا
صفية تقاطع الحديث: بتئول لك إيه أنتك الخواجايه؟؟
باكينام تبتسم وهي تحتضن صفيه من كتفها: بتئول أنتك التركية دي زي فلئة الئمر
صفية تبتسم: والله كلها زوء الوليه دي.. مع أني عارفة إن دي تأليفة من جناب حزرتكم
سوزان تدخل عليهم قادمة من المطبخ بعد أن أوصتهم بإعداد العشاء للعجوزين
وهي تهتف لباكينام بالعربية: باكي ماما.. مش يئوم يلبس؟؟ مافيش وئت هبيبي
باكينام بتأفف: من فين طلع لي الحفل الزفت ده... والله مش عاوزه أروح
سوزان التي كانت تصعد: أسمعكِ يافتاة.. اشتمي بكل اللغات التي تعرفينها
لأنكِ ستذهبين في كل الأحوال
***********************
الدوحة
بعد صلاة العشاء
غرفة مشعل وهيا
مشعل يربط حقيبة النوم الخاصة به جيدا ثم يضعها بجوار حقيبته
هيا تقف صامتة
مشعل يقترب منها ويهمس وهو يرفع وجهها: على الأقل ودعيني بابتسامة
هيا بحزن: أبتسم غصبا عني يعني؟؟
مشعل تضايق فعلا: هيا حبيبتي أنتي كذا تخليني أروح وأنا متضايق
هيا أشاحت وهي تعطيه جنبها: خلاص لا تروح
مشعل تنهد: طالعيني
مازالت تشيح..
مشعل بحنان: حبيبتي طالعيني
نظرت له.. كانت تحاول أن تخفي دموعها العنيدة
مشعل شدها واحتضنها بحنان: حبيبتي أنا رجال أحب القنص
كل ما أجي أروح بتسوين لي كذا يعني؟؟
لا تصيرين نكدية باقلبي
هيا بحزن: عشان هذي أول مرة
أنا آسفة حبيبي
تروح وترجع بالسلامة
مشعل يبتسم وهو يبعدها قليلا عنه وينظر لوجهها:
إيه كذا عفيه عليش
طبع قبلة عميقة على جبينها
ثم مال ليحمل حقيبته وهمس لها: خلي بالش من نفسش
وأي شيء تبينه دقي علي معي تلفوني ومعي خط ثريا بأرسل لش رقمه الحين
************************
القاهرة
حدود الساعة العاشرة مساء
فندق الفورسيزونز على الناحية الغربية من النيل
حيث يُقام حفل عشاء طاهر عزت الذي أقامه على شرف أعضاء مجلس الشعب الجدد
طاهر عزت من كبار رجال الأعمال المصريين
ورغم علاقته الوثيقة بالسياسيين إلا أنه هو نفسه رفض خوض غمار السياسة
رغم أنه عرض عليه عدة حقائب وزارية رفضها
كما رفض ترشيحاته لخوض غمار انتخابات مجلس الشعب
فهو مكتفٍ بضغط أعماله وليس مستعدا لخوض مشاكل السياسة
الليلة نخبة المجتمع المخملي المصري تحضر
500 مدعو فقط من السلك الدبلوماسي وأطياف السياسة وحتى المعارضة ورجال الأعمال الكبار
باكينام كانت تتبع سيارة والدها لأنها كانت تريد إلقاء التحية بسرعة
والعودة هروبا لأحضان جدتيها
تضايقت كثيرا من الأجراءات الأمنية المشددة
ولولا أنها دخلت ولا تستطيع التراجع أو كانت تحججت بالإجراءات الأمنية وعادت
لأول مرة تكره بهذه الطريقة الذهاب لمكان
وصلت وهاهي تمشي خلف والدها ووالدتها
كانت باكينام متألقة تماما
في بنطلون واسع من الحرير الأسود الثقيل
فوقه قميص حرير أخضر واسع بقصة مبتكرة ينحدر من أعلى ركبة أحد الرجلين ليصل لمنتصف ساق الرجل الثانية
وحجاب هو خليط حريري من اللونين
واللون يبرز بشفافية إخضرار عينيها وصفاء بشرتها الثلجية
رأت وجوها لم ترها في غير وسائل الأعلام والصحف
ووالدها يبتعد عنهما لينخرط في الحديث معهم
كانت باكينام تشعر بغثيان حقيقي من الجو العام وتريد أن تنهي مهزلة الاستعراض هذه لتعود لبيتها
همست في أذن والدتها: ماما فين الست منال دي عاوزة أسلم عليها وأمشي؟؟ (قالتها بالعربية)
والدتها ترد بعربيتها المكسرة: ماما باكي شويه سبر
ومع إنهاء سوزان لجملتها كانت السيدة منال تصل
وكان منظرها مفاجئا لبيكنام تماما
فهي توقعت بحكم مكانة زوجها وغناه أن تكون سيدة متحررة في لباسها
وخصوصا أن والدتها أخبرتها أنها درست سنوات دراستها كلها في بريطانيا
ولكنها تفاجأت أنها ترتدي عباءة خليجية سوداء مطرزة بتطريز خفيف على الأكمام والشيلة
وبدا منظرها لطيفا محتشما جدا.. وهي بدت مهذبة وحنونة لأبعد حد
رحبت منال ببكينام كثيرا بل وبطريقة بدت لبكينام مبالغا فيها
(هي لا تعرفني
فلمَ هذا الترحيب كله؟؟)
منال باهتمام: أنتي بتدرسي ماستر في جورج تاون.. صح؟؟
باكينام بأدب وهي تريد أن تنتهي لتذهب: آه صحيح
منال برقة: ابني كمان في جورج تاون بس دكتوراة علم اجتماع ئرب يخلص خلاص
هو أستاز جامعة هنا في جامعة القاهرة
هو كان درس البكلوريا الدولية والليسانس والماستر في بريطانيا بس بعدها حب يغير
هو تفكيره غريب شوية
تعرفي حبيبتي باكينام هو اللي أصر أنك لازم تنعزمي.. أكيد بتعرفوا بعضيكم في الجامعة
منال قالت الجملة الأخيرة بنبرة خاصة توحي أن مابينهما يتجاوز مجرد التعارف
وهي تنظر لبكينام نظرة استحسان تقييمية
بينما باكينام كانت تستمع لها وهي تدعي الاهتمام من باب الذوق رغم أنها غير مهتمة إطلاقا
(وأنا أعمل إيه بابنها الدلوعة زفت الطين؟؟!!)
حنى وصلت منال للجملة الأخيرة
حينها تحفزت مشاعر وذهن باكينام بعنف
وخصوصا حين مر بهم أحد مساعدي طاهر عزت ونادته منال وهي تقول:
فتحي لو سمحت انده يوسف ئول له مامتك عاوزاك حالا
#أنفاس_قطر#
.
.
.
|